الحــديث
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ قَالَ تَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي فَاجْتَبَذْتُهَ ا إِلَيَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ [رواه البخاري]


يا اخوان تأملوا هذا الحديث جيداً وتفكروا في فوائده


قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري:

وفي هذا الحديث من الفوائد التسبيح عند التعجب، ومعناه هنا كيف يخفى هذا الظاهر الذي لا يحتاج في فهمه إلى فكر‏؟‏ وفيه استحباب الكنايات فيما يتعلق بالعورات‏.‏

وفيه سؤال المرأة العالم عن أحوالها التي يحتشم منها، ولهذا كانت عائشة تقول في نساء الأنصار ‏"‏ لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين‏"‏‏.‏

كما أخرجه مسلم في بعض طرق هذا الحديث، وتقدم في العلم معلقا‏.‏

وفيه الاكتفاء بالتعريض والإشارة في الأمور المستهجنة، وتكرير الجواب لإفهام السائل، وإنما كرره مع كونها لم تفهمه أولا لأن الجواب به يؤخذ من إعراضه بوجهه عند قوله ‏"‏ توضئي ‏"‏ أي في المحل الذي يستحيي من مواجهة المرأة بالتصريح به، فاكتفى بلسان الحال عن لسان المقال، وفهمت عائشة رضي الله عنها ذلك عنه فتولت تعليمها‏.‏

وبوب عليه المصنف في الاعتصام ‏"‏ الأحكام التي تعرف بالدلائل‏"‏‏.‏

وفيه تفسير كلام العالم بحضرته لمن خفي عليه إذا عرف أن ذلك يعجبه‏.‏

وفيه الأخذ عن المفضول بحضرة الفاضل‏.‏

وفيه صحة العرض على المحدث إذا أقره ولو لم يقل عقبه نعم، وأنه لا يشترط في صحة التحمل فهم السامع لجميع ما يسمعه‏.‏

وفيه الرفق بالمتعلم وإقامة العذر لمن لا يفهم‏.‏

وفيه أن المرء مطلوب بستر عيوبه وإن كانت مما جبل عليها من جهة أمر المرأة بالتطيب لإزالة الرائحة الكريهة‏.‏

وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه وحيائه‏.‏ زاده الله شرفا‏.‏