تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 26

الموضوع: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

  1. #1

    افتراضي حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    فضيلة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار .

    إن الجواب ليس عن سؤال مكانة ولا عن مكان . أما أنه ليس سؤالاً عن المكانة ؛ فلأن مكانة الله المعنوية معروفة لدى كل المسلمين بل حتى الكافرين . وأما أنه ليس سؤالاً عن المكان فذلك ؛ لأن الله - عز وجل - ليس له مكان .

    وفي الواقع أنا أشعر أن هذا السؤال من أخ مسلم يعتبر محاضرة ، والسبب أنكم لا تسمعون هذه المحاضرات ، وإنما تسمعون محاضرات في السياسة والاقتصاد ، لدرجة أن كثيرًا منكم ملَّ من تكرارها ، أما محاضرات في صميم التوحيد ، كالمحاضرة التي ستسمعونها - الآن - ، مع أني مضطر إلى أن أختصر في الكلام ؛ لأنه حان وقت الانصراف ، لكن لابد مما لابد منه ، فهذا السؤال يحتاج إلى محاضرة ، لكن نقول : إن الله منزه عن المكان باتفاق جميع علماء الإسلام ، لماذا !؟

    لأن الله كان ولا شيء معه ، وهذا معروف في الحديث الذي في " صحيح البخاري " عن عمران بن حصين : ( كان الله ولا شيء معه ) ، ولا شك أن المكان هو شيء ، أي : هو شيء وجد بعد أن لم يكن ، وإذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( كان الله ولا شيء معه ) . معناه : كان ولا مكان له ؛ لأنه هو الغني عن العالمين ، هذه الحقيقة متفق عليها .

    لكن مع الأسف الشديد ، من جملة الانحرافات التي أصابت المسلمين ، بسبب بُعدهم عن هدي الكتاب والسنة في العقيدة في ذات الله - عز وجل - ، لو سألت - اليوم - جماهير المسلمين في كل بلاد الإسلام ، علماءً وطلاب علم وعامة ، إذا سألتهم هذا السؤال النبوي : أين الله !؟ ستجد أن المسلمين مختلفون أشد الاختلاف في الجواب عن هذا السؤال ، منهم من يكاد يتفتق غيظًا وغضبًا بمجرد أن طرق سمعه هذا السؤال ، ويقول : أعوذ بالله ما هذا السؤال !؟

    نقول له : رويدًا يا أخي ! هذا السؤال هل تعلم أول من قاله ؟ يقول : لا ما سمعنا به إلا الآن ، فنفتح له " صحيح مسلم " ونقول له : هذا " صحيح مسلم " ، الكتاب الثاني بعد " صحيح البخاري " ، والثالث بعد القرآن ؛ لأن أصح كتاب هو القرآن ، ثم " صحيح البخاري " ، ثم " صحيح مسلم " ، وهو الذي روى هذا الحديث : أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال للجارية يمتحنها : ( أين الله !؟ قالت : في السماء ، قال لها : من أنا !؟ قالت : أنت رسول الله ، فقال لسيدها : أعتقها فإنها مؤمنة ) ، يسمع الحديث وكأنه ليس عايشًا في بلاد الإسلام ، بل ليس عايشًا في بلاد العلم ، أو يمكن لم يمسك " صحيح مسلم " في زمانه مطلقًا ، هذا قسم من الناس ، بل من أهل العلم من لم يسمع هذا السؤال قط !

    أي : ما طرق سمعه هذا الحديث ، ولسان حاله يقول : أيعقل أن هناك أناسًا يقولون : أين الله !؟ ما هذا السؤال !؟ هل يجوز لأحد أن يسأل أين الله !؟ لا أعرف !! ما رأيك ؟! ويأخذ البحث مجراه فتقول له : أنت تؤمن بوجود الله !؟ سوف يقول : نعم ، نقول له : أكيد أن الله موجود !؟ فيجيب : نعم ، إذًا أين هو !؟ فيفكر ولا يستطيع الجواب !

    إن أقدس المقدسات هو الله ، فإذا سألته : أين هو !؟ فلا يعرف ، وهو مسلم ، ما معنى مسلم إذًا ؟ نعم هو مسلم ، وهذا أمر جميل ، لكن هل هو حقيقة أم لا ؟ ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ . [ الأعراف : 187 ] . لا يعلم هذا أن الله يقول : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ . أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ . [ الملك : 16 - 17 ] . كأنه ما قرأ هذه الآية أبدًا ، ويمكن أنه قرأها أكثر مني ، لماذا !؟ لأن هناك أناسًا متعبدين ، ربما يختم أحدهم القرآن في كل ليلة ، أو في كل ليلتين على خلاف السنة ، أما نحن فالواحد منا قد يختم ختمة واحدة في السنة ؛ لأن الله فتح له بابًا في العلم ، أما ذاك المخالف للسنة فهو يقرأ كثيرًا ، لكن هل فهم ما قرأ ؟ لا ، إذًا : ربنا عندما يقول له في القرآن : ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ . [ محمد : 24 ] . معنى ذلك أنه من القسم الثاني ﴿ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ .

    ثم إنَّا نذكره بحديث فنقول له : يا أخي ! هذا الحديث تعرفونه جميعًا لا ننفرد وحدنا بمعرفته ، هذا الحديث يقول : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) . هذا حديث بالتعبير العصري : حديث شعبي ، أي : كل الناس يعرفون هذا الحديث . إذًا ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) من هو الذي في السماء !؟ هل المقصود به غير الله ؟ لا ، إذًا : لماذا تستنكر السؤال : أين الله !؟ وأنت تقر بهذا الحديث ، أنا سألتك : هل الله موجود !؟ فقلت : نعم ، إذًا أين هو ؟ أجبت أنك لا تعرف ، لماذا لا تعرف ؟ لا تقرأ القرآن ولا تسمع الحديث !؟

    إن المشكلة هي دخول علم الكلام في الموضوع فأفسد العقول ، كل من قرأ : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ . [ الملك : 16 ] . ليس عنده شك أن الله - عز وجل - في السماء ، كلنا سمع ذاك الحديث : ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ، ليس هناك شك أن الله - عز وجل - في السماء ، لكن دخل علم الكلام فصرفهم عن هذا الإيمان ، ماذا قال لهم ؟ قال لهم : لا يجوز أن نقول : الله في السماء ، لماذا ؟ لأن الله ليس له مكان ، صحيح نحن نقول : ليس له مكان ، ولعلكم ما نسيتم بأننا بدأنا الكلام عن هذا السؤال ببيان أن الله - عز وجل - غني عن المكان ، وأن الله كان ولا مكان ، فادعى الجهلة من الناس أن معنى الآية والحديث هو إثبات المكان لله - عز وجل - ، وأن معنى حديث الجارية : ( الله في السماء ) أن الله له مكان في السماء ، هذا الجهل أدى بهم إلى جهل مطبق ، ولا يعني أن المسلم حينما يعتقد أن الله في السماء : أن الله مثل إنسان في الغرفة ، لماذا ؟ لأن هذا تشبيه ، وقد سمعتم من جملة خصال ومزايا الدعوة السلفية أنها وسط في كل شيء بين الإفراط والتفريط ، بين المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ، وبين المعطلة الذين ينكرون أشياء من صفات ربهم ، فـالسلف وسط يؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة ، وينزهون الله : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ . [ الشورى : 11 ] .

