بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


*
**********



خِلالُك الزُّهْرُ : طيب الذكر يتلوها
وتزدهي بسناها" كفرُ طبلوها"
ودرْبُ فكركَ، لا زالت ملامحه
غناءَ باسقةً ، طابت مغانيها
علامةٌ ، من جلال الحقَّ متشحٌ
بسيرةٍ عبقُ التقوى يزَكِّيها
ومفعَمٌ بشذا الإيمان ، يغمره
وضاءةً ، كانبلاج الصبح ، يجلوها
وفيلسوفٌ ، تسامى في معارفه
عن هرطَقاتٍ كساها الغيُّ تشويها
سليلُ أهلٍ كرامٍ ، ذكرهم عطِرٌ
يفوحُ بالعلم بين الناس تنويها
وفرعُ أصلٍ على أفنانه غردت
بيضُ السرائر للقربى وداعيها
غُرٍّ ،أماجدَ ، راموا العلم فاقتعدوا
منه الذرى ، بتدانٍ وارتَقَوْا فيها
يزيدهم علمُهمْ بين الورى شرفا
ودون تيهٍ يزيدون العُلا تيها
على رُبَى الأزهر المعمور صادحةٌ
لهم مكارمُ كانوا خيرَ أهليها
وفي حماهُ مساعٍ منهمُ سكبتْ
نفعا ، كريح الصَّبا تزكو سواقيها
كم فجَّروا من زواياه بقريتهِمْ
منابعَ الخير : تعليما وتوجيها
وكم تلاقتْ لدين الله وجهتُهُمْ
تجرُّدا ، ما تَغَيَّا الحق ترفيها
ولم تزلْ في حنايانا مآثرُهمْ
تعيدُ أيامَهم ذكرى نوافيها
آلُ " المُسيَّرِ" و " المسلوتِ " سادتُنا
على طريق الهدى : فضلا وتنبيها
بيضُ القلوب ؛ كأنَّ الله ميَّزَهُمْ
من بيننا بمَعانٍ همْ مبانيها
لا زلتَ – أستاذَنا – ما بينهم غَدقا
يفيض نُعْمَى : أريجُ العلم راويها
إذا تحَيَّر عند الموت ذو كُرَبٍ
وصيرتْه المنايا – ثَمَّ – مشدوها
فكم تجَهَّزْتَ للأخرى بما صنعتْ
يداك من صالح الأعمال تُخفيها
ونافعِ العلم كالأنوار تنشرُه
حبا لِدينٍ نرى في غيره التيها
رحيلك الهاديءُ : الوجدانُ يحمله
أسى تطوف به السلوى فيَجْفوها
وكيف ننساكَ والأيامُ ذاكرةٌ
عزيمةً كنتً بالإجلالِ تكسوها ؟
وهمةً كالرواسي كنتَ تحملُها
حزما ، ومن طيِّبات الرفقِ تَسقيها
أبا حذيفةَ ، والأحزانُ تُغرقني
أمواجُها في بحارٍ لستُ أدريها
ما ذا تضيف القوافي ، وهْي مقفِرَةٌ
مثل الفيافي ، وما نجوايَ أزجيها؟
غرستَ فينا بحسن الفعل ما تعبتْ
فيه المواعظُ: تمثيلا ، وتشبيها
ولم تكنْ بجميل القول محتفِلا
إن كان كالكفر والعصيان مكروها
فما الجمالُ إذا ما حل في جسد
والنفس كلُّ صنوف القبح تعروها؟
وما الملاحةُ في أثواب من برزتْ
منه الوقاحة في أردى مجاليها؟
حار الأُلى عن طريق المصطفى انحرفوا
مستمرئين لغير الله تنزيها
وخاب منهم ذوو الأهواء حين مضَوْا
ينزِّهون ضلال الفكر تنزيها
توهَّموا الدين أفيونا يخدِّرنا
والحقَّ أكذوبةً تحتاجُ تسفيها
وهم أضلُّ الورى نهجا ومنطلَقا
وأبرعُ الخلق تزويرا وتمويها
هدمتَ فيهم دعاوى لا تُدل بها
إلا الحماقةُ شابت في نواصيها
وقمتَ للرؤية الحولاء مصطحبا
أمانةَ النصح تأسو من يجاريها
فلم تعد بسوى فوزٍ تعززه
رعاية الله ، والقسطاسُ يحميها
عقيدةُ الحق لا تحيا بفلسفةٍ
إلا إذا أثمرتْ فهمًا مجانيها
ألست نجلَ من انهلت بمنبره
نصيحةٌ كان بالتَّحنان يُلقيها ؟
تُرغِّبُ الناسَ في التقوى بتذكرةٍ
رقيقةٍ كخيوطِ الفجر يُهديها
إمَّا تلاغطتِ الأفهامُ وجَّهَهَا
ودادُهُ ، وثقوب الفهم يرفوها
برُّ البُنُوَّة كم جسدتَّ روعته
بلا افتعال ، وعشتَ العمرَ تُعليها
وخالطتْكَ مع الأرحامِ مرحمةٌ
جُلَّى التواصل ، دين الله حاديها
ولم يفارقْ ندى الفصحى حديثَُك ، إذ
بغيرها أغرقَ القولُ الأفاويها
كأن نشأتكَ الأولى ببادية
يُرْوَى البلاغة من " سحْبانَ" راجوها
فما عسى أن يقول الشعر،وهْو على
جمرِ المدامعِ تشويهِ مآقيها؟
منحتَ قريتَكَ العلياءَ فازدهرتْ
وغردتْ باسقاتُ الفكرِ تشدوها
كأنما في القرى أمُّ القرى غمرتْ
حقولَها ، وأتَتْ بالخير تحبوها
فضلٌ من الله ، جل الله ، منَّتُه
تختصُّ منْ بصفاء الروح يدعوها
أبكيك؟ لا ، كيف أبكي من ببسمته
شمسُ التفاؤل مثل العطر أحسوها؟
لو أن دمعي دما ينصبُّ لا حترقت
مدامعٌ : طرقاتُ الموت تُدْميها
مصابُنا فيك – يا استأذنا- جللٌ
وحكمةُ الله أبقى من مُريديها
وهلْ يدُ الموت في الأكوان تاركةٌ
حيا ، ومثلُ أضاحيها أماسيها ؟
هي المقادير لا تنفكُّ نافذةً
ومن سوى الله يدري ما الذي فيها؟
نرضي بها ، وجميلُ الصبرِ مرتَفَقٌ
ولوعةُ الفقدِ بالإيمان نُطفيها
عشْ في الفراديس : طيرا ، صادحا ،غردا
فالخلدُ فيها يوافي من يناجيها
وفزْ بمقعدِ صدقٍ عندَ مقتدرٍ
مرضاتُه غايةٌ تحلو مراميها!!