السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حرب غزة بعيون يهودية : أحمد الغريب
(حرب تدور رحاها منذ أبينا إبراهيم - عليه السلام - حرب من أجل (إسرائيل) التي تريد الخير للعالم! لأن الرب منح «شعب إسرائيل» بركته، ووعده بأن يكون منحة منه للعالمين). هكذا وصف أحد الحاخامات اليهود الحرب التي أعلنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة، بدعوى تخليصه من إرهاب المقاومة.
عبارات أكدت أن صراعنا مع الصهاينة صراع ديني مهما اختلف في ذلك الكثير من الناس، تلك الحرب التي لا تبــقي ولا تذرْ، حيث راحت منذ يومها الأول تحصد دماء أهلنا وإخوتنا وأمهاتنا في غزة، وسط صمت عالمي مطبق، منح ذلك الكيان وآلته العسكرية المدمرة الفرصة تلو الأخرى للنيل من غزة، في حرب لم تفرِّق بين مقاوم وبين طفل رضيع وأمٍّ لا تجد ملاذاً يحميها هي ومن معها من أطفال مات أبوهم وهُدِمَ منزلهم في قصف شديد بليل شديد المطر والبرودة، قُطعت فيه الكهرباء عن المنازل وحتى عن المستشفيات، فلا شيء يهم أولئك الخنازير سوى العيش على جماجم أطفالنا.
وكم كانت العبارات التي قالها الصهاينة أنفسهم وليس غيرهم قاسيةً ومرعبة تدمي القلب قبــل العــين؛ فــمنها ما كان تعبيراً عن فرح بالنصر الزائف الذي لم يتحقق ولن يتحقق إن شاء الله، ومنها ما جاء استغراباً مما تفعله آلة الدمار الصهيونية التي لم تفرِّق بين من يصفــهم الكيــان بـ «الإرهابيين» وبين مدنيين عزَّل لا حول لهم ولا قوة، وكل ذنبهم أنهم اختاروا البقاء في وطنهم المعزول عن العالم في وقت يدعي فيه الجميع أن العالم أصبح قرية كونية صغيرة؛ فما يحدث في نيويورك في لحظات تراه في موسكو، ولكن بدا واضحاً أن غزة لم يُرَد لها أن تتبع تلك القرية الكونية المظلمة، ويبدو أن ما يحدث فيها ليس بشيء مهم يشغل بال حتى أولئك الذين ملؤوا الدنيا ضجيجاً بحقوق الحيوانات والشواذ، في صورة قبيحة تكشف لنا زيف هذا العالم الذي يؤكد لنا يوماً بعد يوم أن أصابع اليهود لا تحركه فقط، بل تسيطر عليه وتمتلك زمام أمره.
تلك الحرب التي لم تسلم فيها بيوت الله من دمار أولئك الكافرين الذين لا يعرفون ديناً ولا يؤمنون بما نؤمن به، فكم من المساجد دُمِّرت وهُدمت فوق رأس من يصلُّون فيها؛ خاصة أن كل شيء مستباح للصهاينة بعد أن حصلوا على صكوك الدمار من العالم الحر الذي يريد أن ينعم بالسلام والحب والصدق والعدل والأخوة والمساواة، وهي جميعها مفردات غابت عن أيِّ مشهد من مشاهد الدم الفلسطيني المستباح في غزة.
والغريب والعجيب أمر ذلك الحاخام اليهودي اللعين الذي يجيد دور الساحر القادر على قلب الحبل إلى ثعبان وتحويل القتيل إلى قاتل وجعل المجرم ضحية، ذلك الحاخام الذي كانت كلماته الحمقاء تجسيداً لما وصلنا إليه، من زمن أصبح فيه قتل الأطفال مباحاً، وسفك الدماء حلالاً، وتدمير بيوت الله حاجةً لا غنى عنها.
التبرير الديني اليهودي لحرب غزة:
تناول الحاخام اليهودي «شموائيل إلياهو» في مقال له نشرته صحيفة (معاريف) الصهيونية[1]؛ وجهةَ النظر اليهودية بشأن الدوافع التي تدفع حركة حماس لإطلاق آلاف الصواريخ على المدنيين الصهاينة، والأسباب التي تدعو مَنْ وصَفَهم بـ «الانتحاريين» من حماس إلى تفجير أنفسهم في الرجال والنساء والمسنين، وما الدافع الأساسي من وراء كراهية هؤلاء وغيرهم لليهود، قائلاً: «إن تيودور هرتزل الداعي إلى قيام (دولة إسرائيل) أدرك منذ البداية أن مسألة العداء للسامية لها جذور وأبعاد، وعلى الرغم من ذلك قرَّر المضيَّ قدماً في طريقه، وأعلن عزمه عن إنشاء الدولة، ولكن رغم الحلم بأن تكون هذه الدولة بمنزلة نهاية لمعاداة السامية إلا أنه ظل كل شيء كما كان عليه، ولم تحقق الدولة أهدافها، وبقيت الكراهية، بل ازدادت عمقاً» مشيراً إلى أن الجميع الآن يرون كيف تنفق المليارات من أجل تدمير «دولتهم»، وإبادة كل اليهود فيها؛ سواء أكانوا شباباً أم عجائز أم نساء وفي يوم واحد.
وتابع الحاخام مقاله بالقول: «إن الإنسان الذي نشأ على الخير يصعب عليه أن يدرك من أين يأتي هذا الشر، فالحديث يدور عن أناس لا يريدون العيش في هدوء، وكل ما يشغل بالهم هو الدخول في نزاع حدود مستمر مع (دولة إسرائيل)، أناس تحرِّكهم الكراهية، وتشغلهم طوال حياتهم؛ فكونك تعيش يهودياً هو أمر يضايقهم، وهي أمور تحدثت عنها التوراة في سفر (أستر) حينما تطرق للحديث عن ضيق عَبيد الملك من مردخاي اليهودي الذي وجد عند الملك مأوى»، مشيراً إلى أن مــن أسماهــم بالأخيار لا يمكنهم إدراك شيء كهذا، ولا يؤمنــون بوجود هذا بشكل عام.
وتابع حديثه بالقول: «إن التاريخ يعلمنا أنه في كل مكان وُجدنا فيه - نحن معشر اليهود - وأردنا فيه أن نعيش بعيداً عن جذور الكراهية؛ دفعنا ثمناً باهظاً وكلَّفَنا هذا الدماء، ولهذا فعلينا أن نعترف بوجــود جــذور الشر، وأن نستعدَّ لها ونحاربها بكل ما أُوتينا من قوة، وأن نتعلم كيف نحمي أنفسنا منها».
ويرى الحاخام «شموائيل إلياهو» أن حماس ليست سوى ذراع للشر العالمي، والقوة الضاربة له، وقال: «علينا أن ندرك جيداً أن الكراهية لليهود هي التي تحركهم ضدنا»، متسائلاً: «ماذا فعلنا من أجل أن ننأى بأنفسنا من خطر حماس وأن نبعد عنها كل ما لديها من وسائل لمحاربتنا؟ بل قمنا وبأيدينا بهدم مستوطناتنا اليهودية، وأوجدنا تمزقاً داخل المجتمع الصهيوني، واعتقدنا بأنه إذا ما أزلنا عنهم أسباب حربنا فسيتوقفون عن شنِّ الهجمات علينا، ولكن كان ما فعلناه هو الخطأ عينه؛ فهؤلاء لا يريدون العيش في سكينة وهدوء، وكل ما يريدونه هو حصاد دمائنا، فهؤلاء عطشى للدماء».
وتابع حديثه قائلاً: «إنهم لا يلقون بالاً لدماء أطفالهم؛ فهؤلاء لا يتردَّدون في القيام بإطلاق الصواريخ من داخل مستشفياتهم أو مدارسهم، أو أبراجهم السكنية». وقال: «شاهدت ذات مرة صورة لسيارة جيب تابعة للسلطة الفلسطينية وقد رُبط فيها فلسطيني وكانت تسير به في شوارع مدينة الخليل، حتى تمزق جسده إلى أشلاء، وكل شيء كان بأوامر من رئيس السلطة، ببساطة: إنها ثقافة الشر والقسوة والقتل والدماء والمسامير والكاتيوشا دون أن تفرق أو تميز بين أحد»[2].
وقال: «حينما ندرك ذلك الشر العالمي ندرك مسألة معاداة السامية»، وقال أيضاً: «إن دور (شعب إسرائيل) منذ البداية هو إيجاد الخير وجلبه إلى العالم، حيث أنعم الرب على إبراهيم بأن يأتي بالخير إلى العالم ومنحه (إسرائيل) من أجل عالم يحيا فيه الأخيار ويعيشون في خير وصدق وإيمان وأخوة ورحمة وحياة وسلام، وحدثتنا التوراة عن هذا حينما ورد فيها (وأباركه عن كل الذين يحيون على الأرض)».
وقال «إلياهو» أيضاً: «إن وجود (شعب إسرائيل) يدعونا إلى الدخول في مزيد من المواجهة مع محور الشر العالمي، ونحارب النمرود وفرعون ونبوخذ نصر وطاطيوس وستالين وهتلر وكل العرب الذين يشجعون أمثال هؤلاء»، مشيراً إلى أنه في اللحظة التي قَبِلَ فيها اليهود دورهم منذ نبي الله إبراهيم؛ وضعوا أنفسهم هدفاً لمحور الشر العالمي».
وأنهى حديثه قائلاً: «إن المعركة لم تنتهِ بعد؛ فسكان جنوب (إسرائيل) يصارعــون مــن أجــل (شعب إسرائــيل) وأجياله، وهــو ما فعله إبراهيم مع النمرود وموسى مع فرعون ومتتياهو مع اليونانيين، والرابي عقيبا مع الرومان، ولحسن حظنا أن قليلاً من النور ينتصر على الكثير من الظلام، وفي خلال تلك الحرب الطويلة الممتدة فقط ينتصر النور في نهاية المطاف، فعلى مدار آلاف السنوات يميز الناس ويختارون الحب والأخوة والسلام والرحمة والصدق والعدل والحياة ويميزونه عن الشر والسوء».
أكذوبة وقحة حيال مساجد المسلمين:
هؤلاء الذين لا دين لهم ولا ذمة، ويدَّعون العدل والحب والسلام؛ لم يترفعوا وسط غيِّهم الأعمى والبغيض حتى عن تدمــير بيــوت الله، ونســوا وتناسوا ونسينا ونسي الجميع ما تدعيه ليل نهار تلك الزمرة الصهيونية الحاكمة؛ من سعيها الدؤوب للحوار بين أتباع الأديان السماوية الثلاثة، وأن هدفها هو التواصل مع أبناء تلك الديانات، ولكن لأنهم يريدون استهداف بيوت الله فكان من السهل عليهم القيام بذلك؛ لأنهم ببساطة شديدة روَّجوا لأكذوبة وقحة تقول: إن المساجد باتت مأوى للإرهابيين ومخازن للسلاح، وأجبروا الجميع على تصديق هذه الأكاذيب وكان الصمت، حيث وصل عدد المساجد المستهدفة إلى 14 منذ بدء العدوان، إلا أن أهالي القطاع ما زالوا مُصِرِّين على الصلاة فيها وسط صمت عربي وإسلامي أثار استغراب الصحف الصهيونية ذاتها، بل إن الكثير من الصهاينة أنفسهم استغرب صمت العالَـمَيْن العربي والإسلامي على هذا التدمير المتعمَّد للمساجد، حيث أكدت القناة الثانية في التلفزيون الصهيوني أن جيش الاحتلال توقع ردَّة فعل أكثر صعوبة بسبب تدمير المساجد من العالـمَيْن العربي والإسلامي[3].
هذا الدمار أحدثته طائرات الاحتلال الصهيونية النفاثة من طراز «إف 16»، ففي واحدة من أعنف تلك الضربات تم إلقاء قنبلة تزن نصف طن على مسجد إبراهيم المقادمة في بلدة بيت لاهيا أقصى شمال القطاع، أثناء أداء عشرات المصلين صلاة المغرب، وهو ما أسفر عن مجزرة جديدة، راح ضحيتها 16 شهيداً وعشرات الجرحى، وعلى الرغم من ذلك ظلت كلمة (الله أكبر) تتردَّد دون خوف ودون أن تسكتها أصوات الطائرات وقنابلها.
كما دمَّر الصهاينة مسجد عماد عقل في مخيم جباليا، كما دمَّروا مسجد أبو بكر الصديق في بلدة بيت حانون أقصى شمال قطاع غزة، ومسجد النصر الأثري جنوب القطاع، الذي يرجع بناؤه إلى عام 736 هـ، والمقام على أرض معركة جرت بين المسلمين والفرنجة انتهت بنصر المسلمين، كما استهدف الصهاينة مسجد عمر بن عبد العزيز جنوب القطاع، ومسجد الشفاء والعباس في مدينة غزة، إلى جانب مسجد السرايا والمجمع في غزة، ومسجد عمر بن الخطاب في مخيم البريج، ومسجد الخلفاء الراشدين في القرارة جنوب القطاع، ومسجد الأبرار في بلدة بني سهيلا جنوب شرقي القطاع، ومسجد بلال بن رباح في رفح جنوب غزة، ومسجد القسام في خان يونس جنوب القطاع[4].
شعب من القتلة حقاً:
ويكفينا إذا ما أردنا أن نعرف كيف رحَّب الصهاينة جميعاً بحرب غزة؛ أن نتحدث عن استطلاع رأي واحد من بين عشرات الاستطلاعات التي أوردتها صحف الصهاينة طوال أيام الحرب، فعلى سبيل المثال لا الحصر: حدثتنا صحيفة «هآرتس» عن نتائج الاستطلاع الذي أكد أن نحو 71% من الصهاينة عبَّروا عن تأييدهم للهجوم، وأجمعوا على أن الهجوم «دفاع عن النفس»، ولِمَ لا وصحف العدو أكدت أن تلك الحرب دارت بموافقة كبار رجال القضاء والقانون في هذا الكيان البغيض[5].
شهادات صهيونية عن غزة:
وإن كان قد غاب عن وسائل الإعلام الصهيونية الحديث عن مجازر غزة والحرب الشعواء، لكن القليل من هؤلاء الصهاينة وجد نفسه مضطراً لقول شيء من الحقيقة، ومنهم: (عميره هاس) في شهادتها التي نشرتها في صحيفة «هآرتس» الصهيونية وضمَّنتها شهادات أخرى نقلتها عن أهالي غزة شكَّلت في مجملها صورة مرعبة عن المذبحة الصهيونية، حيث قالت (عميره): إن في غزة اليوم الكثير من الجثث والجرحى، وتضاف في كل دقيقة أعداد جديدة إلى قائمة القتلى، ولم يعد بإمكان مشارح الموتى استيعاب المزيد.
ونقلت (عميره) عن أستاذ التراث في جامعة الأقصى الدكتور (حيدر عيد) أنه لم يكن يتوقع أن يشاهد ما حصل في غزة، وكان يظن أنه محصن ضد هذا كله، فقد شاهد جثث القتلى والجرحى، كما شاهد الأطفال وقد قُطعت أطرافهم، وخلص من ذلك بقوله: إن «اختيار هذا الوقت بالذات - الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً - لقصف قلب المدن هو شيء رهيب، والهدف من الاختيار هو التسبب في مذبحة هي الأكبر».
كما نقلت عن أبي محمد الذي كان على مسافة 200 متر من مستشفى الشفاء عندما وصل إلى سمعه صوت مذهل هو نتيجة قصف ثلاثة مراكز كبيرة للشرطة محاذية للمستشفى. وقال: «خلال ثوانٍ تحولت تلك المنطقة إلى (بغداد صغيرة)؛ قذائف في كل مكان ودخان وحرائق وأناس لا يعرفون أين يختبئون، الذعر في كل مكان وكذلك الغضب والحقد».
وتقول أيضاً: إن مراكز التدريب التابعة لكتائب عز الدين القسام ومكاتب التحقيق ومراكز الاعتقال كانت خالية لدى قصفها. لكن مراكز الشرطة في القطاع التي توفر الخدمة لأبناء الشعب كان تعجُّ بالناس، فلا أحد كان يتصور أنه سيكون هدفاً لعمليات القصف.
ثقافة الحرب هي ثقافة الشارع الصهيوني:
انتقـدت الكاتبة البارزة (أوريت دجاني) الحرب[6]، معتبرة أن المجتمع الصهيوني بــات مستلَبــاً لثقافــة الحــرب، ولا يعرف أي لغة غيرها. وفي مقال نشرته صحيفة «معاريف» قالت الكاتبة: «إن الإسرائيليين يندفعون للحرب؛ لأنهم يكرهون السلام، ويعدون القوة هي الخيار الوحيد لتحقيق الأهداف»، وأضافت: «إن الحروب تجري في عروقنا مجرى الدم، إننا نتصور أن من الطبيعي أن نندفع نحو الحرب التي يُقتل ويُجرح فيها الناس؛ لذا فإننا عادةً مَّا نشعل حرباً بعد عامين ونصف العام تقريباً على انتهاء آخر حرب خضناها». وأكدت (دجاني) أن أكثر ما يثيرها هو زعم الكثير من النخب السياسية والفكرية في «إسرائيل» بأن الشعب «الإسرائيلي» هو شعب محب للسلام»، متسائلة: «إن كنا نحن محبين للسلام فلماذا لا نختار التوجه إلى السلام والحلول السياسية، بدلاً من أن نزعم دائماً أنه لا يوجد من يمكن التحدث معه في الطرف الآخر؟!». وأشارت إلى أن «إسرائيل» أوقفت تفاوضها في السابق مع حركة «فتح» بحجة أنه لا يوجد فيها من يمكن التفاوض معه، «ونحن الآن نفعل الأمر نفسه مع حركة حماس».
وأردفت قائلة: «إذا كنا محبي سلام فلماذا نعدُّ الطريق الوحيد للدفاع عن مواطنينا هو الرد بالحرب وليس بالبحث عن السلام؟! وإذا كنا شعباً مسالماً فلماذا نحرص على التجلُّد والصبر فقط من أجل توفير الظروف لإيذاء الآخرين وإلحاق الضرر بهم؟!». وأوضحت (دجاني) أن «الإسرائيليين» اعتادوا تسلية أنفسهم بأنهم الطرف الذي يمكنه أن يضرب ويدمر ويقتل، قائلة: «نحن لا نعرف إلا لغة الحروب ولا نعرف لغةً غيرها، ولسنا مستعدين لتعلم لغة أخرى». وأشارت إلى أن «الإسرائيلي» يعكف على فبركة كل تبريرات العالم لتسويغ شن الحروب على الآخرين، وضمن ذلك الحرب الأخيرة على غزة. وأوضحت أنه حتى برامج الترفيه والرقص التي تقدمها قنوات التلفزة الصهيونية تستند إلى ثقافة الحروب وتتأثر بها أكثر من غيرها.
باعترافهم: لا يمكن القضاء على حماس:
من ناحيته قال المفكر الصهيوني (روبيك روزينتال): إن «إسرائيل» رغم قوتها الكبيرة إلا أنها لا يمكنها القضاء على حكم «حماس» في غزة. وفي مقال نشره في صحيفة «معاريف»[7] أوضح أنه يبدو في ظاهر الأمر كأن إسقاط «حماس» سيؤدي إلى وقف إطلاق النار طويل المدى وتمهيد الظروف للحديث عن التسوية، مشيراً إلى أن ما ينتظر «إسرائيل» عندها هو ما انتظرها عندما اعتقدت عام 1982م أنه بعد القضاء على منظمة التحرير في لبنان سينشأ نظام متعاون معها في لبنان، لكن ما حدث أنه برز على السطح حزب الله الموالي لإيران.
الشيء ذاته أكدته صحيفة «يديعوت أحرنوت» الصهيونية[8]، حينما تحدثت عن أن الحرب على غزة رفعت شعبية حماس بين الفلسطينيين، مشيرة إلى أن الفلسطينيين يقفون خلف حماس، وأن هذه الحركة لا يمكن القضاء عليها، وقالت الصحيفة: «إن شعبية حماس ارتفعت بشكل ملحوظ، وإنَّ من كان يعارضها بالأمس غيَّر رأيه وبات من مؤيِّديها اليوم، وإنَّ الهجمات الصهيونية على القطاع والدمار الذي حصل عزَّز من تأييد الشعب الفلسطيني لهذه الحركة». مشيرة إلى أن فلسطينيين كثيرين باتوا من أشدِّ المدافعين عن الحركة، وطالبوا حماس بمواصلة المقاومة، ونقلت عن مصادر فلسطينية في غزة قولها: إن حماس لن تنكسر، ولن ترفع العلم الأبيض، وإنها قادرة على توسيع مدى صواريخها لتصل إلى أطراف تل أبيب.
ماذا بعد؟
إن حرب غزة ليست سوى حلقة من حلقات الصراع الطويل بيننا وبين الصهاينة، وإن كان فيها رائحة الموت والدماء والخراب والدمار لكنها تعيد فينا الروح والسعي والصبر والجَلَد، وتحيي فينا روح المقاومة والإصرار والثبات والتأكيد على أن عدونا واحد مهما زيَّفوا كتب التاريخ ومزَّقوا صفحاته، تلك الحرب التي شاهدها الجميع في بثٍّ مباشر وحيٍّ لحظة تلو الأخرى، وبكينا فيها، وكانت رائحة الموت تفوح من منازلنا، لكن يكفينا أن تكون فرصة لنا جميعاً لكي نحيي في بيوتنا تلك القضية، ويعرفها كبيرنا قبل صغيرنا من جديد. وأخيراً لم يتبقَّ سوى القول: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف: ١٢].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] معاريف: 5 يناير 2009م.
[2] هكذا يفتري هذا الحاخام الصهيوني الحاقد بادعاءته على حماس، ولا ندري بماذا يعلل عطشهم لدماء المسلمين عامة والفلسطينيين خــاصة؛ سـواء كانوا رجــالاً أو نســاءً أو أطفالاً، فهم قوم بهت قاتلهم الله أنى يؤفكون - ^.
[3] هآرتس: 2 يناير 2009م.
[4] الجزيرة: 4 يناير 2009م.
[5] هآرتس : 1 يناير 2009م.
[6] معاريف: 4يناير 2009م.
[7] معاريف : 4يناير 2009م.
[8] يديعوت أحرونوت: 4 يناير 2009م
المصدر :
http://www.salmajed.com/node/6985