مِنْ ذكاء العرب ونباهتهم !
« الموضوع فيه إنّ » !
ما قصة هذه الـ «إنّ» ؟
كان في مدينة حلَب أمير ذكيٌّ فطِنٌ شجاعٌ اسمه ( علي بن مُنقِذ )،
وكان تابعاً للملك ( محمود بن مرداس ) .
حدثَ خلافٌ بين الملكِ والأميرِ، وفطِن الأمير إلى أنّ الملكَ سيقتله ، فهرَبَ مِن حلَبَ إلى بلده دمشق .
طلب الملكُ مِنْ كاتبِه أن يكتبَ رسالةً إلى الأمير عليِّ بنِ مُنقذ ، يطمئنُهُ فيها ويستدعيه للرجوعِ إلى حلَب .
وكان الملوك يجعلون وظيفةَ الكاتبِ لرجلٍ ذكي ، حتى يُحسِنَ صياغةَ الرسائلِ التي تُرسَلُ للملوك ،
بل وكان أحياناً يصيرُ الكاتبُ ملِكاً إذا مات الملك .
شعَرَ الكاتبُ بأنّ الملِكَ ينوي الغدر بالأمير ، فكتب له رسالةً عاديةً جداً
ولكنه كتبَ في نهايتها : " إنَّ شاء اللهُ تعالى "، بتشديد النون !
ولما قرأ الأمير الرسالة ، وقف متعجباً عند ذلك الخطأ في نهايتها
فهو يعرف حذاقة الكاتب ومهارته ، لكنّه أدرك فوراً أنّ الكاتبَ يُحذِّرُه من شئ ما حينما شدّدَ تلك النون !
ولمْ يلبث أنْ فطِنَ إلى قولِه تعالى : ( إنّ الملأَ يأتمرون بك ليقتلوك ) .
ثم بعث الأمير رده برسالة عاديّةٍ يشكرُ للملكَ أفضالَه ويطمئنُه على ثقتِهِ الشديدةِ به،
وختمها بعبارة : « انّا الخادمُ المُقِرُّ بالإنعام » .
فلما قرأها الكاتبُ فطِن إلى أنّ الأمير يبلغه أنه قد تنبّه إلى تحذيره المبطن
وأنه يرُدّ عليه بقولِه تعالى : ( إنّا لن ندخلَها أبداً ما داموا فيها ) .
واطمئن إلى أنّ الأمير ابنَ مُنقِذٍ لن يعودَ إلى حلَبَ في ظلِّ وجودِ ذلك الملكِ الغادر .
ومنذ هذه الحادثةِ ، صارَ الجيلُ بعدَ الجيلِ يقولونَ للموضوعِ إذا كان فيه شكٌّ أو غموض :
« الموضوع فيه إنّ » ! .
... منقول بتصرف ...