تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 60

الموضوع: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    تواصل
    أخي العزيز سلمان : وجزاك المولى خيراً وبارك لنا ولك في الأعمار والأعمال .

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وَالقسمُ الثَّانِي([1]) : وهو الخَفِيُّ المُدَلَّسُ ؛ بفتحِ اللاَّمِ ، سُمِّي بذلك لكونِ الرَّاوي لم يُسَمِّ مَن حَدَّثَهُ ، وأَوهَمَ سماعَهُ للحَديثِ مِمَّن لم يُحَدِّثْهُ بهِ .
    واشْتِقاقُهُ مِن الدَّلَسِ – بالتَّحريكِ – وهو اختلاطُ الظَّلامِ [ بالنُّورِ ] ، سُمِّيَ بذلك لاشتراكِهِما [ في الخَفاءِ.
    ويَرِدُ المُدَلَّسُ بِصيغَةٍ مِن صيغِ الأداءِ تَحْتَمِلُ وقوعَ اللُّقِيَّ بينَ المُدَلِّسِ ومَن أَسنَدَ عنهُ كَعَن وَكذا قَاَلَ .
    ومتى وقَعَ بصيغةٍ صريحةٍ لا تَجَوُّزَ فيها ؛ كانَ كذِباً .
    وحُكْمُ مَن ثبتَ عنهُ التَّدليسُ إِذا كانَ عَدْلاً أَنْ لا يُقْبَلَ منهُ إِلاَّ ما صرَّحَ فيهِ بالتَّحديثِ على الأصحِّ ([2]).
    وكَذا المُرْسَلُ الخَفِيُّ إِذا صَدَرَ مِنْ مُعاصِرٍ لَمْ يَلْقَ مَن حَدَّثَ عنهُ ، بل بينَه وبينَه واسِطةٌ .
    والفَرْقُ بينَ المُدَلَّسِ والمُرْسَلِ الخفيِّ دقيقٌ حَصَلَ تحريرُه بما ذُكِرَ هنا :
    وهو أَنَّ التَّدليسَ يختصُّ بمَن روى عمَّن عُرِفَ لقاؤهُ إِيَّاهُ ، فأَمَّا إِن عاصَرَهُ ولم يُعْرَفْ أَنَّه لقِيَهُ ؛ فَهُو المُرْسَلُ الخَفِيُّ .
    ومَن أَدْخَلَ في تعريفِ التَّدليسِ المُعاصَرَةَ ، ولو بغيرِ لُقي ؛ لزِمَهُ دُخولُ المُرْسَلِ الخَفِيِّ في تعريفِهِ .
    والصَّوابُ التَّفرقةُ بينَهُما.
    ويدلُّ على أَنَّ اعتبارَ اللُّقي في التَّدليسِ دونَ المُعاصرةِ وحْدَها لابُدَّ منهُ إِطْباقُ أَهلِ العلمِ بالحديثِ على أَنَّ روايةَ المُخَضْرَمينَ كأَبي عُثمانَ النَّهْديِّ وقيسِ بنِ أَبي حازِمٍ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ مِن قبيلِ الإِرسالِ لا مِن قَبيلِ التَّدليسِ .
    ولو كانَ مجرَّدُ المُعاصرةِ يُكْتَفى [ بهِ ] في التَّدليسِ ؛ لكانَ هؤلاءِ مُدلِّسينَ لأنَّهْم عاصَروا النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ وسلَّمَ قطعاً ، ولكنْ لمْ يُعْرَفْ هل لَقُوهُ أَمْ لا؟
    وممَّن [ قالَ ] باشْتِراطِ اللِّقاءِ في التَّدليسِ الإِمامُ الشافعيُّ وأَبو بكرٍ البزَّارُ ، وكلامُ الخطيبِ في (( الكِفايةِ )) يقتَضيهِ ، وهُو المُعْتَمَدُ .([3])
    ويُعْرَفُ عدمُ المُلاقاةِ بإِخبارِهِ عنْ نفسِهِ بذلك ، أَو بجَزْمِ إِمامٍ مُطَّلعٍ .
    ولا يَكْفي أَنْ يَقَعَ في بعض الطُّرُقِ زيادةُُ راوٍ [ أَو أَكثرَ ] بينَهُما؛ لاحتمال أَنْ يكونَ مِن المزيدِ، ولا يُحْكَمُ في هذه الصُّورةِ بحُكْمٍ كُلِّيٍّ؛ لتَعارُضِ احتمالِ الاتِّصالِ والانْقِطاعِ.
    وقد صنَّفَ فيهِ الخَطيبُ كتابَ (( التَّفصيلِ لمُبْهَمِ المراسيلِ )) ، وكتاب (( المزيدِ في مُتَّصِلِ الأسانيدِ ))([4]) .
    و[ قد ] انْتَهَتْ هُنا (( حكم )) أَقسامُ حُكمِ السَّاقِطِ مِن الإِسنادِ.
    ثمَّ الطَّعْنُ يكونُ بعشرةِ أَشياءَ، بعضُها (( يكون )) أَشدُّ في القَدْحِ مِن بعضٍ، خمسةٌ منها تتعلَّقُ بالعدالَةِ،([5]) وخمسةٌ تتعلَّقُ بالضَّبْطِ.
    ولم يَحْصُلِ الاعتناءُ بتمييزِ أَحدِ القِسمينِ مِن الآخَرِ لمصلحةٍ اقْتَضَتْ ذلك، وهي ترتيبُها على الأشدِّ فالأشدِّ في موجَبِ الرَّدَِّ على سَبيلِ التَّدلِّي؛ لأنَّ الطَّعْنَ إِمَّا أَنْ يكونَ:
    لِكَذِبِ الرَّاوِي في الحديثِ النبويِّ بأَنْ يرويَ عنهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ما لمْ يَقُلْهُ متَعمِّداً لذلك.([6])
    أو تُهْمَتِهِ بذلكَ؛ بأَنْ لا يُرْوى ذلك الحديثُ إِلاَّ مِن جِهتِهِ، ويكونَ مُخالِفاً للقواعِدِ المعلومةِ، وكذا مَنْ عُرِفَ بالكذبِ في كلامِهِ، و [ إِنْ ] لم يَظْهَرْ منهُ وقوعُ ذلك في الحَديثِ النبويِّ، وهذا دُونَ الأوَّلِ.
    أَو فُحْشِ غَلَطِهِ ؛ أي : كَثْرَتِه .
    أَو غَفْلَتِهِ عن الإِتْقانِ .
    أَو فِسْقِهِ ؛ أي : بالفعلِ والقَوْلِ ممَّا لا يبلُغُ الكُفْرَ .
    [ و ] بينَهُ وبينَ الأوَّلِ عُمومٌ (( وخصوص مطلق )) ، وإِنَّما أُفْرِدَ الأوَّلُ لكونِ القَدْحِ بهِ أَشدَّ في هذا الفنِّ .
    وأَمَّا الفِسقُ بالمُعْتَقَدِ ؛ فسيأْتي بيانُه .
    أَو وَهَمِهِ بأَنْ يَرْوِيَ على سبيلِ التوهُّمِ .
    أَو مُخالَفَتِه ؛ أَي : للثِّقاتِ .
    أو جَهالَتِهِ ؛ (( أي )) بأَنْ لا يُعْرَفَ فيهِ تعديلٌ و [ لا ] تَجريحٌ [ مُعيَّنٌ ] .
    أَو بِدْعتِهِ ، وهي اعتقادُ ما أُحْدِثَ على خِلافِ المَعروفِ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، لا بِمعانَدَةٍ ، بل بنَوْعِ شبهةٍ.
    أَو سوءِ حِفْظهِ ، وهِيَ عبارةٌ عن أَنْ لا يكونَ غَلَطُهُ أَقلَّ مِن إِصابتِه.
    فـالقسمُ الأوَّلُ ، وهُو الطَّعْنُ [ بكَذِبِ ] الرَّاوي في الحَديثِ النبويِّ هو المَوضوعُ ، والحُكْمُ عليهِ بالوَضْعِ إِنَّما هُو بطريقِ الظَّنِّ الغالِبِ لا بالقَطْعِ ، إِذ [ قَدْ ] يَصْدُقُ الكَذوبُ ، لكنَّ لأهلِ العلمِ بالحديثِ مَلَكَةً قويَّةً يميِّزون بها (( بين )) ذلك ، وإِنَّما يقومُ بذلك منهُم مَن يكونُ إِطِّلاعُهُ تامّاً ، وذهْنُهُ ثاقِباً ، وفهمُهُ قويّاً ، ومعرِفتُهُ بالقرائنِ الدَّالَّةِ على ذلك متمَكِّنَةً .
    وقد يُعْرَفُ الوضعُ بإِقرارِ [ واضِعِه ] ، قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ (( رحمه الله )): لكنْ لا يُقْطَعُ بذلك ؛ لاحتمالِ أَنْ يكونَ كَذَبَ في ذلك الإِقرارِ أ.هـ
    وفهِمَ منهُ بعضُهم أَنَّهُ لا يُعْمَلُ بذلك الإِقرارِ أَصلاً ، وليسَ ذلكَ مرادَهُ ، وإِنَّما نفى القَطْعَ بذلك ، ولا يلزَمُ مِن نفيِ القَطْعِ نفيُ الحُكْمِ ؛ لأنَّ الحُكْمَ يقعُ بالظَّنِّ الغالِبِ ، وهُو هُنا كذلك ، ولولا ذلك لَما ساغَ قتْلُ المُقرِّ بالقتلِ ، ولا رَجْمُ المُعْتَرِفِ بالزِّنى ؛ لاحتمالِ أَنْ يكونا كاذِبَيْن فيما اعْتَرَفا به!([7])

    ([1]) فجر الأحد 7 / 5 / 1416 هـ

    ([2]) وهذا هو الصواب إذا ثبت التدليس وهو ثقة لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع مثل الأعمش وابن اسحاق وأبي الزبير .

    ([3]) الصواب ما قال المصنف في التفريق بين المدلس والمرسل الخفي .

    ([4]) يعني إذا روى عن شيخه بواسطة لا يقال هذا دليل على أنه مدلس لأنه قد يسمع من شيخه وقد يسمع من شيخه بواسطة فهذا يقال له المزيد في متصل الأسانيد فمثلاً فلان يروي عن شيخه ابن عباس وفي بعض الأحيان يروي عن بعض تلاميذ ابن عباس عن ابن عباس مما سمعه عن ابن عباس فيرويه عن تلاميذ ابن عباس فيكون واسطة من باب المزيد في متصل الأسانيد .

    ([5]) ما يتعلق بالعدالة كذب الراوي أو تهمته بذلك أو غفلته أو فسقه أو وهمه فهذه تتعلق العدالة والبقية تتعلق بالضبط .

    ([6]) من تعمد الكذب فعرف بكذبه فهذا يسمى حديثه موضوع ، أما من يتهم بذلك لقلة علمه ومخالفته الروايات الصحيحة أو غفلته ليس عنده بصيرة فيقع في روايته الكذب فهذا يسمى متروك لأنه تقع في رواياته الكذب لا عن تعمد بل لأسباب أخرى إما لغفلة أو لحسن ظنه بمن يروي عنه .

    ([7]) فهو مؤاخذ بإقراره في الحق والباطل وأن اتهم ما دام عاقلاً ولهذا يقتل إذا أقر بالقتل وكذا إذا أقر بالزنا وغيره .

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ([1])ومِن القَرائنِ الَّتي يُدْرَكُ بها الوَضْعُ ما يؤخَذُ مِن حالِ الرَّاوي ؛ كما وقَعَ لمأْمونِ بنِ أَحمدَ أَنَّه ذُكِرَ بحضرَتِه الخلافُ في كونِ الحسنِ سَمِعَ مِن أَبي هُريرةَ أَوْلاَ ؟ فساقَ في الحالِ إِسناداً إِلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ أَنَّهُ قالَ : سمِعَ الحسنُ مِن أَبي هُريرة .([2])
    وكما وقعَ لِغياثِ بنِ إِبراهيمَ حيثُ دخَلَ على المَهْدي فوجَدَهُ يلعبُ بالحَمَام ، فساقَ في الحالِ [ إِسناداً ] إِلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أَنَّه [ قالَ ] : (( لا سَبَقَ إِلاَّ في نَصْلٍ أَو خُفٍّ أَو حافِرٍ أَو جَناحٍ )) ، فزادَ في الحديثِ : (( أَو جَناحٍ )) ، فَعَرَفَ المهديُّ أَنَّه كذبَ لأجلِهِ ، فأَمرَ بذَبْحِ الحَمَامِ .([3])
    ومِنها ما يُؤخَذُ مِن حالِ المَرويِّ كأَنْ يكونَ مُناقِضاً لنَصِّ القُرآنِ أَو السُّنَّةِ المُتواتِرَةِ أَو الإِجماعِ القطعيِّ أَو صَريحِ العَقْلِ ، حيثُ لا يَقْبَلُ شيءٌ مِن ذلك التَّأْويلَ .
    ثمَّ المَرويُّ تارةً يختَرِعُهُ الواضِعُ ، وتارةً يأْخُذُ [ مِن ] كلامِ غيرِهِ كبَعْضِ السَّلفِ الصَّالحِ أَو قُدماءِ الحُكماءِ أَو الإِسرائيليَّات ِ ، أَو يأْخُذُ حَديثاً ضَعيفَ الإِسنادِ ، فيُرَكِّبُ لَهُ إِسناداً صحيحاً ليَرُوجَ .([4])
    والحامِلُ للواضِعِ على الوَضْعِ :
    إِمَّا عَدَمُ الدِّينِ ؛ كالزَّنادقةِ .
    أَو غَلَبَةُ الجَهلِ ؛ كبعضِ المتعبِّدينَ .
    أَو فَرْطُ العَصبيَّةِ ؛ كبعضِ المُقلِّدينَ .
    أَو اتِّباعُ هوى بعضِ الرُّؤساءِ .
    أَو الإِغرابُ لقصدِ الاشتِهارِ !
    وكُلُّ ذلك حَرامٌ بإِجماعِ مَن يُعْتَدُّ بهِ ، إِلاَّ أَنَّ بعضَ الكَرَّاميَّةِ وبعضَ المُتصوِّفةِ نُقِلَ عنهُم إِباحَةُ الوَضْعِ في التَّرغيبِ والتَّرهيبِ (( والترتيب )) وهو خطأ مِن فاعلِهِ ، نشَأَ عَن جَهْلٍ ؛ لأنَّ التَّرغيبَ والتَّرهيبَ مِن جُملةِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ .([5])
    واتَّفقوا على أَنَّ تَعَمُّدَ الكذبِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِن الكَبائِرِ.([6])
    وبالَغَ (( فيه )) أَبو مُحمَّدٍ الجُوَيْنِيُّ فكَفَّرَ مَن تعمَّدَ الكَذِبَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .
    واتَّفَقوا على تَحْريمِ روايةِ الموضوعِ إِلاَّ مقروناً ببيانِه ؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (( مَن حَدَّثَ عَنِّي بحديثٍ يُرى أَنَّهُ كذبٌ ؛ فهُو أَحدُ الكاذِبَيْنِ )) ، أَخرجَهُ مسلمٌ .

    ([1]) ( فجر الأحد 14 / 5 / 1416 هـ )

    ([2]) هذا واضح فيه الكذب فالحسن ولد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة وكونه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحسن سمع من أبي هريرة فهذا يدل على الكذب .

    ([3]) وهذا من الفضائح التي افتضح فيها الوضاعون فزاد في الحديث ليرضي به الخليفة .

    ([4]) هذه حال الوضاعين فتارة يأخذون كلاماً لبعض السلف أو من قدماء الحكماء أو الاسرائيليات أو يأخذ حديثاً ضعيف الإسناد فيركب إسناداً صحيحاً .

    ([5]) من جوزه لا يعول عليهم ، أجمع المسلمون على تحريم الوضع لحديث ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) وقال صلى الله عليه وسلم ( من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) وهذا بإجماع المسلمين بل قال بعضهم بكفر من وضعه كأبي محمد الجويني فالمقصود أن الوضع من الكبائر العظيمة ولا عبرة بقول الكرامية وغيرهم ممن جوز الوضع للترغيب والترهيب فهذا كلام منكر باطل كما قال الحافظ العراقي : وجوز الوضع على الترغيب &&& قول الكرام في الترهيب ، فهذا قول باطل والكرامية من المرجئة الخبثاء فالحاصل أن الوضع والكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم من المنكرات العظيمة بإجماع أهل السنة والجماعة .

    ([6]) هذا أمر متفق عليه لا يجوز ذكره إلا ببيانه والتحذير منه فمن حدث بحديث يرى أو يظن أنه كذب فهو أحد الكاذبين يروى ( الكاذبين ) وبالجمع ( الكاذبين ) وأبلغ من هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار )

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وَالقسمُ الثَّاني مِن أَقسامِ المَردودِ ([1])، وهو ما يكونُ بسبَبِ تُهمَةِ الرَّاوي بالكَذِبِ ، (( و )) هُو المَتْروكُ .
    والثَّالِثُ : المُنْكَرُ ؛ على رَأْيِ مَن لا يَشْتَرِطُ في المُنْكَرِ قيدَ المُخالفةِ .
    وكذا الرَّابِعُ والخَامِسُ ، فمَنْ فَحُشَ غَلَطُهُ ، أَو كَثُرَتْ غَفلَتُه ، أَو ظهَرَ فِسْقُه ؛ فحديثُهُ مُنْكَرٍ([2]) .
    ثمَّ الوَهَمُ ، وهُو [ القِسمُ ] السَّادسُ ، وإِنَّما أُفْصِحَ بهِ لِطولِ الفَصْلِ ، إِنِ اطُّلعَ عَليهِ ؛ أي : على الوَهَمِ بِالقَرائِنِ الدَّالَّةِ على وَهَمِ راويهِ مِن وَصْلِ مُرْسَل أَو مُنْقَطع ، أَو إِدخال حَديثٍ في حَديثٍ ، أَو نحوِ ذلك مِن الأشياءِ القادحةِ
    وتَحْصُلُ معرفةُ ذلك بكثرةِ التَّتبُّعِ ، وجَمْعِ الطُّرُقِ ؛ فـهذا هو المُعَلَّلُ وهو مِن أَغمَضِ أَنواعِ عُلومِ الحديثِ وأَدقِّها ، ولا يقومُ بهِ إلاَّ مَن رَزَقَهُ اللهُ [ تعالى ] فهْماً ثاقِباً ، وحِفْظاً واسِعاً ، ومعرِفةً تامَّةً بمراتِبِ الرُّواةِ ، ومَلَكَةً قويَّةً بالأسانيدِ والمُتونِ ، ولهذا لم يتكلَّمْ فيهِ إِلاَّ القليلُ مِن أَهلِ هذا الشأْنِ ؛ كعليِّ بنِ المَدينيِّ ، وأَحمدَ بنِ حنبلٍ ، والبُخاريِّ ، ويَعقوبَ بنِ (( أبي )) شَيْبةَ ، وأَبي حاتمٍ ، وأَبي زُرعةَ ، والدَّارَقُطنيّ ُ .([3])
    وقد تَقْصُرُ عبارةُ المُعَلِّل عَن إِقامةِ الحُجَّة على دَعْواهُ ؛ كالصَّيْرَفيِّ في نَقْدِ الدِّينارِ والدِّرهَمِ([4]) .

    ([1])( فجر الأحد 21 / 5 / 1416 هـ ) .

    ([2]) تقدم أن من عرف بالكذب بأي وجه يسمى خبره موضوع ومن اتهم بالكذب يسمى حديثه متروك ومن فحش غلطه يسمى حديثه منكر أو يعرف بالغفلة أو الفسق فهؤلاء أخبارهم منكرة لعدم استيفائها شروط القبول من الحفظ والصدق لأنه لا يؤمن أن يكون مما غلط فيه إذا فحش غلطه أو كان مغفلاً لا يضبط الروايات أو فاسقاً معروفاً بالفسق لا يؤمن .

    ([3]) الوهم يقع من الرواة فلا يفطن له إلا الخواص من أئمة الحديث كعلي بن المديني ويحيى بن سعيد القطان والبخاري وأحمد بن حنبل وأبي حاتم وأبي زرعة ، ويعرف المعلل بالقرائن وتتبع الطرق ، فإذا تتبع طرق الرواية اتضح لعالم الحديث ما فيه من العلة من انقطاع أو ارسال أو وهم أو قلب كلمة أو ما أشباه ذلك مما قد يقع من بعض الرواة .

    ([4]) المقصود أنه قد تقصر عبارة الذي يحكم عليه بأنه معلل عن الإيضاح لكنه قد جزم به لأنه اتضح له من الطرق فيقال له معلل هذا الأكثر ويقال له معلول والأفصح عندهم معلل ومعل من إعل فهو معل ومعلل ودونها معلول .

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ثمَّ المُخالفَةُ ([1])وهوالقسمُ السابعُ إِنْ كانتْ واقعةً بـسببِ تَغْييرِ السِّياقِ ؛ أي : سياقِ الإسنادِ ؛ فـالواقعُ فيهِ ذلك التَّغييرُ هو مُدْرَجُ الإِسْنادِ ، وهو أَقسامٌ :
    الأوَّلُ : أَنْ يَرْوِيَ جماعةٌ الحديثَ بأَسانيدَ مُختلفةٍ ، فيرويهِ عنهُم راوٍ ، فيَجْمَعُ الكُلَّ على إِسنادٍ واحِدٍ مِن تلكَ الأسانيدِ ، ولا يُبَيِّنُ الاختلافَ .
    [ و ] الثَّاني : أَنْ يكونَ المتنُ عندَ راوٍ إِلاَّ طَرفاً منهُ ؛ [ فإِنَّه عندَه بإِسنادٍ آخَرَ ، فيرويهِ راوٍ عنهُ تامّاً بالإِسنادِ الأوَّلِ .
    ومنهُ أَنْ يسمَعَ الحديثَ مِن شيخِهِ إِلاَّ طرفاً منهُ فيسمَعَهُ عَن شيخِهِ بواسطةٍ، فيرويهِ راوٍ عنهُ تامّاً بحَذْفِ الواسِطةِ.
    الثَّالِثُ : أَنْ يكونَ عندَ الرَّاوي متْنانِ مُخْتَلِفان بإِسنادينِ مختلفينِ ، فيرويهِما راوٍ عنهُ مُقتَصِراً على أَحدِ الإِسنادينِ ، أَو يروي أَحَدَ الحَديثينِ بإِسنادِهِ الخاصِّ بهِ ، لكنْ يزيدُ فيهِ مِن المَتْنِ الآخَرِ ما ليسَ في [ المَتْنِ ] الأوَّلِ .
    الرَّابعُ : أَنْ يسوقَ [ الرَّاوي ] الإِسنادَ ، فيَعْرِضُ لهُ عارِضٌ ، فيقولُ (( له )) كلاماً مِن قِبَلِ نفسِهِ ، فيظنُّ بعضُ مَن سَمِعَهُ أَنَّ ذلكَ الكلامَ هُو متنُ [ ذلكَ ] الإسنادِ ، فيَرويهِ عنهُ كذلك .
    هذهِ أَقسامُ مُدْرَجِ الإِسنادِ
    وأَمَّا مُدْرَجُ المَتْنِ ، فهُو أَنْ يَقَعَ في المتنِ كلامٌ ليسَ منهُ ، فتارةً يكونُ في أَوَّلِه ، وتارةً (( يكون )) في أَثنائِه ، وتارةً (( يكون )) في آخِرِهِ – وهو الأكثرُ– لأنَّهُ يقعُ بعطفِ جُملةٍ على جُملةٍ ، أو بِدَمْجِ مَوْقوفٍ مِن كلامِ الصَّحابةِ أَو مَنْ بعْدَهُم بِمَرْفوعٍ مِن كلامِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ مِن غيرِ فصلٍ ، فـهذا هُو مُدْرَجُ المَتْنِ .
    ويُدْرَكُ الإِدراجُ :
    بوُرودِ روايةٍ مُفَصِّلةٍ للقَدْرِ المُدْرَجِ مِمَّا أُدْرِجَ فيهِ .
    أَو بالتَّنصيصِ على ذلك مِن الرَّاوي([2])، أَو مِن بعضِ الأئمَّةِ المُطَّلعينَ .
    أو باستحالَةِ كونِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ يقولُ ذلك .
    وقد صنَّفَ الخَطيبُ في المُدْرَجِ كتاباً ولخَّصْتُهُ وزدتُ عليهِ قدْرَ ما ذكَرَ مرَّتينِ أَو أَكثرَ ، وللهِ الحمدُ .

    ([1]) فجر الأحد 28 / 5 / 1416 هـ

    ([2]) فيفصل الراوي نفسه بين المرفوع والمدرج من عنده .

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    أَوْ [ إِنْ ] كانَتِ المُخالفةُ بِتَقْدِيمٍ أَوتَأْخيرٍ([1]) ؛ أي : في الأسماءِ كَمُرَّةَ بنِ كعبٍ ، وكَعبِ بنِ مُرَّةَ ؛ لأنَّ اسمَ أَحدِهِما اسمُ أَبي الآخَرِ ؛ فـهذا هو المَقْلوبُ ، وللخطيبِ فيهِ كتابُ (( يُسمى )) (( رافعِ الارْتِيابِ (( في المقلوب من الأسماء والأنساب )).
    وقد يَقَعُ القلبُ في المتنِ أَيضاً ؛ (( ويصير )) كحديثِ أَبي هُريرةَ (( رضي الله تعالى عنه )) عندَ مُسلمٍ في السَّبعةِ الَّذينَ يُظِلُّهُم اللهُ تحتَ ظلِّ عَرْشِهِ ، ففيهِ: (( [ و ] رَجلٌ تصدَّقَ بصدَقةٍ أَخْفاها حتَّى لا تَعْلَمَ يمينُهُ ما تُنْفِقُ شِمالُهُ )) ، فهذا ممَّا انْقَلَبَ على أَحدِ الرُّواةِ ، وإِنَّما هو : (( حتَّى لا تعْلَمَ شِمالُه ما تُنْفِقُ يمينُهُ )) ؛ كما في الصَّحيحينِ .
    أَوْ إِنْ كانتِ المُخالفةُ بِزيادةِ راوٍ في أَثناءِ الإِسنادِ (، ومَن لم يَزِدْها أَتقَنُ ممَّن زادَها ، فـهذا هُو المَزيدُ في مُتَّصِلِ الأَسانِيدِ .([2])
    وشرطُهُ أَنْ يقعَ التَّصريحُ بالسَّماعِ في مَوْضِعِ الزِّيادةِ ، وإِلاَّ ؛ فمتى كانَ مُعَنْعَناً – مثلاً – ؛ ترجَّحَتِ الزِّيادةُ .
    أَوْ [ إِنْ ] كانتِ المُخالفةُ بِإِبْدَالِهِ؛ أي: الراوي، ولا مُرَجِّحَ لإحدى الراويتين على الأخرى، فـ [ هذا ] هو المُضْطَرِبُ، وهو يقعُ في الإِسنادِ غالباً، وقد يقعُ في المتْن.
    لكنْ قلَّ أَنْ يَحْكُمَ المحدِّثُ على الحديثِ بالاضطرابِ بالنِّسبةِ إلى الاختلافِ في المَتْنِ دونَ الإِسنادِ.([3])
    وقد يَقَعُ الإِبدالُ عَمْداً لمَن يُرادُ اختبار حفظه امتحاناً مِن فاعِلِهِ ؛ كما وقعَ للبُخاريِّ والعُقَيْليِّ وغيرِهِما ، وشَرْطهُ أَنْ لا يُستمرَّ عليهِ ، بل ينتهي بانْتهاءِ الحاجةِ .([4])
    فلو وَقَعَ الإِبدالُ [ عمداً ] لا لمصلحةٍ ، بل للإِغرابِ مثلاً ؛ فهو مِن أَقسامِ الموضوعِ ، ولو وقعَ غَلَطاً ؛ فهُو مِن المقلوبِ أو المُعَلَّلِ .
    أَوْ إِنْ كانتِ المُخالفةُ بتَغْييرِ حرفٍ أَو حُروفٍ مَعَ بَقاءِ صورةِ الخَطِّ في السِّياقِ .
    فإِنْ كانَ ذلك بالنِّسبةِ إِلى النَّقْطِ؛ فالمُصَحَّفُ .
    وَإِنْ كانَ بالنِّسبةِ إلى الشَّكْلِ ؛ فـالمُحَرَّفُ ، ومعرفةُ هذا النَّوعِ مُهمَّةٌ .([5])
    وقد صنَّف فيهِ : العَسْكَريُّ ، والدَّارَقُطنِي ُّ ، وغيرُهما .
    وأَكثرُ ما يقعُ في المُتونِ ، وقد يقعُ في الأسماءِ الَّتي في الأسانيدِ .

    ([1]) فجر الأحد 5 / 6 / 1416 هـ

    ([2]) وهذا يقع كثيراً وأسبابه أن الراوي يروي عن زيد عن عمرو ثم يسهل الله له لقاء عمرو فيسمع منه مثلاً يروي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد سمعه من سالم عن ابن عمر ثم لقي ابن عمر فسمعه منه فتكون روايته عن سالم عن ابن عمر من المزيد في متصل الاسانيد إذا صرح بالسماع أما إذا كانت بالعنعنة فالزيادة له شأن آخر .

    ([3]) وقد يقع في المتن بأن يرويه جماعة بلفظ ويرويه آخر بلفظ آخر .

    ([4]) فيقلب الشيخ لتلاميذه الأسانيد ليمتحنهم فيتبين الحاذق والبصير من غيره .

    ([5]) وهذا يقع كثيراً ( عتبة ، عيينة ، حمزة ، حمرة ، يزيد ، بريد ، ولا يعرف إلا بالعناية وجمع المتون والأسانيد حتى يتبين التحريف والتصحيف .

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ولا يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَغْييرِ صورَةِ المَتْنِ مُطلقاً([1]) ، ولا الاختصارُ منه }ُ بالنَّقْصِ ولا إِبْدالُ اللَّفْظِ المُرادِفِ باللَّفْظِ (( و )) المُرادِفِ لهُ ؛ إِلاَّ لِعالمٍِ بمَدْلولاتِ الألْفاظِ ، وبِما يُحيلُ المَعاني على الصَّحيحِ في المسأَلَتَيْنِ :
    أَمَّا اخْتِصارُ الحَديثِ ؛ فالأكْثَرونَ على جَوازِهِ بِشرطِ أَنْ يكونَ الَّذي يختَصِرُهُ عالِماً ؛ لأنَّ العالِمَ لا يَنْقُصُ مِن الحديثِ إِلاَّ ما لا تعلُّقَ لهُ بما يُبْقيهِ [ منهُ ] ؛ [ بحيثُ ] لا تختِلفُ الدِّلالةُ ، ولا يختَلُّ البَيانُ ، حتَّى يكونَ المَذكورُ والمَحذوفُ بمنزِلَةِ خَبَرينِ ، أَو يَدُلُّ ما ذَكَرَهُ على [ ما ] حَذَفَهُ ؛ بخِلافِ الجاهِلِ ، فإِنَّهُ قد يَنْقُصُ ما لَهُ تعلُّقٌ ؛ كتَرْكِ الاستِثناءِ .([2])
    وأَمَّا الراوية بالمعنى ؛ فالخِلافُ فيها شَهيرٌ ، والأكثرُ على الجَوازِ أَيضاً ، ومِن أَقوى حُججهِم الإِجماعُ على جوازِ شرحِ الشَّريعةِ للعَجَمِ بلسانِهِم للعارِفِ بهِ ، فإِذا جازَ الإِبدالُ بلُغةٍ أُخرى ؛ فجوازُهُ باللُّغةِ العربيَّةِ أَولى ([3]).
    وقيلَ : إِنَّما يَجوزُ في المُفْرَداتِ دونَ المُرَكَّباتِ !
    وقيلَ : إِنَّما يَجُوزُ لمَن يستَحْضِرُ اللَّفْظَ ليتَمَكَّنَ مِن التَّصرُّفِ فيه .
    وقيلَ : إِنَّما يَجوزُ لمَن كانَ يحفَظُ الحَديثَ فنَسِيَ لفظَهُ ، وبقيَ معناهُ مُرْتَسماً في ذِهنِه ، فلهُ أَنْ يروِيَهُ بالمعنى لمصلَحَةِ تحصيلِ الحُكْمِ منهُ ؛ بخِلافِ مَن كانَ مُسْتَحْضِراً لِلَفْظِهِ.([4])
    وجَميعُ ما تقدَّمَ يتعلَّقُ بالجَوازِ وعَدَمِه ، ولا شكَّ أَنَّ الأوْلى إِيرادُ الحَديثِ بأَلفاظِهِ دُونَ التَّصرُّفِ فيهِ .
    قالَ القاضي عِياضٌ: (( يَنْبَغِي سَدُّ بابِ الرِّاويةِ بالمَعْنَى لئلاَّ يتَسَلَّطَ مَن لاَ يُحْسِنُ ممَّن (( به )) يظنُّ أَنّهُ يُحْسِنُ ؛ كما وقَعَ لِكثيرٍ مِن الرُّواةِ قديماً وحَديثاً )) ، واللهُ المُوَفِّقُ .
    فإِنْ خَفِيَ المَعْنَى بأَنْ كانَ اللَّفْظُ مستَعْمَلاً بقلَّةٍ احْتيجَ إِلى الكُتُبِ المصنَّفَةِ في شَرْحِ الغَريبِ ؛ ككتابِ أَبي عُبَيْدٍ (( الله )) القاسِمِ بنِ سلامٍ ، وهو غيرُ مرتَّبٍ ، وقد رتَّبَهُ الشيخُ مُوفَّقُ الدِّينِ ابنُ قُدامَة على الحُروفِ .
    وأَجْمَعُ منهُ كتابُ أَبي عُبيدٍ الهَرَوِيِّ ، وقد اعتَنَى بهِ الحافظُ أَبو موسى المَدينِيُّ فنَقَّبَ عليهِ واسْتَدْرَكَ .
    وللزَّمَخْشَرِي ِّ كتابٌ اسمُهُ (( الفائِقُ )) حسنُ التَّرتيبِ .
    ثمَّ جَمَعَ الجَميعَ ابنُ الأثيرِ في (( النِّهايةِ )) ، وكتابُهُ أَسهَلُ الكُتُبِ تناوُلاً ، مع إِعواز قليلٍ فيهِ .
    وإِنْ كانَ اللَّفْظُ مُستَعْملاً بكثرةٍ ، لكنَّ في مَدلُولِهِ دِقَّةً ؛ احْتِيجَ إلى الكُتُبِ المُصنَّفَةِ في شَرْحِ معاني الأخْبارِ وبيانِ المُشْكِلِ منها .
    وقد أَكثرَ الأئمَّةُ مِن التَّصانيفِ في ذلك ؛ كالطَّحاويِّ والخَطَّابيِّ وابنِ عبدِ البَرِّ وغيرِهم .

    ([1])فجر الأحد 12 / 6 / 1416هــ

    ([2]) لا بد أن يكون المختصر من أهل العلم والبصيرة فالواجب ذكر الحديث تاماً إلا إذا كان اختصاره لا يؤثر .

    ([3]) لأن المقصود هو المعنى فإذا أدى المعنى فقد حصل المطلوب ولهذا يجوز ترجمة معاني الآيات والأحاديث للعجم بلغتهم ليعرفوا معاني الآيات والحديث .

    ([4]) والصواب جوازه مطلقاً ولو كان مستحضراً للفظه .

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ثمَّ الجَهالةُ بالرَّاوِي([1]) ، وهِيَ السَّببُ الثَّامِنُ في الطَّعْنِ ، وسَبَبُها أَمْرانِ :
    أَحَدُهُما : أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ تَكْثُرُ نُعوتُهُ مِن اسمٍ أَو كُنْيَةٍ أَو لَقَبٍ أَو صِفَةٍ أَو حِرْفةٍ أَو نَسَبٍ ، فيشتَهِرُ بشيءٍ مِنها ، فيُذْكَرُ بِغَيْرِ مَا اشْتُهِرَ بِهِ لِغَرَضٍ مِن الأغْراضِ ، فيُظنُّ أَنَّه آخرُ ، فيَحْصُلُ الجهْلُ بحالِهِ .
    وصنَّفُوا فِيهِ ؛ أي : في هذا النَّوعِ المُوْضِحَ لأوهامِ الجمْعِ والتَّفريقِ ؛ أَجادَ فيهِ الخَطيبُ ، وسبَقَهُ [ إِليه ] عبدُ الغنيِّ [ بنُ سعيدٍ المِصْريُّ وهو الأَزْدِيُّ (( أيضاً )) ثمُّ الصُّورِيُّ .([2])
    ومِن أَمثلتِهِ محمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بِشْرٍ الكَلْبِيُّ ([3])؛ نَسَبَهُ بعضُهم إِلى جَدِّهِ ، فقالَ : محمَّدُ بنُ بِشرٍ ، وسمّاهُ بعضُهم حمَّادَ بنَ السَّائبِ ، وكَناهُ بعضُهُم أَبا النَّصرِ، وبعضُهُم أَبا سعيدٍ ، وبعضُهم أَبا هِشامٍ ، فصارَ يُظَنُّ أَنَّهُ جماعةٌ ، وهو واحِدٌ ، ومَن لا يعرِفُ حقيقةَ الأمرِ فيهِ لا يعرِفُ شيئاً مِن ذلك .
    وَالأمرُ الثَّاني : أَنَّ الرَّاويَ قد يكونُ مُقِلاً مِن الحديثِ ، فلا يَكْثُرُ الأَخْذُ عَنْهُ :
    وَقد صَنَّفوا فِيهِ الوُحْدانَ – وهو [ مَن ] لم يَرْوِ عنهُ إِلاَّ واحِدٌ ، ولو سُمِّيَ – فمِمَّن جَمَعَهُ مُسلمٌ ، والحسنُ بنُ سُفيانَ ، وغيرُهما .
    أَوْ لاَ يُسمَّى الرَّاوِي اختِصَاراً مِن الرَّاوي عنهُ ؛ كقولِه : أَخْبَرَني فلانٌ ، أَو شيخٌ ، أَو رجلٌ ، أَو بعضُهم ، أَو ابنُ فلانٍ .
    ويُستَدَلُّ على معرفَةِ اسمِ المُبْهَمِ بوُرودِه مِن طريقٍ أُخرى [ مسمّىً [ فيها ]
    وَصنَّفوا فيهِ المُبْهَمات .
    ولا يُقْبَلُ حديثُ المُبْهَمُ ما لم يُسَمَّ ؛ لأنَّ شرطَ قَبولِ الخَبَرِ عدالَةُ راويهِ ، ومَن أُبْهِمَ اسمُه لا تُعْرَفُ عَيْنُهُ ، فكيفَ [ تُعْرَفُ ] عدالَتُهُ ؟!([4])
    وكذا لا يُقْبَلُ خَبَرُه ، [ و ] لو أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْديلِ ؛ كأَنْ يقولَ الرَّاوي عنهُ : أَخْبَرَني الثِّقُة ؛ لأنَّهُ قد يكونُ ثقةً عندَه مجروحاً عندَ غيرِه ، وهذا عَلى الأصَحِّ في المسأَلةِ .([5])
    ولهذه النُّكتةِ لم [ يُقْبَلِ ] المُرسلُ ، ولو أَرسَلَهُ العدلُ جازِماً([6])
    وقيلَ : يُقْبَلُ تمسُّكاً بالظَّاهِرِ ، إِذ الجَرْحُ على خِلافِ الأصْلِ .([7])
    وقيلَ : إِنْ كانَ القائلُ عالِماً أَجْزأَ ذلك في حقِّ مَن يوافِقُهُ في مَذْهَبِهِ .([8])
    وهذا ليسَ مِن مباحِثِ (( عُلومِ )) الحَديثِ ، واللهُ المُوفِّقُ .

    ([1])فجر الأحد 19 / 6 / 1416 هـ

    ([2]) الجهالة لها أسباب منها أن يذكر الراوي بغير ما اشتهر به فيكون مجهولاً فيدرس وينظر فيه حتى يتضح أمره وصنفوا فيه الموضح بالتخفيف وقد يسمى الموضح ولكن الموضح بالتخفيف من أوضح يوضح فصنفوا فيه الكتب الموضحة للرواة وألقابهم وصفاتهم ، وقد يكون الراوي مقلاً فيقل الأخذ عنه وصنفوا فيه الوحدان كما صنف مسلم في ذلك يعنى الرواة الذين لم يرو عنهم إلا واحد فإن سمي وانفرد راوٍ عنه فهذا يقال له مجهول العين إلا أن يوثق فإن روى عنه اثنان ولم يوثق فمجهول الحال ويقال له المستور .

    ([3]) وهو ضعيف لا يحتج ولكن كثرت نعوته وصفاته فاشتبه .

    ([4]) فالمبهم لا تقبل روايته ولا يحتج به لأنه لا تعرف عينه فكيف تعرف عدالته والحديث ضعيف من هذا الطريق حتى يسمى ويعرف أنه ثقة .

    ([5]) لا يقبل المبهم ولو عدّل لأنه قد يكون ثقة عند من عدله مجروحاً عند غيره فإذا قال أخبرني الثقة أو من لا أتهم لا يكون الحديث صحيحاً لأنه قد يكون عنده ثقة وعند غيره مجروحاً .

    ([6]) يعني لهذه العلة لم يقبل المرسل لأن المرسل قد يكون أرسل عن تابعي آخر فإذا قال مجاهد قال رسول الله أو قال سعيد بن جبير قال رسول الله أو قال أو صالح السمان قال رسول الله فلا يقبل لأن التابعي هذا قد يكون نقله عن تابعي آخر وليس عن صحابي فالعلة موجودة فلا المراسيل ضعيفة حتى يصرح المرسل عمن روى عنه روى عن صحابي أو روى عن ثقة عن صحابي .

    ([7]) والصواب أنه لا يقبل حتى يبين لأن الواجب الاحتياط للدين والحذر من التساهل في أمر الدين فلا يجب على الناس شيء ولا يستحب لهم شيء ولا يحرم عليهم شيء إلا بالدليل لأن الله عز وجل يقول ( فإن تنازعتم في شيء فرده إلى الله والرسول ..) ويقول ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ولا نعرف إن من حكم الله ولا من الرسول إلا من طريق الثقات .

    ([8]) وقيل أنه حجة في حق من يقلد ذلك الإمام فإذا قال أحمد حدثني الثقة احتج به الحنابلة والصواب أنه لا يعتبر ولا يحتج به لا عند أصحابه ولا عند غيرهم .

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    فإن سُمِّيَ الرَّاوي وانْفَرَدَ راوٍ واحِدٌ بالرِّوايةِ عَنْهُ ؛ فـهو مَجْهولُ العَيْنِ([1]) ؛ كالمُبْهَمِ ، [ فلا يُقْبَلُ حديثُهُ ] إِلاَّ أَنْ يُوَثِّقَهُ غيرُ مَنْ ينفَرِدُ عنهُ على الأصحِّ ، وكذا مَن يَنْفَرِدُ عنهُ (( على الأصح )) إِذا كانَ مُتَأَهِّلاً لذلك .([2])
    أَوْ إِنْ روى [ عنهُ ] اثنانِ فصاعِداً ولم يُوَثَّقْ؛ فـ [ هو ] مَجْهولُ الحالِ، وهُو المَسْتورُ، وقد قَبلَ روايتَهُ جماعةٌ بغيرِ قيدٍ، وردَّها الجُمهورُ
    والتَّحقيقُ أَنَّ روايةَ المستورِ ونحوِهِ ممَّا فيهِ الاحتِمالُ لا يُطلَقُ [ القولُ بردِّها ولا بِقَبولِها ، بل (( يقال )) هي موقوفةٌ إِلى اسْتِبانَةِ حالِه كما جَزَمَ بهِ إِمامُ الحَرمينِ .([3])
    ونحوُهُ قولُ ابنِ الصَّلاحِ فيمَن جُرِحَ بجَرْحٍ غيرِ مُفَسَّرٍ .

    ([1])فجر الأحد 26 / 6 / 1416 هـ

    ([2]) وهذا هو الصواب فإنه إذا سمي الراوي وانفرد واحد عنه يسمى مجهول العين فلا بد من اثنين فإذا روى أحمد أو وكيع عن شخص ولم يروي عنه غيره يسمى مجهول العين إلا إن وثقه من روى عنه وهو أهل لذلك كأن يروي عنه أحمد ويوثقه أو يروي عنه وكيع ويوثقه أو يوثقه غير من روى عنه زالت عنه الجهالة .

    ([3]) وهذا هو الصواب أن المستور يكون موقوف إذا جاء له شواهد فهو من باب الحسن لغيره وإذا لم يأت له شواهد فهو من باب الضعيف إلا إذا وثقه من يعتمد زالت عنه جهالة الحال وهذا كثير في كتب الرجال التهذيب والتقريب .

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ثمَّ البِدْعَةُ([1]) ، وهي السَّببُ التَّاسعُ مِن أَسبابِ الطَّعنِ في الرَّاوي ، وهي إِمَّا أَنْ تَكونَ بمُكَفِّرٍ ؛ كأَنْ يعتَقِدَ ما يستَلْزِمُ الكُفْرَ ، أو بِمُفَسِّقٍ :([2])
    فالأوَّلُ : لا يَقْبَلُ صاحِبَها الجُمهورُ ،
    وقيلَ : يُقْبَلُ مُطلقاً ، وقيلَ : إِنْ كانَ لا يعتَقِدُ حِلَّ الكَذِبِ لنُصرَةِ مقالَتِه [ قُبِلَ ] ([3])
    والتحقيق : أنه لا يُرَدُّ كُلُّ مُكفَّرٍ ببدعَتِه ؛ لأَنَّ كلَّ طائفةٍ تدَّعي أَنَّ مخالِفيها مبتَدِعةٌ ، وقد تُبالِغُ فتُكفِّرُ مخالِفها ، فلو أُخِذَ ذلك على الإِطلاقِ ؛ لاسْتَلْزَمَ تكفيرَ جميعِ الطَّوائفِ ، فالمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذي تُرَدُّ روايتُهُ مَنْ أَنْكَرَ أَمراً مُتواتِراً مِن [ الشَّرعِ ] ، معلوماً مِن الدِّينِ بالضَّرورةِ ، وكذا مَن اعتقدَ عكسَهُ .([4])
    فأَمَّا مَن لم يَكُنْ بهذهِ الصِّفَةِ ، وانْضَمَّ إِلى ذلك ضَبْطُهُ لِما يَرويهِ مَعَ وَرَعِهِ وتَقْواهُ ؛ فلا مانِعَ مِن قَبولِهِ (( أصلاً )) .([5])
    والثاني : وهو مَن لا تَقْتَضي بدعَتُهُ التَّكفيرَ أَصلاً ، [ و ] قد اختُلِفَ أَيضاً في قَبولِهِ ورَدِّهِ :
    فقيلَ : يُرَدُّ مُطلَقاً – وهُو بَعيدٌ – .
    وأَكثرُ مَا عُلِّلَ بهِ أَنَّ في الرِّوايةِ عنهُ تَرْويجاً لأمرِهِ وتَنْويهاً بذِكْرِهِ .
    وعلى هذا ؛ فيَنْبَغي أَنْ لا يُرْوى عنْ مُبْتَدعٍ شيءٌ يُشارِكُه فيهِ غيرُ مُبتدعٍ .([6])
    وقيلَ : يُقْبَلُ مُطْلقاً إِلاَّ إِن اعْتَقَدَ حِلَّ الكَذِبِ ؛ كما تقدَّمَ .([7])
    وقيلَ : يُقْبَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ داعِيةً إِلى بِدعَتِهِ ؛ لأنَّ تزيينَ بِدعَتِه قد يَحْمِلُهُ على تَحريفِ الرِّواياتِ وتَسويَتِها على ما يقتَضيهِ مذهَبُه ، وهذا في الأصَحِّ .
    وأَغْرَبَ ابنُ حِبَّانَ ، فادَّعى الاتِّفاقَ على قَبولِ غيرِ الدَّاعيةِ مِن غيرِ تفصيلِ .
    نَعَمْ ؛ الأكثرُ على قَبولِ غيرِ الدَّاعيةِ ؛ إِلاَّ إنْ رَوى ما يُقَوِّي بِدْعَتَهُ ، فيُرَدُّ على المذهَبِ المُخْتارِ ([8])، وبهِ صرَّحَ الحافِظُ أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ بنُ يعقوبَ الجُوْزَجانِيُّ شيخُ أَبي داودَ ، والنَّسائِيِّ في كتابِه (( معرفة الرِّجال )) ، فقالَ في وَصْفِ الرُّواةِ : (( ومِنهُم زائغٌ عن الحَقِّ – أَيْ : عنِ السُّنَّةِ – صادقُ اللَّهجَةِ ، فليسَ فيهِ حيلةٌ ؛ إِلاَّ أَنْ يُؤخَذَ مِن حديثِه (( غير )) ما لا يكونُ مُنْكراً إِذا لم يُقَوِّ [ بهِ] بدْعَتَهُ )) اهـ
    وما قالَه متَّجِهٌ ؛ لأنَّ العلَّةَ التي لها رُدَّ حديثُ الدَّاعيةِ وارِدةٌ فيما إِذا كانَ ظاهِرُ المرويِّ يُوافِقُ مذهَبَ المُبْتَدِع ، ولو لم يكنْ داعيةً ، واللهُ أَعلمُ .

    ([1]) فجر الأحد 4 / 7 / 1416 هـ

    ([2]) هذا الطعن التاسع : البدعة ، والبدعة تختلف فقد تكون مكفرة وقد تكون مفسقة فإذا كانت بدعته مكفرة لم يقبل كالجهمية والمعتزلة لا تقبل روايته ولا كرامة عند جمهور أهل العلم أما المفسقة كبدعة الإرجاء وتأويل بعض الصفات فهذا تقبل فيما لا يكون مقوياً لبدعته إذا روى وهو معروف بالصدق والأمانة تقبل روايته إلا في الشيء الذي يقوي بدعته فلا .

    ([3]) الصوا أنه لا يقبل مطلقاً ولا كرامة لأن في قبوله ترويجاً لبدعته وقد يغتر به الناس فيقبلون منه ما ابتدعه ولو كان لا يستحل الكذب كالخوارج .
    @ سئل الشيخ عن عمران بن حطان ؟ فقال : هذا ليس من الدعاة وهم أهل صدق .

    ([4]) المقصود من هذا أن يكون المكفر قام عليه الدليل ليس بمجرد التعصب والتقليد بل قام الدليل على كفره بأن يكون أتى شيئاً يوجب تكفيره بالأدلة الشرعية أما كونه يكفر لهواه أو لمخالفة نحلته فلا المهم أن تكون البدعة المكفرة من جهة الدليل .

    ([5]) يعني إذا لم تكن بدعته مكفرة وعرف بالصدق والعدالة فلا بأس لأنه يتأول ويرى أنه مصيب ومجتهد .

    ([6]) وهذا لا شك فيه فإذا كان المبتدع يشاركه غيره فينبغي الرواية عن غيره من أهل السنة ويترك المبتدع حتى ولو كان غير داعية هجراً له وتحذيراً له من هذه البدعة .

    ([7]) وهذا ضعيف .

    ([8]) وهذا هو الصواب أنه إذا روى ما لا يقوي بدعته وكان معروفاً بالصدق والاستقامة فلا بأس .

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ثمَّ سوءُ الحِفْظِ([1]) وهو السَّببُ العاشِرُ مِن أَسبابِ الطَّعنِ ، والمُرادُ بهِ : مَن لم يُرَجَّحْ جانِبُ إِصابتِه على جانِبِ خَطَئهِ وهو على قسمينِ :([2])
    إِنْ كانَ لازِماً للرَّاوي في جَميعِ حالاتِه ، فـهُو الشاذُّ ؛ على رَأْيِ [ بعضِ أَهلِ الحَديثِ .
    أَوْ (( إن )) كانَ سوءُ الحفظِ ] طارِئاً على الرَّاوي إِمَّا لكِبَرِهِ أَو لذَهابِ بصرِه ، أَوْ لاحتِراقِ كُتُبِه ، أَو عدمِها ؛ بأَنْ كانَ يعْتَمِدُها ، فرَجَعَ إِلى حفظِهِ ، فساءَ ، فـهذا هو المُخْتَلِطُ .
    والحُكْمُ فيهِ أَنَّ ما حَدَّثَ بهِ قبلَ الاختلاطِ إِذا تَميَّزَ قُبِلَ ، وإِذا لم يَتَمَيَّزْ تُوُقِّفَ فيهِ ، ([3])
    وكذا مَن اشتَبَهَ الأمرُ فيهِ ([4])، وإِنَّما يُعْرَفُ ذلك باعْتِبارِ الآخِذينَ عنهُ .
    ومَتى تُوبِعَ السَّيِّءُ الحِفْظِ بِمُعْتَبَرٍ ؛ (( أي )) كأَنْ يكونَ فوقَهُ أَو مِثْلَه لا دُونَه([5]) ، وكَذا المُخْتَلِطُ الَّذي لم يتَمَيَّزْ و (( كذا )) المَسْتورُ والإِسنادُ المُرْسَلُ وكذا المُدَلَّسُ إِذا لم يُعْرَفِ المحذوفُ منهُ صارَ حديثُهُم حَسناً ([6])؛ لا لذاتِهِ ، بل وَصْفُهُ بذلك بـاعتبارِ المَجْموعِ من المتابِعِ والمتَابَعِ ؛ لأنَّ [ معَ ] كلِّ واحدٍ منهُم احْتِمالَ كونِ روايتِه (( معه )) صواباً أَو غيرَ صوابٍ على حدٍّ سواءٍ .
    فإِذا جاءَتْ مِنَ المُعْتَبَرينَ روايةٌ مُوافِقةٌ لأحدِهِم ؛ رُجِّحَ أَحدُ الجانِبينِ مِن الاحْتِمالينِ المَذكورَيْنِ ، ودلَّ ذلك على أَنَّ الحَديثَ مَحْفوظٌ ، فارْتَقى مِن درَجَةِ التوقُّفِ إِلى دَرَجَةِ القَبولِ ، [ واللهُ أَعلمُ ]
    ومعَ ارْتِقائِهِ إِلى دَرَجَةِ القَبولِ ؛ فهُو مُنْحَطٌّ عنْ رُتْبَةِ الحَسَنِ لذاتِه ، ورُبَّما توقَّفَ بعضُهم عنْ إِطلاقِ اسمِ الحَسَنِ عليهِ . وقد انْقَضى ما يتعلَّقُ بالمَتْنِ [ مِن حيثُ ] القَبولُ والرَّدُّ .

    ([1]) فجر الأحد 11 / 7 / 1416 هـ

    ([2]) وهذا السبب العاشر للطعن في الحديث وهو سوء الحفظ فتارة يكون لازماً وتارة يكون طارئاً فاللازم يسمى شاذاً ويسمى ضعيفاً إذا سوء الحفظ لازم له من أصله هو سيء الحفظ . وإما يكون طارئاً وهو الذي صاحبه يطرأ عليه سوء الحفظ إما لمرض أو احتراق كتبه كابن لهيعة أو لتوليه القضاء كشريك القاضي أو أشباه ذلك فسوء الحفظ قد يطرأ على الإنسان إما لمرض أو لكبر سن أو لسوء توليه القضاء أو لمصيبة أصابته كموت ولده أو زوجته أو احتراق كتبه ويسمى المختلط اختلط إذا ساء حفظه سوءاً كثيراً وإذا لم يكن كثيراً يقال ساء حفظه فقط .

    ([3]) فهذا المختلط الحكم فيه أنه إذا تميز قبل منه ما كان قبل الاختلاط ورد ما بعد الاختلاط مثل عطاء بن السائب جماعة ضبطوا حديثه قبل الاختلاط فقبل مثل حماد بن زيد وشعبة وسفيان وجماعة ضبطوا حديثه قبل الاختلاط فصارت روايتهم عنه مقبولة ، وجماعة آخرون رووا عنه بعد الاختلاط أو رووا عنه قبل الاختلاط وبعد الاختلاط ولم يتميز حديثه الذي قبل الاختلاط عندهم فإن روايتهم عنه ضعيفة لأنهم رووا عنه بعد الاختلاط أو رووا عنه قبل وبعد الاختلاط ولم يتميز هذا عن هذا فلا تقبل روايتهم .
    @ سئل الشيخ عن ابن لهيعة روايته بعد الاختلاط ترد مطلقاً ؟ أحاديثه لم تتميز ولهذا حكموا بضعفها إلا رواية العبادلة عنه كعبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد أحسن من غيرها وإلا فكلها ضعيفة لأن أحاديثه لم تتميز ، فرواية العبادلة أحسن من غيرها ومع هذا فهي ضعيفة يعني يستشهد بها من باب الاستشهاد .

    ([4]) من اشتبه الأمر فيه يكون حديثه ضعيفاً .

    ([5]) إذا توبع بمعتبر مثله أو أحسن منه صار حديثه حسناً فإذا روى ابن لهيعة حديثاً وروى شريك القاضي أو غيره حديثاً مثله أو أحسن منه يكون من باب الحسن إذا كان المتابع مثله أو أحسن منه .

    ([6]) فيكون حديثهم من باب الحسن لغيره لا لذاته .

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ثمَّ الإِسْنادُ وهُو الطَّريقُ المُوصِلَةُ إِلى المتنِ .([1])
    والمَتْنُ : هُو غايَةُ ما يَنْتَهي إِليه الإِسنادُ مِن [ الكلامِ ] ، وهُو إِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ إِلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ ، ويقتَضي لفظُهُ – إِمَّا تَصْريحاً أَوْ حُكْماً – أَنَّ المنَقْولَ بذلك الإِسنادِ مِن قولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، أَوْ مِن فِعْلِهِ ، أو مِن تَقريرِهِ .([2])
    مثالُ المَرفوعِ مِن القولِ تَصريحاً : أَن يقولَ الصَّحابيُّ : سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : كذا ، أَو : حدَّثَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بكَذا ، أَو يقولُ هو أَو غيرُه : قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كذا ، أَو : عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَنَّه قالَ كذا ، أو نحوَ ذلك .
    ومِثالُ المَرفوعِ مِن الفِعْلِ تَصريحاً : أَن يقولَ الصَّحابيُّ : رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فعَلَ كذا ، أَو يقولَ هُو أَو غيرُه : كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ يفعَلُّ كذا .
    ومِثالُ المَرفوعِ مِن التَّقريرِ تَصريحاً : أَنْ يقولَ الصَّحابيُّ : فعَلْتُ بحضرَةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كذا ، أَو يقولَ هو أَو غيرُه : فعَلَ فُلانٌ بحَضْرَةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كذا ، ولا يذكُرُ إِنكارَهُ لذلك .
    ومثالُ المرفوعِ مِن القولِ حُكْماً لا تَصْريحاً : أَنْ يقولَ الصَّحابيُّ – الَّذي لم يأْخُذْ عَنِ الإِسرائيليَّات ِ – ما لا مجالَ للاجْتِهادِ فيهِ ، ولا [ لهُ ] تعلُّقٌ ببيانِ لُغةٍ أَو شرحِ غريبٍ ؛ كالإِخْبارِ عنِ الأمورِ الماضيةِ مِن بدْءِ الخَلْقِ وأَخْبارِ الأنبياءِ (( عليهم الصلاة والسلام )) أَو الآتيةِ كالملاحمِ والفِتَنِ وأَحوالِ يومِ القيامةِ .
    وكذا الإِخْبارُ عمَّا يحْصُلُ بفِعْلِهِ ثوابٌ مَخْصوصٌ أَو عِقابٌ مَخْصوصٌ .
    وإِنَّما كانَ لهُ حُكْمُ المَرفوعِ ؛ لأنَّ إِخبارَهُ بذلك يقتَضي مُخْبِراً لهُ ، و [ ما ] لا مَجالَ للاجتِهادِ فيهِ يَقتَضي مُوقِفاً للقائلِ بهِ ، ولا مُوقِفَ للصَّحابَةِ إِلاَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ]وسلَّمَ ، أَو بعضُ مَن يُخْبِرُ عَن الكُتبِ القديمةِ ، فلهذا وقعَ الاحْتِرازُ عنِ القسمِ الثَّاني ، وإِذا كانَ كذلك ؛ فلهُ حُكْمُ ما لو قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ ؛ فهُو مَرْفوعٌ ؛ سواءٌ كانَ ممَّا سمِعَهُ منهُ أَو عنهُ بواسِطةٍ .([3])
    ومِثالُ المَرفوعِ مِن الفِعْلِ حُكماً : أَنْ يفعَلَ الصَّحابيُّ ما لا مَجالَ للاجْتِهادِ فيهِ فيُنَزَّلُ على أَنَّ ذلك عندَه عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كما قالَ الشافعيُّ في صلاةِ عليٍّ في الكُسوفِ في كُلِّ ركعةٍ أَكثرَ مِن رُكوعَيْنِ .([4])
    ومثالُ المَرفوعِ مِن التَّقريرِ حُكْماً : أَنْ يُخبِرَ الصَّحابيُّ أَنَّهُم كانُوا يفْعَلونَ في زمانِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كذا ؛ فإِنَّهُ يكونُ لهُ حُكمُ الرَّفعِ مِن جهةِ أَنَّ الظَّاهِرَ (( هو )) اطِّلاعُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على ذلك لتوفُّرِ دَواعِيهِم على سُؤالِهِ عن أُمورِ دِينِهم ، ولأنَّ ذلك الزَّمانَ زمانُ [ نُزولِ ] الوَحْيِ فلا يقعُ مِن الصَّحابةِ فِعْلُ شيءٍ ويستمرُّونَ عليهِ إِلاَّ وهُو غيرُ ممنوعِ الفعلِ .
    وقدِ استدلَّ جابِرٌ وأَبو سعيدٍ [ الخُدريُّ ]– رضي الله عنهما – على جوازِ العَزْلِ بأَنَّهُم كانوا يفعَلونَه والقرآنُ ينزِلُ ، ولو كانَ ممَّا يُنْهَى عنهُ لنَهى [ عنهُ ] القُرآنُ .
    ويلتَحِقُ بقَولي : (( حُكْماً )) ؛ ما وردَ بصيغةِ الكنايةِ في موضعِ الصِّيَغِ الصَّريحةِ بالنِّسبةِ إِليه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؛ كقولِ التَّابعيِّ عنِ الصَّحابيِّ : يرفعُ الحَديثَ ، أو : يرويهِ ، أو : يَنْميهِ ، أَو : روايةً ، أَو : يبلُغُ بهِ ، أَو : رواهُ ([5])
    وقد يَقْتَصِرونَ على القولِ معَ حَذْفِ القائلِ ، ويُريدونَ بهِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؛ كقولِ ابنِ سيرينَ عنْ أَبي هُريرةَ [قالَ : قالَ([6]) : (( تُقاتِلونَ قَوْماً )) الحديث .
    وفي كلامِ الخَطيبِ أَنَّه اصْطِلاحٌ خاصٌّ بأَهلِ البَصرَةِ .
    ومِن الصِّيَغِ المُحْتَمِلةِ : قولُ الصَّحابيِّ : مِِن السُّنَّةِ كذا ([7])، فالأكثرُعلى أَنَّ ذلك مرفوعٌ .
    ونقلَ ابنُ عبدِ البرِّ فيهِ الاتِّفاقَ ؛ قالَ : وإِذا قالَها غيرُ الصَّحابيِّ ؛ فكذلك ، ما لم يُضِفْها إِلى صاحِبِها كسُنَّةِ العُمَرينِ.
    وفي نَقْلِ الاتِّفاقِ نَظَرٌ ، فعَنِ الشَّافعيِّ في أَصلِ المسأَلةِ قولانِ .
    وذَهَبَ إِلى أَنَّهُ غيرُ مرفوعٍ أَبو بكرٍ الصَّيرفيُّ مِن الشَّافعيَّةِ ، وأَبو بكرٍ الرَّازيُّ مِن الحنفيَّةِ ، وابنُ حزمٍ مِن أَهلِ الظَّاهِرِ ، واحتَجُّوا بأَنَّ السُّنَّةَ تتردَّدُ بينَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وبينَ غيرِه ، وأُجِيبوا بأَنَّ احْتِمالَ إِرادةِ غيرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعيدٌ .
    وقد روى البُخاريُّ في صحيحِه في حديثِ ابنِ شِهابٍ ، عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أَبيهِ في قصَّتِه معَ الحجَّاج حينَ قالَ لهُ : إِنْ كُنْتَ تُريدُ السُّنَّةَ فهَجِّرْ بالصَّلاةِ [ يومَ عَرَفَةَ ] ([8])
    قالَ ابنُ شِهابٍ : فقلتُ لسالِمٍ : أَفَعَلَهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؟ فقالَ : وهل يَعْنونَ [ بذلك ] إِلاَّ سُنَّتَهُ [ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ]
    فنَقَلَ سالمٌ – وهو أَحدُ الفُقهاءِ السَّبعَةِ مِن أَهلِ المدينةِ وأَحدُ الحفَّاظِ مِن التَّابعينَ [ عنِ الصَّحابةِ ] أَنَّهم إِذا أَطلَقوا السُّنَّةَ ؛ لا يُريدونَ بذلك إِلاَّ سُّنَّةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .
    وأَمَّا قولُ بعضِهِم : إِذا كانَ مرفوعاً ؛ فلمَ لا يقولونَ فيهِ : قالَ رسولُ اللهِ (( صلى الله عليه وسلم )) ؟ فجوابُهُ : إِنَّهُم تَرَكوا الجَزْمَ بذلك تورُّعاً واحتِياطاً .
    ومِن هذا : قولُ أَبي قِلابةَ عن أَنسٍ : (( مِن السُّنَّةِ إِذا تزوَّجَ البِكْرَ على الثَّيِّبِ أَقامَ عندَها سَبعاً )) ، أَخرَجاهُ في الصَّحيحينِ
    قالَ أَبو قِلابةَ (( عن أنس )): لو شِئْتُ لقلتُ : إِنَّ أَنساً رفَعَهُ إِلى النبيِّ [ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
    أَي : لو قُلتُ : لمْ أَكْذِبْ ؛ لأَنَّ قولَه : (( مِن السُّنَّةِ )) هذا معناهُ ، (( و )) لكنَّ إِيرادَهُ بالصِّيغَةِ التي ذَكَرها الصَّحابيُّ أَوْلى

    ([1]) فجر الأحد ( 14 / 10 / 1416هـ )

    ([2]) هذه أنواع ما ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثال القول ( إنما الأعمال بالنيات ) والفعل مثل قول الصحابي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي كذا ويسوي الصفوف ويأكل بيمينه ، والتقرير مثل : فعلت كذا والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر فهذا من التقرير إذا حكى أنه فعله والنبي صلى الله عليه وسلم شاهده ولم ينكره .

    ([3]) إذا قال الصحابي شيئاً لا يقال بالرأي وليس ممن ينقل عن بني اسرائيل فيكون له حكم الرفع مثل قول ابن عباس ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ) .

    ([4]) وهذا مثل ما يروى عن ابن عباس أنه يصلى للزلزلة مثل ما يصلى للكسوف فحمله بعضهم أنه في حكم المرفوع وأنه لا مجال للإجتهاد فيه لأنه عبادة فدل على أنه يصلى للزلزلة هكذا قال بعض أهل العلم فحمل ذلك على الرفع لأنه فعل لا يحتمل الاجتهاد والعبادات ليست محل اجتهاد وقال آخرون محتمل أنه اجتهاد منه رضي الله عنه وأنه قاس الزلزلة على الكسوف لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الكسوف ( يخوف الله بها عباده فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا ) قال بعضهم فلعل ابن عباس وما يروى عن علي كذلك إنما هو للعلة .

    ([5]) معناه الإشارة إلى أنه مرفوع وهذا يعرف من التتبع للروايات عن الصحابة واصطلاحهم فأخذها أصحاب المصطلح ونبوه عليها .

    ([6]) يعني هذا إشارة قال قال أي رسول الله صلى الله عليه وسلم
    @ الاسئلة : ما زاد على الركوعين في الكسوف هل هو صحيح ؟ بعض أهل العلم أن الكسوف جاء على أنواع ركوعين وثلاث ركوعات وأربع وخمس ، وقال آخرون الصواب ركوعان فقط في كل ركعة كما جاء في الصحيحين عن ابن عباس وعائشة ، وقالوا ما زاد على هذا فهو وهم من بعض الرواة وليس بصحيح وهذا رأي البخاري وجماعة لأن الواقعة واحدة والكسوف وقع يوم مات ابراهيم . فقام صلى الله عليه وسلم وصلى بركوعين وقراءتين وسجدتين فقالوا هذا يدل على أن الواقعة واحدة وأصح ما روي قراءتان وركوعان وسجدتان في الصحيحين ، وأما ثلاث وأربع ركوعات فهذه في صحيح مسلم خاصة ، وأما خمس ركوعات فهي عند أبي داود وجماعة فقالوا : هذه وهم من بعض الرواة وإنما الصواب ركوعان وقراءتان وسجدتان وهذا هو الأفضل والأحوط وهو أخف على الناس وأيسر .
    ب - ما حكم الصلاة عند الزلزلة ؟ محل نظر والأظهر عدم الصلاة فيها لعدم الدليل .

    ([7]) الصواب أن الصحابي إذا قال من السنة يعني سنة النبي صلى الله عليه وسلم هذا هو الصواب الذي نقل عليه ابن عبد البر الإجماع لأنهم إنما يحكون عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا سنة غيره .

    ([8]) ومثله قول ابن عباس ( من السنة للمسافر يصل مع المقيم أن يصلى أربعاً ) .



  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ومِن ذلك ([1]): قولُ الصَّحابيِّ : أُمِرْنا بكَذا ، أَو : نُهينا عنْ كذا ، فالخِلافُ [ فيهِ ] كالخِلافِ في الَّذي قَبْلَهُ ؛ لأنَّ مُطْلَقَ ذلك ينصَرِفُ بظاهِرِه إِلى مَنْ لهُ الأمرُ والنَّهْيُ ، وهُو الرَّسولُصلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .
    وخالفَ في ذلك طائفةٌ (( و )) تمَسَّكوا باحْتِمالِ أَنْ يَكونَ المُرادُ غيرَه ، كأَمرِ القُرآنِ ، أَو الإِجماعِ ، أَو بعضِ الخُلفاءِ ، أَو الاستِنْباطِ !
    وأُجيبوا بأَنَّ الأصلَ هو الأوَّلُ ، وما عداهُ مُحْتَمَلٌ ، لكنَّهُ بالنسبةِ إليهِ مرجوحٌ .([2])
    وأَيضاً ؛ فمَن كان في طاعةِ رئيسٍ إِذا قالَ : أُمِرْتُ ؛ لا يُفْهَمُ عنهُ أَنَّ آمِرَهُ [ ليس ] إِلاَّ رئيسُهُ .
    وأَمَّا قولُ مَن قالَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يُظنَّ ما ليسَ بأمرٍ أمراً ! فلا اخْتِصاصَ لهُ بهذهِ المسأَلَةِ ، بل [ هُو ] مذكورٌ فيما لو صرَّحَ ، فقالَ : أَمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ بكذا .
    وهو احْتِمالٌ ضعيفٌ ؛ لأنَّ الصَّحابيَّ عدلٌ عارفٌ باللِّسانِ ، فلا يُطلقُ ذلك إِلاَّ بعدَ التحقُّقِ ([3])
    ومن ذلك : قولُه: كنَّا نفعَلُ كذا ، فلهُ حُكْمُ الرَّفعِ أَيضاً كما تقدَّمَ .([4])
    ومِن ذلك : أَنْ يَحْكُمَ الصَّحابيُّ على فِعلٍ مِن الأفعالِ بأَنَّه طاعةٌ للهِ (( تعالى )) أَو لرسولِهِ [ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ ] ، أَو معصيةٌ ؛ كقولِ عَمَّارٍ : (( مَن صامَ اليومَ الَّذي يُشَكُّ فيهِ ؛ فقدْ عَصى أَبا القاسِمِ (( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ )) ([5])
    فلهذا حُكْمُ الرَّفعِ أَيضاً ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذلك ممَّا تلقَّاهُ عنِ [ النبيِّ ] صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .
    أَوْ تَنْتَهي غايةُ الإِسنادِ إلى الصَّحابِيِّ كَذلكَ؛ أَي : مِثْلَ ما تقدَّمَ في كونِ اللَّفْظِ يَقْتَضي التَّصريحَ بأَنَّ المَقولَ هُو مِن قولِ الصَّحابيِّ ، أَو مِن فعلِهِ ، أَو مِن تقريرِه ، ولا يَجيءُ فيهِ جَميعُ ما تقدَّمَ بل مُعْظَمُه .
    والتَّشبيهُ لا تُشْتَرَطُ فيهِ المُساواةُ مِن كلِّ جهةٍ
    ولمَّا [ أَنْ ] كانَ هذا المُخْتَصرُ شامِلاً لجَميعِ أَنواعِ [ عُلومِ ] الحَديثِ اسْتَطْرَدْتُ [ منهُ إِلى تَعريفِ الصَّحابيِّ مَن (( ما هو ، فقلتُ : وهُو : مَنْ لَقِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ [ تَعالى ] عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ ُمؤمِناً بهِ وماتَ عَلى الإِسلامِ ،ولو تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ ؛ [ في ] الأَصَحَّ .([6])
    والمرادُ باللِّقاءِ ما هُو أَعمُّ مِن المُجالَسَةِ والمُماشاةِ ووصولِ أَحدِهِما إِلى الآخَرِ وإِنْ لم يُكالِمْهُ، وتدخُلُ [ فيهِ ] رُؤيَةُ أَحدِهما الآخَرَ، سواءٌ كانَ ذلك بنفسِه أَو بغيْرِه.
    والتَّعْبيرُ بـ (( اللُّقِيَّ )) أَولى مِن قولِ بعضِهم : الصَّحابيُّ مَن رأَى النبيَّ [ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لأنَّهُ يخرُجُ [ حينئذٍ ] ابنُ أُمِّ مكتومٍ ونحوُهُ مِن العُميانِ ، وهُم صحابةٌ بلا تَرَدُّدٍ ، واللُّقي في هذا التَّعريفِ كالجِنْسِ .
    و (( في )) قَوْلِي : (( مُؤمناً )) ؛ كالفَصْلِ ، يُخْرِجُ مَن حَصَلَ لهُ اللِّقاءُ المذكورُ ، لكنْ في حالِ كونِه كافراً .([7])
    وقَوْلي: (( بهِ )) فصلٌ ثانٍ يُخْرِجُ مَن لَقِيَهُ مُؤمِناً لكنْ بغيرِه مِن الأنبياءِ (( عليهم الصلاة والسلام ))
    لكنْ: هل يُخْرِجُ مَن لَقِيَهُ مُؤمِناً بأَنَّهُ سَيُبْعَثُ ولم يُدْرِكِ البِعْثَةَ (( كبحيرة )) (( و )) فيهِ نَظرٌ !
    وقَوْلي : (( وماتَ على الإِسلامِ )) ؛ فصلٌ ثالِثٌ يُخْرِجُ مَنِ ارتَدَّ بعدَ أَنْ لَقِيَه مُؤمِناً [ بهِ ] ، وماتَ على الرِّدَّةِ ؛ كعُبَيْدِ اللهِ بنِ جَحْشٍ وابن خَطَلٍ .
    وقَوْلي : (( [ ولو ] تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ )) ؛ أي : بينَ لُقِيِّهِ لهُ مُؤمِناً [ بهِ ] وبينَ موتِه على الإِسلامِ ؛ فإِنَّ اسمَ الصُّحبةِ باقٍ لهُ ، سواءٌ أَرجَعَ إِلى الإسلامِ في حياتِهِ [ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ ] أَو بعدَه ، [ و ] سواءٌ أَلَقِيَهُ ثانياً أَمْ لا !
    وقَوْلي : (( في الأصحِّ )) ؛ إِشارةٌ إِلى الخِلافِ في المسأَلةِ .
    ويدلُّ على رُجْحانِ الأوَّلِ قصَّةُ الأشْعَثِ بنِ قيسٍ ؛ فإِنَّه كانَ ممَّنِ ارتَدَّ ، وأُتِيَ بهِ [ إِلى ] [ أَبي بكرٍ ] الصدِّيقِ ] أَسيراً ، فعادَ إِلى الإسلامِ ، فقَبِلَ منهُ ذلك ، وزوَّجَهُ أُخْتَهُ ، ولم يتخلَّفْ أَحدٌ عنْ ذِكْرِهِ في الصَّحابةِ ولا عنْ تخريجِ أحاديثِه في المَسانيدِ وغيرِها .

    ([1]) فجر الأحد 21 / 10 / 1416 هـ

    ([2]) وهذا هو الصواب أن له حكم الرفع كقول ابن عباس ( أمر الناس أن يكون عهدهم بالبيت ) وهذا كثير في لسان الصحابة ومثله قول أم عطية ( نهينا أن اتباع الجنائز ) .

    ([3]) وهذا القول واضح فلا يظن بالصحابي قد يظن ما ليس بأمرٍ أمراً وما ليس بنهي ليس نهياً هذا غلط فلا يظن بهم ذلك فهم أفصح الناس وأعرف الناس وهم أكثر الناس أمانة فإذا قال أمرنا أو نهينا فهو يعرف الأمر والنهي .

    ([4]) كقول جابر ( كنا نعزل والقرآن ينزل ) .

    ([5]) ومثله قول أبي هريرة لما رأى رجلاً خرج من المسجد بعد الأذان فقال ( أما هذا فقد عصى أبا القاسم ) .

    ([6]) فالمقصود أنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم فله حكم الصحبة إذا كان مؤمناً به ولو كان تبعاً كالصحابة الصغار الذين لقوا النبي صلى الله عليه وسلم أو قدمهم أباءهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم كعبد الله بن أبي طلحة وأشباهه فهم صحابة حتى ولو ارتد ولو رجع فالصحبة لا تزول كالذين ارتدوا أيام الردة ثم رجعوا كأشعث بن قيس وغيره فلهم حكم الصحبة .
    @ الأسئلة : النجاشي هل يعتبر صحابي ؟ لا ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم هو تابعي وإنما كاتبه .
    ب - محمود بن الربيع هل هو صحابي ؟ نعم صحابي صغير مج النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه مجة .
    ج - محمد بن أبي بكر هل هو صحابي ؟ نعم صحابي لقي النبي صلى الله عليه وسلم حمل إليه .

    ([7]) فهذا لا يسمى صحابي فإذا لقيه كافراً ثم أسلم بعد ذلك يكون تابعياً

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    تَنْبيهانِ :([1])
    أَحَدُهما : لا خَفاءَ برُجْحانِ رُتبةِ مَن لازَمَه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وقاتَلَ معَهُ ، أَو قُتِلَ تَحْتَ رايتِه ، على مَن لم يُلازمْهُ ، أَو لم يَحْضُرْ معهُ مشهداً ، و على مَن كلَّمَهُ يَسيراً ، أَو ماشاهُ قَليلاً ، أَو رآهُ على بُعْدٍ ، أَو في حالِ الطُّفولةِ ، وإِن كانَ شرفُ الصُّحْبةِ حاصِلاً للجَميعِ .([2])
    ومَنْ ليسَ لهُ مِنهُم سماعٌ منهُ ؛ فحديثُهُ مُرْسَلٌ من حيثُ الرِّوايةُ ، وهُم معَ ذلك معددونَ في الصَّحابةِ ؛ لما نالوهُ مِن شرفِ الرُّؤيةِ ([3])
    (( و )) ثانيهِما : يُعْرَفُ كونُه صحابيّاً ؛ بالتَّواتُرِ ، والاستفاضة ، أَو الشُّهْرةِ ، أَو بإِخبارِ بعضِ الصَّحابةِ ، أَو بعضِ ثقاتِ التَّابِعينَ ، أَو بإِخبارِهِ عنْ نفسِهِ بأَنَّهُ صحابيٌّ ؛ إِذا كانَ دعواهُ ذلكَ تدخُلُ تحتَ الإِمكانِ !
    وقد استَشْكَلَ هذا الأخيرَ جماعَةٌ مِن حيثُ [ إِنَّ ] دعواهُ ذلك نظيرُ دَعْوى مَن قالَ: أَنا عَدْلٌ !
    ويَحْتاجُ إِلى تأَمُّلٍ !!([4])
    أَوْ تنتَهي غايةُ الإِسنادِ إِلى التَّابِعيَ([5]) ، وهو مَنْ لَقِيَ الصَّحابِيَّ كذلكَ ، وهذا متعلِّقٌ باللُّقيِّ ، وما ذُكِرَمعهُ ؛ إِلاَّ قَيْدُ الإِيمانِ بهِ ؛ فذلكَ خاصٌّ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم .
    وهذا هُو المُختارُ ؛ خلافاً لمَن اشْتَرَطَ في التَّابعيِّ طولَ المُلازمةِ ، أَو صُحْبَةَ السَّماعِ ، أَو التَّمييزَ .([6])
    وبَقِيَ بينَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ طبَقَةٌ اخْتُلِفَ في إِلحاقِهِم بأَيِّ القِسمينِ ، وهُم المُخَضْرَمونَ (( من )) الَّذين أَدْرَكوا الجَاهِليَّةَ والإِسلامَ ، ولم يَرَوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فعدَّهُم ابنُ عبدِ البرِّ في الصَّحابةِ .
    وادَّعَى عِياضٌ وغيرُه أَنَّ [ ابنَ ] عبدِ البرِّ يقولُ : إِنَّهُم صحابةٌ ! وفيهِ نظرٌ ؛ لأنَّهُ [ أَفصَحَ ] في [ خُطبةِ ] كتابِه بأَنَّهُ إِنَّما أَورَدَهُم ليكونَ كتابُه جامِعاً مُستوعِباً لأهْلِ القرنِ الأوَّلِ .
    والصَّحيحُ أَنَّهُم مَعددونَ في كبارِ التَّابعينَ سواءٌ عُرِف أَنَّ الواحِدَ منهُم كانَ مُسلماً في زمنِ النبيِّ [ صلى الله عليه وسلم ] كالنَّجاشيِّ – أَمْ لا ؟
    لكنْ إِنْ ثبتَ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإِسْراءِ كُشِفَ لهُ عن جَميعِ مَن في الأرْضِ فرَآهُمْ ، فيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مَنْ كانَ مُؤمِناً [ بهِ ] [ في حياتِه ] [ إِذْ ذاكَ وإِنْ لمْ يُلاقِهِ في الصَّحابةِ ؛ لحُصولِ الرُّؤيَةِ من جانِبِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .([7])
    فـالقسمُ الأوَّلُ ممَّا تقدَّمَ ذِكْرُهُ مِن الأقْسامِ الثَّلاثةِ – وهُو ما تَنْتَهي إلى [ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ] غايةُ الإِسنادِ – هُو المَرْفوعُ ، سواءٌ كانَ ذلك الانتهاءُ بإِسنادٍ مُتَّصلٍ أَم لا .
    والثَّانِي : (( هو )) المَوْقوفُ ، وهو ما انْتَهَى إلى الصَّحابيِّ .
    والثَّالِثُ : المَقْطوعُ ، وهو ما ينْتَهي إلى التَّابعيِّ .
    ومَنْ (( هو )) دُونَ التَّابِعِيِّ مِن أَتْباعِ التَّابعينَ فمَنْ بعْدَهُم ؛ فيهِ ؛ أَي : في التَّسميةِ ، مِثْلُهُ ؛ أَي : مثلُ ما ينتَهي إِلى التَّابعيِّ في تسميةِ [ جميعِ ] ذلك مَقطوعاً ، وإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : موقوفٌ على فُلانٍ .
    فحَصَلَتِ التَّفرقةُ في (( جميع )) الاصطِلاحِ بين المَقطوعِ والمُنْقَطِعِ ، [ فالمُنْقَطِعُ ] مِن مباحِثِ الإِسنادِ كما تقدَّمَ ، والمَقْطوعُ مِن مباحِثِ المَتْنِ كما ترى .
    وقد أَطلَقَ بعضُهُم هذا في موضِعِ هذا ، وبالعكْسِ ؛ تجوُّزاً عنِ الاصطِلاح .
    ويُقالُ للأخيرينِ ؛ أي : الموقوفِ والمَقطوعِ : الأَثَرُ

    ([1]) فجر الأحد 28 / 10 / 1416 هـ

    ([2]) الصحابة يتفاوتون وليسوا على حد سواء فهم أقسام وطبقات على حسب صحبتهم وتقدم صحبتهم وجهادهم وسبقهم فالصديق أفضلهم لسبقه العظيم ونفعه في الإسلام وجهاده بماله وبدنه في مكة والمدينة وفي المغازي ثم عمر لصدقه وإيمانه وقوته في دين الله ونصره للحق ثم عثمان لصفاته الحميدة وأعماله المجيدة ونصره للإسلام وبذله للمال العظيم في نصرة الإسلام ثم علي لفضله العظيم وصبره وجهاده وقوته في الدين ثم بقية العشرة ثم أصحاب بدر ثم الذين بايعوا تحت الشجرة فهم طبقات في علمهم وفضلهم وجهادهم وتقدمهم في الدين وأقلهم من ولد على الإسلام ورأى النبي صلى الله عليه وسلم تحصل له الصحبة فالصحبة عامة لمن لقي النبي صلى الله عليه وسلم ولو تبعاً لغيره كعبد الله بن طلحة الذي ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه وحنكه وغيره من الصغار كعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس والسائب بن يزيد وغيرهم من صغار الصحابة .
    @ الاسئلة : من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه ؟ هذا لايسمى صحابي يسمى تابعي كالصنابحي وكعب الأحبار هؤلاء يقال لهم تابعيون وإن كانوا أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم ولكنهم لم يلقوه .

    ([3]) مرسل الصحابي حجة لأنه تلقاه عن الصحابة فالذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ولكن لم يسمع منه فحديثه يسمى مرسل صحابي وهو حجة .

    ([4]) مثل هذا لا يشكل لأنه قوله شاهدت النبي صلى الله عليه وسلم أو رأيت النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون مثل قول الرجل أنا عدل فهو يخبر عما جرى ولم يكذب وعرفت ثقته وإمامته وعدالته فالصحابة عدول رضي الله عنهم وأرضاهم فإذا قال ذلك ثبت له حكم الصحابة لأنه لو كان كاذباً لكذبه الصحابة الذين عرفوه .

    ([5]) إذا انتهت الرواية إلى التابعي فهذا يقال له أثر فإذا انتهت إلى عكرمة إلى سعيد بن المسيب إلى أبي صالح السمان فهذا يسمى أثر فإذا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له مرسل .

    ([6]) والصواب هذا ليس بشرط والمقصود أنه رآءه واجتمع به ولقيه يكفي ولو لم تطل الصحبة .

    ([7]) وهذا ليس بشيء فلم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم كشف له عن الأمة ولو ثبت ما كان لهم حكم الصحابة لأن الصحابة حكمه لمن رآءه هو إذا رآءه الصحابي نفسه النبي صلى الله عليه وسلم ويؤمن به فالنبي صلى الله عليه وسلم رأى أناساً كثير وما أسلموا إلا من بعده فلا يكون لهم حكم الصحبة إلا من لقيه مؤمناً به والمخضرمون ليسوا بصحابة هذا هو الصواب لأنهم ما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانوا مسلمين في عهدهم صلى الله عليه وسلم كالنجاشي وكذا الصنابحي وكعب الأحبار وقيس بن سعد فهؤلاء كبار التابعين .


  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    والمُسْنَدُ ([1])في قولِ أَهلِ الحَديث : هذا [ حديثٌ مُسنَدٌ ]: هو : مرفوعُ صَحابِيٍّ بِسَنَدٍ ظاهِرُهُ الاتِّصالُ ،
    [ قال الشيخ ابن باز : وهذا هو أكمل التعاريف ]
    فقولي : (( مرفوعٌ )) كالجنسِ ، وقولي : (( صحابيٍّ )) كالفصلِ ، يَخرُجُ بهِ ما رفعهُ التَّابعيُّ ؛ فإِنَّه مُرْسَلٌ ، أَو مَن دونَه ؛ [ فإِنَّه ] مُعْضَلٌ أَو مُعلَّقٌ .
    و (( في )) قولي : (( ظاهِرُهُ الاتِّصالُ )) يُخْرِجُ ما ظاهِرُه الانقطاعُ ، ويُدخِل [ ما ] فيه الاحتمالُ ، وما يوجَدُ فيه حقيقةُ الاتِّصالِ مِن بابِ أَولى
    ويُفهَمُ مِن التَّقييدِ بالظُّهورِ أَنَّ الانقطاعَ الخفيَّ كعنعَنَةِ المدلِّسِ والمُعاصرِ الذي لم [ يثبُتْ ] لُقِيُّهُ ؛ لا يُخرِجُ (( عن )) الحديثَ عن [ كونِه ] مُسنَداً ؛ لإِطباقِ [ الأئمَّةِ ] الَّذينَ خَرَّجوا المسانيدَ على ذلك .
    وهذا التَّعريفُ مُوافِقٌ لقَولِ الحاكمِ: (( المُسْنَدُ: ما رواهُ المحدِّثُ عن شيخٍ يَظْهَرُ سماعُه منهُ، وكذا شيخُه من شيخِهِ مُتَّصلاً إِلى صحابيٍّ إِلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم )).
    وأمَّا الخَطيبُ فقالَ: المُسْنَدُ: المُتَّصلُ.([2])
    فعلى هذا: الموقوفُ إِذا جاءَ بسندٍ مُتَّصلٍ يسمَّى عندَه مسنداً، لكنْ قال: إِنَّ ذلك قد يأْتي، لكنْ بقلَّةٍ.
    وأَبعدَ ابنُ عبدِ البرِّ حيثُ قالَ : (( المُسندُ المرفوعُ )) ولم يتعرَّضْ للإِسنادِ ؛ فإِنَّهُ يصدُقُ على المُرسلِ والمُعضَلِ والمُنقطِعِ إِذا كانَ المتنُ مرفوعاً ! ولا قائلَ بهِ .
    فإِنْ قَلَّ عَدَدَهُ ؛ أي : عددُ رجالِ السَّندِ ، فإِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ إِلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بذلك العددِ القليلِ بالنِّسبةِ إِلى [ أَيِّ ] سندٍ آخَرَ يَرِدُ بهِ ذلك الحَديثُ بعينِه بعددٍ كثيرٍ ، أَوْ ينتَهِيَ إِلى إِمامٍ مِن أَئمَّةِ الحَديثِ ذي صِفَةٍ عَلِيَّةٍ كالحفظِ [ والفِقهِ ] والضَّبطِ والتَّصنيفِ وغيرِ ذلك من الصِّفاتِ المُقتَضِيَةِ للتَّرجيحِ ؛ كشُعْبَةَ ومالكٍ والثَّوريِّ والشَّافعيِّ والبُخاريِّ [ ومُسلمٍ ] ونحوِهم
    فالأوَّلُ وهُو ما ينتَهي إِلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : العُلُوُّ المُطْلَقُ ، فإِن اتَّفَقَ أَنْ يكونَ سندُهُ صحيحاً ؛ كانَ الغايةَ القُصوى ، وإِلاَّ فَصُورةُ العلوِّ فيهِ موجودةٌ ما لم يكُنْ موضوعاً ؛ [ فهُو ] كالعدَمِ .([3])
    والثَّانِي : العُلُوُّ النِّسْبِيُّ : وهُو ما يقلُّ العددُ فيهِ إِلى ذلك الإِمامِ ([4])، ولو كانَ العددُ من ذلك الإِمامِ إِلى مُنتهاهُ كَثيراً .
    وقد عَظُمَتْ رغبةُ المُتأَخِّرينَ فيهِ ، حتَّى غَلَبَ ذلك على كثيرٍ منهُم ، بحيثُ أَهْمَلوا الاشتِغالَ بما هُو أَهمُّ منهُ .([5])
    وإِنَّما كانَ العلوُّ مَرغوباً فيهِ ؛ لكونِه أَقربَ إِلى الصحَّةِ ، وقلَّةِ الخطأِ ؛ لأنَّهُ ما مِن راوٍ مِن رجالِ الإِسنادِ إِلاَّ والخطأُ جائزٌ عليهِ ، فكلَّما كَثُرتِ الوسائطُ وطالَ السَّندُ ؛ كَثُرَتْ مظانُّ التَّجويزِ ، وكلَّما قلَّتْ ؛ قلََّتْ .
    فإِنْ كانَ في النُّزولِ مَزِيَّةٌ ليستْ في العلوِّ ؛ كأَنْ يكونَ رجالُه أَوثقَ [ منهُ ] ، أَو أَحفَظَ ، أَو أَفقهَ ، أَو الاتِّصالُ فيهِ أَظهرَ ؛ فلا تردُّدَ في أَنَّ النُّزولَ حينئذٍ أَولى .([6])
    وأَمَّا مَن رجَّحَ النُّزولَ مُطلقاً ، واحْتَجَّ بأَنَّ كَثرةَ البحثِ تقتَضي المشقَّةَ ؛ فيعظُمُ الأجْرُ !([7])
    فذلك ترجيحٌ بأَمرٍ أَجنبيٍّ عمَّا يتعلَّقُ بالتَّصحيحِ والتَّضعيفِ .

    ([1]) فجر الأحد 12 / 11 / 1416 هـ

    ([2]) هذا اصطلحات كونه يسمى المتصل لا بد من قيد المسند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأما المتصل المطلق فهذا يشمل المتصل للنبي صلى الله عليه وسلم والمتصل للصحابي ولكن إذا قيل هذا حديث مسند فالمراد للنبي صلى الله عليه وسلم هذا المعروف عند أئمة الحديث اصطلحوا عليه مثل ما يقال هذا حديث مرفوع

    ([3]) إن قل العدد فهذا يسمى العلو سند عالٍ كأن يقال مالك عن نافع عن ابن عمر ، أو الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا فهذا يسمى عالٍ وإذا رواه الشافعي عن آخرين بسند رباعي أو خماسي فهذا يقال له نازل ولكن العبرة بالثقة واستقامة السند فكم من نازلٍ أصح من عالٍ فإذا اجتمع الأمران عالٍ وصحيح كان ذلك أرفع .

    ([4]) العلو النسبي كأن يرويه بسند قليل إلى مالك أو الشافعي والثوري ونحو ذلك فيرويه عبد الله بن أحمد أو الطبراني إلى مالك بعدد قليل فهذا علو نسبي .

    ([5]) وهذا ليس بجيد والأولى الاشتغال بما ينفع في ثقة الرجال واستقامة الاسانيد هذا ما ينبغي فيه العناية .

    ([6]) وهذا لا شك فيه .

    ([7]) وهذا صحيح ترجيح النزول لأجل التعب والبحث ليس بشيء إنما العمدة بما يتعلق بحفظ الرجال وثقتهم واتصال السند فهذا هو محل البحث .

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وفيهِ ؛ أي : (( في )) العلوِّ النسبيِّ المُوافَقَةُ ([1])، وهي الوصول إلى شيخِ [ أحدِ ] المُصَنِّفينَ مِن غيرِ طريقهِ ؛ أَي : الطَّريقِ التي تصلُ إِلى ذلك المصنِّفِ المُعيَّنِ .
    (( و )) مثالُه : روى البُخاريُّ عن قُتيبةَ عن مالكٍ حديثاً ...
    فلو رَوَيْناهُ مِن طريقِهِ ؛ كانَ بينَنا وبينَ قُتَيْبَةَ ثمانيةٌ ، ولو رَوْينا ذلك الحَديثَ [ بعينِه ] مِن [ طريقِ ] أَبي العبَّاس السَّرَّاجِ عن قُتيبةَ مثلاً ؛ لكانَ بينَنا وبينَ قُتيبةَ (( مثلاً )) (( فيه سبعةٌ .
    فقدْ حَصَلَتْ لنا المُوافقةُ معَ البُخاريِّ في شيخِهِ بعينِهِ معَ عُلوِّ الإِسنادِ [ على الإِسنادِ ] إِليهِ .
    وفيهِ ؛ أَي : (( في )) العلوِّ النسبيِّ البَدَلُ ، وهو الوُصولُ إِلى شيخِ شيخِهِ [ كذلكَ ]
    كأَنْ يقعَ لنا ذلك الإِسنادُ (( على الإسناد إليه )) بعينِهِ مِن طريقٍ أُخرى إِلى القعنَبِيِّ عن مالكٍ ، فيكونُ القَعْنَبيُّ بَدلاً فيهِ مِن قُتَيْبَةَ .
    وأَكثرُ ما يعتَبِرونَ المُوافَقَةَ والبَدَلَ إِذا قارَنَا العُلُّوَّ ، وإِلاَّ ؛ فاسمُ المُوافقةِ والبَدلِ [ واقِعٌ ] بدُونِه .
    وفيهِ ؛ أَي : العُلوِّ النسبيِّ المُساواةُ ، وهي: استواءُ عدَدِِ الإِِسنادِِ مِن الرَّاوي إِلى آخِرِهِ ؛ أَي : الإِسنادِ مَعَ إِسنادِ أَحدِ المُصَنِّفينَ .
    كأَنْ يروِيَ النَّسائيُّ مَثلاً حَديثاً [ يقعُ ] بينَهُ وبينَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ [ فيهِ ] أَحدَ عشرَ نفساً ([2])، فيقعُ لنا ذلك الحديثُ بعينِه بإِسنادٍ آخَرَ إِلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقعُ بينَنا فيه وبينَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَحدَ عشرَ نفساً ، فنُساوي النَّسائيَّ مِن حيثُ العددُ معَ قطعِ النَّظرِ عن مُلاحظةِ ذلك الإِسنادِ الخاصِّ .
    وفيهِ ؛ أَي : [ في ] العلوِّ النسبيِّ أَيضاً المُصافَحَةُ ، وهي : الاستواءُ مَعَ تِلْميذِ ذلكَ المُصَنِّفِ على الوجْهِ المَشروحِ أَوَّلاً .
    وسُمِّيتْ مُصافحةً لأنَّ العادةَ جرتْ في الغالبِ بالمُصافحةِ بينَ مَن تلاقَيا ، ونحنُ في هذهِ الصُّورةِ كأَنَّا لَقينا النَّسائيَّ ، فكأَنَّا صافَحْناهُ .

    ([1]) فجر الأحد 17 / 5 / 1417 هـ

    ([2]) وهذا يقع أيضاً فقد يروي النسائي أو أبو داود حديثاً فيه أحد عشر نفساً ويأتي من هو دون النسائي بمسافة كأن يكون في القرن الرابع فيرويه من طرق مشايخ معمرين برجال مثل رجال النسائي أحد عشر فتأخر زمانه ووافق النسائي في عدد الرجال وهذا من باب علوم الإسناد التي قد تقع ولا تعلق بالصحة والضعف .

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ويُقابِلُ العُلُوُّ([1]) بأَقْسَامِهِ المَذكورةِ النُّزولُ فيكونُ كلُّ قسمٍ مِن أَقسامِ العُلوِّ يُقابِلُهُ قسمٌ مِن أَقسامِ النُّزولِ ؛ [ خِلافاً ] لمَن زعمَ أَنَّ العُلوَّ قد يقعُ غيرَ تابعٍ للنُّزولِ
    فإِنْ تَشارَكَ الرَّاوِي ومَنْ روى عَنْهُ في أَمرٍ مِن الأمورِ المتعلِّقَةِ بالرِّوايةِ ؛ مثلِ السِّنِّ واللُّقِيِّ ، و [ هو ] الأخذُ عن المشايخِ ؛ فهُو النُّوعُ الَّذي يُقالُ لهُ : روايةُ الأقْرانِ ([2])؛ لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ راوياً عن قَرينِهِ .
    وإِنْ رَوى كُلِّ مِنْهُما ؛ أَي : القَرينَيْنِ عَنِ الآخَرِ ؛ فـهو المُدَبَّجُ ([3])، وهو أَخصُّ مِن الأوَّلِ ، فكلُّ مُدَبَّجٍ أَقرانٌ ، وليسَ كلُّ أَقرانٍ مدبَّجاً .
    وقد صنَّفَ الدَّارقطنيُّ في ذلك ، وصنَّف أَبو الشيخِ الأصبهانيُّ في الَّذي قبلَه .
    وإِذا روى [ الشَّيخُ ] عن تلميذِهِ صَدَق أَنَّ كلاًّ منهُما يروي عنِ الآخَرِ ؛ فهل يُسمَّى مُدبَّجاً ؟
    فيهِ بحثٌ ، والظَّاهرُ : لا ؛ لأنَّهُ مِن [ روايةِ ] الأكابِرِ عَنِ الأصاغِرِ ، والتَّدبيجُ مأْخوذٌ مِن دِيباجَتَيِ الوجهِ ، فَيَقْتَضِي أَن يكونَ [ ذلك ] مُستوِياً مِن الجانبَيْنِ ، فلا يجيءُ فيهِ هذا .
    وإِنْ رَوى الرَّاوي عَمَّنْ [ هُو ] دُونَهُ في السنِّ أَو (( في )) اللُّقيِّ أَو في المِقدارِ ؛ فـهذا النَّوعُ هو روايةُ الأكابِرُ عَنِ الأصاغِرِ .
    ومِنهُ ؛ أَي : (( و )) مِن جُملةِ هذا النَّوعِ – وهو أَخصُّ مِن مُطلَقِهِ – روايةُ الآباءُ عَنِ الأبْناءِ ، والصَّحابةِ عنِ التَّابعينَ ، والشَّيخِ عن تلميذِهِ ، ونحوِ ذلك .
    وفي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ ؛ لأنَّهُ هُو الجادَّةُ المسلوكةُ الغالبةُ ([4])
    [ ومِنْهُ: مَنْ رَوى عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ
    وفائدةُ معرِفَةِ ذلك : التَّمييزُ بينَ مراتِبِهِم ، وتَنْزيلُ النَّاسِ منازِلَهُم .
    وقد صنَّفَ الخَطيبُ في راويةِ الآباءِ عنِ الأبناءِ تصنيفاً ، وأَفردَ جُزءاً لطيفاً في روايةِ الصَّحابةِ عن التَّابِعينَ .
    وجَمَعَ الحافظُ صلاحُ الدِّينِ العَلائيُّ – مِن المتأَخِّرينَ – مُجلَّداً [ كبيراً ] في معرفةِ مَن روى عن أَبيهِ عن جدِّهِ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ ([5])، وقسَّمهُ أَقساماً ، فمنهُ ما يعودُ الضَّميرُ في قولِه : (( عن جدِّهِ )) على الرَّاوي ، ومنهُ ما يعودُ الضَّميرُ فيهِ على أَبيهِ ، وبيَّن ذلك ، وحقَّقَهُ ، وخرَّج في كلِّ ترجمةٍ حديثاً مِن مرويِّهِ .
    وقد لخَّصتُ كتابَه المذكورَ ، وزِدْتُ عليهِ تراجِمَ كثيرةً جدّاً ، وأَكثرُ ما وقعَ فيهِ ما تسلْسَلَتْ فيهِ الرِّاويةُ عن الآباءِ بأَربعةَ عشر أَباً .

    ([1]) فجر الأحد 24/ 5 / 1417 هـ

    ([2]) لأنهم قد تقاربوا في السن واللقي للمشايخ كأصحاب ابن عباس وأصحاب الزهري ومالك .

    ([3]) وهو اصطلاح لهم .

    ([4]) وهذا هو القاعدة والمشهور .

    ([5]) مثل عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وبهز بن حكيم عن أبيه عن جده ، فبهز بن حكيم عن أبيه أبي بهز عن جده أي جد بهز ، وعمرو بن شعيب عن أبيه أي شعيب ، ( عن جده ) يعني جد شعيب وليس جد عمرو .

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وإِنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَنْ شَيْخٍ([1]) ، وتَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِما على الآخَرِ ؛ فهُوَ : السَّابِقُ واللاَّحِقُ .([2])
    وأَكثرُ ما وَقَفْنا عليهِ مِن ذلك ما بينَ الرَّاوْيَيْنِ فيهِ في الوفاةِ مئةٌ وخَمْسونَ سنةً ، وذلك أَنَّ الحافظَ السِّلفيَّ سمِعَ منهُ أَبو عليٍّ البَرْدانيُّ– أَحدُ مشايخِهِ – حَديثاً ، ورواهُ عنهُ ، وماتَ على رأَسِ الخَمْسِ مئةٍ .
    [ ثمَّ ] كانَ آخِرُ أَصحابِ السِّلفيِّ بالسَّماعِ سِبْطَهُ أَبا القاسمِ عبدَ الرحمنِ بن مَكِّيٍّ ، وكانتْ وفاتُه سنةَ خمسينَ وستِّ مئةٍ .
    ومِن قديمِ ذلك أَنَّ البُخاريَّ حدَّثَ عن تِلميذِهِ أَبي العبَّاسِ السَّرَّاجِ شيئاً في التَّاريخِ وغيرِه ، وماتَ سنةَ ستٍّ وخمسينَ ومئتينِ ، وآخِرُ مَن حدَّثَ عن السَّرَّاجِ بالسَّماعِ أَبو الحُسينِ الخَفَّافُ ، وماتَ سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وثلاثِ مئةٍ .([3])
    وغالِبُ ما يقعُ مِن ذلك أَنَّ المسموعَ منهُ قد يتأَخَّرُ بعدَ [ [ موتِ ] [ أَحدِ ] (( أخذ )) الرَّاويينِ عنهُ زماناً ، حتَّى يسمَعَ منهُ بعضُ الأحداثِ ويعيشَ بعدَ السَّماعِ منهُ دَهْراً طويلاً ، فيحْصُلُ مِن مجموعِ ذلك نَحْوُ هذهِ المدَّةِ ، واللهُ الموفِّقُ
    وإِنْ رَوى الرَّاوي عَنِ اثْنَيْنِ مُتَّفِقَيِ الاسْمِ ، أَو معَ اسمِ الأبِ ، أَو معَ اسمِ الجدِّ ، أَو معَ النِّسبةِ ، ولَمْ يَتَمَيَّزا بما يخُصُّ كُلاًّ منهُما ، فإِنْ كانا ثقَتَيْنِ لم يَضُرَّ .
    ومِن ذلكَ ما وقَعَ في البُخاريِّ مِن روايتِه عن أَحمدَ – غيرَ مَنسوبٍ – عن [ ابنِ ] وَهْبٍ ؛ فإِنَّهُ إِمَّا أَحمدُ بنُ صالحٍ ، أَوأَحمدُ بنُ عيسى ، أَو : عن محمَّدٍ – غيرَ منسوبٍ – عن أَهلِ العراقِ ؛ فإِنَّهُ إِمَّا محمَّدُ بنُ سَلاَمٍ أَو محمَّدُ بنُ يَحْيى الذُّهليُّ .
    وقدِ استَوْعَبْتُ ذلك في مقدِّمةِ (( شرحِ البُخاريِّ ))
    ومَن أَرادَ لذلك ضابِطاً كُلِّيّاً يمتازُ بهِ أَحدُهما عنِ الآخَرِ ؛ فباخْتِصاصِهِ ؛ [ أَي [ الشيخِ المرويِّ عنهُ ] الراوي بأَحَدِهِما يَتَبَيَّنُ المُهْمَلُ .([4])
    ومتى لم يتَبَيَّنْ ذلك ، أَو كانَ مختَصّاً بهما معاً ؛ فإشكالُه شديدٌ ، فيُرْجَعُ فيهِ إِلى القرائنِ ، والظَّنِّ الغالِبِ ([5]).
    وإِنْ روى عن شيخٍ حَديثاً ؛ فـجَحَدَ الشيخُ مَرْوِيَّهُ .
    فإِنْ كانَ جَزْماً – كأَنْ يقولَ : كذِبٌ عليَّ ، أَو : ما روَيْتُ هذا ، أَو نحوَ ذلك – ، فإِنْ وقعَ منهُ ذلك ؛ رُدَّ ذلك الخبرُ لِكَذِبِ واحِدٍ منهُما ، لا بِعَيْنِه .
    ولا يكونُ ذلك قادِحاً في واحدٍ منهُما للتَّعارُضِ([6]) .
    [ أَوْ ] كانَ جَحَدَهُ احْتِمالاً ، كأَنْ يَقولَ : ما أَذْكُرُ هذا ، أَو: لا أَعْرِفُهُ ؛ قُبِلَ ذلك الحَديثُ في الأصَحِّ ؛ لأَنَّ ذلك يُحْمَلُ على نِسيانِ الشَّيخِ ، وقيلَ : لا يُقْبَلُ ؛ لأنَّ الفرعَ تَبَعٌ للأصلِ في إِثباتِ الحَديثِ ، [ بحيثُ ] إِذا ثَبَتَ أَصلُ الحَديثِ ؛ ثَبَتَتْ روايةُ الفرعِ ، فكذلكَ ينْبَغي أَنْ يكونَ فرعاً عليهِ وتَبَعاً لهُ في التَّحقيقِ
    وهذا مُتَعَقَّبٌ بأَنَّ عدالَةَ الفرعِ تقتَضي صِدْقَهُ([7])، وعدمُ عِلْمِ الأصلِ لا يُنافيهِ ، فالمُثْبِتُ مقدَّمٌ على النَّافي .
    وأَمَّا قياسُ ذلك بالشَّهادةِ ؛ ففاسِدٌ ؛ لأنَّ شهادةَ الفرعِ لا تُسْمَعُ معَ القُدرةِ على شَهادةِ الأَصلِ ؛ بخلافِ الرِّوايةِ ، فافْتَرَقَا .
    وفيهِ ؛ أَي : (( و في هذا النَّوعِ صنَّفَ الدَّارقطنيُّ [ كِتابَ ] (( مَنْ حَدَّثَ ونَسِيَ )) ، وفيه ما يدلُّ على تَقْوِيَةِ المذهب الصَّحيحِ لكونِ كثيرٍ مِنهُم حدَّثوا بأَحاديثَ [ أَوَّلاً ] فلمَّا عُرِضَتْ عليهِم ، لم يتذكَّروها ، لكنَّهُم – لاعْتِمادِهم على الرُّواةِ عنهُم – صارُوا يروونَها عنِ الَّذينَ رَوَوْها عنهُم عن أَنْفُسِهِم .
    كحَديثِ سُهَيْلِ بنِ [ أَبي ] صالحٍ عن أَبيهِ عن أَبي هُريرةَ – مرفوعاً – في قِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمينِ .
    قالَ عبدُ العزيزِ بنُ محمَّدٍ الدَّراوَردِيُّ : حدَّثني بهِ ربيعةُ بنُ أَبي عبدِ الرحمنِ عن سُهيلٍ ؛ قالَ : فلقيتُ سُهيلاً ، فسأَلتُه عنهُ ؟ فلم يَعْرِفْهُ ، فقلتُ (( له )): إِنَّ ربيعةَ حدَّثني عنكَ بكذا ، فكانَ سُهَيْلٌ بعدَ ذلك يقولُ : حدَّثني ربيعةُ عنِّي أَنِّي حدَّثتُه عن أَبي بهِ([8]) . ونظائِرُهُ كثيرةٌ .

    ([1]) فجر الأحد 1 / 6 / 1417هـ

    ([2]) وهذا اصطلاح لهم .

    ([3])وهذه فوائد ليس لها أهمية من جهة الصحة إنما هي فوائد تاريخية وهذا لا يترتب عليه حكم .

    ([4]) إذا اشتبها فينظر لشدة اتصاقه بالآخر واجتماعه به يغلب على الظن أنه عن فلان إذا كان يتميز اتصاله بأحد التلميذين أو الشيخين تجعله يتميز عن الآخر .

    ([5]) إذا كان أحدهما ثقة والآخر غير ثقة واشتبه الأمر يكون الحديث معلول حينئذٍ فلا يحتج به حتى يتميز ويتبين من هو شيخه هل هو الثقة أو الضعيف .

    ([6]) إذا جحد الشيخ مرويه جازماً أنه ما روى هذا الحديث فلا يقبل هذا الحديث لأجل الشك في صحته وإن كانا ثقتين وقال بعض أهل العلم يقبل إذا كانا ثقتين لأن الشيخ قد ينسى ويجزم بعدم الرواية فإذا كانا ثقتين فالصواب أنه يقبل وإن قال الشيخ ما حدثته لأن الإنسان يغلب عليه النسيان ، أما إذا قال نسيت فلا يضر الراوي الثقة ، فإذا روى الزهري عن سعيد بن المسيب أو عن غيره وقال سعيد لا أذكر أني حدثت الزهري بهذا فقول الزهري مقبول والصحيح ولو جزم سعيد أنه لم يحدثه لأنه قد ينسى ، وهكذا اشباههم وهذا قد يقع بين التلميذ وشيخه فإذا كانا جميعاً ثقتين فإن صرح الشيخ بالنسيان فلا يضر وإن جزم ولم يصرح بالنسيان فهذا محل البحث والأظهر والأقرب أنه يقبل ويحمل كلام الشيخ على النسيان .

    ([7]) وهذا هو الصواب فالثقة في الفرع تمنع الشك وطبيعة ابن آدم الشك والنسيان فما دام الطالب ثقة فلا يضر .

    ([8]) وهذا من الإنصاف إذا وثق الشيخ بالتلميذ حدث عنه بذلك لأن الشيخ يقع له النسيان فلا يمنع من ذلك كون التلميذ ثقة يكون شيخاً له فيقول حدثنى فلان أني حدثته بكذا كما وقع لسهيل وهذا يقع في كل وقت .

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وإِنْ اتَّفَقَ الرَّواةُ في إِسنادٍ مِن الأسانيدِ في صِيَغِ الأَداءِ([1]) ؛ [ كـ : سمعتُ فلاناً ، قالَ : سمعتُ فُلاناً ... أَوْ : حدَّثنا فُلانٌ ؛ [ قالَ : حدَّثنا فُلانٌ ] و غيرِ ذلك من الصِّيَغِ ، أَوْ غَيْرِها مِن الحالاتِ القوليَّةِ ] ؛ كـ : سمعتُ فلاناً يقولُ : أُشْهِدُ اللهَ لقد حدَّثَني فلانٌ ... إِلخ ، أَو الفِعليَّةِ ؛ كقولِه : دَخَلْنا على فُلانٍ ، فأَطْعَمَنا تَمراً ... إِلخ ، أَو القوليَّةِ والفِعليَّةِ معاً ؛ كقولِه : حدَّثَني فلانٌ و [ هُو ] آخِذٌ بلحْيَتِه ؛ قالَ : [ آمنْتُ ] بالقَدَرِ ... إلخ؛ فهُو : المُسَلْسَلُ([2]) ، وهو مِن صفاتِ الإِسنادِ
    وقد يقعُ التَّسلسُلُ في معظمِ الإِسنادِ ؛ كحديثِ المُسَلْسَلِ بالأوَّليَّةِ ، فإِنَّ السِّلْسِلَةِ تنْتَهي فيهِ إِلى سُفيانَ بنِ عُيينَةَ فقط ، ومَن رواهُ مُسلْسَلاً إِلى منتهاهُ ، فقد وَهِمَ .
    وصِيَغُ الأدَاءِ المشارُ إِليها على ثمانِ مراتِبَ :([3])
    الأولى : سَمِعْتُ وحَدَّثَني .
    ثمَّ : أخْبَرَني وقرَأْتُ عليهِ ؛ وهي المرتبةُ الثَّانيةُ .
    ثمَّ : قُرِئَ عَلَيْهِ وأَنا أَسْمَعُ ، وهي الثالثةُ .
    ثمَّ : أَنْبَأَني ، وهي الرَّابعةُ .([4])
    ثمَّ : ناوَلَني ، وهي الخامسةُ ([5]).
    ثمَّ : شافَهَني ؛ أَي : بالإِجازةِ ، وهي السَّادسةُ .
    ([6])ثمَّ : كَتَبَ إِليَّ ؛ [ أَي ] : بالإِجازةِ ، وهي السَّابعةُ .
    ثمَّ : عَنْ ونَحْوُها مِن الصِّيغِ المُحْتَمِلةِ للسَّماعِ والإِجازةِ ولِعدمِ السَّماعِ أَيضاً ([7])، وهذا مثلُ : قالَ ، وذكرَ ، وروى .
    فـاللَّفظانِ الأوَّلانِ مِن صيغِ الأداءِ ، وهُما : سمعتُ ، وحدَّثني صالِحانِ لمَن سَمِعَ وَحْدَهُ مِن لَفْظِ الشَّيْخِ .
    وتَخْصيصُ التَّحديثِ بما سُمِعَ مِن لفظِ الشَّيخِ هو الشَّائعُ بينَ أَهلِ الحَديثِ اصطِلاحاً .([8])
    ولا فرقَ بينَ التَّحديثِ والإِخبارِ مِن حيثُ اللُّغةُ ، وفي ادِّعاءِ الفرقِ بينَهما تكلُّفٌ شديدٌ ([9])، لكنْ لمَّا ( صار ) تقرَّر الاصطلاحُ صارَ ذلك حقيقةً عُرفيَّةً ، فتُقَدَّمُ على الحقيقةِ اللُّغويةِ ، معَ أَنَّ هذا الاصطلاحَ [ إِنَّما ] شاعَ عندَ المَشارِقَةِ ومَن تَبِعَهُم ، وأَمَّا غالِبُ المَغارِبَةِ ؛ فلمْ يستَعْمِلوا هذا الاصطِلاحَ ، بل الإِخبارُ والتَّحديثُ عندَهُم بمعنىً واحدٍ .([10])
    فإِنْ جَمَعَ الرَّاوي ؛ أي : أَتى بصيغةِ الجَمْعِ [ في الصِّيغةِ ] الأولى ؛ كأَنْ يقولَ : حدَّثَنا فلانٌ ، أَو : سَمِعْنا فلاناً يقولُ : ؛ فـهُو دليلٌ على أَنَّه سَمِعَ منهُ مَعَ غَيْرِهِ ، وقد تكونُ النُّونُ للعظمةِ لكنْ بقلَّةٍ .([11])


    ([1]) فجر الأحد 8 / 6 / 1417 هـ

    ([2]) هذا بيان المسلسل فإذا اتفق الرواة في صفة قولية أو فعلية أو مشتركة بين القول والفعل فهذا يسمى المسلسل وهذه من صفات الإسناد التي تقع للرواة لا يتعلق بها صحة أو ضعف .

    ([3]) هذه صيغ الأداء التي يتعاطاه المحدثون أولها وأصرحها حدثني وسمعت والثانية أخبرنا وحدثنا فيكون معه غيره والثالثة قريء عليه وأنا أسمع وهذه كلها من صيغ الأداء بين المحدثين .

    ([4]) أنبأني بمعنى أخبرني لكنها قد يظن بعض الناس إنها إجازة فلهذا صارت أضعف وهي عند الأولين بمعنى واحد أنبأني وأخبرني فلهذا صارت أضعف ولكنها عند المتأخرين صار لهم في الإنباء اصطلاح في الإجازة وإلا فالصواب أن أنبأنا من جنس أخبرنا .

    ([5]) يعني ناولني الكتاب الذي فيه الحديث .

    ([6]) يعني قال له مشافهة ( حدث عني بهذا الشيء )

    ([7]) وهذه الثامنة ( عن ) وهي أضعفها لأنها تحتمل السماع وتحتمل عدم السماع فعن وقال وذكر فلان هي أدنى المراتب لأنها محتملة للسماع وعدمه .

    ([8]) اشتهر عندهم إنه إذا جمع هو مع غيره حدثنا وأخبرنا ، وقد يقوله الإنسان ولو لم يكن معه أحد تسامحاً حدثنا مالك أخبرنا أحمد وليس عنده أحد لكن الغالب أن الواحد يقول حدثني متواضعاً ، أخبرني لكن قد يتسامح من دون قصد التكبر والرياء فيقول حدثنا أخبرنا فلان وهو واحد .

    ([9]) وهذا هو الصواب فالتحديث والإنباء والأخبار من حيث اللغة شيء واحد

    ([10]) وهذا هو الأصل أنهما شيء واحد إلا إذا اصطلح قوم فلا بأس فإذا اصطلح قوم فقالوا حدثنا بمعنى السماع وإذا قالوا أخبرنا وأنبانا فمعناه إجازة فلهم اصطلاحهم .

    ([11]) لكن قد لا يكون المقصد الرياء ولا التفاخر لكن قد يتسامح في العبارة فيقول حدثنا وأخبرنا وليس معه أحد .

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وأوَّلُها أَي([1]): [ صيغُ ] المراتِبِ أَصْرَحُها ؛ أَي : أَصرحُ صِيغِ الأَداءِ في سماعِ قائلِها ؛ لأنَّها لا تحتَمِلُ الواسِطةَ ، ولأنَّ (( حدَّثني )) قد يُطْلَقُ في الإِجازةِ تدليساً .
    وأَرْفَعُها مِقداراً ما يقعُ في الإِمْلاءِ لما فيهِ مِن التثبُّتِ والتحفُّظِ .
    والثَّالِثُ ، وهو أَخبَرَني .
    والرَّابِعُ ، وهو قرأْتُ (( عليه )) لِمَنْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ على الشَّيخِ .
    فإِنْ جَمَعَ كأَنْ يقولَ : أَخْبَرَنا ، أَو : قَرَأْنا عليهِ ؛ فـهو كالخامِسِ ، وهو : قُرىءَ عليهِ وأَنا أَسمعُ .
    وعُرِفَ مِن هذا أَنَّ التَّعبيرَ بـ (( قرأتُ )) لمَن قرأَ خيرٌ مِن التَّعبيرِ بالإِخبارِ ؛ لأنَّهُ أَفصحُ بصورةِ الحالِ .
    تنبيهٌ : القراءةُ على الشَّيخِ أَحدُ وجوهِ التحمُّلِ عندَ الجُمهورِ .
    وأَبعدَ مَن أَبى ذلك مِن أَهلِ العِراقِ ، وقد اشتدَّ إِنكارُ الإِمامِ مالكٍ وغيرِهِ مِن المدنيِّينَ عليهِم في ذلك ، حتَّى بالغَ بعضُهُم فرجَّحَها على السَّماعِ مِن لفظِ الشَّيخِ !
    وذهَبَ جمعٌ [ جمٌّ ] منهُم البُخاريُّ ، وحكاهُ في أَوائلِ (( صحيحِهِ )) عن جماعةٍ مِن الأئمَّةِ – إِلى أَنَّ السَّماعَ مِن لفظِ الشَّيخِ والقراءَةَ عليهِ يعني في الصِّحَّةِ والقُوَّةِ [ سواءً ] ، واللهُ أَعلمُ .([2])
    والإِنْباءُ من حيثُ اللُّغةُ واصطلاحُ المتقدِّمينَ بمعْنَى الإِخْبارِ ؛ إِلاَّ في عُرْفِ المُتَأَخِّرينَ ؛ فهُو للإِجازَةِ ؛ كـ (( عن )) لأنَّها في عُرفِ المتأَخِّرينَ للإِجازةِ .([3])
    وعَنْعَنَةُ المُعاصِرِ مَحْمولَةٌ عَلى السَّماعِ ([4])؛ بخلافِ غيرِ المُعاصِرِ ؛ فإِنَّها تكونُ مُرسَلةً ، أَو مُنقطِعَةً ، فشرْطُ حمْلِها [ على السَّماعِ ] ثُبوتُ المُعاصرةِ ؛ إِلاَّ مِنْ مُدَلِّسٍ ؛ فإِنَّها ليستْ محمولةً على السَّماعِ .
    وقيلَ : يُشْتَرَطُ في حملِ عنعَنَةِ المُعاصرِ على السَّماعِ ثُبوتُ لِقائِهِمَا أَيْ : الشيخِ والرَّاوي عنهُ ، ولَوْ مَرَّةً واحدةً ليَحْصُلَ الأمنُ [ في ] باقي العنعَنَةِ عن كونِهِ مِن المُرسلِ الخفيِّ ، وهُو المُخْتارُ ؛ تبعاً لعليِّ بنِ المَدينيِّ والبُخاريِّ وغيرِهما مِن النُّقَّادِ .([5])
    وأَطْلَقُوا المُشافَهَةَ في الإِجازَةِ المُتَلَفَّظِ بِها تجوُّزاً.([6])
    [ وَكذا المُكاتَبَةَ ] في الإِجازَةِ المَكْتُوبِ بِها، وهُو موجودٌ في عِبارةِ كثيرٍ مِن المُتأَخِّرينَ؛ بخلافِ المُتقدِّمينَ، فإِنَّهُم إِنَّما يُطلِقونَها فيما كتَبَ بهِ الشَّيخُ مِن الحديثِ إِلى الطَّالبِ، سواءٌ أَذِنَ لهُ في رِوايتِه أَم لا، لا فيما إذا كتَبَ إِليهِ بالإِجازةِ فقطْ.

    ([1]) فجر الأحد 15 / 6 / 1417 هـ

    ([2]) وهذا كله متقارب فمن أنكر أن القراءة تقتضي السماع فقد أبعد النجعة فهي صريحة في السماع ولهذا ذكر البخاري وجماعة أنها من جنس سمعت في المعنى فحدثني وسمعت وأخبرني وقرأت كلها متقاربة في أنه سمع منه وليس هناك شك في أنه سمع منه والكلام في هذا لمن كان ثقة يعتمد عليه إذا قال حدثنى وأخبرني أما الضعفاء والكذابون فغير داخلون في هذا .

    ([3]) الإنباء من جنس أخبرني عند المتقدمين ولكن للاحتمال صارت بعده وإلا فهي من جنس أخبرني لأن أنباء أخبر وهكذا قريء عليه وأنا أسمع من جنس أخبرني ومن جنس قرأت عليه إلا أنها دونها قليلاً لأنه قال قريء عليه وأنا أسمع ولم يقل قرأت عليه والمعنى متقارب في السماع

    ([4]) عنعنة المعاصر محمولة على السماع لأنه ثقة والثقة مفروغ فيه أنه إذا قال عن فلان فلا واسطة إلا المدلس فلا بد من التصريح إلا إذا جاء ما يدل على سماعه ، فإذا روى المعاصر عن معاصره فهي محمولة على السماع كما اعتمد ذلك مسلم رحمه الله ، وعند البخاري وجماعة يقولون لا بد من تأكد اللقي وأن يصرح في بعض الروايات أنه لقيه وسمع منه فتحمل بقية الروايات على هذا فإن لم يصرح فلا تحمل على السماع بل هو منقطع حتى يصرح بالسماع .

    ([5]) اختار هذا البخاري وعلي بن المديني وجماعة فقالوا لا بد من اللقي ولو مرة يصرح بالسماع حتى تطمئن النفوس ويعلم أنه لقيه ولو كان معاصراً ولو كان في بلده حتى يصرح في بعض الروايات بقوله سمعت أو حدثني وهذا قول قوي جيد ولكن كونه شرط محل نظر لأن الثقة إذا قال : قال فلان عن فلان المفروض فيه أنه قاله عن سماع ، فما دام الحديث عن الثقات والأئمة فلا يظن بهم التدليس إلا بدليل .

    ([6]) أطلقوا شافهني أو كتب إلي في الإجازة ، كتب إلي تروي عني صحيح البخاري أو صحيح مسلم أو شافهه بذلك فهذه إجازة وهذا عند المتأخرين وأما عند المتقدمين شافهته بكذا أو كتبت إليه بكذا فهو من جنس السماع لكنه اصطلاح فقط ، والمقصود من هذا كله ينبغي اعتباراصطلاح القوم فيما يعبرون عنه بالكتابة والإجازة .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •