جمع القرآن ومعانيه
محمد الحمود النجدي



جمع القرآن

جمع القرآن يطلق ويراد به عند العلماء معنيان :


الأول: جمعه بمعنى حفظه، وهو المقصود في قوله تعالى في خطابه لنبيه ﷺ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}. ومنه حديث قتادة قال: سألت أنس: من جمع القرآن على عهد رسول الله ﷺ فقال: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قلت: ومن أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. رواه البخاري، وأبو زيد اسمه: قيس بن السكن، وهذا لا يعني الحصر فالنصوص الواردة تبين أنهم أكثر من ذلك.

المعنى الثاني: جمع القرآن بمعنى كتابته كله، في مصحف واحد يضم السور جميعاً. وقد اتخذ رسول الله ﷺ كتاباً للوحي من أجلاء الصحابة كعلي ومعاوية وأبي بن كعب وزيد بن ثابت، تنزل الآية فيأمرهم بكتابتها ويرشدهم إلى موضعها من السور.

ولم تكن هذه الكتابة في عهد النبي ﷺ مجتمعة في مصحف واحد بل مفرقة عند الصحابة في الصحف وعلى الجلود واللخاف ( حجارة عريضة ) وغيرها، وقبض رسول الله ﷺ والقرآن محفوظ في الصدور، ومكتوب في الصحف، ولم يجمع في مصحف واحد حتى قام الصديق الأكبر أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه فأمر زيد بن ثابت بجمع القرآن وذلك بمشورة عمر رضي الله عنه، فتتبعه زيد من العسب ( جمع عسيب وهو من جريد النخل ) واللخاف وصدور الرجال، فكانت هذه الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر ، كما في حديث البخاري.

ثم في عهد عثمان رضي الله عنه اتسعت رقعة الإسلام وتفرق القراء في الأمصار وحصل بعض الاختلاف بين الناس بسبب وجوه القراءات ، وخشي عثمان من الاختلاف في كتاب الله تعالى، فشرع يكتب المصحف بلسان قريش التي نزل القرآن بها، وأمر بنسخه وتوزيعه على الأمصار ، وأن يحرق ما يخالفه ، جمعاً لكلمة المسلمين ودرءاً للفتنة.

هذا باختصار .. وإذا أردت الاستزادة في الموضوع فراجع: علوم القرآن للزركشي، ومناهل العرفان للزرقاني ، وعلوم القرآن لمناع القطان وغيرها.