تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الرد على كتيب (( ابن تيمية في صورته الحقيقية)) المبحث الأول

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    16

    افتراضي الرد على كتيب (( ابن تيمية في صورته الحقيقية)) المبحث الأول

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هذا رد على كتيب لأحد الروافض منشر في المواقع الرافضية ويستدل به الرافضة ومن وافقهم للطعن في شيخ الأسلام فأحببت أن أنشر الرد على شكل مباحث حتى تسهل مطالعته ويسهل تصحيحه والتعديل عليه ولم أذكر المراجع في هذا المبحث حتى أرى وجهات نظركم ولم أكتب المقدمة بل بدأت بالردود مباشرة ولكم مني جزيل الشكر
    أولاً : كلام الرافضي
    1 - ابن تيمية والحديث الشريف
    هل كان حقا ما يقوله مقلدوا ابن تيمية : إنه كان إماما في الحديث ؟
    أم أن الحق مع الآخرين الذين أعرضوا عن طريقته في التعامل مع الحديث ووصفوه بالتسرع وعدم التثبت واتباع الهوى ؟
    لا ينبغي أن يطلب الجواب من هؤلاء ولا من أولئك ، وإنما من كلامه هو الذي يظهر فيه بوضوح أسلوبه في التعامل مع الحديث الشريف . . وإليك من بطون مصنفاته هذه النماذج :
    أ - في التوسل بالنبي ( ص ) في الدعاء : نقل ابن تيمية جملة من الأحاديث التي شهد على صحتها وردت عن بعض الصحابة والتابعين في توسلهم بالنبي
    ( ص ) ، كالدعاء المشهور : " اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني مما بي " ونحو ، ونقل عمل السلف بها عن البيهقي وابن السني والطبراني ،
    ثم قال : وروي في ذلك أثر عن بعض السلف ، مثل ما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ( مجاني الدعاء ) . . . فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف ، ونقل عن أحمد بن حنبل في ( منسك المروزي ) التوسل بالنبي ( ص ) في الدعاء . ( التوسل والوسيلة : 105 - 106 ) ولكنه
    في الصفحات الأولى من هذا الكتاب نفسه كان يقول : إن أحدا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين لم يطلب من النبي( ص ) بعد موته أن يشفع له ! ! ولا سأله شيئا ! ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم ! ! ( المصدر : 18 ) فأين إذن ما نقله هناك
    عن ابن أبي الدنيا وأحمد بن حنبل وابن السني والبيهقي والطبراني حتى صرح أنه كان من فعل السلف التوسل بالنبي

    الجواب
    أولاً : يجب أن نعرف ماهو التوسل الذي يقصده بن تيمية فالتوسل أنواع وهي
    1- التوسل بدعاء الصالحين.
    ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس ابن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيُسقَون.
    ومعنى قول عمر: إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، أننا كنا نقصد نبينا صلى الله عليه وسلم ونطلب منه أن يدعو لنا، ونتقرب إلى الله بدعائه، والآن وقد انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ولم يعد من الممكن أن يدعو لنا، فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس، ونطلب منه أن يدعوَ لنا، وليس معناه أنهم كانوا يقولون في دعائنهم: (اللهم بجاه نبيك اسقنا)، ثم أصبحوا يقولون بعد وفاته صلى الله عليه وسلم: (اللهم بجاه العباس اسقنا)، لأن مثل هذا دعاء مبتدع ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة، ولم يفعله أحد من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم.
    2 - التوسل بالأعمال الصالحة
    وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله تعالى وارتضاه، ويدل على مشروعيته قوله تعالى: الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ]سورة آل عمران: الآية 16[
    3- التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى، أو صفة من صفاته العليا
    ودليل مشروعية هذا التوسل قوله عز وجل: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ]سورة الأعراف: الآية 180[.والمعنى: ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى. ولا شك أن صفاته العليا عز وجل داخلة في هذا الطلب، لأن أسماءه الحسنى سبحانه صفات له، خصت به تبارك وتعالى. فهذه الأنواع الثلاثة جائزة بلا ريب والخلاف في التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم وهوالذي يقصده ابن تيمية
    وقد لخص ذلك شيخ الإسلام بقوله (، أما التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك مما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه فهو مشروع باتفاق المسلمين وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يتوسلون به في حياته وتوسلوا بعد موته بالعباس عمه كما كانوا يتوسلون به.
    وأما قول القائل: "اللهم إني أتوسل إليك به" فللعلماء فيه قولان)الفتاوى الكبرى الجزء1 المسألة199
    أما الحديث الذي صححه شيخ الإسلام (اللهم إني أتوجه إليك
    بنبيك نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ( فهو في التوسل الشرعي وهو التوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وكان في حيات رسول الله
    الدليل" أن توسل إنما كان بدعائه صلى الله عليه وسلم
    أولاً: أن الأعمى إنما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له، وذلك قوله: (أدعُ الله أن يعافيني) فهو توسل إلى الله تعالى بدعائه صلى الله عليه وسلم، لأنه يعلم أن دعاءه صلى الله عليه وسلم أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره، ولو كان قصد الأعمى التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه أو حقه لما كان ثمة حاجة به إلى أن يأتي النبي ، ويطلب منه الدعاء له، بل كان يقعد في بيته، ويدعو ربه بأن يقول مثلاً:
    (اللهم إني أسألك بجاه نبيك ومنزلته عندك أن يشفيني، وتجعلني بصيراً). ولكنه لم يفعل، لماذا؟ لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم، ويعرف أنه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة، يذكر فيها اسم الموسَّل به، بل لابد أن يشتمل على المجيء إلى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب والسنة، وطلب الدعاء منه له)""التوسل للألباني".
    فيتضح أن الكاتب لايفرق بين أنواع التوسل ويخلط بينها
    فيتهم شيخ الإسلام بالتناقض
    أما ماذكره مما ورد عن إبن أبي الدنيا وأحمد فقد رد عليه شيخ الإسلام فقال وروى فى ذلك أثـر عن بعض السـلف مثـل ما رواه ابـن أبـى الدنيا فى كتاب ‏[‏مجابـي الـدعاء‏]‏، قال‏:‏ حـدثنا أبو هـاشم، سـمعت كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة يقول‏:‏ جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه فقال‏:‏ بك داء لا يبرأ‏.‏ قال‏:‏ ما هو ‏؟‏ قال‏:‏ الدُّبَيْلة ‏[‏الدبيلة‏:‏ داء فى الجوف‏.‏ انظر‏:‏ القاموس المحيط، مادة ‏[‏دبل‏]‏‏]‏‏.‏
    قال‏:‏ فتحول الرجل فقال‏:‏ الله، الله، الله ربى لا أشرك به شيئا، اللهم إنى أتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما، يا محمد، إنـى أتوجـه بك إلى ربك وربى يرحمنى مما بـى‏.‏ قال‏:‏ فجس بطنه فقال‏:‏ قد برئت، ما بك علة‏.‏
    قلت‏:‏ فهذا الدعاء ونحوه قد روى أنه دعا به السلف، ونقل عن أحمد بن حنبل فى منسك المروزى التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم فى الدعاء، ونهى عنه آخرون‏.‏ فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وبموالاته وبطاعته فلا نزاع بين الطائفتين، وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع، وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول‏.‏
    وليس مجرد كون الدعاء حصل به المقصود ما يدل على أنه سائغ فى الشريعة، فإن كثيرا من الناس يدعون من دون الله من الكواكب والمخلوقين ويحصل ما يحصل من غرضهم
    أما ماذكره من قول ابن تيمية (إن أحدا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين لم يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يشفع له ! ! ولا سأله شيئا ! ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم ! ! فهناك فرق بين طلب الشفاعة منه وبين التوسل المختلف فيه وإليك النص كاملاً من كلام شيخ الإسلام حتى يتبين الفرق
    (( ويقولون: إذا طلبنا منه الاستغفار بعد موته كنا بمنزلة الذين طلبوا الاستغفار من الصحابة، ويخالفون بذلك إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين، فإن أحداً منهم لم يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يشفع له ولا سأله شيئاً ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم، وإنما ذكر ذلك من ذكره من متأخري الفقهاء وحكوا حكاية مكذوبة على مالك رضي الله عنه )).
    (( فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وفي مغيبهم، وخطاب تماثيلهم، هو من( ) أعظم أنواع الشرك الموجود في المشركين من غير أهل الكتاب، وفي مبتدعة أهل الكتاب والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات مالم يأذن به الله تعالى، قال الله تعالى( ) (42: 21): {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}. فإن دعاء الملائكة والأنبياء بعد موتهم وفي مغيبهم وسؤالهم والاستغاثة بهم والاستشفاع بهم في هذه الحال - و [نصب] تماثيلهم بمعنى طلب الشفاعة منهم - هو من الدين الذي لم يشرعه الله ولا ابتعث به رسولاً ولا أنزل به كتاباً، وليس هو واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين/ لهم بإحسان، ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين، وإن كان ذلك مما يفعله كثير من الناس ممن له عبادة وزهد، ويذكرون فيه حكايات ومنامات، فهذا كله من الشيطان. وفيهم من ينظم القصائد في دعاء الميت والاستشفاع به والاستغاثة، أو يذكر ذلك في ضمن مديح الأنبياء والصالحين، فهذا كله ليس بمشروع لا واجب ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين.أهـ
    فهاك فرق بين طلب الشفاعة منه وسؤاله بعد موته وبين التوسل المختلف فيه
    هذا والله أعلم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    16

    افتراضي رد: الرد على كتيب (( ابن تيمية في صورته الحقيقية)) المبحث الأول

    أتمنى أن تفيدوني بارك الله فيكم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    510

    افتراضي رد: الرد على كتيب (( ابن تيمية في صورته الحقيقية)) المبحث الأول

    أحسن الله إليك، نقول موفقة في قالب مهذب، ولو أكملتها بذكر رقم الصفحات في الإحالة لكانت نوراً على نورٍ، ونحن في متابعة ما تكتب تباعاً إن شاء الله تعالى.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    16

    افتراضي رد: الرد على كتيب (( ابن تيمية في صورته الحقيقية)) المبحث الأول

    المشكلة أني تهاونت في أمر الصفحات حتى كثرت علي لكن سأستدرك مافاتني ولاتنسوني من توجيهاتكم فلازلت في بداية الطلب
    رفع الله قدركم


    ب - في زيارة قبر النبي ( ص ) وقبور الأنبياء والصالحين : قال ما نصه : ليس عن النبي ( ص ) في زيارة قبره ولا قبر
    الخليل حديثا ثابتا أصلا . ( كتاب الزيارة 12 - 13 ) وقال : " والأحاديث الكثيرة المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة بل موضوعة لم يرو الأئمة ولا أصحاب السنن المتبعة منها شيئا " . ( كتاب الزيارة : 22 ، 38 )

    ومع قوله هذا فهو ينقل بين الموضعين الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة والدارقطني في سننه أيضا عن رسول الله ( ص ) أنه قال : " من زارني بعد مماتي كأنما زارني في حياتي " ! ! لكنه يعود فيتنكر له ويقول : لم يرو أحد من الأئمة في ذلك شئ ولا جاء فيه حديث في السنن

    أولا يجب أن نعلم أن الزيارة للقبر تنقسم الا قسمين زيارة شرعية وزيارة بدعية الزيارة الشرعية كزيارة القبور لأخذ الغضة والعبرة ونستدل على شرعيتها بما ورد من الأحاديث الصحيحة مثل مارواه مسلم عن بن بُرَيْدَةَ عن أبيه قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم( نَهَيْتُكُمْ عن زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عن لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا ما بَدَا لَكُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عن النَّبِيذِ إلا في سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا في الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا ولا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا ) صحيح مسلم ج2/ص672
    فيلزم أن نعرف
    أن شيخ الإسلام رحمه الله لم ينه عن الزيارة الشرعية للقبور مطلقاً، أو قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإنما نهى عن الزيارة غير الشرعية وهي ما ينهى عنه الإسلام، وقد أنصفه ابن عابدين(93) في قوله: (وما نسب إلى الحافظ ابن تيمية الحنبلي من أنه يقول بالنهي عنها - أي زيارة قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم -، فقد قال بعض العلماء: إنه لا أصل له، وإنما يقول بالنهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاث(94) ، أما نفس الزيارة فلا يخالف فيه لزيارة سائر القبور)(95) .

    وقد ذكر شيخ الإسلام كلام فصل فيه وبين الأدلة على مايقول قال في إقتضاء الصراط المستقيم (وزيارة القبور جائزة في الجملة، حتى قبور الكفار، فإن في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزورقبرها فأذن لي".
    وفيه أيضاً عنه قال: "زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت".
    الإذن بزيارة القبور بعد النهي عنه
    وفي صحيح مسلم عن بريدة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها". وفي رواية لـأحمد والنسائي: "فمن أراد أن يزور فليزر ولا تقولوا هجراً". وروى أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة". فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارتها بعد النهي، وعلل ذلك بأنها تذكر الموت، والدار الآخرة، وأذن إذناً عاماً، في زيارة قبر المسلم والكافر.
    والسبب الذي ورد عليه هذا اللفظ يوجب دخول الكافر، والعلة -وهي تذكر الموت والآخرة- موجودة في ذلك كله. وقد كان صلى الله عليه وسلم يأتي قبور أهل*البقيع والشهداء للدعاء لهم والاستغفار، فهذا المعنى يختص بالمسلمين دون الكافرين. فهذه الزيارة وهي زيارة القبور، لتذكر الآخرة، أو لتحيتهم والدعاء لهم، هو الذي جاءت به السنة، كما تقدم.
    حكم السفر لزيارة القبور عند أصحاب أحمد
    وقد اختلف أصحابنا وغيرهم، هل يجوز السفر لزيارتها؟ على قولين، أحدهما: لا يجوز، والمسافرة لزيارتها معصية، ولا يجوز قصر الصلاة فيها، وهذا قول ابن بطة وابن عقيل، وغيرهما، لأن هذا السفر بدعة، لم يكن في عصر السلف، وهو مشتمل على ما سيأتي من معاني النهي، ولأن في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا".
    ما ورد في النهي عن السفر لغير المساجد الثلاثة
    وهذا النهي يعم السفر إلى المساجد والمشاهد، وكل مكان يقصد السفر إلى عينه للتقرب، بدليل أن بصرة بن أبي بصرة الغفاري، لما رأى أبا هريرة راجعاً من الطور الذي كلم الله عليه موسى قال: لو رأيتك قبل أن تأتيه لم تأته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد"،فقد فهم الصحابي الذي روى الحديث، أن الطور وأمثاله من مقامات الأنبياء، مندرجة في العموم، وأنه لا يجوز السفر إليها، كما لا يجوز السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة. وأيضاً فإذا كان السفر إلى بيت من بيوت الله -غير الثلاثة- لا يجوز، مع أن قصده لأهل مصره يجب تارة، ويستحب أخرى، وقد جاء في قصد المساجد من الفضل ما لا يحصى- فالسفر إلى بيوت عباده أولى أن لا يجوز.
    أجاز السفر لغير المساجد الثلاثة طائفة من المتأخرين
    والوجه الثاني: أنه يجوز السفر إليها، قاله طائفة من المتأخرين، منهم أبو حامد الغزالي، وأبو الحسن بن عبدوس الحراني. وما علمته منقولاً عن أحد من المتقدمين، بناء على أن الحديث*لم يتناول النهي عن ذلك، كما لم يتناول النهي عن السفر إلى الأمكنة التي فيها الوالدان، والعلماء والمشايخ، والإخوان، أو بعض المقاصد، من الأمور الدنيوية المباحة. (اقتضاء الصراط المستقيم - الجزء الثاني 180ص

    أما الحديث (من زارني بعد مماتي كأنما زارني في حياتي) فلننضر كلام أهل العلم فيه

    (حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي في حَيَاتِي وَمَنْ زَارَ قَبْرِي فَلَهُ الْجَنَّةُ هَذَانِ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَا الْإِسْنَادِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ من طَرِيقِ هَارُونَ أبي قَزَعَةَ عن رَجُلٍ من آلِ حَاطِبٍ عن حَاطِبٍ قال قال فَذَكَرَهُ وفي إسْنَادِهِ الرَّجُلُ الْمَجْهُولُ وَرَوَاهُ أَيْضًا من حديث حَفْصِ بن أبي دَاوُد عن لَيْثِ بن أبي سُلَيْمٍ عن مُجَاهِدٍ عن بن عُمَرَ بِلَفْظِ وَفَاتِي بَدَلَ مَوْتِي وَرَوَاهُ أبو يَعْلَى في مُسْنَدِهِ وابن عَدِيٍّ في كَامِلِهِ من هذا الْوَجْهِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في تلخيص الحبير ج2/ص266الْأَوْسَطِ من طَرِيقِ اللَّيْثِ بن بِنْتِ اللَّيْثِ بن أبي سُلَيْمٍ عن عَائِشَةَ بِنْتِ يُونُسَ امْرَأَةِ اللَّيْثِ بن أبي سُلَيْمٍ عن لَيْثِ بن أبي سُلَيْمٍ وَهَذَانِ الطَّرِيقَانِ ضَعِيفَانِ أَمَّا حَفْصٌ فَهُوَ بن سُلَيْمَانَ ضَعِيفُ الحديث وَإِنْ كان أَحْمَدُ قال فيه)
    فنخلص على أنه لايوجد حديث صحيح في جواز شد الرحال لقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •