وفقكم الله وبارك فيكم.
كنت أخبرت الأخ أبا زكريا أن فيما أبداه بعض المؤاخذات، ولكني شغلت عن بيانها، ولعل الوقت مناسب الآن لإبدائها.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
وأما بالنسبة لرواية بشر بن السري ما المانع ان يقال فيها انها صحيحه ؟؟
وذلك للأتى
1- أن الراوى عنه وهو ابن أبي عمر العدني حافظ مصنِّف وان كان عنده غفلةً أو خطأ فليس هذا بقادح فى روايته فهذا لايسلم منه أحد ولا حتى شعبة وأمثاله كمالك والثورى وليس من شرط الحافظ أو الثقة العصمة كما هو معلوم
في هذا: عزل حال الراوي عن حال مرويِّه.
وهو السبب الذي أورث إشكالاً كبيرًا في منهج المتأخرين -توافقني عليه-، وهو التزام قبول رواية الثقة.
فابن أبي عمر هنا لم يُشَكَّ في أنه من الثقات واسعي الرواية المصنفين، وسعة الرواية وكثرة المحفوظ هي المراد بإطلاق أنه "حافظ"، لا شدة الضبط والإتقان، ولذلك لا تجد فيه كلامًا للأئمة في ضبطه إلا قول أبي حاتم: "صدوق"، مع قدحه فيه، وأما وصية أحمد به فلصلاحه وكثرة روايته ولزومه ابن عيينة، ثم قال مسلمة: "لا بأس به"، وقال السمعاني: "ثقة"، وكل هذه أوصاف تدل على أنه دون مرتبة الحفاظ المتقنين.
ثم انضمَّ إلى ذلك أن حال روايته هنا لا يساعد على قبولها؛ لاعتضاد القرائن الدالة على وقوع الخلل فيها كما مضى ويأتي.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
2- أبو حاتم الرازى لم يجزم بتخطىء ابن ابى عمر وانما قال : فليته أن لا يكون أُدخِل على ابن أبي عمر يعني: أنه يشك في أن زيادة أنس في هذا الإسناد إنها قد تكون أُدخلت على ابن أبي عمر، فدخلت عليه وهذا مجرد شك لايقوى على تخطيىء حافظ كالعدنى وتخطيىء الحفاظ لايكون بالشك كما هو معلوم بل بالقرائن القوية
ينازع أولاً في أن الرجل "حافظ" بمعنى المتقن الضابط -كما سبق-.
ثم إن هذا الشك -إن صحت تسميته شكًا- من أبي حاتم لم يقع في صلب القضية، بل في أمر خارج عنها، بيان ذلك:
أن في المسألة أمران: الصواب في الرواية، وسبب الخطأ وعهدته.
فأما الأمر الأول، فلم يكن أبو حاتم يشك فيه، ومتقرر عنده بالقرائن القوية أن الوصل خطأ، وهذا هو صلب الأمر والمراد هنا.
وأما الخطأ، فهو الذي حاول أبو حاتم التماس عهدته وسببه؛ دفعًا لتحميل النكارة أبا عمر العدني، لأن درجته ستنزل أكثر حينئذ، ودفعًا لتحميلها بشر بن السري، لأنه ثقة ثبت لا يتحملها، ويبعد جدًّا أن يسلك مثلُه الجادة، مع مخالفة مثل القعنبي.
ثم إن النقاد كانوا يأخذون كتب شيوخهم لنسخها، وينظرون في أصولهم، ويعرفون صحيح حديثهم من سقيمه، وراوي هذا الحديث عن ابن أبي عمر هو أبو حاتم الرازي نفسه، فهل نرد كلامه هذا بمجرد أنه "شك"؟ هذا بعيد جدًّا، وهذه من وسائل النقد التي اختصَّ بها النقاد، وما عاد لمتأخر أن ينقضها أو يأتي بمثلها.
فتبين أنه سواء كان سبب الخطأ من ابن أبي عمر، أو أدخل عليه، أو من غيره، فالإشكال باقٍ في رواية الوصل بالقرائن القوية، ولا يصح الربط بين احتمال أبي حاتم في سبب الخطأ وعهدته، وبين تصويبه في الرواية.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
3- لعل أبا حاتم انما خطىء هذه الرواية لعدم علمه بمن تابع بشراً هذه واحدة والا لذكرهم وبين خطئهم ولكنه لم يفعل
والثانية خوفه من مخالفة بشر للقعنبى كما صرح هو بذلك، فحمل الشك على الراوى عنه وهو ابن ابى عمر
السبب الثاني كافٍ جدًّا في تخطئة الرواية، فلم لا تُخطَّأ بها؟
وهو السبب الواضح الذي صرَّح أبو حاتم بأنه الذي حمله على التخطئة، ومن أبي حاتم تُتَعلَّم أصول النقد، وتؤخذ القرائن التي يُخطَّأ بها الرواة.
ثم أعود إلى السبب الأول -على فرض صحته-:
فعدم ذكر أبي حاتم للمتابعات لا يعني عدم علمه به -كما هو معلوم-، خاصة إذا عُرف حفظه الواسع جدًّا، وهو الذي اجتمع عنده خلق من الخلق، وما استطاعوا أن يُغربوا عليه حديثًا، وكان فيهم أبو زرعة ونحوه من الحفاظ.
ثم لو صح أنه لم يقف على المتابعات؛ فهذا مما يضرها ولا ينفعها؛ لأن متابعةً لم يقف عليها أحد أوسع حفاظ ذلك العصر، وظهرت أسانيدها في العصور المتأخرة= هي موضع شكٍّ كبير، ومحل نقد ونظر.
ولو شُدِّد في النقد؛ ما قُبلت متابعتا سهل بن حماد، ولا عبيدالله بن موسى.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
4- ومما يرجح هذا أيضا_ أعنى صحة رواية بشر الموصولة _ أن بشراً متابع تابعه أبو داود الطيالسي وهو حافظ والكلام على أغلاطه كالكلام على أغلاط غيره من الحفاظ وقد سبقت الاشارة الى ذلك وعبيد الله بن موسى وهو ثقة وسهلُ بن حماد وهو صدوق كما قلت
وبهذا يتحصل لدينا أن القعنبى قد خالف اربعة منهم بشر بن السرى وهو امام حافظ متقن وعبيد الله بن موسى و سهل بن حماد و أبو داود الطيالسي
تبين مما سبق أن هذه الحصيلة غير مسلَّمة، وأن رواية بشر بن السري متوقَّف فيها على أقـل الأحوال.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
وحتى لو قلنا فرضاً بخطأ ابن أبى عمر على بشر ألا تعدل رواية الثلاثة الباقين وهم عبيد الله بن موسى و سهل بن حماد و أبو داود الطيالسي مجتمعين براوية القعنبى
لا تعدلها، لانضمام قرائن تدل على الخطأ غير مجرد عددهم، ليس أقلها أن القعنبي حجة حافظ لا يقاومه هؤلاء وأضرابهم.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
رابعا : قولك أن هذا الوجه سلوكٌ للجادة المشهورة أعنى رواية الجماعة عن حماد وأن الرواة إذا عرفوا هذه الطريق المشهورة صاروا يخطئون فيها لاسيما مع مخالقة القعنبى لهم قوى ومتجه أيضا
لكن الكثرة الحافظة أيضا فى مقابل الواحد قرينة تدل على الأقل أن طريقهم محفوظ أليس كذلك ؟؟
سلوك الجادة قرينة من أقوى القرائن، وقد يسلك الجماعة من الرواة الجادة، خاصة مع طول الأسانيد، فمواقع احتمال سلوك الجادة تزيد باطّراد كلما زاد عدد رواة الإسناد، وقد تبين أن مخالفات القعنبي كلها بأسانيد طويلة متأخرة، إلا رواية بشر بن السري التي لا تثبت عنه.
وما ذكرتُ أخيرًا قرينة أخرى على الإشكال، فمن المقبول المفهوم عند أهل العلم أن تَقِلَّ الطرق المرسلة والموقوفة في المصنفات المعتمدة التي جمعها الأئمة الكبار، وذلك لحرصهم على الموصول عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، واعتنائهم به ولو كان في أسانيده شيء.
ولذا فأين هذا الإسناد الموصول الصحيح كالشمس من مصنفات المتقدمين؟ ولِمَ لا يوجد إلا عند ابن حبان وابن السني والديلمي ونحوهم؟ هذا مما لا يقبله أهل العلم، ويعتبرونه علَّة قادحة في الإسناد، فيظهر أن هذه الروايات كانت مرسلة، فوُصِلَت في بعض طبقات الإسناد المتأخرة.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
خامسا : أن أباحاتم الرازى لم يعل رواية الجماعه براوية القعنبى وانما شك فى رواية واحد فقط منهم وهو بشربن السرى وعنها خاصة كان يسأله ابنه عبد الرحمن كما فى العلل ولم يتعرض لمن تابعه والا لكان السؤال حينها هكذا
سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ...............الى أخره
ولكنه قال كما بالعلل : وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ السَّرِيِّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو : اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَ سَهْلا وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الْحُزْنَ سَهْلا.
قَالَ أَبِي : هَذَا خَطَأٌ ، حَدَّثَنَاهُ الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، مُرْسَلاً ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَسًا وبلغني أن جَعْفَر بْن عَبْد الْوَاحِد لقن القعنبي ، عَنْ أَنَسٍ ، ثم أخبر بذلك فدعا عليه.
قَالَ أَبِي : هو حَمَّاد ، عَنْ ثَابِت ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مرسلاً ، وكان بِشْر بْن السري ثبتا ، فليته أن لا يكون أدخل عَلَى ابْن أَبِي عُمَر.أهـ
قوله أخيرًا: "هو: حماد، عن ثابت، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً" واضح في الترجيح في الحديث بطرقه، لا بخصوص رواية ابن أبي عمر عن بشر.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوزكرياالمهاجر
سادسا: مما تقدم ايراده ألا يمكن القول بأن رواية الجماعة هى الأصح أو أن نقول على الاقل بصحة الطريقين المرسل والمرفوع وأن حماداً كان يرفعه مرة ويرسله مره؟
قد كان لأبي حاتم أن يحتمل هذا، وليست الأوجه بمتكافئة حتى يقال به.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحلم والأناة
لدي سؤال
أليس ثابتا وتلميذه حماد من الرواة الذين يرسلون الحديث تورعا، حتى وإن ثبت عندهم متصلا
هل ذكر أحد العلماء ثابتًا وحمادًا بهذا؟
ثم كما سبق: ليست الأوجه بمتكافئة ليقال به.
ثم كما سبق أيضًا: قد كان لإمام النقد أبي حاتم أن يقول به، وما فعل.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو محمد الغامدي
الحديث وان اعله الحافظ ابو حاتم بالارسال فقدصححه جماعة من الائمة كابن حبان و
الضياء المقدسي وابن حجر والزرقاني
ومن المعاصرين الالباني والوادعي وانظر
- اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا
الراوي: أنس بن مالك المحدث:
ابن حجر العسقلاني - المصدر:
الفتوحات الربانية - الصفحة أو الرقم: 4/25
خلاصة حكم المحدث: صحيح
2 - اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا , وأنت إن شئت جعلت الحزن سهلا
الراوي: - المحدث:
الزرقاني - المصدر:
مختصر المقاصد - الصفحة أو الرقم: 159
خلاصة حكم المحدث: صحيح
3 - اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا ، و أنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا
الراوي: أنس بن مالك المحدث:
الألباني - المصدر:
السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2886
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم
4 - اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا .
الراوي: أنس بن مالك المحدث:
الوادعي - المصدر:
الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 72
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الأخ الكريم:
أرجو أن تكفَّ عن هذه الطريقة، والنسخ واللصق من موقع (الدرر السنية) في الموضوعات المشتملة على النقاشات العلمية بالحجج والأدلة، لا بمجرد أقوال العلماء.
ولو كنتَ تحكي خلافًا قويًّا كان محتملاً، لكن قول جميع من ذكرت بمنزلة القول الواحد، لأن غالبهم على منهج واحد، يقبل زيادة الثقة، ويصحح بظاهر الإسناد.
والله أعلم.