النوادي الرياضية النسائية بين الرد والقبول )
نظرة شرعية عقلية واقعية // الشيخ عيسى المبلع




كعادة الوسائل الإعلامية وتوجهاتها المعروفة بنشر كل إثارة وغارة , تسابقت الوسائل الإعلامية , ودندنت حول النوادي الرياضية النسائية وافتتاحها . وباشرت مأزورة غير مأجورة إلى نشر صور اللاعبات , كما في فريق جده النسائي لكرة السلة المتواجد في الأردن للعب مع قرينه الأردني , وظهرت اللاعبات السعوديات بألبسة رياضية ضيقة , بعض من الجسد مكشوف والآخر شبه مكشوف , أمام جمهور من الرجال والنساء , يتبجحن بأن حجابهن الشرعي – كما يزعمن – لا يمنع من الرياضة . وكذا اللاعبات السعوديات في كندا يحملن علم المملكة الحامل ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) يتسابقن مع الرجال متبجحات بأن دين الإسلام دين يسرٍ ومحبة ٍوصفاء ونقاء لا يمنع من مثل تلك المباريات مع العراة ! ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً )
ولي مع هذا الحدث – عفواً – الفتنة . وقفات :
الوقفة الأولى : لنعلم جميعاً أن جميع قضايانا الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية وغيرها لابد من إرجاعها إلى أحكام الشريعة كما قال تعالى ( وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) وربَّان الشريعة وأطباؤها هم العلماء الربانيون . فالمؤمنون كواكب والعلماء شموس , والكواكب تدور في فلك الشمس ومن زل عن مداره سقط فصار شهاباً وشررا . ونحن متعبدون بمحبة العلماء وطاعتهم والصدور عن رأيهم كما قال تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) وقوله تعالى ( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) وأولوا الأمر في هذه الآية هم العلماء . فالمجتمع ثُلاثي الأطراف : عالمٌ وحاكمٌ ومحكوم . فالعالم مبينٌ للحكم , والحاكم منفذ له , والمحكوم ممتثل له ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) والمنافق من الثلاثة من أخل بتنفيذ ما كلف به إن لم يكن مكرهاً أو جاهلاً أو ناسياً , ككتم العالم , وإعراض الحاكم , ورد المحكوم للحكم الشرعي . وثروتنا الكبرى التي هي أعظم من البترول ومشتقاته (( هم علماؤنا )) الأجلاء , فهم كنوزٌ لا يعدلها ثمن . فإذا صدر قرار من هيئة كبار العلماء , أو فتوى من اللجنة الدائمة للإفتاء , أو إفتاءٌ وتصريحٌ من مفتي عام المملكة فما علينا إلا أن نقول سمعنا وأطعنا كما قال تعالى ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) ونحن لا ندعي العصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن رأي أكابر العلماء الجماعي أقرب إلى الحق من غيره , أما الآراء الفردية لآحاد العلماء فهي محل نظر . وقد تحدث مفتي عام المملكة الأسبوع الماضي محذراً من النوادي الرياضية النسائية وافتتاحها وهو يعلم ما يقول ويدرك أبعاد وآثار النوادي وأهدافها ومآلاتها . فهل سنقول : سمعنا وأطعنا وانتهينا , أم سنقول : سمعنا وعصينا ؟ هذا ما ستبينه الأيام القادمة .
الوقفة الثانية : حقيقة رياضة المرأة ومقرها وضوابطها :
أما محلها الدائم , وقرارها الملائم ففي بيتها , ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة مع تقيدها بضوابط الخروج الشرعية كما قال تعالى ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )
وأما رياضتها الحقيقية ففي أمرين :
الأول : الجانب التعبدي . فالصلاة أعظم وأشمل رياضة . وقد نشرت الجرائد قبل أسابيع خبر من استقام على دينه بسبب مدرب نصراني كان يدربهم على تمارين رياضية فلما انتهت الدورة قال لهم : كل ما دربتكم عليه موجود في عبادة في دينكم إن أديتموها على وجهها الصحيح ألا وهي الصلاة . وكذا غيرها من العبادات كالصيام والحج والعمرة .
الثاني : رياضتها المنزلية أثناء أداء أعمالها المنزلية , قاطعة مئات الأمتار جالسة ومنحنية وقائمة , كالنحلة المحلقة بين جوانب منزلها , ومن المعلوم أن المنازل الخالية من الخادمات نساؤها أفضل النساء صحة , وأشرح صدوراً , وأطيب نفوساً , فيالها من رياضة لا تعدلها رياضة , فهل سنطهر بيوتنا من الخادمات ونجعل نساءنا يمارسن رياضتهن المباركة داخل منازلهن ومع أولادهن في نواديهن المصغرة .
الوقفة الثالثة : دعوى القضاء على السمنة والتخفيف منها . فتلك الدعوى قد بين النبي صلى الله عليه وسلم علاجها بقوله : ما ملأ آدميٌ وعاءً شراً من بطنه , بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه , فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه . فلو تقيدت النساء بهذا الحديث ما ظهرت السمنة , فهذا علاجها الحقيقي لا أن تدك بطنها بعشرات الصحون ثم تبحث عن سبيل لتهضيمه وإزالة الشحوم من أثره . وكذا الصيام صوم يوم يباعدها عن النار سبعين خريفاً , ويخفف عنها سبعين غراماً من الشحوم .
الوقفة الرابعة : لو سلمنا بحاجة المجتمع إلى نوادٍ رياضية نسائية , فمن الجهة الأمينة التي تشرف على تلك النوادي ؟ ومن هي اللجنة الشرعية التي تضع الضوابط الشرعية لكل لعبة ولباس وهيئة وتتابع تطبيقها ؟ وهل المجتمع لديه من الوعي الثقافي والخلقي القدر الكافي ليتعامل مع تلك النوادي بنظرة راقية واعية ؟ فها هي البدايات ظهرت عليها الانحرافات فكيف بالنهايات ؟!
الوقفة الخامسة : إن كانت الغاية من النوادي التسلية والترفيه . فأين نحن من السعادة الحقيقية لا الزائفة وهي العيش بكنف الله ومعيته والقرب منه والأنس به كما قال تعالى ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) تلك السعادة التي وصفها ابن تيمة بقوله : ماذا يفعل بي أعدائي , أنا جنتي وبستاني في صدري , سجني خلوة , وقتلي شهادة , ونفيي سياحة . وقول إبراهيم بن أدهم : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف .
فلماذا نعرض عن السعادة الحقيقية , والتي هي مقدمة للسعادة الكبرى في جنات عدن , ونبحث عن سعادة جزئية وهمية وقتية , يعقبها الهم والكدر , كما قال ابن تيمية : لا يستطيع أهل الباطل العيش إلا بملهٍ أو مسكر . وهل نحن لم نكتف بالمنتزهات والمهرجانات الحاوية لكثير من الجوانب الترفيهية ؟!
وأخيراً نهنئ أهل منطقة حائل على افتتاح المشروع الصحي الصناعي الزراعي التجاري الثقافي الكبير ! الذي تناقلت صحف الأمس خبره وهو ( افتتاح نادي رياضي نسائي بجامعة حائل ) فالحمد لله على كل حال , ها هو حلمنا قد تحقق على أرضنا الذي كنا نطالب به منذ أمدٍ بعيد وهو افتتاح كلية شريعة , فتحول بين يومٍ وليلة إلى نادٍ رياضي نسائي , وبتعاونه مع النادي الأدبي ستتحقق النهضة والرقي والتطور المنشود للمنطقة !!! وإلى مشاريع أخرى نهضوية قادمة . مع التحية .


بقلم الشيخ / عيسى المبلع
الثلاثاء 3/ 5/1430هـ[/size]

وفق الله الشيخ لكل خير ونفع الله به الإسلام والمسلمين

فهو من الذين بذلوا أنفسهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة
فبارك الله فيه