بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري


البحث مستوحى من مجلد الكنز الثمين للشيخ عبد الله بن جبرين جزاه الله خيرا


يقول المولى تبارك وتعالى في محكم تنزيله الكريم سورة القلم 68

وإَن يَكَادُ الَّذينَ كَفَرُوا لَيُزلِقُونَكَ بِأبصَارِهِم

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: العينُ حقٌّ, ولو كان شيٌ يسبِقُ القدّرَ لسبقتْهُ العين, واذا استغسلتم فاغسلواحديث صححه الالباني رحمه الله


مشروعية علاج المعيون (المصاب بالعين)

يُشرع علاج المعيون (المصاب بالعين) بالرقية الشرعية ، من الرجل الثقة المعروف بذلك ، أو المرأة المعروفة بذلك ، لكن إذا كانت الرقية من الرجل فإنه لا يجوز أن يخلو بالمرأة ، بل يجب أن يكون معها ثالث تزول به الخلوة .
وإذا عُرف العائن شرع استغساله بأن يغسل وجهه وكفيه في إناء ثم يغتسل به المعين ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق العائن : وإذا استغسلتم فاغسلوا .الإصابة بالعين وحكم التحرز منها


رأُينا في العين أنها حق ثابت شرعاً وحساً قال الله تعالى في سورة القلم 68 :
وإَن يَكَادُ الَّذينَ كَفَرُوا لَيُزلِقُونَكَ بِأبصَارِهِم


قال ابن عباس وغيره في تفسيرها أي يُعينوك بأبصارهم ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما
العين حق ، ولو كان شئ سابق القدر لسبقت العين ، وإذا استُغسلتم فاغسلوا


ومن ذلك ما رواه النسائي وابن ماجه ، أن عامر بن ربيعة مرّ بسهل بن حنيف رضي الله عنه وهو يغتسل فقال : لم أرك اليوم ! فلما لبث أن لبط به فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقيل له : أدرك سهلاً صريعاً ، فقال صلى الله عليه وسلم : مَن تتهمون ؟ قالوا عامر بن ربيعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علام يقتل أحدكم أخاه ؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فيدع له بالبركة ، ثم دعا بماء فأمر عامراً أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه الى المرفقين وركبتيه وداخله إزاره ، وأمره ان يصب عليه, وفي لفظ يكفأ الإناء من خلفه ، والواقع شاهد بذلك ولا يمكن إنكاره.


العلاجات الشرعية
القراءة

قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا رُقيَةٍ إلا من عينٍ أو حُمّى.. وقد كان جبريل عليه الصلاة والسلام يُرقي النبي صلى الله عليه وسلم: باسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد ، الله يشفيك ، باسم الله أرقيك


الاستغسال

كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم)عامر بن ربيعة في الحديث السابق ثم يصب على المصاب
أما الأخذ من فضلاته العائدة من بوله أو غائطه أوالأخذ من أثره فليس له أصل في الشرع فلا تبتدعوا فتضلوا، وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخله إزاره ولعل مثلها داخلة غترته وطاقيته وثوبه . والله أعلم


والتحرز من العين مقدماً لا بأس به وهو لا ينافي التوكل على الله تعالى ، بل هو التوكل بعينه, لأن التوكل هو الاعتماد على الله سبحانه ، مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها عزوجل, وقد كان النبي صلى عليه وسلم يُعوِّذُ الحسن : والحسين رضي الله عنهما ويقول
أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامَّة
ويقول : هكذا كان إبراهيم يُعَوِّذُ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام ، رواه البخاري


حــقـيـقــة الــعــيــن


قال تعالى : وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ , وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
ثلث ما في القبور من العين

وإذا شك الإنسان في حسد احدهم فماذا يجب فعله وقوله وهل في أخذ غسال الناضل للمنضول ما يشفي وهل يشربه أو يغتسل به ؟

الـجــواب

العين مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه وأصلها من إعجاب العائن بالشئ ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها الى المعين ، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الحاسد فقال تعالى
وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ

فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً ، فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة, فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه أثرت فيه, وإن صادفته حذِراً شاكي السلاح لا منف فيه للسهام لم تؤثر فيه, وربما ردت السهام على صاحبها

وقد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإصابة بالعين فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين .
وأخرج مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
العين حق ولو كان شئ سابق القدر لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا


وأخرج الإمام احمد والترمذي وصححه عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين اأفتسترقي لهم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم
نعم فلو كان شئ سابق القدر لسبقته العين


وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان يُؤمرُ العائن فيتوضأ ثم يَغسل منه المَعين

تحصين النفس من العين

ويجب على المسلم أن يُحصِّنُ نفسه من الشياطين , ومن مردة الجن والإنس بقوة الإيمان بالله واعتماده وتوكله عليه وضراعته إليه ، والتعوذات النبوية وكثرة قراءة المعوذتين وسورة الإخلاص وفاتحة الكتاب وآية الكرسي ، ومن التعوذات التالية
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق
أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون

وقوله تعالى : حَسبِىَ اللهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظِيمِ

ونحو ذلك من الأدعية الشرعية.

يقول الامام ابن القيّم رحمه الله

إذا علم أن إنساناً أصابه بعينه أوشك في إصابته بعين أحد فإنه يؤمر العائن أن يغتسل لأخيه فيحضر له إناء به ماء فيدخل كفه فيه فيتمضمض ثم يمجه في القدح ويغسل وجهه في القدح ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى ثم يغسل داخل إزاره ثم يصب على رأس الذي تصيبه العين من خلفه صبة واحدة فيبرأ بإذن الله . وبالله التوفيق


الجن تصيب الإنس بالعين


أن الجن تصيب الإنس بالعين ؟ وإذا كان كذلك فهل يصح مسح الأرض والأماكن التي يشك أنها مكان لارتياد الجن بقطعة قماش والانتفاع منها بعد غسلها للتمسح بها عن العين

الـجــواب

العين حق كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم, وهي تقع من الإنس والجن، والمشروع علاجها بالقرآن والدعوات الطيبة ، وباستغسال من ظن أنه هو العائن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العين حق وإذا استغسلتم فاغسلوا
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا رقية إلا من عين أو حمى
والحمى سم ذوات السموم كالحية والعقرب ، أما مسح الأرض لأجل علاج العين ، أو أخذ البول فلا يجوز


كــيــف تـتقـي الـعــيـن؟


هل للمسلم أن يحتاط من العين ، مع ثبوتها في السنة ؟ وهل يُخالف ذلك التوكل على الله تبارك وتعالى؟

والجواب في قوله صلى الله عليه وسلم
أن العين حق ، ولو كان شئ سابق القدر سبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا

والعين هي : عين الإنسان التي تصيب الأشياء فتتلفها ، ولا تفسد إلا بإذن الله وبقدره.


أما عن كيفيتها ؟

فالله أعلم بها ، إلا أن بعض الناس تكون نفوسهم شريرة وتنبعث منها عند تسممها مواد سامة ضارة ، تصل الى ذلك المَعين ، فتُحدث فيه أحداثٍ بإذن الله كأن يتألم ونحو ذلك

ولك أن تحتاط ، ولك أن تبذُل الأسباب التي تقيكَ من شره, ومن هذه الأسباب الاستعاذة ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذُ الحسن والحسين رضي الله عنهما, وكان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من الجان ، وعين الإنسان
وكان جبريل عليه السلام يُرقي النبي صلى الله عليه وسلم من العين بقوله

باسم الله أرقيك ، من كل شئ يؤذيك من شر كل نفس ، أو عين حاسد ، الله يشفيك ، باسم الله أرقيك

فعلى الإنسان أن يأتي بهذه الأدعية ، والأسباب التي تقيه ، مع معالجة ذلك إذا وقع ، فإنه إذا اتهم إنسان بأنه أصابه بالعين ، فيُطلب منه أن يغسل له ثوبه أو نحو ذلك ، لقوله في الحديث : وإذا استغسلتم فاغسلوا


ما أصبت به في هذا النقل فمن الله وحده, وما أخطأت به فمن نفسي الخاطئة ومن الشيطان