
ردّ العلماء مسألة المناسبة في الفواصل القرآنية

الأستاذ:محمّد نجيب مغني صنديد

أولا-المستوى الصّوتي في الفواصل القرآنية:
وهو مبني على ما تقرّر،من الزّيادة والحذف والإمالة في الفواصل القرآنية.
- الزّيادة في الفواصل:
1- زيادة حرف المدّ:
أمّا ما جاء حرف المدّ،في نحو قوله تعالى:﴿ ﴾ و﴿﴾ و﴿ ﴾ ،فقد حكى أبو علي الفارسي(-377هـ)في الإيضاح العضدي،وابن جنيّ بعده أنّ بعض العرب تقول :"رأيت الرّجلا بالألف"،ولا يقولون هذا:"الرّجلو"،ول :"مررت بالرّجلي"،وعليه جاءت الفواصل الثّلاث،بإشباع الفتحة فتولّدت منها الألف؛وهذا جرياً على كلام العرب،لا على المناسبة في الآي الثّلاث.ومن هذا السّمت إبقاء الألف مع الجازم؛قال أبو حيّان(-754هـ):"...ورأيت ابن الأنباري يجيز أن تقول:لم يخشى،ولم يسعى،بإثبات الألف،واحتجّ بقراءة حمزة:﴿   ﴾ بإثبات الألف،وهذا لا يجوز عندنا،انتهى.وذه بعض النّحاة إلى هذه الحروف الثّابتة مع الجازم ليست هي لازمة الفعل،بل حذف الجازم تلك.وهذه حروف إشباع،تولدت عن الحركات التي قبلها" .فلا أثر للمناسبة ههنا،وإنّما هي من قبيل إشباع الفتحة،التي هي بعض الألف لا غير.
2-زيادة هاء السكت:
وإما ما جاء في إثبات هاء السّكت،في نحو قوله تعالى:﴿ ﴾ ﴿﴾ ﴿﴾ ﴿   ﴾ ،فذاك أنّ الهاء للوقف لا للمناسبة،ولما استغني عنها أُسقطت في نحو:"ماهي يا زيد"، و"كتابي قد كتب"وهي شبيه همزة الوصل .وكما أنّ بعضاً أثبتها،وأسقطها بعضٌ في قراءة ؛ وروي عن قوم من طيّء الوقف بالواو في:حبلى،فقالوا:ح ُبْلَوْ.ويُرى من هذا أنّ الوقف أولى والمناسبة أبعد.
-الحذف في الفواصل القرآنية:
1-حذف ياء المنقوص المعرّف:
أمّا ما حذف من ياء المنقوص المعرف،في نحو قوله عزّ وجلّ:﴿   ﴾ و﴿  ﴾ ،فيُجاب بما أجيب قبلُ ؛قال الشاعر:
وَأَخُو الغَوَانِ متى يَشَأْ يَصْرِمْنَهُ ÷ وَيَــكُنْ أَعْداء بَعِيدُ وِدَادُ.
وقال تعالى:﴿    ﴾ فالشّاهد وسط الآية،فما محل المناسبة من هذا.
2-حذف ياء الإضافة:
أمّا ما حذف من ياء الإضافة في فواصل الآي،فمطّرد مستقيم في لهج العرب،غير قليل في القران الكريم؛قال تعالى:﴿      ﴾ و﴿    ﴾ وليس وجوبا أن تكون المناسبة داعٍ إلى ذالك،لأنه يكثر في أواسط الآي.وكثير في الكسر حذف الحرف،وإنابة الحركة محلّه ؛قال تعالى:﴿  • ﴾ .وهو في الضمّ جار مجرى الكسر،وفي الفتح أقلّ لأنّه أخفّ.
-الإمالة في الفواصل:
أمّا ما جاء في حكم إمالة ما لا يمال؛كآي طه والنّجم،من السّور الإحدى عشر،المختلف في إمالة ذوات الرّاء والواو،أو من ذوات الياء ،فيجاب أنّ هذه كلّها قراآت قد ثبت سندها عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم،فهي سليمة من الزّيغ.وقد جاء عن المغاربة كلّهم،وجمهور المصريين إمالة فواصل هذه السّور كلّها،وعن أبي عمرو بن العلاء إمالة ذوات الرّاء .ولعلّ المسوغ عنده أن الرّاء حرف متوسط،والياء كذلك،وإمالة من الياء،فأمليت كما أميلت الياء .
وعن سيبويه:"الألثغ يجعلها ياءً" .ويطّرد عند سيبويه إمالة الثلاثي من الأفعال،ممّا أصلها واو،أو اعتلالها ياء،عند البناء للمفعول ؛ويكثر هذا في الآي الشّواهد.وعن أبي عمرو بن العلاء(-154هـ)إمالة أسماء لم تَقْوَ كي تكون سبباً في هذا،مؤنثة على زنة:فَعَلٍ وفَعْلٍ وفُعْلٍ،ما ليست من ذوات الرّاء؛كالسّلوى والرؤيا والدّنيا وسيماهم،وألحق بها:موسى وعيسى ويحيى .
وأمّا ما احتج به دعاة المناسبة في قول الله عزّ وجلّ:﴿ ﴾ ،فقد أجاب عن هذا الأشمّوني(-929هـ)؛فقال:"وأما﴿ ﴾فقد قال غيره أيضا:إنّ إمالة ألفه للتّناسب،وكذا﴿   ﴾ والأحسن أن يقال:إنما إميل من أجل أنّ العرب من ثني ما كان من ذوات الواو، إذا كان مضموم الأوّل،أو مكسور بالياء؛نحو:"الضّ ُحا والرّبا"،فيقول:" ُحيان،ورِبيان" فأميلت للألف لأنها صارت ياءً في التّثنية" وبهذا يكون باب الإمالة في الفواصل،لا يخرج عمّا جاء في لهج العرب،ورُدت المناسبة في الموضع هذا.
ثانيا-المستوى التركيبي في الفواصل:
وهو مقرّر في ردّ زعم عدول الآي عن أحكام الإعراب،للتناسب صوتيا.فكان أساساً في التّقديم والتأخير،والإفر اد والتثنية والجمع،وأحكام الجمل،والتّذكير والتّأنيث والحذف،والإضمار ، والنعوت،والعطف، وباب المجرورات.
- التقديم والتأخير في الفواصل:
1- تقديم المعمول على العامل:
أمّا ما جاء في أحكام الإعراب،من تقديم المعمول على العامل،في نحو قوله تعالى:﴿     ﴾ لحصول المناسبة،فردٌّ يردّه ما جاء في باب التّقديم والتّأخير في علم المعاني،وهي الغاية عند النّحاة،قبل البلاغيين؛قال سيبويه:"كأنهم يقدّمون الّذي بيانه أهمّ لهم،وهم بشأنه أعنى،وإن كان جميعا يهمّا لهم،ويعنيا بهم" .والنّكت في الآية إثبات العبادة، والاستعانة لله عزّ وجلّ دون سواه ؛لذا كان تقديم ضمير الفصل المنصوب على الفعل عامله، كما تقدّمت العبادة،وهي الوسيلة على الاستعانة،وهي الإجابة،وكاف الخطاب للالتفات.
وكذلك نظيره ما في قوله تعالى:﴿     ﴾ ؛إذ قد يكون المعنى المرجوّ،وقد تقرّر هذا في غير آية.قال الزّمخشري:"وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزهين،براءً مما وجّه عليهم من السّؤال،الوارد عن طريق التّقرير،والغرض أن يقول ويقولوا،ويسأل ويجيبوا،فيكون تقريعهم أشدّ،وتعبيرهم أبلغ،وخجلهم أعظم،وهوانهم ألزم،ويكون اقتصاص ذلك لطفاً لمن سمعه،وزاجرا لمن اقتص عليه" .وإن حصلت المناسبة على نُظم شتى؛كقولنا:"أإيّ ابكم هؤلاء كانوا يعبدون"،أو"أكانو ا هؤلاء إيّاكم يعبدون".فتقدّم ضمير الفصل على عامله،لا يعني حصول هذه اللّطيفة الّتي أراد الله عزّ وجلّ معنىً وقعاً.
2- تقديم المعمول على المعمول أصله التّقدّم:
أمّا في تقدّم المعمول على معمول آخر،أصله التقدّم على الأوّل؛فنحو قوله تعالى:﴿     ﴾ ،إن كانت﴿﴾نصبا لـ﴿ ﴾.وقد يكون نعتاً لآيات على الخفض ،وجاز القول فيها:الكُبْرُ.وا لأولى أقرب الوجوه،وأرجحها للسّهولة.
3- تقديم المفعول على فاعله:
وأمّا تقدم المفعول على فاعله،فنحو قوله تعالى:﴿      ﴾ ،وهو من باب البلاغة والبيان،وقد عقد الجرجاني فصلا في دلائله عن مزاياه؛وقس هذا على ما جاء في هذا الباب؛كتقديم خبر كان على اسمها في:﴿    •   ﴾ .وقد تقدم ذكر أنّ الأهمّ محله التقدّم،كمّا نصّ عليه سيبويه والجرجاني،وفي قول الزّمخشري رد على من ادّعى المناسبة؛إذ قال:"فان قلت:الكلام العربي الفصيح أن يؤخّر الظّرف،الّذي هو لغو غير مستقرّ،ولا يقدم،ونصّ سيبويه على ذلك في كتابه:فما باله مقدّما في أفصح كلام وأعربه؟قلت هذا الكلام،إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه،وهذا المعنى مصبّه ومركزه هذا الظرف،فكان لذلك أهمّ شيء وأعناه،وأحقه بالتّقدم وأحراه" .فاقتضاء الحال حكم لتقدّم المفعول على فاعله؛لأنّ المعنى أولى من اللّفظ ههنا،وسبيل المناسبة من هذا الأخير.
4- تقديم الضّمير على ما يعود عليه:
وكان هذا كذلك في تقدم الضّمير على ما يعود عليه،في قوله تعالى:﴿      ﴾ .إنّ في الأمر لطيفة،وهو كون موسى عليه السّلام،تأخّر عما هو أهمّ،وهو أنّه لما أوجس في نفسه خيفة،أنسته-للأمر الجلل حينها-أنّه الأقوى ،حتّى قيل أنّه كان بين سبعين ألف ساحر،بعصيهم وحبالهم.وعلى هذا جاءت الآية التي تلت تذكير من القديم عزّ وجلّ:﴿    •   ﴾ .
5- تقديم الجمل النّعتية على الحال:
وذاك ما كان من تقدم جملة النّعت على الحال،في حدّي وجوه إعراب الآية:﴿       •  ﴾ .قال بهذا الزّجّاج،ولم يزد على ذلك .وإن كان هذا هو، كان الأمر جرياً على ما ألفته العرب،نصب المفعول،وجملة النعت تبع له نصب من ضمير؛ نصب المفعول،وجملة النعت تبع له نصب من ضمير﴿﴾.
الإفراد والتثنية والجموع في الفواصل:
وهو المقرّر في الاستغناء بالصّيغ المفردة عن المثنّاة،والمثن ى عن المفرد،والمفردة عن الجمع.
1- الاستغناء بالإفراد عن التثنية:
وما جاء في الاستغناء بالإفراد عن التثنية،فهو في قوله تعالى:﴿   •      •  •   ﴾ فهذا إسناد الأمر إلى آدم عليه السلام وحده، وهو فعل الشّقاء،ودون إشراك حوّاء بعد إشراكها في الخروج؛لأنّ الشّقاء الرّجل قيِّم،وهو أمير أهله شقاءً.ودليل ذلك عود كاف الخطاب في"لك"،وتاء"تجوع" .
2- الاستغناء بالإفراد عن الجمع:
وأما ما جاء في الاستغناء بالإفراد عن الجمع؛نحو قوله تعالى:﴿   •  ﴾ ،فقد يكون على ما قالت به العرب على زنة"فعال".قال أبو علي الفارسي:"وقد جاء على فِعالٍ،فيما استعمل استعمال الأسماء،وذلك جائع وجياع،ونائم ونيام،وصاحب وصحاب،وراع ورعاء؛فممّا يصلح أن يكون هذا قوله:﴿   • ﴾يكون واحدهم آمّاً.ومثله ناوٍ ونواء،للسمان من الإبل" .وهذا متقبل جدّا لاطّراده على صيغة الجمع.وأما قوله تعالى:﴿ •   •  ﴾ فذاك جار عند العرب،وهو القول بالمفرد،وإيراد الجمع،وقد جاء بهذا القرآن العظيم؛قال تعالى:﴿     ﴾ ،و﴿       ﴾ ،و﴿   ﴾ ،و﴿   ﴾ .وحكى الزّجّاج عن الخليل وسيبويه؛قال:" بِها جَيَفَ الحَسْرى فَأَمَّا عِظَامُهَا ÷ فَبِيضٌ وَأَمَّا جِلْدُهَا فَـــصُلْبٌ .
ويريدون:وأما جلودها-وأنشد: *في حُلُقِكُمْ وَعِظَمٍ وقد شَجِيناَ*
والمعنى في حُلُوقِكُمْ عظام.كما قال:
كُلُوا في بَطْنِكُمْ تَعْفُوا ÷ فَإِنَّ زَمَانَكُمْ زَمَنُ خَبِيصٌ
المعنى:"كلوا في بعض بطونكم" .ألا يرى أنّ هذا شأن العرب في كلامها ولهجها؟.
3- الاستغناء بالإفراد عن التثنية:
وأمّا ما جاء في الاستغناء بالمفرد عن المثنى،نحو قوله عز وجل:﴿     •  ﴾ .فهي جنّة واحدة،التي هي مصير الإنسان،والتي تقررت غير مرّة.وأمّا ما جاء في الآية،فذاك بستانان في الجنة أو الفردوس؛كما في الكهف .
وأما في آية الشّمس:﴿     ﴾ ،فقدار بن سالف صاحبها في الآية ،وقد قال فيه الأفوه الأودي:
إذ أهلكت بالذي قدمت عاد ÷ كــانوا كلقيم في عشيرته
على الغواية أقـوام فقد بادوا ÷ أو بعده كقدار حـين تابعه
ولا عماد إن لم ترس أوتـاد ÷ والبيت لا يبتنى إلا وله عمد






ومنهم من قال أن شريكه مصدع بن دَهْوٍ؛إلا أنّ العرب تضيف لأفعل،التي للمدح أسماء في موضع المثني والمؤنث والجمع،فتقول:"هذ ان أفضل الناس"،و"أخير الناس".قال الشاعر:
يَا أَخْبَثَ النَّاسِ كُلُّ النَّاسِ قَدْ عَلِمُوا ÷ لَوْ تَسْتَطِيعَانِ كُنَّا مِثْلَ مِعْضَادٍ .
4- الاستغناء بالجمع عن الإفراد:
وأما ما جاء في حكم الاستغناء بالجمع عن المفرد،نحو قوله تعالى:﴿      ﴾ ،فهذا شأن آخر غير الجمع ؛قال ابن عباس:"﴿   ﴾لا فداء فيه،و﴿  ﴾ لا مخالّة للكافر،والصالح تنفعه خلته" .فأجرى الأمر على المصدرية،لا على الجمع.وقال الأخفش :"ولو شئت جعلت"الخلال"مصدر ا لأنها من "خاللت"؛مثل:"قاتل ت".مصدر هذا لا يكون إلاّ"الفِعالُ" أو"المُفاعَلَةُ" " .وقد تقرر المعنى نفسه في البقرة .
- إيراد جمل بجمل من جنسها في الفواصل:
أمّا ما في حكم الجمل،فكان في إيرادها بجمل من غير جنسها،وليست مطابقة لها،فتتكون بين قسمين من جملة واحدة،أو بين جزأين من جملتين.
1- إيراد الجملة على غير الجملة التي سبقتها المردود بها:
أمّا ما في إيراد الجمل،المردود بها على غير وجه المطابقة في الاسمية،نحو قوله تعالى:﴿  ••   •       ﴾ ،فيجاب أنّ ما في مطابقة الاسمية بالفعل لغرض،هو حاصل في المعنى الّذي أريد لها؛ففي:﴿ •   ﴾شأن فعل الدّعاء،وفي:﴿    ﴾شأن فريق من الناس الفاعلين.قال الزمخشري:"...وفيه من التّوكيد والمبالغة،ما ليس في غيره:وهو إخراج ذواتهم وأنفسهم من أن تكون طائفة من طوائف المؤمنين،كما عُلم من حالهم المنافية لحال الدّاخلين في الإيمان،وإذا شُهد عليهم بأنهم في أنفسهم على هذه الصّفة،فقد انطوى تحت الشّهادة عليهم؛بذلك نُفي ما انتحلوا إثباته لأنفسهم على سبيل البتّ والقطع؛ونح قوله تعالى:﴿    •      ﴾ .وهو أبلغ من قولك:وما يخرجون منها" .ولا يزاد على الزّمخشري شيء،فقد حصلت في الآية المزيّة المعنوية،وانتفت دعوة المناسبة ههنا.
2- إيراد القسم غير مطابق للأول الذي سبق لجملة واحدة:
وأمّا ما كان في إيراد القسم غير مطابق للأول الذي سبق،لجملة واحدة،نحو قوله تعالى: ﴿     ﴾ ،فذاك أنّ في الجملة﴿ ﴾معنى الفعل الدّالّ على الاستمرار،وفي﴿ ﴾انفردت،وص ّح بها،فكان ألطف لما في التّصريح ثبوت السّجيّة في شخص صاحبها ،والصّبر سر في الجهاد ؛لذا جاء في موضع فاصلة.وفي العنكبوت من طريق هذا﴿      ﴾ ؛ومعنى﴿ ﴾أنّه وجب دوام الصّدق عند المؤمن،و﴿ ﴾الكاذب المتصف بالكذب،وهي سجية شنعاء فيه مذ احترافها؛لذا لزم الزّيادة في إظهارها،حيث لو كان بالجملة لم يفِ الغرض.
3- إيراد الجملة على غير الوجه الّذي ورد في الأول:
وأمّا إيراد أحد جزأي الجملة،على غير وجه الّذي ورد في الأول،نحو قوله عز وجل: ﴿       ﴾ ،فهو في إيجاب ما قد سبق.وهو من سمتها؛ لأنّ التّقوى سرّ في البرّ والإحسان؛لذا كان الإخبار عنها بالتّصريح لا بالتأويل.فليس هذا من المناسبة في شيء.
- التذكير والتأنيث في الفواصل :
قد ذكر السّيوطي من الإيثار في الصيغ والمفردات والتراكيب القراآت،والاستغ ناء عن بعضها في الأربعين نوعا،التي خرجت عن المعهود المألوف في قول العرب-في زعمهم-طلبا في المناسبة،وأنسا للوقع،التي جبلت إليه الفواصل في قوالبها وأصواتها،وان كان أقلّ حظّاً، وأرجع درجة من المعنى الذي جيء به؛وإلا انتفى ما قاله الرّماني أنّ الفواصل تبع للمعاني ، والسّيوطي نفسه راوي هذا.
وأما ما جاء في إيثار تذكير اسم الجنس،نحو قوله:﴿ •    ﴾ ،فذاك أنّ طريق المناسبة بعيد،لحصول زيادة المعنى فلفظ﴿﴾دليل أن التشبيه حقيقة،لأنّ الرّيح قعرت السّتة من شداد عادٍ أجسادهم؛وشبهوا بالنّخل لأنهم شديدو الطّول.وروى القرطبي عن المبرد(ـ285هـ)أنّ لفظ"نخل"يذكّر على اللفظ،ويؤنّث على المعنى .فالحاصل في الآية-والله عليم بكلامه-أنّ ذلك هيئة القوم بعد الريح.
وأما جاء في الحاقّة من مجيء الوصف على التّأنيث،فذاك على رواية أخرى أنّ الرّيح كانت تدخل من أفواه القوم،فتخرج ما في جوفهم من الحشو من أدبارهم،فخوت أجسادهم . فكان هذا لبيان هيئة عمل الرّيح،وتدلّك الآي التي سبقت في وصف الريح.وقد كثر هذا الجنس في القرآن؛فمن ذاك ما جاء في أفعى موسى عليه السّلام،فمرّة بلفظ"حيّة"،ومرة بلفظ"ثعبان".
- الإضمار في الفواصل :
وأمّا ما جاء في حكم إيقاع الصّريح موضع المضمر،نحو:﴿           ﴾ و:﴿•            ﴾ .فالمعنى هو اعتماد الكلام الثّاني،وهو:﴿       ﴾،وترك الكلام الأول،وهو:﴿•    ﴾.وهذا على نية التّكرير؛ويعني هذا كلّه كأنّه قيل:إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصالحات إنّا لا نضيع من أحسن عمل الّذين آمنوا وعملوا الصالحات.شبيه قوله تعالى:﴿       ﴾ ،ثم قال :﴿     ﴾ .والمعنى:عن قتال فيه؛أي يسألونك عن الشّهر الحرام عن قتال فيه .
أو على نية الحذف؛أي:لا نضيع أجرهم،لأنّهم ممّن أحسنوا عملا ،فحذف(لأنهم من). وهو أبلغ.ويقاس عليه بما في الكهف،على ما في الأعراف.
- العطف في الفواصل:
وأمّا ما جاء في حكم الفصل بين المعطوفين،نحو قوله عزّ وجلّ:﴿          ﴾ ،فهو من قبيل التّقديم والتّأخير؛ومعنى ذلك:لولا كلمة من ربك وأجل مسمى،لكان لزاما،فاصبر على ما يقولون،فقدم﴿ ﴾.وقيل معناه:لكان موتا، وقيل:القتل،وأخر ﴿ ﴾فقيل:هي الدنيا،وقيل:الس عة .فكان محلها التّأخير في المعنى واجبا؛لأنّ زمنها متأخر عن الموت الحادث في الدنيا .
- النعوت في الفواصل :
وأمّا جاء في حكم فصل بين المنعوت والنعت في قوله تعالى:﴿        ﴾ ،فعلى تخريج﴿﴾ حالاً من،﴿  ﴾ .ويجاب بأنّه تخريج واحد،وله ثان؛وهو على نعتية﴿﴾ .والأوّل أبعد،والثاني أرجح؛لأنّ الغثاء أميل إلى السّواد، والنعت قريب ههنا من منعوته.وفي الآية إشارة إلى أنّ لكلّ أمر نهاية،فالمرعى يبدأ أخضر، وينتهي غثاءً أسود؛موافقة لآي السّورة،التي توحي إلى بداية الخلق ونهايته .
- إيقاع الصيغ موقع بعض :
1- وقوع المفعول موقع الفاعل:
وأمّا ما وقع في مفعول موقع فاعل،نحو قوله تعالى:﴿     ﴾ ،فكان ذلك الصّواب عينه لا المناسبة؛قال الزّمخشري:"قيل:ف  مفعول لمعنى فاعل.والوجه أنّ الوعد هو الجنة،وهم يأتونها،أو هو من قولك:أتى إليه إحساناً؛أي:كان وعده مفعولاً منجزاً" .والزّنة على مفعول الأنسب للمعنى المنقاد إلى الآية،وهي أرجح لما تلاها من ضمير يعود على معنى" "الذي هو الجنة في قوله تعالى:﴿   ﴾ .
وكذا في قوله تعالى:﴿  • ﴾ ؛أي:حجاب وستر.وقيل في مثل هذا سيل مفعم ذو إفعام.وجواز كون المراد:حجاب دونه حجاب آخر،أو حجب أخرى تستره،فهو مستور بها
2- وقوع فاعل موقع مفعول:
وأمّا ما وقع فاعل في موقع مفعول،نحو قوله تعالى:﴿     ﴾ ،فذاك تغليب حجتين من ثلاث:أحدها أنّ﴿﴾بمعنى مرضية،وثانيها:أ ها نسبة؛أي ذات الرّضا، مثل:"لابن وتامر"،وثالثها:ا لمجاز الذي ضرب في الآية؛وكأنّ العشية رضيت بما استحقت من كمال حالها .وكذا في الطارق﴿  •  ﴾ لتغليب سندين من ثلاث:أولها لأنّها من معنى مدفوق،وثانيها:ا نسب؛أي: ذو اندفاق،وثالثها: لحمل على المعنى؛لأنّ اندفق:نزل،فالإس اد مجازي .
- صرف غير المصروف في الفواصل:
وأما ما جاء في صرف ملا ينصرف،لدعوة المناسبة عندهم،نحو قوله تعالى﴿   ﴾ ،فيجاب بقول أبي حيان:"وأما الجمع المتناهي،فقال الأخفش:بعض العرب تصرفه،وقد قُرِئَ:﴿  ﴾ ،و﴿  ﴾بالتنوين. وقال بعضهم قد يُصرف للتّناسب وجعل:﴿   ﴾ في قراءة من نوّن " .فالعرب تجيز صرف غير المصروف، وهو سار قبلاً على لسانها،فنسج القرآن العظيم على منوالها.
- مغايرة الأبنية الصّرفية في الفواصل :
وأمّا ما جاء في حكم تغير البنية؛نحو:﴿   ﴾ والأصل سيناء،فقد روى السّيوطي عن الحسن أنّ"سنين"بلسان الحبشة،و"سيناء"ب لسان القبط .و"سيناء"الجبل المشجر بلسان الحبشة.وعن ابن عباس رضي الله عنهما "سينين"شجر واحد له سنينة على زنة فعليل .مكرر النّون؛قال به أبو علي الفارسي،وهو غير مصروف .ويصاغ من هذا كلّه أنّه كان في الآية تحديد الجبل،وهو جبل موسى المبارك الحسن المثمر.ولا دخل للمناسبة في تغيير الصيغة،فإنّه قد قرئ بـ"سيناء"كما قرئ بـ"سينين" للزّيادة في المعنى.
ثالثا- المستوى المعجمي في الفواصل :
- غريب المفردات في الفواصل :
أمّا ما ورد في الفواصل من الغريب،فذاك زيادة في المعاني على اللّفظ المعهود،فيكون الأنسب للآية والأليق لقصدها؛نحو قوله تعالى:﴿   ﴾ .فالضّيز أبلغ من الجور ههنا؛لأنّه منع الحق والنّقص منه،والجور الميل عن العدل .فاستأثروا بالذّكور،ونسبوا الإناث لله عزّ وجلّ،لذا جاء التعبير القرآني غاية في الحمق والسّخرية.
ونحو قوله تعالى:﴿   ﴾ فالقصد جهنم.ولكن ابن عباس رضي الله عنهما أضاف أنّه الباب الرّابع في جهنم .وفي قوله تعالى:﴿   •  ﴾ ؛أي:لهب النار .فقيل:ما أشدّ لظى النار؛أي لهيبها وحرّها .وفي نحو قوله عزّ وجلّ:﴿  ﴾ ؛ أي:أمّ رأسه هاوية في قعر جهنم ،والهاء للسّكت.فالمحذوف لفظ"رأس"،وقال ابن عباس رضي الله عنهما:"جعل أمّه مأواه ومصير الهاوية" .وقيل في﴿﴾ أنها الطبقة السادسة. وقيل الدّركة الثانية ،فكانت الزّيادة على المعاني،ولوم تكن المناسبة هم فواصل الآي الأكبر.
- إيقاع حروف المعاني موقع بعض الفواصل :
وأمّا ما جاء في إيقاع الحروف مكان بعض،نحو قوله تعالى:﴿   ﴾ ،فذاك أنّ اللاّم تكون بمعنى"إلى"ههنا على المجاز بحذف القول:أوحى لها القرار فاستقرت .وقيل أيضا إنّ فعل"أوحى"يتعدى باللام وبإلى .
رابعا- المستوى البلاغي في الفواصل :
1- تقديم الفاضل على الأفضل:
وأما ما جاء في تقديم الفاضل على الأفضل،نحو قوله:﴿    ﴾ ،فذاك أنّ في طه ذُكرت أمور عديدة،لم تذكر في سور أخرى،من خبر موسى عليه السّلام وفرعون؛ منها مسألة الخوف في قوله تعالى:﴿      ﴾ ،وكانت الأدّق في عرض القصة.والإيجاس من أمور أربع؛ثلاثة هيّنة على هارون عليه السّلام:الخوف من التكذيب،وضيق الصدر،وحُبْسَة اللّسان ،فقد يكون الأخير سببا في تقدمه فيطه.والرابع أنفرد به موسى عليه السّلام؛لذا أفردت له أمور،وغوير بين الآية فيطه وبين الآي البقين .وقد يكون الإيجاس فعل فعلته في نفسيته عليه السلام حتى قال تعالى:﴿    •   ﴾ ،فعود الضّمير عليه وحده،والخيفة منه لا من هارون؛فتقدم لهذا .أو أن يكون القول هو نفسه الّذي قاله السّحرة فيطه.وفي الآي الأخر لأجل التفضيل بينهما،والله أعلم.
2- تقديم المتأخر زمنا في الفواصل:
قد استوفى في التقدم حقه في قوله تعالى:﴿    ﴾ ،ورُدّ به عمّن ألزم ذلك عقد مناسبة الآي بعضها لبعض؛قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية:"بإعطاء الثّواب والكرامة والشّفاعة"الأول "بإعطاء المعرفة والتّوفيق" .فأي المنزلتين أفضل وأرفع:الآخرة دار الخلود؟أو الأولى دار الزّهود؟.فإن قيل لمَ تقدّم ذلك،وقد تأخرت في﴿                  ﴾ ،يجاب:بأن يُحمد الله عزّ وجلّ في الدنيا على نعمه،وهذا شريطة الإيمان بالغيب،وهو أولى،وقبل الآخرة التي تكون حصاد الدّنيا ، والحمد فيها لا يكون كالذي سبق.
3- تقديم البليغ على الأبلغ في الفواصل:
وقد جاء-حسب رأيهم-تقدم الوصف الأقل بلاغة من الأبلغ في البسملة،قياسا على ما في التوبة:﴿   ﴾ .أما ما جاء في البسملة فلا رسم له من الصّحة؛قال الزّمخشري: "وفي﴿﴾من المبالغة ما ليس في﴿﴾ولذلك قالوا"رحمن الدّنيا والآخرة،ورحيم الدّنيا" .
وبهذا قال العكبري .وتقرّر هذا في البقرة﴿       ﴾ ،وقد سميت أيضا سورة بحالها،بالوصف الأول؛لأنه الأبلغ.
- الاختصاص بالمعنى في الفواصل :
وأمّا ما كان في اختصاص المشتركين في الموضوع الواحد،في نحو قوله تعالى:﴿    ﴾ ،فذاك لحكمة،وهو أنّ الله عزّ وجل ذكر قبل الشّهادة آيات أمور غيبية، حادثة يوم القيامة؛لإثبات وجوده عزّ وجلّ في الآية الشّاهد،لذا وجب التّذكّر عند ذوي الألباب، وهم ذووا العقول من الناس.
وأما ما في طه:﴿ •      ﴾ ،فلفظ﴿•﴾من النَّهي وهو الكف ، ويوافق الآية الذي فيه معنى الكف عن المنكر؛والخطاب كان لقريش لأنّهم كانوا يمشون في الأرض،أرض عاد وثمود،يعاينوها آثار هلاكها .فوجب لهم الكفّ عن العناد.ولكلّ من الآيتين فاصلة تفيد معنى خاص بإحداهما، وإن اشتركا موضوعاً،وقرب معنىً.
- العدول عن صيغ الأزمنة في الفواصل:
وأمّا ما جاء في العدول في صيغة الماضي إلى صيغة الاستقبال،نحو قوله عز وجل: ﴿    ﴾ ،فذاك شأن في البلاغة عظيم طريف،لا يكون إلاّ في هذا التّركيب،وهو توقع أمرين اثنين:فالأوّل التشنيع والتفظيع على اليهود قتلهم يحيى وزكريا، وغيرهم من أنبياء الله عليهم السلام؛والقصد من ذلك استحضار الأمر في النفوس وتصويره. والثاني الأفظع والأقبح،وهو أنّهم لا زالوا يفكّرون بهذا المنطق،لقتل محمد عليه الصلاة والسلام؛لولا أن عصمه الله عزّ وجلّ أنجاه من السحر والسم .وقد يكون المضارع لحكاية الحال الماضية؛أي:قتله زكريا ويحيى ،ولا أصل للمناسبة ههنا.
- إيثار صيغ المبالغة في الفواصل:
1- إيثار صيغ المبالغة عن الصيغ البقين:
ونظير هذا في إيثار صيغ المبالغة في مريم؛قال عزّ وجلّ:﴿     ﴾ ، فقد طال الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛كما جاء في التفاسير،فجاء تذكير من الله تعالى إلى رسوله أنّه ما نسيه ،وعلى صيغة المبالغة،لأنّها الأنسب والأبلغ.كما كان الحذف كذلك في قوله:﴿  •    ﴾ .والصّيغة ههنا كذلك.
2- إيثار صيغ المبالغة عن بعضها:
و أما ما جاء في إيثار صيغ المبالغة عن بعضها؛نحو:﴿ •    ﴾ ،فقد نقل القرطبي عن الخليل بن أحمد الفراهيدي(-175هـ)تفريقه عجيب عن عجاب فقال: "العجيب العجب،والعجاب الذي قد تجاوز هذا العجب..." ،وهي بلغة أزد شنودة .فلا عجب في هذا،لأن الآية نزلت في حقّ قريش،التي لا توحّده عزّ وجلّ،ولا تؤمن بهذا البتة.
- الحذف في الفواصل:
باب الحذف شريف المسلك في البلاغة وعلم المعاني،لما فيه من اللّطافة والأنس في النفوس،وقد جاء منه في القرآن الكريم غير قليل؛لا سيما عند فواصل الآي.إلاّ أنّ ذلك عُدّ من قبيل مناسب اللّفظ،وتوافق إيقاع الآي،وقد استبان لدي أنّه على هذا؛وإنما حصول المعاني، وإدراج اللّطائف كان الأوفر حظًّا،والأوقع حديثاً.
1-حذف المفعول به:
وأمّا ما كان في حذف المفعول،فيجاب:إ ّ هذا من لطائف ما ذكر الجرجاني في الحذف وأنواعه وألوانه ونكته .وما جاء في حذف المفاعيل في الآي؛إنّما لمعنى هو مراد لا لمناسبة التي سبقت،أو التي تلت.وإلاّ ما تفسير ما كان وسط الآي؟كقوله تعالى:﴿       ﴾ .
وأما الحذف في قوله تعالى:﴿ •   • ﴾ ،فكان لسعة الإمعان والفكر مناسبة للمعتقد؛فالعطية لا حصر لها والتقوى كذلك،والأولى تكون في المال والنفس ،والثانية من الكفر والشرك والفواحش .ولطيفة أخرى في قوله عز وجل:﴿  •     ﴾ ،حيث حذف الكاف الضمير المفعول.قال الزّمخشري:"حذف الضّمير من"قلا"كحذفه من "الذّاكرات"من قوله:﴿    ﴾ ،يريد لذاكرته؛نحوه(فأ ى-فهدى-فأغنى)وهو اختصار لفظي لظهور المحذوف" .فلما كان ذكرنا المضمر"الكاف"اُخ تصر اللّفظ وحذف،وهو ألطف من ذكره إن ذكر.وقد يكون الحذف لغرض إطلاق حال تعزير محمد صلى الله عليه وسلم،ودينه إلى يوم يبعثون؛حتّى أنّه سبق ذكر القسم وأردفه بالثواب في الآخرة .
2 -حذف المفعول المتعلق بأفعل التفضيل :
أمّا ما جاء في حذف متعلق بأفعل التّفضيل،نحو:﴿    ﴾ ،فهو حذف "منه"الجار ومجروره؛وحذف المتعلّق كان أوقع من ذكره،وقد يدلّ على غور السّرّ الخفيّ الّذي وقع من الإنس،والذي لم يقع بعد .وكذا في قوله عز وجل:﴿   ﴾ ، فكان المحذوف ما تعلق بأبقى،وهو"ممّا تعطينا من مال".فلو ذكر هذا لم تحصل المزية،لأنّ عطايا الدّنيا فانية زائلة معدودة،وثواب الله عزّ وجلّ وكراماته وفضائله أبقى.وكيف هذا وقد رأى السّحرة منازلهم من الجنة والنار في سجودهم .
ومثل ذلك في الأعلى:﴿    ﴾ ،خير في نوعها،وأبقى في أمدها.فلو ذكر المتعلق لما حصل النّكت،ولما وقعت اللّطيفة في بلاغة الآية.وعود كل هذا أنّه حذف،يبحر بنفس السّامع أن تتوقع أمورًا على رحابتها وسعتها؛قال الخطيب القز ويني(-737هـ):"والثاني أن يحذف الدلالة على انه شيء لا يحيط به الوصف،أو لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن،فلا يتصور مطلوبا أو مكروها،إلاّ يجوز أن يكون الأمر أعظم منه،ولو عين شيء اقتصر عليه،وربما خف أمره" .والأمر كما جاء في الآي الشواهد،وغير ذلك على غير حصول مزية الوقع والمناسبة، وإنما المعنى جوهر الأمر وسره وروحه،وان كان الوقع قد حفظ نسق النّغم،فذاك الحسن بالمزاوجة في الإيقاع والمعاني المكنّاة في الآي.
- إجراء غير العاقل مجرى العاقل :
وإما ما جاء في القول بالمناسبة،في إجراء غير العاقل مجرى العاقل،في قوله تعالى:﴿    ﴾ ،و﴿    ﴾ ،فردّ يردّه الإشارة في الآية الأولى إلى أبوي يوسف عليه السلام:يعقوب عليه السّلام والسّيّدة راحيل .أوليسا من أعقل الخلق كلّه؟.وأمّا الآية الثانية،فأجرى فيها ما لا يعقل، لمعنى أنّ الشّموس والأقمار تتكاثر كل يوم وليلة،والتكاثر صفة الإنسان العاقل .ألا يُرى أن المعنى،هو الذي طلب هذا الصنف؛ بخاصّة أنّه يكثر في الأحوال وجملها.وما يعضد هذا قوله تعالى:﴿     ﴾ ، فقد زعم قوم إنهما تكلمتا حقيقة،ولكن انقيادهما نُزّل منزلة القول .
ولطيفة في قوله تعالى:﴿     ﴾ .فخاسئين خبر كان المحذوفة الثانية،إلاّ أنّ الفاصلة جامعة للقردية والخسوء ،وهما من دوال الصّغار والطّرد،والطّرد صفة العاقل، والغرض هذا،العظة للقرون التي تجيء بعد .
1- سورة الأحزاب- الآية:10 .
2- سورة الأحزاب- الآية:66 .
3- سورة الأحزاب- الآية:67 .
4- سورة طه- الآية:77 .
5- أبو حيان الأندلسي(645هـ-754هـ) محمد بن يوسف بن علي بن يوسف:"ارتشاف الضّرب من كلام العرب"- تحقيق:مصطفى أحمد النّمّاس- مصر- القاهرة- المكتبة الأزهرية للتراث- (د/ط)-1417هـ/1997م- ص:399 .
6- سورة الحاقة- الآية:26 .
7- سورة الحاقة - الآية:28.
8- سورة الحاقة - الآية:29 .
9- سورة القارعة- الآية:10 .
10- ينظر أبو علي الفارسي(-377هـ):"التكملة"- تحقيق:د/ كاظم بحر المرجان- لبنان- بيروت- عال الكتاب- ط2- 1419هـ/1999م.ص:201.
11- ينظر ابن الجزري(- 833هـ):"النشر في القراآت العشر"- لبنان- بيروت- دار الكتب العلية- (د/ط)- (د/ت).
12- سورة الرعد - الآية:09 .
13- سورة غافر - الآية:32 .
14- ينظر ابن جني(- 392هـ)أبو الفتح عثمان:"الخصائص في العربية"- تحقيق:محمد علي النجار- لبنان- بيروت- المكتبة العلمية-(د/ط) (د/ت).ج:3- ص:133 .
15- سورة القمر- الآية:06 .
16- سورة القمر- الآية:16 .
17- سورة الرعد- الآية:32 .
18- ينظر ابن جني:المصدر نفسه- ج:3- ص:134 .
19- سورة الزمر- الآية:16 .
20- ينظر ابن الجزري:"النّشر"ج- 2:- ص:48 .
21- ينظر المصدر نفسه: ج:2- ص:52 .
22- ينظر عبد الصبور شاهين:"أثر القراآت فيعلم الأصوات والنحو العربي- أبو عمرو بن العلاء-"- مصر- القاهرة- مكتبة الخانجي- ط1-1407هـ/1987م- ص:174 .
23- سيبويه أبو عثمان بن بشر بن قنبر:"الكتاب"- تحقيق:عبد السلام هارون- لبنان- بيروت- دار الجيل- (د/ط)-(د/ت)-ج:4- ص:137 .
24- ينظر الأعلم الشمنتري(-476هـ):"النكث في تفسير كتاب سيبوبه"- تحقيق:يحيى مراد- لبنان- بيروت- دار الكتب- العلمية- ط1-1425هـ /2005م- ص:587 .وسيبويه:"الكتاب"-ج:4- ص:128 .وأبو علي:"التكملة"- ص:538 .
25- ينظر عبد الصبور شاهين:"أثر القراآت"- ص:175 .
26- سورة الضحى- الآية:01 .
27- سورة الشمس- الآية:01 .
28- الأشموني علي نور الدّين محمد بن عيسى(-929هـ):"شرح ألفية ابن مالك(-672هـ)"- تحقيق:محمد محيي الدين عبد الحميد- مصر- القاهرة- المكتبة الأزهرية للتراث- (د/ط)-(د/ت)-ج:4- ص:395 .
29- سورة الفاتحة- الآية:05 .
30- سيبويه:"الكتاب"-ج: 4- ص:34 .
31- ينظر الزمخشري:أبو القاسم جار الله بن عمرو الخوارزمي:"الكشا ف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل"- تحقيق: يوسف الحمادي- مصر- مكتبة- مصر-(د/ط)-(د/ت)-ج:1- ص: 19و20 .
32- سورة سبأ- الآية:40 .
33- الزمخشري:"الكشاف "-ج: 3- ص:612 .
- سورة طه- الآية:23 .
35- ينظر تخريج العكبري أبو البقاء بن الحسين(-616هـ):"التبيان في إعراب القرآن"-إشراف مركز البحوث الدراسات- لبنان- بيروت- دار الفكر- ط1-1997م- ج:2- ص:182 .
- سورة القمر- الآية:41 .
37- ينظر الجرجاني عبد القاهر(-471هـ):"دلائل إعجاز في علم المعاني"- تحقيق:ياسين الأيوبي- لبنان- بيروت- صيدا- المكتبة العصرية- ط1- 2000م- ص:148 .
- سورة الإخلاص- الآية:04 .
39- الزمخشري:"الكشاف "-ج: 4- ص:651 .
40- سورة طه- الآية:67 .
- ينظر سيد قطب:"في ظلال القرآن"- لبنان- بيروت- دار الشّروق- ط12-1406هـ/1986م-ج:4- ص:2342 .
- سورة طه- الآية:68 .
- سورة الإسراء- الآية:13 .
- ينظر الزّجّاج أبو إسحاق إبراهيم(-311هـ):"معاني القرآن وإعرابه"تحقيق:د/عبده شلبي- لبنان- بيروت-(د/ط)-(د/ت)-ج:3- ص: 231 .
- سورة طه- الآية:117 .
- سورة طه- الآية:118 .
- سورة الفرقان- الآية:74 .
- أبو علي الفارسي:"التكملة "- ص:474 .
- سورة القمر- الآية:54 .
- سورة البقرة- الآية:20 .
- سورة البقرة- الآية:07 .
- سورة إبراهيم- الآية:43 .
- سورة القمر- الآية:45 .
- الزجّاج:"معاني القرآن وإعرابه"-ج:5- ص:93 .
- سورة الرحمن- الآية:46 .
- ينظر الفيروزأبادي أبو الطّاهر يعقوب:"التنوير المقباس من تفسير ابن عباس"- لبنان- بيروت- دار الفكر- (د/ط)-1995م- ص:533 .
- سورة الشمس- الآية:12 .
- ينظر الزمخشري:"الكشاف "-ج:4- ص:599 .
- ينظر القالي أبو إسماعيل بن القاسم بن عيدون(-356هـ):"كتاب الأمالي"- تحقيق:الشيخ صلاح بن حنفي هلل،والشيخ:سيّد بن عبّاس الجليمي- لبنان- بيروت- المكتبة العصرية- ص:471 .
- الأفوه الأودي:"الديوان"- شرح وتحقيق:د/ محمد التنوخي- لبنان- بيروت- دار صادر- ط1- 1998م- ص:65 .
- ينظر الفراء أبو زكريا يحيى(-207هـ):"معاني القرآن"- تحقيق: إبراهيم شمي الدين- لبنان- بيروت- دار الكتب العلمية- ط1-1423هـ/2002م- ج:3- ص:157و158 .
- سورة إبراهيم- الآية:31 .
- السيوطي والمحلي جلالي الدين:"تفسير الجلالين"- لبنان- بيروت- دار القرآن الكريم-ط1-1427هـ/2007م- ص:259 .
- الفيروزأبادي:"ال تنوير المقباس"- ص:259 .
- الأخفش أبو الحسن سعيد بن مسعدة(-215هـ):"معاني القرآن" تحقيق:إبراهيم شمس الدين- لبنان- بيروت- دار الكتب العلمية- ط1- 1423هـ/2002م- ص:233 .
- سورة البقرة- الآية:254 .
- سورة البقرة- الآية:08 .
- سورة المائدة- الآية:37 .
- الزمخشري:"الكشّا ف"- ص:55 .
- سورة آل عمران- الآية:142 .
- ينظر الجرجاني:"دلائل الإعجاز"- ص173و174 .
- سورة العنكبوت- الآية:03 .
- سورة البقرة- الآية:177 .
- ينظر الرّمّاني أبو الحسن علي بن عيسى(296هـ/386هـ):"النّكث في إعجاز القرآن"- ضمن ثلاث رسائل- تحقيق:د/ محمد زغلول سلام والأستاذ محمد خلف الله- مصر- القاهرة- دار المعارف- (د/ط)-(د/ت)- ص:89 .
- سورة القمر- الآية:20 –وأنّث لفظ نخل في:﴿ •    ﴾ سورة الحاقة- الآية:07 .
- ينظر القرطبي عبد الله بن أحمد بن الأنصاري:"الجامع لأحكام القرآن"تحقيق:د/محمد إبراهيم الحنفاوي ود/محمود حامد عثمان- مصر-القاهرة- دار الحديث-(د/ط)-1423هـ/2002م- م:9- ص:116 .
- ينظر الطبري محمد بن جرير(-310هـ):"جامع البيان عن تأويل آي القرآن"- تحقيق الشيخ خليل الميس- لبنان- بيروت- دار الكتب العلمية-(د/ط)-1415هـ/1995م- م:14-ج:29- ص:64- و م:13- ج:27- ص:131و132 .
- سورة الأعراف- الآية:170 .
- سورة الكهف- الآية:30 .
- سورة البقرة- الآية:217 .
- سورة البقرة- الآية:217 .
- ينظر الفراء:"معاني القرآن"-ج:2- ص:64 .
- ينظر الأخفش:"معاني القرآن"- ص:245 .
- سورة طه- الآية:229 .
- ينظر الطبري:"جامع البيان عن تأويل آي القرآن- م:09-ج:16- ص:288 .
- سورة الأعلى- الآيتان:5 و6 .
- سورة الأعلى- الآية:4 .
- ينظر العكبري:"التبيان في إعراب القرآن"-ج:2- ص:499 .
- ينظر سيد قطب:"في ظلال القرآن"-ج:6- ص:3888 .
- سورة مريم- الآية:61 .
- ينظر الزمخشري:"الكشاف "- ج:3- ص:113 .
- سورة مريم- الآية:62 .
- سورة الإسراء- الآية:45 .
- ينظر الزمخشري:المصدر نفسه- ج:3- ص:21 .
- سورة الحاقّة- الآية:21 .
- ينظر العكبري:المصدر السابق-ج:2- ص:465 .
- سورة الطارق- الآية:06 .
- ينظر العكبري:المصدر السابق-ج:2- ص:499 .
- سورة الإنسان- الآيتان:15 و16 .
- سورة الإنسان- الآيتان:4 .
- سورة نوح- الآيتان:23 .
- إلاّ قوم صرفهما بالتنوين- ينظر العكبري:"التبيان في إعراب القرآن"-ج:2- ص:469 .
- أبو حيان الأندلسي:"ارتشاف الضرب من كلام العرب"-ج:1- ص:448 .
- سورة التين- الآية:02 .
- ينظر السيوطي:"الإتقان في علوم القرآن"-ج:2- ص:113 .
- ينظر الفيروزأبادي:"ال تنوير المقباس"- ص:343 .
- ينظر الأخفش:"معاني القرآن"- ص:310 .
- ينظر الطبري:"جامع البيان عن تأويل القرآن"- م:14-ج:30- ص:303 و304 و305 .
- في غير العشرة . ينظر ابن الجزري:"النشر في القراآت العشر"-ج:2- ص:401 .
- سورة النجم- الآية:22 .
- ينظر الزمخشري:"أساس البلاغة"- لبنان- بيروت- دار الفكر-(د/ط)-2000م- مادة:(ج و ر)- ص:104 ومادة(ض ي ز)- ص:381 .
- سورة المدثر- الآية:26 .
- ينظر الفيروزأبادي:"ال تنوير المقباس"- ص:576 .
- سورة المعارج- الآية:15 .
- ينظر الزمخشري:"الكشاف "- ج:4- ص:463 .
- ينظر الزمخشري:"أساس البلاغة"- مادة(ل ظ ي)- ص:566 .
- سورة القارعة - الآية:06 .
- ينظر الزمخشري:"الكشاف "- ج:4- ص:646 .
- ينظر الفيروزأبادي:"ال تنوير المقباس"- ص:600 .
- سورة الهمزة - الآية:04 .
- ينظر القرطبي:"الجامع لأحكام القرآن" - م:10- ص:416 .
- سورة الزلزلة - الآية:05 .
- ينظر الزمخشري:المصدر نفسه- ج:4- ص:621 .
- ينظر العكبري:"التبيان في إعراب القرآن"-ج:2- ص:509 .
- سورة طه- الآية:70 .
- سورة طه- الآية:67 .
- ينظر د/فضل حسن عباس:"القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته"- الجزائر- باتنة- شركة الشهاب- (د/ط)-(د/ت)- ص:243 .
- ينظر المرجع نفسه والصفحة .
- سورة طه- الآية:68 .
- ينظر المرجع نفسه- ص:247 .
- سورة النجم- الآية:25 .
- ينظر الفيروزأبادي:"ال تنوير المقباس"- ص:528 .
- سورة القصص- الآية:70 .
- ينظر الفيروزأبادي:ال صدر نفسه- ص:393 .
- سورة التوبة- الآية:128 .
- ينظر الزمخشري:"الكشاف "- ج:1- ص:14 .
- ينظر العكبري:"التبيان في إعراب القرآن"-ج:1- ص:10 .
- سورة البقرة- الآية:163 .
- سورة البقرة- الآية:163 .
- سورة طه- الآية:128 .
- ينظر الزمخشري:"أساس البلاغة"- مادة(ن ه ي)- ص:661 .
- ينظر الزمخشري:"الكشاف "- ج:3- ص:173 .
- سورة البقرة- الآية:87 .
- ينظر الزمخشري:المصدر نفسه- ج:1- ص:151 .
- ينظر السيوطي:"تفسير الجلالين"- ص:13 .
- سورة مريم- الآية:64 .
- ينظر القرطبي:"الجامع لأحكام القرآن" - م: 6- ص:117.
- سورة الضحى- الآية:03 .
- سورة ص- الآية:05 .
- ينظر القرطبي:"الجامع لأحكام القرآن" - م: 8- ص:85 .
- ينظر المصدر نفسه والصفحة.
- ينظر الجرجاني:"دلائل الإعجاز"- ص184....197 .
- سورة القصص- الآية:23 .
- سورة الليل- الآية:05 .
- ينظر سيد قطب:"في ظلال القرآن"-ج:6- ص:3922 .
- ينظر الفيروزأبادي:"ال تنوير المقباس"- ص:595 .
- سورة الضحى- الآية:03 .
- سورة الأحزاب- الآية:35 .
- ينظر الزمخشري:"الكشاف "- ج:4- ص:603 و604 .
- سورة طه- الآية:07 .
- ينظر الفيروزأبادي:"ال تنوير المقباس"- ص:312 .
- سورة طه- الآية:73 .
- ينظر الزمخشري:"الكشاف "- ج:3- ص:156 .
- سورة طه- الآية:73 .
- الخطيب القزويني محمد بن عبد الرحمن:"الإيضاح في علوم البلاغة"- مراجعة:عماد بسيوني زغلول-لبنان- بيروت-مؤسسة الكتب الثقافية- ط3- (د/ت)- ص:109 .
- سورة يوسف- الآية:04 .
- سورة يس- الآية:40 .
- ينظر الفيروزأبادي:"ال تنوير المقباس"- ص:235 .
- ينظر الزمخشري:المصدر نفسه-ج:3- ص:187 و188 .
- سورة فصلت- الآية:11 .
- ينظر ابن هشام الأنصاري(671هـ):"ش ح شذور الذهب"- تحقيق: محيي الدين عبد الحميد- لبنان- بيروت- صيدا- المكتبة العصرية-(د/ط)- 1988م- ص:32 .
- سورة البقرة- الآية:65 .
- ينظر ابن جني:"الخصائص"-ج:2- ص:158 .


























يرجى تحميل الخطوط العربية حتى تظهر الآي