تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    Lightbulb كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال الماوردي في "أدب الدنيا والدِّين":
    (وقلما تجد بالعلم معجبا، وبما أدرك مفتخرا، إلا من كان فيه مقلا ومقصرا؛ لأنه قد يجهل قدره، ويحسب أنه نال بالدخول فيه أكثره. فأما من كان فيه متوجها، ومنه مستكثرا، فهو يعلم من بعد غايته، والعجز عن إدراك نهايته، ما يصده عن العجب به. وقد قال الشعبي: "العلم ثلاثة أشبار: فمن نال منه شبرا شمخ بأنفه وظن أنه ناله، ومن نال الشبر الثاني صغرت إليه نفسه وعلم أنه لم ينله، وأما الشبر الثالث فهيهات لا يناله أحد أبدا).
    ثم ذكر الماوردي في المصدر السابق قصة وقعت له، وهي دالّة - كما يقول السبكي في "الطبقات" - على (دِينه ومجاهدته لنفسه)، يقول الماوردي:
    (ومما أنذرك به من حالي أنني صنفت في البيوع كتابا (1) جمعت فيه ما استطعت من كتب الناس، وأجهدت فيه نفسي وكددت فيه خاطري، حتى إذا تهذب واستكمل وكدت أعجب به وتصوّرت أنني أشد الناس اضطلاعا بعلمه، حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان، فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لواحدة منهن جوابا، فأطرقت مفكرا، وبحالي وحالهما معتبرا، فقالا: ما عندك فيما سألناك جواب، وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لا. فقالا: واها لك، وانصرفا. ثم أتيا من يتقدمه في العلم كثير من أصحابي، فسألاه فأجابهما مسرعا بما أقنعهما وانصرفا عنه، راضيين بجوابه حامدين لعلمه، فبقيت مرتبكا، وبحالهما وحالي معتبرا، وإني لعلى ما كنت عليه في المسائل إلى وقتي، فكان ذلك زاجر نصيحة، ونذير عظة، تذلل بها قياد النفس، وانخفض لها جناح العجب، توفيقا منحته، ورشدا أوتيته، وحق على من ترك العجب بما يحسن أن يدع التكلف لما لا يحسن، فقديما نهى الناس عنهما، واستعاذوا بالله منهما، ومن أوضح ذلك بيانا استعاذة الجاحظ في كتاب "البيان" حيث يقول: اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلف لما لا نحسن، كما نعوذ بك من العجب بما نحسن، ونعوذ بك من شر السلاطة والهذر، كما نعوذ بك من شر العي والحصر. ونحن نستعيذ بالله تعالى مثل ما استعاذ، فليس لمن تكلف ما لا يحسن غاية ينتهي إليها، ولا حد يقف عنده، ومن كان تكلفه غير محدود، فأخلق به أن يضل ويضل).
    _______
    (1) صرّح بالنقل عنه في موضع، النووي في "المجموع" 2/573، وقد يقول قائل: بل يريد النووي كتاب البيوع، من "الحاوي"، أقول: لو أراد النووي كتاب البيوع من "الحاوي"، لصرّح بذلك؛ لا سيّما وقد أكثر من النقل عنه جدّا، فإن قلتَ: قد وجدتُ الموضع الذي تشير إليه في كتاب البيوع من "الحاوي" 5/334 ؟! أقول: لا شيء، فإنّه من المعلوم أن العالم يستعين بمصنّفه المفرد في تصنيفه الجامع، بل قد يأتي به على التمام .. وفي كلام النووي ومقابلته بكلام الماوردي في ذات المسألة وجدنا قرينة دالة على أنّ النووي يريد الكتاب المفرد، والقرينة هي إطلاق النووي الحكاية نقلا عن "البيوع" للماوري، وفي "الحاوي" التقييد، مما يدلّنا على تغاير المورد، ويَرد على هذا: أنّ القرينة المذكورة ضعيفة؛ لأن سبب التغاير المذكور قد يكون سببه تصرف النووي أو اختصاره أو من اختلاف النّسَخ مثلا .. أقول: كلام وجيه؛ ولكنه لا يرقَى إلى تحريف عبارة النووي والتي تنص على إرادة كتاب "البيوع" (المفرد)، والذي قد أنبأنا خبره الماوردي في "أدب الدنيا والدين"، والأصل جريان الكلام على ظاهره، ما لم تأت قرينة صارفة ..
    ثم هنا فائدة: أنّنا وإنْ لم نقف على كتاب "البيوع" المفرد، فقد كفانا "الحاوي" أمره (إن شاء الله)، فقد شغل المجلد الخامس منه بتمامه، ولا ريب أنّ النفس تحزن على كل ورقة مفقودة أو ضائعة لأهل العلم، لا سيّما الكبار أرباب الوجوه منهم ..
    [قيد البحث]
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة.

    جزاكم الله خيرا

    موعظة وتذكرة في وقتها والله..

    ومع وضوحها يحتاجها كثير من الطلبة اليوم

    ومن أسباب ذلك _أي العجب ببعض التحريرات والمؤلفات_ عدم مجالسة المشايخ وثني الركب عند أهل العلم فإنهم دواء لكثير من أمراض القلوب

    وليتدبر الطالب في قصة الماوردي التي أتحفنا بها الفاضل أشرف فإن فيها من العبر والمعاني ما لا يستغنى عنه في أدب الطلب والتحصيل
    وها أنا أردفها بقصة تعالج ما عالجته وفي الباب غيرهما:

    قال أبو الحسن علي بن المديني:
    "قدمت الكوفة فعنيت بحديث الأعمش فجمعتها فلما قدمت البصرة لقيت عبد الرحمن _يعني ابن مهدي_فسلمت عليه
    فقال: هات يا علي ما عندك
    فقلت: ما أحد يفيدني عن الأعمش شيئا
    قال: فغضب فقال: هذا كلام أهل العلم، ومن يضبط العلم ومن يحيط به، مثلك يتكلم بهذا أمعك شيء تكتب فيه؟
    قلت: نعم
    قال: اكتب
    قلت ذاكرني فلعله عندي
    قال: اكتب لست أملي عليك إلا ما ليس عندك
    قال: فأملى علي ثلاثين حديثا لم أسمع منها حديثا .
    ثم قال: لا تعد
    قلت: لا أعود

    [تتبع أحاديث الشيوخ الذين لم ألقهم لم أكتب حديثهم نازلا كمنصور بن أبي الأسود]
    قال علي : فلما كان بعد سنة جاء سليمان _يعني الشاذكوني_ إلى الباب
    فقال: امض بنا إلى عبد الرحمن حتى أفضحه اليوم في المناسك
    قال علي: وكان سليمان من أعلم أصحابنا بالحج
    قال: فذهبنا فدخلنا عليه فسلمنا وجلسنا بين يديه
    فقال: هاتا ما عندكما وأظنك يا سليمان صاحب الخطبة
    قال: نعم ما أحد يفيدنا في الحج شيئا فأقبل عليه بمثل ما أقبل علي
    ثم قال: يا سليمان ما تقول في رجل قضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت فوقع على أهله؟ فاندفع سليمان فروى: يتفرقان حيث اجتمعا ويجتمعان حيث تفرقا
    قال: ارو ومتى يجتمعان ؟ ومتى يفترقان ؟
    قال: فسكت سليمان
    فقال: اكتب وأقبل يلقي عليه المسائل ويملي عليه حتى كتبنا ثلاثين مسألة في كل مسألة يروي الحديث والحديثين ويقول: سألت مالكا وسألت سفيان وعبيد الله بن الحسن
    قال: فلما قمت قال: لا تعد ثانيا يقول مثل ما قلت فقمنا وخرجنا
    قال: فأقبل علي سليمان فقال: إيش خرج علينا من صلب مهدي هذا كأنه كان قاعدا معهم سمعت مالكا وسفيان وعبيد الله"

    جامع الخطيب (277/2)، تذكرة الذهبي(330/1)

    ذكرها الخطيب في باب المذاكرة مع الشيوخ وذوي الأسنان
    وهذا من فقهه رحمه الله

    ايه والله لقد صدق الإمام المربي أبو سعيد ليس هذا كلام أهل العلم، ومن يضبط العلم ومن يحيط به
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة.

    بارك الله فيك أخي الفاضل أمجد، وجزاك الله خيرا،
    قولك: (.. سليمان _يعني الشاذكوني_).
    أقول: خالفك الشيخ الحبيب عبد الرحمن السديس، فقال:
    (وسليمان ـ أظنه ـ ابن حرب الإمام الثقة الأزدي البصري قاضي مكة).
    http://majles.alukah.net/showpost.ph...1&postcount=46
    فما قولك؟ - ابتسامة -
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة.

    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.

    وهنا نكتة لطيفة أود توضيحها في كلام العلامة الماوردي رحمه الله، ولعلها واضحة عندكم، ولكن أذكرها لضعاف الفهم من أمثالي.

    لو افترضنا أن جميع مسائل العلم 10، وأن فلانا من الناس يعرف هذا، فهل هذا يعني أنه قد حصل شيئا منها؟
    الجواب: لا، لأنه يعلم فقط عدد المسائل دون المسائل نفسها.

    طيب: ماذا نسمي هذا العلم الذي عنده إن لم يكن علما؟
    الجواب: نسميه ( سعة الأفق ) و( اتساع النظر ) و( قوة المدارك ) ونحو ذلك من العبارات، وعكسها ( ضيق الأفق ) و( قصر النظر ) و( ضعف المدارك ) ونحوها.

    والآن: لو افترضنا أن هذا الإنسان حصل من هذه المسائل خمسا، فماذا يكون شعوره؟
    الجواب: يكون شعوره أنه قد حصل نصف العلم الموجود في الدنيا!

    طيب: إذا كانت المسائل التي حصلها تسعا، فماذا يكون شعوره؟
    الجواب: يكون شعوره أنه أوشك على أن يحيط بكل شيء علما!
    وعند ذلك يصيبه العجب بنفسه، ويشمخ بأنفه، ويظن أن ليس في الوجود مثله، ويصير دأبه الدندنة حول ( لم ير الزمان مثلي ).

    ولكن هذا الافتراض الذي افترضناه بعيد الوقوع؛ لأن المتوقع من كل عاقل أنه مع كل مسألة يحصلها يحصل عنده زيادة في الأشياء السابق ذكرها: (سعة الأفق) و(اتساع النظر) و(قوة المدارك)...

    ومعنى هذا أنه مع كل مسألة يحصلها يزداد في الوقت نفسه عدد مسائل العلم من وجهة نظره، فمثلا كلما حصل مسألة زادت مسائل العلم عنده عشرًا أو خمسا أو نحو ذلك.
    حتى إذا حصل خمس مسائل مثلا، صارت نهاية العلم من وجهة نظره 100 مسألة مثلا.

    ولكن الناس يختلفون في النسبة بين تحصيل العلم واتساع المدارك، فقد تكون هذه النسبة ضئيلة جدا بحيث تكون مسائل العلم قريبة من عدد المسائل التي حصلها، فتكون نهاية العلم عنده بعد خمس مسائل 15 مسألة فقط!!

    فالشخص الأول من وجهة نظره حصل 5 مسائل من 150 لأنه واسع الأفق
    والشخص الثاني من وجهة نظره حصل 5 مسائل من 15 لأنه ضيق الأفق

    فبطبيعة الحال يشعر الأول أن أمامه مسافة بعيدة في تحصيل العلم، في حين يشعر الثاني أنه قد حصل ثلث العلم!

    وهنا نصل لنتيجة عجيبة جدا مع أنها منطقية بل تكاد تكون بدهية:
    وهي أن الإنسان كلما ازداد علما ازداد في الوقت نفسه مقدار ما في الوجود من علم من وجهة نظره، وبذلك يشعر أن علمه يقل كلما ازداد علما !! لأن النسبة بين ما حصله وبين ما بقي تقل!
    وهذا معنى ما قاله بعض السلف: إن الإنسان كلما ازداد علما ازداد بصرا بجهله.

    والله تعالى أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أشرف بن محمد مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك أخي الفاضل أمجد، وجزاك الله خيرا،
    قولك: (.. سليمان _يعني الشاذكوني_).
    أقول: خالفك الشيخ الحبيب عبد الرحمن السديس، فقال:
    (وسليمان ـ أظنه ـ ابن حرب الإمام الثقة الأزدي البصري قاضي مكة).
    http://majles.alukah.net/showpost.ph...1&postcount=46
    فما قولك؟ - ابتسامة -

    سبب ظنه والله أعلم أن سليمان بن حرب قيل عنه أنه من أعلم الناس في المناسك قرأت هذا عنه وفاتني موضعه الآن

    وسبب ظني أنه الشاذكوني أني كنت قد قرأت هذه القصة من قبل وهي:

    قال المقدمي : سمعت أبي يقول : سمعت علي بن المديني يقول : ( قيل لنا إن جماعة من أصحابنا الكوفيين يقدمون ، فأتاني سليمان الشاذكوني يوماً في الصيف قبل نصف النهار في يوم صائف فدق عليّ الباب ، فخرجت إليه فقلت له : في هذا الوقت يا أبا أيوب ؟! ، فقال : نعم ، امض بنا إلى عبدالرحمن بن مهدي فإن أصحابنا هؤلاء الكوفيين قادمين علينا ، والساعة يلقون علينا ما ( .. ) نعده للمذاكرة ، فامض حتى نذهب إلى عبدالرحمن فنسأله أن يحدثنا بما نرى أنه ليس عندهم ، وبما نغرب به عليهم ، قال : فأتيناه فدققنا عليه الباب فخرج علينا في ملحفة حمراء يمسح عينيه من النوم ، فقال : في هذا الوقت ! ، فأخبرناه بما قصدنا له ، فقال : اكتبوا ، فأملى علينا منها مائة حديث ، فنظرت أنا وسليمان فإذا ليس عندنا منها خمسة أحاديث ! ، والباقي كلها نستفيدها !!
    ثم قام ، فقال : الساعة تفوتنا الظهر ، فلما جزنا باب عبدالرحمن ، قال لي سليمان : لعن الله مهدياً ! ، فقلت : من مهدي ؟ ، قال : أبو هذا الشيطان ! ، كما خرج هذا من صلبه ، ترى أنه لو كان قد نظر في كتبنا زاد على هذا !!
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.

    وهنا نكتة لطيفة أود توضيحها في كلام العلامة الماوردي رحمه الله، ولعلها واضحة عندكم، ولكن أذكرها لضعاف الفهم من أمثالي.

    لو افترضنا أن جميع مسائل العلم 10، وأن فلانا من الناس يعرف هذا، فهل هذا يعني أنه قد حصل شيئا منها؟
    ...
    وهنا نصل لنتيجة عجيبة جدا مع أنها منطقية بل تكاد تكون بدهية:
    وهي أن الإنسان كلما ازداد علما ازداد في الوقت نفسه مقدار ما في الوجود من علم من وجهة نظره، وبذلك يشعر أن علمه يقل كلما ازداد علما !! لأن النسبة بين ما حصله وبين ما بقي تقل!
    وهذا معنى ما قاله بعض السلف: إن الإنسان كلما ازداد علما ازداد بصرا بجهله.
    جزاكم الله خيرا .. وكم نحن بحاجة إلى إبراز "المنهج التحليلي" في التعامل مع نصوص الشرع، ومع نصوص أهل العلم .. وفي ذلك فوائد جمة عجيبة!
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    Lightbulb رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

    قولي: (صرّح بالنقل عنه في موضع، النووي في "المجموع" 2/573، وقد يقول قائل: بل يريد النووي كتاب البيوع، من "الحاوي"، أقول: لو أراد النووي كتاب البيوع من "الحاوي"، لصرّح بذلك ...).
    أقول: يَرد على هذا أن النووي في "المجموع" سلك هذا السبيل في كتب أخرى (من كتب "الحاوي" غير كتاب البيوع)، فقال في موضع من "المجموع": (قال الماوردي في كتاب الحيض).

    وقال في آخر: (به قطع الماوردي في كتاب الحج) ...

    ونحن في هذه الجزئيّة نحرِّر مراد النووي، ولا نبحث في شأن كتاب "البيوع" أفرده الماوردي أو ضمّنه .. ولا يُحتَج بعبارة الماوردي على تفسير عبارة النووي ومراده .. فلكلٍّ شأن .. فتأمّل!
    وأنتَ قلتَ قبل: (لا سيّما وقد أكثر من النقل عنه جدّا).
    يعني: أكثر النووي جدا من النقل من "الحاوي"، وهذه قرينة قويّة على أن الكتب المذكورة في حديث النووي إنّما هي من كتب "الحاوي"؛ لأنّه لمّا كان الإكثار سبيله الأشهر والأكثر، فإنّ سلوكه مسلك الاختصار في بعض المواضع، يجب تفسيره عند الاشتباه بالرجوع إلى الأشهر والأكثر .. لا سيّما عند فقدان الدليل الناقل عن هذا الأصل ..
    هذا فيما يتعلّق بمراد النووي من قوله (حكى الماوردي في كتاب البيوع)، يعني: في كتاب البيوع، من "الحاوي" ...
    وفي هذا فائدة مهمة، أنّنا لو قلنا بأنّ كتاب البيوع المذكور في كلام النووي هو الجزء المفرد، لجزمنا بأنّه قد وقف عليه بنفسه أو بواسطة غيره .. ولا دليل على ذلك يُذكَر فيما أعلم غير عبارة النووي (مبتورة السياق العام) وقد تقدّم ما فيها ..
    وتبقى عبارة الماوردي هي الدليل الأساس الذي نرتكن إليه في نسبة كتاب البيوع المفرد إليه .. مع تردّد يسير في ذلك .. والله أعلم.
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي مشاهدة المشاركة
    وهنا نصل لنتيجة عجيبة جدا مع أنها منطقية بل تكاد تكون بدهية:
    وهي أن الإنسان كلما ازداد علما ازداد في الوقت نفسه مقدار ما في الوجود من علم من وجهة نظره، وبذلك يشعر أن علمه يقل كلما ازداد علما !! لأن النسبة بين ما حصله وبين ما بقي تقل!
    وهذا معنى ما قاله بعض السلف: إن الإنسان كلما ازداد علما ازداد بصرا بجهله.

    والله تعالى أعلم.
    يقول عبد الله دراز :
    (( .... وهذا يبدو لك عجيبا أن يزداد شعور المرء بعجزه عن الصنعة بقدر ما تتكامل فيه قوته، ويتسع بها علمه، ولكن لا عجب فتلك سنة الله في آياته التي يصنعها بيديه لا يزيد العلم بها والوقوف على أسرارها إلا إذعانا لعظمتها وثقة بالعجز عنها، ولا كذلك صناعة الخلق، فإن فضل العلم بها يمكنك منها، ويفتح لك الطريق للزيادة عليها، ومن هنا كانت سحرة فرعون هم أول المؤمنين برب موسى وهارون ))
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  12. #12

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

    إثراء للموضوع قصة جميلة عبارة عن درس من إمام لتلميذه.

    يذكر أن الإمام أبو حنيفة كان له طالباً نابغا هو أبويوسف القاضي مرض ذات يوم حتى كاد أن يهلك فذكر ذلك للإمام أبو حنيفة فأمر طلابه أن يصحبوه ليعودوا أبايوسف فلما دخل عليه أبو حنيفة ورأى مابه من مرض قال لما خرج من عنده: إني كنت أرجو لهذا الشاب أن يكون له شأن عظيم في العلم فذهب أحد أقران الشاب وذكر له مقولة الإمام فيه.
    وبعد فترة من الوقت شفي أبو يوسف...

    فخرج يمشي ذاهبا إلى حلقة الشيخ أبا حنيفة فلقاه رجل بالطريق فقال له أن الإمام ابا حنيفة قال عنه كلاما طيبا، فدار في نفسه أنه أصبح عالما الآن، فقرر أن يجعل له حلقة خاصة في نفس المسجد الذي فيه شيخه أبو حنيفة، فرأى الشيخ من بعيد أبا يوسف ولكن لم يعرف يحسبه مازال مريضا فقال هل نزل علينا شيخ، فقالوا تلامذته لا، فقال إذا من ذاك الشيخ الذي يجلس هناك، فاخبروه أنه تلميذة أبو يوسف قد شفي ..

    فقرر الإمام أبو حنيفة أن يبين لأبو يوسف أنه مازال طالبا للعلم، فأرسل احد طلابه للجلوس في حلقة الشيخ أبو يوسف وأن يطرح عليه مسألة

    فقال التلميذ: ما قولك في رجل أعطى ثوبه لخياط لتقصيره فلما رجع الرجل ليأخذ ثوبه قال صاحب الخياط أنه لم يأخذ منه الثوب، ثم أحضر رجالا واكتشفوا وجود الثوب لديه وقد قام بتقصيره بالفعل... هل يعطي الرجل أجرة الثوب للخياط ام لا ؟


    فقال : أبو يوسف نعم يعطيه لأنه قصره ، فقال له التلميذ ولكنه كان ينوي سرقته، قال: أبو يوسف إذا لا يعطيه اجراً فقال له التمليذ لقد اخطأت

    وبذكائه قال أبو يوسف للتلميذ من أرسلك فقال الإمام أبو حنيفة، فذهب أبو يوسف لشيخه وقال له يا شيخ أريد أن أسألك في مسألة وحكى له نفس المسألة فتجاهله الإمام ثم عاد وكرر سؤاله

    فاجابة الإمام: إن كان الخياط قص الثوب على طول الرجل فهو لم يكن ينوي سرقته قبل تقصيره، وإن كان قد قصر الثوب على مقاس الخياط نفسه فقد كان ينوي سرقته قبل تقصيره.انتهى.

    وهنا صيغة أخرى للرواية:

    مرض أبو يوسف مرضًا شديدًا، فعاده أستاذه أبو حنيفة مرارًا. فلما صار إليه آخر مرة، رآه

    ثقيلاً، فاسترجع، ثم قال: لقد كنتُ أُؤَمّله بعدي للمسلمين، ولئن أُصيبَ الناسُ به ليموتَنّ علمٌ

    كثير. ‏ ‏ ثم رُزق أبو يوسف العافية، وخرج من العِلَّة. فلما أُخبِر بقول أبي حنيفة فيه، ارتفعت

    نفسُه، وانصرفت وجوه الناس إليه، فعقد لنفسه مجلسـًا في الفقه، وقصـَّر عن لُزوم مجلس أبي

    حنيفة. ‏ ‏ وسأل أبو حنيفة عنه فأُخبر أنه عقد لنفسه مجلسًا بعد أن بلغه كلام أستاذه فيه. فدعا

    أبو حنيفة رجلاً وقال له: ‏ صـِرْ إلى مجلس أبي يوسف، فقل له: ما تقول في رجل دفع إلى قَصَّار

    ثوبًا ليصبغه بدرهم، فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب، فقال له القصار: ما لك عندي شيء،

    وأنكره. ثم إن صاحب الثوب رجع إليه، فدفع إليه الثوب مصبوغًا، أَلَه أجرُه؟ فإن قال أبو

    يوسف: له أجره، فقل له: أخطأت. وإن قال: لا أجرَ له فقل له: أخطأت! ‏ ‏ فصار الرجل إلى أبي

    يوسف وسأله، فقال أبو يوسف: ‏ ‏ له الأجرة. ‏ ‏ قال الرجل: أخطأت. ‏ ‏ ففكر ساعة، ثم قال: ‏ ‏ لا

    أجرة له. ‏ ‏ فقال له: أخطأت! ‏ ‏ فقام أبو يوسف من ساعته، فأتى أبا حنيفة. فقال له: ‏ ‏ ما جاء

    بك إلا مسألةُ القصَّار. ‏ ‏ قال: أجل. ‏ ‏ فقال أبو حنيفة: ‏ ‏ سبحان اللّه! من قعد يُفتي الناس، وعقد

    مجلسًا يتكلم في دين اللّه، لا يُحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات؟! ‏ ‏ فقال: ‏ ‏ يا أبا حنيفة،

    علِّمني. ‏ ‏ فقال: ‏ ‏ إنْ صبغه القصار بعدما غَصَبه فلا أجرة له، لأنه صبغ لنفسه، وإن كان صبغه

    قبل أن يغصبه، فله الأجرة، لأنه صبغه لصاحبه. ‏ ‏ ثم قال: مَن ظن أن يستغني عن التعلُّم فَلْيَبكِ

    على نفسه. ‏

    من كتاب "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي. ‏


    الكلام منقول من احدى المنتديات.
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

    قيل لمحمد بن الحسن الشيباني: ألَا تُصنِّف في الورع والزهد شيئا؟
    فقال: قد صنّفتُ كتابَ "البيوع".

    مع الشكر لمشاركات الإخوة المتقدّمة ..
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    92

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي مشاهدة المشاركة
    الإنسان كلما ازداد علما ازداد في الوقت نفسه مقدار ما في الوجود من علم من وجهة نظره، وبذلك يشعر أن علمه يقل كلما ازداد علما !! لأن النسبة بين ما حصله وبين ما بقي تقل!
    وهذا معنى ما قاله بعض السلف: إن الإنسان كلما ازداد علما ازداد بصرا بجهله..
    أحسنت أخي وبارك الله فيك , وهذا معنى قول الأول :
    كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي .... وإذا ما ازددت علما زادني علما بجهلي .

    والله من وراء القصد .
    تموت النفوس بأوصابها..........ول م يدر عوادها ما بها
    وما أنصفت مهجة تشتكي......أذاها إلى غير أحبابها

  15. #15

    افتراضي رد: كتاب "البيوع" (المفرد) للماوردي، فائدة وموعظة للمعجبين بمؤلفاتهم.

    ماشاء الله صفحة نافعة بارك الله بكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •