_ 1 _

س : ما حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية ؟ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية ، فقد كثر الجدل حول هذه المسائل؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ، وبعد :

ج : إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى : سورة الأنبياء الآية 30 { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَ ا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءا منها ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حارا ، وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس . إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها .

وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى : سورة النمل الآية 88 { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } على دوران الأرض ، وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه وتخضع القرآن الكريم لما يسمونه نظريات علمية ، وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات .

وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها أصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة لما فيها من القول على الله بغير علم .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .



المصدر : اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء \ الفتوى رقم : 9247 \ ( الجزء رقم : 46 \ الصفحة رقم : 151) ..

عبد الله بن قعود
عبد الله بن غديان
عبد الرزاق عفيفي
عبد العزيز بن عبد الله بن باز


_ 2 _

سئل العلامة الشيخ : محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – (( هل يجوز تفسير القرآن الكريم بالنظريات الحديثة )) ؟


فأجاب بقوله : (( تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته ، وذلك أننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات ، ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها ، معنى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام ، أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون : (( إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك )) ، لكن أعداء المسلمين يتربصون به الدوائر ، ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ، ولندع هذا الأمر للواقع ، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول : (( القرآن قد أثبته )) ، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق والتدبر ، يقول الله عز وجل : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29 ، وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم ، ثم إنه قد يكون خطرا عظيما فادحا في تنزيل القرآن عليها ، وأضرب لهذا مثلا : قوله تعالى : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }الرحمن33 ، لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية ، ونزلها على ما حدث وقال : (( إن المراد بالسلطان العلم )) وأنهم بعلمهم نفذوا من أقطار الأرض ، وتعدوا الجاذبية ، وهذا خطأ ، ولا يجوز أن يفسر القرآن به وذلك لأنك إذ فسرت القرآن بمعنى ، فمقتضى ذلك أنك شهدت بأن الله أراده ، وهذه شهادة عظيمة ستسأل عنها ، ومن تدبر وجد أن هذا التفسير باطل ، لأن الآية سيقت في بيان أحوال الناس ، وما يئول إليه أمرهم ، اقرأ سورة الرحمن تجد أن هذه الآية ذكرت بعد قوله تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ {26} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ {27} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ {28} .

فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السماوات ؟

الجواب : لا ، والله يقول : { إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } الآية .

ثانيا : هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس ؟

لا ، إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء ونقول : (( إن وصول هؤلاء إلى ما وصلوا إليه ، هو من العلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم ، أما أن نحرف القرآن لنخضعه للدلالة على هذا ، فهذا ليس بصحيح ولا يجوز )) .


المصدر : (( كتاب العلم – ص : 142 – 143 )) ..


_ 3 _

قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله - في كتابه الخطب المنبرية /ج/2/268/ طبعة مؤسسة الرسالة في أثناء الخطبة التي بعنوان " الحث على تعلم العلم النافع :

(( ... بل بلغ الأمر ببعضهم أن يفسر القرآن بالنظريات الحديثة ومنجزات الَّتقنية المعاصرة ويعتبر هذا فخراً للقرآن حيث وافق في رأيه هذه النظريات ويسمي هذا " الإعجاز العلمي " وهذا خطأ كبير لأنه لا يجوز تفسير القرآن بمثل هذه النظريات والأفكار لأنها تتغير و تتناقض ويكذب بعضها بعضا والقرآن حق ومعانيه حق لا تناقض فيه ولا تغير في معانيه مع مرور الزمن أما أفكار البشر ومعلوماتهم فهي قابلة للخطأ والصواب، وخطؤها أكثر من صوابها وكم من نظرية مسلمة اليوم تحدث نظرية تكذبها غدا فلا يجوز أن تربط القرآن بنظريات البشر وعلومهم الظنية والوهمية المتضاربة المتناقضة.

و تفسير القرآن الكريم له قواعد معروفة لدى علماء الشريعة لا يجوز تجاوزها وتفسير القرآن بغير مقتضاها وهذه القواعد هي :

أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في موضع منه فُصِّل في موضع آخر، وما أطلق في موضع قيد في موضع، وما لم يوجد في القرآن تفسيره فإنه يفسر بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن السنة شارحة للقرآن ومبينة له قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } النحل ـ 44/.

وما لم يوجد تفسيره في السنة فإنه يُرجع فيه إلى تفسير الصحابة لأنهم أدرى بذلك لمصاحبتهم رسول الله صلى الله عليه وعل آله وسلم وتعلمهم على يديه وتلقيهم القرآن وتفسيره منه حتى قال أحدهم: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نعرف معانيهن والعمل بهن.

وما لم يوجد له تفسير عن الصحابة فكثير من الأئمة يرجع فيه إلى قول التابعين لتلقيهم العلم عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتعلمهم القرآن ومعانيه على أيديهم فما أجمعوا عليه فهو حجة وما اختلفوا فيه فإنه يرجع فيه إلى لغة العرب التي نزل بها القرآن.

وتفسير القرآن بغير هذه الأنواع الأربعة لا يجوز، فتفسيره بالنظريات الحديثة من أقوال الأطباء والجغرافيين والفلكيين وأصحاب المركبات الفضائية باطل لا يجوز لأن هذا تفسير للقرآن بالرأي وهو حرام شديد التحريم لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار" رواه ابن جرير والترمذي والنسائي و في لفظ " من قال في كتاب الله فأصاب فقد أخطأ ". انتهى المراد.

http://www.alburaie.com/new/index.ph...406a0e5e4b1f2a


السلفية النجدية ..