نقل ياقوت الحموي في معجم الأدباء والتاج السبكي في طبقات الشافعية، والحافظ ابن كثير في البداية والنهاية، والسخاوي في الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ عند ترجمتهم للخطيب البغدادي :"
أنه في سنة 447هـ في عهد الخليفة العباسي العادل الصالح القائم بأمر الله أظهر بعض اليهود كتاباً ادعوا أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل خيبر من اليهود لإسقاط الجزية عنهم وفيه شهادة بعض الصحابة وذكروا أنه خط سيدنا علي رضي الله عنه وجاءوا بالكتاب إلى رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن الحسن وزير القائم بأمر الله فعرضه رئيس الرؤساء على الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى فتأمله ثم قال: هذا كذب مزور، فقيل له من أين لك هذا؟ قال: فيه شهادة معاوية وهو إنما أسلم عام فتح مكة، وكان فَتْحُها في سنة ثمانٍ من الهجرة، وفتح خيبر في سنة سبع من الهجرة، وفيه شهادة سعد بن معاذ رضي الله عنه وهو قد مات يوم بني قريظة قبل فتح خيبر بسنتين، فاستحسن ذلك منه الوزير واعتمده وأمضاه ورد اليهود شرَّ ردٍ لظهور تزوير الكتاب" ا.هـ
فمن الفوائد في هذه القصة :
1: العلم الغزير الذي تلقّاه الإمام الحافظ البغدادي , وأنه كان من علماء الحديث .
2: فضل العلم على الجهل , وبالأخص علم الحديث , فلو لم يكن الحافظ لسقطت الجزية عنهم.
3: فضل تعلم سنة الوفيات والأحداث , فإن الحافظ كان عالما بذلك واستطاع بجلسه آنذاك أن يعلم أن القصة مزوّرة , دون أن يراجع في ذلك الوفيات .
4: شر اليهود وكذبهم , وأنهم مثل أحوال المبتدعة ( يزوّرن ويكذبون على الله -جل جلاله-أو على محمد -عليه السلام- لينصروا مذهبهم أو إلى ما يآلون إليه .
5: فضل الإسناد وما اختصت به أمتنا المحمدية عن سائر الأديان , فالإسناد جدار لكل مخترق , وحماية من كل كذب ودجل , وأن اليهود لو أرادوا أن يكون عندهم إسناد لكان الرجال كلهم مقسمون إما كذاب أو يروي الخرافات ( وهذا متفق عليه ) .
6: فضل حفظ التاريخ كما في كتاب السخاوي المذكور آنفا .
7: فضل المحدثين وإنهم حماة للدين منذ بدأ علم الحديث وحتى الآن , فكما تتابع الكذبة على
تضيف البخاري ومسلم وكتب السنة , فما زال - ولله الحمد - جهد المحدثين بالتصدي لأمثالهم , ودحض شبههم الردية التى لا خطام لها ولا زمام .
8: أنّ على طالب الحديث أن يحفظ سنة وفيات الصحابة والتابعين وأتباعهم , وأن يحفظ الرواة المشتهرون , حتى يكون بابا لاختصار الوقت , ولمعرفة الصحيح من الؤلَّف.
ولعلّ الأخوة يفيدونا بتعليقاتهم , بارك الله فيكم .