المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عمر الكناني
أولاً : الإخوة الذين ينقلون الفتاوى ، نحن لم نسأل عنها ، فهي معروفة لدى عامة طلاب العلم ، وإنما هدفنا هنا الوصول للحقيقة من خلال تأصيل المسألة وإرجاعها إلى جذورها ، فالفتاوى تكون من مرجحات الأقوال لا أنها حجة على الآخرين ، خصوصاً وأن هناك فتاوى تعارض هذه الفتاوى وتقول إما بالتحريم أو الكراهة ، وليس هذا أولى من ذاك ، هذا لو قلنا إن الأناشيد بوضعها الحالي يدخل ضمن مقصود قتاوى المشايخ بالإباحة .
ثانياً : كررت أكثر من مرة إن قيد الكلام الفاحش أو الآلات في تحريم الغناء غير صحيح ، لأن كلاهما أصل محرم بذاته .
ولنتأمّل حديث عائشة قالت : دخل على النبي وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر رضي الله عنه فانتهرني وقال : مزمار الشيطان عند النبي فأقبل عليه رسول الله فقال : دعهما فلما غفل غمزتهما فخرجتا )
لقد أقرّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أبا بكر على أنّه مزمور الشيطان مع أنه لا شك أنّ الكلام كان كلاماً مباحاً ، ففيه دليل على أنّ الغناء الذي حرمه الله ورسوله ليس من قيده أن يكو بكلام فيه معصية .
أمّا آلات فأشد بعداً ، لأنّ التغني في تعريف اللغة والشرع هو ترديد الكلام على وجه التطريب وتلحينه ، وهذا لا علاقة له بالآلات الموسيقية فهي محرمة بذؤاتها .
ثالثاً : فرق بين وصف الفعل (يتغنى ، يغني ، تغني ، تغنى ) ونحو ذلك ، وبين الاسم (الغناء) ، فالغناء أصبح مصلحاً خاصاً في الشرع على نوع واحد من التغني ، فما هو ؟
رابعاً : الحداء ، والنصب ، أنواع من الصوت الملحن ، ويُطلق على من يحدو أو ينصب أنه يغني ، لكنهما ليسا الغناء الذي نتكلم عنه .
خامساً : أعيد مرادي ، بأن الغناء المحرم الذي قال بعض من زلّ من الفقهاء بإباحته هو تلحين الكلام المباح على وجه تطريب وعلى أوزان الموسيقى ففيها تقطيع وترديد وإطراب .
ونحن نرى أنّ هذا متحقق في كثير بل أغلب الأناشيد الإسلامية هذه الأيام ففهيا ترديد وتقطيع وتلحين في غاية الإطراب ، ومن سمع بعض الأناشيد هذه الأيام وكان بعيداً لا يفهم الكلام لا يشك أنه يستمع لأغنية محرمة من حيث أدائها .
فمن قال إن الغناء الذي وضحته أعلاه محرم فما تفريقه بينه وبين الأناشيد ؟
الحقيقة أنه لا فرق .
وخلاصة ما عندي حتى لا يطول المقام أن الأناشيد القديمة كثير منها جارٍ مجرى الحداء والنصب وأغاني الأعراب الساذجة التي ليس فيها تطريب فهذا مما هو مباح ، خصوصاً إذا قصد به النشاط ودفع الملل .
لكنّ تلك الأناشيد لا يوجد اليوم منها إلا القليل النادر .
أمّا غالب الإصدارات الإنشادية اليوم والمهرجانات والمسابقات فكلّها من جنس الغناء المحرم ، ففيها من التفنّن في التلحين والإطراب والتقسيمات الموسيقية والتمطيط ما لا يشك عاقل بأنه من الغناء المحرم الذي لا يجوز إلا في أوقات محددة مستثناء شرعاً كالعيد والنكاح ونحوها .
والذي يزيد الأمر سوءاً ن يستمع النساء للرجل الشباب الذين يتغنون بأصوات مطربة وبعضهم أوتي جمالاً فلا تسل عن الفتنة ..
وعن أم علقمة قالت ( إن بنات أخي عائشة خُتنَّ ، فقيل لعائشة : الا ندعو لهن من يلهيهن ؟ قالت : بلى فأرسلت إلى عدي فأتاهن ، فمرت عائشة في البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طرباً- وكان ذا شعر كثير- فقالت : أف ، شيطان اخرجوه ، أخرجوه )
انظر الآن إلى الأناشيد المصورة وانظر كيف يتمايل المغنون ويتكسرون ويطربون لتعرف أننا أمام محرم في الشرع يُستحلّ باسم الأناشيد الإسلامية .
وإذا كان كذلك عرفت أنّ فتاوى المشايخ الكبار كابن باز وابن عثيمين لم يقصدوا بها هذه الأناشيد المعاصرة وإنما قصدوا بها ما كان وفق الحداء أو النصب وتغني الأعراب الذي ليس فيه تطريب .
فاستدلال بعض المنشدين المعروفين بها وترديدهم لها في القنوات أو الشرطة والكتب تسويقاً لباطلهم هو نوع من الجهل غير المقصود أو التلبيس نعوذ بالله .
والله أعلم بالصواب .