تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: قصة الغرانيق

  1. #1

    افتراضي قصة الغرانيق

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ماذا عن صحة قصة الغرانيق فإن أسامة العتيبي محقق(التيسير)قد أثبتها ونقل أن عددا أثبتها من الأئمة منهم ابن جرير والضياء وشيخ الإسلام فهل هذا صحيح؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: قصة الغرانيق

    نعم و قد أبدع شيخ الاسلام ما أراد في تفسير القصة و درء الطعون عن أصل الدين بسببها و الذي يبدو راجحا ما قاله شيخ الاسلام الحافظ ابن حجر من أن الطرق و ان كانت ضعيفة الا أنها تتبث أن للقصة أصل...و ان ذهب الشيخ الألباني الى خلافه في مؤلفه عن القصة..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قصة الغرانيق

    أخوتي الفضلاء تحية طيبة لكم وهذا تعليق بسيط على الموضوع لعله يفتح مغاليق الفهم الذي حصل، فأقول وبالله التوفيق:
    قال العلامة المناوي: هذه القصة رواها البزار والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس، ووردت من طرق كثيرة. وقال البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل. وقال القاضي عياض في الشفاء: يكفيك في توهين هذا الحديث أنه لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند صحيح سليم متصل، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلفقون من الصحف كل صحيح وسليم.
    وقال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: قد وردت هذه القصة من طرق كثيرة، وكثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا، مع أن لها طريقا متصلا بسند صحيح أخرجه البزار، وطريقين آخرين مرسلين رجالهما على شرط الصحيح أحدهما أخرجه الطبري من طريق يونس بن زيد عن ابن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فذكره نحوه، والثاني ما أخرجه أيضا من طريق المعتمر بن سليمان وحماد بن سلمة فرقهما عن داود بن أبي هند عن أبي العالية.
    وقال: وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته؛ فقال: وذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها. وهو إطلاق مردود عليه، وكذا قول عياض: هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده، وكذا قوله: ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية. ثم رده من طريق النظر بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم، قال: ولم ينقل ذلك. انتهى
    قال الحافظ ابن حجر: وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا، وقد ذكرنا أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح منها مرسلان يحتج بمثليهما من يحتج بالمرسل وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض.
    قال: وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه (تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لترتجى) فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره فإنه يستحيل عليه أن يزيد في القرآن عمدا ما ليس منه وكذا سهوا إذا كان مغايرا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته. وقد سلك العلماء في ذلك مسالك، فقيل: جرى ذلك على لسانه حين أصابته سنة ولا يشعر فلما أعلم بذلك أحكم الله آياته، وهذا أخرجه الطبري عن قتادة. ورده عياض: بأنه لا يصح لكونه لا يجوز على النبي ذلك ولا ولاية للشيطان عليه في النوم. وقيل: إن الشيطان ألجأه إلى أن قال ذلك بغير اختياره. ورده ابن العربي بقوله تعالى حكاية عن الشيطان: (وما كان لي عليكم من سلطان). وقيل: إن المشركين كانوا إذا ذكروا آلهتهم وصفوهم بذلك فعلق ذلك بحفظ النبي فجرى على لسانه لما ذكرهم سهوا. وقد رد ذلك عياض فأجاد. وقيل: لعله قالها توبيخا للكفار، قال عياض: وهذا جائز إذا كانت هناك قرينة تدل على المراد لا سيما وقد كان الكلام في ذلك الوقت في الصلاة جائزا. وإلى هذا نحا الباقلاني. وقيل: إنه لما وصل إلى قوله: (ومنواة الثالثة الأخرى) خشي المشركون أن يأتي بعدها بشيء يذم آلهتهم به فبادروا إلى ذلك الكلام فخلطوه في تلاوة النبي على عادتهم في قولهم: (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) ونسب ذلك للشيطان لكونه الحامل على ذلك، أو المراد بالشيطان شيطان الإنس. وقيل: كان النبي عليه السلام يرتل القرآن فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات ونطق بتلك الكلمات محاكيا نغمته بحيث سمعه من دنا إليه فظنها من قوله وأشاعها.
    قال: وهذا أحسن الوجوه، واستحسن ابن العربي هذا التأويل وقال قبله: إن هذه الآية نص في براءة النبي عليه السلام مما نسب إليه. (الفتح السماوي ج2/ص841)

    وقال الإمام الزيلعي: الحديث الحادي عشر: حديث (تلك الغرانيق العلى)
    قلت: رواه البزار في مسنده: حدثنا يوسف بن حماد حدثنا أمية بن خالد حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسب أشك في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة فقرأ سورة النجم حتى انتهى إلى قوله تعالى (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) فجرى على لسانه تلك الغرانيق العلى الشفاعة منها ترتجى، قال: فسمع ذلك مشركوا مكة فسروا بذلك فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته) انتهى
    ثم قال: هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد ولا نعلم أحدا أسند هذا الحديث عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس إلا أمية ولم نسمعه نحن إلا من يوسف بن حماد وكان ثقة وغير أمية يحدث به عن أبي بشر عن سعيد ابن جبير مرسلا وإنما يعرف هذا الحديث عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وأمية ثقة مشهور. انتهى
    ورواه الطبراني في معجمه ولفظه عن سعيد بن جبير لا أعلمه إلا عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره.
    ورواه الطبري في تفسيره عن سعيد بن جبير مرسلا لم يذكر فيه ابن عباس، وكذلك الواحدي في أسباب النزول.
    وأخرجه الطبري عن محمد بن كعب القرظي وعن قتادة وعن أبي العالية، وأخرجه أيضا عن ابن عباس ولكن فيه عدة مجاهيل عينا وحالا
    وقد أطال الناس الكلام على هذا الحديث وفي الطعن فيه وممن أجاد في ذلك القاضي عياض في كتاب الشفاء وملخص كلامه قال: وقد توجه لبعض الملحدين سؤالات وذكر منها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة النجم قال: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) قال: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتها لترتجى، ويروى: ترتضي، فلما ختم السورة سجد وسجد معه المسلمون والكفار لما سمعوه أثنى على آلهتهم، وفي رواية: إن الشيطان ألقاها على لسانه وأنه عليه السلام كان تمنى ألو نزل عليه شيء يقارب بينه وبين قومه، وفي رواية: ألا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه. وذكر هذه القصة وأن جبريل عليه السلام جاءه فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين فقال: ما جئتك بهاتين الكلمتين فحزن لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تسلية له (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي...) الآية وقوله: (وإن كادوا ليفتنونك...) الآية.
    ثم قال: ويكفيك في توهين هذا الحديث أنه حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم، وصدق القاضي بكر بن العلاء المالكي حيث قال: لقد بلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده واختلاف كلماته فقائل يقول إنه في الصلاة، وآخر يقول قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة، وأخر يقول قالها وقد أصابته سنة، وآخر يقول بل حدث نفسه فسها، وآخر يقول إن الشيطان قالها على لسانه وأنه عليه السلام لما عرضها على جبريل قال ما هكذا أقرأتك، وأخر يقول بل علمهم الشيطان أنه صلى الله عليه وسلم قرأها فلما بلغ النبي ذلك قال والله ما هكذا أنزلت، إلى غير ذلك من اختلاف الرواة.
    ومن حكيت عنه هذه الحكاية من المفسرين وغيرهم لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم ضعيفة والمرفوع فيها حديث البزار، وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره سوى ما ذكر، وفيه من الضعف ما فيه عليه مع وقوع الشك، وحديث الكلبي الذي أشار إليه لا تجوز روايته لكذبه وقوة ضعفه، والذي منه في الصحيح أنه عليه السلام قرأ والنجم وهو بمكة فسجد وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انتهى
    هذا توهينه من جهة النقل، ثم ذكر توهينه من جهة المعنى بوجوه كثيرة يطول ذكرها.
    رواه ابن مردويه في تفسيره من حديث يوسف بن حماد به عن سعيد بن جبير قال: لا أعلمه إلا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة فقرأ سورة النجم حتى بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتها لترتجى فلما بلغ آخرها سجد وسجد معه المسلمون والمشركون وأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الآية. انتهى
    ورواه أيضا حدثنا أحمد بن كامل حدثنا محمد بن سعد العوفي حدثنا أبي حدثنا عمي حدثنا أبي عن أبيه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بينا هو يصلي فقرأ سورة النجم حتى بلغ فذكر نحوه.
    ورواه أيضا من حديث يحيى بن كثير حدثنا الكلبي عن أبي صالح وأبو بكر الهذلي وأيوب عن عكرمة عن ابن عباس فذكر نحوه.
    ورواه في سورة النجم حدثني إبراهيم بن محمد حدثني أبو بكر محمد بن علي المقرىء البغدادي حدثنا جعفر بن محمد الطيالسي حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة حدثنا أبو عاصم النبيل حدثنا عثمان بن الأسود عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى ففرح المشركون بذلك وقالوا قد ذكر آلهتنا فجاءه جبريل فقال اقرأ علي ما جئتك به فقرأ له كذلك فقال ما أتيتك بهذا وإن هذا لمن الشيطان فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول الآية. انتهى
    ورواه ابن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني يونس ابن محمد بن فضالة الطفري عن أبيه قال وحدثني كثير بن زيد عن المطلب ابن عبد الله بن حنطب قالا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما مجلسا في ناد من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ على قومه والنجم إذا هوى إلى آخر المتن الذي قبله. (تخريج الأحاديث والآثار ج2/ص391)

    ودمتم سالمين

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    547

    افتراضي رد: قصة الغرانيق

    بارك الله فيكم وزادكم من فضله ووفقكم لمرضاته ....
    الذنوب جراحات ورُب جرح وقع في مقتل وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله وأبعد القلوب من الله القلب القاسي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    161

    افتراضي رد: قصة الغرانيق

    لا أرى دليلا يثبت لها شيئا، لا أصلها ولا فصلها، وهي قصة متهاوية باطلة من أوجه كثيرة، ومتناقضة من كل ناحية أتيت إليها

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    191

    افتراضي رد: قصة الغرانيق

    أنظروا الرحيق المختوم للمباركفورى
    تجدوا ما يسركم

  7. #7

    افتراضي رد: قصة الغرانيق

    أولا :
    أصل هذه القصة حادثة وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة في بداية الدعوة ، أنه حين أوحيت إليه سورة النجم قرأها على جمعٍ من المسلمين والمشركين ، فلما بلغ آخرَها حيث يقول الله تعالى : ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ . وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ . فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ) النجم/59-62 سجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وسجد معه جميعُ مَن حضر من المسلمين والمشركين ، إلا رجلين اثنين : أمية بن خلف ، والمطلب بن وداعة .
    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُون َ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ ) رواه البخاري (1071)
    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ ( وَالنَّجْمِ ) قَالَ : فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ ، إِلاَّ رَجُلاً رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا ، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَف ) رواه البخاري (3972) وأيضا برقم (4863) ورواه مسلم (576)
    ثانيا :
    جاءت بعض الروايات تفسِّرُ سبب سجود المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وسببَ استجابتهم لأمر الله تعالى ، حاصلُها أن الشيطان ألقى في أثناء قراءته كلماتٍ على لسان النبي صلى الله عليه وسلم فيها الثناء على آلهتهم ، وإثبات الشفاعة لها عند الله ، وهذه الكلمات هي: " تلك الغرانيق العُلى ، وإن شفاعتهن لَتُرتَجَى " وأن المشركين لما سمعوا ذلك فرحوا واطمأنوا وسجدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم .
    والغرانيق : جمع غرنوق : وهو طير أبيض طويل العنق . قال ابن الأنباري : " الغرانيق : الذكور من الطير ، واحدها غِرْنَوْق وغِرْنَيْق ، سمي به لبياضه ، وقيل هو الكُرْكيّ ، وكانوا يزعمون أن الأصنام تقرّبهم من الله عز وجل ، وتشفع لهم إليه ، فشبهت بالطيور التي تعلو وترتفع في السماء " انتهى . لسان العرب (10/286)
    قالوا : فكانت هذه القصة سبب نزول قوله سبحانه وتعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الحج/52
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا القول في "منهاج السنة النبوية" (2/243) :
    " على المشهور عند السلف والخلف مِن أن ذلك جرى على لسانه ثم نسخه الله وأبطله " انتهى

    وبعد تتبع الآثار الواردة في هذه القصة ، تبين أن مجموع السلف الذين يُحكى عنهم هذا القول يبلغ نحو ثلاثة عشر ، وتبين أنه لم يثبت بالسند الصحيح إلا عن خمسةٍ منهم ، وهم : سعيد بن جبير ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وأبو العالية ، وقتادة ، والزهري .
    أما الباقون فلا تصح نسبته إليهم ، لما في الأسانيد إليهم من ضعف ونكارة ، وهم : ابن عباس ، وعروة بن الزبير ، ومحمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن قيس ، وأبو صالح ، والضحاك ، ومحمد بن فضالة ، والمطلب بن حنطب .
    انظر تخريج هذه الآثار والحكم عليها في رسالة الشيخ الألباني "نصب المجانيق" (10-34)
    ثانيا :
    إلا أن طائفة كبيرة من المحققين من أهل العلم ، نفوا وقوع هذه القصة ، ولم يأخذوا بإثبات مَن ذكرها من السلف ، واستدلوا على ذلك بأن قالوا : مَن ذكرها مِن السلف لم يدركوا النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكروا مصادرهم للحادثة ، فدخل الشك فيها ، وساعد عليه ما في ظاهرها من طعن في النبوة ، إذ كيف يُدخل الشيطان في الوحي كلماتِه الباطلة ، مع أن الله تعالى حفظ وحيَه من التحريف والتبديل والزيادة ، وعَصَمَه من الخطأ والزلل .
    يقول القاضي عياض في "الشفا" (2/126) :
    " فأما من جهة المعنى : فقد قامت الحجة وأجمعت الأمة على عصمته صلى الله عليه وسلم ، ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة ، إمَّا مِن تمنيه أن ينزل عليه مثل هذا من مدح آلهة غير الله وهو كفر ، أو أن يتسوَّرَ عليه الشيطان ويشبِّهَ عليه القرآن حتى يجعل فيه ما ليس منه ، ويعتقد النبي صلى الله عليه وسلم أن من القرآن ما ليس منه حتى ينبهه جبريل عليه السلام ، وذلك كله ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلم .
    أو يقول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه عمدا - وذلك كفر - ، أو سهوا وهو معصوم من هذا كله ، وقد قررنا بالبراهين والإجماع عصمته صلى الله عليه وسلم من جريان
    الكفر على قلبه أو لسانه لا عمدا ولا سهوا ، أو أن يتشبه عليه ما يلقيه الملك مما يلقى الشيطان ، أو يكون للشيطان عليه سبيل ، أو أن يتقول على الله لا عمدا ولا سهوا ما لم ينزل عليه ، وقد قال الله تعالى : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل ) الآية ، وقال تعالى ( إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ) الآية " انتهى باختصار .
    وقد عد الشيخ الألباني في رسالته "نصب المجانيق" (46-48) أسماء عشرة من العلماء المتقدمين والمتأخرين في نفي صحة هذه الحادثة ، أكثرها يؤكد نفي وجود السند المتصل المرفوع بها ، ومنافاتها لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم .
    ثالثا :
    والمسألة فيها نوع اشتباه ، يصعب الجزم فيها بأمر ، ولكن يمكننا القول بأن الجزم بنفي هذه الحادثة فيه نظر ، وأن اعتبارها منافية لأصول العقيدة ومهمات الدين فيه نظر ، أيضا ، فقد صحت القصة من طريق جماعة من السلف مِن قولهم ، وهي وإن كانت مرسلة ، فكثرتها تبعث على الاطمئنان بوقوعها ، ولو كان فيها شيء مناقض لعصمة الوحي لَما نطق بها كبار أئمة التابعين كسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم .
    يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/439) في تخريجه لهذه القصة :
    " كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا ... - ثم نقل تضعيف ابن العربي والقاضي عياض القصة ثم قال - : وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد ، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا ، وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح ، وهي مراسيل يَحتجُّ بمثلها مَن يحتجُّ بالمرسل ، وكذا من لا يحتج به ، لاعتضاد بعضها ببعض " انتهى .
    وليس في القصة أي طعن في عصمة التبليغ والرسالة ، لأن النسخ والتصحيح جاء بوحي من الله ، وسواء كان الخطأ من النبي صلى الله عليه وسلم أو بإيهام الشيطان على أسماع المشركين ، فإن المآل واحد ، هو وقوع الحق وزهوق الباطل ، والإخلال بمقتضى الرسالة لا يكون إلا باستمرار الباطل واختلاطه بكلام الله تعالى ، وذلك ما لم يكن ولن يكون .
    يقول شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (10/290) :
    " وهذه العصمة الثابته للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة... فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين .
    ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته ؟ هذا فيه قولان : والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك .
    والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله : " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى " وقالوا : إن هذا لم يثبت .
    ومن علم أنه ثبت قال : هذا ألقاه الشيطان في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول .
    ولكن السؤال وارد على هذا التقدير أيضا ، وقالوا في قوله : ( إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) هو حديث النفس .
    وأما الذين قرروا ما نقل عن السلف فقالوا : هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه ، والقرآن يدل عليه بقوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ . وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) الحج/52-54
    فقالوا : الآثار في تفسير هذه الآية معروفة ثابتة في كتب التفسير والحديث ، والقرآن يوافق ذلك ، فإن نسخ الله لما يُلقي الشيطان ، وإحكامه آياته ، إنما يكون لرفع ما وقع في آياته ، وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط آياته بغيرها ، وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ، إنما يكون إذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في النفس ، والفتنة التي تحصل بهذا النوع من النسخ ، من جنس الفتنة التي تحصل بالنوع الآخر من النسخ ، وهذا النوع أدل على صدق الرسول وبعده عن الهوى من ذلك النوع ، فإنه إذا كان يأمر بأمر ثم يأمر بخلافه - وكلاهما من عند الله وهو مصدق في ذلك - فإذا قال عن نفسه إن الثاني هو الذي من عند الله وهو الناسخ ، وإن ذلك المرفوع الذي نسخه الله ليس كذلك ، كان أدل على اعتماده للصدق ، وقوله الحق ، وهذا كما قالت عائشة رضي الله عنها : ( لو كان محمد كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) .
    ألا ترى أن الذي يُعَظِّمُ نفسَه بالباطل يريد أن ينصر كل ما قاله ولو كان خطأ ، فبيان الرسول أن الله أحكم آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان ، هو أدل على تحريه للصدق وبراءته من الكذب ، وهذا هو المقصود بالرسالة ، فإنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، ولهذا كان تكذيبه كفرا محضا بلا ريب " انتهى .
    والخلاصة أن إثبات أصل القصة قول متجه ، وهو أقرب إلى التحقيق العلمي إن شاء الله .
    والله أعلم .
    لا إله إلا الله محمد رسول الله

  8. #8

    افتراضي رد: قصة الغرانيق

    نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق
    http://majles.alukah.net/mktba_majles/play-7915.html
    تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ ... عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: قصة الغرانيق

    ألف الشيخ الألباني رحمه الله كتابا عن قصة الغرانيق بعنوان: نصب المنجنيق لنسف قصة الغرانيق ...
    كما ألف الشيخ صالح أحمد الشامي حفظه الله كتابا عنها ، بعنوان: قصة الغرانيق قصة دخيلة على السيرة .
    ورد عليها الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله في كتابه: هدي القرآن إلى الحجة والبرهان .


    وإليكم هذا الرابط:

    http://www.islamweb.net/media/index....ang=A&id=91056

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    114

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ياليت الاخوان الافاضل يبينون لي خلاصة الحكم على القصه هل هي صحيحه ام ضعيفه

    بارك الله فيكم

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    544

    افتراضي

    الغرانيق قصة دخيلة على السيرة النبوية - صالح أحمد الشامي:
    https://archive.org/download/kotobfitarikh/gharaniq.pdf

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •