تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: التعددية في فكر محمد المحمود [4/4]

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    75

    Post التعددية في فكر محمد المحمود [4/4]


    بسم الله الرحمن الرحيم
    أيها الأخوة الكرام :
    يسرّني أن أكمل ما بدأته في موضوع ( التعددية في فكر محمد المحمود )
    وللفائدة :
    رابط [ 1/4 ] : http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16327
    رابط [ 2/4 ] : http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16440
    رابط [ 3/4 ] : http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16476
    فأقول مستعينا بالله طالباً من العون والسداد :

    رابعا : حكم الدعوة و الداعي إلى إقرار التعددية
    يختلف حكم الدعوة و الداعي إلى التعددية باختلاف مراده من دعوته، كما أن من المعلوم أن الحكم على المقولة ليس حكما على القائل فالتكفير والتبديع و التفسيق لها شروط لا بد من تحققها وموانع لابد من انتفائها كما هو متقرر في كتب العقائد .
    ونجمل الجواب ثم نفصله فأقول:
    لا تخلو الدعوة إلى إقرار التعددية فيما لا يسوغ من حالين:
    الحال الأولى : أن تكون الدعوة إليها دعوة بدعية وضلالة مخالفة للسنّة .
    الحال الثانية : أن تكون الدعوة إليها دعوة كفرية ناقضة للتوحيد مردية في الكفر.
    أما التفصيل فأقول مستعينا بالله طالبا من العون والسداد :
    الحال الأولى :
    من كان يدعوا إلى تعددية الأديان و الطوائف و الأفكار ولكن يزعم إقراره وإيمانه ببطلان ما سوى دين الإسلام وعقيدة التوحيد والسنّة ، وأن الإسلام له أصول لا يجوز الإخلال بها .
    بل يقر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة قائمة لا يسقطها اختلاف المختلفين ، وأن سنّة التدافع باقية ما بقي الحق والباطل .
    فهذا الداعي ينظر في قوله فإن لم يأتي بما يناقض الملّة كإقرار الكفار على أديانهم أو اعتقاد أن الحق متعدد ، أو أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة بعدوى التعددية ، فإن أقل أحواله أن دعوة هذه دعوة لتفريق الكلمة ، وتفتيت الجماعة ، ونشر البدع والأهواء ، لاسيما في بلد الحاكم فيه الكتاب والسنّة ، و ولاته يعلنون أنهم سلفيون ، ولا يوجد في البلد رايات معلنة ، وأهل البدع متفرقة كلمتهم ، لا يسمع لهم صوت ، ولا ترى لهم راية.
    فماذا يريد هذا الداعي للتعددية وحريّة الكلمة ؟!
    بل إن من هذه حالة ، ولو زعم تمسكه باعتقاد السلف الصالح فيما يتعلق بالله تعالى وأمور الغيب فإنه بدعوته هذه ما دام مصرّا عليها فإنه يفارق السنّة ويلتحق بأهل البدع الذين يجب على أهل السنّة إقصاؤهم والتحذير منهم صيانة للأديان والعقول ، قال الشاطبي رحمه الله مبينا متى تخرج الفرقة أو الرجل من السنّة : " وذلك أن هذه الفرق تصير فرقاً بخلافها للفرقة الناجية في معنىً كلي من الدين ،وقاعدة من قواعد الشريعة ، لا في جزء من الجزئيات " ا.هـ إلى أن قال رحمه الله : " ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات ، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة ، عاد ذلك على الشريعة بالمعارضة ، كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضاً " ا.هـ ( 1 )
    وهذا الكلام النفيس يبن لنا ويكشف حال من زعم سلوكه مسلك السلف في الاعتقاد مع دعوته للتعددية ، فهذا الداعي للتعددية لا يغني عنه ما تستّر به من لباس السلفية إذ لا تكاد تستر عورته !
    إذ أن الدعوة إلى التسامح مع الأديان ، أو الفرق المبتدعة ، أو الأفكار الضالة بمعنى : أن نفسح لكل الأصوات أن تتحدث ولكل الأنواع أن تتنفس ويعل ذلك بأن العملة الصحيحة سوف تطرد كل عملة مزيفة . دعوة لهدم أصول الملّة وإن زعم خلاف ذلك .
    وإنك غالياً لتجد حال هؤلاء لا يدعون إلى التوحيد ، ولا تجده معظّما في قلوبهم إذ لو عظّموه لأكثروا ذكره ، و لأصبح هو المرتكز الأساس لدعوتهم كما هو منهج الأنبياء والمرسلين .
    فمن هذه حاله لا يبعد عن الابتداع في الدين و مفارقة الجماعة إذ " لا يجتمع الولوع بين المتضادين فكما لا يجتمع في قلب عبدٍ حب القرآن وحب الغناء, فكذلك لا يجتمع حب السنة والبدعة, ولا حب السني والمبتدع " (2) و " المعقود في اعتقاد أَهل السنة والجماعة أَنه لا ولاء إِلا ببراء, فلا موالاة للسنة إِلا بالبراءة من البدعة, ولا موالاة لعلماء السنة وأَهلها, إِلا بالبراءة من علماء المبتدعة وحملتها, وهلم جرا. فالمنابذة مستحكمة, والرحم جَذَّاء بين السنة و الفعلات الشنعاء " (3) و " من ينحو في الاعتقاد منحى السلف, المعروف عند الإِطلاق, ينفض يديه من المبتدعة, ويغسل كتبه من الخلفية, ويكف قلمه عن المدح, والتمجيد, والحفاوة بمن يلعن السلف, ويسبهم, ويكفرهم " (4) و " لا تجتمع السنّة والبدعة إلا وتخرج إحداهما الأخرى ، فلا يكون الإنسان مبتدعاً وسنّيا ، بل إما أن يكون مبتدعاً أو يكون سنِّيَّا ، لا يجتمعان فيه ، فلابد أن تخرج إحداهما الأخرى " (5) . فالسنّي لا يفتر تعظيما لاعتقاد السلف و امتثالا لطريقتهم و محاربتةً للبدع و شدّةً على أهلها أما أهل البدع فإنهم " يحاربون السنن لأنها تقضي على ما عندهم من البدع " (6)
    ومن أعظم السنن الدعوة إلى الاجتماع على ولي الأمر المسلم ، وعلى الكتاب والسنّة بفهم السلف الصالح ، فتأمل – رحمك الله - من وجدته معظّما لنصوص الكتاب والسنّة و آثار السلف فاعلم أنه صاحب سنّة ، ومن وجدته يضيق بها ويدعوا للتعددية وإقرارها بقوله أو بفعله فاعلم أنه صاحب بدعة .
    و للأسف فإن أصحاب الدعوة إلى التعددية ممن يجمعون بين زعم اتباع السلف في الاعتقاد و مداهنة أهل البدع والمنحرفين عن الحق وإفساح المجال لهم باسم حرّية الكلمة وأنها ضمان لأمن المجتمع من التناحر والقتال يزعمون أنهم بهذا معتدلون و حياديّون و وسطيون ما أرادوا إلا الإصلاح و " من أراد صلاح المجتمع الإسلامي ، أو صلاح المجتمعات الأخرى بغير الطريق والوسائل و العوامل التي صلح بها الأولون فقد غلط وقال غير الحق"(7)
    [/COLOR]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    75

