تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: التفريق بين قولهم في الراوي : " منكر الحديث " ، وبين قولهم : " في أحاديثه مناكير "

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    35

    افتراضي التفريق بين قولهم في الراوي : " منكر الحديث " ، وبين قولهم : " في أحاديثه مناكير "

    التفريق بين قولهم في الراوي : " منكر الحديث " ، وبين قولهم : " في أحاديثه مناكير "
    من مصطلحات وألفاظ الجرح والتعديل المشتهرة في هذا الباب قولهم : " منكر الحديث " أو " حديثه منكر " ، أو " له مناكير " أو " روى المناكير " أو " في حديثه نكاره " .
    فهذه ألفاظ قد يضنها البعض أنها تصب في معنى واحد ، وهو الجرح ، فمن وصف بذلك فيطرح هو وحديثه .
    لكن عند التأمل في هذه الألفاظ ، ومن قيلت فيه ، وفي أحاديثهم ، وكذا في مراد القائل يتضح أن هناك فرق بين هذه الألفاظ ، وهذا ما سوف يظهر في هذه الأسطر ، وذلك بعد ذكر تمهيد يكون مدخلاً مناسباً لهذا المبحث :
    فأقول مستعيناً بالله :
    من مهام ألفاظ الجرح والتعديل معرفة ضوابط النظر في تلك الألفاظ قبل تنزيلها على الواقع ، والخروج بالنتيجة التي بنيت على هذه الألفاظ .
    ولأهمية هذه الضوابط اعتناء بها جمع من العلماء تحريراً وتطبيقاً .
    فمن ذلك أبو الوليد الباجي في مقدمة كتابه " التعديل والتجريح " .
    وقد حاز السبق في ذلك الذهبي ، وابن حجر ، فلهما عناية فائقة في هذا الجانب .
    ومن المعاصرين فضيلة الدكتور عبد العزيز العبد اللطيف في كتابه " ضوابط الجرح والتعديل " .
    والدكتور أحمد معبد في كتابه " ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل بين الإفراد والتكرير والتركيب " .
    وفضيلة الدكتور إبراهيم اللاحم في كتابه " الجرح والتعديل " .
    ومن الكتب في هذا الجانب " شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل " لأبي الحسن مصطفى بن إسماعيل . وطبع منه الجزء الأول ، ولا أعلم هل طبع بقية الكتاب أم لا ؟
    فنرجو من المشايخ أن يسعفونا بأخبار هذا الكتاب ؟
    وأبرز هذه الضوابط :
    1ـ ثبوت النص عمن نسب إليه .
    مثال ذلك : سعيد بن خالد بن عبد الله بن قارظ القارظي الكناني المدني ، نقل عن النسائي أنه ضعف ، قال ابن حجر : وقال النسائي في " الجرح والتعديل " ثقة فينظر في أين قال : إنه ضعيف . " تهذيب التهذيب " (4/18 ) .
    2ـ سلامة النص ، فقد يعتري النص من خلال مسيرته ، وتنقلاته شيء من التغير ، ويكثر ذلك عند حكاية معنى النص ، أو الاقتصار على بعضه .
    قائل النص ، فالنقاد الذي نقل عنهم الكلام في الرجال جرحاً وتعديلاً ، ليسو على درجة واحدة ، فمنهم المتشدد ، والمتساهل ، وكذا النظر في القائل هل هو من أهل أصحاب الحديث ، ومن النقاد المعتبرين ، وليس من أصحاب هذا الشأن .
    4ـ دلاله النص ، فكم من نص وضع في غير موضعه ، فدلالته على غير ما سيق له . وأكثر ما ينتج هذا من خلل في فهم النص .
    ولمزيد من هذه الضوابط الرجوع للكتب سالفة الذكر لاسيما كتاب فضيلة الدكتور إبراهيم اللاحم " الجرح والتعديل " (ص 305ـ 422) .
    فكثير ما يقع الخلل في هذه الضوابط إذا نقل النص من غير مصدره لاسيما إذا كان في إشكال ، فينقل كلام عن أحد النقاد كأحمد بن حنبل ، وابن عدي من مصادر وإن كانت معتمدة كالتهذيب للمزي ، لكن عند الرجوع إلى المصدر الأصلي نجد بينهما فرق ظاهر ، فلا بد من الرجوع إلى المصدر الأساسي للقول ، فقد يكون وقع وهم من الناقل لكلام الناقد .
    فمن مهام الباحث أن يمعن النظر في نصوص النقاد المنقولة عنهم ، ويكثر من عملية السبر والمقارنة إلى يتحقق من سلامة النص فيضعه في موضعه المناسب دون زيادة أو نقصاناً .
    وكذلك الباحث أن يفهم نصوص النقاد وينزلها على أساس مصطلحاتهم هم لا على أساس أمر آخر كالرجوع بها إلى اللغة ، مستعيناً بذلك بقرائن الأحوال ، وتقليب النص عدة مرات ليحصل الإطمئنان للمعنى الذي أريد منه .
    فبعض المصطلحات تختلف من إمام إلى إمام آخر كالمصطلح الذي نحن بصدد الحديث عنه.
    بعد هذا المدخل المختصر نشرع فيما أردنا الحديث عنه :
    قال ابن دقيق العيد : في قولهم روى مناكير لا يقتضي بمجرده ترك روايته حتى تكثر المناكير في روايته وينتهي إلى أن يقال فيه : منكر الحديث ؛ لان منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه والعبارة الأحرى لا تقتضي الديمومة( 1).
    وقال ـ أيضاً ـ : فرق بين أن يقول : روى أحاديث مُنُكرةَ ، وبين أن يقول : إنه منكر الحديث ؛ فإن هذه تقتضي كثرة ذلك منه حتى تصير وصفاً له ، فيستحق بها أن لا يُجْتجّ بحديثه عندهم .
    أما العبارة الأولى : فتقتضي وجود النكرة في أحاديث ، ولا تقتضي كثرة ذلك .
    ومثل بذلك ما قاله أحمد بن حنبل في محمد بن إبراهيم التيمي ؛ حيث قال : في حديثه شيء يروي أحاديث مناكير ومُنْكَرَة(2)، ومحمد مُتّفق على الاحتجاج بأحاديثه ، وإليه المرجع في حديث : " إنما الأعمال بالنيات "(3 ).
    وقال ابن القطان : وفرق عند المحدثين بأن يقولوا : " روى مناكير " أو " منكر الحديث " .
    " منكر الحديث " : هو الذي يقولونه لمن سقطت الثقة بما يروي ، لكثرة المنكرات على لسانه ، كالذي يشتهر فيما بيننا بِقلة التوقي فيما يحدث به ، وتتكرر فضيحته ، حتى يكون إذا سمعنا حديثاً منكراً نقول : فلان حدث به ؛ إلا لما قدم عَهْدنا من نكارة حديثه . فهذا عندهم هو الذي يطلقون عليه أنه : " منكر الحديث " ولا تحل الراواية عنه .
    أما الذي يقولون فيه : " عنده مناكير " أو روى أحاديث منكرة " فإنه رجل روى ما لا يعرفه غيره ، وحاله مع ذلك صالحة ، فهذا لا يضره الانفراد ؛ إلا أن يكثر بعد قبوله ... (4 ).
    قلت وقد يطلق ذلك على الثقة إذا روى المناكير عن الضعفاء
    قال الحاكم قلت للدارقطني فسليمان بن بنت شرحبيل قال ثقة قلت أليس عنده مناكير قال يحدث بها عن قوم ضعفاء
    ومن العبارات في ذلك قولهم : " فلان في حديثه بعض الإنكار ، أو في أحاديثه ما ينكر عليه " :
    وقد تكون هذه الأحاديث ليست منه إنما رواه فلحقه عتاب بذلك ، فلا تكون قادحة إلا إذا كانت عهدة هذه الأحاديث عليه :
    قال أحمد بن حنبل : أرجو أن لا يكون به بأس روى بآخره أحاديث منكرة ، وما أرى إلا أنها من قبل خصيف ـ ابن عبد الرحمن الجزري ـ وقال مرة : أحاديث عتاب عن خصيف منكرة(5 ).
    أما طريقة معرفة من تكون العهدة عليه في ذلك ؟
    فليس للباحث في ذلك إلا الطريق العلمي ، وهو جمع الطرق والروايات ، فإن كان في السند أحد الضعفاء ودلت القرائن على أنها من قبله ؛ كأن يتفرد بها عن شيخه ، أو أن حاله تدل على ذلك ، فتكون العهدة عليه ، أما إن توبع الراوي على هذه النكارة فتنتقل هذه العهدة منه ويتحملها شيخه(6 ).
    وممن يستعمل عبارة " منكر الحديث " البخاري .
    وبما أن البخاري امتاز باستعمال ألطف العبارات حتى عند إرادة الجرح ، فقد استعمله كثيراً عند جرح الراوي .
    ومعناها عند البخاري أن الراوي الذي وصف بذلك ، فهو ضعيف جداً .
    فقد ذكر ابن حجر أنه روى عن البخاري بسند صحيح قوله : " كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه " .
    ومما وصف البخاري بهذا الوصف أبان بن جبلة الكوفي(7 ).
    وكذا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي المدني .
    ومقتضى ذلك أن لا يحتج به ، ولا يعتبر به .
    وجاءت عن البخاري رواية أخرى بلفظ " كل ما قلت فيه منكر الحديث فلا يحل الاحتجاج به " .
    ومقتضى هذا أنه يعتبر به ، فيكون خفيف الضعف .
    وما قيل فيه ، فهو يعني عنده أنه متروك : إما ترك الاعتبار ، أو ترك الاحتجاج(8 ).
    قال الشيخ : أحمد بن عبد الكريم معبد على الرواية الثانية عن البخاري : لم أقف لهذه الرواية على سند إلى البخاري حتى ينظر فيه ، وقد أراد البقاعي أن يجمع بين الروايتين بحملها على عدم حِل الرواية للاحتجاج عمن وصفه البخاري بمنكر الحديث . لكن ابن حجر رجح الرواية الأولى التي تفيد شدة الضعف ، لصحة سندها(9 ).
    وقال أبو الحسنات اللكنوي : قلت فعليك يا من ينتفع من " ميزان الاعتدال " وغيره من كتب أسماء الرجال ألا تغتر بلفظ الإنكار الذي تجده منقولاً من أهل النقد في الأسفار بل يجب عليك أن تثبت وتفهم أن المنكر إذا أطلقه البخاري على الراوي فهو ممن لا تحل الرواية عنه ، وأما إذا أطلقه أحمد ومن يحذو حذوه فلا يلزم أن يكون الراوي ممن لا يحتج به .
    وأن تفرق بين " روى المناكير " ، أو " يروي المناكير " أو في " حديثه نكارة " ونحو ذلك وبين قولهم : " منكر الحديث " ونحو ذلك بأن العبارات الأولى لا تقدح الراوي قدحاً يعتد به والأخرى تجرحه جرحاً معتداً به(10 ).
    مثال لإطلاق أحمد بن حنبل لعبارة " منكر الحديث " :
    فقد قال يزيد بن عبد الله بن خصيفة الكندي المدني وقد ينسب إلى جده
    في رواية الآجري ، عن أبي داود : منكر الحديث(11 )، وقال في رواية الأثرم : ثقة ثقة .
    ووثقه أبو حاتم ، والنسائي ، وابن معين .
    قال ابن حجر وقول أحمد " منكر الحديث " هذه اللفظة يطلقها أحمد على من يغرب على أقرانه بالحديث ، عرف ذلك بالاستقراء من حاله . وقد احتج بابن خصيفة مالك والأئمة كلهم(12 ).
    ==============
    ( 1)ـ " شرح الإلمام " انظر " فتح المغيث " للسخاوي (1/373) ، و " الرفع والتكميل " (1/ 103) .
    (2)ـ " العلل ومعرفة الرجال " (1/566ت 1355) .
    (3)ـ " الإمام في معرفة أحاديث الأحكام " (2/178) .
    (4)ـ "النظر في أحكام النظر بحاسة البصر " (ص 395) ، و " الوهم والإيهام " (3/481) .
    (5)ـ " تهذيب التهذيب "( 7 / 83 ) .
    (6)ـ " شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل " (1/165) .
    (7)ـ " لسان الميزان - (1/ 220) .
    (8)ـ " فتح المغيث " (1/ 373) .
    (9)ـ " ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل بين الإفراد والتكرير والتركيب " (ص 267) .
    (10)ـ " الرفع والتكميل " (1/ 210) .
    (11)ـ هذه الرواية لم أقف عليها في المطبوع من سؤالات الآجري ، إلا أنها مشهورة عن أحمد نقلها أكثر من واحد كالمزي " تهذيب الكمال " (32/ 173) ، و الذهبي في "ميزان الاعتدال " (4/430) ، و" الكاشف " (2/385) ، وابن حجر في " تهذيب التهذيب " (11/ 297) ، وفي " مقدمة الفتح " (ص 435) . وقال د/ بشار عواد في تعليقه عل " تهذيب الكمال " هذا شيء لم يثبت عن أحمد ، فيما أرى والله أعلم ، فقد تقدم قول الأثرم عنه ، وفي" العلل " لابنه عبدالله، أنه قال : ما أعلم إلا خيرا (2/ 35) وهو توثيق واضح .
    (12)ـ " مقدمة الفتح " (ص 453) .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    656

    افتراضي رد: التفريق بين قولهم في الراوي : " منكر الحديث " ، وبين قولهم : " في أحاديثه مناكير

    جزاك الله خيراً ،
    وللفائدة : رسالة علمية للدكتور عبدالرحمن السلمي في الحديث المنكر عند نقاد الحديث ( دراسة نظرية وتطبيقية ) .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,469

    افتراضي رد: التفريق بين قولهم في الراوي : " منكر الحديث " ، وبين قولهم : " في أحاديثه مناكير

    بارك الله في جهودكم
    قال العلامة الأمين : العقيدة كالأساس والعمل كالسقف فالسقف اذا وجد أساسا ثبت عليه وإن لم يجد أساسا انهار

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    81

    افتراضي رد: التفريق بين قولهم في الراوي : " منكر الحديث " ، وبين قولهم : " في أحاديثه مناكير

    للفائدة :

    قام الشيخ الألباني رحمه الله بتفسير الكثير من مصطلحات الجرح والتعديل والمقارنة بينها في كتابه ( النصيحة ) .

    وهذا قلما تجده في كتاب من كتب الشيخ رحمه الله ، وقد تجده ولكنه متناثراً في كتبه الكثيرة .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    35

    افتراضي رد: التفريق بين قولهم في الراوي : " منكر الحديث " ، وبين قولهم : " في أحاديثه مناكير

    أشكر الأخوة على هذا المرور وهل رسالة الدكتور مطبوعة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •