« التَّعقُّبات
على ( النُّكَـتُ على نزهة النّظر ) لعلي الحلبي »
كتبها
الأخ ابن القيم
أحد طلبة العلم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله .. وبعد :
فقد قمت قبل أكثر من ستة أعوام بإقراء كتاب ( نزهة النظر ) للحافظ رحمه الله تعالى ، وكنت أعلق على نسختي بعض الملحوظات على طبعة دار ابن الجوزي ، تحقيق وتنكيت الشيخ علي الحلبي ـ على اعتبار أنها أحسن الطبعات ـ .
( وللفائدة فأحسن طبعاته الآن هي التي حققها العتر ) .
فأحببت الآن أن أتحف بها المهتمين بالكتاب ، ليصححوا نسخهم ، وليستفيد منها المحقق في طبعة لاحقة .
مع العلم أن طبعتي هي ( الثالثة 1416 ) ، فهل صحح شيئا في الطبعات التالية لها ؟ (1)
لا أدري .
كما أني علقت على بعض القضايا العلمية ، لكن هذه ليس وقتها الآن ..
الملحظ الأول :
أول ما نذكره هنا : أن المحقق عزم على ( تحقيق النزهة وتنقيحها وضبط نصها وتجويدها ) كما يقول في المقدمة ( ص : 7 ) , وكان قبلها قد اشتكى من طبعات الكتاب ...
إلا أنه ـ مع الأسف ـ لم يأخذ بمقومات هذا التحقيق والتنقيح وو..
وأولها كما لا يخفى : الاعتماد على أوثق نسخ الكتاب .
وهذا الكتاب ـ كما لا يخفى أيضا ـ من الكتب المشهورة المدرسية المتداولة ، التي لا تخلو مكتبة للمخطوطات ـ في الغالب ـ من نسخة بل نسخ منها .
وبدون إطالة ؛ انظروا سريعا في ( الفهرس الشامل : 3 / 1679 ـ 1691 ) ستجدون أكثر من ثلاث مئة نسخة !!
هذا عدا ما فاتهم ذكره ، ومنها نسخة الحلبي ( الطاشقندية ) التي اعتمد عليها !
من هذه النسخ الثلاث مئة خمس عشرة نسخة كتبت في حياة المؤلف ، وعدد منها مقروءة عليه ، ومنها نسخة بخطه !!
وبهذا نعلم أن المحقق لم يقم بأي جهد يذكر في هذا السبيل ، الذي هو من أوائل مهمات المحقق الذي يريد أن يخرج نصا منقحا مضبوطا ...
وأقول غير جازم : إن المحقق لو لم يلتق بهذا الأخ الصاعد ( وأنا أعرفه ) الذي جلب تلك النسخة من هناك لما كلف نفسه عناء البحث عن ذلك جملة ( وأستغفر الله ) .
يا أخي ! هل نحن بحاجة إلى هذه النسخة التي ساقها القدر إليك ؟! حتى تعتمد عليها فقط بمفردها ، وكأنك عثرت على كنز ! فالشام الذي تسكنه فيه عشرات النسخ ، والمدينة النبوية التي .. فيها عشرات النسخ !!
وبعد هذا كله يقول في مقدمته ( ص : 27 ) لم يكن همه منصبّا على مقابلة النسخ وإثبات الفروق على طريقة المستشرقين ..
فأقول : وأي نسخ حتى تقابلها ؟! وليس ثمة إلا تلك النسخة اليتيمة ؟!
وأكتفي بهذا هنا .
الملحظ الثاني :
في المقدمة ( ص :10 ) في تعداده لأهم شيوخ ابن حجر ذكر وفاة الجمال ابن ظهيرة سنة 717 ، وصوابه : 817 ، كما لا يخفى .
الملحظ الثالث :
ذكر أبا الحسن الهيثمي في أهم شيوخ ابن حجر ، وهذا ليس بصحيح ، فالهيثمي لا يعدو أن يكون من جملة الشيوخ الذين سمع منهم ابن حجر بعض مروياته . وهذا بين من مجموع ترجمات ابن حجر له ؛ إذ ترجم له في أربعة من كتبه ـ فيما أذكر الآن ـ .
الملحظ الرابع :
ذكر (ص : 13 ) أن الحافظ مكث في القضاء أحد عشر عاما ، والصحيح أنه مكث إحدى وعشرين عاما .
الملحظ الخامس :
ذكر ( ص : 19 ) أن لابن الوزير اليماني مختصرا للنخبة ، وعلق في الهامش : أن في النفس من نسبته إليه شيء .
أقول : بل هو ثابت النسبة إليه ، يوجد منه في اليمن عدة نسخ ، ونقل منه الصنعاني أكثر من مرة .
الملحظ السادس :
عقد المحقق مبحثا (ص 33 ـ 40 ) في نقد إحدى نشرات الكتاب ، فكانت تلك النقدات لا علاقة لها بمضون الكتاب ـ النزهة ـ ،فغير هذا المكان بها أولى .
الملحظ السابع :
ذكر المحقق ( ص : 41 ) أنه قابل الأصل المخطوط مقابلة دقيقة .
وهذا ليس بصحيح ؛ يظهر ذلك بمقابلة النماذج التي أرفقها بالمقدمة ( ص: 29 ، 30 ) ، ولا بأس من ذكر أمثلة :
1ـ فاتحة النسخة أغفلها تماما ، ونصها : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، رب يسر وتمم بالخير ، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ) .
2ـ ( ص : 45 ) : لم يزل عليما . في النسخة : عالما ، وكذا في نسخ موثقة .
3ـ ( ص : 45 ) : قيوما سميعا . في النسخة : قيوما مريدا سميعا .
4ـ = = : وعلى آل محمد . في النسخة : وعلى آله .
5ـ ( ص : 47 ) في حاشية النسخة تعليق مفيد على قول المصنف : وتلاه أبو نعيم . أغفله المحقق !!
6ـ ( ص : 47 ) : الأصبهاني . وفي النسخة : الأصفهاني ـ بالفاء ـ وهو وجه صحيح فيها .
هذا في صفحة واحدة من المخطوط ، وقس عليه الباقي !! فأين المقابلة الدقيقة إذن ؟!
لكنه بالمقابل اشتغل بأمر آخر ألا وهو تسويد الحواشي ببعض الأخطاء الواقعة في إحدى الطبعات . وتلك التنبيهات لا قيمة لها من الناحية العلمية . فلو أنه وفر الوقت والجهد للعناية بالمخطوط لكان أولى .
الملحظ الثامن :
التعليقات ( أو النكت ) التي أثبتها في الحواشي منها المفيد ومنها مالا فائدة منه ، فضلا عن الأوهام التي وقع فيها ، ونجمل الملحوظات عليها في الآتي :
1ـ وقوعه في بعض الأوهام ، كما سيأتي .
2ـ أغفل التعليق على مواطن كان من المناسب التعليق عليها .
3ـ أغفل تمام الإفادة من الكتاب الذي بين يديه ( اليواقيت والدرر ) ، ففاته الكثير من النكات التي كانت تستحق الذكر .
4ـ أثبت جميع تعليقات العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ مع أن بعضها قليل الفائدة ، وليس في هذا غض من علم الشيخ ؛ لأنه لم يقصد التأليف ، بل هي تعليقات كتبها حين قراءة الكتاب من باب التذكر أو نحو ذلك ـ وهذا إحسان الظن بالشيخ غفر الله له ـ .
5ـ أكثر المحقق من الإحالة على كتبه وتحقيقاته التي طبعت والتي لم تطبع . وهذه ملاحظة تنسحب على جميع كتبه !! وفي هذا ما فيه مما لا نطيل بالكلام عليه .
6ـ عنايته بأوهام إحدى طبعات الكتاب ، كما تقدم .
الملحظ التاسع :
( ص :49 ) ضبط ( الميانجي ) بفتحة على النون ، وصوابه : بكسرها . وانظر لتحقيقها ( المنهج المقترح : 208 ـ 209 ) للعوني .
ثم هو لم يذكر الوجه الآخر في ضبطها وهو ( الميانشي ) بالشين ، بل اشتغل بتخطأة العتر !
وفي هامش الصفحة حاول أن يرفع من شأن كتاب الميانجي ـ الذي طبعه هو ـ وغض من شأنه بعضهم ـ وهو معروف ـ .
أقول : هذا الجزء فائدته ضئيلة جدا ، ولولا أن الحافظ ذكره لما التفت إليه أحد . ورحم الله الحافظ فغير هذا الكتاب كان أولى بالذكر منه ... ولكن ... !!
وهذا الجزء لو كان اسمه : ( ما يسع المحدث جهله ) لم نبعد عن الحقيقة .
الملحظ العاشر :
( ص : 50 ) في الهامش قال : وفي التعليق على منادمة الأطلال .
أقول : لم يسم المعلق ، لحزازة في نفسه ! وهو الشيخ زهير الشاويش .
الملحظ الحادي عشر :
نقل عن حواشي الألباني أن أفضل طبعة لكتاب ابن الصلاح هي طبعة الطباخ 1350 ، ولم يعلق بشيء !
أقول : وهذا مسلّم في وقت الشيخ . أما بعده فكان ينبغي التعليق أنه قد طبع بعدها عدة طبعات أفضل منها ، بتحقيق نور الدين العتر ، وعائشة بنت الشاطئ . لكن الحلبي ترك ذلك مع معرفته به مراغمة للعتر .. لكن الحق أحق .. ولا يجرمنكم ... !!
الملحظ الثاني عشر :
( ص : 52 ) ،سطر 11 : ( القليلة المسالك ) ، صوابه : السالك . كما في النسخ ، ومن جهة المعنى .
الملحظ الثالث عشر :
( ص : 53 ) ، سطر 1 : ( الأخباري ) ، وصوابه : الإخباري ـ بكسر الهمزة ـ .
الملحظ الرابع عشر :
( ص : 53 ) ، سطر 4 : ( .. وصوله إلينا .) ثم بدأ سطرا جديدا : ( إما أن يكون له طرق .. ) والصواب أن الكلام متصل لا يُفصل بينه . ففصله يغير معناه .
الملحظ الخامس عشر :
( ص : 64 ) ، سطر 2 في المتن : ( خلافا لمن زعم ) ، صوابه : .. زعمه .
الملحظ السادس عشر :
( ص : 65 ) في الهامش أحال على المعتمد 1 / 622 . وصوابه : 2 / ...
الملحظ السابع عشر :
( ص : 65 ) في الهامش ، نقل الحافظ عن ( معرفة علوم الحديث ) للحاكم ، فأحال المحقق على ص : 60 وقال : إن الحافظ ينقل بالمعنى أو من حافظته .
أقول : الحافظ نقل الكلام بنصه من ص : 62 ، فلا معنى للتساؤل .
الملحظ الثامن عشر :
( ص : 70 ) في الحاشية ، نقل تعقبا للسخاوي على شيخه ابن حجر من ( اليواقيت والدرر ) .
أقول : هو موجود في ( فتح المغيث : 4 / 7 ) .
الملحظ التاسع عشر :
( ص : 71 ) ، سطر 6 : ( لم يترجح صدق ) . صوابه : ( لم يرجح ) كما في المخطوطات ، والجيم فيها مثلثة .
الملحظ العشرون :
( ص : 76 ) وقع في هذه الصفحة خلط في الحواشي ، فترجم لعبد القاهر البغدادي مكان ابن طاهر المقدسي المعروف بابن القيسراني ( ت 507 ) . ومواضع أخرى من الخلط تصحح .
وفي الصفحة نفسها ، سطر 5 ، سوّد كلمة ( المشهور ) ووضعها بين قوسين ، على أنها من متن النخبة ، وهو ليس منه ، فليصحح .
الملحظ الحادي والعشرون :
( ص : 82 ) ، سطر 9 : ( أول تقسيم مقبول ) ، وصوابه : (... المقبول ) . فانظر كيف تغير المعنى !!
الملحظ الثاني والعشرون :
( ص : 88 ) في الحاشية عند نقله لكلام الألباني : ( فإن قال يحتمل أنه لقيه ..) .
أقول : لعل صواب النقل : (... أنه لم يلقه ) . حتى يستقيم المعنى .
الملحظ الثالث والعشرون :
( ص : 96 ) ، سطر 11 : ( ويكون إذا أشرك .. ) .
أقول : هذا نص منقول من ( الرسالة ) للشافعي ، وصوابه : ( .. إذا شَرِك ) على وزان ( علم ) ، وهي هكذا في المخطوطات ، والرسالة ، وشروح النزهة .
الملحظ الرابع والعشرون :
( ص : 99 ) ، سطر 1 في المتن : ( إن وافقه فهو .. ) .
أقول : سقطت عليه كلمة ، فصواب العبارة : ( إن وافقه غيره فهو .. ) .
الملحظ الخامس والعشرون :
( ص: 104 ) ، في حاشية 4 ، علق على ( اختلاف الحديث ) للشافعي : أنه طبع غير مرة .
أقول : ذكر السيوطي في ( التدريب : 2 / 652 ) أن الشافعي لم يقصد إفراده بالتأليف ، بل ذكر جملة منه في كتاب ( الأم ) .
الملحظ السادس والعشرون :
( ص : 109 ) ، سطر11 : ( فما أتى بالجزم .. ) .
أقول : سقطت منه كلمة ( فيه ) ، فتكون العبارة : ( فما أتى فيه بالجزم ) .
الملحظ السابع والعشرون :
( ص : 111 ) ، سطر 5 : ( يباين الطرق الأولى ) . صوابه : الطريق .
الملحظ الثامن والعشرون :
( ص : 111 ) ، سطر 7 ، قال الحافظ : ( ونقل أبو بكر الرازي ـ من الحنفية ـ ) ، فعلق المحقق على الرازي بقوله : ( في المحصول 1 / 2 667 ) .
أقول : هذا وهم ، فالحافظ لا يقصد الرازي صاحب ( المحصول ) فهو شافعي ، بل يقصد الرازي الحنفي ـ كما صرح به ـ ، وهو أبو بكر أحمد بن علي الجصاص المتوفى سنة 370 . صاحب كتاب أحكام القرآن ـ ط ، والفصول في الأصول ـ ط . ولكلامه هذا انظر : ( الفصول : 2 / 31 ـ تحقيق محمد تامر ) .
الملحظ التاسع والعشرون :
( ص : 113 ) ، سطر 1 ، 9 : ( وقوع اللُّقَى ) ، ضبط اللقى بفتح القاف وألف مقصورة .
أقول : هذا خطأ ، وصوابه أحد ضبطين :
1 ـ بضم اللام وكسر القاف وياء مشددة ( اللُّقِيِّ ).
2 ـ بكسر اللام ثم مد ( اللِّقاء ) .
انظر ( البهجة : ق 41 أ ) للسندي ، و ( شرح القاري : 418 ) .
الملحظ الثلاثون :
( ص : 114 ) ، سطر 3 : ( وكذلك .. ) . صوابه : (وكذا ..) ، كما في متن النخبة ، والمخطوطات .
الملحظ الحادي والثلاثون :
( ص : 119 ) ذكر الحافظُ مأمونَ بن أحمد ـ أحدَ الكذابين ـ ونسب إليه اختلاقه لقصة سماع الحسن من أبي هريرة !! فعلق المحقق ببعض الإحالات على ترجمة مأمون هذا . فلم يصنع شيئا !!
أقول : هذه القصة إنـمـا ذُكِرت في ترجمة الكذاب الآخر : أحمد بن عبدالله الجويباري ، كما في ( النكت : 2 / 842 ) للمصنف ، و( الميزان : 1 / 108 ) ، وغيرهما .
الملحظ الثاني والثلاثون :
( ص : 126 ) ، سطر 8 : ( يمنه ) . صوابها : ( يـمينه ) .
الملحظ الثالث والثلاثون :
( ص : 131 ) في الحاشية ذكر عنوان كتاب أبي موسى المديني ( المغيث في غريب القرآن والحديث ) . وصواب اسمه : ( المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ) .
الملحظ الرابع والثلاثون :
( ص : 133 ) ، سطر 6 : ( أبا النضر ) .
أقول : ضبطه السندي ( ق 54 أ ) ، والقاري ( 508 ) بالصاد المهملة .
الملحظ الخامس والثلاثون :
( ص : 138 ) ، سطر 3 : ( إلا إن روى ) ، وصوابه : ( إلا أن يروي ) .
الملحظ السادس والثلاثون :
( ص : 152 ) سطر 1 : ( إلى التابعين ) . صوابه : ( التابعي ) .
هذا ما تيسر لي تعليقه على النسخة ، من غير قصد لتتبع الأخطاء وتقصيها . وللمدقق والمتقصِّي فضل نظرٍ ومزيد استدراك .
والحمد لله رب العالمين .
= = = = = = = = = = = = = = = =
(1) الجـوب : لا ، ولدي الطّبعـة التّـاسِعة ! ( مُحَرّم 1427 هـ ) .[ سلمان أبو زيد ]