    فحينما يعتقد المسلم أن الله في السماء كما هو في النص القرآني والأحاديث كثيرة ، لا يعني أنه في السماء أنه كالإنسان في الغرفة ، وكدودة القز في الشرنقة محصورة بهذا البيت الطويل ، حاشاه - عز وجل - أن يكون كذلك !

    إذًا : ما المعنى الصحيح للفظة ( في السماء ) ؟ السماء لها معانٍ في اللغة لا نتفلسف كثيرًا بذكرها ، لكن من هذه المعاني : السماء الدنيا الأولى ، والثانية ، و ... إلخ ، ومن هذه المعاني : العلو المطلق ، كل ما علاك فهو سماء ، فالسماء الأولى والثانية هذه أجرام مخلوقة ، فإذا قلنا : الله في السماء ، معناه حصرناه في مكان ، وقد قلنا : إنه منزه عن المكان ، إذًا : كيف نفهم ؟

    الجواب من الناحية العلمية : ( في ) في اللغة ظرفية ، فإذا أبقيناها على بابها وقلنا : الله في السماء ، وجب تفسير السماء بالعلو المطلق ، أي : الله فوق المخلوقات كلها حيث لا مكان ، بهذه الطريقة آمنا بما وصف الله - عز وجل - به نفسه بدون تشبيه وبدون تعطيل . فإن التشبيه أن أقول : كما أنا في هذا المكان ، وحاشاه ! والتعطيل أن نقول كما تقول المعطلة : الله ليس في السماء ، وإذا كان ربك يقول : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ . [ الملك : 16 ] . وأنت تقول : ليس في السماء ، هذا هو الكفر . هذا معنى الآية فيما إذا تركنا ( في ) على بابها .

    أحيانًا في اللغة العربية تقوم أحرف الجر بعضها مكان بعض ، فـ ( في ) هنا ممكن أن تكون بمعنى ( على ) ، فحينئذً : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ . [ الملك : 16 ] . أي : من على السماء ، فتكون السماء في الآية بمعنى الأجرام التي خلقها ربنا - تعالى - ، فهو عليها وفوقها ، وليس في شيء منها ؛ لأنه منزه عن المكان ، هذه هي عقيدة السلف ، ومن أجل ذلك نحن ندعو المسلمين إلى أن يرجعوا إلى عقيدة السلف ، وإلى منهج السلف حتى يستقيموا على الجادة ، وحتى يصدق فيهم أنهم رجعوا إلى الوصفة الطبية النبوية ، التي جعلها المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - وصفة لخلاص المسلمين من الذل الذي ران ونزل عليهم ( ... حتى ترجعوا إلى دينكم ) ، فالرجوع الرجوع معشر المسلمين جميعًا إلى الله ، وإلى كتابه ، وإلى حديث نبيه وعلى منهج السلف الصالح !
    منقول

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    الحقيقة أن المسلمين المفطورين على الفطرة السليمة إن سألتهم أين الله سيجيبونك بعفوية في السماء و هذا حال أغلب من عرفته في بلدتنا.


    و قد لاحظت فرقا كبيرا بين المشرق و المغرب فلا أدري ما الذي يحدث عندكم في المشرق لكن الاكيد أن المغرب العربي عامة الناس فيه هذه عقيدتهم إلا من كان من الصوفية أو الطرقية و هم ليسوا بالكثير.


    ربما هذا راجع إلى التاريخ لأن الدعوة السلفية في الجزائر ليست وليدة البارحة بل بدأت من اكثر من سبعين سنة برجوع الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله من السعودية بعد أن درس فيها و تعلم على الشيوخ هناك فكون بما يعرف بجمعية العلماء المسلمين سنة 1930 ميلادي

    كانت لهذه الجمعية اليد الطولى في تعليم الناس و تكسير سيطرة الصوفية و اليوم بعد ثمانين سنة تقريبا من انطلاق هذة الجمعية لا نكاد نسمع بالصوفية في شرق الجزائر إلا بعض الزوايا.


    الذي اردت أن اقوله هناك الكثير من المسلمين الذين فطرتهم سليمة و يعرفون أن الله في السماء و أن ما هو عندكم في المشرق ليس هو بذاته في كل مكان فتنبهوا لذلك و الله أعلم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    الجهراء المحروسة
    المشاركات
    520

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    فحينئذً : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ . [ الملك : 16 ] . أي : من على السماء ، فتكون السماء في الآية بمعنى الأجرام التي خلقها ربنا - تعالى - ، فهو عليها وفوقها ، وليس في شيء منها ؛ لأنه منزه عن المكان ، هذه هي عقيدة السلف ..


    نقل مبارك ..

    جزاك الله خيرا ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    الدولة
    المملكة المغربيّة
    المشاركات
    244

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    وإذا كان ربك يقول : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ . [ الملك : 16 ] . وأنت تقول : ليس في السماء ، هذا هو الكفر

    شكرا لك...بارك الله فيك...
    فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم



  5. #5

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    أخي التقرتي كلامك صحيح فرق بين المشرق والمغرب الوضع في بلاد الشام يختلف حيث كانت الصوفية والأشعرية هي الدارجة ثم أن انتشار المنهج السلفي والعقيدة السلفية كان بفضل الله ثم بفضل الشيخ العلامة الألباني رحمه الله وأمثاله من العلماء السلفيين فالآن الوضع تغير كثيرا بفضل الله تعالى.

    الاخوة السلفية النجدية
    و
    عامي
    وفيكما بارك الله.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    القاهرة - مصر (حرسها الله)
    المشاركات
    62

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    نؤمن بأن الله في السماء ونؤمن بأنه لا يُحيطه مكان ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) سبحانه عن ما يصفون
    قال سفيان الثوري ( الإسناد سلاح المؤمن )
    ملتقى أهل الإسناد المتخصص في علوم الحديث www.ahlalisnad.com/vb

  7. #7

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابي حفص المسندي مشاهدة المشاركة
    نؤمن بأن الله في السماء ونؤمن بأنه لا يُحيطه مكان ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) سبحانه عن ما يصفون
    جزاك الله خيرا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    5

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    نقول كما قالت الجارية الله في السماء ونؤمن بان الله فوق المخلوقات كلها حيث لا مكان ، بهذه الطريقة آمنا بما وصف الله - عز وجل - به نفسه بدون تشبيه وبدون تعطيل
    رحم الله شيخنا محدث الامة ناصر الدين الالباني

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    جزاك الله خيرا رد مفحم وشافي فقد سمعت هذه الشبهة يرددها المعطلة فتحيرت فيها لأنني لم أسمعها من قبل .

    قال الإمام الجويني ((‏ والذي شرح صدري له في حكم هذه الثلاث مســائل:‏
    الأولى: مســألة العلو والفوقية والاستواء هو: أن الله- عز وجل- كان ولا مكان، ‏ولا عرش ولا ماء، ولا فضاء، ولا هواء، ولا خلاء، ولا ملأ، وأنه كان منفرداً في ‏قدميته وأزليته، هو متوحد في فردانيته، وهو سبحانه وتعالى في تلك الفردانية لا ‏يوصف بأنه فوق كذا إذ لا شيء غيره، هو سابق للتحت والفوق اللذين هما جهتا ‏العالم، وهما لازمتان لها، والرب تعالى في تلك الفردانية منزه عن لوازم الحدث ‏وصفاته، فلما اقتضت الإرادة المقدسة بخلق الأكوان المحدثة المخلوقة المحدودة ‏ذات الجهات اقتضت الإرادة المقدسة على أن يكون الكون له جهات من العلو، ‏والسفل، وهو سبحانه منزه عن صفات الحدث، فكوَّن الأكوان، وجعل لها جهتا العلو ‏والسفل، واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الكون في جملة التحت؛ لكونه مربوباً ‏مخلوقاً، واقتضت العظمة الربانية أن يكون هو فوق الكون باعتبار الكون لا باعتبار ‏فردانيته إذ لا فوق فيها ولا تحت، ولكن الرب سبحانه وتعالى كما كان في قدمه ‏وأزليته، فهو الآن كما كان، لكن لما حدث المربوب المخلوق، والجهات، والحدود ‏ذو الخلا، والملا، وذو الفوقية، والتحتية، كان مقتضى حكم عظمة الربوبية أن يكون ‏فوق ملكه، وأن تكون المملكة تحته باعتبار الحدوث من الكون لا باعتبار القدم من ‏المكون، فإذا أشير إليه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحتية، أو من جهة اليمنى، ‏أو من جهة اليسرى، بل لا يليق أن يشار إليه من جهة العلو والفوقية ثم الإشارة هي ‏بحسب الكون وحدوثه، وتسفله، فالإشارة تقع على أعلى جزء من الكون حقيقة وتقع ‏على عظمة الإله تعالى كما يليق به لا كما تقع على الحقيقة المعقولة عندنا في أعلا ‏جزء من الكون، فإنها إشارة إلى جسم، وتلك إشارة إلى إثبات، إذا علم ذلك ‏فالاستــــواء صفة كانت له سبحانه في قدمه لكن لم يظهر حكمه إلا في الآخرة، ‏وكذلك التجلي في الآخرة لا يظهر حكمه إلا في محله.‏

    تنبيه: إذا علم ذلك فالأمر الذي تهرب المتأولة منه حيث أوَّلوا الفوقية بفوقية ‏المرتبة، والاستواء بالاستيلاء فنحن أشدُّ الناس هرباً من ذلك وتنزيهاً للباري تعالى ‏عن الحدِّ الذي يحصره فلا يحد بحدٍّ يحصره، بل بحد تتميز به عظمته وذاته ليس ‏مخلوقاته، والإشارة إلى الجهة(1) إنما هي بحسب الكون، وتسفله إذ لا يمكن الإشارة ‏إليه إلا هكذا، وهو فد قِدَمه سبحانه منزه عن صفات الحدوث، وليس في القِدم فوقية ‏ولا تحتية، وإن من هو محصور في التحت لا يمكنه معرفة باريه إلا من فوق فتقع ‏الإشارة على العرش حقيقة إشارة معقولة، وتنتهي الجهات عند العرش، ويبقى ما ‏وراءه لا يدركه العقل، ولا بكيفية الوهم فتقع الإشارة عليه كما يليق به مجملاً ثابتاً ‏لا مكيفاً، ولا ممثلاً وجه من البيان، الرب ثابت الوجود ثابت الذات، له ذات مقدسة ‏متميزة عن مخلوقاته تجلى للأبصار يوم القيامة، ويحاسب العالم فلا يجهل ثبوت ‏ذاته، وتميزها عن مخلوقاته، فإذا ثبت ذلك فقد أوجد الأكوان في محل وحيِّز، وهو ‏سبحانه في قِدَمه منزَّهٌ عن المحل والحيِّز فيستحيل شرعاً وعقْلاً عند حُدُوث العَالم ‏أن يحمل فيه، أو يَخْتلِط به؛ لأن القديم لا يحلُّ في الحادِث، وليس هو محلاًّ للحوادث ‏فلزم أن يكون بايناً عنه، وإذا كان بايناً عنه يستحيل أن يكون العالم في جهة الفوق ‏وأن يكون ربه في جهة التحت هذا مُحَال شرعاً وعقلاً فيلزم أن يكون العالم في جهة ‏الفوق، فوقه بالفوقية اللائقة به التي لا تُكيَّف ولا تمثّل بل تــعلم من حيث الجملة ‏والثبوت لا من حيث التثميل(1) والتكييف(2) وقد سبق الكلام في أن الإشــــــارة إلى ‏الجهة إنما هو باعتبارنا لأنَّا في محلٍ وحدٍ وحيزٍ، والقدم لا فوق فيه ولا تحته، ولابد ‏من معرفة الموجِد وقد ثبت بينونته عن مخلوقاته، واستحال علوها عليه فلا يمكن ‏معرفته والإشارة بالدعاء إليه إلا من جهة الفوق لأنها أنسب الجهات إليه،وهو غير ‏محصور فيها، وهو كما كان في قدمه وأزليته، فإذا أراد المحدث أن يُشير إلى القدم ‏فلا يمكنه ذلك إلا بالإشارة إلى الجهة الفوقية؛ لأن المشير في محل له فوق وتحت، ‏والمشار إليه قديمٌ باعتبار قِدَمِهِ لا فوق هناك ولا تحت، وباعتبار(3) حدوثنا وتسفُّلِنا ‏هو فوقنا، فإذا أشرنا إليه تقع الإشارة عليه كما يليقُ به لا كما نتوهمه في الفـــوقية ‏المنسوبة إلى الأجسام لكننا نعلمها من جهة الإجمال والثبوت لا من جـهة التمثيـــل ‏والتَّكييف والله الموفق للصواب
    )) رسالة إثبات الفوقية والعلو.

  10. #10

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال البليدي مشاهدة المشاركة
    .
    قال الإمام الجويني ((‏ [color="navy"]والذي شرح صدري له في حكم هذه الثلاث مســائل:‏
    )) رسالة إثبات الفوقية والعلو.
    الرسالة لم تثبت نسبتها للجويني الأب .. فتأمل
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  11. #11

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    بارك الله فيكم جميعا
    ونفعني واياكم بما سطّر الامام الألباني رحمه الله

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    153

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    وماذا لو سأل المخالف
    واين كان قبل خلق الجهات وقبل العرش وقبل العلو ؟

  13. #13

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومعاذالمصرى مشاهدة المشاركة
    وماذا لو سأل المخالف
    واين كان قبل خلق الجهات وقبل العرش وقبل العلو ؟

    فائدة عن كتاب الأشاعرة في ميزان أهل السنة :

    1-سليمان بن طرخان ابو المعتمر البصري 143 ه :
    قال صدقة :((سمعت التيمي يقول : لو سئلت أين الله تبارك وتعالى ؟
    قلت: في السماء
    فإن قال : فأين عرشه قبل أن يخلق السماء
    قلت :على الماء
    فإن قال لي أين كان عرشه قبل أن يخلق الماء
    قلت : لا أدري
    )) رواه اللالكائي 3/401 وأورده الذهبي في العلو ص 130
    2- الامام العلامة الحافظ الناقد عثمان بن سعيد الدارمي 280ه:
    قال في الرد على قول المعارض بالمنع من السؤال عن الله ب(أين؟): ((وصرحت ايضا بمذهب كبير فاحش من قول الجهمية فقلت إذا قالوا لنا: أين الله ؟ فإنا لا نقول بالأينية بحلول المكان إذا قيل أين هو: قيل هو على العرش وفي السماء
    فيقال لك أيها المعارض: ما أبقيت غاية في نفي استواء الله على العرش واسوائه الى السماء إذ قلت : لانقول: إنه على العرش وفي السماء بالأينية ومن لم يعرف أن إلهه فوق عرشه فوق سماواته فإنما يعبد غير الله ويقصد بعبادته إله في الأرض ومن قصد بعبادته الى إله في الأرض كان كعابد وثنلأن الرحمن على العرش والأوثان في الأرض
    كما قال لجبريل : (عند ذي العرش مكين& مطاع ثم أمين) ففي قوله دليل على البينونة والحد بقوله (ثم) لا ها هنا في الكنف والمراحيض كما ادعيتم .
    وإن أبيت أيها المعارض أن تؤين الله تعالى وتقر أنه فوق عرشه دون ما سواه فلا ضير على من أينه ذ رسوله ونبيه صلى الله عليه وسلم
    قد أينه فقال للأمة السوداء :((أين الله؟ قالت : في السماء قال: أعتقها فإنها مؤمنة)) وكذلك أينه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليله ابراهيم أنه في السماء .. )) إلى أن قال : (( وأما قولك : لا يوصف بأين فهذا أصل كلام جهم
    )) الرد على المريسي 1/489
    فتأمل قوله في أن المنع عن السؤال بأين هو أصل كلام الجهمية


    3- شيخ الاسلام الحافظ أبو إسماعيل عبد الله ابن محمد الانصاري الهروي 481 : قال في بيان موافقة الأشاعرة للجهمية : (( فاسمعوا يا أولي الألباب وانظروا ما فضل هؤلاء-أي الأشاعرة-على أولئك-أي الجهمية- أولئك قالوا-قبّح الله مقالتهم-:إن الله موجود بكل مكان وهؤلاء يقولون : ليس هو في مكان ولا يوصف بأين.
    وقد قال المبلغ عن الله عز وجل لجارية معاوية ابن الحكم رضي الله عنه ((أين الله)) ) ذم الكلام و أهله (5/135)


    4- تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي 600 ه:
    قال بعد روايته لحديث الجارية :((ومن أجهل جهلا وأسخف عقلا وأضل سبيلا ممن يقول إنه لا يجوز ان يقال : أين الله ؟ بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله أين الله ؟
    )) عقائد أئمة السلف ص 75


    5- قال بعد ذكر لحديث الجارية : ((وهكذا رأينا كل من يسأل :أين الله ؟ يبادر بفطرته ويقول : في السماء ففي الخبر مسألتان :
    إحداهما : شرعية قول المسلم أين الله
    وثانيهما : قول المسؤول : في السماء
    فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم
    )) العلو ص 28
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  14. #14

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    وهذا رابط-جيد- لشرح الشيخ العلامة عبد العزيز الراجحي حفظه الله على الطحاوية ضمنه مناقشات رائعة لشبهات النفاة


    http://www.taimiah.org/Display.asp?p...&f=aqt0104.htm
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    153

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    يقول المخالف

    وماقولكم فى قوله تعالى وهو الذى فى السماء إله (وفى الأرض) إله
    وقوله سبحانه (وهو الله فى السموات (وفى الأرض)

    تقولون وفى الأرض بمعنى إله من فى الأرض فلما لاتكون الأخرى بمعنى إله من فى السماوات على اساس فرقتم ولما اخذتم بظاهر واحدة واولتم الأخرى ؟


    وماقولكم فى قوله تعالى حاكيا عن الخليل ابراهيم (إنى ذاهب إلى ربى ) اترونه يقصد الصعود الى السماء ؟

    وقوله تعالى (فأينما تولوا فثم (وجه الله )

    وماقولكم فى الحديث الذى ينهى عن الالتفات فى الصلاة وفيه (أن الله قبل وجهه او كما قال ) اترون ان الله امام المصلى حقيقة وبذاته ؟

    وتأملوا هذا الحديث

    ماتصدق احد بصدقة من طيب ولايقبل الله الا الطيب الا اخذها (الرحمن بيمينه ) وان كانت تمرة فتربوا فى(كف الرحمن)

    اثبتم اليد على حقيقتها فى قوله تعالى يد الله فوق ايديهم فهل تأخذون بظاهر الحديث السابق ايضا فظاهره ان كف المتصدق فوق يد الرحمن

    وهل ثبت وصح عن احد من القرون الثلاثة التى تزعمون اتباعهم هل ورد عن احدهم فى الاثبات لفظ (بذاته )او لفظ (على حقيقته) وهما اللفظان اللذان تقرنوهما مع الاخذ بالظاهر ؟

    اخوانى

    ماذا يقال لهذا المخالف ؟

  16. #16

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    أخي الكريم : راجع الرابط الذي أشرت به عليك وستلقى كفايتك -ان شاء الله-وان شئت فلتراجع شرح القواعد المثلى للفاضلة كاملة الكواري حفظها الله ففيه مناقشة جيدة لما تفضلت بايراده ..
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    153

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    ليس فى الرابط ردا على أسئلة المخالف وليس فيه ادلة عن القرون الخيرة انهم رددوا كلاما مثل (بذاته _ على حقيقته )

    على سبيل المثال لا الحصر قولكم
    له قدم حقيقية __ وكذا عين ويد الخ
    وهل تتكرمون بتخريج اثر ابن عباس الكرسى موضع القدمين ومن صححه من ائمة الحديث

    هذا سؤال المخالف

    اما سؤال العبد الفقير ابو معاذ هو كيف الحصول على الكتاب المشار اليه

    جزاكم الله خيرا

  18. #18

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومعاذالمصرى مشاهدة المشاركة
    ليس فى الرابط ردا على أسئلة المخالف وليس فيه ادلة عن القرون الخيرة انهم رددوا كلاما مثل (بذاته _ على حقيقته )

    على سبيل المثال لا الحصر قولكم
    له قدم حقيقية __ وكذا عين ويد الخ
    وهل تتكرمون بتخريج اثر ابن عباس الكرسى موضع القدمين ومن صححه من ائمة الحديث

    هذا سؤال المخالف

    اما سؤال العبد الفقير ابو معاذ هو كيف الحصول على الكتاب المشار اليه

    جزاكم الله خيرا
    أخي الكريم إن كان المخالف يبحث عن الدليل من الكتاب والسنة فقد تقدم في الرابط المشار إليه سوق أدلة أهل السنة في إثبات العلو ومناقشة شبهات النفاة والتي يبدوا أن صاحبك لم يكلف نفسه عناء قراءتها وخذ على سبيل المثال قول الشيخ -حفظه الله-
    (( ....في مبحث العلو اعترض النفاة على الأدلة التي استدل بها أهل السنة والجماعة على علو الله على خلقه، وهي كما سبق أربعة عشر نوعا من الأدلة اعترض نفاة العلو على الأدلة العقلية التي تثبت علو الله على خلقه بذاته، وتأولوها بأن المراد بها علو وفوقية القدر والعظمة والشأن وعلو وفوقية القهر والغلبة والسلطان، تأولوها بأنها بأن المراد بها علو وفوقية القهر، علو وفوقية القدر والعظمة والشأن والخيرية والأفضلية وفوقية القهر والغلبة والسلطان لأن النفاة يثبتون هذين النوعين من العلو، وهو علو القهر وعلو القدر، والخلاف بينهم وبين أهل السنة في علو الذات قالوا: فمعنى قوله سبحانه: فَوْقَ عِبَادِهِ خير من عباده وأفضل، ومعنى كونه فوق العرش، خير من العرش وأفضل، قالوا: ونظير ذلك قول العرب: الأمير فوق الوزير، والدينار فوق الدرهم، والذهب فوق الفضة، قالوا: هذا يدل على أن المراد بالفوقية الخيرية الأمير فوق الوزير، يعني في الرتبة، والدينار فوق الدرهم، والذهب فوق الفضة في الرتبة، وليس المراد أن ذاك فوق ذاك.

    أجاب أهل الحق أن هذا الاعتراض بأجوبة:

    الجواب الأول: أن صرف الفوقية إلى فوقية الرتبة، أو إلى فوقية القهر، حمل حمل على المجاز حمل للفظ على مجازه، وهذا خلاف الأصل، إذ الأصل الحقيقة وحقيقة الفوقية علو ذات الشيء على غيره، والمجاز على خلاف الأصل؛ لأنه خلاف الظاهر، فلا يقبل إلا بدليل يخرجه عن حقيقته، كما في قوله تعالى حكاية عن فرعون أنه قال: وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ فهذه فوقية قهر وغلبة؛ لأنه قد علم أنهم جميعا مستقرون على الأرض، ولا يلزم مثل ذلك في قوله تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ إذ قد علم بالضرورة أنه وعباده ليسوا مستوين في مكان واحد، حتى تكون فوقية قهر وغلبة.

    الجواب الثاني: أن تفضيل الله -سبحانه- على أحد من خلقه لم يذكر في القرآن ابتداء، وإنما ورد ذلك في سياق الرد على من اتخذ ذلك الشيء ندا لله -تعالى-، وعبده معه، وأشركه في إلهيته، فبين الله -سبحانه- أنه خير من تلك الآلهة، وذلك الند كقوله -تعالى-: آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ وقوله سبحانه: أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ وقوله حكاية عن سحرة فرعون: إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى وقوله: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وذلك لأنه يحسن في الاحتجاج على المنكر وإلزامه من الخطاب الداحض لحجته ما لا يحسن في سياق غيره، وهذا أمر واضح لا ينكره إلا غبي.

    الجواب الثالث: أن تأويل الفوقية بالخيرية والأفضلية تأويل باطل، إن تأويل الفوقية والخيرية والأفضلية بهذه النصوص تأويل باطل تنفر منه العقول السليمة، وتشمئز منه القلوب الصحيحة، إذ ليس في ذلك تمجيد، ولا تعظيم ولا مدح، والرب -سبحانه- لم يتمدح في كتابه وعلى لسان رسوله ولا على لسان رسوله بأنه أفضل من العرش، وأن رتبته فوق رتبة العرش، وأنه خير من السماوات والعرش والكرسي، ولو تكلم أحد بمثل هذا الكلام في حق المخلوق لكان مستهجنا جدا، فلو قال شخص: الشمس أضوء من السراج، والسماء أكبر من الرغيف، أو أعلى من سقف الدار، والجبل أثقل من الحصى، ورسول الله أفضل من اليهود لعد ذلك من ساقط القول، بل هو من أرذل الكلام وأسمجه وأهجنه لما فيه من التنقص، كما قيل في المثل السائر

    ألـم تـر أن السـيف ينقـص قدره .. إذا قيل يوما هو أمضى من العصا


    وإنما يصح أن يقال هذا المعنى في حق المتقاربين في المنزلة، وأحدهما أفضل من الآخر، وإذا كان يقبح كل القبح أن تقول: الجوهر فوق قشر البصل، ويضحك من ذلك العقلاء للتفاوت العظيم الذي بينهما فالتفاوت بين الخالق والمخلوق أعظم وأعظم.

    الجواب الثالث: أن الله أثبت لنفسه الفوقية المطلقة، وهي تشمل فوقية الذات وفوقية القدر وفوقية القهر، فمن أثبت البعض ونفى البعض، فقد جحد ما أثبته الله لنفسه، وتنقصه ولا يلزم من إثبات فوقية الله بذاته على كل شيء على السماء وعلى العرش، أن يكون هناك شيء يحويه أو يحصره أو يكون محلا له أو وعاء أو ظرفا، تعالى الله عن ذلك، بل هو -سبحانه - فوق كل شيء، وهو عال على كل شيء، وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق، وكل شيء مفتقر إليه، وهو الحامل بقوته وقدرته للعرش ولحملة العرش، وهو اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا . ))

    فهل يقال بأن الرابط لم يحوي الجواب ؟!!
    والرابط ملئ بالأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
    أما عما أسميته أدلة عن القرون الخيرة ورغم أن العبارة غامضة نوعا ما إلا أني أتصور بأنك تبحث عن أقوال للصحابة والتابعين والعلماء المتقدمين وعليه وإذا حملنا قولك على هذا المعنى أمكنني بفضل الله إرشادك -إن شئت- إلى مقال في المجلس يحوي إجماعات العلماء في هذه المسألة أي إثبات حقائق الصفات على ما يليق بجلال الله وهي مشاركة لأحد أفاضل طلاب العلم
    وباقي إشكالاته مردود عليها في الكتاب الذي أشرت به عليك
    وإليك رابطه :

    http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=116

    ختاما أحب تنبيهك إلى أن المجلس لا يسمح بالمناظرات بل إذا كان لك إشكال فلتحسن عرضه على المشايخ الكرام وستلقى جوابك بإذن الله كما أن الحوار- لو تم - لا يمكن أن يسير بهذه الطريقة بل لا بد من تحديد منهجية نتفق عليها ومن ثم يمكننا معالجة الخلاف خطوة خطوة وهذا ما لا يمكن لمثلي إفادتك فيه إذ أنا مستفيد مثلك فأرجوا أن تقبل عذري وحسبك من أخيك ما تقدم
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    547

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    يقول الشيخ يوسف الغفيص شارحا للفتوى الحموية لإبن تيمية رحمه الله :

    [وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه) ونحو ذلك، فإن هذا غلط؛ وذلك أن الله معنا حقيقةً، وهو فوق العرش حقيقةً كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ (الحديد:4].

    لفظة حقيقة هذه لم ترد في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام الصحابة، وإنما وقعت في كلام أهل السنة والجماعة كثيراً لما شاع من يطلق ظواهر الألفاظ ويقول: إنها من باب المجاز. فقوله: معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة نفي لمجاز المعية ونفي لمجاز العلو، أي: أن المعية والعلو كليهما مقول بالحقيقة، وهما صفتان تليقان بذات الله على معناهما اللائق به؛ ولهذا فرق بين قولك: إن الله معنا حقيقة، وبين ما قد يُطلق فيقول: إن الله معنا بذاته؛ فالمعية الذاتية لم يطلقها أحد من السلف ولا من أهل السنة الكبار كـشيخ الإسلام وأمثاله، إنما الذي وقع في كلام شيخ الإسلام وبعض علماء السنة أن الله معنا حقيقة، وكلمة حقيقة نفي لطريقة كثير من أهل الكلام أن المعية معية مجازية، فمن هذا الوجه كان هذا الحرف مناسباً. ......


    إثبات صفة المعية لا يستلزم الحلول والمقارنة الذاتية:

    [يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الحديد:4] فأخبره أنه فوق العرش يعلم كل شيء، فهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: (والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه). محل الإشكال بين صفة العلو وصفة المعية: أن طائفةً ظنوا أن المعية تستلزم الحلول والمقارنة الذاتية، ومن هنا ظن من ظن من المتكلمين وأتباعهم أنه وقع في كلام السلف شيء من التأويل في صفة المعية، ومن هنا انغلق الجواب عن هذا المقام في كلام كثير، حتى قال من قال منهم: إن المعية مقولة بالمجاز وليست مقولة بالحقيقة. والصحيح أن مذهب السلف رحمهم الله. وهو الذي عليه الكبار من أهل السنة والجماعة -أن هذه الصفة مقولة بالحقيقة، وأنها لا تستلزم الحلول والمقارنة الذاتية. وننبه هنا إلى ضرورة التفريق بين مقامين لمعرفة معنى أي كلمة: الأول: مقام الإفراد. الثاني: مقام السياق. أي: بين اللفظ المفرد وبين اللفظ المركب في سياق معين -أي:مركب مع ألفاظ أخرى-. فأنت إذا أخذت كلمة مع فهي لفظ مثبت، ومدلول المعية هو المصاحبة والمقارنة، لكن هذه المصاحبة والمقارنة لم تضف ولم تخصص؛ لأن التفسير الآن للفظ المجرد عن الإضافة والتخصيص والتركيب اللفظي. إما إذا وقعت في سياق فقيل: زيد مع عمر، فهذا السياق يكون بحسبه، قد تكون المعية مصاحبةً ذاتية، وقد تكون مصاحبةً علمية، وقد تكون مصاحبة بالنصر والتأييد، وقد تكون مصاحبة بالنسب.. وهلم جرا. فهي مصاحبة لكن المصاحبة متعددة؛ ولهذا إذا قيل: قال السلطان: أنا مع الرعية. فهذا سياق عربي صحيح، ولا يفهم من ذلك ولا يقع في خلد أحد من عقلاء بني آدم أنه معهم بذاته، ولا أنه معهم حتى بعلمه، وإنما أنه معهم بعنايته ونصره ودفاعه عنهم.. إلخ. إذاً: المصاحبة ليست هي المصاحبة الذاتية فقط. فمن تحقق له هذا المعنى زال عنه الإشكال في مسألة المعية زوالاً تاماً: أنه فرق بين اللفظ المجرداً واللفظ المركب في السياق. فهل هذه المصاحبة مصاحبة ذاتية أو علمية أو مصاحبة نصر وتأييد.. إلخ؟ يقال: هذا بحسب السياق، فلما جاءت المعية مضافةً إلى الله امتنع أن تكون معيةً ذاتية حلولية؛ لأن الله بائن عن خلقه؛ ولأن هذا المعنى نقص محض. إذاً فسر السياق القرآني الذي جاء في ذكر المعية بحسب المعنى المناسب له في سياق العرب وكلامهم، ومن قال: إن هذا من باب التأويل أو أن السلف تأولوا المعية.. فهذا مبني على أن المعية تستلزم الحلول والذاتية، وهذا إثباته دونه خرط القتاد لغة وشرعاً وعقلاً، فإنه لا يوجد في لسان العرب ولا في الشرع ولا في العقل أن المعية إذا أطلقت لزم منها الحلول والمصاحبة الذاتية. فإذا كان هذا ليس لازماً بين المخلوقات أنفسها فبين الخالق والمخلوق من باب أولى؛ ولهذا يمتنع أن يقال: ظاهر نصوص المعية أن الله معنا بذاته ولكنا نأولها إلى المعنى اللائق به، بل يقال: ظاهرها أن الله معنا بعلمه أو معنا بنصره وتأييده؛ وليس في ظاهر القرآن ما هو من الباطل الذي يصار إلى نفيه؛ فإن القرآن ظاهره الحق ولا شك، وليس له باطن يخالف الظاهر. وهذا التقسيم -الظاهر والباطن- في نصوص الصفات تقسيم شائع عند طائفة من المتكلمين، لكنهم لا يقابلون الظاهر بالباطن، وإنما يقابلون الظاهر بالمجاز أو نحوه، فلما جاء الباطنية أطلقوا الظاهر والباطن، وجعلوا ما يقابل الظاهر وهو الباطن؛ ولهذا هو ليس من الاصطلاحات الفاضلة. ......

    معنى كلمة مع في اللغة :

    قال ابن تيمية رحمه الله :
    [وذلك أن كلمة مع في اللغة إذا أطلقت].

    الشرح : إذا أطلقت : أي جردت عن الإضافة والتخصيص فقيل: مع أو: المعية.. فمعنى هذه الكلمة مطلق المصاحبة والمقارنة.

    قال ابن تيمية رحمه الله :
    [فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال].

    الشرح : من غير وجوب يعني: من غير لزوم، وإن كانت المعية تارة يقصد بها: المقارنة الذاتية، كما إذا قيل: عقلي معي. فهو مقارن لك مقارنة ذاتية حلولية، فقول المصنف هنا: من غير وجوب. أي: هو نفي للوجوب، ولا يعني نفي الوجوب نفي الإمكان.

    قال ابن تيمية رحمه الله : [فإذا قيدت بمعنىً من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى].

    الشرح: أي: أنه إذا كانت مجردة ثم أدخلت في سياق، فإن السياق هو الذي يدل على معنى المصاحبة والمقارنة التي تدل عليها المعية، سواء كانت مصاحبة علمية، أو مصاحبة ذاتية، أو مصاحبة نصر وتأييد... أو نحو ذلك؛ ففي المعية العلمية لا بأس أن يقال: معنا بعلمه. أي أنها مصاحبة علم من حيث التفسير، وإن كان الملتزم هو اللفظ القرآني؛ لأن عندنا قاعدة: أنه لا ينتقل إلى لفظ مرادف ليس فيه غرض إلا المرادفة، ويترك اللفظ الذي عبر به في النص، فخير من قولك: مصاحبة علمية، أن تقول: معية علمية؛ لأن لفظ المعية هو اللفظ الشرعي.

    قال ابن تيمية رحمه الله : [فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو النجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي].

    الشرح: ما زلنا نسير والقمر معنا هذه معية ومصاحبة إبصار، فالعرب تقول: ما زلنا نسير والقمر معنا.. فهل لزم من تلك المعية الحلول والذاتية بينهم وبين القمر؟ الجواب: لا، فهل القضية قضية مصاحبة علمية فهم يعلمون القمر والقمر يعلمهم؟ الجواب: لا، إنما المقصود معية الإبصار، فإذا وقع ذلك بين المخلوقات أنفسها ولم يلزم من ذلك الحلول والذاتية ولم يحتج الكلام إلى التأويل فمن باب أولى إذا كان في كلام الله المضاف إلى نفسه. أي: أننا في قول العرب: ما زلنا نسير والقمر معنا لم نحتج فيه إلى التأويل، فإنه لا أحد يقول: إن ظاهره أن القمر مع العرب، أي: بين يديهم ومعهم حال فيهم، وأن هذا هو المعنى الظاهر، وهو الحقيقة، وأن المجاز أنهم يبصرونه. وهذا يدل على أن لفظ المعية ليس له علاقة بمسألة المجاز بوجه من الوجوه.

    قال ابن تيمية رحمه الله : [ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك؛ وإن كان فوق رأسك، فالله مع خلقه حقيقة، وهو فوق عرشه حقيقة].

    الشرح: أي: أنه لا تعارض بين المعنيين، ولو قيل: إن المعية هي الحلول والذاتية؛ قيل: هذا التحصيل حكم لا بد له من موجب، وهذا الموجب إما أن يكون اللغة أو العقل أو الشرع، والعقل والشرع لا يدلان عليه، واللغة كذلك عند التحقيق، فإن العرب تقول: ما زلنا نسير والقمر معنا. وهذا بدهي لا يحتاج إلى تأويل.


    قال ابن تيمية رحمه الله :
    [فمثل هذه الألفاظ يسميها بعض الناس مشكِكةً، لتشكك المستمع فيها هل هي من قبيل الأسماء المتواطئة أو من قبيل المشتركة في اللفظ فقط، والمحققون يعلمون أنها ليست خارجة عن جنس المتواطئة، إذ واضع اللغة إنما وضع اللفظ بإزاء القدر المشترك، وإن كانت نوعاً مختصاً من المتواطئة فلا بأس بتخصيصها بلفظ. ومن علم أن المعية تضاف إلى كل نوع من أنواع المخلوقات كإضافة الربوبية مثلاً، وأن الاستواء على الشيء ليس إلا للعرش، وأن الله يوصف بالعلو والفوقية الحقيقية، لا يوصف بالسفول ولا بالتحتية قط لا حقيقةً ولا مجازاً؛ علم أن القرآن على ما هو عليه من غير تحريف].

    الشرح:

    أي: أن القرآن على ما هو عليه من غير تأويل في مسألة العلو ومسألة المعية، وقد تقدم أن الفاضل في المناظرة أنه إذا كان النافي ينفي شيئاً من الصفات ألا يسلم له أن يستعمل الألفاظ المجملة المشتركة، فمن ينفي العلو ويقول: إن الله ليس في جهة. يقال له: أخبرنا عن العلو والفوقية؟ فإن قال: إن الله ليس علياً ولا فوق العالم فإنه يكون أتى على المخالفة الصريحة لما في الكتاب والسنة؛ لأن الله قال: سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]وقال في كتابه:]يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل:50]وأمثال ذلك؛ ولهذا بعض المتأخرين ممن قصدوا مذهب أهل السنة جمعوا بين إثبات اللفظ الشرعي الثابت فقالوا: إن الله هو العلي الأعلى، وأنه فوق خلقه بائن عنهم، وأنه ليس في جهة. فقولهم: ليس في جهة، بقية بقيت عليهم من مذهب المخالفين، وحينما نقول: إنها بقية بقيت عليهم من مذهب المخالفين فإننا لا نقصد أن الحق أن يقولوا: إن الله في جهة؛ لأن هذا الحرف باستعمال المستعملين له صار لفظاً مجملاً، وإنما يلتزم اللفظ الشرعي. أما لفظ الجهة فهو لفظ مجمل حادث يفصل في معناه: فإن كان معنىً صواباً قبل، وإن كان غير صواب رد، واللفظ من حيث هو يتوقف فيه، فلا يطلق إثباتاً ولا نفياً. ......


    ليس معنى أن الله سبحانه في السماء أن السماء تحويه



    قال ابن تيمية رحمه الله :[ثم من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب إن نقله عن غيره، وضال إن اعتقده في ربه].

    الشرح:

    فهو كاذب إن نقله عن غيره، وبخاصة إن نقله عن السلف. والمعتزلة والمتأخرون من الأشاعرة جمهور أدلتهم التي استدلوا بها من العقل على نفي ما سموه جهةً إنما يدل على نفي الجهة الوجودية -أي: الجهة المخلوقة- كقولهم: لو كان في جهة لكان معه غيرٌ قديم.. فهذا دليل على أنهم فهموا من الجهة الجهة المخلوقة، والله منزه عن الجهات المخلوقة، فإنه بائن عن خلقه فوق سماواته مستو على عرشه. فالمقصود: أنه لو قال قائل: بم نجيب عن أدلة المعتزلة ومتأخري الأشعرية في مسألة العلو؟ قيل: باختصار سائر أدلتهم فرع عن إثبات جهة وجودية مخلوقة -وهي السموات السبع أو جهة مخلوقة أياً كانت هذه الجهة- وأن الله فيها، كما يقال: إن الملائكة في السماء، وإن بني آدم في الأرض.. وهلم جرا، وهذا المعنى ليس محل نزاع عند أهل السنة؛ فإن أهل السنة يسلمون بذلك، بل يكفرون من زعم أن الله في جهة مخلوقة، ويكفرون من فسر السماء بالسموات السبع، أي: بمعنى أن الله فيها حال كما أن الملائكة فيها. وأما من فسر السماء بأنها السموات والله فوقها.. فهذا معنىً معروف.

    قال ابن تيمية رحمه الله:

    [وما سمعنا أحداً يفهم هذا من اللفظ، ولا رأينا أحداً نقله عن واحد، ولو سئل سائل المسلمين: هل تفهمون من قول الله ورسوله إن الله في السماء إن السماء تحويه؟ لبادر كل أحد منهم إلى أن يقول: هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا. وإذا كان الأمر هكذا: فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئاً محالاً لا يفهمه الناس منه، ثم يريد أن يتأوله. بل عند الناس أن الله في السماء وهو على العرش واحد، إذ السماء إنما يراد به العلو، فالمعنى: أن الله في العلو لا في السفل، وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وتعالى وسع السماوات والأرض، وأن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وأن العرش خلق من مخلوقات الله لا نسبة له إلى قدرة الله وعظمته، فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقاً يحصره ويحويه؟!]

    الشرح:

    فإذا كان الله أخبر عن كرسيه أنه: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا [البقرة:255] فكيف يتوهم أن الله سبحانه وتعالى حال في السموات السبع أو غيرها؟! [وقد قال سبحانه: وَلأصَلِّبَنَّك ُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ[طه:71]وقال: فَسِيرُوا فِي الأَرْض [آل عمران:137]بمعنى: على ونحو ذلك]. مقصوده: أن قوله سبحانه:أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16]أنه لن يقال: إن ظاهره الحلول في السموات؛ لأن حروف الجر -كما هو معروف عند أهل اللغة- يدخلها التناوب كثيراً، كما في قوله تعالى: وَلأصَلِّبَنَّك ُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71]فليس المقصود هنا بحرف الجر في الظرفية والحلول وإنما عليها، وهذا تستعمله العرب في كلامها بحسب المقصود، فإنهم تارةً يصرحون بالحرف المناسب لهذا السياق، وتارةً يذكرون حرفاً آخر ليس أصله له ولكن لمعنى يناسب. وهذا يستخدم كذلك في مسائل التعدية واللزوم، فإن الفعل المتعدي بنفسه قد يعطى حكم الفعل اللازم من حيث اللغة؛ لأنه ضُمِّن معناه؛ ومثال هذا قوله تعالى: فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ [النور:63]مع أن الفعل خالف فعل متعد بنفسه، حيث يقال: خالف زيدٌ عمراً، لكن في هذا السياق: فليحذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ [النور:63]عدي الفعل بعن، ولم يقل: فليحذر الذين يخالفون أمره، وذلك لأنه أُعطي حكم الفعل اللازم فعدي تعديته؛ لأنه ضمن معناه؛ وأقرب فعل يناسب السياق هو الفعل أعرض ؛ أي أن الفعل خالف ضمن معنى الفعل أعرض ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله في تفسير قوله تعالى: فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النور:63]قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك؛ لعله إذا رد بعض قول النبي صلى الله عليه وسلم أن يقع في قلبه شيء من الزلل فيهلك . ولهذا: ليس كل من خالف الشرع يستحق هذا الوعيد المذكور في هذا السياق؛ لأن المخالفة قد تقع بطريقة الجهل، وظلم النفس الذي يتوب العبد منه ويستغفر، وإنما هذه الفتنة المتوعد بها في السياق تقع لمن أعرض، قال: فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]أي: يعرضون عن أمره. ......

    بارك الله فيكم للإستزادة يمكنكم الإستعانة بشرح الشيخ يوسف الغفيص للفتوى الحموية وتجدونها مسموعة ومقرؤة على تسجيلات الشبكة الإسلامية وفيه النفع بإذن الله ..جزى الله من دلني عليه خير الجزاء ورفع قدره في عليين ..
    الذنوب جراحات ورُب جرح وقع في مقتل وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله وأبعد القلوب من الله القلب القاسي

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    153

    افتراضي رد: حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) : هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة !؟

    العاصمى من الجزائر
    لماذا هذا الانفعال اخى الكريم وتتحدث وكأنك صاحب الموقع ثم تلمح اننى انا المخالف
    اسمع ياالعاصمى
    محدثك يرتقى المنابر منذ عشرين سنة قضيت معظمها بفضل الله منافحا عن السنة ومنطقتنا تعج بالقبوريين وكم دخلت فى مواجهات وخرجت منها منتصرا بفضل الله
    لقد ولدت من رحم السلفية ورضعت التوحيد وخضت معارك ادى بعضها الى هجر بعض الاقارب لى
    ولكنى احببت ان ابين لك اننا لسنا وحدنا فى هذا العالم فحولنا خصوم كثيرين فلايحسن ان يجيد المرء الحديث عما يعتقده ويتجاهل شبهات الآخرين فحين كتبت على لسان آخر مخالف ماكان ينبغى لك ان تتصدى للرد طالما لاتحسن الا الاحالة على الروابط
    وقد كنت انوى ان ارد انا على هذه الترهات لكن كفتنى الأخت الحافظة زادها الله علما فلم يضيق صدرها لان ضيق الصدر بالمخالف اعتراف بالعجز وقلة الحيلة وليس هذا من شيم اهل الحق
    هدانا الله واياك

    الاخت الحافظة
    جزاك الله خيرا ونفع بك وثبتك على الهدى

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •