تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الأولى الغزو مع الأمير الفاجر القوي ، على الغزو مع الأمير الصالح الضعيف

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    557

    افتراضي الأولى الغزو مع الأمير الفاجر القوي ، على الغزو مع الأمير الصالح الضعيف

    بسم الله الرحمن الرحيم ،

    وفيه فوائد أخرى جمّة في مسألة الولاية .

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 28/254-258]:
    اجْتِمَاعُ الْقُوَّةِ وَالْأَمَانَةِ فِي النَّاسِ قَلِيلٌ ؛ وَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ أَشْكُو إلَيْك جَلَدَ الْفَاجِرِ وَعَجْزَ الثِّقَةِ ) . فَالْوَاجِبُ فِي كُلِّ وِلَايَةِ الْأَصْلَحُ بِحَسْبِهَا . فَإِذَا تَعَيَّنَ رَجُلَانِ : أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ أَمَانَةً ، وَالْآخَرُ أَعْظَمُ قُوَّةً ؛ قُدِّمَ أَنْفَعُهُمَا لِتِلْكَ الْوِلَايَةِ ، وَأَقَلُّهُمَا ضَرَرًا فِيهَا ؛ فَيُقَدَّمُ فِي إمَارَةِ الْحُرُوبِ الرَّجُلُ الْقَوِيُّ الشُّجَاعُ - وَإِنْ كَانَ فِيهِ فُجُورٌ - عَلَى الرَّجُلِ الضَّعِيفِ الْعَاجِزِ ، وَإِنْ كَانَ أَمِينًا . كَمَا سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَد عَنْ الرَّجُلَيْنِ يَكُونَانِ أَمِيرَيْنِ فِي الْغَزْوِ ، وَأَحَدُهُمَا قَوِيٌّ فَاجِرٌ ، وَالْآخَرُ صَالِحٌ ضَعِيفٌ ، مَعَ أَيِّهِمَا يُغْزَى ؟ فَقَالَ : أمَّا الْفَاجِرُ الْقَوِيُّ فَقَوْتهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ ؛ وَأَمَّا الصَّالِحُ الضَّعِيفُ فَصَلَاحُهُ لِنَفْسِهِ ، وَضَعْفُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ؛ فَيُغْزَى مَعَ الْقَوِيِّ الْفَاجِرِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { إنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ . وَرُوِيَ بِأَقْوَامِ لَا خَلَاقَ لَهُمْ } . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاجِرًا ، كَانَ أَوْلَى بِإِمَارَةِ الْحَرْبِ مِمَّنْ هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُ فِي الدِّينِ ، إذَا لَمْ يَسُدَّ مَسَدَّهُ . وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعْمِلُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْحَرْبِ مُنْذُ أَسْلَمَ وَقَالَ : { إنَّ خَالِدَ سَيْفٌ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ } . مَعَ أَنَّهُ أَحْيَانًا قَدْ كَانَ يَعْمَلُ مَا يُنْكِرُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، حَتَّى إنَّهُ مَرَّةً قَامَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : { اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمَّا فَعَلَ خَالِدٌ } ، لَمَّا أَرْسَلَهُ إلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَقَتَّلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ بِنَوْعِ شُبْهَةٍ ، وَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ ذَلِكَ ، وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، حَتَّى وَدَاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَمِنَ أَمْوَالَهُمْ ؛ وَمَعَ هَذَا فَمَا زَالَ يُقَدِّمُهُ فِي إمَارَةِ الْحَرْبِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَصْلَحَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَفِعْلُ مَا فَعَلَ بِنَوْعِ تَأْوِيلٍ .

    كَانَ أَبُو ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصْلَحَ مِنْهُ فِي الْأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ ؛ وَمَعَ هَذَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { يَا أَبَا ذَرٍّ ، إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا ، وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي : لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ . نَهَى أَبَا ذَرٍّ عَنْ الْإِمَارَةِ وَالْوِلَايَةِ ، لِأَنَّهُ رَآهُ ضَعِيفًا ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رَوَى : { مَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ } . وَأَمَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً عَمْرَو بْنَ العاص فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ - اسْتِعْطَافًا لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ بَعَثَهُ إلَيْهِمْ - عَلَى مَنْ هُمْ أَفْضَلُ مِنْهُ . وَأَمَّرَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ؛ لِأَجْلِ طَلَبِ ثَأْرِ أَبِيهِ . كَذَلِكَ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَكُونُ مَعَ الْأَمِيرِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ .

    وَهَكَذَا أَبُو بَكْرٍ ، خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ مَا زَالَ يَسْتَعْمِلُ خَالِدًا فِي حَرْبِ أَهْلِ الرِّدَّةِ ، وَفِي فُتُوحِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ ، وَبَدَتْ مِنْهُ هَفَوَاتٌ كَانَ لَهُ فِيهَا تَأْوِيلٌ وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فِيهَا هَوًى ، فَلَمْ يَعْزِلْهُ مِنْ أَجْلِهَا ؛ بَلْ عَاتَبَهُ عَلَيْهَا ؛ لِرُجْحَانِ الْمَصْلَحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ فِي بَقَائِهِ ، وَأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ يَقُومُ مَقَامَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ الْكَبِيرَ إذَا كَانَ خُلُقُهُ يَمِيلُ إلَى اللِّينِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خُلُقُ نَائِبِهِ يَمِيلُ إلَى الشِّدَّةِ ؛ وَإِذَا كَانَ خُلُقُهُ يَمِيلُ إلَى الشِّدَّةِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خُلُقُ نَائِبِهِ يَمِيلُ إلَى اللِّينِ ؛ لِيَعْتَدِلَ الْأَمْرُ . وَلِهَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُؤْثِرُ اسْتِنَابَةَ خَالِدٍ ؛ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُؤْثِرُ عَزْلَ خَالِدٍ وَاسْتِنَابَةَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، لِأَنَّ خَالِدًا كَانَ شَدِيدًا كَعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ لَيِّنًا كَأَبِي بَكْرٍ ؛ وَكَانَ الْأَصْلَحُ لِكُلِّ مِنْهُمَا أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ وَلَّاهُ ؛ لِيَكُونَ أَمْرُهُ مُعْتَدِلًا ، وَيَكُونَ بِذَلِكَ مِنْ خُلَفَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي هُوَ مُعْتَدِلٌ حَقًّا . قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { أَنَا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ ، أَنَا نَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ } وَقَالَ : { أَنَا الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ } . وَأُمَّتُهُ وَسَطٌ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ : { أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } وَقَالَ تَعَالَى : { أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ } . وَلِهَذَا لَمَّا تَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - صَارَا كَامِلَيْنِ فِي الْوِلَايَةِ ، وَاعْتَدَلَ مِنْهُمَا مَا كَانَ يُنْسَبَانِ فِيهِ إلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، مِنْ لِينِ أَحَدِهَا وَشِدَّةِ الْآخَرِ ، حَتَّى قَالَ فِيهِمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { اقْتَدُوا بالذين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ } . وَظَهَرَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ شَجَاعَةِ الْقَلْبِ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَغَيْرِهِمْ : مَا بَرَزَ بِهِ عَلَى عُمَرَ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ . وَإِذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ فِي الْوِلَايَةِ إلَى الْأَمَانَةِ أَشَدَّ : قُدِّمَ الْأَمِينُ ؛ مِثْلُ حِفْظِ الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا ؛ فَأَمَّا اسْتِخْرَاجُهَا وَحِفْظُهَا ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قُوَّةٍ وَأَمَانَةٍ ، فَيُوَلَّى عَلَيْهَا شَادٌّ قَوِيٌّ ، يَسْتَخْرِجُهَا بِقُوَّتِهِ ، وَكَاتِبٌ أَمِينٌ يَحْفَظُهَا بِخِبْرَتِهِ وَأَمَانَتِهِ . وَكَذَلِكَ فِي إمَارَةِ الْحَرْبِ ، إذَا أَمَرَ الْأَمِيرُ بِمُشَاوَرَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْ نِ ؛ وَهَكَذَا فِي سَائِرِ الْوِلَايَاتِ إذَا لَمْ تَتِمَّ الْمَصْلَحَةُ بِرَجُلِ وَاحِدٍ جَمَعَ بَيْنَ عَدَدٍ ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَصْلَحِ ، أَوْ تَعَدُّدِ الْمَوْلَى إذَا لَمْ تَقَعْ الْكِفَايَةُ بِوَاحِدِ تَامٍّ .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    215

    افتراضي رد: الأولى الغزو مع الأمير الفاجر القوي ، على الغزو مع الأمير الصالح الضعيف

    جزاك الله خيرا أخي على هذا النقل العظيم الفاءدة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •