تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    ما مدى صحة اشتراط الشاطبي بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة ؟؟


    قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات 5/52 :
    "وأما الثاني من المطالب: وهو فرض علم تتوقف صحة الاجتهاد عليه، فإن كان ثم علم لا يحصل الاجتهاد في الشريعة إلا بالاجتهاد فيه، فهو لا بد مضطر إليه؛ لأنه إذا فرض كذلك لم يمكن في العادة الوصول إلى درجة الاجتهاد دونه، فلا بد من تحصيله على تمامه، وهو ظاهر، إلا أن هذا العلم مبهم في الجملة فيسأل عن تعيينه.
    والأقرب في العلوم إلى أن يكون هكذا علم اللغة العربية، ولا أعني بذلك النحو وحده، ولا التصريف وحده، ولا اللغة، ولا علم المعاني، ولا غير ذلك من أنواع العلوم المتعلقة باللسان، بل المراد جملة علم اللسان ألفاظ أو معاني كيف تصورت، ما عدا الغريب، والتصريف المسمى بالفعل، وما يتعلق بالشعر من حيث هو الشعر كالعروض والقافية، فإن هذا غير مفتقر إليه هنا، وإن كان العلم به كمالًا في العلم بالعربية
    وبيان تعين هذا العلم ما تقدم في كتاب المقاصد من أن الشريعة عربية، وإذا كانت عربية؛ فلا يفهمها حق الفهم إلا من فهم اللغة العربية حق الفهم؛ لأنهما سيان في النمط ما عدا وجوه الإعجاز، فإذا فرضنا مبتدئًا في فهم العربية فهو مبتدئ في فهم الشريعة، أو متوسطا؛ فهو متوسط في فهم الشريعة والمتوسط لم يبلغ درجة النهاية، فإن انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة؛ فكان فهمه فيها حجة كما كان فهم الصحابة وغيرهم من الفصحاء الذين فهموا القرآن حجة، فمن لم يبلغ شأوهم؛ فقد نقصه من فهم الشريعة بمقدار التقصير عنهم، وكل من قصر فهمه لم يعد حجة، ولا كان قوله فيها مقبولًا.
    فلا بد من أن يبلغ في العربية مبلغ الأئمة فيها؛ كالخليل، وسيبويه، والأخفش، والجرمي، والمازني ومن سواهم
    وقد قال الجرمي: "أنا منذ ثلاثين سنة أفتي الناس في الفقه من كتاب سيبويه"
    وفسروا ذلك بعد الاعتراف به بأنه كان صاحب حديث، وكتاب سيبويه يتعلم منه النظر والتفتيش، والمراد بذلك أن سيبويه وإن تكلم في النحو، فقد نبه في كلامه على مقاصد العرب، وأنحاء تصرفاتها في ألفاظها ومعانيها، ولم يقتصر فيه على بيان أن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب ونحو ذلك، بل هو يبين في كل باب ما يليق به، حتى إنه احتوى على علم المعاني والبيان ووجوه تصرفات الألفاظ والمعاني، ومن هنالك كان الجرمي على ما قال، وهو كلام يروى عنه في صدر "كتاب سيبويه" من غير إنكار.
    ولا يقال: إن الأصوليين قد نفوا هذه المبالغة في فهم العربية؛ فقالوا: ليس على الأصولي أن يبلغ في العربية مبلغ الخليل وسيبويه وأبي عبيدة والأصمعي، الباحثين عن دقائق الإعراب ومشكلات اللغة، وإنما يكفيه أن يحصل منها ما تتيسر به معرفة ما يتعلق بالأحكام بالكتاب والسنة.
    لأنا نقول: هذا غير ما تقدم تقريره، وقد قال الغزالي في هذا الشرط: "إنه القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال، حتى يميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله، وحقيقته ومجازه، وعامه وخاصه، ومحكمه ومتشابهه، ومطلقه، ونصه وفحواه ولحنه ومفهمومه".
    وهذا الذي اشترط لا يحصل إلا لمن بلغ في اللغة العربية درجة الاجتهاد، ثم قال: "والتخفيف فيه أنه لا يشترط أن يبلغ مبلغ الخليل والمبرد، وأن يعلم جميع اللغة ويتعمق في النحو".
    وهذا أيضًا صحيح، فالذي نفي اللزوم فيه ليس هو المقصود في الاشتراط، وإنما المقصود تحرير الفهم حتى يضاهي العربي في ذلك المقدار، وليس من شرط العربي أن يعرف جميع اللغة ولا أن يستعمل الدقائق، فكذلك المجتهد في العربية، فكذلك المجتهد في الشريعة، وربما يفهم بعض الناس أنه لا يشترط أن يبلغ مبلغ الخليل وسيبويه في الاجتهاد في العربية، فيبني في العربية على التقليد المحض، فيأتي في الكلام على مسائل الشرعية بما السكوت أولى به منه، وإن كان ممن تعقد عليه الخناصر جلالة في الدين، وعلمًا في الأئمة المهتدين.
    وقد أشار الشافعي في "رسالته" إلى هذا المعنى، وأن الله خاطب العرب بكتابه بلسانها على ما تعرف من معانيها، ثم ذكر مما يعرف من معانيها اتساع لسانها وأن تخاطب بالعام مرادًا به ظاهره، وبالعام يراد به العام ويدخله الخصوص، ويستدل على ذلك ببعض ما يدخله في الكلام، وبالعام يراد به الخاص، ويعرف بالسياق، وبالكلام ينبئ أوله عن آخره، وآخره عن أوله، وأن تتكلم بالشيء تعرفه بالمعنى دون اللفظ كما تعرف بالإشارة وتسمي الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة، والمعاني الكثيرة بالاسم الواحد، ثم قال: "فمن جهل هذا من لسانها- وبلسانها نزل الكتاب وجاءت به السنة؛ فتكلف القول في علمها تكلف ما يجهل بعضه، ومن تكلف ما جهل وما لم تثبته معرفته؛ كانت موافقته للصواب وإن وافقه من حيث لا يعرف غير محمودة، وكان بخطئه غير معذور، إذا نطق فيما لا يحيط علمه بالفرق بين الصواب والخطأ فيه".
    هذا قوله، وهو الحق الذي لا محيص عنه، وغالب ما صنف في أصول الفقه من الفنون إنما هو المطالب العربية التي تكفل المجتهد فيها بالجواب عنها، وما سواها من المقدمات؛ فقد يكفي فيه التقليد، كالكلام في الأحكام تصورًا وتصديقًا؛ كأحكام النسخ، وأحكام الحديث، وما أشبه ذلك.
    فالحاصل أنه لا غنى للمجتهد في الشريعة عن بلوغ درجة الاجتهاد في كلام العرب، بحيث يصير فهم خطابها له وصفا غير متكلف ولا متوقف فيه في الغالب إلا بمقدار توقف الفطن لكلام اللبيب."ا.هـ


    وقال في الاعتصام 2/297:
    فإذا ثبت هذا _أي سعة لسان العرب وأن القرآن نزل به _ فعلى الناظر في الشريعة والمتكلم فيها أصولا وفروعا أمران:
    أحدهما : أن لا يتكلم في شيء من ذلك حتى يكون عربيا أو كالعربي في كونه عارفا بلسان العرب بالغا فيه مبالغ العرب أو مبالغ الأئمة المتقدمين كالخليل وسيبويه والكسائي والفراء ومن أشبههم وداناهم وليس المراد أن يكون حافظا كحفظهم وجامعا كجمعهم وإنما المراد أن تصير فهمه عربيا في الجملة وبذلك امتاز المتقدمون من علماء العربية على المتأخرين إذ بهذا المعنى أخذوا أنفسهم حتى صاروا أئمة فإن لم يبلغ ذلك فحسبه في فهم معاني القرآن التقليد ولا يحسن ظنه بفهمه دون أن يسأل فيه أهل العلم به
    قال الشافعي لما قرر معنى ما تقدم : فمن جهل هذا من لسانها يعني لسان العرب ـ وبلسانها نزل القرآن وجاءت السنة به ـ فتكلف القول في علمها تكلف ما يجهل لفظه ومن تكلف ما جهل وما لم يثبته معرفة كانت موافقته للصواب ـ إن وافقه ـ من حيث لا يعرفه غير محمودة وكان في تخطئته غير معذور إذ نظر فيما لا يحيط علمه بالفرق بين الصواب والخطأ فيه .
    وما قاله حق فإن القول في القرآن والسنة بغير علم تكلف ـ وقد نهينا عن التكلف ـ ودخول تحت معنى الحديث حيث قال عليه الصلاة و السلام :
    "حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا " الحديث .
    لأنهم إذا لم يكن لهم لسان عربي يرجعون إليه في كتاب الله وسنة نبيه رجع الأعجمي إلى فهمه وعقله المجرد عن التمسك بدليل يضل عن الجادة
    وقد خرج ابن وهب عن الحسن أنه قيل له : أرأيت الرجل يتعلم العربية ليقيم بها لسانه ويصلح بها منطقه ؟ قال: نعم فليتعلمها فإن الرجل يقرأ فيعيا بوجهها فيهلك
    وعن الحسن قال : أهلكتهم العجمة يتأولون على غير تأويله ".ا.هـ


    والكلام عليه من وجوه:
    الأول: نفي تفرد الشاطبي بذلك.
    الثاني: تقرير برهانه وبيان صحته.
    الثالث: ذكر ما يشكل عليه ودفع ما يمكن دفعه.


    أما الأول والثاني:
    فالشاطبي رحمه الله لا يرى منافاة بين كلامه وكلام الأصوليين
    فهو رحمه الله وصف المقدار المطلوب لفهم كلام العرب وخطابها وهو الذي اشترطه الأصوليون
    ووصفُ هذا المقدار عنده هو أن يُصيِّر فهمَ الحامل له مضاه لفهم العربي والصحابة رضوان الله عليهم وأهل الفصاحة لخطاب الشارع
    فيلزم المجتهد معرفة مقاصد العرب، وأنحاء تصرفاتها في ألفاظها ومعانيها، ولا يقتصر على معرفة أن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب ونحو ذلك.
    كذلك ليس المقصود معرفة أن معنى (عزين) جماعات متفرقة وأن معنى (الخزيرة) دقيق يخلط بشحم ويطبخ فقط
    وإنما المراد ما نبه عليه الشافعي رحمه الله من نحو معرفة العام الذي يراد به الخاص ويعرف من السياق وغير ذلك من أنحاء تصرفاتهم في كلامهم مما تقدم بعضه في كلام الشافعي المنقول من الرسالة
    لأن العرب الذين نزل عليهم القرآن لا تعتبر ألفاظها كل الاعتبار إلا من جهة ما تؤدي المعاني المركبة
    ولا يصح أن يقال: إن التمكن في التفقه في الألفاظ والعبارات وسيلة إلى التفقه في المعاني بإجماع العلماء كما نبه عليه الشاطبي في أكثر من موضع
    ولذلك كان الصواب عدم إمكان ترجمة القرآن إلا من جهة كون اللغة ألفاظا وعبارات مطلقة، دالة على معان مطلقة لا من جهة كونها ألفاظا وعبارات مقيدة دالة على معان خادمة.

    ولا يمكن الوصول إلى هذه الدرجة إلى لمن بلغ رتبة الاجتهاد في هذا العلم

    بمعنى آخر :
    الغاية المنشودة من اشتراط تعلم هذا العلم للمجتهد هي معرفة مقاصد العرب من خطابها بحيث يكون فهمه لها كفهم العربي والصحابي رضي الله عنهم
    فلما كانت أحكام الشريعة موضوعة لتحقيق مقاصد الشارع
    صح اشتراط معرفة مقاصد الشريعة للمجتهد
    ولما كانت معرفة هذه المقاصد شرط في المجتهد فلا يوثق بفهمه للنصوص إلا بعد معرفتها
    وكانت هذه المعرفة لا تحصل إلا ببلوغ درجة الاجتهاد في هذه الأحكام
    وكان خطاب الشارع موضوع على مقاصد العرب من خطابها وما تعرفه من معاني لسانها وأنحائه
    وكانت قد نزلت على المعهود من لسان الأميين من العرب
    صح اشتراط معرفة مقاصد العربية للمجتهد
    ولما كانت معرفة مقاصد العرب من خطابها لا تتأتى إلا بالاجتهاد في هذه اللغة
    كان اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في لغة العرب للمجتهد في الشرع وجيها صحيحا

    بمعنى آخر:
    خلاصة ما يدندن حوله الشاطبي هو تحرير الفهم
    فمن لم يكن فهمه حجة للنصوص وكلام العرب كيف يوثق بفهمه
    وما هو السبيل إلى أن يكون فهم المجتهد حجة للنصوص الشرعية يا شاطبي ؟
    الجواب: بلوغ درجة الاجتهاد في علم العربية


    وأما الثالث:
    فإنه يشكل عليه أنه يلزم من اشتراطه انعدام وجود مجتهد واللازم باطل فالملزوم مثله
    ويجاب عنه بأنه لا يلزم منه الانعدام بل يلزم منه الندرة ولا مانع من وقوع الثاني عقلا وشرعا

    ويشكل عليه أن يكون أهل اللغة أحق بوصف المجتهد في الشرع من غيرهم وليس الأمر كذلك
    ويجاب عنه بأن شرطي المجتهد:
    العلم بمقاصد الشارع
    ومقاصد العرب
    وبلوغ درجة الاجتهاد لا تتحقق إلا بالشرطين معا لا بكل واحد منهما على الانفراد

    ويشكل عليه انعدام وجود المجتهد في اللغة الذي بلغ فهمه فهم العربي منذ عصور فكيف لمن يطلب هذه الدرجة أن يبلغها بلا تعلمها على يد من وصل إليها
    ويمكن أن يسلك في الجواب عنه مسلكان:
    الأول البحث عمن بلغ هذه المرتبة فيبطل الاعتراض.
    الثاني أن يقال لقد ذلل لنا أئمة اللغة الطريق إلى ذلك في المصنفات فبلوغ هذه الدرجة من هذه الطريق ممكن.

    ويشكل عليه شهادة بعض العلماء بالاجتهاد لعلماء لم يتحقق فيهم هذا الشرط
    ويجاب عنه بأنه لا إلزام إلا إذا اتفقوا على هذه الشهادة
    أو لاحتمال اعتقادهم أنه بلغ هذه الدرجة فيكون الاعتراض في غير محل النزاع

    ويشكل عليه انعدام وجود المجتهد في اللغة الذي بلغ فهمه فهم العربي منذ عصور وهو مخالف لما تقرر في الأصول من بطلان خلو العصر من مجتهد
    ويجاب عنه أن في المسألة خلاف والجمهور على خلاف هذا القول بل حكي الإجماع على انعدامه من المئة الرابعة
    وإذا كان ذلك كذلك بطل الاعتراض لأن المعترض عليه لا يسلم بصحة ما اعترض عليه أصلا فكيف يعترض عليه بأصل هو لا يثبته.

    ويشكل عليه أن الثلاثة دون الشافعي لم يتحقق فيهم هذا الشرط وقد اتفقوا على بلوغهم درجة الاجتهاد في الشرع

    ويشكل عليه أنه يمكن الاطلاع على مقاصد العربية دون الاجتهاد فيها كما جوزته في باقي العلوم الخادمة إذ قلت : ((الموافقات (5/44)):
    "لكن هذه المعارف تارة يكون الإنسان عالمًا بها مجتهدًا فيها.
    وتارة يكون حافظًا لها متمكنًا من الاطلاع على مقاصدها غير بالغ رتبة الاجتهاد فيها.
    وتارة يكون غير حافظ ولا عارف إلا أنه عالم بغايتها وأن له افتقارًا إليها في مسألته التي يجتهد فيها فهو بحيث إذا عنت له مسألة ينظر فيها زاول أهل المعرفة بتلك المعارف المتعلقة بمسألته؛ فلا يقضي فيها إلا بمشورتهم، وليس بعد هذه المراتب الثلاث مرتبة يعتد بها في نيل المعارف المذكورة.
    فإن كان مجتهدا فيها كما كان مالك في علم الحديث، والشافعي في علم الأصول؛ فلا إشكال، وإن كان متمكنا من الاطلاع على مقاصدها كما قالوا في الشافعي وأبي حنيفة في علم الحديث؛ فكذلك أيضا لا إشكال في صحة اجتهاده، وإن كان القسم الثالث؛ فإن تهيأ له الاجتهاد في استنباط الأحكام مع كون المجتهد في تلك المعارف كذلك فكالثاني وإلا فكالعدم."
    وقد قرر الشاطبي عدم اشتراط أن يكون المجتهد في الشرع مجتهدا في كل علم يتعلق به الاجتهاد على الجملة
    إلا أنه يستثني من ذلك علم العربية والله أعلم.
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    تذييلات :

    من زعم أن أهل الأصول ذكروا في كتبهم القواعد والضوابط لفهم كلام العرب ومقاصدها من خطابها واستعمالاتها التي تغني طالب الاجتهاد في الشرع عن الاجتهاد في علم العربية فقد أبعد وما أصاب
    وذلك أن الوصول إلى معرفة مقاصد الشارع من وضعه للأحكام لا يكون إلا بالاجتهاد في تعلمها فردا فردا فيكون ما فاته منها أقل مما عرفه ولا يتأتى ذلك بمعرفة ما ذكره أهل الأصول من قواعد وضوابط فقط
    فكذلك لا يمكن معرفة مقاصد العرب من خطابها وما تعرفه من استعمالها للألفاظ والمعاني إلا بما وصفنا في علم الشريعة ومقاصدها

    وذلك هو العلم الموروث من جملة معلومات متفرقة اكتسبه العارف بمقاصد العلمين مع الأيام والليالي.



    للشاطبي كلام متفرق يخدم ما نحن فيه فمنه :
    ذكر الشاطبي أن من فوائد كون الشريعة نزلت على الأميين العرب:
    أنه لا بد في فهم الشريعة من اتباع معهود الأميين، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، فإن كان للعرب في لسانهم عرف مستمر، فلا يصح العدول عنه في فهم الشريعة، وإن لم يكن ثم عرف، فلا يصح أن يجرى في فهمها على ما لا تعرفه.
    وهذا جارٍ في المعاني والألفاظ والأساليب، مثال ذلك أن معهود العرب أن لا ترى الألفاظ تعبدا عند محافظتها على المعاني، وإن كانت تراعيها أيضا، فليس أحد الأمرين عندها بملتزم، بل قد تبنى على أحدهما مرة، وعلى الآخر أخرى، ولا يكون ذلك قادحا في صحة كلامها واستقامته.
    والدليل على ذلك أشياء:ألخ..

    وقال أيضا : فإن القرآن والسنة لما كانا عربيين لم يكن لينظر فيهما إلا عربي، كما أن من لم يعرف مقاصدهما لم يحل له أن يتكلم فيهما؛ إذًا لا يصح له نظر حتى يكون عالمًا بهما، فإنه إذا كان كذلك؛ لم يختلف عليه شيء من الشريعة.
    ولذلك مثال يتبين به المقصود، وهو أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس فقال له:...ثم ذكر نفي ابن عباس التناقض عن كلام الله الذي توهمه نافع

    وبالجملة لا بد من تدقيق النظر في كلام الشاطبي رحمه الله وتتبعه حول معرفة مقاصد العرب من خطابها وبيانه لبعضها في كتابه الموافقات فلا أحسبه إلا تقصد ذلك كما تقصده في الركن الأول الذي وضع كتابه لشرحه وهو معرفة مقاصد الشارع
    أنظر مثلا 4/261 و2/105 و2/138 وما بعدها.


    الشاطبي يقرر أن الاجتهاد إن تعلق بالاستنباط من النصوص، فلا بد من اشتراط العلم بالعربية، وإن تعلق بالمعاني من المصالح والمفاسد مجردة عن اقتضاء النصوص لها أو مسلَّمة من صاحب الاجتهاد في النصوص، فلا يلزم في ذلك العلم بالعربية، وإنما يلزم العلم بمقاصد الشرع من الشريعة جملة وتفصيلا خاصة. الموافقات (5/124)
    وبذلك لا يكون لأهل البدع حجة فيما فهموا من النصوص بما تقتضيه اللغة فقط.

    ومع بلوغه درجة الاجتهاد فلا بد له من يسأل أهل العربية ويرجع إليهم لأنه لا يحيط بلسان العرب إلا نبي
    قال الشاطبي في الاعتصام 2/299:
    والأمر الثاني : أنه إذا أشكل عليه في الكتاب أو في السنة لفظ أو معنى فلا يقدم على القول فيه دون أن يستظهر بغيره ممن له علم بالعربية فقد يكون إماما فيها ولكنه يخفى عليه الأمر في بعض الأوقات فالأولى في حقه الاحتياط إذ قد يذهب على العربي المحض بعض المعاني الخاصة حتى يسأل عنها وقد نقل شيء من هذا عن الصحابة ـ وهم العرب ـ فكيف بغيرهم
    نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها أي أنا ابتدأتها

    وفيما يروى عن عمر رضي الله عنه أنه سأل وهو على المنبر عن معنى قوله تعالى :" أو يأخذهم على تخوف " فأخبره رجل من هذيل أن التخوف عندهم هو التنقص وأشباه ذلك كثيرة
    ثم ذكر كلام الشافعي في سعة لسان العرب ثم قال:
    هذا ما قال ولا يخالف فيه أحد فإذا كان الأمر على هذا لزم كل من أراد أن ينظر في الكتاب والسنة أن يتعلم الكلام الذي به أديت وأن لا يحسن ظنه بنفسه قبل الشهادة له من أهل علم العربية بأنه يستحق النظر وأن لا يستقل بنفسه في المسائل المشكلة التي لم يحط بها علمه دون أن يسأل عنها من هو من أهلها فإن ثبت على هذه الوصاة كان ـ إن شاء لله ـ موافقا لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه الكرام.


    بعد بلوغه درجة الاجتهاد يكون الواجب عليه في هذا المقام إجراء الفهم في الشريعة على وزان الاشتراك الجمهوري الذي يسع الأميين كما يسع غيرهم.
    فلا يتكلف فيه فوق ما يقدرون عليه بحسب الألفاظ والمعاني.المواف ات 2/138وما قبلها.



    كنت قبل مدة أعمل الفكر في تعمق الشافعي في لغة العرب وما يروى عنه أنه أقام في علم العربية وأيام الناس عشرين سنة فقيل له في ذلك فقال ما أردت به إلا الاستعانة على الفقه.
    وكنت أتساءل عن سبب تخصيصه هذه المدة الطويلة لتعلم هذا العلم من علوم الآلة وأقارن حاله مع حال طلبة العلم اليوم
    فلما فهمت كلام الشاطبي هذا وما ذكره عن الشافعي في الرسالة علمت سر ما كنت أسأل عنه وكنهه
    وتعجبت من غفلة عامة الطلبة عن ذلك

    تعبير بعض الأصوليين عن هذا الشرط في كتاب الاجتهاد بقولهم:
    " يكفيه منها معرفة ما يتعلق بنصوص الكتاب والسنة"خطأ
    لأنه لا يرمي إلى المعنى الذي أراده الشافعي والغزالي والشاطبي

    ومن هنا يعلم خطأ من اكتفى في تحقيق هذا الشرط في المجتهد بأن يحفظ مختصرا معينا أو معرفة ما في كتاب معين كأبي محمد ابن حزم مثلا عندما اكتفى في تحقيق هذا الشرط بمعرفة ما في كتاب الجمل للزجاجي فقط كما نقله عنه الزركشي في البحر وكلام ابن حزم في التقريب محتمل
    قال الشوكاني إرشاد الفحول 2/ 209: " ومن جعل المقدار المحتاج إليه من هذه الفنون هو معرفة "مختصر من"** ختصراتها، أو كتاب متوسط من المؤلفات الموضوعة فيها، فقد أبعد، بل الاستكثار من الممارسة لها، والتوسع في الاطلاع على مطولاتها مما يزيد المجتهد قوة في البحث، وبصرًا في الاستخراج، وبصيرة في حصول مطلوبه".

    وبذلك يعلم أن أهم علوم الآلات أو الوسائل هو علم العربية
    فتقديم بعض الطلبة علم المصطلح وغيره من علوم الآلات عليه من تقديم المهم على الأهم
    واهتمام جمهورهم بذلك على حساب التعمق في هذا العلم من باب الاشتغال بالمفضول عن الفاضل والله أعلم



    قول الشاطبي: وبذلك امتاز المتقدمون من علماء العربية على المتأخرين، أي لأنهم أفهم لمقاصد العرب منهم.
    فيه فضل علم الصحابة على غيرهم
    وفضل علم المتقدمين على المتأخرين وأن ابن مالك مثلا ليس بأعلم من سيبويه والكسائي ونحوهم
    وفيه تقديم فهم الصحابي ومن قرب من ذلك العهد للنصوص على فهم غيره
    وفيه فضل فقه الشافعي وفهمه لأنه أعلم الأربعة باللغة

    إذا تقرر صحة قول الشاطبي في تعداد كون الشريعة نزلت بلسان الأميين:
    "أن تكون التكاليف الاعتقادية والعملية مما يسع الأمي تعقلها، ليسعه الدخول تحت حكمها"
    ففيه رد قوي على أهل البدع ممن أوجب النظر في علم الكلام على العوام فإن هذا مما لا يسع الأمي تعقله.


    يحسن بعد أن عرفنا منزلة كتاب سيبويه في هذا المعنى (معرفة مقاصد العرب من خطابها وأنحاء تصرفاتها) من كلام الشاطبي أن يتتبع بعض المجدين ذلك في كتابه وإفراده وضم ما يقف عليه من كلام الشافعي والشاطبي وغيرهما إليه


    مما تقدم يعلم مدى الفوضى الاجتهادية التي نعيشها اليوم وسبب كثرة الفتاوى الشاذة
    وتأكيد بطلان تصدر المتعالمين للإفتاء وكثرة دعاوى الاجتهاد


    هذا ما عنّ لي حول هذه المسألة
    وفي انتظار فوائد وتصحيحات الإخوة والمشايخ
    والله أعلم
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    656

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    بارك الله فيك ، مقال وبحث ممتع جدًا
    وهكذا الواقع في الحقيقة : أنه ما اتهم أحد دليلا للدين إلا وكان المتهم هو الفاسد الذهن ، المأفون في عقله وذهنه ؛ فالآفة من الذهن العليل لا في نفس الدليل .
    وإذا رأيت من أدلة الدين ما يشكل عليك ، وينبو فهمك عنه ؛ فاعلم أنه لعظمته وشرفه استعصى عليك ، وأن تحته كنزًا من كنوز العلم ولم تؤت مفتاحه بعد - هذا في حق نفسك - .
    وأما بالنسبة إلى غيرك : فاتهم آراء الرجال على نصوص الوحي ، وليكن ردها أيسر شيء عليك للنصوص ؛ فما لم تفعل ذلك فلست على شيء ولو .. ولو ..
    مدارج السالكين 2 / 334

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    557

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    بارك الله فيك وجزاك الله خيراً .. لقد أعجبني حقاً هذا المقال ، فلطالما أغاظني بعض من يدّعون الفقه والاجتهاد ، ويتصدون للإفتاء ، وهم في نفس الوقت لا يحسنون من العربية ما يؤهلهم لهذا المقام العظيم .. فترى الخطأ الشنيع في اللغة في مقالاتهم وكتاباتهم ، والله المستعان .

    ذكر السيوطي في كتابه [صون المنطق والكلام : 15] :
    قال أبو الحسن بن مهدي : حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا هميم بن همام ، حدثنا حرملة قال : سمعت الشافعي يقول : ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب وميلهم إلى لسان أرسطاطاليس . أورد هذا النص من هذا الطريق قاضي المسلمين الحافظ عزالدين عبدالعزيز بن قاضي القضاة بدرالدين بن جماعة في تذكرته . وأشار الشافعي بذلك إلى ما حدث في زمن المأمون من القول بخلق القرآن ونفي الرؤية وغير ذلك من البدع وأن سببها الجهل بالعربية والبلاغة الموضوعة فيها من المعاني والبيان والبديع الجامع لجميع ذلك . قوله : "لسان العرب" : الجاري عليه نصوص القرآن والسنة . وتخريج ما ورد فيها على لسان يونان ومنطق أرسطاطاليس الذي هو في حيز ، ولسان العرب في حيز ، ولم ينزل القرآن ولا أتت السنة إلا على مصطلح العرب ومذاهبهم في المحاورة والتخاطب والاحتجاج والاستدلال لا على مصطلح يونان ، ولكل قوم لغة واصطلاح . وقد قال تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } فمن عدل عن لسان الشرع إلى لسان غيره ، وخرج الوارد من نصوص الشرع عليه ، جهل وضل ولم يصب القصد .
    وقال السيوطي في نفس الكتاب صفحة 22 :
    وقد وجدت السلف قبل الشافعي أشاروا إلى ما أشار إليه من أن سبب الابتداع الجهل بلسان العرب . وأخرج البيهقي في البعث عن الأصمعي قال : جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو بن العلاء يناظره في وجوب عذاب الفاسق ، فقال له : يا أبا عمرو ، آلله يخلف وعده ؟ فقال : لن يخلف الله وعده . فقال عمرو : فقد قال - وذكر آية وعيد - . فقال أبو عبيد : من العجمة أتيت ! الوعيد غير الإيعاد ، ثم أنشد :

    وإن وإن أوعدته أو وعدته .. لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

    وأخرج البخاري في تاريخه الكبير عن الحسن البصري قال : إنما أهلكتهم العجمة .

    وقال ابن قتيبة في كتابه (( تأويل مشكل القرآن )) : إنما يعرف فضل القرآن من كثر نظره ، واتسع علمه ، وفهم مذاهب العرب ، وافتناننها في الأساليب وما خص الله به لغتها دون جميع اللغات ، فإنه ليس في جميع الأمم أمة أوتيت من العارضة والبيان واتساع المجال ما أوتيته العرب خصيصاً من الله ، لما أرهصه في الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأراده من إقامة الدليل على نبوته بالكتاب ، فجعله علمه ، كما جعل علم كل نبي من المرسلين من أشبه الأمور لما في زمانه المنبعث فيه ، فكان لموسى - عليه السلام - فلق البحر واليد والعصا وتفجر البحر في التيه بالماء الرواء ، إلى سائر أعلامه زمن السحر ، وكان لعيسى - عليه السلام - إحياء الموتى وخلق الطير من الطين وإبراء الأكمه والأبرص إلى سائر أعلامه زمن الطب ، وكان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - الكتاب الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لم يأتوا بمثله ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ، إلى سائر أعلامه زمن البيان .
    أرجو أن أكون قد أفدتكم بشيء .

  5. #5

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    لسم الله توكلت على الله و لا حول و لا قوة الا بالله لقد أفاد و أجاد الأخ الكريم أمجد الفلسطيني و لكن لما تدخل الأخ الكريم مدارج السالكين بما كتبه عندئذ لم أتمالك نفسي حتى وقعت في الساحة أرجو الله ألا تكون نفسي من النفوس الأمارة بالسوء و أسأله أن يزكيها هو خير من زكاها و بعد هناك تعقيبات تكون أحيانا ضرورية لتبيين المبهم و تفصيل المجمل فالنص كان يدور حول شرط من شروط الاجتهاد المطلق أو المستقل بينما الاجتهاد درجات عند الأصوليين كما أنه في كل علم مجتهد قال أحد طلاب الشاطبي و هو أقرب طلابه منه منزلة لعلمه و فضله ألا و هو محمد بن محمد بن عاصم الأندلسي في مرتقى الوصول:و ما به التكليف شرط المجتهد#و الفهم و الحفظ و علم ما اعتمد#أوله الكتاب و الحفظ له #أهم ما من علمه حصله#لا سيما ما كان في الأحكام#فانه أكمل في الإحكام#و ليعرف الناسخ و المنسوخا#و ما اقتضى في علمه رسوخا#و الحفظ للحديث أولى ما اعتمد#و للأصول فهي للفقه عمد#و للمهم من لسان العرب#و للفروع فهي لب المطلب#فليعتمد لأهلها ما فصلوا #و فرعوا في كتبهم و أصلوا#فليقتفي آثارهم مصححا#و ينتقي أقوالهم مرجحا#و ما سوى ما مر في التنبيه#وصفي له وصف كمال فيه#و كل علم فله مجتهد#عليه في تقريره يعتمد#و هو الذي أصلح ذاك العلما#و ناله معرفة و فهما#و قال محمد حبيب الله بن مايأبى الجكني في اضاءته:الفصل الثالث:في حد الاجتهاد و ذكر أنواعه الثلاثة:قد قال في ألفية الأصول#العلوي طيب الأصول#في حد الاجتهاد باستقراء#جميع ما له من الأنحاء#يتواصل

  6. #6

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    قال الجكني في اضاءته:-بذل الفقيه الوسع أن يحصلا#ظنا بان ذاك حتم مثلا#و ذاك مع مجتهد رديف#و ما له يحقق التكليف#و هو شديد الفهم طبعا و اختلف#فيمن انكار القياس قد عرف #قد عرف التكليف بالدليل #ذي العقل قبل صارف النقول #و النحو و الميزان و اللغة مع#علم الأصول و بلاغة جمع #و موضع الأحكام دون شرط #حفظ المتون عند أهل الضبط #ذو رتبة وسطى بكل ما غبر # و علم الاجماعات بما يعتبر #كشرط الآحاد و ما تواترا #و ما صحيحا أو ضعيفا قد جرى #و ما عليه أو به النسخ وقع #و سبب النزول شرط متبع #كحالة الرواة و الأصحاب #و قلدن في ذا على الصواب #و ليس الاجتهاد ممن قد جهل #علم الفروع و الكلام ينحظل#كالعبد و الأنثى كذا لا تجب #عدالة على الذي ينتخب #هذا هو المطلق و المقيد #منسفل الرتبة عنه يوجد #ملتزم أصول ذاك المطلق #فليس يعدوها على المحقق #مجتهد المذهب من أصوله #منصوصة أم لا حوى معقوله #و شرطه التخريج للأحكام #على نصوص ذلك الإمام #مجتهد الفتيا الذي يرجح #قولا على قول و ذاك أرجح #و قال فيها و هو قول ربما #اليه طبعا مال بعض العلما #يجوز الاجتهاد في فن فقط #أو في قضية و بعض قد ربط #الخ...فالذي كنت أريد أن أنبه اليه أن ما تناوله مقالة الأخ الفاضل هو تحقيق شرط من شروط المجتهد المطلق لا كل مجتهد فاردت أن أنبه الى أن المجتهد درجات هي :1/المجتهد المطلق أو المستقل يعني استقل عن أصول المذاهب 2/مجتهد المذهب 3/مجتهد الترجيح داخل المذهب و قد أضاف الزحيلي درجة رابعة و هذا ما أردت أن انبه اليه المسألة الثانية التي أردت أن أنبه اليها و هي أساسية معرفة الغريب من الكتاب و السنة و دلالته:قولك :كذلك ليس المقصود معرفة أن معنى عزين جماعات قلت و المعروف عند أهل غريب القرآن أن حبر هذه الأمة و ترجمانها فسرها كما في سؤالات الأزرقيين بالأصحاب أو معنى ذلك ثم اننا نجد في غريب الحديث ما يلي :مثلا كلمة الدخ في حديث ابن صائد فقد اختلف جهابذة أهل صنعة الحديث حول تفسيرها الا أنهم شنعوا على الحاكم في علوم الحديث حيث فسرها بأنها الجماع و قال :سألت بعض الأدباء عن تفسير الدخ فقال :كذا يزخها يعني بالزاي بدل الدال بمعنى واحد :الدخ و الزخ قال :و المعنى الذي أشار اليه ابن صائد خذله الله فيه مفهوم ثم أنشد لعلي رضي الله عنه :طوبى لمن كانت له مزخه ## يزخها و ينام الفخه #فقد نبهت الى أن علماء اللغة العربية لا يعتمد عليهم الا للإستئناس بما عندهم من مادة لذلك كان لزاما على المجتهد أن يبدأ بتعلم المادة قبل الآلة و الله الموفق و أستغفر الله العظيم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل

    تقرير ما قاله الشاطبي بطريقة أخرى:
    1- النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عن ربه، وقد أمره الله عز وجل أن يبين للناس ما نزل إليهم، ولا نزاع في هذا.

    2- النبي صلى الله عليه وسلم قام بما أمر به، وبين للأمة ما نزل عليه غاية البيان كما أمره ربه، وتركهم على المحجة البيضاء، ولا نزاع في هذا أيضا.

    3- إذا أراد أي إنسان في العالم أن يبين شيئا ما لأحد الأشخاص، فلا بد أن يعمد إلى لسان هذا الشخص فيكلمه به ويبين له بالطريقة التي يفهمها هذا الشخص، وإلا لم يكن مبينا. وهذا لا نزاع فيه كذلك.

    4- إذا اختلف فهمنا للكلام عن فهم العرب للكلام فلا بد أن فهم العرب هو الصواب؛ بناء على ما ذكر في (3) لأن البيان كان موجها إليهم ابتداء، ثم وقع لنا تبعا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم خاطب العرب بما لا يفهمونه.

    5- إذا وجدنا العرب أنفسهم قد اختلفوا في فهم الكلام، فماذا نفعل؟
    لدينا احتمالان:
    الأول: أن يقال: العبرة بفهم الأكثرين؛ لأن الخطاب وقع للجميع، ولا يحصل البيان بفهم الأقل، كما هو شأن العقلاء.
    الثاني: أن يقال: تخرج المسألة حينئذ عن كونها متعلقة باللغة أصلا؛ لأن العرب الخلص لا يتنازعون فيما يتعلق بلغتهم، ويصير الخلاف فيها متعلقا بأشياء أخرى، مثل مقاصد الشريعة، أو دقة فهم السامع، أو غير ذلك.

    6- فإذا ثبت أن العبرة بفهم العرب في معرفة معاني النصوص، ثبت كذلك أن من أراد الاجتهاد في الشرع فعليه أن يتأهل بمثل هذا الفهم؛ لأنه إذا تعين سبيل واحد للوصول إلى شيء ما، كان شرطا في الوصول إليه.

    وقد يسأل سائل: كيف نصل إلى هذه الدرجة؟
    والجواب أن ذلك يكون بأن تختبر نفسك في كل نص تقرؤه، فتنظر: هل تفهم منه مثل ما يفهم منه العرب؟ فإن كان الجواب بنعم كان فيك شعبة من الفهم الصحيح، وإن كان الجواب بلا كان فيك شعبة من الخطأ، فإذا ما أكثرت من ممارسة ذلك حتى صار فهمك مطابقا لفهمهم في الأغلب الأعم من آحاد النصوص، فقد تحققت فيك هذه الملكة، وإلا فلا، ولمزيد الإيضاح لهذه النقطة ينظر هنا:
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11139

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    والمراد بذلك أن سيبويه وإن تكلم في النحو، فقد نبه في كلامه على مقاصد العرب، وأنحاء تصرفاتها في ألفاظها ومعانيها، ولم يقتصر فيه على بيان أن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب ونحو ذلك، بل هو يبين في كل باب ما يليق به، حتى إنه احتوى على علم المعاني والبيان ووجوه تصرفات الألفاظ والمعاني..
    قال في الخزانة1/ 370 :
    "وقد روى في كتابه قطعة من اللغة غريبة لم يدرك أهل اللغة معرفة جميع ما فيها ولا ردوا حرفا منها قال أبو إسحاق إذا تأملت الأمثلة من كتاب سيبويه تبينت أنه أعلم الناس باللغة قال أبو جعفر النحاس وحدثنا علي بن سليمان قال حدثنا محمد بن يزيد أن المفتشين من أهل العربية ومن له المعرفة باللغة تتبعوا على سيبويه الأمثلة فلم يجدوه ترك من كلام العرب إلا ثلاثة أمثلة منها الهُندلِع وهي بقلة والدُّرْداقِس وهو عظم في القفا وشَمَنْصير وهو اسم أرض.....
    قال أبو جعفر لم يزل أهل العربية يفضلون كتاب سيبويه حتى لقد قال محمد بن يزيد لم يعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب سيبويه وذلك أن الكتب المصنفة في العلوم مضطرة إلى غيرها وكتاب سيبويه لا يحتاج من فهمه إلى غيره .........
    وقال ابن كيسان نظرنا في كتاب سيبويه فوجدناه في الموضع الذي يستحقه ووجدنا ألفاظه تحتاج إلى عبارة وإيضاح لأنه كتاب ألف في زمان كان أهله يألفون مثل هذه الألفاظ فاختصر على مذاهبهم
    قال أبو جعفر ورأيت علي بن سليمان (هو الأخفش الصغير تـ 315 هـ) يذهب إلى غير ما قال ابن كيسان قال: عمل سيبويه كتابه على لغة العرب وخطبها وبلاغتها فجعل فيه بينا مشروحا وجعل فيه مشتبها ليكون لمن استنبط ونظر فضل وعلى هذا خاطبهم الله عز وجل بالقرآن
    قال أبو جعفر وهذا الذي قاله علي بن سليمان حسن لأن بهذا يشرف قدر العالم وتفضل منزلته إذ كان ينال العلم بالفكرة واستنباط المعرفة ولو كان كله بينا لاستوى في علمه جميع من سمعه فيبطل التفاضل ولكن يستخرج منه الشيء بالتدبر ولذلك لا يمل لأنه يزداد في تدبره علما وفهما.."

    قال ابن الخياط: سمعت العنزي يقول: سمعت المازني يقول: قرأ علي الرياشي " كتاب سيبويه " فكان ما أفدت منه أكبر مما أفاد مني.
    قال ابن الخياط: الذي استفاد منه المازني النصف الآخر من الكتاب لأنَّ آخره لغة.
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    والمراد بذلك أن سيبويه وإن تكلم في النحو، فقد نبه في كلامه على مقاصد العرب، وأنحاء تصرفاتها في ألفاظها ومعانيها، ولم يقتصر فيه على بيان أن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب ونحو ذلك، بل هو يبين في كل باب ما يليق به، حتى إنه احتوى على علم المعاني والبيان ووجوه تصرفات الألفاظ والمعاني
    قال ابن خلدون في مقدمة تاريخه1/ 560 بعد أن ذكر الطريق للحصول على ملكة التكلم باللسان المضري وهو أن يحفظ كثيرا من الكلام القديم:
    "ولذلك نجد كثيرا من جهابذة النحاة والمهرة في صناعة العربية المحيطين علما بتلك القوانين إذا سئل في كتابة سطرين إلى أخيه أو ذي مودته أو شكوى ظلامة أو قصد من قصوده أخطأ فيها عن الصواب وأكثر من اللحن ولم يجد تأليف الكلام لذلك و العبارة عن المقصود على أساليب اللسان العربي وكذا نجد كثيرا ممن يحسن هذه الملكة ويجيد الفنين من المنظوم والمنثور وهو لا يحسن إعراب الفاعل من المفعول ولا المفعول من المجرور ولا شيئا من قوانين صناعة العربية فمن هذا تعلم أن تلك الملكة هي غير صناعة العربية وأنها مستغنية عنها بالجملة وقد نجد بعض المهرة في صناعة الاعراب بصيرا بحال هذه الملكة وهو قليل واتفاقي وأكثر ما يقع للمخالطين لكتاب سيبويه فانه لم يقتصر على قوانين الاعراب فقط بل ملأ كتابه من أمثال العرب وشواهد أشعارهم وعباراتهم فكان فيه جزء صالح من تعليم هذه الملكة فتجد العاكف عليه والمحصل له قد حصل على حظ من كلام العرب واندرج في محفوظه في أماكنه ومفاصل حاجاته وتنبه به لشأن الملكة فاستوفى تعليمها فكان أبلغ في الإفادة ومن هؤلاء المخالطين لكتاب سيبويه من يغفل عن التفطن لهذا فيحصل على علم اللسان صناعة ولا يحصل عليه ملكة"
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: اشتراط بلوغ درجة الاجتهاد في اللغة للمجتهد في الشريعة لم يتفرد به الشاطبي

    وقد قال الجرمي: "أنا منذ ثلاثين سنة أفتي الناس في الفقه من كتاب سيبويه"
    وفسروا ذلك بعد الاعتراف به بأنه كان صاحب حديث، وكتاب سيبويه يتعلم منه النظر والتفتيش
    ذكر أبو عبد الله بن عتاب أن القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي سئل عن الحد هل يدخل في المحدود أو لا؟ وذلك إذا باع منه أرضاً وقال حدُّ هذا من جهة كذا الشجرة.
    فتوقّف عن الجواب ثم قال بعد للسائل: طالعت هذا الباب من كتاب سيبوية فدلّني على دخولها.
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •