معاشرَ ( الفئران ) .. هلموا لنصرة ( ميكي ماوس ) !!
محمد بن صالح الشمراني
دخلتُ البارحةَ منزل أحد الكتاب السعوديين ، فجلتُ بناظري في أرجاء منزله ، فوجدتُ المجلس ، و غرفة النوم ، و غرفة المعيشة ، و حتى دورة المياه - أكرمكم الله - وجدتها مترعةً بأصنافٍ مختلفةٍ من ( الفئران ) !! و من ثم .. و جدتُ السيد ( ميكي ماوس ) منتشيًا وسط الجموع ، يحف به المعجبون و المعجبات ، و بجواره صديقته الشهيرة ( ميني ) ، كان يُراقصها بطربٍ بالغ ، يتمايل من أثر ( الشراب ) ، رأيت ( ميكي ) يُقاسم الكاتب - المذكور أعلاه - مأكلَه و مشربَه ، بل ..
و يقاسمه حتى حماقته !!
كل ذلك.. لأنه ذبّ عن عِرضه في عموده الصحفي ، أقصد عِرض ( ميكي ماوس ) !!
لا تستغربوا ، فما قلتُ إلا الحق ! و ليس غير الحق أقول !
فخطيبهم ( الألثغ ) قام بين الصفوف يدعو لنصرة ( ميكي ماوس ) ، و تخليصه من براثن ( الصحوة ) ، و الدعاة !!
وموجز الخبر لمن لم يبلغه ..
أن الشيخ كان يتحدث في برنامجه الأسبوعي ( الراصد ) في قناة المجد ، كان يتحدث عن تأثير أفلام الكرتون على شخصية الطفل ، و ذكر فيما ذكر شخصية ( ميكي ماوس ) ، و تطرق لنظرة الشريعة للفئران ، وأنها تسمى ( فويسقة ) ، و أنها كائنات ممقوتة شرعًا و عقلاً و فطرة ، ثم ختم قوله بأن الفئران أو ( ميكي ماوس ) تُقتل في الحل والحرم !
ثم ماذا حدث بعد ذلك ؟ !
ثارتْ ثائرة ( الفئران ) السعودية !!
ومن ثم.. قامتْ بإنشاء ( رابطة ) تضم شتاتها ، و تجمع سوادها ، أسموها ( رابطة أنصار الفئران ) !
قاموا بترجمة المقطع بلغة أسيادهم ، و حرفوه عن مواضعه ، وادَعوا بأن :
( شيخًا سعوديًا يدعو إلى قتل شخصية " ميكي ماوس " الأمريكية ) !!
و ماذا بعد ؟!
طارتْ بذلك وكالات الأنباء العالمية ، و تم عرض المقطع في عدد من الفضائيات ، و تم عقد جلسات حوارية لمناقشته ، كما هو الحال مع فتوى الشيخ ( صالح اللحيدان ) في القنوات الفضائية !
ذهلتُ من هذا السخفِ الموغلِ في الحضيض ، ومن هذه الدونية المسفّة في التعامل مع المخالف ، فأنْ تُبغض شخصًا ، و تراه كريهًا في ناظريك .. كل ذلك لا يبرر لك أن تَفجر في خصومتك معه ، و لا أن تنزل بمروءتك لمستوى لا يليق !
ولست أدري..
هل كان استهزاء هذه ( الرابطة ) بشخصِ الشيخ فقط ، أم أن ذلك يتعداه لما هو أبعد من ذلك ، فيتعداه إلى قائل هذا النص ، و مشرِّعه ، حبيبنا صلى الله عليه و سلم ، الثابت عنه بالحديث الصحيح ؟!
ولست أدري - كذلك - لماذا ثارت حفيظة هذه ( الرابطة ) عندما مُسَّ جناب ( الفئران ) ، و هُدِّد كيانها ، و لماذا كل هذا التعاطف المحموم لنصرتها ،
فهل يمتلك أحدهم مزرعةً لتربية الفئران ؟!
وليت شعري أي تربية ستكون ؟!
أم أن أحدهم افتتن بجمال ( ميني ) ، و حسن قوامها ، فأراد أن يكون قيسها المنتظر ، و أرادها ليلاه .. ملكةً مختارةً من بين كل الفأرات ؟!
أم أن سبب ذلك يعود لأن الشيخ المنجد مس شيئًا مقدسًا لدى أسيادهم ، و تعرض للرمز الأكثر شهرةً في الثقافة الأمريكية ؟!
فثاروا حميةً لأجله !
إلى الحد الذي يُنقل عن الرئيس الأمريكي " جيمي كارتر " قوله :
( ميكي ماوس هو رمز للشعور الودّيّ ، متخطيًا كل اللغات و الثقافات ، وعندما يرى المرء ميكي ماوس فإنه يرى السعادة .. !! )
أم أن شيئًا من ذلك لم يكن ، بل .. لأن ( الفئران ) على أشكالها تقع ؟!
أحد الأقزام في صحيفة سعودية .. أساء للشيخ المنجد ، و لمزه بما لا يعيبه أصلاً ، فإن كانت ( وطنيته ) المزعومة هي التي دعته ليقول ما يقول ، فوالله إن الشيخ المنجد لخيرٌ من ملء الأرض من أمثاله ، و مثلهم معه ، و إني لأعتذر فوق ذلك للشيخ المنجد - باسم كل الأحرار من هذا البلد - أَنْ وازنتُ بينه و بين ( نصير الفئران ) ذاكَ !
بقي أن أقول : إنني خرجتُ مسرعًا من منزل الكاتب – نصير الفئران – و أنا أضع يدي على أنفي من هول ما أجد ، ابتعدتُ كثيرًا كثيرًا ؛ حتى تهدأ نفسي ، و تنتظم أنفاسي ، إلا أنني توقفت فجأة وسط الطريق ؛ تُسائلني نفسي.. متعجبةً من معاشر ( الفئران ) التي تنادت لنصرة ( ميكي ماوس ) !!