    افتراضي رد: التعددية في فكر محمد المحمود [4/4]

    [2]

    لقد جاء الكتاب و السنّة بخلاف تقريرهم وهو ما قدمناه في الحديث عن ( التعددية في الكتاب والسنّة وآثار السلف ) . وجاء في الوحيين الأمر بلزوم الكتاب والسنّة ومنهج السلف الصالح اجتماعاً وتحكيماً فمن ذلك :

    قال تعالى :-
    1- { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ...} [ آل عمران:103 ]
    2- { أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } [ الشورى : 13 ]
    3- { ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون } [ الروم : 31-32 ]
    4- { إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء } [الأنعام: 159]
    5- { ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وألئك لهم عذاب عظيم } [ آل عمران : 105 ]

    وتقرير التعددية على زعم من هذه حاله مخالف لهذه النصوص وصد عن الحق و لبس للحق بالباطل .

    وفي السنّة:-
    1- أخرج الترمذي في سننه من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا يا رسول الله : أوصنا؛ فقال : " أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضو عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ".
    يستفاد من هذا الحديث :
    أن الدعوة إلى التعددية كما يزعم من هذه حاله مخالفةٌ لما في هذا الحديث من الأمر بالسمع والطاعة لولي الأمر سمعا وطاعة على نهج السلف الصالح لا كما يدّعي أصحاب المناهج الدخيلة أن قيام المعارضات و الأحزاب بتنظيمها المعاصر لا ينافي ذلك .
    أن الدعوة إلى التعددية كما يزعم من هذه حاله صرف عن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم و خلفائه الراشدين من بعده الذين حاربوا كل مظاهر الفرقة والبدع و أقصوها و أهلها مما لا يخفى على مطلع ، ويطول المقام بذكره حيث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باللّجوء إليها عند الاختلاف ، فعلاج الاختلاف اللجوء إلى الوحيين لا إقرار التعددية والاعتراف بالخلاف .
    أن الدعوة إلى التعددية كما يزعم من هذه حالة تمكين للبدع والضلالات من قلوب الناس و أسماعهم إذ أن مقتضى دعوته للتعددية أن يتكلم الجميع ومنهم أهل البدع و أهل الزندقة والإلحاد فمن يؤمّن الرجل المتأهل العالم بالسنّة من البدعة من زيغ قلبه وانحرافه فكيف بعوام الناس أتباع كل ناعق ؟! ففي هذا مخالفة لأمر سول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالحذر من البدع ومحدثات الأمور.

    2- ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ( إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا : - وذكر منها - أن تعتصموا بحبل الله جميعا...) الحديث.
    3- ما أخرجه احمد في المسند من حديث ( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة ) .
    4- وما أخرجه من حديث ( الجماعة رحمة والفرقة عذاب ) .
    فهذه نصوص تدلّ على بطلان الدعوة إلى التعددية فيما لا يسوغ الخلاف فيه من كل وجه وأن الحق واحد في ذلك .
    وبعض دعاة التعددية وحرّيَّة الكلمة يؤل النصوص على ما تهواه نفسه وتشتهيه ، فتجده يدعوا للجماعة ، ويحذّر من الفرقة والتنازع ، ولكنه يخلط السم بالعسل ، فيجعل دعوته للتعددية دعوة للجماعة رافعاً لواء " نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " فيسمي تلبيسا الأسماء بغير اسمها ، و يدعوا للاجتماع على القواسم المشتركة ، وأما المسائل المختلف فيها مما لا يسوغ الخلاف فيه والتي هي من صلب العقيدة والمنهج السلفي القائم على أصول الشريعة و منطلقاتها الثابتة فيميّع الخلاف فيه ، و يجعله من الخلاف السائغ الذي لا ينبغي أن ينفّر القلوب ويفرّق الكلمة .
    و أيم الله إن دعوته هذه دعوة للفرقة وإقرار البدع باسم التأليف وجمع الكلمة ، والله لا يكون هذا أبداً فوالله " لا يجتمع المختلفون في العقيدة مهما حاول من حاول ، لأنه يريد أن يجمع بين المتضادات و المتناقضات " (8)

    وبهذا يتبين أن من دعا إلى الإقرار بالتعددية بالوصف الذي ذكرنا عن حاله آنفا أن دعوته تلك دعوة للإحداث في الدين و تمكين للبدع وأهلها وتفريق صفوف المسلمين و دعوة بدعية وضلالة مخالفة للسنّة .
    أما الحال الثانية:-
    1- فمن كان يدعوا إلى : التعددية العقائدية لعلّة الصوابية النسبية بمعنى : تعدد الحق فلم يكفّر الكفار لكون أن معهم نسبة من الحق والصواب لأن الصواب لا يحتكره أحد . وكان نتيجة لهذا الاعتقاد أن زعم أن الكفار والمسلمون أخوة في الإنسانية ، و أن التمييز بينهما و زرع العداء و البغض و البراء هو عداء للإنسانية ، وعليه يدعوا إلى تعدد الأديان .
    2- أو يدعوا إلى : التعددية الفكرية وذلك بممارسة حريَّة الفكر وذلك بالانسلاخ من الأصول السلفية والتي هي أصول الإسلام فدعا إلى الانعتاق من أسرها و الانطلاق بفكر حر نحو حريّة الاعتقاد والفهم للأديان والطوائف. أو أنه لن يتغير العالم إلا حينما يتغير الإنسان ولن يتغيّر الإنسان إلا حينما تتغيّر إرادته و لا إرادة حقيقية إلا أن ينسلخ من كل اعتقاد سابق يقيد الإرادة ويجعلها أسيرة لحتميات جبرية لا يستطيع الانفكاك منها ، فمن زعم أن العالم سيكون حاله أحسن - كما زعم ابن محمود - إذا انعتق و انفك من أسر الدين والشريعة التي تقيّد الشعوب وتجعل بينهم التمايز والعداء الذي يقود إلى التكفير والتطاحن! فقد وقع في ناقض من نواقض الإسلام كما سيأتي بيانه .

    فهذه الدعوات ردّة صريحة ، وكفر بواح عند دين الإسلام و دعوة إلى إحلال الطاغوت الكافر في العقول والواقع وإزاحة الأصول الشرعية وهي الإسلام بأصوله السلفية .
    ويجب على ولي الأمر أن يستتيب الداعي إلى مثل ذلك فإن تاب وإلا قتل مرتدّا عن دين الإسلام.


    فإليك الرد وبيان حكم هذه الدعوة إلى مثل هذه الآراء مقرونا بالدليل من الكتاب والسنّة:-
    أما الدعوة إلى التعددية العقائدية :فهي دعوة كفريَّة لإقرارها بصحّة الأديان المنسوخة المحرّفة وأن له لمعتنقيها المعرضين عن دين الإسلام نسبة من الحق؛ لأن الصواب عند أربابها نسبياً إذ الحق يتعدد. ومقتضاها أن لك أحد الحرّية في الكفر بالإسلام واعتناق سواه من الأديان .

    قال تعالى :-
    1- { ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } [ آل عمران :85 ]
    2- { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين آتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون } [ التوبة : 29 ]
    3- { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون } [ الصف :9 ]
    وهذه الآيات الكريمة تبين أن الدين الحق والذي سواه باطل هو دين محمد صلى الله عليه وسلم وهو دين الإسلام الذي جاء بالله وما سواء منسوخ ولو زعم أنه على ملّة إبراهيم أو دين عيسى أو دين موسى لم يقبل منه حتى يدخل دين محمد بن عبدالله ويكفر بما سواه من الأديان الباطلة المنسوخة .
    ومعلوم أن الأنبياء دعوتهم واحدة هي توحيد رب العالمين ، وأن شرائعهم مختلفة ، فلما جاء الإسلام دخلت دعوات الأنبياء كلها في دعوة محمد صلّى الله عليه وسلم ، ونسخ دين الإسلام جميع الشرائع .

    وجاء في السنّة ما يبين ويوضح ويفسّر ذلك . فمن ذلك :-

    1- ما رواه مسلم في صحيحه من حديث : ( والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ).
    2- ما أخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما من حديث :
    ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا منّي دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله )
    [/color]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    75

    افتراضي رد: التعددية في فكر محمد المحمود [4/4]

    [3]
    أما الدعوة إلى التعددية الفكرية وحريّة الفكر :
    فهي دعوة كفرية لأن معناه أن له الحق في أن يعتقد ما يشاء و يترك اعتقاد ما يشاء دون خضوع لسلطان الأمر والنهي الرباني وهي دعوة إلى الإلحاد و الانسلاخ من الدين والكفر بأصوله وثوابته .
    و يُرد على هذه الدعوة بما سبق من الآيات والأحاديث
    ومما يرد به أيضا :-
    1- أن الله تعالى لم يخيّر الناس الاستجابة لأمره من عدمه على وجه تساوى الفعلين عنده في الجزاء و في الحكم الشرعي فدعوى حرّية الفكر تعني أنك مخيّر في اعتناق ما تشاء من فكر أو عقيدة تبعاً لما أدى إليه نظرك و رأيك والله تعالى يقول : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيَرة من أمرهم}[ الأحزاب : 36 ]
    قال ابن كثير رحمه الله : " هذه الآية عامة في جميع الأمور ، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ، ولا اختيار لأحد هـهنا، ولا رأي ولا قول "ا.هـ
    والله تعالى قد حسم الشرع والدين وأكمله فقال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً}[ المائدة : 3 ] فدينه دين الإسلام وشريعته كاملة وهي الشريعة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وأبطلت ما قبلها من الشرائع ونسختها ، فالحلال ما أحل ، والحرام ما حرّم ، ومن أحدث في أمر الدين ما ليس منه فهو ردّ عليه لا يقبله الله ولا يرضاه { وتمّت كلمة ربك صدقاً عدلاً } [ الأنعام : 115 ] صدق في الأخبار عدل في الأحكام.

    2- وقال تعالى مفرّقا بين الحق والباطل : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون } [ الأنبياء : 18 ]
    قال ابن كثير رحمه الله : " أي نبين الحق فيدحض الباطل ولهذا قال : (فيدمغه فإذا هو زاهق) أي : ذاهب مضمحلٌّ ( ولكم الويل ) أيها القائلون لله ولد ( مما تصفون ) أي تقولون و تفترون "ا.هـ

    فتأمل هذه الآية إذ وصف الله تعالى زعم القائل أن لله ولداً بالباطل و أخبر أن الحق يدمغ الباطل ويفنيه ، فأين هذه الآية من دعاة التعددية الفكرية وحريّة الاعتقاد ؟! فلكم الويل يا دعاة التعددية وحريّة الاعتقاد مما تصفون !
    فالله تعالى فرّق بين الحق والباطل ، وقرر أن الحق يفني الباطل ويدحضه ، ودعاة التعددية الفكرية يجمعون بين الحق والباطل بزعم حرّية الفكر و الانعتاق من الأصول لأن الصواب نسبياً متعددا حسب ما أدى إليه النظر والتأمل !

    وإنما هما اثنتان :-

    حق يرضي الله ؛ ولا سبيل إليه إلا بالوحي، خضوعاً للأصول واستسلاماً للنصوص . و الفكر آلة تبع لذلك يعمل باتباع لا ابتداع و اقتداء لا ابتداء
    أو باطل يسخط الله ؛ وطريقه الفكر مستقلاً عن الوحي، بل أهله يخضعون الوحي لأفكارهم وعقولهم بخلاف أهل الاتباع .
    فالفكر " قابل للتغيّر والتبدّل والتناقض والانحراف والخطأ، لاختلاف آراء المفكرين باختلاف أقدارهم وكل ابن آدم خطّاء، ولتغيّر نظر المفكّر نفسه بين أمسه ويومه وغده، ولكن الوحي الإلهي لا يتغيّر ولا يتبدّل ولا يتناقض ولا يخطئ لأن الخالق العليم الخبير الحكيم أنزله بعلمه، وهو أعلم بخلقه في الماضي والحاضر والمستقبل، وهو أعلم بما يُصلحهم وما يَصْلح لهم؛ وليس عليهم في الدين إلا الإتباع، أما الابتداع والاختراع في الدّين فهو استدراك على الله وعلى رسوله " (9) وهذا الفكر المجرّد عن النصوص الشرعية المُعْرَضُ أصحابه عن فهم السلف الصالح إنما هو ظنون كاذبة وأهواء ضالة شاردة عن طريق الحث و { إن يتّبعون إلا الظنّ وما تهو الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى } [النجم: 23]

    فالوحي هو النور الذي يبدد الظلام ، و أما الفكر فهو سلاح الشيطان ، و وقوده لصد أولياء الرحمان عن الهدى والحق ، كما قال تعالى مخبراً عن إبليس أنه قاس بفكره قياساً فاسداً ولم ينقد لأمر الله ويستسلم حكمه : { قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } [ ص : 77 ] .
    وهكذا هم أولياء الشيطان يردّون الحق والسنّة بأهوائهم وآراءهم فجحدوا صفات الرب بأفكارهم وعقولهم الحائدة عن الحق والفطرة حيث قاسوا الخالق على المخلوق والله تعالى يقول: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }، وأنكروا المعاد و البعث للجزاء والحساب بأفكارهم وعقولهم الحائدة عن الحق والفطرة حيث قالوا : { أئذا متنا وكنا تراباً و عظاما أئنا لمبعوثون * أوَ آبائنا الأولون } [ الصافات : 16-17 ] ، وأنكروا الرسالة والنبوّة بأفكارهم وعقولهم الحائدة عن الحق والفطرة حيث قال الله تعالى عنهم { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا } [ سورة الإسراء 17: 94 ]

    وهذه نتيجة حتميّة لكل من دعا لحرّية الفكر وهي أن تنقلب حرّية الفكر عنده إلى حرية الكفر والإلحاد ،وهذا مآله دائما وأبداً الانحراف عن الحق والهدى الذي فطر الله الناس عليه؛ لأنه أعرض عن الأصول والقواطع الشرعية . إذ هذه الحريّة الفكرية متحررة من كل شيء إلا من إبليس و أعوانه الذي يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً !


    وفي السنّة :-

    1- ما أخرجه البخاري في صحيحه : ( من بدّل دينه فاقتلوه ) وهذا فيمن دخل في دين الإسلام ثم ارتدّ عنه عن علم واختيار وكان لولي الأمر عليه في ذلك قدره واستطاعه فإنه لا يترك وما اختار من اعتقاد باطل مناقض للدين .
    2- ما أخرجه البخاري تعليقا وأخرجه الإمام أحمد في المسند وغيرهما واللفظ كما في المسند من حديث ( بعثت بين يدي الساعة مع السيف وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم )

    فالله تعالى بعث رسوله لإقامة القسط الحق والدعوة إليه وكما بعثه بالقرآن فقد بعثه بالسيف لمن أبى وأعرض عن قبول الدين الذي جاء به ، وأخبر أن كل من خالف أمره سواءً بالكلية وذلك بالكفر بما جاء به أو خالف شيئا مما جاء به سواءً بالبدع أو المعاصي فله نصيب من الذلّة والصغار بحسب مخالفته.
    فهذا الحديث ردّ على دعاة التعددية و حرية الاعتقاد أو الفكر لما فيه من الوعيد والتهديد لمن خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .

    3- وما أخرجه أحمد وأبو داوود وغيرهما من حديث: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) .

    وغير ذلك من الأدلة الدالة على أن الحق واحد وأن الدعوة إلى التعددية أو حريّة الفكر أو غير ذلك مما ذكرنا أنه مناقض لأصول الشريعة وأنه مردود بالنصوص القطعية بل القرآن والسنّة كلهما دالة على خلاف ذلك كما بينا
    .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    75

    افتراضي رد: التعددية في فكر محمد المحمود [4/4]

    [4]
    ومما ينبغي الجواب عليه في هذا المقام ، وهو مما يردّ به عليهم ما يستشهد به بعضهم من قوله تعالى : { لا إكراه في الدين } [ البقر : 265 ] والردّ عليهم من وجوه :
    الوجه الأول :
    أن الله تعالى أعقب هذه الآية بقوله : { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى } والطاغوت : ما تجاوز العبد به حدّه من معبود أو متبوع أو مطاع.
    ومن الكفر بالطاغوت اعتقاد بطلان ما سوى دين الإسلام والكفر به ، والإيمان بالله وحده لا شريك له ، وإفراده سبحانه بالتعلق.
    أما من آمن بالله ولم يكفر بالطاغوت فدعا إلى تعددية الأديان ، وحرية الاعتقاد والفكر فإن توحيده مردود عليه لا ينفعه ، لأنه ما أتى بشرط من شروط كلمة التوحيد وهو الكفر بالطاغوت .
    و كلمة التوحيد هي العروة الوثقى القائمة على نفي وإثبات ، الكفر والنفي واعتقاد بطلان عبادة كل أحد إلا الله فهو المعبود بحق و ما سواه من المعبودات والآلهة باطل لا يستحق من العبادة شيئاً .
    فمن دعا إلى تعددية الأديان وحرّية الاعتقاد مريدا به ما أشرنا إلى معناهما فقد كفر بالله وآمن بالطاغوت . قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله " الذي يجيز أن يكون الإنسان حرا الاعتقاد ، يعتقد ما شاء من الأديان فإنه كافر ، لأن كل من اعتقد أن أحدا يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه كافر بالله عز وجل يستتاب ، فإن تاب وإلا وجب قتله ". (10 )
    الوجه الثاني :
    أن المتعلقين بهذه الآية فسّروها على ما تهوى أنفسهم وتشتهيه وتفسير هذه الآية كما يلي :
    قال ابن كثير رحمه الله : " أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام " إلى أن قال : " من هداه الله الإسلام وشرح صدره ، نوّر بصيرته دخل فيه على بينة ، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره ، فإنه لا يفيده الدخول فيه مكرها مقسوراً " ا.هـ
    وقال ابن الجوزي رحمه الله : " المعنى أن دين الإسلام في غاية الوضوح وظهور البراهين على صحته بحيث لا يحتاج أن يكره أحد على الدخول فيه بل يدخل فيه كل ذي عقل سليم من تلقاء نفسه دون إكراه ويدل على ذلك قوله قد تبين الرشد من الغي أي قد تبين أن الإسلام رشد وأن الكفر غي فلا يفتقر بعد بيانه إلى إكراه " ا.هـ (11)
    وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله مبينا معنى هذه الآية : " قد ذكر أهل العلم رحمهم الله في تفسير هذه الآية ما معناه : أن هذه الآية خبر معناه : النهي، أي : لا تكرهوا على الدين الإسلامي من لم يرد الدخول فيه ، فإنه قد تبين الرشد ، وهو دين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعهم بإحسان ، وهو توحيد الله بعبادته وطاعة أوامره وترك نواهيه مِنَ الْغَيِّ وهو : دين أبي جهل وأشباهه من المشركين الذين يعبدون غير الله من الأصنام والأولياء والملائكة والأنبياء وغيرهم .
    وكان هذا قبل أن يشرع الله سبحانه الجهاد بالسيف لجميع المشركين إلا من بذل الجزية من أهل الكتاب والمجوس .
    وعلى هذا تكون هذه الآية خاصة لأهل الكتاب والمجوس إذا بذلوا الجزية والتزموا الصغار فإنهم لا يُكرهون على الإسلام؛ لهذه الآية الكريمة ، ولقوله سبحانه في سورة التوبة : {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
    فرفع سبحانه عن أهل الكتاب القتال إذا أعطوا الجزية والتزموا الصغار .
    و ثَبَتَ في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من مجوس هجر .
    ( أما من سوى أهل الكتاب والمجوس ) من الكفرة والمشركين و الملاحدة فإن الواجب مع القدرة دعوتهم إلى الإسلام فإن أجابوا فالحمد لله ، وإن لم يجيبوا وجب جهادهم ، حتى يدخلوا في الإسلام ، ( ولا تقبل منهم الجزية ) ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلبها من كفار العرب ، ولم يقبلها منهم ، ولأن أصحابه رضي الله عنهم لما جاهدوا الكفار بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لم يقبلوا الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس، ومن الأدلة على ذلك قوله سبحانه : {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فلم يخيّرهم سبحانه بين الإسلام وبين البقاء على دينهم ، ولم يطالبهم بجزية ، بل أمر بقتالهم ، حتى يتوبوا من الشرك ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة .
    فدل ذلك على أنه لا يقبل من جميع المشركين (ما عدا أهل الكتاب والمجوس إلا الإسلام) وهذا مع القدرة . والآيات في هذا المعنى كثيرة
    وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تدل على هذا المعنى منها : قول النبي صلى الله عليه وسلم : « أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل » [متفق على صحته] ، فلم يخيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين الإسلام وبين البقاء على دينهم الباطل ، ولم يطلب منهم الجزية .
    فدلّ ذلك : أن الواجب إكراه الكفار على الإسلام ، حتى يدخلوا فيه ( ما عدا أهل الكتاب والمجوس ) ؛ لما في ذلك من سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة ، وهذا من محاسن الإسلام ، فإنه جاء بإنقاذ الكفرة من أسباب هلاكهم وذلهم وهوانهم وعذابهم في الدنيا والآخرة ، إلى أسباب النجاة ، والعزة والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة ، وهذا قول أكثر أهل العلم في تفسير الآية المسئول عنها .
    أما أهل الكتاب والمجوس فخصوا بقبول الجزية والكف عن قتالهم إذا بذلوها لأسباب اقتضت ذلك ، ( وفي إلزامهم بالجزية إذلال وصغار لهم ) ، وإعانة للمسلمين على جهادهم وغيرهم ، وعلى تنفيذ أمور الشريعة ونشر الدعوة الإسلامية في سائر المعمورة ، كما أن في إلزام أهل الكتاب والمجوس بالجزية؛ حملا لهم على الدخول في الإسلام ، وترك ما هم عليه من الباطل والذل والصغار؛ ليفوزوا بالسعادة والنجاة والعزة في الدنيا والآخرة
    ." ا.هـ (12)
    يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله : " أي لا أحد يُكرَه في دين الله بل من دخل في دين الله دخله اختيارا لأنه قد تبين الرشد من الغي فأي إنسان يتأمل الإسلام بمحاسنه عبادة وأدبا وخلقا لا بد أن يدخل الإسلام مختارا لأنه فطرة الله ولهذا قال : ( قد تبين الرشد من الغي ) وهذه الجملة تعليل للحكم السابق أي: لا إكراه في الدين : لأنه تبين الرشد من الغي فمن دخل في الدين دخله اختيارا لا بإكراه . وليس معنى الآية كما يظن بعض الناس لا إكراه على الدين ، وأن هذه الآية قد نُسخت لوجوب الجهاد . لأن الآية لا تدل على هذا المعنى بل الجهاد قائم لمن عاند واستكبر وأما من تمشى على الفطرة فلا يحتاج إلى جهاد ولا إكراه على الدين والمراد بالدين هنا دين محمد صلى الله عليه وسلم لأنه هو الدين المقبول عند الله قال تعالى (إن الدين عند الله الإسلام ) وقال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)... " أ.هـ (13)
    وبهذا تنقطع شبهتهم وخلاصة الكلام في هذه الآية :
    1- أن التوحيد ينفع صاحبه إذا كان داخلاً فيه عن قبول و انقياد واستسلام وتحقيق لمراد الله تعالى وما لم يكن كذا فلا فيغني عنه شيئاً.
    2- و إذا كان الأمر كذلك فلا يكره على الدخول في الإسلام من لم يقبله عن إيمان وانقياد إذ أن ذلك لا ينفعه عند الله .
    3- وإذا كان الأمر كذلك فمن أبى الدخول في الإسلام عن انقياد وقبول لحكم الله فمنهم من يخيّره ولي الأمر بين إعطاء الجزية أو القتال وهم أهل الكتاب والمجوس ، ومنهم من لا يُقبل من إلا الإسلام غير الكتابيين والمجوس من الديانات فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو الجهاد بالقتال والذبح.
    4- ثم إن من بقي منهم على دينه من أهل الكتاب والمجوس و أعطى الجزية ثم مات على كفره فهو خالد مخلّد في النار . ومن ضربت عليهم الجزيّة فهم في ذلّة و صَغَار فلا يظهرون شعائر دينهم ولا يسمح لهم – كما يدعوا إلى ذلك دعاة التعددية - بالطعن في الإسلام ولا بنشر مذاهبهم كما قرر ذلك أهل العلم في باب أحكام أهل الذمّة بل يخضعون لحكم الإسلام و سلطته .
    والوجه الثالث :
    أن هذا التخيير وعدم الإكراه في دخول الإسلام والإيمان به من عدمه هو تخيير بعد البيان أن الله لا يقبل إلا ما ارتضاه من دين وهو دين الإسلام كما قال تعالى: { وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بما كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً }[ الكهف : 29 ]
    قال ابن كثير رحمه الله : " ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليفكر ) هذا من باب التهديد و الوعيد و الشديد " ا.هـ
    فأي حريّة في أمر المآل فيه ما بين جنّة ونار ؟!
    وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله : " الذي يريد الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي هذا متمرد على شرع الله يريد حكم الجاهلية وحكم الطاغوت فلا يكون مسلماً . والذي ينكر ما علم من الدين بالضرورة من الفرق بين المسلم والكافر ويريد الحرية التي لا تخضع لقيود الشريعة وينكر الأحكام الشرعية من الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومشروعية الجهاد في سبيل الله هذا قد ارتكب عدة نواقض من نواقض الإسلام، نسال الله العافية. " ا.هـ (14)

    وبعد ؛ فيعلم بهذا ضلال دعوة محمد المحمود للتعددية العقائدية والتعددية الفكرية أيّا كان مراده وقصده و أنه بدعوته هذه على خطر عظيم لمخالفته قواعد الشريعة وأصول الإسلام. وأن الواجب على القادر أن يناصحه بما أوتي من قدرة وعلم وبما أوتي من الحكمة وقوّة العقل ومعرفة مداخله و مخارجه
    كما أن الواجب على كل مسلم الحذر من دعاة السوء دعاة الباطل ولو تسمّو اسم السلفية أو الدعوة إلى الله أو زعموا السير على منهاج الوسط والاعتدال والحياد ماداموا على غير جادّة الحق فالدعاوى لا تغني والأسماء لا تغير الحقائق .
    " فالحق معدن نفيس و إيايك ثم إياك أن تُسلِم عقلك لك سائح " (15 )

    وبهذا اكتمل البحث أسأل الله أن أكون وفقت فيه للصواب والحق واستغفر الله مما خالطه من الخطأ والنسيان والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    حرره/ صالح بن محمد السويح في 2/6/1429هـ

    ______________________________ _________
    1) انظر الاعتصام ( 2/200-201 )
    2) انظر كتاب براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأُمة للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله.
    3) المرجع السابق .
    4) انظر المرجع السابق
    5) انظر إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنّة للبربهاري بشرح الشيخ صالح الفوزان ( 1/91-92 ) ، ط-1 ، مكتبة الرشد ناشرون
    6) المرجع السابق
    7) انظر مجموع مقالات ورسائل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ( 1/249)
    8) انظر إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنّة للبربهاري بشرح الشيخ صالح الفوزان (1/43) ، ط-1 ، مكتبة الرشد ناشرون .
    9) مقال بعنوان ( الفكر الإسلامي يخالف الوحي والفقه ) للشيخ سعد الحصين ، انظر موقع الشيخ في الانترنت .
    10) انظر من مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد العثيمين ( 3/99 )
    11) انظر زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي (1 / 304 – 306 ).
    12) انظر موقع الشيخ عبدالعزيز ن باز رحمه الله .
    13) أحكام في القرآن الكريم للشيخ محمد العثيمين ( 2/256 )
    14) انظر موقع الشيخ صالح الفوزان .
    15) هذه من عبارات الأخ ناصر الكاتب حفظه الله

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •