الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل ، و الصلاة و السلام على سيد الأنام و خاتم الأنبياء و المرسلين محمد و على آله و صحبه و من والاه .
إنها الداعيــــــة التي لا وقت لديها لتضيعه ، من الوظيفة في الصباح الباكر إلى الأبناء و شؤون المنزل ظهرا ، ثم المركز الدعوي أو الجمعية الخيرية فيما بعد الظهر و حتى المساء ، و ينتهي مشوار اليوم لتعود البلابل المغرّدة التي صدحت طوال النهار إلى أعشاشها مساء ، فقد طال الغياب ..
إنها بحـــــــــر من العطــــــاء ..
عطــــــاء لا يقف عند حد .. و لكن ..
قد يقف عند مواقف صغيرة جدا ، قد لا تتجاوز الدقائق .. قد تضيعها وسط زحمة المشاغل و جدول الأعمال و المواعيد المهمة التي لا تنتهي ، هي صغيرة بمنظورها ، عظيمة في أثرها ..
* اتصال من فتاة قد لا يأخذ من وقتك خمس دقائق ، في أشد الأوقات حاجة لك ِ ، فلا تعرف غيرك للبتّ في مسألة حساسة مثلها بل قد تكون مشكلة في نظرها إن لم تجد جوابا لها ، و لا يمكن تحويل المسألة لشيخ فنحن أدرى و أعلم بعالمنا ، و الحياء حجاب المؤمن .. و لكن بعد التأجيل و التأخير ، و الأمر إن لم يأت ِ بوقته أحيانا عافته النفس ، تمّ تحويل الأمر اضطرارا لشيخ .. وهذا مشاهد معلوم نراه في وسائل الإعلام ..
لكن إذا وجد الماء بطل التيمم ، و مادام الأصل موجودا فلما البديل ؟؟ إلا إذا لم يؤد ِ الأصل دوره كما يجب .
أليس لدينا من دارسات العلم الشرعي الكثير ، فكم من الكليات و الجامعات خرجّت ، بل وكم منهن من نالت الشهادات العليا في البحث و الدراسة في علومه ..؟!
لا أدري لماذا تذكرت الآن قول بعض النساء ( أذهب إلى طبيب و لا أذهب إلى طبيبة ) !!
أرأيت ِ كيف أنك ستكونين داعما لتأييد هذا الرأي .؟
أ تضيعين فرصة للخير بين يديك بفرص بعيدة تخططين لها لا تعلمين هل تعيشينها أم لا ، و ربما كانت لأناس قد استغنوا بما عندهم .. و الله المستعان .
* و الحال نفسه مع رسالة قصيرة إلى داعية أو داع ِ ِ قد فرّط في الرد على صاحبها .
* و الأمر ذاته يتكرر لتلبية الرغبات حتى في المجال الدعوي لمن هم أعلى على من هم أدنى .. الكبير على الصغير ، الشريف على الوضيع _ و لا وضيع عند الله إلا من أبى _ الأستاذ أو الدكتور على الطالب ، المدير على الزميل ، الصديق و الحبيب على الغريب ..
فيوضع طلب ذاك في الاعتبار ... و ذاك الطاولة محلّه بين طيّ الأوراق .. لعل و عسى ينظر في أمره ..
و قد قال الله تعالى معاتبا رسوله و صفيّه من الخلق محمد عليه الصلاة و السلام : (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاء ذَكَرَهُ )
ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُخَاطِب بَعْض عُظَمَاء قُرَيْش وَقَدْ طَمِعَ فِي إِسْلَامه فَبَيْنَمَا هُوَ يُخَاطِبهُ وَيُنَاجِيه إِذْ أَقْبَلَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم وَكَانَ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَدِيمًا فَجَعَلَ يَسْأَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْء وَيُلِحّ عَلَيْهِ وَوَدَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَوْ كَفَّ سَاعَته تِلْكَ لِيَتَمَكَّن مِنْ مُخَاطَبَة ذَلِكَ الرَّجُل طَمَعًا وَرَغْبَة فِي هِدَايَته وَعَبَسَ فِي وَجْه اِبْن أُمّ مَكْتُوم وَأَعْرَضَ عَنْهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الْآخَر فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " عَبَسَ وَتَوَلَّى " .
وَمِنْ هَاهُنَا أَمَرَ اللَّه تَعَالَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَخُصّ بِالْإِنْذَارِ أَحَدًا بَلْ يُسَاوِي فِيهِ بَيْن الشَّرِيف وَالضَّعِيف وَالْفَقِير وَالْغَنِيّ وَالسَّادَة وَالْعَبِيد وَالرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصِّغَار وَالْكِبَار ثُمَّ اللَّه تَعَالَى يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَلَهُ الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَالْحُجَّة الدَّامِغَة .
" كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ " .. ( أَيْ هَذِهِ السُّورَة أَوْ الْوَصِيَّة بِالْمُسَاوَاةِ بَيْن النَّاس فِي إِبْلَاغ الْعِلْم بَيْن شَرِيفهمْ وَوَضِيعهمْ وَقَالَ قَتَادَة وَالسُّدِّيّ " كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَة" يَعْنِي الْقُرْآن ) .
http://quran.al-islam.com/Tafseer/Di...arb&tashkeel=0
رسائل قصيرة :
_ أيها الداعي _ سدّد المولى خطاك _ كن مترويا هادئ الطبع حسن الإجابة ، فأنت صورة ترسمها لكل من استعمله الله تعالى لطاعته و رضوانه .
_ عقول البشر لم يعد يكفيها قول : حلال و حرام ، جائز و غير جائز ، بل تحتاج منك لبيان و عرض أدلة ، و تفصيل ، بل و إقناع أحيانا حسب الحاجة .
_ لا يتصدر اسمك كل عمل خيري تقوم به .. فأنت لا تعمل للناس و لا لنفسك ، أنت تعمل
لله وحده جلّ جلاله .
_ أنت القدوة عند الكثير ،، فهناك من ينظر إليك عبر عدسة مكبّرة ، فغلطاتك ستكون مضخّمة ، فكن على حذر .
_ حافظ على محبة و ود من حولك ، فالعمل الدعوي الخيري يحتاج دائما لجماعة و فريق عمل متعاون ، فيد واحدة لا تصفّق.
_ لا تحقّر الصغيرة ، فقد تكون كبيرة ، بالغة الأثر ، عظيمة الوقع .. تستجلب لك خيرا من حيث لا تدري .
_ أنت على ثغر من ثغور الإسلام ، فانتبه أن يؤتى الإسلام من قبلك ( كما قالها أحد سلفنا الصالح )
أسأل المولى لي و لك الإخلاص في الأقوال و الأفعال ، و أن يثبّتك و يسهل عليك طرق أبواب الخير كلها ، وأن يأجرك أجر المحسنين ، و ينصر بك هذا الدين ..
بقلم أختكم : إيمان الغامدي .