تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الامام العثيمين-معالم في التعامل مع الفئة الضالة

  1. #1

    Lightbulb الامام العثيمين-معالم في التعامل مع الفئة الضالة

    الامام العثيمين-معالم في التعامل مع الفئة الضالة

    وههنا حوار مثير جرى بين الشيخ وبين إحدى الجماعات المسلحة في الجزائر على مدى يومين في أوائل رمضان 1420هـ .. وبقطع النظر عن الفوارق بين الأطراف المختلفة والظروف البيئية ، واختلاف الأحوال بين بلد وآخر ، فإن ما يهمنا من هذا النقل هو أصل الحوار ومنهجية الشيخ في احتواء المخالف والرد عليه .
    وفيما يلي أورد مقتطفات من هذا الحوار الهاتفي الطويل ، والذي ورد ضمن كتاب (فتاوى العلماء الأكابر) .
    - السائل : نُعلمكم أنَّ الذي يُخاطبكم الآن هم إخوانك المقاتلون ... ونحن طبعاً سننقل كلامَكم إن شاء الله عزَّ وجلَّ إلى جميع إخواننا المقاتلين في هذه الجماعة وغيرها أيضاً ... ومن جهة أخرى، فإنَّ الكثير من الإخوة مِمَّن بلغَتْهم نصيحتكم وقعت لهم شبهةٌ حالت دون الاستجابة لِماَ دعوتم إليه، فكان لابدَّ إذاً من إجراء هذا الحوار الجديد مع فضيلتكم؛ أملاً أن نتمكَّن من خلاله من الإجابة على جميع التساؤلات المطروحة، وإزاحة جميع الشُّبه، وبيان الحقِّ البواح؛ حتى نصبح على مثل المحجَّة البيضاء، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك [النصيحة والبيان العام أمر هام ، لكن تأثيره محدود ، ولا يمكن أن يصل إلى قوة تأثير الحوار المباشر في الإقناع وتفنيد الشبه لدى المخالف] .
    وعلى هذا الأساس، فإنَّنا نلتمس من سماحتكم حفظكم الله إعطاءنا أكبر قدر من وقتكم، وأن تُسهِبوا في الشرح والبيان؛ لأنَّه لا يخفى عليكم يا شيخنا أنَّ الإخوة عندنا قد رسَّخَتْ فيهم سنواتُ القتال أفكاراً وعقائد ليس من السهل يا شيخ ولا من البسيط التخلِّي عنها واعتقاد بطلانها، إلاَّ ببيان شافٍ منكم [هذا يبين حتمية المواجهة الفكرية ، وأهميتها في انتشال الأفكار والشبهات المترسبة في أعماق النفوس] وذلك لِمَا لكم في قلوب الإخوة عندنا من عظيم المنزلة، ووافر التقدير والإجلال والاحترام؛ لأنَّنا نعتقد أنَّكم من أعلام أهل السنة والجماعة في هذا العصر [تعظيم قدر العلماء ، وإنزالهم منازلهم ، من أهم أسباب قبول الناس لفتاويهم ، وصدورهم عن رأيهم ، ومتى ما انقطعت الرابطة بين الناس وبين العلماء ، وفقدوا الثقة بهم ، وقعت الفتن التي لا عاصم منها إلا من رحم الله ] .
    - الشيخ: دعنِي أتكلَّم قليلاً .
    الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلِّي وأسلِّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
    أما بعد، فإنَّني من عنيزة القصيم ـ المملكة العربية السعودية ـ وفي أول يوم من رمضان عام عشرين وأربعمائة وألف، أتحدَّث إلى إخواني في الجزائر، وأنا محبُّهم : محمد بن صالح آل عثيمين . [المقام مقام نصح وحوار ، ومن أسباب نجاحه : التواضع ، والتلطف في العبارة ، والشفقة على المخالف ، كما هو ظاهر من كلام الشيخ] .
    أقول لهم: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرَّر في حجَّة الوداع تحريمَ دمائنا وأموالنا وأعراضنا تقريراً واضحاً جليًّا بعد أن سأل أصحابه عن هذا اليوم، والشهر، والبلد، وقال: (( إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟)).
    فهذا أمرٌ مجمعٌ عليه، لا يختلف فيه اثنان، والإخوة الذين قاتلوا في الجزائر منذ سنوات قد يكون لهم شبهة ففي أوَّل الأمر، حينما اتَّجه الشعب الجزائري إلى جبهة الإنقاذ، وعَلَت أصواتهم لصالح الجبهة [وفي هذا التماس العذر للمخالف -إن أمكن- في الماضي ، وحثه على الرجوع للحق في الحاضر ] ... ولكن هذا لا يقتضي ولا يسوِّغ حمل الإخوة السلاحَ بعضُهم على بعض، وكان الواجب عليهم من أول الأمر أن يمشوا ويُكثِّفوا الدعوة إلى تحكيم الكتاب والسنة، وفي الجولة الأخرى تكون أصواتهم ... ، ويكون وزنُهم في الشعب الجزائري أكبر، ولكن نقول: قَدَر الله وما شاء فعل؛ لو أراد الله أن يكون ما ذكرتُ لكان.
    والآن، أرى أنَّه يجب على الإخوة أن يَدَعوا هذا القتال، لا سيما وأنَّ الحكومة الجزائرية عرضت هذا، وأمَّنت من يَضَع السلاح، فلم يبق عذرٌ . والجزائر الآن تحمل الويلات بعد الويلات مِمَّا كانت عليه .
    أما الجماعة ... فأرى أن يُوافقوا لأنَّه مهما كان الأمر، الخروج على الحاكم ـ ولو كان كفرُه صريحاً مثل الشمس ـ له شروط، فمِن الشروط: ألاَّ يترتَّب على ذلك ضررٌ أكبر، بأن يكون مع الذين خرجوا عليه قدرة على إزالته بدون سفك دماء، أما إذا كان لا يمكن بدون سفك دماء، فلا يجوز؛ لأنَّ هذا الحاكمَ ـ الذي يحكم بما يقتضي كفره ـ له أنصار وأعوان لن يَدَعوه.
    ثمَّ ما هو ميزان الكفر؟ هل هو الميزان المزاجي ـ يعني ـ الذي يوافق مزاج الإنسان لا يكفر، والذي لا يوافقه يكفر؟! من قال هذا؟!
    الكفر لا يكون إلاَّ من عند الله ومن عند رسوله، ثمَّ إنَّ له شروطاً، ولهذا قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلَّم لَمَّا تحدَّث عن أئمَّة الجَوْر ـ وقيل له: أفلا ننابذهم ـ قال: (( لا، إلاَّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان )) وأين هذا؟
    كثيرٌ من الإخوة ولا سيما الشباب، الكفر عندهم عاطفي، مزاجي، ليس مبنيًّا على شريعة، ولا صدر عن معرفة بشروط التكفير، لهذا نشير إلى إخواننا في الجزائر أن يضعوا السِّلاحَ، وأن يدخلوا في الأمان، وأن يُصلحوا بقدر المستطاع بدون إراقة دماء، هذا هو الذي يجب علينا أن نناصحهم به، ومن وُجِّهت إليه النصيحة، فالواجب عليه على الأقل أن يتأنَّى وينظر في هذه النصيحة، لا أن يردَّها بانزعاج واستكبار وعناد، نسأل الله تعالى أن يُطفئ الفتنة، وأن يزيل الغُمَّة عن إخواننا في الجزائر.
    - السائل: الإخوة ... عندما ناديتموهم بوضع السلاح مع اعتقادهم كفر حاكمهم شقَّ ذلك عليهم كثيراً وكبُر عليهم كثيراً ، يعني وضع السلاح والعودة تحت حكم من يعتقدون كفرَه ، يعني هذه معضلة كيف حلُّها يا شيخ؟
    - الشيخ: والله ليست معضلة؛ أوَّلاً: ننظر هل هناك دليل على كفر هذا الحاكم، والنظر هنا من وجهين:
    الوجه الأول: الدليل على أنَّ هذا الشيءَ كفرٌ.
    الثاني: تحقق الكفر في حقِّ هذا الفاعل؛ لأنَّ الكلمة قد تكون كفراً صريحاً، ولكن لا يكفر القائل، ولا يخفى علينا جميعاً قول الله عزَّ وجلَّ: {مَن كَفَرَ مِن بَعْدِ إِيـمَانِه إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإِيمَانِ وَلَكِن مَن شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل 106]، رفع الله عزَّ وجلَّ حكم الكفر عن المكره وإن نطق به.
    ولقد أخبر النبيُّ  أنَّ الربَّ عزَّ وجلَّ أشدُّ فرحاً بتوبة عبده من رجل فَقَدَ راحلتَه، وعليها طعامه وشرابُه، فلمَّا أَيِس منها اضطجع تحت شجرة، فبينما هو كذلك إذا بناقته حضرت،فأخذ بزمامها وقال: اللَّهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك، قال النبيُّ : (( أخطأ من شدَّة الفرح )).
    وكذلك الرجل الذي قال: (( لئن قدر الله عليَّ ليعذِّبنِّي عذاباً ما يعذِّبه أحداً من العالمين، فأمر أهله إذا مات أن يحرقوه ويسحقوه في اليمِّ، فجمعه الله وسأله؟ فقال: فعلتُ ذلك خوفاً منك يا ربِّ )) ، ولم يكفر.
    الحاكم قد يكون عنده حاشية خبيثة، تُرقِّقُ له الأمور العظيمة وتسهِّلها عليه، وتُزيِّنها في نفسه، فيمضي فيما يعتقد أنَّه حلال، ولكنه ليس بكفر ... فالواجب على هؤلاء أن ينظروا في أمرهم، وأن يُلقوا السلاح، وأن يصطلحوا مع أمَّتهم، وأن يبثوا الدعوة إلى الله بتيسير لا بعنف .
    - السائل: شيخنا حفظكم الله ، لو فرضنا كفر الحاكم ، هل يستلزم الخروج عليه بدون شروط ؟
    - الشيخ: لا! لا بدَّ من شروط، ذكرتها آنفاً. لو فُرض أنَّه كافر مثل الشمس في رابعة النهار، فلا يجوز الخروجُ عليه إذا كان يستلزم إراقة الدِّماء، واستحلال الأموال.
    السائل: الآن يعني بعض الإخوة عندنا مثلاً يقولون إنَّهم ما داموا خرجوا وحملوا السلاح وخاضوا هذه الحرب مع هذا النظام ، هم اليوم وإن اعتقدوا أنَّ ما هم فيه ليس بجهاد؛ لأنَّهم كما ذكرتم لم يَستَوفوا الشروط، لكن رغم ذلك يسألون: هل يمكنهم رغم ذلك المواصلة وإن أيقنوا الفناءَ والهلاك، أم يُهاجرون، أم ماذا؟
    - الشيخ: والله! لا يجوز لهم، والله! لا يجوز لهم المضيُّ فيما هم عليه من الحرب الآن؛ إذ أنَّها حرب عقيم ليس لها فائدة ولا تولِّد إلاَّ الشرَّ والشَّرَر.
    - السائل: شيخنا ، بعض الإخوة عندنا بعد أن سلَّموا بأنَّ هذا ليس بجهاد على وفق ما ذكرتم لم يثقوا في الحكومة نسبيًّا ، فيسألون هل يجوز لهم المكث في الجبال دون الرجوع إلى الحياة المدنية بدون قتال ، يعني يبقون بأسلحتهم في الجبال ويتوقَّفون عن القتال، لكن لا يرجعون إلى الحياة المدنية؟
    - الشيخ: أقول: إنَّهم لن يبقوا على هذه الحال، مهما كان الحال، ولا بدَّ أن تحرِّكهم نفوسُهم في يوم من الأيام حتى ينقضُّوا على أهل القرى والمدن؛ فالإنسانُ مدنيٌّ بالطبع.
    يبقى في رؤوس الجبال وفي تلالها وشعابها، ومعه السلاح؟!! .
    في يوم من الأيام لا بدَّ أن تُهيِّجهم النفوسُ حتى يكونوا قطَّاعَ طرق .
    [تأمل في بعد نظر الشيخ ورجاحة عقله] .
    - السائل: إذاً لا يجوز لهم المكث على هذه الحال؟
    - الشيخ: هذا ما أراه، أرى أن ينزلوا للمدن والقرى ولأهليهم وذويهم وأصحابهم.
    - السائل: الآن إذا لم تستجب القيادة لندائكم هذا ، يعني إذا لم يستجب رؤوس المقاتلين لندائكم هذا ، ما واجب كل مقاتل في حقِّ نفسه؟
    - الشيخ: الواجب وضع السلاح، وأن لا يطيعوا أمراءَهم إذا أمروهم بمعصية؛ لأنَّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
    - السائل: شيخنا! هناك أحدهم يدَّعي أنَّه تلميذكم، ويَدَّعي أنَّ الاتصالَ بكم أمرٌ صعب، وأنَّكم محاطون بالمخابرات ـ يعني ـ وغير ذلك، والإخوة ههنا، الإخوة المقاتلين يعتقدون أنَّ الاتصال بكم بين الاستحالة والصعوبة، بناءً على كلام هذا الإنسان، هل هذا صحيح؟
    - الشيخ: غير صحيح، أبداً كلُّ الناس يأتون ويتصلون بنا، ونحن نمشي
    والحمد لله من المسجد إلى البيت في خلال عشر دقائق في الطريق، وكل يأتي ... ويمشي، والدروس ـ والحمد لله ـ مستمرة، ونقول ما شئنا مِمَّا نعتقده أنَّه الحق.
    [هذا مثال على تسرع كثير من المخالفين في قبول ما يشاع ضد العلماء ، وإساءة الظن في علمهم ، والطعن في فتاويهم ، بناء على أوهام لا صحة لها]
    - سائل آخر : إخواننا من الجماعة ... يُحبُّونكم، وينظرون إليكم على أنَّكم من علمائنا الذين يَجب أن نسير وراءكم .
    - الشيخ: جزاهم الله خيراً.
    - السائل: لكن هناك أسئلة تدور في رؤوسهم، ومن بين هذه الأسئلة يقولون: أنَّنا إذا نقلنا إلى الشيخ عن طريق أشرطة مصورة ، وبيَّنا له فيها قتالنا أنَّنا لا نقتل الصبيان، ولا نقتل الشيوخ، ولا نفجِّر في المدن، بل نقتل من يُقاتلنا من هؤلاء الذين لا يُحكِّمون كتاب الله عزَّ وجلَّ فينا، فإنَّ الشيخ بعد أن يعرف بأنَّ عقيدتنا سليمة وأنَّ منهجنا سليماً وأنَّ قتالنا سليم فإنَّ فتواه ستتغيَّر، ما قولكم في هذا بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً؟
    - الشيخ: لا! قولي: إنَّ الفتوى لا تتغيَّر مهما كانت نيَّة المقاتل ، فإنَّها لا تتغيَّر ؛ لأنَّه يترتَّب على هذا أمور عظيمة ، قتل نفوس بريئة، استحلال أموال، فوضى .
    [وهذا فيه ثبات الشيخ وقوته في بيان الحق ، وعدم مجاملته المخالف ، أو الانجرار وراء ما يظنه المخالف مبرراً لفعله] .
    - السائل: شيخنا! حفظك الله، إذا كان في صعودنا إلى الجبال اعتمدنا على فتاوى، وإن كانت كما قال الأخ ظهر خطؤها، ولو كانت من عند أهل العلم، وبعض فتاوى بعض الدعاة ظنًّا منَّا أنَّ ذلك حجة في القتال، فصعدنا إلى الجبال وقاتلنا سنين، يعني فما دور المجتمع الآن في معاملتنا؟ هل يعاملنا كمجرمين، أم أنَّنا كمجاهدين أخطأنا في هذه الطريق؟
    - الشيخ: أنت تعرف أنَّ جميع المجتمعات لا تتفق على رأي واحد، فيكون الناس نحوكم على ثلاثة أقسام:
    ـ قسم يكره هؤلاء ويقول: إنَّهم جلبوا الدَّمار وأزهقوا الأرواح وأتلفوا الأموال، ولن يرضى إلاَّ بعد مدَّة طويلة.
    ـ وقسم آخر راضٍ يُشجِّع، وربَّما يلومهم إذا وضعوا السلاح .
    ـ القسم الثالث: ساكت، يقول: هؤلاء تأوَّلوا وأخطأوا، وإذا رجعوا فالرجوع إلى الحقِّ فضيلة.
    [يحاول الشيخ فتح باب الأمل للمخطيء التائب ، وتخفيف أثر ردة فعل المجتمع عليه . وهذا يشير إلى أهمية وجود باب مفتوح ، وطريق رجعة لمن صحت توبته ، وصدقت نيته ، وتخلى عن فكره المنحرف]
    - السائل: شيخنا! حفظك الله، نريد كلمة توجيهية إلى الطرفين، أقصد إلى الإخوة الذين سينزلون إلى الحياة المدنية وإلى المجتمع، يعني: كيف نتعامل الآن؟ وأن ينسوا الأحقاد، نريد نصيحة في هذا الباب حفظكم الله؟
    - الشيخ: بارك الله فيكم، أقول: إنَّ الواجب أن يكون المؤمنون إخوة، وأنَّه إذا زالت أسباب الخلاف وأسباب العداوة والبغضاء فلنترك الكراهية، ولنرجع إلى ما يجب أن نكون عليه من المحبة والائتلاف، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ} .
    وفي اليوم التالي ، كان الاتصال الثاني بالشيخ .
    - السائل: أنا أركِّز على أهم ما يمكن أن يؤثِّر على الإخوة عندنا ، يعني المقاتلين حتى يرجعوا إلى الحقِّ.
    - الشيخ: طيِّب! توكَّل على الله.
    - السائل: إن شاء الله، أهمّ قضية ـ يا شيخ ـ ادعاؤهم أنَّكم لا تعلمون واقعنا في الجزائر، وأنَّ العلماء لا يعرفون الواقع في الجزائر، وأنَّكم لو عرفتم أنَّنا سلفيِّين أنَّ هذا سيغيِّر فتواكم، فهل هذا صحيح؟
    [وهذا مما يشغّب به دعاة الفكر المنحرف كثيراً ضد العلماء والأئمة ، فإذا لم ترق لأحدهم الفتوى ، قال : إن العالم الفلاني غائب عن الساحة ، ولا يعلم الواقع] .
    - الشيخ: هذا غير صحيح، وقد أجبنا عنه بالأمس، وقلنا مهما كانت المبالغات فإراقة الدِّماء صعب، فالواجب الكفّ الآن والدخول في السِّلم.
    - السائل: شيخنا! ما رأيكم فيمن يعتقد أنَّ الرجوع إلى الحياة المدنية يُعتبر رِدَّة؟
    - الشيخ: رأينا أنَّ من قال هذا فقد جاء في الحديث الصحيح أنَّ من كفَّر مسلماً أو دعا رجلاً بالكفر وليس كذلك عاد إليه.
    - السائل: شيخنا! ما رأيكم في قولهم أنَّه لا هدنة ولا صلح ولا حوار مع المرتدِّين؟
    - الشيخ: رأينا أنَّ هؤلاء ليسوا بمرتدِّين، ولا يجوز أن نقول إنَّهم مرتدُّون حتى يثبُت ذلك شرعاً.
    - السائل: بناءً على ماذا شيخنا؟
    - الشيخ: بناء على أنَّهم يُصلُّون ويصومون ويحجُّون ويعتمرون ويشهدون أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمداً رسول الله .. فكيف نقول إنَّهم كفار على هذه الحال؟! إنَّ النبيَّ  قال لأسامة بن زيد لَمَّا قتل الرَّجل الذي علاه بالسيف، فشهد أن لا إله إلاَّ الله، أنكر الرسول  على أسامة، مع أنَّ الرَّجل قال ذلك تعوُّذاً كما ظنَّه أسامة، والقصة مشهورة .
    [تأمل تحمل الشيخ وطول باله مع ما يطرح المخالف من الأسئلة والشبه ، واستجابته لما يطلب المخالف من التفصيل , وبيان الأدلة والبراهين]
    - السائل: شيخنا! الكفر العملي هل يُخرج من الملة؟
    - الشيخ: بعضه مخرجٌ وبعضه غير مخرج، كقتال المؤمن، فقد قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم: (( قتاله كُفْرٌ )) ، ومع ذلك لا يخرج من المِلَّة مَن قاتل أخاه المؤمن بدليل آية الحجرات: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} قال: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات 9 ـ 10].
    - السائل: متى يُصبح الكفر العملي كفراً اعتقاديًّا شيخنا؟
    - الشيخ: إذا سجد لصنم، فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة، إلاَّ أن يكون مكرهاً.
    - السائل: وفي قضية الحكم بغير ما أنزل الله؟
    - الشيخ: هذا باب واسع، هذا باب واسع، قد يحكم بغير ما أنزل الله عدواناً وظلماً، مع اعترافه بأنَّ حكم الله هو الحق، فهذا لا يكفر كفراً مخرجاً عن الملة، وقد يحكم بغير ما أنزل الله تشهيًّا ومحاباة لنفسه، أو لقريبه، لا لقصد ظلم المحكوم عليه ، ولا لكراهة حكم الله، فهذا لا يخرج عن الملة، إنَّما هو فاسق، وقد يحكم بغير ما أنزل الله كارهاً لِحُكم الله، فهذا كافرٌ كفراً مُخرجاً عن الملَّة، وقد يحكم بغير ما أنزل الله طالباً موافقة حكم الله، لكنَّه أخطأ في فهمه، فهذا لا يكفر، بل ولا يأثم؛ لقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (( إذا حكم الحاكمُ فاجتهدَ فأخطأ فله أجرٌ واحد، وإن أصاب فله أجران )) .
    [لا بد للمحاور من علم راسخ ، مبني على الأدلة الشرعية ، مع حسن العرض والبيان للمسائل ، وترتيب الجواب للسائل]
    وفي ختام الاتصال .. قال السائل: شيخنا ،كلامكم واضح والحمد لله، وبهذه الصيغة يزيح إن شاء الله الشبهَ التي تحول دون أن يعملَ الحقُّ عملَه إن شاء الله.
    - الشيخ: نسأل الله أن يهديهم، وأن يرزقهم البصيرة في دينه، ويحقن دماء المسلمين.
    - السائل: أعطِنا تاريخ المكالمة واسمك.
    - الشيخ: هذه المكالمة يوم الجمعة في شهر رمضان، أجراها مع إخوانه محمد بن صالح العثيمين من عنيزة بالمملكة العربية السعودية ،1420هـ ، نسأل الله أن ينفع بهذا . ا هـ.
    ( شواهد على ذلك من فعل السلف رحمهم الله )

    ابن عباس والخوارج :
    من أشهر الحوارات التاريخية مع الطوائف المنحرفة مناظرة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما للخوارج حينما خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكانت هذه المناظرة بحق أنموذجاً فريداً ، وتطبيقاً ناجحاً للحوار ، رجع بسببه فئام من هذه الفئة ، فإلى هذه المناظرة كما ساقها الحاكم في المستدرك 2/150ـ 152 والبيهقي في السنن الكبرى 8/179 ، وسأدرج في ثنايا النقل بعض الملاحظات والتنبيهات وأضعها بين معقوفتين .
    قال ابن عباس رضي الله عنهما : " لما خرجت الحرورية اجتمعوا في دار وهم ستة آلاف أتيت علياً ، فقلت : يا أمير المؤمنين أبْرِد بالظهر لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم ، قال : إني أخاف عليك . قلت : كلا . قال ابن عباس : فخرجت إليهم ولبست أحسن ما يكون من حُلَلِ اليمن - وكان ابن عباس جميلاً جهيراً – [وهذه لفتة إلى أهمية العناية بشخصية المحاور ومظهره ، وأثر ذلك في قبول الطرف الآخر].
    قال ابن عباس : فأتيتهم وهم مجتمعون في دارهم قائلون ، فسلمت عليهم ، فقالوا : مرحباً بك يا ابن عباس ، فما هذه الحلة ؟!! [مظهر من مظاهر الغلو ، والأخذ بالأشد حتى في اللباس] .
    قال : قلت : ما تعيبون علي ؟ لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل ، ونزلت  قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق .
    قالوا : فما جاء بك؟ قلت : أتيتكم من عند صحابة النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار لأبلغكم ما يقولون ، وتخبرون بما تقولون ، فعليهم نزل القرآن وهم أعلم بالوحي منكم وفيهم أنزل ، وليس فيكم منهم أحد . [ تذكير بما لدى المخالف من مزيد علم وفضل ، إشارة إلى أنه أقرب إلى الحق عند الاختلاف].
    فقال بعضهم : لا تخاصموا قريشاً ، فإن الله يقول :  بل هم قوم خصمون 
    [ انظر إلى سوء الفهم ، والاستدلال بالنصوص في غير مواضعها]
    قال ابن عباس : وأتيت قوماً لم أر قوماً قط أشد اجتهاداً منهم ، مسهمة وجوههم من السهر ، كأن أيديهم وركبهم تثنى عليهم .
    [لا تلازم بين مظاهر الصلاح وشدة الاجتهاد في العبادة وبين صحة المنهج والهداية للحق] .
    قال : فمضى من حضر ، فقال بعضهم : لنكلمنّه ولننظرنّ ما يقول .
    قلت : أخبروني ماذا نقمتم على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره والمهاجرين والأنصار؟ .
    قالوا : ثلاثاً .
    قلت : ما هن؟
    قالوا : أما إحداهن فإنه حكّم الرجال في أمر الله ، وقال الله تعالى :  إن الحكم إلا لله  وما للرجال وما للحكم؟ .
    فقلت : هذه واحدة .
    قالوا : وأما الأخرى ، فإنه قاتل ولم يَسْبِ ولم يَغْنَمْ ، فلئن كان الذي قاتل كفاراً لقد حل سبيهم وغنيمتهم ، ولئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم .
    قلت : هذه اثنتان ، فما الثالثة؟
    قالوا : إنه محا نفسه من أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين .
    قلت : أعندكم سوى هذا؟
    قالوا : حسبنا هذا . [هذه قاعدة هامة ، وهي الاستماع الجيد إلى كلام المخالف ، وحصر جميع حججه ، قبل الشروع في الرد عليه]
    فقلت لهم : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يُرَدّ به قولكم أترضون؟ [وهذه قاعدة أخرى من أهم قواعد الحوار ، وهي أنه لا بد من مرجعية ثابتة متفق عليها ، يردّ إليها عند التنازع بين الطرفين ، وإلا كان الحوار عقيماً غير مثمر] .
    قالوا : نعم .
    فقلت : أما قولكم حكم الرجال في أمر الله ، فأنا أقرأ عليكم ما قد رد حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم في أرنب ونحوها من الصيد فقال :  يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم .. إلى قوله يحكم به ذوا عدل منكم  . فنشدتكم الله [خطابٌ مؤثر ، يحرك العواطف ، ويستثير الإيمان والخوف من الله] أَحُكْمُ الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم؟ . وأن تعلموا أن الله لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرجال . وفي المرأة وزوجها قال الله عز وجل :  وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها أن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما  فجعل الله حكم الرجال سنة مأمونة .
    قال : أخرجتُ عن هذه؟ [ تحقق من زوال الشبهة عند المخالف]
    قالوا : نعم .
    قال : وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم ، أتسْبُون أمكم عائشة ثم تستحلون منها ما يُسْتَحَل من غيرها؟ فلئن فعلتم لقد كفرتم وهي أمكم ، ولئن قلتم ليست أمنا لقد كفرتم فإن الله يقول :  النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم  . فأنتم تدورون بين ضلالتين أيهما صرتم إليها صرتم إلى ضلالة . [محاصرة المخالف ، وبيان فساد رأيه بناءً على اللوازم الفاسدة المترتبة على القول به ] .
    قال : فنظر بعضهم إلى بعض !![إشارة إلى وصول المخالف إلى درجة الشك والتردد] .
    قال : أخرجت من هذه؟
    قالوا : نعم .
    قال : وأما قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بمن ترضون وأريكم ، قد سمعتم أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية كاتب سهيل بن عمرو وأبا سفيان بن حرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين اكتب يا علي : هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله . فقال المشركون : لا والله ما نعلم إنك رسول الله لو نعلم إنك رسول الله ما قاتلناك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إنك تعلم أني رسول الله ، اكتب يا علي هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله . فوالله لرسول الله خير من علي وما أخرجه من النبوة حين محا نفسه .
    قال ابن عباس : فرجع من القوم ألفان وقتل سائرهم على ضلالة ". اهـ
    وهكذا .. كان من ثمرات هذا الحوار الهادف الذي قام به أحد علماء الأمة -وهو رجل واحد فقط- أن رجع ثلث هذه الفئة عن باطلهم ، وتخلوا عن أفكارهم ، وهذا مكسب كبير في القضية ، ناهيكم عن زعزعة فكر من بقي من هذه الفئة ، ونقلهم من دائرة القناعة التامة إلى دائرة الشك والتردد ، وهذا مكسب آخر بلا شك .

    جابر بن عبد الله والخوارج :
    وهذه حادثة أخرى رواها الإمام مسلم في صحيحه ، وكان الحوار فيها بين الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري وبين بعض من بدأت عندهم نزعة الخوارج .
    عن يزيد الفقير قال : كنتُ قد شَغَفَنِي رأي من رأي الخوارج ، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ، ثم نخرج على الناس .
    قال : فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يُحدِّث القوم جالس إلى سارية ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فإذا هو قد ذكر الجهنَّميِّين [أي الذين يخرجهم الله من النار بشفاعة الشافعين ، وهذا يخالف مذهب الخوارج لأنهم يرون أن أهل الكبائر مخلدون في النار ، وأنهم لا تنفعهم الشفاعة] .
    قال : فقلتُ له : يا صاحبَ رسول الله ، ما هذا الذي تُحدِّثون؟ والله يقول :  إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ  , و  كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا  ، فما هذا الذي تقولون؟ [خطأ في فهم الآيات ، وإنزالها على غير ما نزلت فيه] .
    قال : فقال : أتقرأُ القرآنَ؟ [تقرير لمرجعية الحوار ، وهو الكتاب والسنة] .
    قلتُ: نعم .
    قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام ، يعني الذي يبعثه فيه؟
    قلتُ: نعم!
    قال : فإنَّه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يُخرج اللهُ به مَن يُخرج . قال : ثمَّ نعتَ وضعَ الصِّراط ومرَّ الناس عليه ، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك. قال: غير أنَّه قد زعم أنَّ قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها ، قال : يعني فيخرجون كأنَّهم عيدان السماسم ، قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنَّة فيغتسلون فيه ، فيخرجون كأنَّهم القراطيس .
    قال يزيد : فرجعنا، قلنا: وَيْحَكم !! أَتَروْنَ الشيخَ يَكذِبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فرجعنا، فلا والله! ما خرج منَّا غيرُ رَجل واحد .
    أقول : وهذه صفحة أخرى من صفحات الحوار الهادف ، وقى الله بسببها هذه العصابة -عدا أحدهم- من مغبة الخروج .

    وفي صحيح البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا : إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي  فما يمنعك أن تخرج؟ فقال : يمنعني أن الله حرم دم أخي . فقالا : ألم يقل الله :  وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة  . فقال : قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله ، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله".
    -مقتقطفات من رسالة(مع تقديم وتأخير بتصرف) باسم " ابن عثيمين يحاور المسلّحين"(معالم في التعامل مع الفئة الضالة)
    للاخ سامي بن خالد الحمود-باحث شرعي أكاديمي

    فتنة ابن الأشعث فوائد وعبر

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،،، أما بعد

    ففي قصص من سبقنا عبرة ومزدجر ( إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم )


    يسمع الناس بالفتن وخطرها وسوء عاقبتها ، ولكن كما قيل بالمثال يتضح المقال .

    من الفتن التي هزت الأمة الإسلامية ، وكادت تطيح بالخلافة زمن بني أمية ؛

    فتنة عبد الرحمن بن الأشعث

    وكان ابتداؤها سنة إحدى وثمانين .

    قال الحافظ ابن كثير : وكان سبب هذه الفتنة أن ابن الأشعث كان الحجاج يبغضه ، وكان هو يفهم ذلك ، ويضمر للحجاج السوء وزوال الملك عنه ، ثم إن الحجاج بن يوسف نائب الخليفة عبد الملك بن مروان على العراق جهز جيشا من البصرة والكوفة وغيرهما لقتال رتبيل الكافر ملك الترك ، الذي آذى أهل الإسلام وقتل فئاما منهم ، وأمر الحجاج على ذلك الجيش ابن الأشعث ، مع أنه كان يبغضه كما تقدم ، حتى إنه كان يقول : ما رأيته قط حتى هممت بقتله

    ودخل ابن الأشعث يوما على الحجاج وعنده عامر الشعبي ، فقال الحجاج انظر إلى مشيته !! والله لقد هممت أن أضرب عنقه

    فأخبر الشعبي ابن الأشعث بما قال الحجاج ، فقال ابن الأشعث : وأنا والله لأجهدن أن أزيله عن سلطانه إن طال ببي البقاء .

    فسار ذلك الجيش بإمرة ابن الأشعث ، حتى وطئ أرض ( رتبـيل ) ، ففتح مدنا كثيرة ، وغنم أموالا كثيرة ، وسبى خلقا من الكفار ، ورتبيل ملك الكفار يهرب منهم من مدينة لأخرى .

    ثم إن ابن الأشعث رأى لأصحابه أن يوقفوا القتال ، حتى يتقووا إلى العام المقبل ، ولتستقر الأمور في البلاد التي فتحوها .

    فكتب إليه الحجاج يأمره بالاستمرار في القتال ، ويذمه ويعيره بالنكول عن الحرب ، فغضب ابن الأشعث ، ثم سعى في تأليب الناس على الحجاج .

    وقام والد ابن الأشعث _ وكان شاعرا خطيبا ، فقال : إن مثل الحجاج في هذا الأمر ومثلنا كما قال القائل : ( احمل عبدك على الفرس ، فإن هلك هلك ، وإن نجا فلك ) ، إنكم إن ظفرتم كان ذلك زيادة في سلطان الحجاج ، وإن هلكتم كنتم الأعداء البغضاء .

    ثم قال : اخلعوا عدو الله الحجاج ، ولم يذكر خلع الخليفة ، اخلعوا عدو الله الحجاج وبايعوا لأميركم عبد الرحمن بن الأشعث ، فإني أشهدكم أني أول خالع للحجاج .

    فقال الناس من كل جانب : خلعنا عدو الله الحجاج _ وكانوا يبغضونه _ ووثبوا إلى ابن الأشعث فبايعوه ، ولم يذكروا خلع الخليفة .

    وبعد بيعة الفتنة تلك تبدلت الأمور ، ووقع ما لم يكن في الحسبان ، فقد انصرف ابن الأشعث عن قتال الترك الكفرة !! وسار بجيشه المفتون مقبلا إلى الحجاج ليقاتله ويأخذ منه العراق ، فلما توسطوا في الطريق ، قالوا : إن خلعنا للحجاج خلع لابن مروان ، فخلعوا أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ، وجددوا البيعة لابن الأشعث ، فبايعوه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخلع أئمة الضلالة وجهاد الملحدين .

    فلما بلغ الحجاج ما صنعوا من خلعه وخلع أمير المؤمنين ، كتب إلى الخليفة بذلك يعلمه ، ويستعجله في بعثه الجنود إليه ، فانزعج الخليفة واهتم

    وسعى الناصحون المصلحون في درء الفتنة .

    فكتب المهلب بن أبي صفرة إلى ابن الأشعث يحذره ، وينهاه عن الخروج على إمامه وقال :

    إنك با ابن الأشعث قد وضعت رجلك في ركاب طويل ، أبق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، الله الله !! انظر لنفسك فلا تههلكها ، ودماء المسلمين فلار تسفكها ، والجماعة فلا تفرقها والبيعة فلا تنكثها ، فإن قلت أخاف الناس على نفسي ، فالله أحق أن تخافه من الناس ، فلا تعرضها لله في سفك دم أو استحلال محرم ، والسلام عليك


    ثم أخذ الخليفة عبد الملك في تجهيز الجنود في نصرة الحجاج في قتاله الخارجين على الجماعة ، وجعل المفتونون يلتفون على ابن الأشعث من كل جانب ، حتى قيل إنه سار معه ثلاثة وثلاثون ألف فارس ومائة وعشرون ألف راجل !!!

    حتى دخلوا البصرة ، فخطب ابن الأشعث وبايعم ، وبايعوه على خلع الخليفة ونائبه الحجاج بن يوسف ، وقال لهم ابن الأشعث :

    ليس الحجاج بشيء ، ولكن اذهبوا بنا إلى عبد الملك الخليفة لنقاتله ، ووافقه على خلعهما جميع من بالبصرة من الفقهاء والقراء والشيوخ والشباب .


    قال الحافظ ابن كثير : وتفاقم الأمر وكثر متابع ابن الأشعث على ذلك ، واشتد الحال وتفرقت الكلمة جدا ، وعظم الخطب واتسع الخرق ا.هـ

    ثم التقى جيش الخليفة وجيش ابن الأشعث ، فقال القراء الذين خلعوا البيعة : أيها الناس قاتلوا عن دينكم ودنياكم .

    وقال عامر الشعبي _ وكان من الأئمة ، لكن ابن الأشعث فتنه _ قال : قاتلوهم على جورهم ، واستـغلالهم الضعفاء !! وإماتتهم الصلاة .

    ثم بدأ القتال ، ما بين كر وفر ، يقتتل الناس كل يوم قتالا شديدا ، حتى أصيب من رؤوس الناس خلق كثير ،

    واستمر هذا الحال مدة طويلة ، ثم كتب الخليفة إلى ابن الأشعث ومن معه يقول :

    إن كان يرضيكم مني عزل الحاج خلعته ، وأبقيت عليكم أعطياتكم ، وليـخير ابن الأشعث أي بلد شاء يكون عليه أميرا ما عاش وعشت .


    فلما بلغ ذلك ابن الأشعث خطب الناس وندبهم إلى قبول ما عرضه عليهم أمير المؤمنين من عزل الحجاج وإبقاء الأعطيات ، فثار الناس من كل جانب ، وقالوا: والله لا نقبل ذلك ، نحن أكثر عددا وعدة !!


    ثم جددوا خلع الخليفة عبد الملك واتفقوا على ذلك كلهم ، واستمر القنال بين الفئتين مائة يوم وثلاثة أيام على ما قاله ابن الأثير .

    وصبر جيش الخليفة بقيادة الحجاج ، بالحرب ، فأمر بالحملة على كتيبة القراء الذين خلعوا الخليفة ، لأن الناس كانوا تبع لهم ، وهم الذين يحرضونهم على القتال ، والناس يفتدون بهم

    فحمل جيش الحجاج عليهم ـ، فقتل منهم خلقا كثيرا ، وبعدها انهزم ابن الأشعث ومن معه ، فلحقهم جيش الحجاج يقتلون ويأسرون ، وهرب ابن الأشعث ومعه جمع قليل من الناس، فأرسل الحجاج خلفه جيشا كثيفا ليقتلوه ويأسروه

    ففر ابن الأشعث حتى دخل هو ومن معه إلى بلاد رتبيل الكافر ملك الترك !!! فأكرمه وأنزله عنده وأمنه وعظمه كيدا للمسلمين

    هرب ابن الأشعث بعد أن أثار فتنة أهلك الحرث والنسل فقتل من أتباعه من قتل ، وأسر كثير منهم ، فقتلهم الحجاج بن يوسف ، وهرب من بقي منهم .

    ومنهم عامر الشعبي الإمام الثقة ، فأمر الحجاج أن يؤتى بالشعبي فجيء به حتى دخل على الحجاج .

    قال الشعبي : فسلمت عليه بالإمرة ، ثم قلت :

    أيها الأمير ، إن الناس قد أمروني أن أعتذر إليك بغير ما يعلم الله أنه الحق ، ووالله لا أقول في هذا المقام إلا الحق ، قد والله تمردنا عليك وحرضنا ، وجهدنا كل الجهد ، فما كنا بالأتقياء البررة ، ولا بالأشقياء الفجرة ، لقد نصرك الله علينا ، وأظفرك بنا ، فإن سطوت فبذنوبنا ، وما جرت إليك أيدينا ، وإن عفوت عنا فبحلمك ، وبعد فالحجة لك علينا .

    فقال الحجاج لما رأى اعترافه وإقراره : أنت يا شعبي أحب إلي ممن يدخل علينا يقطر سيفه من دمائنا ، ثم يقول ما فعلت ولا شهدت ، قد أمنت عندنا يا شعبي .

    ثم قال الحجاج : يا شعبي كيف وجدت الناس بعدنا يا شعبي ؟ وكان الحجاج يكرمه قبل دخوله في الفتنة .


    فقال الشعبي مخبرا عن حاله بعد مفارقته للجماعة : أصلح الله الأمـير ؛ قد اكتحـلت بعدك السـهر !! واستـوعرت السـهول !! واستجلـست الخوف !! واستحليت الهم !! وفقدت صالح الإخوان !! ولم أجد من الأمير خلفا !!

    فقال الحجاج : انصرف يا شعبي ، فانصرف آمنا .

    ثم شرع الحجاج في تتبع أصحاب ابن الأشعث ، فقتلهم مثنى وفرادى !!! حتى قيل إنه قتل منهم بين يديه مائة ألف وثلاثين ألفا !!! منهم محمد بن سعد بن أبي وقاص ، وجماعات من السادات ، حتى كان آخرهم سعيد بن جبير رحمه الله .

    وكان ممن تبع ابن الأشعث طائفة من الأعيان منهم مسلم بن يسار وأبو الجوزاء ، وأبو المنهال الرياحي ومالك بن دينار والحسن البصري رحمه الله

    وذلك أنه قيل لابن الأشعث : إن أردت أن يقاتل الناس حولك كما قاتلوا حول هودج عائشة فأخرج الحسن البصري معك ، فأخرجه

    وكان ممن خرج أيضا سعيد بن جبير وابن أبي ليلى الفقيه وطلحة بن مصرف وعطاء بن السائب ، وغيرهم


    قال أيوب : فما منهم من أحد صرع مع ابن الأشعث إلا رغب عن مصرعه ، ولا نجا أحد منهم إلا حمد الله أن سلمه !!!


    ثم إن الحجاج كتب إلى رتبيل ملك الترك الذي لجأ إليه ابن الأشعث ، أرسل إليه يقول : والله الذي لا إله إلا هو ، لئن لم تبعث إلي بابن الأشعث لأبعثن إليك بألف ألف مقاتل ولأخربنها

    فلما تحقق الوعيد من الحجاج استشار في ذلك بعض الأمراء فأشار عليه بتسليم ابن الأشعث قبل أن يخرب الحجاج دياره ، ويأخذ عامة أمصاره ، فعند ذلك غدر رتبيل بابن الأشعث فقبض عليه وعلى ثلاثين من أتباعه ، فقيدهم بالأصفاد وبعثهم مع رسل الحجاج إليه

    فلما كانوا ببعض الطريق بمكان يقال له ( الرخج ) صعد ابن الأشعث وهو مقيد بالحديد إلى سطح قصر ، ومعه رجل موكل به لئلا يفر فألقى ابن الأشعث بنفسه من ذلك القصر ، وسقط معه الموكل به فماتا جميعا ، فعمد الرسول إلى رأس ابن الأشعث فاختزه ، وقتل من معه من أصحابه ، وبعث برؤوسهم إلى الحجاج فأمر فطيف برأس ابن الأشعث في العراق ، ثم بعثه إلى أمير المؤمنين عبد الملك فطيف به في الشام ، ثم بعث به إلى ألأخيه عبد العزيز بمصر فطيف برأسه هناك ، ثم دفن .


    قال الحافظ ابن كثير : والعجب كل العجب من هؤلاء الذين بايعوه بالإمارة : كيف يعمدون إلى خليفة قد بويع له بالإمارة على المسلمين من سنين ، فيعزلونه وهو من صليبة قريش ، ويبايعون لرجل هندي بيعة لم يتفق عليها أهل الحل والعقد !!!

    ولهذا لما كانت هذه زلة وفلتة نشأ بسببها شر كثير ، هلك فيه خلق كثير ، فإنا لله وإنا إليه إليه راجعون ا.هـ


    ذكر ابن الأثير في تاريخه : أن رجلا من الأنصار جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال : أنا ابن فلان بن فلان ، قتل جدي يوم بدر ، وقتل جدي فلان يوم أحد ، وجعل يذكر مناقب سلفه ، فنظر عمر إلى جليسه فقال : هذه المناقب والله ، لا يوم الجماجم ويوم راهط ، من الخروج وحمل السلاح على المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين


    إن فتنة ابن الأشعث كانت فتنة عظيمة فرقت الكلمة ، وقتل فيها أكثر من مائة ألف مسلم ، وفي هذه الحادثة فوائد منها :


    أولها : أن للفتن في أول نشوئها لذة وحلاوة تستهوي كثيرا من الناس ، إلا من عصمه الله ونجاه ، وقد خرج كثير من القراء مع ابن الأشعث ، فضلا عن عامة الناس ، كان كلامهم في أول الفتن قويا ومهيجا ، تكلم متكلموهم ، وأبدع خطباؤهم ، في التحريض على قتال جند الخليفة .


    قال أبو البختري : أيها الناس قاتلوهم على دينكم ودنياكم ، فوالله لئن ظهروا عليكم ليفسدن عليكم دينكم ، وليلن على دنياكم .

    قوال عامر الشعبي : أيها الناس قاتلوهم ، ولا يأخذكم حرج من قتالهم ، والله ما أعلم على بسيط الأرض أعمل بظلم ولا أعمل بجور منهم

    وقال سعيد بن جبير نحو ذلك

    ووالله لو كانوا يعلمون ما ستـؤول الأمور إليه لما قالوا ما قالوا ، ولكنها الفتن تعمى فيها الأبصار .


    ثانيا : إذا وقعت الفتن فإن ضحاياها الأبرار والفجار ، قال الله تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )

    ذكر ابن الأثر في تاريخه أن الحجاج لما غلب جيش ابن الأشعث أخذ يبايع الناس وكان ظالما ، وكان لا يبايع أحدا إلا قال له اشهد على نفسك أنك كفرت ، يعني بنقضك البيعة وحملك السلاح ، فإن قال نعم بايعه ، وإلا قتله .

    فأتاه رجل من خثعم كان معتزلا للناس كلهم ، فسأله الحجاج عن حاله فأخبره باعتزاله ، قال الحجاج ، بل أنت متربص بنا ، أتشهد أنك كافر ؟

    قال الرجل : بئس الرجل أنا أعبد الله ثمانين سنة ، ثم أشهد على نفسي بالكفر

    قال الحجاج : أقتلك إذا ؟

    قال الرجل : وإن قتلتني

    فقتله الحجاج ، ولم يبق أحد من أهل الشام والعراق إلا رحمه ، وحزن لقتله


    ثالثا : إذا ولت الفتنة مدبرة عند ذلك يندم من دخل فيها لما يراه من الفساد والشرر الذي نتج عنها ، واستمع إلى أهلها وقد جيئ بهم حتى أوقفوا بين يدي الحججاج بن يوسف


    هاهو فيروز بن الحصين أسر فأتي به إلى الحجاج فقال له : أبا عثمان !! ما أخرجك مع هؤلاء ، فوالله ما لحمك من لحومهم ولا دمك من دمائهم

    فقال : أيها الأمير فتنة عمت ، فأمر به الحجاج فضربت عنقه


    ثم دعا الحجاج بعمر بن موسى فجيء به موثقا ، فعنفه الحجاج ، فاعتذر ، وقال أصلح الله الأمير !! كانت فتنة شملت البر والفاجر ، فدخلنا فيها ، فقد أمكنك الله منا ، فإن عفوت فبفضلك ، وإن عاقبت ظلمت مذنبين

    فقال الحجاج : أما إنها شملت البر والفاجر ، فقد كذبت ، ولكنها شملت الفاجر وعوفي منها الأبرار ، وأما إقرارك فعسى أن ينفعك .

    فرجى له الناس السلامة ، لكن الحجاج أمر به فضربت عنقه


    ثم دعا الحجاج بالهلضام بن نعيم فقال : ما أخرجك مع ابن الأشعث ؟ وما الذي أملت ؟

    فقال الرجل : أملت أن يملك ابن الأشعث فيوليني العراق ، كما ولاك عبد الملك

    فقتله الحجاج


    ثم دعا بأعشى همدان وقد تبع ابن الأشعث ، وعمل الشعر في التحريض على قتال الخليفة ، فلما دخل على الحجاج أنشد يعتذر :


    أبى الله إلا أن يتمم نوره *** ويطفئ نار الفاسقين فتخمدا

    فقتلاهم قتلى ضلال وفتنة *** وجيشهم أمسى ذليلا ممردا

    فما لبث الحجاج أن سل سيفه *** فولى جيشــنا وتبددا

    دنود أمير المؤمنين وخيله *** وسلطانه أمسى عزيزا مؤيدا

    ليهنأ أمير المؤمنين ظهوره *** على أمة كانوا سعاة وحسدا

    نزلوا يشتكون البغي من أمرائهم *** وكانوا هم أبغى البغاة وأعندا

    فقال الحجاج : والله يا عدو الله لا نحمدك ، وقد قلت في الفتنة ما قلت ، وحرضت الناس علينا ، فصربت عنقه وأحلق بأصحابه .


    رابعا : إذا وقعت الفتنة سعى أهلها في استدراج بعض الخواص إليهم ليحتجوا بهم عند العامة ، وقد قيل لابن الأشعث : إذا أردت أن يقاتل الناس حولك كما قاتلوا حول هودج عائشة فأخرج الحسن البصري معك ، فأخرجه .

    وخرج مع ابن الأشعث بعض الأئمة ، كسعيد بن جبير ، ومالك بن دينار وغيرهما ، ففتن الناس والمعصوم من عصمه الله .

    ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفتن ويأمر بذلك في كل صلاة ، لأن بعضها يجعل الحليم حيرانا ، ذلك أن أهل الفتنة يزينون فعلهم بكثرة موافقيهم .

    فابن الأشعث قاتل معه أكثير من مائة وخمسين ألفا ، وتبعه جماعة من السادات ، لكن فعلهم لم يكن مرضيا ، إذ هو خلاف النصوص الآمرة بالجماعة والصبر الناهية عن الخروج والفرقة والمنازعة .


    قال أيوب : ما منهم من أحد صرع مع ابن الأشعث إلا رغب عن مصرعه ، ولا نجا من نجا منهم إلا حمد الله وسلمه .


    قال الإمام ابن بطة العكبري في التحذير والاغترار بالكثرة : والناس في زماننا أسراب كالطير يتبع بعضهم بعضا !! لو ظهر فيهم من يدعي النبوة _ مع علمهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء _ أو من يدعي الربوبية لوجد على ذلك أتباعا وأشياعا .


    خامسـأ : أن عاقبة الفتن وخيمة ، ومآل أهلها الخسران ، فهاهو ابن الأشعث خرج على جيش إسلامي مجادا في سبيل الله ، ثم صار رأسا في الفتنة ، فترك قتال الكفار وهجم على أهل الإسلام !! وقتل بسببه جمع كثير ، واضطربت الأمور وكثر الشر ، ثم آلت به الحال أن يلجأ إلى ملك الكفار الذي كان يقاتله بالأمس ، ففرح به الكافر وأكرمه إغاظة للمسلمين.

    وهكذا الفتن تقود صاحبها إلا ما لا يريد .

    وليت ابن الأشعث وقف عند هذا لكان هينا ، وما هو وربي بهين

    لقد غدر به الملك الكافر وأرسله موثقا إلى الحجاج ، فأسقط في يده ، فلما كان ببعض الطريق ، صعد قصرا فألقى نفسه ، فمات ، فمن كان يظن أن نهايته تكون كذلك . |


    سـادسـا : لقد ألبس ابن الأشعث فتنته هذه لباس الشرع ، وأوهمهم أنها إنكار للمنكر ونصرة للدين ، لكن الباطن خلاف ذلك ، قد ذكر ابن الأثير أن الحجاج كان يبغض ابن الأشعث ، ويقول : ما رأيته قط إلا وأردت قتله ، وهو يعلم ذلك ، وكان يهدد ويقول : وأنا والله لأجهدن أن أزيل الحجاج عن سلطانه إن طال بي البقاء .

    ونص ابن كثير على أن سبب تلك الفتنة كره ابن الأشعث للحجاج ، ثم جمع حوله من يبغضون الحجاج ، فانظروا كيف استغل كره الناس ليثأر منه وينكد عليه !!

    ولهذا فمن دعا إلى مفارقة الجاعة وإثارة الفتنة فهو صاحب هوى مريض قلب ، مخالف للسنة ، وإن ظهر فعله ذلك في صورة إنكار للمنكر


    سابعا : إذا وقعت الفتنة ، فإن أول من يصطلي بنارها من أوقدها ، فتنقلب الأمور عليهم ، ويتسلط الجهال من أتباعهم حتى يكون الأمر والنهي عليهم .

    وقد كتب الخليفة إلى ابن الأشعث عزل الحجاج وتوليته مكانه ، وبقاء أعطيات الناس ، فمال إلى ذلك ابن الأشعث ، فخطب الناس وقال : اقبلوا ما عرض عليكم ، وأنت أعزاء أقوياء ، فوثب الجهال من كل مكان يقولون : لا والله لا نقبل نحن أكثر منهم عددا وعدة ، وأعادوا خلع الخليفة ثانية ، وبايعوا ابن الأشعث ، فانصاع لأمرهم ووافقهم حتى آل أمره إلى ما آل إليه .


    ثامنا : من فارق الجماعة ودخل في الفتنة فهو في غربة ووحشة ، ومآله أن يتخلى عنه أحبابه وأعوانه .

    هاهو الشعبي يصف حاله بعد أن خلع البيعة ودخل مع ابن الأشعث ، فقدت صالح الإخوان ولم أجد من الأمير خلفا .

    من أجل ذلك كان الأئمة يحرصون على الاجتماع زمن الفتن

    يقول حنبل : اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله _ يعني الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله _ يقولون له : إن الأمر تفاقم وفشا _ يعنون إظهار القول بخلق القرآن ، ولا نرضى بإمرته ولا سلطانه ، فناظهرهم الإمام أحمد في ذلك وقال : عليكم بالإنكار في قلوبكم ، ولا تخلعوا يدا من طاعة ، لا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، وانظروا في عاقبة أمركم ، واصبروا حتى يستريح بر ويسترح من فاجر .

    وقال لهم : ليس هذا _ يعني نزع أيديهم من طاعتهم _ صوابا ، هذا خلاف الآثار ا.هـ

    الإمام أحمد يقول هذا ، وقد آذاه السلطان وجلده وسجنه ، ثم منعه من لقيا الناس ، لكن أهل السنة أهل عدل واجتماع ومتابعة للنصوص يرجون ما عند الله تعالى


    وآخرها : أن هذه الفتنة تدل على أهمية التمسك بالآداب الشرعية زمن الفتن ، فمن تلك الآداب :

    #الحذر من الفتن وعدم الاستشراف لها واعتزال أهلها .


    # ومنها الحلم والرفق ، فلا تعجل في قبول الأخبار ، والأفكار والآراء ، والحكم على الناس تخطئة وتصويبا ، فما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما نزع من شيء إلا شانه .


    # ومنها لزوم جماعة المسلمين وإمامهم والحذر من التفرق ، لقول حذيفة رضي الله عنه لما ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الفتن ، قال فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟

    فقال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم


    # ومنها الالتفاف حول علماء السنة أهل التوحيد ، والحذر من التفرق عليم ومنازعتهم ، والصدور عن آرائهم والاستجابة لنصحهم

    ووالله ، وتالله ، وبالله : إن أول باب يلج الرجل منه إلى الفتنة الطعن بالعلماء ، والاستبداد بالرأي دونهم .

    ومن رأيتموه يقدح في علمائنا فاعلموا أنه مفتون ، فإن من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل السنة


    # ومنها أن الفتن إذا وقعت فما كل ما يعلم يقال ، وليت بعض الناس يتركون الأمور العظام للعلماء الكبار حفاظا على اجتماع الكلمة ، لأن مرد الناس في آخر أمرهم للعلماء ، فمن كان عنده رأي فليعرضه عليهم ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )


    مقال منقول _ بتصرف _ من خطبة جمعة للشيخ سلطان العيد حفظه الله وسدده ووفقه

  2. #2

    افتراضي رد: الامام العثيمين-معالم في التعامل مع الفئة الضالة

    من آثار الفكر التكفيري
    على مخيم نهر البارد


    اعداد
    الدكتور محمد أحمد عبد الغني















    بسم الله الرحمن الرحيم
    الإهداء

    إلى نهر البارد , نهر الدماء , وصوتِ القهْرِ , ورَجْعِ البؤْسِ , وجُرْحِ القلْبِ , ودمعةِ العينِ , ومهوى الفؤاد , وملعب الصبا , ومَشيبِ الرّأسِ .
    إلى أطفالٍ يصرخون و يبكون ، و شيوخٍ و عجائز و مرضى يجّرون أقدامهم , ورجالٍ يبحثون عن أبنائهم , و أبناءٍ يركضون وراء آبائهم ، و نساءٍ تركت أطفالها في مشهدٍ مأساوي يُذكّر بنكبة فلسطين ، أو باجتياح عام 1982 ، أو بحرب تموز 2006 ...
    إلى جرحِ الأمةِ الإسلاميةِ في قلبها " فلسطين " وفي قلبها النابض " المسجد الأقصى " الحزين .
    إلى كل صائلٍ جائل ، للنفسِ باذل ، للموتِ راحل ، للدنسِ غاسل ،لليهود منازل ، يصرخ بجلمدٍ : يا شجرَ الغرقد ، جاء الموعدُ ليعودَ المسجد .
    إلى الذين يعايشون يقظةً علميةً بوسطية واعتدال تتهللُ لها سُبُحات الوجوه ، ولا تزال تنشط متقدمةً إلى الترقّي والنضوج في أفئدة شباب الأمة ، مدها ودمها المجدد لحياتها.
    إلى الكتائب الشبابية , النواة المباركة التي تتقلب في أعطاف العلم وهي في أمسّ ما تحتاج إلى السقي والتعهد في مساراتها كافة ، نشراً للضمانات التي تكف عنها الافراط والتفريط ،والتشدد والغلو, والعثار والتعصب في مثاني الطلب والعمل من تموجات فكرية، وعقدية، وسلوكية، وطائفية، وحزبية...
    الى كل مغالي لعله يرجع الى رشده , فيعرف أن لب الشريعة جلب المصالح ودرء المفاسد وليس الدمار والشنار .


    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله .وصل اللهم عليه وآله الطاهرين وأصحابه الغر الميامين وعلى التابعين لهم باحسان الى يوم الدين .
    ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [ آل عمران : 102] .
     يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَ نِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَ الأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً  [ النساء : 1 ] .
     يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً  [ الأحزاب : 70 ـ 71 ]

    وبعد:

    فإن ظاهرة " فتح الإسلام " من الظواهر الدينية الحديثة , التي أدلى السياسيون والإعلاميون حولها دلوهم في مقالات وبيانات ، أغلبها انتصار لتصورات فكرية أو توجهات سياسية , وإن كثيراً ممن وضعوا تنظيم " فتح الإسلام " تحت المجهر لم ينجحوا - حتى الآن - في سبر أغوار مكوناته الحقيقية ، بل اكتفوا باكتشاف بعض القشور الخارجية لهذا التنظيم الذي ظهر بشكل مفاجئ قبل عام عبر «البيان رقم واحد» في مخيم " نهر البارد " ، وأخذ ينمو ويتكاثر عَدداً وعُدة وعَتاداً بسرعة فائقة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحركات الإسلامية في لبنان ، حتى أمكن القول إنه أصبح يمتلك قوة عسكرية كبرى معزّزة بمقاتلين أشداء من ذوي الخبرات الشيشانية والأفغانية والعراقية ، باعوا أنفسهم لمعتقدات جهادية ، وباتوا يُقبلون على الموت كإقبال غيرهم على الحياة ، الأمر الذي جعل المواجهات العسكرية الضارية في مخيم البارد تمتد لنحو مائة وستة أيام ، وتؤدي إلى ما أدّت إليه من الخسائر البشرية في صفوف الجيش اللبناني ، فضلاً عن الدمار والتهجير والضحايا في صفوف الفلسطينيين ، والقتلى والجرحى والأسرى في صفوف التنظيم .
    وإن ظاهرة ترامت على مسمع العالم كهذه دعت الحاجة الملحة للكتابة بإخلاص وتجرد وموضوعية .
    وليس مرادنا من الكتابة التأريخ للحركة وبيان الارتباط السياسي , والحديث عن مجريات الاحداث وانما الآثار التى انطوى عليها الفكر والذي تسبب بكارثة انسانية قلما تعرض لها أحد في العصر الحديث , حيث دمرت البناء وهجرت الانسان وازالت جني العمر لستة آلاف عائلة , من ابناء مخيم نهر البارد .

    نبذة عن مخيم نهرالبارد

    يقع مخيم " نهرالبارد " للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان ،ويبلغ عدد سكانه ما يقارب ( 40 ألفاً )و تبلغ مساحته ( 1 كلم2 ) ويتكوّن المخيم من قسمين الجديد والقديم ويتكون الجديد من بناء على الطراز الحديث ويتكون القديم من بيوت متجاورة متلاصقة ، بُنيت بطريقة عشوائية ، من دون مراعاة الأمور الفنية والتخطيط والتنظيم المدني ، تفصل بينها أزقة ضيقة لا يستطيع الإنسان أحياناً المرور فيها , لا يدخل الضوء و أشعة الشمس إلى الكثير منها ، ومن الناحيةالدينية أهالي مخيم نهرالبارد كلّهم من المسلمين السّنة ، و لا يوجد فيه أحد سواهم .وقد شهد المخيم في أوائل الثمانينات صحوة إسلامية تنامى فيها الظهور الإسلامي متمثلاً – إضافة إلى الشخصيات المؤثرة - في عدد من الحركات الإسلامية والمراكز الدينية ، فقد ظهرت العديد من الحركات الدينية في المخيم ،
    منها السلفي المعتدل ومنها الاشعري والصوفي . ومن الناحية التعليمية تلقّى سكان المخيم تعليمهم في مدارس الأونروا التي كانت مكونة من الخيام ، ثم تطوّرت إلى مدارس حديثة ,و يتمتّع الفلسطينيون بناحية علمية قوية في كافة الاختصاصات و خصوصاً في الناحية الاقتصادية , وفي ظل منع الفلسطيني من العمل في كثير من الوظائف في لبنان توجه الكثير من أهل المخيم إلى التجارة العامة.
    و مع تميّز موقع المخيم فقد أصبح مركزاً اقتصادياً هاماً في المنطقة ، فهو يُعتبر قبلة تجارية لأهالي عكار و المنية و طرابلس و غيرها من المدن و صولاً إلى العاصمة بيروت . تتولّى " الأونروا " الاشراف على الناحية الصحية لأهل المخيم عبر مركز صحّي واحد تابع لها ، يقوم بعلاج المرضى و متابعة شؤونهم , و عامة الأطباء القائمين على المركز من مخيم " نهرالبارد " ,و طوال فترة الوجود الفلسطيني في مخيم " نهرالبارد " كانت العلاقة بين المخيم و جواره من القرى اللبنانية في المنية و عكار جيدة ,لا بل جيدة جداً وطيدة ومتينة ، وذلك أن طبيعة أهل المخيم القروية ساعدت على الاندماج بينهم وبين القرى المجاورة للمخيم .

    ظهور فتح الاسلام
    وسط أجواء تعالت فيها إشارات وتلميحات وتصريحات محذّرة من بزوغ سيف القاعدة في بلاد الشام عامة و لبنان خاصة تحت عناوين كثيرة ظهرت عناصر وافدة من خارج لبنان وداخله. منها العناصر العربية والأجنبية التي استدرجت الى الساحة اللبنانية استدراجاً موهوماً ما لبث أن وقع القادمون رهائن واقع جديد لقادة حركة فتح الاسلام الذين أوهموهم أن العمل في لبنان يستهدف اسرائيل . ( )
    و عن الخلفية العقدية للتنظيم التي ظهرت في البيان الأول يقول " شاكر العبسي " : ( إن منهج تنظيمه هو الكتاب والسُنة ، وأنه يسعى لإقامة الدين ، وإصلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بما يتناسب مع الشريعة الإسلامية قبل مواجهة إسرائيل ) .
    إن الأهداف المعلنة لحركة " فتح الإسلام " على لسان " شاكر العبسي " وفق ما صرّح به لوكالة " رويترز للأنباء " هي هدفان اثنان ( ):
    الأول : هو الإصلاح الإسلامي لمجتمع المخيمات الفلسطينية في لبنان حتى تتوافق مع الشريعة الإسلامية .
    الثاني : هو التوجه لمواجهة اسرائيل وطرد الأمريكيين من الوطن العربي وإنهاء مصالحهم فيه .
    وأمام هذين الهدفين يعتبر " شاكر العبسي " كلّ من يقاتل دفاعاً عن راية الإسلام هو أخٌ لحركة " فتح الإسلام ".
    هذه الأهداف وتلك الغايات إسلامية بلا جدال ، ومشروعة بلا خلاف , لكن هل المنهج والوسائل المتبعة لتحقيق هذه الأهداف مشروعة كشرعة الأهداف ؟ ( )
    إن المباديء المعلنة من قبل حركة " فتح الإسلام " تناقض تماماً الممارسات الفعلية التي انتهجتها الحركة , فالإصلاح الإسلامي لمجتمع المخيمات تحوّل إلى إدخال المخيمات وأهلها في صراع مع السلطة اللبنانية ومع الجوار السني , والتوجّه لمواجهة إسرائيل وطرد الأمريكيين من الوطن العربي تحوّل إلى قتال الجيش اللبناني , وهذا يدلّ على خلل فكري.

    الانتماء الفكري لحركة " فتح الإسلام "
    " فتح الإسلام " حركة جهادية أممية الفكر غير أحادية الإنتماء القطري , تجمّعت في لبنان واستقرت في " مخيم " نهرالبارد " و أعلنت في بيانها الأول في مطلع تشرين الثاني من عام 2006 أن الإسلام مبدؤها , والجهاد طريقها , وحذرت من يعترضها بعبارة " الدم بالدم ، والهدم بالهدم " . و ما يميز هذه الجماعة عن غيرها من الحركات تبنيها لفكرة التكفير العيني لكل أفراد وأعيان النظام السياسي الذي لا يحكم بما أنزل الله تعالى باستثناء الاداريين والمحاسبين , وتكفير أعيان التنظيم العلماني مما أدى إلى تصنيفهم في إطار ما يسمى " الفكر الجهادي التكفيري " . وهناك من يعتبر أن من أسباب كثرة البلايا والرزايا التي منيت بها الأمة في ماضي الزمان وحاضره هو هذا الفكر الذي ابتدعت أصوله الخوارج الحرورية , ومازال يمضي بقوة في كثير من أوساط شباب الأمة .
    ومما يؤسف له أن الفكر التكفيري قد تسرّب لمعاقل بعض المنتسبين لأهل السنة ممن يؤلفون فيه ويدعون إليه ، ويقذفون من يعارضهم بالإرجاء والعلمنة .
    ونحن لا ننكر أن التكفير حكم شرعي ، إلا أنه يخضع لضوابط ، ولا يُكَفّر إلا من قام على تكفيره دليل لا معارض له من الكتاب والسنة ، أو اتفق أهل السنة على تكفيره ، وأن المسلم لا يكفر بقول أو عمل أو اعتقاد حتى تقام عليه الحجة ، وتزول عنه الشبهة ، وأنه يجب التفريق بين كفر الاطلاق وكفر التعيين ، ولا يكفر المعين عند علماء السنة حتى تثبت شروط وتنتفي موانع .
    فكيف يمكن لجماعة ما أن تتواصل مع الآخرين في مجتمع تقوم على تكفير غالب أفراده ؟ وتضيق المسافة بينها وبين العصاة ، اذ لا حل - في فكرهم - إلا الاتباع لمنظومتهم الفكرية والفقهية المتشددة , و إلا إعمال السنان و إعلان الجهاد ، وإطلاق الكفر والزندقة على المخالفين حتى لو كانوا من أهل السنة أو من العلماء .
    ولا يخفى ما في هذا التكفير العيني من نتائج سلبية ومثالب عمية ، وما ينجم عنه من الفتن والدماء ، والنكبات والأرزاء ، واستباحة الأموال والأعراض , ناهيك عن التفرق والتمزق .
    إن وجوب الحكم بما أنزل الله تعالى وصلاحية الشريعة الغراء , وأحقيتها بالتطبيق في كل مكان وزمان لا يختلف فيه مسلمان , ولا يتمارى فيه مؤمنان , وأظلم أهل الظلم من حال بين الأمة وبين الاحتكام إلى ما شرع الله لها من قوانين ، و ألزم الرعية بالقوانين الوضعية ، فأحيا معالم الجور , و أمات سنن العدل , بيد أن هذا الجرم المستبين لا ينبغي أن يخرجنا عن قواعد العلم وأصول أهل السنة في النظر والاستدلال , وإيجاد الحلول لهذا الواقع الأثيم .
    إن الادلة على وجوب صيانة المسلم وعرضه يظهر بفحوى الخطاب على تجنب القدح في دينه بأي قادح , فكيف بإخراجه من الملة الإسلامية إلى الملة الكفرية , وهذه جناية لا تعدلها جناية , وجرأة لا تماثلها جرأة , وأين المجتريء على تكفير أخيه من قول رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله ) ( ). وقوله  : ( ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك )( ). وعلى هذا مضى العلماء من سلف وخلف يحذّرون ويرهبون من العجلة في التكفير حماية لأعراض المسلمين وصيانة لدمائهم أن تسفك . قال الإمام القرطبي : ( وباب التكفير باب خطير , أقدم عليه كثير فسقطوا , وتوقف فيه الفحول فسلموا ، ولا نعدل بالسلامة أبداً )( ). وفي الفتاوى الصغرى : ( الكفر شيء عظيم ، فلا أجعل المؤمن كافراً متى وجدت رواية أنه لا يكفر ) ( ).
    إن لظاهرة التكفير العيني الغير منضبط في الواقع مثالب عديدة ، منها :
    1– أعمال التفجيرات والاغتيالات التي تزهق الأرواح، وتقتل أنفساً معصومة الدم.
    2 – هدم البيوت ، وإفساد المصالح والمنشآت العامة ، وإهلاك أموال المسلمين .
    3 – زعزعة الأمن والاستقرار ، ونزع الطمأنينة والهدوء ، واثارة الرعب والفزع بين الناس .
    4 – صدّ الناس عن دين الله تعالى والتنفير من الدخول في الإسلام .
    5 – انقطاع الأعمال الخيرية ، ومحاصرة الجامعات والمعاهد الشرعية والمراكز الدعوية تحت ستار الحرب على الإرهاب .
    6- إثارة الجدل العلمي بين طلاب العلم وانقسامهم بين مناصر ومعارض و معترض ، مما أحدث فجوة بين العلماء والطلاب .
    وأما أسباب هذه الفتنة العارمة فيمكن ردّها إلى ما يلي :
    1 – الجهل بكتاب الله تعالى وبسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، و عدم معرفة أحكام التكفير وقواعده ، والجهل – عند كثير منهم - بمقاصد الشريعة وقواعدها الكلية ، أو عدم التوفيق في مراعاة ذلك ، مما يجعلهم لا يبالون بعواقب أقوالهم وأفعالهم ، كما أن كثيراً منهم يجهل معاني كلام أهل العلم في التكفير والتفسيق والتبديع والهجر وغير ذلك ، أو يسيء إنزاله على المعيَّن ، فينسب إلى العلماء ما ليس من مذاهبهم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : ( وكثير من أجوبة الإمام أحمد وغيره من الأئمة خرج على سؤال سائل قد علم المسؤول حاله ، أو خرج خطاباً لمعيَّن قد عُلم حاله ، فيكون بمنـزلة قضايا الأعيان الصادرة عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، إنما يثبت حُكْمُها في نظيرها ، فإن أقواماً جعلوا ذلك عاماً ... ) ( ).
    2 – الإعراض عن الحكم بشريعة الله سبحانه و تعالى من قبل الحكام جزئياً أو كلياً ، و اعتماد الشرائع الوضعية .
    3 – ما يجده الدعاة من الظلم و التضييق عليهم في دعوتهم من الحكام ، وما ينتج عن ذلك من الاعتقال الطويل والعذاب الاليم ، مما يسبب في ارتقاء سلم الغلو والتشدد عند الشباب .
    4 – عدم حل القضايا الإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين( ) وأفغانستان والعراق ، ومشاهدة الاستكبار العالمي يريد إنهاء الصراع لصالح اليهود ، وتسخير كل القوى والمنظمات العالمية لمصالح الغرب واسرائيل .
    5- الإساءة إلى الإسلام ، والانتقاص من النبي  والطعن فيه ، واستفزاز مشاعر المسلمين .. كقضية منع الحجاب في بعض البلاد الإسلامية ، والصور المشينة المسيئة للنبي  التي روّجها الغرب وتبعهم بعض الناس في دول أخرى.



    الانتماء السياسي لحركة " فتح الإسلام "
    يزداد لغز " فتح الإسلام " تعقيداً يوماً بعد يوم . فجغرافياً تنحصر أزمة التنظيم في بقعة صغيرة من الشمال اللبناني في " مخيم " نهرالبارد " الفلسطيني .
    لكن سيل الاتهامات والتكهنات في لبنان وخارجه يشير إلى احتمالات عدة حول هوية الجماعة وأهدافها وارتباطاتها , ويكبر السؤال يوماً بعد يوم : من هم ؟ من يقف خلفهم ؟ وما ارتباطاتهم ؟ وكيف دخلوا إلى لبنان ؟
    ولا يعنينا في هذا الموطن الحديث عن الامر وانما ذكر آثار هذا الفكر على المسلمين.

    علاقة أهالي نهرالبارد بحركة " فتح الإسلام "

    يخطيء من يقول أو يظن أن أهل المخيم هم من أدخل " فتح الإسلام " , فكل الأدلة تدل على أنه ليس لأهل المخيم أي دور في وجود " فتح الإسلام " أو ظهورها في المخيم .
    إن المتتبع لتصريحات كافة المسؤولين اللبنانيين من السياسيين و الأمنيين يجد أن أهل المخيم لا يتحملون مسؤولية في هذا الباب ، بل كانوا ضحية ، و دفعوا الثمن الغالي , فكيف يمكن لأحد بعد ذلك أن يُحمّل أهل المخيم ولو جزءاً من المسؤولية ؟
    و هذا ذكر لبعض هذه التصريحات :
    1 _ بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء و لجنة الحوار االلبناني الفلسطيني تحت عنوان ( شركاء في المسؤولية ) أكد أن المواجهة التي يقودها الجيش اللبناني في مخيم " نهرالبارد " ليست حرباً ضد الفلسطينيين ، بل رد محق على حرب شنت من قبل بعض الإرهابيين ضد اللبنانيين و الفلسطينيين على حد سواء , و أن الجيش يمارس دفاعاً مشروعاً ضد من تعدى عليه و قتل جنوده غدراً .
    2 _ عقب الاعلان عن انتهاء العمليات العسكرية في " نهرالبارد " يوم الأحد 2/9/2007 أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني " فؤاد السنيورة " أن هذه الحرب هي حرب الفلسطينيين واللبنانيين على الفئة الباغية ، وهذا النصر في " نهر البارد " نصر لبناني فلسطيني مشترك .

    لماذا لم يواجه أهل المخيم " فتح الإسلام " ؟
    و لبيان هذا الأمر نقول :
    أ _ إن وجود الفصائل العسكريةالفلسطي نية في " نهرالبارد " كان في السنوات الاخيرة وجوداً رمزياً ، و ليس حقيقياً ، فليس هناك مراكز أو قواعد عسكرية ، بل هناك مراكز سياسية ، يتولى حراستها عدد قليل من المسلحين ، حتى إن بعض الفصائل ليس له وجود عملي ، و ليس له مركز مفتوح ، ليس عنده عناصر مسلحة ، و هذا واقع ملحوظ مشاهد عند من يعرف الوضع داخل المخيم ، و هو أمر معلوم عند الأجهزة الأمنية اللبنانية .
    ب _ نتيجة لهذا الواقع لم يكن في المخيم مرجعية أمنية تتولى الإشراف على الأمن أو متابعة الأوضاع الأمنية داخل المخيم ، بخلاف بقية المخيمات ، ففي مخيم البداوي مثلاً ساعد وجود قوة أمنية على مواجهة هذه الظاهرة منذ بدايتها ، و لم يسمح لها بالانتشار أو البقاء في المخيم .
    ج _ نتيجة للأمرين السابقين لم يكن عند أهل المخيم عموماً القوة أو حتى القدرة على مواجهة هذا العدد الكبير من المسلحين - و الذي ظهر فجأة و دون إشارات سابقة - فقد كان أول ظهور لـ" فتح الإسلام " في " نهر البارد " من خلال انتشار مسلح كثيف مما أثار الذعر و الرعب عند بعض الفصائل فضلاً عن أهل المخيم .
    د _ في ظل ماسبق و بعد وقوع الأحداث الأخيرة في المخيم يوم الاحد 20/5/2007 و بعد ثلاثة أيام من القصف المدفعي على المخيم بقسميه الجديد و القديم و أدى إلى وقوع عدد من القتلى و الجرحى بين المدنيين من أهل المخيم مما اضطر قسماً كبيراً من أهل المخيم للخروج منه يوم الثلاثاء 22/5/2007 ، و مع استمرار المعارك و اشتداد القصف اضطر جميع أهل المخيم للخروج من مخيمهم .


    موقف أهالي المخيم من " فتح الإسلام " :

    لم ينسجم أهالي مخيم " نهرالبارد " مح حركة " فتح الإسلام " منذ أول ظهورها ، بل كانت لهم مواقف منها :
    1- إن هذه الحركة استعملت اسم " فتح " حتى تظهر للناس أنها تخدم القضية الفلسطينية ، ويرى فريق من أهل المخيم أن هذا العمل قد أضرّ كثيراً بالقضية الفلسطينية .
    2- رفعت الحركة شعار " الإسلام " حتى تستقطب أهل المخيم والجوار ، ويرى أهل المخيم أن هذا أساء للإسلام ، وشوه صورته .
    3- ظهر اشمئزاز أهل المخيم من كثير من التصرفات والأعمال ، وأبرزها : إثارة الرعب والذعر ، والاستنفار والانتشار الأمني ، واطلاق النار عند كل حدث .
    4- يعتبر عامّة أهل المخيم – وخصوصاً بعد أحداث البارد – أن هذه الحركة سبب كل بلاء حلّ بالمخيم وأهله ، وما نتج عن وجودها من قتل وتشريد و دمار وخراب وضياع لكل ما جناه أهل المخيم خلال أكثر من خمسين عاماً ، في وقت كان بالإمكان تجنيب المخيم وأهله كلّ هذه الويلات .


    دور مجلس الخطباء في الحوار الفكري مع " فتح الإسلام "

    مما لا ريب فيه أن الفكر المخالف للسنة عموماً - وإن كانت آثاره سيئة على الأمة - لا يكون علاجه إلا بالحوار وباعتدال وانصاف فنحن مأمورون بالعدل لقوله تعالى : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ( ). ولأن الاعتدال سهل الوصول إلى القلوب وإلى العقلاء ، واذا أنصفت الخصم فقد فتحت له باب استقامة , فتبرأ بذلك ذمتك , وتسلم الأمة من شر هذا الفكر , ويشرح الله تعالى صدر مخالفك إلى التراجع .
    وحرصاً من مجلس خطباء المساجد على ايصال الحق بدلائله وبراهينه , ورغبة في اعانة من خدع ببعض الشبهات آثر مجلس خطباء المساجد في مخيم " نهرالبارد " اختيار هذا الاسلوب في مناقشة فكر جماعة " فتح الإسلام " وهذا الأسلوب قد اعتمده العلماء في المملكة العربية السعودية وأدى إلى نتائج طيبة وآثار حميدة عادت على البلاد والعباد .
    وقد يعترض ممن لا ينتهج الإسلام طريقاً هذا الاسلوب , الا اننا نقول لهؤلاء : لو تصورنا إن هؤلاء الذين قد وقعوا في هذا الفكر هم بعض أبنائنا أو أخواننا , أو قرابتنا , فكيف نعالج ما وقعوا فيه ؟!.
    ثم من الخطأ أن يُظن أن الدعوة إلى فتح النقاش العلمي , تعني غض الطرف عن أحكام وآثار الفكر من تفجير أو قتل .
    ومن هذا المنطلق سار مجلس خطباء المساجد في مخيم " نهرالبارد " في حوار فكري ونقاش علمي مع قادة " فتح الإسلام " في محاولة لإزالة اللبس ودفع الشبهات , بطلب وتكليف من الفصائل الفلسطينية واللجنة الشعبية وفعاليات ووجهاء المخيم , وقد دار الحوار حول مسائل متعددة أهمها :

    1 – نعمة الأمن وبيان أهميتها وسبيل تحققها والحفاظ عليها .
    فقد امتنّ الله على الخلق بنعمة الأمن، وذكّرهم بهذه المنّة، ليشكروا الله عليها، ويعبدوه في ظلالها، قال تعالى : ( أَوَلَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً ءامِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء رّزْقاً مّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) ( ) ، وقال تعالى : ( فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ ) ( ).
    فبالأمن والإيمان تتوحَّد النفوس ، وتزدهر الحياة ، وتغدق الأرزاق ، ويتعارف الناس ، وتتلقى العلوم من منابعها الصافية ، ويزداد الحبل الوثيق بين الأمة وعلمائها ، وتتوثق الروابط بين أفراد المجتمع ، وتتوحَّد الكلمة ، ويأنس الجميع ، ويتبادل الناس المنافع ، وتقام الشعائر بطمأنينة ، وتقام حدود الله في أرض الله على عباد الله. وباختلال الأمن تعاق سبل الدعوة ، وينضب وصول الخير إلى الآخرين ، وينقطع تحصيل العلم وملازمة العلماء ، ولا توصل الأرحام ، ويئنُ المريض فلا دواء ، ولا طبيب ، فتختل المعايش ، وتهجر الديار ، وتفارق الأوطان ، وتتفرق الأُسر ، وتنقض عهود ومواثيق ، وتبور التجارة ، ويتعسر طلب الرزق ، وتتبدل طباع الخلق ، فيظهر الكذب ، ويلقى الشحّ ، ويبادر إلى تصديق الخبر المخوف ، وتكذيب خبر الأمن ، وباختلال الأمن تقتل نفوس بريئة ، وترمّل نساء ، وييتم أطفال . و إذا سلبت نعمة الأمن فشا الجهل ، وشاع الظلم ، وسُلبت الممتلكات.
    ونؤكد أن الأمن ضرورة لكل الناس وهو مطلب شرعي , وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( من أصبح آمناً في سربه ، معافىً في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) ( ).

    2 – حرمة دم المسلم و حرمة قتل الكافر المعاهد أو المستأمن: فالنصوصُ الشرعية متكاثِرة في بيان حُرمة المسلم وعِصمة دمه ،فاللهُ جلّ وعلا يقول: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) ( ). ويقول سبحانه: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) ( ).ويقول سبحانه حكايةً عن ابنَي آدم عليه السلام : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ) ( ). فبداية القتل كانت مِن وَلَدي آدم.
    وقال تعالى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأ) ( ).
    وقد ورد في سبب نزولها : أن أبا الدرداء  كان في سرية ، فعمد إلى شعب لقضاء حاجته ، فوجد رجلاً من القوم في غنم له ، فحمل عليه بالسيف، فقال الرجل: لا إله إلا الله ، فضربه أبو الدرداء بالسيف فقتله ، ثم وجد في نفسه شيئًا ، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلكَ له، فقال : إنما قالها ليتقي بِها القتل، فقال : ( ألا شققتَ عن قلبه ، فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه ، فكيف بلا إله إلا الله ؟! فكيف بلا إله إلا الله ؟! ) قال أبو الدرداء : حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي ، فنزل قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً ) ( ).
    فقد تضمنت الآية الإخبار بعدم جواز إقدام المؤمن على قتل أخيه المؤمن بأسلوب يستبعد احتمال وقوع ذلك منه إلا أن يكون خطأ ، حتى لكأن صفة الإيمان منتفية عمن يقتل مؤمنًا متعمدًا، إذ لا ينبغي أن تصدر هذه الجريمة النكراء ممن يتصف بالإيمان ، لأن إيمانه ـ وهو الحاكم على تصرفه وإرادته ـ يمنعه من ارتكاب جريمة القتل عمدًا.
    وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا ) ( )
    بل ورد الوعيد لمن أعان على القتل المحرّم أو كان حاضرًا يستطيع منعه أو الحيلولة دون وقوعه ، أو شجع القاتل على القتل ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أن أهل السماء و الأرض اشتركوا في دم مؤمنٍ لأكبّهم الله في النار ) ( ) .
    وقال صلى الله عليه وسلم : ( سِبابُ المسلم فُسوق وقتاله كفر) ( ) ، وقال الحَسَن البصري: إنّ عليًّا  بعث إلى محمد بن مَسلمَة، فجيء به فقال: ما خلَّفك عن هذا الأمر؟ يعني القتال بينه وبين خصُومه رضي الله عنهم أجمعين ، قال: دفَع إليَّ ابنُ عمك ـ يعني النبي عليه الصلاة والسلام ـ سيفًا فقال : ( قاتِل به ما قُوتل العدوّ، فإذا رأيتَ الناس يقتُل بعضُهم بعضًا فاعمَد به إلى صَخْرة فاضربه بها، ثم الزَم بيتَك حتى تأتيكَ منيةٌ قاضية أو يدٌ خاطئة ) ، فقال عليّ رضي الله عنه : خلُّوا عنه ( ) .
    ونقل ابن عبد البر عن بعض السلف قوله: ( أحقُّ الناس بالإجلال ثلاثةٌ: العلماءُ والإخوان والسلطان، فمن استخفَّ بالعلماء أفسَد دينَه، ومن استخفَّ بالإخوان أفسَد مروءتَه، ومن استخفَّ بالسلطان أفسد دنياه، والعاقل لا يستخفّ بأحد) ( ) .

    3 –التكفير ( ):
    جرى حوار حول مسألة التكفير ، وتمّ التأكيد على خطورة هذا الأمر ، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إطلاق لفظ الكفر على أي مسلم ، و بيّن عاقبة هذا التكفير فقال : ( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما ) ( ) . وقال : ( ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله و ليس كذلك إلا حار عليه ) ( ) . و قال : ( ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله ) ( ) .
    إنّ الحكم على الإنسان بالكفر أمر خطير ، ولا يجوز للإنسان أن يقدم عليه إلا ببرهان واضح ، ودليل ساطع ، كما جاء في الحديث : ( إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ) ( ) .
    أما التكفير بالشبهة أو بالمعصية أو بمخالفة الرأي أو غيرها من الأسباب التي لا يستحق صاحبها التكفير فهذا من المصائب التي ابتلي بها فريق من هذه الأمّة ، نسأل الله العافية و الثبات على الحق .
    فهذه الأحاديث وغيرها فيها التحذير الشديد من الوقوع في التكفير ، لأنه ورطة عظيمة ، وذلك أن الرمي بالكفر له آثار خطيرة تترتب عليه :
    - وجوب محاكمته لتنفيذ حكم الردّة عليه بعد إقامة الحجة و إزالة الشبهة والاستتابة .
    - تحريم زوجته عليه ، و عدم بقائها معه ، أو بقاء أبنائه تحت سلطانه .
    - إذا مات على ذلك حبط عمله باتفاق العلماء .
    - لا تجري عليه أحكام المسلمين ، فلا يرث و لا يورث ، و إذا مات فلا يغسل ولا يكفن ولا يُصلّى عليه ، ولا يُدفن في مدافن المسلمين .
    - إذا مات على الكفر وجبت عليه لعنة الله والخلود الأبدي في النار .
    - الكافر المرتد اسوأ حالاً من الكافر المستمر على كفره .
    - وجوب قتاله حتى يرجع إلى الإسلام .
    ولما كانت مسألة التكفير ليست بالأمر الهين ، احتاط الشرع في إطلاقها احتياطاً شديداً فأوجب التثبت ، حتى لا يتهم مسلم بكفر ، وحتى لا تستباح أموال الناس وأعراضهم بمجرد الظن والهوى ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ( ) سفحذّرهم من التسرع في التكفير ، وأمرهم بالتثبت في حق من ظهرت منه علامات الإسلام في موطن ليس أهله بمسلمين .

    ومما يدل على احتياط الشرع في مسألة التكفير ومبالغته في ذلك ، إيجابه التحقق من وجود شروط التكفير وانتفاء موانعه ، فلا يجوز تكفير معين إلا بعد التحقق من ذلك تحققاً شديداً بعيداً عن التعصب والهوى ، وموانع التكفير هي :

    1- الجهل : وهو خلو النفس من العلم ، فيقول قولاً أو يعتقد اعتقاداً غير عالم بحرمته ، كمن يعتقد أن الصلاة غير واجبة عليه ، أو أن الله غير قادر على حشر الأجساد إذا تفرقت ، والسبب وراء ذلك جهله بوجوب الصلاة وقدرة الله جلا وعلا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت ، قال لبنيه : إذا أنا متُّ فأحرقوني ، ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح ، فوالله لئن قدر عليّ ربي ليعذبني عذاباً ما عذّبه أحداً ، فلما مات فُعل به ذلك ، فأمر الله الأرض فقال : اجمعي ما فيك منه ، ففعلت ، فإذا هو قائم ، فقال ما حملك على ما صنعت ؟ قال : يا رب خشيتك فغفر له ) ( )، فهذا رجل جهل قدرة الله جلا وعلا فظنّ أنه إذا أحرق ونثر رماده في البر والبحر فإن الله لا يقدر على جمعه ، ولا ريب أن الشك في قدرة الله جلا وعلا ، والشك في البعث كفر، ولكنه لما كان جاهلاً غُفر الله له.
    وعن حذيفة بن اليمان  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يَدرُس الإسلام كما يدرس وشيُ الثوب حتى لا يُدرى ما صيام ، ولا صلاة ، ولا نسك ، ولا صدقة ، وليسرى على كتاب الله تعالى في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة " لا إله إلا الله " فنحن نقولها ، فقال له صلة : ما تغني عنهم " لا إله إلا الله " وهم لا يدرون ما صلاة ، ولا صيام ، ولا نسك ، ولا صدقة ، فأعرض عنه حذيفة ، ثم ردها عليه ثلاثاً ، كل ذلك يعرض عنه حذيفة ، ثم أقبل عليه في الثالثة ، فقال : يا صلة تنجيهم من النار ثلاثا ) ( ) فهؤلاء كتب الله لهم النجاة ولم يعرفوا من الإسلام إلا الشهادة ، وجهلوا ما سواها من شعائر الدين و أركانه ، لكن لما كان الجهل هو عذرهم نفعتهم الشهادة التي ينطقون بها .
    و ليعلم أن العذر بالجهل إنما يقبل في حقّ من كان في محلٍّ أو حالٍ هو مظنّة أن يجهل هذه الأحكام كمن نشأ في بادية بعيدة أو كان حديث عهد بكفر ، أما من عاش بين المسلمين ، يحضر صلواتهم ويسمع خطبهم ، ثم يجهل شيئاً من أصول الدين أو أمراً معلوماً منه بالضرورة فلا يعذر بجهله ، لأنه متسبب في وجود جهله وعدم إزالته.

    2- الخطأ : وهو أن يقصد بفعله شيئاً فيصادف فعله غيرَ ما قصد ، كمن يريد رمي غزالٍ فيصيب إنساناً ، أو كمن يريد رمي كتاب كفر فيرمي كتاب الله جلَّ وعلا ، والأدلة على العذر بالخطأ كثيرة منها قوله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) ( ) ومن الأحاديث المشهورة في العذر بالخطأ ، قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ) ( ) .
    وهذه الأدلة عامة في العذر من عموم الخطأ ، وثمة دليل خاص يدل على العذر من الخطأ في مسائل الكفر ، وهو ما رواه مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه ، فأيِسَ منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته ، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدّة الفرح ) ( ) ولا شك أن مخاطبة الله بالعبد كفر ومروق من الدين إن كان عن قصد وتعمد ، ولكن لما كان نطق الرجل لها خطأ كان معذورا بخطئه.

    3- الإكراه : وهو إلزام الغير بما لا يريد ، ففي هذه الحالة يكون المكرَه في حلٍّ مما يفعله أو يقوله تلبية لرغبة المكرِه دفعا للأذى عن نفسه أو أهله ، وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده ولطفه بهم حيث لم يكلفهم ما يشق عليهم ، قال تعالى : ( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ( ). وحتى لا يقع الناس في الكفر ويرتكبوا المحرمات عند وجود أدنى ضغط أو تهديد فقد ذكر العلماء الشروط التي يتحقّق بها وجود وصف الإكراه المعتبر شرعاً وهي :
    أ- أن يكون التهديد بما يؤذي عادة كالقتل والقطع والحبس والضرب ونحو ذلك .
    ب- أن يكون المكرِه قادراً على تحقيق ما هدّد به ، لأن الإكراه لا يتحقق إلا بالقدرة ، فإن لم يكن قادراًلم يكن للإكراه اعتبار .
    ج - أن يكون المكرَه عاجزاً عن الذّب عن نفسه بالهرب أو بالاستغاثة أو المقاومة ونحو ذلك .
    د - أن يغلب على ظن المكرَه وقوع الوعيد ، إن لم يفعل ما يطلب منه . فإذا اجتمعت هذه الشروط كان الإكراه معتبراً شرعاً .

    4- التأويل : وهذا المانع من التكفير إنما يختص بأهل الاجتهاد دون غيرهم من المتقولين على الله بالجهل والهوى ، وذلك أن المجتهد قد يترك مقتضى نص لنص آخر يراه أقوى منه ، كمن اعتقد من الصحابة حل الخمر مستدلاً بقوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ( ) فلما رفع أمرهم إلى عمر بن الخطاب  وتشاور الصحابة فيهم ، اتفق عمر وعلي وغيرهما من علماء الصحابة رضي الله عنهم على أنهم إن أقروا بالتحريم جلدوا , وإن أصروا على الاستحلال قتلوا . فلم يكفرهم الصحابة رضي الله عنهم من أول وهلة لتأويلهم ، بل أجمعوا على أن يبينوا لهم خطأ استدلالهم فإن أصروا قتلوا ردة، فلما استبان للمتأولين خطأ استدلالهم رجعوا وتابوا.
    والتأويل المعتبر في هذا المقام هو ما كان له وجه في الشرع واللغة العربية ، أما إن كان لا يعتمد على شيء من القرائن الشرعية أو اللغوية فهو غير معتبر شرعاً كتأويلات الباطنية ونحوهم .
    تلك هي موانع التكفير ، وهي تدلنا على مبلغ حرص الشرع على وجوب التحقق من وقوع الكفر من فاعله ، حتى لا يسفك دم معصوم بالتهمة والشك ، وفي ذكر هذه الموانع درس لمن يمارسون التكفير دون اعتبار لتوافر شروط التكفير وانتفاء موانعه ، ولا يعني ذكر تلك الموانع أن نتهيب من تكفير من كفّره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لثبوت وصف الكفر في حقه بتوافر شروط التكفير وانتفاء موانعه ، فإن كلا طرفي قصد الأمور ذميم ، ولكن الواجب هو التثبت .

    4 - استخدام السلاح :
    من القضايا التي طرحت في جلسات الحوار مسألة السلاح واستخدامه ، و قد تمّ النأكيد على حرمة استخدام السلاح في معارك داخلية ، انطلاقاً من حديث أبي بكرة  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . فقلت : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) ( ).
    فالسلاح إنما يوجّه إلى أعداء الأمة من اليهود وأتباعهم الذي دنسوا المقدسات ، واحتلوا الديار ، وسفكوا الدماء ، وارتكبوا أبشع المجازر .
    وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مرَّ أحدُكم في مسجدِنا أو في سوقنا ومعه نبلٌ فليمسِك على نِصالها أو قال: فليقبِض بكفِّه أن يصيبَ أحدًا من المسلمين منها بشيء ) ( ).

    5 - تطبيق الحدود :
    إثر مقتل أبي عبدالرحمن المقدسي طرحت " فتح الإسلام " مسألة القصاص لمقتله ، وطرح أحد أعضاء مجلس الشورى مسألة تطبيق حدّ الحرابة ، ودار حوار حول المسألة وبيان معنى القصاص ( )والحرابة ( )، ومن يتولى تطبيق الحدود ، وأنه ليس من حقّهم تطبيق الحدود في المخيم ولا في غيره ، وأسفر الحديث عن تراجعهم عن طرح هذه المسألة.

    آثار المعركة على أهالي " نهرالبارد "

    ألقت أحداث " نهرالبارد " بظلالها على أوضاع أهالي المخيم ، وكان لها الكثير من الآثار السلبية في عدد من النواحي ، نبيّنها فيما يلي :

    أولاً : اقتصادياً :
    - خسارة أهل المخيم لكل ما يملكون. وتجدر الإشارة إلى أن ما جناه أهل المخيم هو من خلال عملهم في لبنان منذ خروجهم من فلسطين ، ومن خلال عمل الكثير خارج لبنان حيث كانوا يحوّلون الأموال ويشترون البيوت والعقارات ..
    - يعتبر مخيم " نهرالبارد " الأغنى بين المخيمات الفلسطينية في لبنان , ويشكل مرتكزاً للمنطقة وسوقاً تجارية لها .
    - تقدر الخسائر بالمليارات : أضرار البيوت , الأثاث , خسائر التجار في البضاعة والعطل , خسائر وتعطيل العمال , الأموال النقدية , المجوهرات .
    - انعكاس الوضع السياسي القائم في البلاد على إمكانية عودة المخيم كما كان إقتصادياً .
    - انحسار فرص العمل أمام الشباب الفلسطيني في لبنان بسبب الشرخ الذي أصاب العلاقة اللبنانية الفلسطينية .

    ثانياً : سياسياً :
    على رغم تصريحات المسؤولين اللبنانين و الفلسطينين بعدم تحمل الشعب الفلسطيني في لبنان عموماً أو أبناء مخيم " نهرالبارد " خصوصاً مسؤولية ما يجري في مخيم " نهرالبارد " إلا أننا رأينا حوادث فردية تسجل و فيها اعتداء جسدي أو لفظي مسيء إلى مشاعر أبناء الشعب الفلسطيني مما أوجد حالة من الذعر والخوف عند الكثير من أبناء شعبنا ، فامتنعوا أو ترددوا و تخوفوا من السكن خارج المخيمات ، أو الذهاب إلى العمل و متابعة شؤون حياتهم ، و هذا لا يعني اتهاماً إلى عموم اللبنانين ولكن نسجل أن هناك حالات يجب علاجها .
    ومن الآثار السياسية على المخيم :
    - ترسيخ و اتساع هوة الانقسام القائم بين فصائل المنظمة وقوى التحالف الفلسطيني .
    - إعلان رئيس الحكومة اللبنانية " فؤاد السنيورة " في 2/9/2007 ( أن المخيم سيكون تحت سلطة الدولة اللبنانية دون سواها ) بما يعني ذهاب السلطة السياسية للفصائل في المخيم .

    ثالثاً : اجتماعياً :
    تسببت المعركة وما نتج عنها من النزوح وقلة ذات اليد بازدياد الضغظ النفسي على أبناء " نهرالبارد " ونتج عن ذلك جملة من المشكلات ظهرت في سلوك و تصرفات الكثير من الناس و من ذلك :
    - الخلافات الأسرية العائلية التي قد أدت في بعض الحالات إلى الطلاق وفي احصاء غير دقيق تبين للوهلة الاولى وجود نزاعات زوجية أدت الى خصام وتلفظ بالطلاق وهجر من كثير من الازواج الذين استفتوا مجلس خطباء المساجد بحالتهم وكان الجواب يدور في الطلاق الرجعي بنسبة كبيرة.
    - انقسام بعض العائلات وسجلت العديد من الخلافات بين الأخوة والأهل و الأبناء...حيث تفاقم الخلاف حول مسائل مالية نحو الاشتراك في شقة لاكثر من عائلة , وادارة المصروف فيها .
    - الخلافات الفردية بين الشباب و بشكل يومي تقع مشكلات عديدة يرجع سببها الى تعطل الايدي عن التعليم والعمل .
    - تحويل بعض الحالات إلى المصحّات العقليه و النفسيه لتأمين العلاج اللازم و قد خسرنا رجالاً ونساء من خيرة النخب في هذه الأزمة .
    - الحالة النفسية الصعبة لبعض الأطفال و النساء الذين شاهدوا قتل آبائهم و ذويهم أمام أعينهم ....
    وأصبح الناس يشعرون بالملل من طول مدة البقاء خارج المخيم ، لأن المرء لا يستطيع أن يعيش بعيداً عن بيته , مع ظروف النزوح المؤلمة من الزحام وقلة المستلزمات المعيشية.
    وتصعدت معاناة النازحين والأهالي في مخيم البداوي حيث اكتظت المدارس والبيوت ونام الناس في الطرقات وعاشوا حياة البؤس والشقاء والمعاناة وذلّ عزيز القوم فأصبح رهن مساعدة , ويحنو للعودة إلى بيته.
    - المشكلة السكنية , حيث توزع الاهالي في القرى المجاورة بحثا عن مأوى ولكن المشكلة كمنت في عدم توافر المباني اللازمة للاهالي مما حدث الاكتظاظ السكاني في الشقة الواحدة ( 45) فردا .

    ثالثاً : تعليماً :
    أثرت أحداث " نهر البارد " على الناحية التعليمية :
    -لم يكتمل العام الدراسي 2006-2007 حيث انقطع الطلبة عن الدراسة قبل شهر وعشرة أيام من انتهاء العام الدراسي في 20/5/2007, ودون إجراء للامتحانات النهائية واستمر هذا الانقطاع وما زال على ان يبدأ في 27/12/2007 بسبب آثار المعركة على المخيم وتأخر عودة النازحين وتبعثرهم في الانحاء المجاورة .
    - عدم تقدم الكثير من طلاب المخيم في الجامعات والمدارس الخاصة لامتحانات نهاية العام بسبب وجودهم داخل المخيم ، أو بسبب الوضع النفسي لمن خرج من المخيم .
    - تراجع مستوى النجاح عند طلبة البريفيه , على خلاف نتيجة الثانوية وهذا يعطي مؤشراً أن الطالب الثانوي يمتلك معارفه نتيجه الصفوف السابقة , لذلك اعتمد عليها .

    رابعاً : فكرياً :
    - انهيار غالب ما بنته الدعوة الإسلامية من ركائز على المستوى الشعبي والجماهيري منذ الثمانينات , بسبب الموقف السلبي الحادّ الذي اتخذته العامة من الملتزمين بسبب غلو وتطرف جماعة " فتح الإسلام " .
    - الحملة المنظمة التي شنتها بعض القوى السياسية والإعلامية والأمنية لتشويه صورة المشايخ في " مخيم نهرالبارد " .
    - إعادة النظر إلى الحركات الإسلامية من قبل الكثيرين بسبب ما قيل من ارتباطات أمنية محلية أو اقليمية لهذه الجماعة ولغيرها .

    خامساً : الخسائر البشرية بين المدنيين :
    أدّت الأحداث الأليمة في " نهر البارد " إلى سقوط عدد من الشهداء المدنيين من أهل المخيم .


    النزوح عن " نهرالبارد "

    بعد بدء الأحداث في مخيم " نهرالبارد " يوم الأحد 20/5/2007 عاش أهل " نهرالبارد " حالة ذعر ورعب في ظل الاشتباكات والقصف الذي طاول عدداً من أحياء المخيم القديم ، و واجهوا ظروفاً صعبة في ظل انقطاع الماء والكهرباء والخبز ، و نزوح العائلات داخل المخيم إلى أماكن أكثر أمناً .
    وبعد ثلاثة أيام من هذه الحال ، وبعد أن ثبتت الهدنة يوم الثلاثاء 22/5/2007 بدأ الناس بالخروج من المخيم بعد العصر ، وكانت حالة الرعب والذعر و الذهول تسيطر على الناس ، و تمكّن عدد قليل - أول الأمر – من الخروج تحت رصاص القنص ، ثم انفلتت الأمور ، و خرج قسم كبير من أهالي المخيم – خصوصاً أهل المخيم الجديد ، وأحياء صفورية وسعسع وجاحولا من المخيم القديم – من بيوتهم في ظل دعوة البعض لهم للخروج .
    أطفال يصرخون ويبكون ..
    شيوخ وعجائز و مرضى يجّرون أقدامهم ..
    رجال يبحون عن أبنائهم ..
    أبناء يركضون وراء آبائهم ..
    نساء تركت أطفالها ..
    مشهد مأساوي يُذكّر بنكبة فلسطين عام 1948 .. أو بالاجتياح الإسرائيلي عام 1982 .. أو بحرب تموز 2006 ...
    خرج الناس بالآلاف مشياً على الأقدام – إلا من استطاع الوصول إلى سيارته و وجدها سالمة فاستقلها – في حالة من الفوضى والفزع ، تركوا بيوتهم وأموالهم وأوراقهم الثبوتية .. رفع بعضهم الراية البيضاء في ظل استمرار القنص وإطلاق الرصاص ، وقد قُتل وجُرح عدد من أهالي المخيم أثناء النزوح ..
    سار الناس كالطوفان .. توجهوا إلى الجهة الجنوبية من المخيم باتجاه حاجز الجيش اللبناني عند تلّة حكمون ( تلة الست ) حيث أقام الجيش ممرّاً خاصاً ، وكانت السيارات والحافلات التي قدمت من " مخيم البداوي " في انتظارهم لنقلهم إلى البداوي .
    مساء يوم الثلاثاء 22/5/2007 بدأت قوافل النازحين بالوصول إلى مخيم " البدّاوي " قرب طرابلس ، واستقرت القوافل أمام أبواب مدارس المخيم ، التي فتحت أبوابها لاستقبالهم ، و صار العمل على إيواء الناس في المدارس ، و تمّ تقديم بعض المساعدات الأولية من طعام وشراب وفراش .. لكن ذلك لم يكن كافياً لكل الأعداد التي وصلت .. حتى نام فريق من الناس ليلتهم تلك على الأرض دون فراش أو غطاء ، وحتى دون طعام أو شراب ..
    توزع النازحون في البداوي عند أقاربهم و معارفهم .. و فتح العديد من أهالي مخيم البداوي بيوتهم أمام النازحين .. ولكن ذلك لم يستوعب جميع النازحين – نظراً لضيق المخيم واكتظاظه بسكانه – فاضطر الناس للنوم في المساجد التي ضاقت بالناس ، و عجزت عن استيعابهم ..
    امتلأت البيوت و المدارس و المساجد ، و فتحت المحلات التجارية والمستودعات و المخازن أبوابها للنازحين ..
    نام الناس في الطرقات ، و على سطوح المنازل و البنايات و لم تُحل المشكلة .. فقد قُدّر عدد النازحين إلى البداوي في الأيام الأولى بعشرين ألفاً ..
    بدأ الكثير من النازحين بالخروج من مخيم البداوي إلى أماكن أخرى فتوجهوا إلى مدينة طرابلس .. و المنية .. و عكار .. و توجه فريق منهم إلى مخيمات بيروت وصيدا و صور و البقاع ...
    تفرّق الجمع و تشتت العائلات .. وبدأت مرحلة أخرى من المعاناة ..

    مشكلات النازحين

    يعيش النازحون عن مخيم " نهرالبارد " ظروفاً إنسانية صعبة ، و تزداد المعاناة ، وتكثر المشكلات التي تواجههم ، و من هذه المشكلات :

    - عدم وجود أماكن كافية لإيواء النازحين في مخيم البداوي .
    - اضطرار الكثير إلى السكن في المدارس و المؤسسات التربوية كرياض الاطفال و الأندية الرياضية و هي خالية من كل مستلزمات السكن .
    - السكن في مخازن ( محلات تجارية ) غير صالحة للسكن و لم تبن لهذا الغرض .
    - وجود اكثر من عائلة في غرفة واحدة .
    - اكتظاظ الشقق السكنية ووجود العشرات فيها في ظروف تنتفي فيها الراحة النفسية و يكثر الضغط و المشكلات .
    - نوم الكثير من الناس في المساجد و الشوارع و سطوح الأبنية .
    - عدم وجود أموال بين أيدي النازحين لشراء حاجاتهم ، نظراً لترك كثير من الناس أموالهم في المخيم و عدم إخراج شيء معهم .
    - عدم وجود ملابس مع النازحين الذين خرجوا بثيابهم التي عليهم .
    - الانزعاج و عدم الراحة النفسية و الجسدية ، نظراً للزحام و ظروف النزوح .
    - عدم غتسال الكثير من النساء و الفتيات لأيام طويلة نظراً لعدم وجود أماكن للاغتسال في بعض الأحيان ، أو لوجود هذه الأماكن في ملاعب المدارس مما أوجد الحرج عندهنّ من الدخول إلى دورات المياه و الاغتسال في ظل تواجد الرجال و اجتماعهم .
    - عدم توافر الفرش و الوسادات و الشراشف الكافية لجميع أفراد الاسرة حيث كان الثلاثة والأربعة يتقاسمون فرشة واحدة , و بعضهم لا يجدها مما اضطرهم للنوم على أوراق الجرائد .
    - عدم وجود ضروريات الحياة من أثاث لازم لا يستطيع الإنسان العيش بدونه .
    - عدم وصول المساعدات الكافية لجميع النازحين في ظل الأثرة من بعض القائمين على توزيع المساعدات و الاستثئار .
    - عدم وصول الطعام الجاهز المقدّم لكل النازحين , مع عدم ملائمة هذا الطعام للمرضى بالسكري و نحوه .
    - ارتفاع أجور الشقق و المخازن أضعاف سعرها الطبيعي . مع عدم قدرة الكثير من النازحين على دفع الإيجار .
    - خوف الناس من الخروج من مخيم البداوي إلى أعمالهم في مدينة طرابلس و عكار خشية الاعتقال لأنهم من " نهرالبارد " , أو لعدم وجود أوراق ثبوتية معهم حيث ترك الكثير أوراقهم الثبوتية في " نهرالبارد " .
    - تحميل البعض لأهالي المخيم مسؤولية ما يجري في " نهرالبارد " ، مع وجود حوادث اعتداء جسدي أو لفظي مسيء لمشاعر أبناء الشعب الفلسطيني .
    - فقدان الكثير من النازحين لأهم مراحل حياتهم ، و ترك الشهادات الجامعية ، و أوراق إثبات ملكية الأراضي في فلسطين ، وغير ذلك مما يدل على هويتهم و وجودهم .
    - كثرة الخلافات الأسرية التي قد أدت إلى الطلاق نتيجة للضغط الهائل .
    - انقسام و تشتت و بُعد بعض العائلات عن بعضها .
    - ظهور بعض المشكلات بين الأخوة و الأبناء ، نتيجة للاحتكاك وضيق المكان .
    - الخلافات الفردية بين الشباب بسبب الاحتكاك الزائد و الاحتقان .
    - ظهور حالات عصبية و نفسية حتى تم تحويل بعض الحالات إلى المصحات العقلية.
    - وجود حالات نفسية صعبة خصوصاً عند الاطفال و النساء الذين شاهدوا قتل أبنائهم و ذويهم أمام أعينهم .
    كل هذه المشكلات عانى منها النازحون , عملت المؤسسات الاجتماعية على تخفيف آلام النازحين إلا أن المعاناة ما زالت قائمة ، و مازال النازحون يأملون بحل جميع مشكلاتهم من خلال العودة إلى " نهرالبارد " كمحطة مؤقته مقدّمة للعودة إلى فلسطين .

    الخاتمـة

    1- إن المباديء المعلنة من قبل حركة " فتح الإسلام " تناقض تماماً الممارسات الفعلية التي انتهجتها الحركة , فالإصلاح الإسلامي لمجتمع المخيمات تحول إلى إدخال المخيمات وأهلها في صراع مع السلطة ومع الجوار اللبناني , والتوجه لمواجهة إسرائيل وطرد الأمريكيين من الوطن العربي تحول إلى قتال الجيش اللبناني , وهذا يدل على الخلل الذي تتبناه الحركة في معالجتها للواقع .

    2- إن وجود عدد من السعوديين في أحداث " نهرالبارد " قليلاً كان أو كثيراً لا ينبغي أن يُدرج في باب الاتهام للمملكة العربية السعودية ، فهذا العدد لا يُعبّر عن موقف المملكة التي ناصرت ودعمت – وما زالت – الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ، و أيدت وساندت – وما زالت – الشعب اللبناني خلال المحن التي عصفت به ، وما زال الدور السعودي الرائد قائماً في حلّ القضايا والاشكالات القائمة على الساحة اللبنانية من خلال الدور الذي يقوم سفير المملكة في لبنان . ولا تتحمّل المملكة مسؤولية في ذلك ، كما أن الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني لا يتحملان مسؤولية وجود لبنانيين مع " فتح الإسلام " .كما أن الشعب الفلسطيني المقيم في لبنان لا يتحمّل مسؤولية وجود عدد قليل منه مع حركة " فتح الإسلام ".

    3- " فتح الإسلام " حركة جهادية أممية الفكر، غير أحادية الإنتماء القطري , تجمّعت في لبنان واستقرت في " مخيم " نهرالبارد " و ما يميز هذه الجماعة عن غيرها من الحركات تبنيها لفكرة التكفير العيني لكل أفراد وأعيان النظام السياسي الذي لا يحكم بما أنزل الله تعالى باستثناء الاداريين والمحاسبين , وتكفير أعيان التنظيم العلماني مما أدى إلى تصنيف البعض لهم في إطار ما يسمى " الفكر الجهادي التكفيري " .

    4- يخطيء كل من يقول أو يظن أن أهل المخيم هم من أدخل " فتح الإسلام " , فكل الأدلة تدل على أنه ليس لأهل المخيم أي دور في وجود " فتح الإسلام " أو ظهورها في المخيم .

    5- إن من دخل في صفوف " فتح الإسلام " و ناصرهم من أهل المخيم أفراد قلائل لا يعول عليهم ، و قد ثبت لدى الأجهزة الأمنية قلة عدد من اعتقل من أهالي المخيم بتهمة الانتماء لـ" فتح الإسلام " ، و أن من بقي في المخيم أو قاتل مع " فتح الإسلام " خلال أحداث " نهرالبارد " هم أفراد معدودون ، لهذا لا يجوز تحميل كافة أهل المخيم المسؤولية بفعل عدد من الأشخاص .

    6- إن البيوت التي استأجرها قادة و عناصر " فتح الإسلام " لم تكن مراكز عسكرية ، بل كانت مساكن للعائلات ، و هي مع ذلك محدودة العدد ، و لم تكن ظاهرة واسعة .

    7 - تبرأت الفصائل الفلسطينية من حركة " فتح الإسلام " ، و اعتبرت أنها منظمة إرهابية خارجة عن النسيج الفلسطيني ، و ميزت بين أهدافها كمقاومة فلسطينية و بين أهداف هذه المنظمة .

    8 - سار مجلس خطباء المساجد في مخيم " نهرالبارد " في حوار فكري ونقاش علمي مع قادة " فتح الإسلام " في محاولة لإزالة اللبس ودفع الشبهات , بطلب وتكليف من الفصائل الفلسطينية واللجنة الشعبية وفعاليات ووجهاء المخيم وعلم ودراية من قبل الجهات الأمنية اللبنانية , ومن نقاط الحوار التأكيد على نعمة الأمن وبيان أهميتها وسبيل تحققها والحفاظ عليها ، والتحذير من تكفير المسلم ذلك أنّ الحكم على الإنسان بالكفر أمر خطير ، و لا يجوز للإنسان أن يقدم عليه إلا ببرهان واضح ، و دليل ساطع ، و قد تمّ النأكيد على حرمة استخدام السلاح في معارك داخلية ، وأنه ليس من حقّهم تطبيق الحدود في المخيم كالقصاص أو الحرابة .

    9- ألقت أحداث " نهرالبارد " بظلالها على أوضاع أهالي المخيم وكان لها الكثير من الآثار السلبية في عدد من النواحي , الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و التعليمية ، والسياسية ، والفكرية.

    10- يعيش النازحون عن مخيم " نهرالبارد " ظروفاً إنسانية صعبة ، وتزداد المعاناة ، وتكثر المشكلات التي تواجههم .

    11- يؤكد مجلس الخطباء والأهالي عموماً على حق العودة إلى مخيم " نهرالبارد " انطلاقاً من ارتباط حياة الناس به وممتلكاتهم وأراضيهم وبيوتهم وتجاراتهم ودراستهم ....

    12- أكدت الحكومة اللبنانية أكثر من مرة أن الخروج مؤقت لحين استتاب الأمن في المخيم , والعودة محتمة والاعمار مؤكد , وهي ملتزمة بالعمل على تحقيق العودة بأقرب فرصة ومباشرة عند انتهاء الأزمة كما أنها ملتزمة اعادة إعمار كل ما تهدم في " نهرالبارد "

    13- بما أن أهالي مخيم البارد هم أصحاب البيوت وهم من سيسكن ويعيش فيها فلا بد أن يكون لأهالي مخيم " نهرالبارد " دور أساسي وفعال في البحث والدراسة والنقاش والتأثير واتخاذ القرار بالأمور المتعلقة بآليات ومخططات وشكل إعادة الاعمار للمخيم.

    14- ينبغي تعويض الأهالي عن الأثاث ، المسروقات من الأموال ، ما حرق أو أتلف أو سرق من المحلات التجارية , اصحاب المصالح عن خسائرهم ، ذوي الشهداء , أو المعاقين جراء المعارك المدمرة.

    15- إن من نتائج هذه المعركة على مخيم البارد والوجود الفلسطيني في لبنان أن العلاقة التاريخية بين الشعبين قد تعرضت لضربات قاسية واهتزازات ، ولذا نعتبر أن من أهم الواجبات مع الإعمار والعودة العمل على ترميم العلاقة بين اللبنانيين والفلسطينيين .

    16- نجدد التأكيد على أن جيش وشعب لبنان ليسا عدواً للشعب الفلسطيني ، وانما عدونا وعدوكم هم اليهود .

    17- إن الفلسطينيين ليس لهم أي علاقة بما يجري ، وهم ضحايا كما اللبنانيون . وإن 10% أو 15 % من عناصر " فتح الإسلام " هم فلسطينيون ، والباقون ربما هم من أقاصي الأرض من المحيط إلى الخليج . فالمشكلة لا تكمن مع أهالي مخيم " نهرالبارد " ، بل مع هذه المجموعة التي تسكن هذا المخيم.

  3. #3

    افتراضي رد: الامام العثيمين-معالم في التعامل مع الفئة الضالة

    ( )ذكرت صحيفة "الوطن" السعوديةفي 27/تموز/2007 ان غالبية السعوديين في "فتح الاسلام" استدرجت إلى غير الساحة التي أرادتها. وقالت: "أرادوا العراق فإذا هم في طرابلس". وكتب الصحافي فارس بن خزام، المتخصص في شؤون الحركات السلفية، في مقال في الصحيفة: (غالبية السعوديين استدرجوا إلى غير الساحة التي أرادوها. أرادوا العراق فإذا هم في طرابلس. وما فعله من جنّد هؤلاء ليس أكثر من تنبيههم إلى أن البوابة السورية ليست على حالها السابقة، وأن الأمن السوري بدأ يضيّق على تدفق الانتحاريين الآتين من بلدانهم مباشرة إلى سوريا، وتحديداً السعوديون منهم. فأخذوا ينصحونهم بالتحايل عبر لبنان، أن يقصدوها ويتدربوا فيها حتى يسهّل لهم الطريق إلى سوريا ومن ثم العراق، وبذلك يتجاوزون العامل الأمني في سوريا.
    وما حصل في مخيم نهر البارد أنه تم تدريب وتهيئة هؤلاء الجدد في انتظار النقل إلى العراق. لكنهم لا يملكون الوسيلة ولا القرار. كانوا رهائن طاعة قادتهم، وشيئاً فشيئاً تغيرت وجهة البوصلة، وقالوا لهم إن الطريق إلى القدس يبدأ من هنا. أوهموهم بالقدرة على العمل في الجنوب اللبناني لاستهداف الإسرائيليين. اختاروا حلم السعوديين) .
    ( ) أنظر موقع Bbc , يوم الاثنين 26/مايو/2007.
    ( ) ذكره المستشار الشيخ " فيصل مولوي " تحت عنوان " فتح الإسلام " المبادئ المعلنة والممارسات الفعلية" ( جريدة المستقبل 8/6/2007 ) .

    ( ) رواه البخاري كتاب الأدب ، باب من كفّر أخاه بغير تأويل (4/127) .
    ( ) رواه البخاري كتاب الأدب ، باب ما ينهى من السباب (4/110) .
    ( ) المفهم ( 3/111) , وعنه فتح الباري : ( 12/314) .
    ( ) أنظر حاشية ابن عابدين حول جملة من النقول في هذا الأمر ( 4/224) .
    ( ) ابن تيمية : " مجموع الفتاوى " (28/213) .
    ( )وهذا ما نوه اليه اللواء أشرف الريفي في مؤتمر الشرطة العرب حيث قال : أن «من أهم أسباب انتشار الإرهاب في منطقتنا، اغتصاب أرض فلسطين وتشريد أهلها) ( الأخبار في يوم الاربعاء 21/تشرين الاول) .
    ( ) الأنعام:152
    ( ) القصص:57
    ( ) قريش:3-4
    ( ) رواه الترمذي كتاب الزهد ، باب التوكل على الله (4/574) . وابن ماجه كتاب الزهد ، باب القناعة (2/1387) وانظر السلسلة الصحيحة للألباني (2318).
    ( ) الحجرات:10
    ( ) النساء:93
    ( )المائدة:27
    ( )النساء:92
    ( ) الدر المنثور (2/617) .
    ( ) رواه البخاري كتاب الديات ، باب قول الله تعالى ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ) (4/352) .
    ( ) رواه الترمذي كتاب الديات ، باب الحكم في الدماء (4/17) . وصححه الألباني في صحيح الجامع (5247) .
    ( ) رواه البخاري كتاب الإيمان ، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر (1/21) . ومسلم كتاب الإيمان ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : سباب المسلم فسوق (1/81) .
    ( ) مسند أحمد (4/225) ، والطبراني (19/235) ، قال ابن حجر في الإصابة (6/34) : " الحسن لم يسمع من محمد بن مسلمة ، فهو لم يشهد القصة . وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/444)، وابن أبي شيبة (15/22) من طريق أخرى عن الحسن عن محمد بن مسلمة بالمرفوع وليس فيه قصة علي رضي الله عنه، وروى أيضا المرفوعَ غير الحسن عن محمد بن مسلمة ، فهو بمجموع طرقه ثابت إن شاء الله ، قال الحاكم في المستدرك (3/127) : "فبهذه الأسباب وما جانسها كان اعتزال من اعتزل عن القتال مع علي رضي الله عنه وقتال من قاتله ".
    ( ) نُقل هذا الكلام عن ابن المبارك رحمه الله، انظر: سير أعلام النبلاء (17/251).
    ( ) الكفر هو الخروج عن ملّة الإسلام ، و هو الموجب للخلود في النار ، و التكفير هو : إخراج الإنسان عن ملّة الإسلام .
    ( ) رواه البخاري كتاب الأدب ، باب من كفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال (4/126) . ومسلم كتاب الإيمان ، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر (1/79) .
    ( ) رواه مسلم كتاب الإيمان ، باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم (1/79) .
    ( ) رواه البخاري كتاب الأدب ، باب من كفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال (4/127) .
    ( ) رواه البخاري كتاب الفتن ، باب قول النبي  : سترون بعدي أموراً تنكرونها (4/423) . ومسلم كتاب الإمارة ، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (3/1470) .
    ( ) النساء 94
    ( ) رواه مسلم كتاب التوبة ، باب في سعة رحمة الله (4/2110) .
    ( ) رواه ابن ماجه كتاب الفتن ، باب ذهاب القرآن والعلم (2/1344) . وصححه الألباني في صحيح الجامع (8077) .
    ( ) الأحزاب:5
    ( ) رواه ابن ماجة كتاب الطلاق ، باب طلاق المكره والناسي (1/659) . وصحّحه الألباني في صحيح الجامع (1836) .
    ( ) رواه مسلم كتاب التوبة ، باب في الحض على التوبة (4/2102) .
    ( ) النحل:106
    ( ) المائدة:93
    ( ) رواه البخاري كتاب الإيمان ، باب ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) (1/16) . ومسلم كتاب الفتن ، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما (4/2213) .
    ( ) رواه البخاري كتاب الفتن ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : من حمل علينا السلاح فليس منا (4/426) . ومسلم كتاب البر والصلة ، باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق ..(4/2019) .
    ( ) وهي الجنايات التي تقع على النفس أو على ما دونها من جرح أو قطع عضو, أنظر فقه السنة , سيد سابق (2/506)
    ( ) الحرابة - وتسمى أيضا قطع الطريق - هي خروج طائفة مسلحة في دار الإسلام، لاحداث الفوضى، وسفك الدماء ، وسلب الاموال ، وهتك الاعراض ، وإهلاك الحرث والنسل ، متحدية بذلك الدين والاخلاق والنظام والقانون . ولا فرق بين أن تكون هذه الطائفة من المسلمين ، أو الذميين، أو المعاهدين أو الحربيين ، مادام ذلك في دار الإسلام ، وما دام عدوانها على كل محقون الدم ، قبل الحرابة من المسلمين والذميين .وكما تتحقق الحرابة بخروج جماعة من الجماعات ، فإنها تتحقق كذلك بخروج فرد من الافراد .فلو كان لفرد من الافراد فضل جبروت وبطش ، ومزيد قوة وقدرةيغلب بها الجماعة على النفس والمال والعرض ، فهو محارب وقاطع طريق .ويدخل في مفهوم الحرابة العصابات المختلفة ، كعصابة القتل ، وعصابة خطف الاطفال ، وعصابة اللصوص للسطو على البيوت ، والبنوك ، وعصابة خطف البنات والعذارى للفجور بهن ، وعصابة اغتيال الحكام ابتغاء الفتنة واضطراب الأمن، وعصابة إتلاف الزروع وقتل المواشي والدواب .( أنظر فقه السنة , سيد سابق , (2/464)

  4. #4

    افتراضي رد: الامام العثيمين-معالم في التعامل مع الفئة الضالة

    قال الشيخ محمد اسماعيل المقدم:


    الأوصاف التي تجمع وتربط الغلاة ببعضهم على مر الدهور والأزمان

    إن الناظر في الغلاة وفي الفرق الغالية يجد على مر العصور أن بينهم خصائص وأوصافاً معينة تجمعهم وتربطهم ببعضهم تكاد تطرد فيهم، وقد ذكر العلماء لهم أوصافاً إجمالية وتفصيلية. والمطرد هنا في كثير من فرق الغلاة وصفان يجمعانها، فكأن هذين الوصفين قاسم مشترك بين كل الفرق الغالية، وهذان الوصفان بينهما النبي عليه الصلاة والسلام في قصة الرجل الذي اعترض على قسمته صلى الله عليه وسلم وإعطائه صناديد نجد أكثر من غيرهم، وفي هذا الحديث (ثم أدبر الرجل فاستأذن رجل من القوم في قتله -ويرون أنه خالد بن الوليد رضي الله عنه- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من ضئضئ هذا قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) فوصفهم بوصفين، وهذا الوصفان مطردان غالباً في الفرق الضالة كلها.



    الوصف الأول: عدم فهم القرآن ورد السنة



    هؤلاء الغلاة الضالون قد يحتجون بآيات من القرآن، ولكن لا يفهمونها الفهم المناسب والفهم الصحيح. إذا: فالقرآن لا نستطيع أن نفصله عن البيان العملي، والسنة بمثابة المذكرة التفصيلية التي تشرح القرآن، فلا نستطيع أن نستقل بفهم القرآن دون الرجوع إلى السنة وإلى أهل اللغة وأهل العلم في ذلك، فإن أدلة القرآن كثيراً ما تكون أدلة عامة، فترى صاحب الهوى يستدل بها لإثبات باطله، ومن ثم قال بعض العلماء: وكم من فقيه خابط في ضلالة وحجته فيها الكتاب المنزل وليس معنى ذلك أن القرآن يؤيد الفرق الضالة، كلا، وإنما العيب فيهم؛ لأنهم أساءوا فهم القرآن ولم يحسنوا تفسيره على الفهم المستقيم. وهذان الوصفان الموجودان في هذا الحديث يجمعهما قول الله عز وجل في الإنسان: إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب:72] الظلم والجهل، فهذا هو الوصف المشترك بين جميع الفرق الضالة. فالسبب عدم فهمهم للقرآن، ولذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) أي: أنهم يأخذون أنفسهم بقراءة القرآن وإقرائه وهم لا يتفقهون فيه ولا يعرفون مقاصده. يقول النووي رحمه الله: المراد أنهم ليس لهم فيه حظ إلا مروره على لسانهم. أي: القرآن لا يصل إلى حلوقهم فضلاً عن أن يصل إلى قلوبهم؛ لأن المطلوب تعقله وتدبره بأن يقع ذلك في القلب، ومن ثم فعدم فهمهم لآيات القرآن يجعلهم يحملون آيات أنزلت في المشركين ويطبقونها على المسلمين، حتى قال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما في الخوارج: ( إنهم انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين ). ومن مظاهر عدم فهمهم للقرآن أنهم يتبعون متشابه القرآن ويعرضون عن المحكم، كاستشهاد الخوارج على إبطال التحكيم بقول الله تبارك وتعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [الأنعام:57] فالخوارج لما قبل علي رضي الله تعالى عنه مبدأ التحكيم قالوا: كفرت بالله، والله عز وجل يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [الأنعام:57] وأنت تحكم الرجال، فقال أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه: (نعم إن الحكم إلا لله كلمة حق أريد بها باطل) ولذلك لما تولى ابن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما مناظرتهم قال لهم ابن عباس في الرد على هذا الاستدلال: ألم يقل الله عز وجل: ……. فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا [النساء:35]؟ فها هو القرآن نفسه يشرع لنا عند وصول النزاع بين الرجل وامرأته إلى هذا الحد مبدأ التحكيم، فهل إصلاح حال امرأة مع زوجها أهم أم إصلاح حال الأمة؟. هذه أمة انقسمت وتقاتلت، ففي أيهما التحكيم يكون أولى، في إصلاح حال الأمة وهذا الذي رضي به علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما نادوا إلى تحكيم القرآن، أم في إصلاح حال الزوجين؟! وكذلك لو أن امرءً اصطاد صيداً وهو محرم كأرنب أو غير ذلك، فقد شرع القرآن الكريم في ذلك مبدأ التحكيم، وذلك في قوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة:95] كما هو معلوم، فهذا في دم أرنب، أفلا يكون التحكيم أولى في حقن دماء المسلمين؟! فهذا استدلال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقد رجع بسببه الآلاف لما سمعوا مناظرته القيمة معهم. قال الحافظ : وكان أول كلمة خرجوا بها قولهم: (لا حكم إلا لله)، انتزعوها من القرآن وحملوها على غير محملها، فأدى بهم هذا القصور في فهم القرآن إلى الخروج عن السنة، وجعل ما ليس بسيئة سيئة وما ليس بحسنة حسنة، فهم إنما يصدقون الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بلغه من القرآن دون ما شرعه من السنة التي تخالف بزعمهم ظاهر القرآن. ولذلك هذا الرجل الذي هو أساسهم وأصلهم ماذا حصل منه؟ لقد كان بداية ضلاله وشؤم ضلاله اعتراضه على حكم النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك تجد شؤم هذه المخالفة موجوداً في كل الخوارج تقريباً، تجدهم يستدلون بالقرآن ويستقلون بفهمه ويفصلونه عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم المبينة له، بزعم أن السنة تخالف ظاهر القرآن. فهذا فيما يتعلق بكلمة (جهولاً) أي: عدم فهمهم للقرآن الكريم وأثر الانحراف في هذا.


    الوصف الثاني: الظلم واستحلال دماء المسلمين



    الوصف الثاني هو الظلم، فهم يفترون على الله سبحانه وتعالى بالاستدلال بآياته في غير ما أنزلت له، ويظلمون خلق الله باستحلال حرماتهم عن طريق التكفير واستحلال الدماء، وقد ورد في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في وصفهم قال: (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) وهذا بناء على تكفير المسلمين الذي يكاد أن يكون وصفاً مشتركاً بين طوائف الابتداع والغلو. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: الفرق الثاني بين الخوارج وأهل البدع أنهم يكفرون بالذنب والسيئات، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار كفر ودارهم هي دار الإيمان. وكذلك يقول في جمهور الرافضة وجمهور المعتزلة والجهمية وطائفة من غلاة المنتسبة لأهل الحديث والفقه ومتكلميهم. فإذاً: استحلالهم دماء المسلمين ثمرة ونتيجة لغلوهم وابتداعهم؛ لأنهم يرون من ليس على طريقتهم خارجاً عن الدين حلال الدم، وهذا شأن كل صاحب بدعة، كما قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: محدثان أحدثا في الإسلام: رجل ذو رأي سوء زعم أن الجنة لمثل من رأى مثل رأيه، فسل سيفه وسفك دماء المسلمين، ومترف يعبد الدنيا لها يغضب وعليها يقاتل. ويقول أبو قلابة رحمه الله: ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف. وكان أيوب السختياني رحمه الله يسمي أصحاب البدع خوارج، ويقول: إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف. أي: اجتمعوا في الخروج على المسلمين. إذاً: فهؤلاء يجمعون بين الجهل بدين الله وبين ظلم عباد الله، فجهلهم بدين الله تعالى حيث يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، والظلم لعباد الله حيث يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، وهاتان طامتان عظيمتان. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: طريقة أهل البدع يجمعون بين الجهل والظلم، فيتبعون بدعة مخالفة للكتاب والسنة وإجماع الصحابة، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم، وينبني على هذا التكفير استحلال دماء المسلمين وقتل أهل الإسلام وترك أهل الأوثان. وهذا الأمر في الغالب، وليس مطرداً في كل الأحوال، ويمكن أن تضاف إلى هاتين الصفتين صفات أخرى -أيضاً- تتميز بها بعض فرق أهل البدع.

    -منقول (قص ولصق) من موقع:
    http://audio.islam***.net/audio/inde...audioid=162403

  5. #5

    افتراضي رد: الامام العثيمين-معالم في التعامل مع الفئة الضالة

    اقرأ شهادة الاخ يوسف الجزائري:

    فإن ما يحدث اليوم في بلادنا الإسلامية وغيرها من ذبح كالنعاج وتكفير وتفجير وقتل للأبرياء من المسلمين من رجال الأمن والمستأمنين أهل الذمة باسم الإسلام لهو الخـزي والعار بعينه ، بل إنه ظلم للعباد في أرض أمر الله فيها أن يُعبد بحكمه وشرعه وعدله .

    ومن المؤسف حقا أن تكون هذه الأيادي الملطخة بدم البشر واللاغية لحق من حقوق الشرع هي أيادٍ مسلمة ، بل من أبناء جلدتنا، فيهم من يدعي أنه طالب العلم وفيهم الحافظ لكتاب الله ، ومنهم المصلي الصائم ، ولكن صدق فيهم قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة ) .


    وما كان ذلك إلا نتيجة لبعض المناهج الدخيلة التي ليس لها حظ في الإسلام وليست من السنة في شيء ، غسلت أدمغة الكثير من شباب هذه الأمة الإسلامية ، واتخذت لنفسها مسلكا مغايراً مخالفاً لمنهج الكتاب والسنة زاعمين بذلك انهم على الحق وعلى بصيرة .

    فصار لزاما علينا بل وعلى كل مسلم في أي بلد كان الوقوف ضد هذا الفكر والجماعات التي تروجه ، وبيان ما تحويه كتبهم وأشرطتهم من ظلالات ، والبدء بالتوعية ونشر الإسلام الصحيح والسنة كما علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ومن كان بعدهم ، والعودة إلى العلماء الكبار في شتى المسائل صغيرة كانت أو كبيرة .

    و رأينا الكثير من المنتديات وكتابها يبحر كل منهم باتجاه محاولين التشويش على أفكار قراء ومرتادي هذه المواقع ، وبث الفرقة بين شعوب الدول الإسلامية بالتهكم على حكامها من جهة ومحاولة نشر أمور الدولة من جهة أخرى قاصدين بذلك إثارة البلبلة وبث الحماس في النفوس لمصالح وأغراض لا تخدم إلا أعداء الإسلام من الكفار وأصحاب هذه الأفكار الهدامة ومرضى العقول بزعمهم ( نريد خلافة إسلامية ) .

    و إن الدارس لحال الخوارج الأولين الذين كفرو الصحابة رضوان الله عليهم و قتلة عثمان ذو النورين رصي الله عنه يخلص في تقرير منهجهم وأصولهم وسماتهم العامة إلى الأصول والسمات التالية :

    1- التكفير بالمعاصي ( الكبائر ) وإلحاق أهلها ( المسلمين ) بالكفار في الأحكام والدار والمعاملة والقتال .

    2- الخروج على أئمة المسلمين اعتقاداً وعملاً – غالباً- أو أحدهما أحيانا .

    3- الخروج على جماعة المسلمين ومعاملتهم معاملة الكفار في الدار والأحكام , والبراء منهم وامتحانهم , واستحلال دمائهم .

    4- صرف نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى منازعة الأئمة والخروج عليهم وقتال المخالفين .

    5- كثرة القراء الجهلة فيهم والأعراب وأغلبهم كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم (حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام )

    ***********************

    6- ظهور سيما الصالحين عليهم وكثرة العبادة كالصلاة والصيام وأثر السجود وتشمير الثياب مسهمة وجوههم من السهر ويكثر فيهم الورع ( على غير فقه ) والصدق والزهد

    مع التشدد والتنطع في الدين كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم ( تحقرون صلاتكم عند صلاتهم )

    7- ضعف الفقه في الدين وقلة الحصيلة من العلم الشرعي كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم " يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم "

    8- ليس فيهم من الصحابة ولا الأئمة والعلماء وأهل الفقه في الدين أحد كما قال ابن عــباس " وليس فيكم منهم أحد " يعني الصحابة .

    9- الغرور والتعالم والتعالي على العلماء , حتى زعموا أنهم أعلم من علي وابن عباس وسائر الصحابة والتفوا على الأحداث الصغار والجهلة قليلي العلم من رؤوسهم .

    10- الخلل في منهج الاستدلال حيث أخذوا بآيات الوعيد وتركوا آيات الوعد واستدلوا بالآيات الواردة في الكفار وجعلوها في المخالفين لهم من المسلمين كما قال ابن عمر رضي الله عنهما " انطلقوا إلي آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين "

    ***********************

    11- الجهل بالسنة واقتصارهم على الاستدلال بالقرآن غالباً.

    12- سرعة التقلب واختلاف الرأي وتغييره ( عواطف بلا علم ولا فقه ) لذلك يكثر تنازعهم وافتراقهم فيما بينهم وإذا اختلفوا تفاصلوا وتقاتلوا

    13- التعجل في إطلاق الأحكام والمواقف من المخالفين ( سرعة إطلاق الحكم على المخالف بلا تثبت ).

    14- الحكم على القلوب واتهامها , ومنه الحكم باللوازم والظنون .

    15- القوة والخشونة والجلد والجفاء والغلظة في الأحكام والتعامل وفي القتال والجدال

    16- قصر النظر وضيق العطن وقلة الصبر واستعجال النتائج .

    17- يقتلون أهل الإسلام ويخاصمونهم ويدعون أهل الأوثان كما جاء وصفهم في الحديث .

    و قد سئل ابن العثييمين رحمه الله
    السؤال :
    ما ردكم على من يقول: إن عقيدة الخوارج كانت عقيدة سلفية وإنهم أي الخوارج سلفيون؟
    فقال رحمه الله :
    هذا قول باطل، وقد أبطله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الخوارج: ((تمرق مارقة على حين فرقة من أمتي يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم)) -أخرجه البخاري في كتاب المنافقين - وفي لفظ آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج: إنهم ((يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)) -أخرجه البخاري-

    وقد علم من عقيدتهم أنهم يكفرون العصاة من المسلمين، ويحكمون بخلودهم في النار؛ ولهذا قاتلوا علياً رضي الله عنه ومن معه من الصحابة وغيرهم، فقاتلهم علي وقتلهم يوم النهروان، رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين، والله الموفق. --إنتهى كلامه .

    و أنا أقول إتقوا الله في أنفسكم إقرؤا القران و السنة عودوا إلى منهج الحق منهج رسول الله صلى الله عليه و سلم
    و أخيرا أنا من الجزائر و منزلنا قريب من موقع الأنفجار في منطقة باب الزوار و الإنفجار و قع قرب محطة للمسافرين لذا كانت الحصيلة ثقيلة الضحايا كانو من الأبريان نسأل الله أن يجعلهم في جناته
    ألهم من أرادنا و المسلمين بسوء فأشغله في أمره و اجعل كيده في نحره أمين أمين أمين
    ولقد أطلت و السلام عليكم و رحمة الله
    منقول من موقع: http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=125585

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    الدولة
    الخلآفة الرآشدة ..
    المشاركات
    28

    افتراضي رد: الامام العثيمين-معالم في التعامل مع الفئة الضالة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرزاق الحيدر مشاهدة المشاركة
    اقرأ شهادة الاخ يوسف الجزائري:

    فإن ما يحدث اليوم في بلادنا الإسلامية وغيرها من ذبح كالنعاج وتكفير وتفجير وقتل للأبرياء من المسلمين من رجال الأمن والمستأمنين أهل الذمة باسم الإسلام لهو الخـزي والعار بعينه ، بل إنه ظلم للعباد في أرض أمر الله فيها أن يُعبد بحكمه وشرعه وعدله .

    ومن المؤسف حقا أن تكون هذه الأيادي الملطخة بدم البشر واللاغية لحق من حقوق الشرع هي أيادٍ مسلمة ، بل من أبناء جلدتنا، فيهم من يدعي أنه طالب العلم وفيهم الحافظ لكتاب الله ، ومنهم المصلي الصائم ، ولكن صدق فيهم قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة ) .


    وما كان ذلك إلا نتيجة لبعض المناهج الدخيلة التي ليس لها حظ في الإسلام وليست من السنة في شيء ، غسلت أدمغة الكثير من شباب هذه الأمة الإسلامية ، واتخذت لنفسها مسلكا مغايراً مخالفاً لمنهج الكتاب والسنة زاعمين بذلك انهم على الحق وعلى بصيرة .

    فصار لزاما علينا بل وعلى كل مسلم في أي بلد كان الوقوف ضد هذا الفكر والجماعات التي تروجه ، وبيان ما تحويه كتبهم وأشرطتهم من ظلالات ، والبدء بالتوعية ونشر الإسلام الصحيح والسنة كما علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ومن كان بعدهم ، والعودة إلى العلماء الكبار في شتى المسائل صغيرة كانت أو كبيرة .

    و رأينا الكثير من المنتديات وكتابها يبحر كل منهم باتجاه محاولين التشويش على أفكار قراء ومرتادي هذه المواقع ، وبث الفرقة بين شعوب الدول الإسلامية بالتهكم على حكامها من جهة ومحاولة نشر أمور الدولة من جهة أخرى قاصدين بذلك إثارة البلبلة وبث الحماس في النفوس لمصالح وأغراض لا تخدم إلا أعداء الإسلام من الكفار وأصحاب هذه الأفكار الهدامة ومرضى العقول بزعمهم ( نريد خلافة إسلامية ) .

    و إن الدارس لحال الخوارج الأولين الذين كفرو الصحابة رضوان الله عليهم و قتلة عثمان ذو النورين رصي الله عنه يخلص في تقرير منهجهم وأصولهم وسماتهم العامة إلى الأصول والسمات التالية :

    1- التكفير بالمعاصي ( الكبائر ) وإلحاق أهلها ( المسلمين ) بالكفار في الأحكام والدار والمعاملة والقتال .

    2- الخروج على أئمة المسلمين اعتقاداً وعملاً – غالباً- أو أحدهما أحيانا .

    3- الخروج على جماعة المسلمين ومعاملتهم معاملة الكفار في الدار والأحكام , والبراء منهم وامتحانهم , واستحلال دمائهم .

    4- صرف نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى منازعة الأئمة والخروج عليهم وقتال المخالفين .

    5- كثرة القراء الجهلة فيهم والأعراب وأغلبهم كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم (حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام )

    ***********************

    6- ظهور سيما الصالحين عليهم وكثرة العبادة كالصلاة والصيام وأثر السجود وتشمير الثياب مسهمة وجوههم من السهر ويكثر فيهم الورع ( على غير فقه ) والصدق والزهد

    مع التشدد والتنطع في الدين كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم ( تحقرون صلاتكم عند صلاتهم )

    7- ضعف الفقه في الدين وقلة الحصيلة من العلم الشرعي كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم " يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم "

    8- ليس فيهم من الصحابة ولا الأئمة والعلماء وأهل الفقه في الدين أحد كما قال ابن عــباس " وليس فيكم منهم أحد " يعني الصحابة .

    9- الغرور والتعالم والتعالي على العلماء , حتى زعموا أنهم أعلم من علي وابن عباس وسائر الصحابة والتفوا على الأحداث الصغار والجهلة قليلي العلم من رؤوسهم .

    10- الخلل في منهج الاستدلال حيث أخذوا بآيات الوعيد وتركوا آيات الوعد واستدلوا بالآيات الواردة في الكفار وجعلوها في المخالفين لهم من المسلمين كما قال ابن عمر رضي الله عنهما " انطلقوا إلي آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين "

    ***********************

    11- الجهل بالسنة واقتصارهم على الاستدلال بالقرآن غالباً.

    12- سرعة التقلب واختلاف الرأي وتغييره ( عواطف بلا علم ولا فقه ) لذلك يكثر تنازعهم وافتراقهم فيما بينهم وإذا اختلفوا تفاصلوا وتقاتلوا

    13- التعجل في إطلاق الأحكام والمواقف من المخالفين ( سرعة إطلاق الحكم على المخالف بلا تثبت ).

    14- الحكم على القلوب واتهامها , ومنه الحكم باللوازم والظنون .

    15- القوة والخشونة والجلد والجفاء والغلظة في الأحكام والتعامل وفي القتال والجدال

    16- قصر النظر وضيق العطن وقلة الصبر واستعجال النتائج .

    17- يقتلون أهل الإسلام ويخاصمونهم ويدعون أهل الأوثان كما جاء وصفهم في الحديث .

    و قد سئل ابن العثييمين رحمه الله
    السؤال :
    ما ردكم على من يقول: إن عقيدة الخوارج كانت عقيدة سلفية وإنهم أي الخوارج سلفيون؟
    فقال رحمه الله :
    هذا قول باطل، وقد أبطله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الخوارج: ((تمرق مارقة على حين فرقة من أمتي يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم)) -أخرجه البخاري في كتاب المنافقين - وفي لفظ آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج: إنهم ((يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)) -أخرجه البخاري-

    وقد علم من عقيدتهم أنهم يكفرون العصاة من المسلمين، ويحكمون بخلودهم في النار؛ ولهذا قاتلوا علياً رضي الله عنه ومن معه من الصحابة وغيرهم، فقاتلهم علي وقتلهم يوم النهروان، رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين، والله الموفق. --إنتهى كلامه .

    و أنا أقول إتقوا الله في أنفسكم إقرؤا القران و السنة عودوا إلى منهج الحق منهج رسول الله صلى الله عليه و سلم
    و أخيرا أنا من الجزائر و منزلنا قريب من موقع الأنفجار في منطقة باب الزوار و الإنفجار و قع قرب محطة للمسافرين لذا كانت الحصيلة ثقيلة الضحايا كانو من الأبريان نسأل الله أن يجعلهم في جناته
    ألهم من أرادنا و المسلمين بسوء فأشغله في أمره و اجعل كيده في نحره أمين أمين أمين
    ولقد أطلت و السلام عليكم و رحمة الله
    منقول من موقع: http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=125585
    ساقابلك انت وهذا المتعالم والعالم بالقرآن و السنة يوم القيامة .. وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب سينقلبون ..
    شهادات الزور والتسمي باهل التفكير والغلو والخروج عن السلاطين ..
    ومن اين نقلتها نقلتها من باب الحوارات والتشيع وووو ..
    انَ لكم الفوز يا من طلبتم العلم لارضاء السلاطين .. وللشهرة والتعالم والتفقه ..
    لكن حسبنا الله عليكم ولقائنا عند الله سبحانه .. وسنرى من اهل الحق م ناهل الضلال والزيغ ..
    وساقولها مدوية لك ولاسيادك ممن ترجون رض السلاطين على رضا الله من اهل الارجاء و الخيانة ..
    نحن خوارج لاننا خرجنا على سلاطين الردة و الكفر البواح ..
    نحن بغاة لاننا طغينا على الكفار لكي نعلمهم من اهل الاسلام .. ان الاسلام دين وسط ودين قوة فلا نامت اعين الجبناء ..
    واسمعها جيدا .. نحن نكفر السلاطين واربابهم .. لاننا لسنا اهل خور وضعف وجبن وكسل ..
    هذه هي العقيدة فاما نكون او لا نكون .. المشكلة ان كفرهم واضح ولا ادري من اين يتخيل هؤلاء اسلامهم المزعوم ..
    والله لو كانوا ولاة امور مسلمين عدول لكنا جيوشهم القاهرة للكفار .. ولكن كاناو عكسذ لك فاسال الله ان يحشرهم مع امريكا واليهود ومن كان في صفهم او رضي بهم او دافع عنهم ..
    قال شيخ الإسلام رحمه الله:
    ( فمن ترك القتال الذي أمر الله به لئلا تكون فتنة فهو في الفتنة ساقط بما وقع فيه من ريب قلبه ومرض فؤاده، وتركه ما أمر الله به من الجهاد) [مجموعة الفتاوى (14/361)]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •