من طرائف الشيخ البواردي رحمه الله:
كان الشيخ محمد بن إبراهيم البواردي (ت1404) رحمه الله من أهل العلم الذين تولوا القضاء، وكان أديبا شاعراً مشهوراً بسرعة البديهة والنكتة الحاضرة، وله قصص وأخبار طريفة.
وكان إذا اجتمع من المشايخ الكبار يكون صدر المجلس بأخباره وحديثه رحمه الله.
وجمع كثيرا من أخباره وقصصه أحمد بن زيد الدعجاني في رسالة خاصة، وقابلت في أبها بصحبة شيخنا ابن قاسم أحد كبار السن من أعيان آل اليحيى -من نفس بلد البواردي: شقراء- (غاب اسمه الأول عني الآن)، فقال لنا: أحفظ جميع أخبار البواردي، وروى لنا مجموعة منها.
من ذلك قال: كان الشيخ البواردي في مجلس كبير أظنه قال: في الشرقية، وكان فيه ضابط (سماه) برتبة فريق، فأراد الفريق أن يُحرج الشيخ فسأله أمام الجمع: هل صحيح أنه قاض في الجنة وقاضيان في النار؟ -والشيخ البواردي قاض- فأجابه على البديهة: صحيح، كما أنه (فريق في الجنة وفريق في السعير)! فقلب ضحك الحضور عليه.
* وأخبرنا شيخنا عبد الله بن عقيل حفظه الله أنه لما كان في قضاء الرياض بين سنتي 1366-1370 لم تكن هناك رواتب مخصصة لهم، بل أعطيات وأرزاق مقطوعة، شيء باسم قهوة، وشيء باسم كسوة، وشيء باسم بروة، وشيء باسم شرهة، وغير ذلك، فلما رتبوا الرواتب الشهرية قطعوا ما كان مقررا في السابق، فأنشد الشيخ محمد البواردي في ذلك:
قَطَعونا من أَرْبَعِ النَبَحاتِ - - - ليت شعري ماذا الذي هو آتي
والمراد بالنبحات: الكلمات التي آخر كل منها كأنه نباح الكلب، وذلك: قهوة، كسوة، شرهة، بروة.
* وحدثني شيخنا ابن قاسم: زرنا الشيخ البواردي قبل وفاته، وحدثنا بحكاية حصلت له، وهي أنه راجَعَ وزارة الأوقاف في معاملة له، ولم يعرفه أحدٌ فيها، فتأخرت أوراقه، وبقي وقتاً لا أحد ينجز معاملته، فقال وهو جالس:
لقد أُصيبتْ بداء السٍّلِّ أوراقي - - - أما فيكم يا معشر القوم مِن راقي؟
فسمعه أحد الموظفين، فأخذ منه أوراقه، وأنجز المعاملة.
قال شيخنا: والعجيب أن هذا الشيخ كان يسكن في شارع الخزان، ثم بنى بيتاً جديداً في حي الربوة، فانتقل إليه، وما سكنه إلا أربعة أيام حتى انتقل إلى رحمة الله.