تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 51

الموضوع: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    18

    افتراضي الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله التقي الأمين ، وعلى آله وأصحابه الغُر الميامين ن ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
    وبعد
    فإن الله تعالى أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم هُدى للناس ، وبينَ لهُمْ الحلالَ مِنَ الحرامِ بلا التباس ، وأرشدهم عند التنازعِ بالرجوعِ إليهِ ، وحذرهمْ مِنَ التفرقِ والاختلافِ عليهِ .
    وهناكَ بينَ الحلالِ والحرامِ مُشتبهاتٌ لا يَعلمهُنَّ كَثيرٌ مِنَ الناسِ ، من اتقاها فقد استبرأ لِدينهِ وعِرضهِ ، ومَن وقعَ فيها فقد وقَع فِي الحَرام .
    فيجب على المسلم أن يكون وقَّافاً عندَ كتابِ اللهِ تعالى وسُنةِ نبيه صصص ، لا يتجاوزهما ولا يخالفهما ، ولا يحرف النصوص عما دلت عليه ، و يُبادِر بتقديمها ، ويُلزمُ نفسَهُ الامتثالَ بها.
    وسأتكلم هنا عن حكم ( الغناء ) وأقوال أهلِ العلمِ الراسخينَ فيهِ ، إبراءً للذمةِ ، وأدَاءً للأمانةِ ، وتَـنبيهاً للأمةِ .
    فأقول مستعينا بالله :
    حتى تُفهم هذه المسألة ، لا بُدَ من التفريق بين الكلام الذي اشتمل على كلامٍ منثورٍ أو مَنظومٍ مَوزونٍ - سواءً اشتملَ على معاني مُبَاحةٍ أو مُحرَّمةٍ - وبينَ المزامير ِ والمَعازفِ .
    والتفريق بينهما مهم جداً ؛ لأنه قد يشتبه على بعض الناس كلام أهل العلم ، وما قصدوه في كلامهم على هذه المسألة ، فقد يََعنون بالغناء المعنى الأول ، وقد يَعنون به ما خالطَتهُ المَعازف والمزامير .والله الموفق .

    المبحث الأول : بيان معنى الغناء في اللغة
    1- قد يطلق ويُراد به صوت صاحب الغناء .
    قال الإمام ابن فارس : " غِنَى : الغين والنون والميم والحرف المعتل أصلان صحيحان ، أحدهُما يدل على الكِفاية ، والآخرُ صوتٌ ... والأصل : الغِناءُ من الصوت ، والأُغنِيَةُ : اللونُ من الغِنَاءِ " . ( 1 )
    قال الإمام النووي : " والغِناءُ بالكسر أيضاً وبالمد : هو الصوتُ المعروف " . ( 2 )

    2- وقد يطلق ويُراد به السماع . أي سماع ذلك الصوت .
    قال الإمام الجوهري : " والأغنِيَة ُ : الغِنَاءُ والجمعُ الأغَانِي ، تقولُ مِنهُ : تَغَنَّى ، وغَنَّى .
    والغِنَاءُ بالكَسرِ : مِنَ السَّمَاع " . ( 3 )
    ولذلك سمَّى جمعٌ من أهل العلم الغناء وما يتعلق به من آلا ت لهو من معازف ومزامير واستماع له بمسألة : السماع .

    المبحث الثاني : الكلام المجرد عن آلات اللهو من معازف ومزامير ونحوها .
    بعض العلماءِ يُسمي هذا النوعَ أيضاً غِناءً ، وبعضهم حُداءً ، وبعضهم زهديات وإنشاد ونحوها .
    قال الإمام محمد السَّفَّارِينِي في كلامه عن الغِناءِ : " وهو مَقسومٌ إلى قِسمينِ : مفهومٍ كالأشعارِ ، وغيرِ مفهومٍ كأصواتِ الجماداتِ وهي المزاميرِ كالشَّبَابَةِ والأوتارِ ، والثاني لا شك في حرمتهِ على المذهبِ المُعتَمد " . ( 4 )

    وسأتكلم هنا عن النوع الأول الذي ذكرهُ الإمام السَّفَّاريني والذي سماه بالمفهوم كالشعر ونحوه .
    1- إذا كان الكلام شعراً أو نثراً مشتملاً على تشبيب بالنساء ووصف لهن والتغزل فيهن وفي المُردانِ والخَمرِ ونحو ذلك ، فهذا تحريمه معلومٌ ومُجمعٌ عليه بين أهل العلم .
    قال الإمام ابن رجب : " والمراد بالغِناء المحرم : ما كان من الشعر الرقيق الذي فيه تشبيب بالنساء ونحوه مما توصفُ فيهِ محاسنُ من تَهيجُ الطباعُ بسماعِ وَصفِ مَحاسِنهِ فهذا هو الغناءُ المَنهِيُّ عَنهُ ، وبذلك فسرَّهُ الإمام أحمد ، وإسحاق بن راهويه وغيرهما من الأئمة " . ( 5 )
    وقال الإمام طاهر الطبري : " إنشاد الشعر إذا لم يكُن فيهِ تشبيبٌ وتطريب بامرأة فإنه مُباحٌ " . ( 6 )
    وقال الإمام القرطبي : " مِنَ الغِناءِ ما ينتهي سمَاعُهُ إلى التحريم ، وذلك كالأشعَارِ التي توصَفُ فيها الصورُ المستحسناتُ والخمر وغير ذلك مما يُحرك الطباع ويُخرجها عن الاعتدال ، أو يُثيرُ كامِناً من حُبِّ اللهو ... لا سيما إذا اقترنَ بذلكَ شبَّابَات وطارات مثل ما يُفعلُ اليوم في هذه الأزمانِ " . ( 7 )

    2- وأما إذا لم يشتمل الشعرُ أو النثرُ على شيءٍ مِن ذلكَ ، وإنما هو قصائد في الزهد والوعظ المرققة للقلوب فهناك خِلاف بين أهل العلم في حُكمهِ .
    القول الأول : الإباحة . وقال به جمعٌ من أهل العلم منهم الإمام أبو بكر الخلال الحنبلي ، وأبو بكر غلام خليل الحنبلي .
    قال الإمام ابن رجب : " فأما ما لم يكن فيه شيءٌ من ذلك فإنهُ ليس بمُحرَّمٍ وإن سُمِّىَ غِنَاءً ، وعلى هذا حَملَ الإمامُ أحمدُ حَديثَ عائشةَ رضي الله عنها في الرُّخصَةِ في غِناءِ الأنصارِ ، وقال: هو غِنَاءُ الرُّكبَانِ " أتيناكم أتيناكم " . وعلى مِثلِ ذلكَ حمَلَ طوائفُ من العلماءِ قولُ من رخَّصَ في الغِناءِ من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم ، وقالوا: إنما أرادوا الأشعار التي لا تتضمنُ ما يُهيجُ الطباعَ إلى الهوى ، وقريبٌ من ذلك الحُداءُ ، وليس في شيء من ذلك ما يُحرِّكُ النفُوسَ إلى شهواتها المحرمة " . ( 8 )
    قال الإمام ابن الجوزي : " كان الغناء في زمانه إنشادَ قصائدَ الزهدِ إلا أنهم كانوا يُلحِّنونها " . ( 9 )
    وقال ابن رجب : " وحُكي عنه – أي الإمام أحمد – روايةٌ أخرى في الرخصة في سماع القصائد المُجردة " .
    وقال أيضاً : " وذكروا أن الإمام أحمد سمعَ في منزلهِ من وراء الباب مُنشداً يُنشدُ أبياتاً من هذه الزهديات ولم يُنكر ذلكَ ، لكن لم يكُن مع إنشادها تغبـيرٌ ولا ضربٌ بقضيبٍ ولا غيرهُ " . ( 10 )
    وقال الإمام طاهر الطبري : " إنشاد الشعر إذا لم يكُن فيهِ تشبِيبٌ وتطريبٌ بامرأة فإنه مباحٌ ... وإذا جاز ذلك بكلامٍ منثور جاز بكلامٍ منظُومٍ موزونٍ وهو الشعرُ ولا فرق بينهما " . ( 11 )
    وقال الإمام محمد السَّفَّارِينِي : " لأن الغناءَ إنما هو عبارَةٌ عن الأصوات الحَسَنة والنغماتُ المُطربةُ يَصدُرُ عنها كلامٌ مَوزونٌ مَفهومٌ ، فالوصفُ الأعَمُّ فيهِ إنما هو الصوتُ الحَسَنُ والنَّغْمةُ الطَّيِّبةُ " . ( 12 )
    والأمثلة على هذا السماع المُباح : سماع القصائد والأشعار التي لا محظور فيها ، فقد سمع النبي صصص شعر حسان بن ثابت ررر وكعب بن مالك ررر وكعب بن زهير ررر وغيرهم رضي الله عنهم ، و سمع صصص حادي يحدوا في السفر يٌقال له أنجشة ررر .
    و سمع النبي صصص شعر أمية بن أبي الصلت الثقفي ، فقال عنه: ( آمن لسانه ولم يؤمن قلبه ) .
    وسمع كذلك عليه الصلاة والسلام شعر النابغة الجعدي ودعا له فقال : ( لا يُفضض الله فاك يا أبا ليلى ) فعاش مائة سنة لم تسقط له سن .
    وروى الإمام أحمد وابن ماجه أن النبي صصص قال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ( أهديتم الجارية إلى بيتها ) قالت : نعم . قال: ( فهلا بعثتم معها من يُغنيهم يقول : أتيناكم أتيناكم فحيونا نحيكم ) . ( 13 )
    وسمع النبيُّ صصص حُدَاءَ عامرِ بنِ الأكوعِ ررر وهو يقول :
    اللهُمَّ لولا أنتَ ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
    فأنزلنْ سكينـةً علينـا ... وثبتِ الأقدَامَ إنْ لاقينـا
    إنَّا إذا صِيْحَ بِنَا أتَيْنَـا ... وبالصِّيَـاحِ عوَّلوا علينَـا
    فقال رسول الله صصص : ( من هذا السائق ؟ ) قالوا: عامرُ بنُ الأكوعِ . قال : ( يرحمُهُ اللهُ ) . ( 14 )
    تنبيه : هذا القول إنما هو في الترخيص في التغني بالشعر والقصائد الزهدية المُرقِّقة دون المشتملة على آلات اللهو والمعازف والمزامير .
    قال الإمام ابن رجب: " إنما أرادوا سماع هذه القصائدِ الزُّهدِيةِ المُرَّقِّقةِ ، لم يُرخِّصوا في أكثرَ مِن ذلكَ " . ( 15 )
    القول الثاني : يُباحُ مع الكراهة .
    قال الإمام ابن الجوزي: " الروايتين عن الإمام أحمد في الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات المُلحَّنة ، فأما الغِناءُ المعروف اليوم فمحظور عِندهُ كيف ولو علمَ ما أحدث الناسُ من الزيادات " . ( 16 )
    وهناك شروط اشترطها بعض أهل العلم في هذا النوع وهي : الاستتارُ في بَيتهِ ، وعَدمُ الإكثارِ والزيادة مِنهُ ، وأن يكون متخفياً ، لم يتخذ الغِناءَ صِناعةً لهُ ، وكان غِناءُهُ يسيراً . وقال بهذا القاضي أبو يعلى الحنبلي .
    قال الإمام ابن عبدالقوي في منضومة الآداب :
    وحَظْرُ الغِنَاءِ الأكثرُونَ قَضَوا بهِ ... وَعَنْ أبَوَي بَكْـرٍ إمَـامٍ ومُقتَـدِ
    إباحتُـهُ لا كُرهُـهُ وأبَاحَـهُ الـ ... إمامُ أبو يعلى مَعَ الكُرهِ فَاشْهَـدِ
    فمَنْ يَسْتَتِرْ في بَيتِهِ لِسمَاعـهِ الـ ... غِناءَ ولـم يُكثْـرْ ولَـمْ يَتَزَيَّـدِ
    وَغَنَّى يَسِيْراً فِي خَفَـاءٍ لِنَفْسِـهِ ... فَلا بَأسَ وَاقْبَلْ إنْ يُرَجِّعْ وَيُنْشـدِ
    قال السَّفَّارِينِي شارحاً للمنظومة : " فعلى المذهب من يستتر منَ الرجال والنساءِ في بيتهِ لأجلِ سماعِ الغناء ولم يُكثر من ذلكَ ولم يتزيد منهُ ، ولم يقترن بآلة لهوٍ ، ولم يكُن المُغني امرأة أجنبيةٌ لِحُرمةِ التلذذ بصوتها ، بل غَنَّى غِناءً غَيرَ كَثيرٍ ، فإن أكثرَ مِنهُ رُدَّت شهَادتُهُ ؛ لأنه سَفَاهَة ٌ ودَناءَةٌ يُسقِطُ المُروءةَ ، وأما إن غَنَّى يَسيراً في حَالِ خَفاءٍ لِنفسِهِ ولم يَتخذهُ صِناعَةً يُداومْهُ على ما مَرَّ فلا بأسَ ولا حرج ولا حُرمة " . ( 17 )

    المبحث الثالث : الغناء المحرم .
    إن الغِناء المحرم هو ما اشتمل على الكلام المحرم سواءً صاحبَهُ آلاتُ اللهو أم لا ، وأما آلات اللهو فهي محرمة بالإجماع ، وقد بين العلماء رحمهم الله تعالى حرمة هذا الغناءَ والذي أصبح ذلك الاسم علماً عليه .
    قال الإمام ابن الجوزي : " وقد أخرجوا لهذه الأغاني ألحاناً مختلفةً كُلها تُخرجُ سامعها عن حَيزِ الاعتدالِ وتُثير حُبَّ الهوى .. وقد أضافوا إلى ذلك ضرب القضيب والإيقاع به على وفق الإنشاد والدفِّ بالجَلاجِلِ ، والشَّبَابةِ النائة عن الزمر ، فهذا الغناء المعروف اليوم " . ( 18 )
    * قال ابن مسعود ررر : " الغِناءُ يُنبت النفاق في القلب كما يُبتُ الماءُ الزرعَ " . ( 19 )
    * وكتب الخليفةُ العادل عُمرُ بن عبدالعزيز إلى مؤدب ولده : " وليُكن أولَ ما يعتقدونَ من أدبكَ بُغضُ الملاهي التي بدؤها من الشيطان ن وعاقبتها سَخطُ الرحمن ، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حُضُورَ المعازفِ واستماعُ الأغاني ، واللهَجُ بهما يُنبتُ النفاق في القلب كما يُنبتُ العُشبَ الماءُ " . ( 20 )
    * وسُئل الإمامُ الفقيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن الغِناء ؟ فقال : " أنهاكَ عنهُ وأكرهُهُ لكَ . قال : أحرامٌ هو ؟ قال: انظر يا ابن أخي إذا ميز اللهُ الحقَّ مِن الباطلِ في أيهِمَا يُجعلُ الغِناءُ ؟ " . ( 21 )
    * وقال يزيد بن الوليد الأموي: " يا بني أمية: إياكم والغِناءَ ؛ فإنه يُنقصُ الحياءَ ، ويَزيدُ الشهوةَ ن ويهدمُ المروءةَ ، وإنهُ لينُوبُ عن الخمرِ ، ويفعلُ ما يفعلُهُ السُّكرُ ، فإن كنتُم لا بُدَّ فاعلينَ فجنِّبوهُ النساءَ، فإن الغناء رقية الزنا ". ( 22 )
    * وقال الشَّعبِي : " لعنَ اللهُ المُغنِّي والمُغنَّى لهُ " . ( 23 )
    * وقال الحكُم : " حُبُّ السَّماعِ يُنبتُ النفاق في القلب " . ( 24 )
    * وقال الفُضيلُ بنُ عِياضٍ : " الغِناءُ رُقيةُ الزِّنا " . ( 25 )
    * وقال الضحَّاك : " الغِناءُ مفسدةٌ للقلبِ مسخطةٌ للرب " . ( 26 )
    * وأما الإمامُ أبو حنيفةً : فإنه يكره الغناء ويجعل سماعَ الغِناءِ من الذنوب ، وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة ، وسُفيان الثوري ، وحماد ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي وغيرهم ، لا اختلافَ بينهم في ذلك ن ولا يُعرفُ أيضاً بين أهل البصرة خِلافاً في كراهية ذلك والمنع منهُ " . ( 27 )
    وقال القاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة – في دارٍ يُسمعُ منها صوتُ المَعازفِ والمَلاهي - : " اُدخُلْ عَليهم بغير إذنِهم ؛ لأن النهي عن المُنكر فرضٌ ، لو لم يَجُزْ الدخولُ بغير إذنٍ لامْتَنَعَ الناسُ من إقَامَةِ الفَرضِ " .
    قال الإمام ابن القيم : " مذهبُ أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب وقولهُ فيه أغلظ الأقوال ، وقد صرَّح أصحابهُ بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف ، حتى الضربَ بالقضيبِ ، وصرحوا بأنه معصيةٌ يوجبُ الفِسقَ وتُردُّ به الشهادةُ ، وأبلغُ من ذلكَ أنهم قالوا إن السماعَ فِسقٌ والتلذذُ بهِ كُفرٌ " . ( 28 )
    * وقال إسحاق بنُ عيسى الطَّباع سألتُ مالكَ بن أنس عن ما يترخصُ فيه أهل المدينة من الغِناء ؟ فقال : " إنما يفعلهُ عِندنا الفُسَّاقُ " . ( 29 )
    * ونهى الإمام مالك عن الغِناء وعن استماعه وقال : " إذا اشترى جاريةً مغنيةً كان لهُ ردُّها بالعيبِ " . ( 30 )
    * وقال الإمام الشافعي : " الغِناءُ لهوٌ مكروه يُشبهُ الباطل ومن استكثرَ مِنهُ فهو سفيه تُرد شهادته " . ( 31 )
    وقال أيضاً : " صاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيهٌ تُردُّ شهادتهُ " .
    وقال أيضاً : " هو دِياثةٌ " .
    قال الإمام طاهر الطبري : " وإنما جعل صاحبها سفيهاً ؛ لأنه دعا الناس إلى الباطل فكانَ سَفيهاً فاسقاً " . ( 32 )
    * وقال الشافعي أيضاً : " خَلَّفتُ بالعراقِ شيئاً أحدثَهُ الزنادقة يُسمونهُ التَّغْبِـيْر ، يُشغلونَ به الناس عن القرآن " . ( 33 )
    * قال الإمام ابن رجب: " سماع القصائد الرقيقة المتضمنة للزهد والتخويف والتشويق ، فكان كثير من أهل السلوك والعبادة يستمعون ذلك وربما أنشدوه بنوعٍ من الألحان استجلاباً لترقيق القلب بها ، ثم صار منهم من يضرب مع إنشادها على جلدٍ ونحوهِ بقضيبٍ وكانوا يُسمون ذلك التَّغبِـير " . ( 34 )
    * وقال الشافعي : " لا يجوز الغناءُ ولا سماعُهُ ولا الضرب بالقضيب " . ( 35 )
    * قال الإمام البيهقي: " الرجلُ يُغَنِّي فيَتخِذِ الغِنَاءَ صِنَاعةً لهُ يُؤتى عليهِ ويُؤتى لهُ ويكونُ مَنسوباً إليهِ مَشهوراً بهِ مَعروفاً أو المرأة ، قال الشافعي : " لا يجوز شهادةُ واحدٍ منهما ؛ لأنهُ من اللهو المكروه الذي يُشبهُ البَاطلَ ، فإن من فعلَ هذا كانَ منسوباً إلى السَّفَهِ ، ومَن رضيَ هذا لِنفسِهِ كانَ مُستَخِفَّـاً " . ( 36 )
    * قال ابن الجوزي: " وقد كان رؤساءُ أصحاب الشافعي رضي الله عنهم يُنكرون السماع ، وأما قُدماءُهم فلا يُعرف بينهُم خِلافٌ ، وأما أكابر المتأخرين فعلى الإنكار قال القاضي أبو بكر الشامي الشافعي : " لا يجوز الغناء ولا سماعه ولا الضربُ بالقضيب ، ومن أضاف إلى الشافعي هذا فقد كذب عليه " فهذا قولُ عُلماء الشافعية وأهل التدين منهم ، وإنما رخَّصَ في ذلكَ من متأخريهم من قلَّ عِلمُهُ وغلبهُ هواهُ " . ( 37 )
    * وقد سُئلَ إمامُ الشافعيةِ في زمانهِ العزُّ بنُ عبدالسلام سؤالاً هذه صُورتُهُ : " هل بين العلماءِ رضي الله عنهم خِلافٌ
    في أن مجموع ( هذه الآلات ) الدفَّ المجلجلِ ، والشَّبابةَِ ، والغِناءَ المتضمنَ تشبـيباً من شخص أمرد جميلِ الشكل محرم منهي عنه مُعاقب عليه أم ؟ " .
    فأجاب : " لا يُقدمُ على هذا السماع إلا غَبيٌّ فاجِرٌ قد غَلبَهُ هواهُ وعصى مولاهُ " . ( 38 )
    * وقال الإمام أحمد : " الغِناءُ يُنبتُ النفاق في القلب لا يُعجبني " .
    وقال أيضاً : " التغبـير بدعةٌ " فقيل له إنه يرقق القلب . فقال : هو بدعةٌ " . ( 39 )
    * وسُئل الإمامُ أحمدُ عن رجلٍ ماتَ وتركَ ولداً وجاريةً مغنيةً ، فاحتاج الصبي إلى بيعها . فقال : " لا تُباع على أنها مُغنيةٌ " فقيل له : إنها تُساوي ثلاثين ألفَ دِرهم ، ولعلها إذا بيعت ساذجة تُساوي عشرين ديناراً . فقال : " لا تُباع إلا على أنها ساذجة " . ( 40 )
    قال ابن الجوزي : " وهذا دليلٌ على أن الغِناءَ محظورٌ ؛ إذ لو لم يكُن محظوراً ما أجاز تفويتَ المالَ على اليتيم " . ( 41 )
    * وذكر الإمام الآجُرِّيُّ إجماع العلماء على تحريم الغِناء . ( 42 )
    * وقال الإمام الحكيم الترمذي : " الغِناءُ مُهيِّجٌ للنفُوسِ الأمَّارةِ بالسوءِ ، الدَّاعيةِ إلى ركونِ الدنيا وشَهَواتِها ، المُلهيةِ عن ذِكرِ اللهِ ، وعَن ذِكرِ ما أعدَّهُ " . ( 43 )
    * وقال الإمام ابن الصلاح : " فليُعلم أن الدفَّ والشَّبَابةَ والغِناءَ إذا اجتمعتْ فاستماع ذلك حرامٌ عِندَ أئمة المذاهبِ وغيرهم من علماء المسلمينَ ، ولم يثبُت عن أحد ممن يُعتدُّ بقولهِ في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع ... ومَن نسَبَ إباحتَهُ إلى أحدٍ يجوزُ الاقتداءُ بهِ في الدين فقد أخطأ " . ( 44 )
    * وقال الإمام ابن القطان الفاسي : " والغناء الذي يتغنَّى بهِ الفُسَّاق وهو الغِناءُ المَنهي عنهُ مذموم عند الجميع " . ( 45 )
    * قال الإمام ابن الجوزي : " اعلم أن سماعَ الغِناءِ يجمعُ شيئينِ : أحدهما : أنهُ يُلهي القلبَ عن التفكُّر في عظمةِ اللهِ سبحانَهُ والقيام بخدمتهِ ، والثاني : أنهُ يُميلُهُ إلى اللذاتِ العاجِلَةِ التي تدعوا إلى استيفائها مِن جَميعِ الشهواتِ الحِسِّيةِ ومُعظمها النكاحُ وليسَ تَمامُ لذَّتِهِ إلا في المُتجدِّدات ، ولا سبيل إلى كثرة المُتجدِّداتِ مِنَ الحِلِّ ؛ فلذلكَ يَحُثُّ على الزنا ، فبينَ الغِناءِ والزنا تناسبٌ من جهة أن الغِناءَ لذةُ الروحِ ، والزِّنا أكبرُ لذاتِ النفسِ ، ولهذا جاء في الحديث : الغِناءُ رُقيةُ الزنا " . ( 46 )
    * وقال ابن تيمية : " قد عُلمَ بالاضطرار من دين الإسلام أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعُبَّادِهم وزهَّادِهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات المُلحنة ، مع ضرب بالأكف أو ضربٍ بالقضيبِ أو الدفِّ ، كما لم يُبح أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة ، لا في باطن الأمر ولا في ظاهره لا لِعامِّيٍّ ولا لِخاصٍّ " . ( 47 )
    * قال الإمام ابن رجب : " الثابتُ عن الصحابة رضي الله عنهم ذمَّ الغِناء وآلات اللهو ، وقَد رُويَ ما يُوهِمُ الرُّخصةَ عَن بَعضِهِم وليسَ بمُخالِفٍ لهذا فإنَّ الرُّخصةَ إنما ورَدَت عنهُم في إنشَادِ أشعَارِ الأعرابِ عَن طريقِ الحُداء ونحوهِ مما لا محذُورَ فيهِ " . ( 48 )

    وقد أحسنَ القائلُ :
    تُليَ الكِتابُ فأطرقوا لا خيفـةً ... لكنَّـهُ إطـراقُ سـاهٍ لاهِـيْ
    وأتى الغِناءُ فكالحَميْرِ تنَاهَقوا ... واللهِ مَا رَقَصـوا لأجـلِ اللهِ
    دُفٌّ ومِزمَارٌ ونَغمَـةُ شَـادِنٍ ... فمتى رأيتَ عِبَـادَةً بمَلاهِـيْ
    ثَقُلَ الكِتَابُ عَليْهُـمُ لمَّـا رأوا ... تَقييـدَهُ بأوامـرٍ ونـواهِـيْ
    سَمِعُوا لهُ رَعْداً وبَرقَاً إذ حوى ... زجْراً وتَخْوِيفاً بِفِعْلِ مَنَاهِـيْ
    وراوهُ أعظَمَ قَاطِعٍ للنَّفسِ عَن ... شَهَواتِهَا يَا ذبحهَـا المُتَنَاهِـيْ
    وأتى السَّمَاعُ مُوافِقاً اغرَاضَهَا ... فلأجلِ ذاكَ غّدَا عَظِيْمَ الجَـاهِ

    وقال آخر :
    برئنا إلى الله من مَعشَـرٍ ... بهِم مَرَضٌ مِنْ سَمَاعِ الغِنَا
    وَكَمْ قُلتُ يا قَومِي أنتُمْ عَلى ... شَفَا جُرُفٍ مَا لَهُ مِنْ بِنَـا
    شَفَا جُـرُفٍ تَحتَـهُ هُـوَّةً ... إلى دَرَكٍ كَمْ بهِ مِنْ عَنَـا
    وتِكرارُ ذا النُّصحِ مِنَّا لَهُمْ ... لِنُعذرَ فيهِـمْ إلـى رَبِّنَـا
    فلمَّـا استَهَانُـوا بتَنبِيْهِنَـا ... رَجعنَا إلى اللهِ في أمرِنَـا
    فَعِشنَا على سُنَّةِ المُصطَفى ... ومَاتـوا عـلـى تَنتَـنَـا

    وما أحسن ما قاله بعض العلماء وقد شاهدَ هذا وأفعالهم :
    ألاَ قُلْ لهُم قَولَ عَبدٍ نَصُـوحْ ... وَحَقُّ النَّصِيحَـةِ أنْ تُستَمَـعْ
    مَتى عَلِمَ النَّـاسُ فـي دِينِنَـا ... بـأنَّ الغِنـا سُنَّـةٌ تُتَّـبَـعْ
    وأنْ يَأكُل المَرءُ أكلَ الحِمَـار ... وَيَسقُطَ في الجَمعِ حَتَّى يَقَـعْ
    وقالوا سَكِرنَا بحُـبِّ الإلـهِ ... ومَا أسْكَرَ القَومَ إلا القِصَـعْ
    كَذاكَ البهائـمُُ إنْ أُشْبِعَـت ... ْيُرقِّصُهَـا رِيُّهَـا والشِّـبَـعْ
    ويُسكِرُهُ النَّـايُ ثـمَّ الغِنَـا ... و ( يَسٌ ) لو تُلِيَتْ ما انصَدَعْ
    فيـا لِلعُقُـولِ ويـا لِلنُّهـى ... ألا مُنْكِـرٌ مِنـكُـمُ للـبِـدَعْ

    وقال الآخر :
    فدَعْ صَاحِبَ المِزمَارِ والدُّفِ والغِنَا ... ومَا اختَارَهُ عَن طاعـةِ الله مَذهبَـا
    ودَعْهُ يَعِشْ فـي غَيِّـهِ وضَلالـهِ ... على تَنتَنَـا يَحيَـا ويُبعَـثُ أشيَبَـا
    وفي تَنتَنَـا يَـومَ المَعَـادِ نجَاتُـهُ ... إلى الجنَّةِ الحَمراءِ يُدعَـى مُقرَّبَـا
    سَيَعلمُ يَومَ العَـرضِ أيُّ بضَاعَـةٍ ... أضَاعَ وعِندَ الوَزنِ مَا خَفَّ أو رَبَا
    ويَعلمُ مَـا قـد كَـانَ فيـهِ حَياتُـهُ ... إذا حَصَلـتْ أعمَالُـهُ كُلَّهـا هَبَـا
    دَعَاهُ الهُدَى والغَيُّ من ذا يُجِيبُـهُ ؟ ... فقالَ لِدَاعِيْ الغَـيِّ أهـلاَ ومَرحَبَـا
    وأعرضَ عن دَاعي الهُدى قائلاً لَهُ : ... هَوَايَ إلى صوتِ المعَازِفِ قَد صَبَا

    وقَد ذكرَ الإمامُ ابن القيم للغناء أربَعةَ عَشَر اسماً قبيحاً وبيَّنَ كل واحد منها في فصل خاص ذكرَ فيهِ أدلة كل اسم منها ومعناه .
    فقال رحمه الله : " هذا السَّمَاعُ الشيطاني المُضادُّ للسَّمَاعِ الرَّحماني . لهُ بِضعَة عَشرَ اسماً : اللهو ، واللغو ، والباطل ، والزور ، والمُكاء ، والتصدية ، ورُقية الزنَا ، وقُرآن الشيطان ، ومَنبَتُ النفاقِ في القلب ، والصوتُ الأحمق ، والصوتُ الفاجر ، وصوت الشيطان ، ومَزمُر الشيطان ، والسُّمُود " .
    أسماؤهُ دّلَّتْ عَلى أوصَافِهِ ... قُبحَاً لِذيْ الأسمَاءِ والأوصَافِ
    فنذكُرُ مَخَازيَ هذه الأسمَاء ، ووقوعُها عليهِ في كلامِ اللهِ وكَلامِ رَسُولهِ، والصَّحَابَةُ، ليَعلمَ أصحَابُهُ وأهلُهُ بما بهِ ظَفَروا، وأيُّ تِجَارَةٍ رَابِحَةٍ خَسِرُوا ". ( 49 )
    قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله :" وكم قد فَتنَتْ الأصواتُ بالغِنَاء مِن عَابِدٍ وزاهِدٍ وقد ذكرنَا جُملَةً مِن أخبارِهِم في كِتَابِنَا المُسمَّى بذَمِّ الهَوَى " . ( 50 )
    إذا كان هذا فعلها بالعابد والزاهد فكيف بمن أقل منهم عبادةً وزهداً ، هذا في ذلك الزمن الذي بيننا وبينه أكثر من 1000 سنة ، فماذا نقول عن الناس في زمننا هذا ؟؟
    قال الإمام العلامة محمد بن أبي بكر الطرطوشي المالكي في وَصفِ الغِنَاء وآثاره القبيحة السيئة : " فأنهُ صِنْوُ الخَمرِ ، ورضِيعُهُ ، وحَليفُهُ ، ونَائبُهُ ، وهو جاسُوسُ القُلوبِ ، وسَارقُ المرؤةِ والعُقُولِ ، يتغَلغَلُ في مَكَامِنِ القُلوبِ ، ويَطلعُ على سَرائرِ الأفئدةِ ، ويَدُبُّ إلى التَّخَيُّلِ فيُـثيرُ ما غُرَزَ فِيهَا من الهَوى والشهوةِ والسَّخَافةِ والرُّعُونةِ ... فيستحسِنُ مَا كَانَ قبلَ السَّمَاعِ يَستقبِحُهُ ، ويُبدِي مِن أسراره ما كان يَكتُمُهُ وينتقِلُ مِن بهَاءِ السُّكُونِ إلى كثرةِ الكلامِ والكذبِ والزَّهْزَهةِ والفَرقعَةِ بالأصابعِ فيميلُ برأسهِ ويّهُزُّ بمَنكِبيهِ ، ويَدُّقُّ الأرضَ برجليهِ ، وهكذا تفعلُ الخَمرَةُ إذا مالت بشاربها " . ( 51 )

    أدلة تحريم الغِناءِ من كتاب الله تعالى :

    الدليل الأول :
    قوله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليُضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهُم عذاب مُهين ) [ سورة لقمان آية 6 ] .
    قيل إنها نزلت في رجل مِن قُريش اشترى جاريةً مُغنيةً فشُغل الناسُ بِلَهْوِهَا عن استماع النبي صلى الله عليه وسلم . ( 52 )
    وروى ابن جرير الطبري بسنده إلى ابن عباس ررر في قوله : ( ليُضلَّ عن سبيلِ اللهِ ) قال : " سبيل الله : قراءة القرآن وذكر الله إذا ذكره ، وهو رجلٌ مِن قُريش اشترى جارية مغنية " . ( 53 )
    وعن أبي أمامة ررر قال : قال ررر : ( لا يَحِلُّ بَيعُ المُغنِّياتِ ولا شراؤهنَّ ولا التِّجارةُ فيهنَّ ، ولا أثمَانِهِنَّ ، وفيهنَّ نزلتْ هذه الآية ) . ( 54 )
    وقد فسِّرَ جمعٌ من أهل العلم قوله : ( لهو الحديث ) بأنه الغناء والاستماع له .
    * قال ابن مسعود ررر : " هو الغناء ، والله الذي لا إله إلا هو " يرددها ثلاث مرات . ( 55 )
    * وقال أبو الصهباء : " سألت ابن مسعود ررر عن قول الله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) فقال : هو الغِناءُ والاستماعُ إليهِ " . ( 56 )
    * ونقل القرطبي عن عبدالله بن عُمر ررر أن قال : " الغناء " . ( 57 )
    * وقال ابن عباس ررر : " هو الغِناءُ وأشبَاهُهُ " . وفي رواية عنه : " هو الغِناءُ الاستماعُ إليهِ " .
    ( 58 )
    * وقال جابر بن عبدالله ررر : " هو الغِناءُ والاستماعُ إليهِ " . ( 59 )
    * وقال مجاهد : " الغناء " . ( 60 )
    * وقال محكول : " من اشترى جاريةً ضَرَّابةً ليمسكها لِغِنائها وضَربِها مقيماً عليه حتى يموت لم أُصَلِّ عليه ؛ لأن الله يقول : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ... ) الآية " . ( 61 )
    * وقال عكرمة : " الغناء " . ( 62 )
    * وقال عطاء الخُراساني : " الغناء والباطل " . ( 63 )
    * وقال قتادة : " هو الغناء " . ( 64 )
    * قال الإمام البغوي : " وعن سعيد بن جُبير قال : " لهو الحديث هو الغناءُ والآية نزلت فيه " . ( 65 )
    * وقال الحسن البصري : " نزلت هذه الآية : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) في الغناء والمزامير " . ( 66 )
    * ونقل القرطبي عن ميمون بن مهران أنه قال : " الغناء " . ( 67 )
    * ونقل ابن كثير عن عمرو بن شعيب وعلي بن بذيمة أنهما قالا : " الغناء " . ( 68 )
    * وقال الإمام ابن العربي المالكي : " هو الغِناءُ وما اتصل به " . ( 69 )
    * وقال الإمام ابن عطية : " ولهو الحديث كل ما يُلهي من غِناءٍ وخَنَىً ونحوِهِ " . ( 70 )

    وأما معنى الآية :
    فقال شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسيره : " عَنَى بهِ كُلَّ ما كَانَ مِن لهوِ الحديثِ مُلهياً عَن سَبيلِ اللهِ ، مِمَّا نَهى اللهُ عَن استماعِهِ أو رسولُهُ لأن الله تعالى عَمَّ بقولهِ : ( لَهوَ الحَديثِ ) ولم يُخصص بعضاً دونَ بَعضٍ ، فذلكَ على عُمومِهِ حتى يأتي ما يدل على خُصُوصِهِ ، والغِناءُ والشركُ من ذلك " . ( 71 )
    وقال الإمام البغوي : " ومعنى قوله : ( يشتري لهو الحديث ) أي : يستبدلُ ويختارُ الغِناءَ والمزاميرَ والمعازفَ على القرآن " . ( 72 )
    وقال الإمام الحكيم الترمذي : " فإذا كان الغِناءُ لهواً يُضلُّ عن سبيل الله ، فتعليم الصبيان فسادٌ لهُم ، وكذلك المُغنية ، وإنَّما تُعلَّمُ ليرتفع ثمنهُا عند أهل الريب والفساد ؛ لأنهم يبغونَ بها نَصيبَ النفس " . ( 73 )
    وقال الإمام أبو عُمر البغدادي المشهور بغلام ثعلب : " لهوَ الحدِيثِ : أي غناءُ المُغنيات " . ( 74 )
    وقال الإمام القرطبي : " ولهو الحديث الغناء .. وهذا أعلى ما قيل في هذه الآية " . ( 75 )

    الدليل الثاني :
    قوله تعالى لإبليس : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك ... ) الآية . [ سورة الإسراء 64 ]
    قال جمع من أهل العلم بالتفسير ، إنَّ المرادَ بقولهِ : ( بصوتك ) اللهوُ والغِناءُ والمَعازفُ والمَزاميرُ .
    * روي عن مجاهد أنه قال : " باللهوِ والغِناءِ " . ( 76 )
    ورويَ عنه أيضاً أنه قال : " استـَنزِلْ مَن استطعتَ مِنهم بالغِناءِ والمَزاميرِ واللهوِ والبَاطلِ " . ( 77 )
    * ورويَ عن الضحاك أنه قال : " صوت المزمار " . ( 78 )
    * ورويَ عن الحسن البصري أنه قال : " هو الدُّفُ والمِزمَارُ " . ( 79 )

    ومعنى الآية :
    * قال الإمام ابن عطية : " والصوتُ هنا : قيل هو الغناءُ والمزاميرُ والملاهي ؛ لأنها أصواتٌ كُلُّها مُختصةٌ بالمعاصي فهي مُضافةٌ إلى الشيطانِ " . ( 80 )
    * وقال الإمام القرطبي : " في الآية ما يدُلُّ على تحريم المزامير والغناء واللهو ... وما كان من صوتِ الشيطانِ أو فِعلهِ وما يستحسنُهُ فواجبٌ التنزهُ عنهُ " . ( 81 )
    * وقال الإمام محمد الأمين الشنقيطي : " أي استخِفَّ من استطعت أن تستخِفَّهُ منهم باللهو والغناء والمزامير " . ( 82 )

    الدليل الثالث :
    قوله تعالى : ( والذين لا يَشهدُونَ الزورَ وإذا مرُّوا باللغو مرُّوا كِرامَاً ) [ سورة الفرقان آية 72 ]
    ذكر جمعٌ من أهل العلم أن المراد ( بالزور ) هو الغِناءُ .
    قال مجاهد : " لا يسمعون الغناء " . ( 83 )
    وقال محمد بن الحنفية : " اللهو والغِناء " .
    وقال أبو الجحاف : " إنه الغِناء " . ( 84 )

    وأما المعنى :
    فقال الإمام ابن جرير الطبري : " وأصل الزور تحسينُ الشيءِ ووصفهُ بخلافِ صِفَتِهِ حتَّى يُخيَّلُ إلى مَن يَسمعُهُ أو يَراهُ أنَّهُ خِلافُ مَا هو بهِ ، والشرك قد يَدخُلُ في ذلكَ ؛ لأنهُ مُحَسَّنٌ لأهلهِ حتى قد ظنُّوا أنهُ حَقٌّ وهو باطِلٌ ، ويَخُلُ فيهِ الغِناءُ ؛ لأنهُ أيضاً مما يُحسِّنُهُ تَرجيعُ الصوتِ حتى يستحلي سَامِعُهُ سَمَاعَهُ ،والكَذِبُ قد يدخُلُ فيهِ لِتَحسينِ صَاحِبُهُ إياهُ حتى يظنُّ صاحِبُهُ أنهُ حَقٌّ ، فكُلُّ ذلكَ مما يدخُلُ في معنى الزُّورِ .
    فإذا كانَ كذلكَ فإن أولى الأقوال بالصوابِ في تأويلهِ أن يُقالَ : والذين لا يشهدونَ شيئاً من الباطلِ لا شركاً ولا غِناءً ولا كذبَاً وكلَّ ما لزمهُ اسم الزُّور " . ( 85 )

    الدليل الرابع :
    قوله تعالى : ( أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون ) [ سورة النجم آية 61 ]
    قوله : ( سامدون ) فسَّرَه بعضُ الأئمةِ باللهو والغِناء ، فقال أي : مغنون من السُّمُودِ وهو الغِناءُ .
    قال ابن عباس ررر : " لاهون " ، وقال أيضاً : " هي يمانية اُسْمُِد تَغّنَّ لنا " .
    وقال : " هو الغِناء ، وهي يمانية ، يقولون : اُسْمُد لنا : تغنَّ لنا " . وقال : " السَّامِدُونَ المغنون بالحميرية " . ( 86 )
    وقال مُجاهد : " السُّمودُ هو الغِناءُ بلُغةِ حِمْـيَر ، يقولون : يا جارية اُسْمُدِي لنا : أي غَنِّي " . ( 87 )
    وقال عكرمة : " هو الغِناءُ بالحميرية " . ( 88 )
    وقال أبو عُبيدة : " هو الغِناءُ ، كانوا إذا سمعوا القرآن تّغَنَّوا ، وهي لُغة حِمْـيَر " . ( 89 )
    وقال الضحاك : " السُّمُود : اللهو واللعب " . ( 90 )

    أما معنى الآية :
    فقال ابن جرير الطبري : " يقولُ تعالى ذِكرُهُ لِمُشركي قُريش : أفِمن هذا القُرآن أيها الناسُ تَعجبونَ أنْ نَزَلَ على مًحمدٍ صصص ، وتضحكونَ مِنهُ استهزاءً ، ولا تبكونَ مما فيهِ مِنَ الوعيدِ لأهلِ معاصي اللهِ وأنتم من أهلِ معاصيهِ ( وأنتم سامدون ) يقول : وأنتم لاهون عما فيه مِنَ العِبر والذكر مُعرضونَ عن آياتهِ ، يُقال للرجلِ : دَعْ عنَّا سُمُودَكَ ، يُرادُ بهِ : دَعْ عنَّا لهوكَ ، يُقال مِنهُ : سَمَدَ فلانٌ يَسْمُدُ سُمُوداً . وبنحو الذي قُلنا قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة ، فقال بعضهم : غافلون ، وقال بعضهُم : مُغّنُّون ، وقال بعضُهم : مبرطمون " . ( 91 )
    وقال الإمام ابن عطية : " والسَّامِدُ : اللاعبُ اللاهِي ، وبهذا فسره ابن عباس وغيره من المفسرين ، وقال الشاعر :
    قِيلَ قُمْ فانظرْ إليهِم ... ثمَّ دَعْ عنكَ السُّمُودَ
    وسَمَدَ بِلُغةِ حِمْـيَرْ غّنَّى ، وهو معنىً كُلُّهُ قريبٌ مِن بعضٍ " . ( 92 )

    المبحث الرابع : آلات اللهو من المعازف والمزامير والطبول ونحوها .
    أجمع كُلُّ من يُعتَدُّ بقولهِ مِن أهل العلم الراسخين أن آلات اللهو من المعازف والمزامير والطبول ونحوها من المحرمات ، ومِن أساب الفساد والهلاك المستوجبة للعذاب .
    قال ابن حجر : " الكَبيرة السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والأربعون ، والخمسون والحادية والخمسون بعد الأربعمائةِ : ضربُ وَتَرٍ واستمَاعُهُ ، وزَمْرٍ بمزمَارٍ واستماعُهُ ، وضَربٌ بكُبةٍ واستماعها "
    وقال أيضاً : " يَحرمُ ضربَ واستماعَ كُلَّ مُطْربٍ كطنبُورٍ وعُودٍ وربَابٍ وجَنْكٍ وكمنجةٍ ودريج وصَنجٍ ومِزمَارٍ عراقي ويَراعٍ وهو الشَّبابَةُ وكُوبةٍ ، وغيرِ ذلكَ مِنَ الأوتَارِ والمعَازفِ " . ( 93 )
    فانظر أخي المسلم كيفَ كانت هذه الأفعال القبيحة – من الغناء وآلات اللهو - كل واحدة منها كبيرة من كبائر الذنوب .
    قال الإمام الواحدي في قوله تعالى : ( لهو الحديث ) : " ويدخُل في هذا كُلُّ مَن اختار اللهو ، والغِناء ، والمَزاميرَ والمعازفَ على القرآن ، وإن كان اللفظ قد وردَ بالشراء ، فلفظُ الشراء يُذكرُ في الاستبدال والاختيار ، وهو كثيرٌ في القرآن ، ويدلُّ على هذا ما قالهُ قتادةُ في هذه الآية : لعَلَّهُ أن لا يكونَ أنفقَ مالاً . وبِحَسبِ المرءِ مِن الضلالةِ أن يختَارَ حَديثَ البَاطِلِ على حديث الحقِّ " . ( 94 )
    فانظر يا أخي كيف بـين هؤلاء العلماء الراسخين أن أهل الغِناء قد اختاروا الباطلَ والضلالة على الحق والهدى من كتاب الله تعالى وسُنةِ نبيه صلى الله عليه وسلم ، فكفاهم ذلك شراً وخُسراناً .
    وقال الإمام أبو العباس القرطبي : " أمَّا المَزامِيرُ والأوتَارُ والكُوبةُ فلا يُختَلِفُ في تحريمِ استماعِهَا ، ولَم أسمع عَن أحدٍ مِمَّن يُعتَبرُ قولُهُ مِنَ السَّلفِ وأئمةِ الخَلَفِ مَن يُبيحُ ذلكَ ، وكيفَ لا يَحرمُ وهو شِعَارُ أهلِ الخُمورِ والفُسُوقِ ومُهيِّجِ الشَّهَواتِ والفَسَادِ والمُجُونِ ؟ ومَا كَانَ كَذلِكَ لَمْ يُشَك في تَحريِمهِ ولا تَفسقِ فاعِلهِ وتأثيمِهِ " . (95 )

    الأدلة على ذلك باختصار :
    الدليل الأول :
    ما رواهُ أبو عامر – أو أبو مالك – الأشعري ررر قال : سمعت رسول الله صصص يقول : ( ليكونَنَّ أقوامٌ من أمتي يَستحلِّونَ الحِرَّ والحَريرَ والخَمرَ والمعَازفَ ، ولينزلنَّ أقوامٌ إلى جَنبِ علمٍ يروحُ عليهِم بسارحةٍ لهُم يأتيهِم لحَاجَةٍ ، فيقولوا : ارجع إلينا غداً ، فيُبيِّـتُهمُ اللهُ ويَضعُ العَلمَ ويَمسخُ آخرينَ قِردَةً وخنَازيرَ إلى يوم القيامة ) أخرجه البخاري والبيهقي وأبو داوود وغيرهم . ( 96 )

    الدليل الثاني :
    ما رواه أبو مالك الأشعري ررر عن النبي صصص قال : ( لَيشرَبنَّ ناسٌ مِن أمَّتي الخَمرَ يُسمُّونها بغير اسمهِا يُعزَفُ على رؤوسهم بالمعَازفِ والمُغنِّياتِ ، يخسِفُ الله بهِمُ الأرضَ ويَجعلُ مِنهمُ القردَةَ والخنازير ) أخرجه ابن ماجه وصححه ابن حبَّان وأبو داود مختصراً .( 97 )
    قال ابن القيم عن هذا الحديث : " هذا إسنادٌ صحيح " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة . ( 98 )

    الدليل الثالث :
    ما رواهُ أبو أمامةَ ررر عن النبي صصص قال : ( تَبيتُ طائفةٌ مِن أمَّتي على أكلٍ ولهوٍ وشُربٍ ، ثمَّ يُصبحونَ قِردةً وخنازيرَ ، وتُبعثُ على حَيٍّ مِن أحيائهمْ رِيحٌ فَتَـنسِفُهُمْ كمَا تَـنسِفُ مَن قبلَهُم باستحلالهم الخمورِ ، وضربهم بالدُّفوفِ واتخاذهِمُ القيِنَاتِ ) أخرجه الإمام أحمد والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم . ( 99 )

    الدليل الرابع :
    ما رواه ابن عباس ررر : أن النبي صصص قال لوفد عبد القيس : ( إن الله حَرَّمَ على أو حَرَّمَ الخَمرَ والمَيسرَ والكُوبَةَ ) رواه الإمام أحمد وأبو داود . ( 100 )
    ورواه أيضاً عبدالله بن عَمرو ررر : ( أن نبيَّ اللهِ صصص نهى عن الخَمرِ والمَيسرِ والكُوبةِ ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود . ( 101 )
    والكوبةُ هي الطبل .

    الدليل الخامس :
    ما رواهُ جابر بن عبدالله ررر عن النبي صصص أنه قال : ( إنما نُهيتُ عَن صَوتينِ أحمَقينِ فاجِرَينِ : صوتُ عِندَ نَغمَةِ لَهوٍ وَلَعبٍ ومَزاميرِ الشيطانِ ، وصوتُ مُصيبةٍ لَطم الخُدودِ وَشّقُّ الجُيوبِ ودُعَاءٍ بِدعوى الجاهليةِ ) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن . ( 102 )
    ولقد قال الحسن بن علي بن أبي طالبٍ ررر : " صوتان ملعونان : مِزمارٌ عند نغمةٍ ، ورنةٌ عِندَ مُصيبةٍ . وقال : وذكرَ الهُ المؤمِنينَ فقال : ( وفي أموالهم حقٌّ مَعلومٌ للسَّائلِ والمحروم ) وجعَلتُم أنتم في أموالِكُم حقَّاً معلوماً للمُغنِّيةِ عندَ النغمةِ ، وللنائحةِ عِندَ فاجرينَ عِندَ المُصيبةِ " . أخرجه ابن أبي الدنيا . ( 103 )

    الدليل السادس :
    ما رواه نافعٌ قال : " كُنا معَ ابنِ عُمرَ في سَفرٍ فسَمِعَ صوتَ زامِرٍ ، فوضعَ إصبَعيهِِ في أذنَيهِ وعَدلَ عنِ الطريقِ ، ثم قالَ : " يا نافعُ أتسمعُ ؟ " فأقولُ : نعم ، حتى قلتُ : لا " فرفع يديهِ وأعادَ راحِلتَهُ إلى الطريقِ ثمَّ قالَ: ( هكذا رأيتُ رسول الله صصص فعل ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود . ( 104 )
    قال الإمام ابن رجب : " هذا الحديث يرويهِ سُليمان بن موسى الفقيه الدمشقي ، عن نافع ، وقد اختلفوا في سُليمان فوثقهُ قومٌ وتكلَّمَ فيهِ آخرون ، وتابعهُ عليه المُطعمُ بنُ المِقدام فرواه عن نافع أيضاً ، خرج حديثه أبو داود ، والمُطعم هذا ثقةٌ جليل ، وتابعهما أيضاً ميمون بنُ مهران ، عن نافعٍ ، خرَّجَ حديثَهُ أبو داود أيضاً " . ( 105 )

    الدليل السابع :
    ما رواه أبو هريرة ررر أنه قال : ( نهى رسول الله صصص عَن ثمنِ الكَلبِ وكَسب الزمَّارَة ) رواه البغوى وحَسَّنه . ( 106 )
    قال الإمام التوربشتي : " قال أبو عُبيد : إنها الزانية ، ونقل الهَروي عن الزُّهري أنه قال : نهىَ عَن كَسب المرأة المُغنية ، يُقال : غِنَاءٌ زَمِيرٌ : أي حَسنٌ ، ويُقال : زَمَرَ إذا غَنَّى ، وزمَرَ الرَّجُلُ : إذا ضَرَبَ المِزمَارَ فهو زَمَّار ، ويُقال للمرأةِ : زَمَّارةٌ ، ويُحتَملُ أن يكونَ تَسمِيةُ الزانيةِ زمَّارةٌ ؛ لأنَّ الغَالبَ على الزَّواني اللاتي اشْتَهرنَ بذلك العمل الفاحِشِ واتَّخَذنَهُ حِرفَةً كُونُهُنَّ مُغَنِّيات " . ( 107 )

    الدليل الثامن :
    ما رواهُ أبو هُريرةَ ررر أن النبيَّ صصص قال : ( الجَرسُ مَزامِيرُ الشيطانِ ) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي . ( 108 )
    وعنه أيضاً ررر قال: قالَ رسول الله صصص : (لا تَصحًبُ الملائكةُ رُفقةً فيها كلبٌ أو جَرسٌ ) أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي . ( 109 )
    وفي روايةٍ أم المؤمنينَ أم سلمةَ رضي الله عنهُا قالَت : سَمعتُ النبيَّ صصص يقول : ( لا تَدخلُ الملائكةُ بيتَاً فيهٍ جَرسٌ ولا تَصحًبُ الملائكةُ رُفقةً فيها جَرسٌ ) رواه النَّسائي . ( 110 )

    فإذا كان الجرسُ مِزمَارَ الشيطان ، فكذلكَ المعازفُ وآلاتُ اللهوِ والطربِ التي هي أعظم منه من أعظم مزامير الشيطان كما بين ذلك العُلماء .
    وإذا كانت الملائكةُ لا تدخل بيتاً فيه جرس ، ولا تصحبُ رِفقةً فيها جَرس ، فالمعَازف وآلات الطربِ واللهوِ التي هي أشد وأعظم كذلك .

    وقد عَدَّ الأمامُ محيي الدين ابن النحاس الشافعي سماع ذلك من الكبائر في كتابه تنبيه الغافلين في فصل ما اختارهُ جماعةٌ مِنَ العُلماءِ من الكبائر حيث قال : " ومنها سماعُ الأوتارِ والمعازف " .
    وقال أيضاً : " فصلٌ في ذكرِ شيءٍ مما يقعُ في النكاحِ ، وبَعدَهُ من البدَعِ والمُنكراتِ : ومنها ما يفعله أهل ديار مصر ويُسَمُّونهُ الشطورَ : وهو بدعةٌ يشتملُ على جُملةٍ مِنَ المُنكراتِ ... وحضورِ الأغاني بالآلاتِ المُحرمة " .
    وقال أيضاً : " فصلٌ في ذكر بعضِ ما ابتُدعَ في المَواسِمِ والأعيادِ ، قال ابن الحاج : ومِن جُملة ما أحدثوهُ مِن البدعِ – مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات – ما يفعلونهُ في المولد وقد احتوى ذلكَ على بِدعٍ ومُحرَّماتٍ منها : استعمَالُهم الأغاني وآلات الطرب وحُضور المردان والشَّبَّابَاتِ ..." . ( 111 )

    وقد استحبَّ الإمام أحمد كسر آلات الطرب والمعازف إذا تأكد الإنسان من وجودها وقدرَ على كسرها
    سُئل الإمام أحمد : " عن الرجُلِ يَرى الطنبُورَ أو الطبلَ مُغطىً أيَكسِرْهُ ؟ فقال : إذا كان يُثبتْهُ أن طنبُورٌ أو طَبلٌ كَسرَهُ " . ( 112 )

    وبين الإمام أحمد أيضاً أن من كسر تلك الآلات فإنَّ لهُ فضلٌ ومأجور في ذلك ، ولو آذاهُ السلطان بمكروه فإنه يغبِطه على ذلك .
    ففي سؤالات الإمام أبي داوود قال : " سمعتُ أحمدَ سُئل عن الطنبُورِ أو الطبلِ أو نحو ذلكَ واجِبٌ تغييرُهُ ؟ قال : " ما أدري ما واجبٌ ، إن غَـيَّرَ فَلَهُ فََضْـلٌ " قيل لأحمد : فإن أصابَهُ مِن قِبَلِ السلطانُ في ذلكَ مكروهٌ ترجوا أنْ يؤجَرَ ؟ فرأى لهُ فضلاً ، تكَلَّمَ بشيءٍ كأنَّهُ يَغبطهُ " . ( 113 )

    فيا من اختار السماع الشيطاني من الأغاني وآلات اللهو المعازف وترك السماع الرحماني من القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين ، لقد اخترت الفاني على الباقي ، وفضلت الأدنى على الذي هو خير وأعلى . فيا لخسارتك في الدنيا والآخرة . واعلم أنه لا يجتمعُ في قلبِ المسلمِ حبُّ القرآنِ وحُبُّ الغِناءِ . واعلم أن في الجنة غناءً ليس كغِناء أهل الدنيا المحرم ، كما أن فيها خَمراً ليس كخمر الدنيا ، فإن أردت سماع غناء الحور في الجنة فـَنَـزِّهْ سَماعكَ عَن غِناءِ أهلِ الدنيا الذي هو سبب للفساد وهجرٌ للقرآنِ وبُعدٌ عَن ذكرِ اللهِ تعالى .

    قال الإمام الحَبرُ أبو بكر ابن القيم رحمه الله في نونيته العظيمة : ( 114 )
    نَزِّهْ سَمَاعَكَ إنْ أردتَّ سَمَاعَ ذيَّـ ... ـاكَ الغِنا عَـن هـذهِ الألحـانِ
    لا تُؤثِرِ الأدنى على الأعلى فتُحْـ ... ـرَمُ ذا وذا يَـا ذِلَّـةَ الحِرمَـانِ
    إنَّ اختيارَكَ للسَّمَاعِ النَّـازِلِ الـ ... ـأدنى على الأعلى مِنَ النُّقصَانِ
    واللهِ إنَّ سَمَاعَهُم في القلبِ والـ ... ـإيمَانِ مِثلَ السُّمِّ فـي الأبـدَانِ
    واللهِ ما انفَكَّ الذي هـوَ دَأبُـهُ ... أبداً مِـنَ الإشـراكِ بالرحمَـنِ
    فالقلبُ بيتُ الرَّبِّ جَـلَّ جَلالُـهُ ... حُبَّاً وإخلاصاً مَـعَ الإحسَـانِ
    فإذا تَعلَّـقَ بالسمـاعِ أصـارَهُ ... عَبـداً لكُـلِّ فُلانَـةٍ وفُــلانِ
    حُبُّ الكِتابِ وحُبّ ألحَانِ الغِنـا ... في قَلبِ عَبدٍ ليـسَ يجتمِعَـانِ
    ثَقُلَ الكِتابُ عَليهِـمُ لمَّـا رأوا ... تقييـدهُ بشَـرَائـعِ الإيـمـانِ
    واللهْو خّفَّ عَليهِـمُ لمَّـا رأوا ... ما فيهِ مِن طَربٍ ومِن ألحَـانِ
    قُوتُ النُّفُوسِ وإنَّمَا القُرآنُ قُـ ... ـوتُ القَلبِ أنَّى يَستوي القُوتَـانِ
    يا لذَّةَ الفُسَّاقِ لسـتِ كلـذَّةِ ... الأبرارِ فـي عَقـلٍ ولا قُـرآنِ


    أسأل الله تعالى أن يعصمَنا مِن الزلل ، ويوفقنا لخير القول والعمل ، ويثبت قلوبنا على دينه ، وسنة نبيه صصص .
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


    الحاشية

    ( 1 ) معجم مقاييس اللغة للإمام أحمد بن فارس ج 4 ص 397 – 398
    ( 2 ) تهذيب الأسماء واللغات للإمام النووي ج 3 ص 245
    ( 3 ) الصحاح للإمام أبي نصر الجوهري ج 2 ص 1779
    ( 4 ) غذاءُ الألبابِ شرح منظومة الآداب للإمام محمد السَّفَّارِيني ج 1 ص 157
    ( 5 ) نُزهة الأسماع في مسألة السماع للإمام ابن رجب ص 35
    ( 6 ) الرد على من يحب السماع ص 54
    ( 7 ) تفسير القرطبي ج 13 ص 78
    ( 8 ) نُزهة الأسماع في مسألة السماع للإمام ابن رجب ص 35- 38 باختصار
    ( 9 ) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 176
    ( 10 ) نُزهة الأسماع في مسألة السماع للإمام ابن رجب ص 86- 87 باختصار
    ( 11 ) الرد على من يحب السماع ص 54 باختصار
    ( 12 ) غذاءُ الألبابِ شرح منظومة الآداب للإمام محمد السَّفَّارِيني ج 1 ص 157
    ( 13 ) رواه الإمام أحمد في مسنده ج 3 ص 391 وابن ماجه في سننه : كتاب النكاح : باب الغناء والدف رقم 1900
    ( 14 ) رواه البخاري : باب غزوة خيبر ج 5 ص 166 ومسلم : كتاب الجهاد والسير : باب غزوة خيبر ج 3 ص 1427
    ( 15 ) نُزهة الأسماع لابن رجب ص 87
    ( 16 ) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 176
    ( 17 ) غذاءُ الألبابِ شرح منظومة الآداب للإمام محمد السَّفَّارِيني ج 1 ص 159
    ( 18 ) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 175
    ( 19 ) أخرجه أبو داود : كتاب الأدب : باب كراهية الغِناءِ والزَّمْرِ ج 4 ص 282 ، والبيهقي في السنن الكبرى : كتاب الشهادات ج 10 ص 223 ، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ص 73
    ( 20 ) أخرجه ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 181 ، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ص 75 ، والطبري في الرد على من يحب السماع ص 49
    ( 21 ) ذم الملاهي لابن أبي الدنيا ص 74
    ( 22 ) الرد على من يحب السماع للطبري ص 50
    ( 23 ) ذم الملاهي لابن أبي الدنيا ص 74
    ( 24 ) الرد على من يحب السماع للطبري ص 49
    ( 25 ) ذم الملاهي لابن أبي الدنيا ص 74 ، والرد على من يحب السماع للطبري ص 49
    ( 26 ) الرد على من يحب السماع للطبري ص 49
    ( 27 ) المصدر السابق للطبري ص 31
    ( 28 ) إغاثة اللهفان لابن القيم ص 231 – 232 باختصار
    ( 29 ) كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مسائل الإمام أحمد للخلال ص 32 ، وتلبيس إبليس لابن الجوزي ص 177
    ( 30 ) الرد على من يحب السماع للطبري ص 29 - 30
    ( 31 ) كتاب الأم للشافعي : كتاب الأقضية : باب شهادة القاذف ج 6 ص 514 – 515 ، والرد على من يحب السماع للطبري ص 27 ، وسنن البيهقي : كتاب الشهادات : باب الرجل يتخذ الغلام والجارية المغنيين ويجمع عليهما ويغنيان ج 11 ص 225
    ( 32 ) انظر الرد على من يحب السماع للإمام طاهر الطبري ص 28
    ( 33 ) أخرجه ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 177 ، وأبو نعيم في الحلية ج 9 ص 146 ، والبيهقي في مناقب الشافعي ج 1 ص 283
    ( 34 ) نزهة الأسماع للحافظ ابن رجب ص 86
    ( 35 ) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 178
    ( 36 ) السُنن الكبرى للبيهقي ج 10 ص 223
    ( 37 ) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 178 ، وانظر نُزهة الأسماع لابن رجب ص 80 - 81
    ( 38 ) الفتاوى الموصلية للعز بن عبدالسلام ص 84 – 85 باختصار
    ( 39 ) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 176
    ( 40 ) انظر غذاء الألباب للسَّفَّاريني ج 1 ص 163 ، وتلبيس إبليس لابن الجوزي ص 176
    ( 41 ) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 176
    ( 42 ) تحريم النرد والشطرنج والملاهي للآجُرِّي ص 39
    ( 43 ) كتاب المنهيات للحكيم الترمذي ص 107
    ( 44 ) فتاوى الإمام ابن الصلاح ص 300 باختصار
    ( 45 ) الإقناع في مسائل الإجماع ج 2 ص 304 رقم الإجماع 3989
    ( 46 ) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 171
    ( 47 ) رسالة السماع والرقص لابن تيمية ص 25
    ( 48 ) نزهة الأسماع لابن رجب ص 70
    ( 49 ) إغاثة اللهفان لابن القيم ص 241 - 261
    ( 50 ) تلبيس إبليس ص 181
    ( 51 ) انظر كتاب تحريم السماع والغناء ص 197 ، وذكره العلامة السَّفَّاريني في شرح ثُلاثيات مسند الإمام أحمد ج 1 ص 819
    ( 52 ) تفسير أحكام القرآن للإمام ابن العربي المالكي ج 3 ص وتفسير المحرر الوجيز لابن عطية ج 9 ص 9 526
    ( 53 ) أخرجه الطبري في تفسيره ج 11 ص 68 رقم 21374
    ( 54 ) أخرجه الإمام أحمد ج 5 ص 252 ، 257 ، 264 ، 268 والترمذي: كتاب تفسير القرآن باب 32 ج 5 رقم 3195 وابن جرير في تفسيره ج 11 ص 64 رقم 21358 واللفظ له ، و البغوي في تفسيره ج 3 ص 506 ، والحكيم الترمذي في كتاب المنهيات ص 113 ، والواحدي في أسباب النزول ص 356 رقم 678
    ( 55 ) أخرجه الطبري في تفسيره ج 11 ص 66 رقم 21361 والحاكم : كتاب التفسير : باب تفسير سورة لقمان ج 2 ص 411 وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي ، وابن أبي شيبة في مصنفه ج 6 ص 309
    ( 56 ) أخرجه الحاكم في مستدركه ج 2 ص 411 وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، وأخرجه الطبري في تفسيره ج 11 ص 66
    ( 57 ) تفسير القرطبي ج 14 ص 48
    ( 58 ) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ج 6 ص 309 وابن جرير في تفسيره ج 11 ص 66 رقم 21363
    ( 59 ) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ج 11 ص 67 رقم 21364
    ( 60 ) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ج 11 ص 67 رقم 21366
    ( 61 ) أخرجه البغوي في تفسيره ج 3 ص 506 ، وانظر تفسير الدر المنثور ج 6 ص 505
    ( 62 ) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ج 11 ص 68 رقم 21367
    ( 63 ) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ج 9 ص 3096 رقم 17525
    ( 64 ) ذكره الإمام ابن رجب في نزهة الأسماع ص 40
    ( 65 ) ذكره البغوي في تفسيره ج 3 ص 506
    ( 66 ) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ج 9 ص 3069 رقم 17526
    ( 67 ) تفسير القرطبي ج 14 ص 48
    ( 68 ) انظر تفسيره ج 3 ص 426
    ( 69 ) تفسير أحكام القرآن للإمام ابن العربي المالكي ج 3 ص 525
    ( 70 ) انظر تفسيره المحرر الوجيز ج 9 ص 9
    ( 71 ) انظر تفسيره ج 11 ص 68
    ( 72 ) انظر تفسيره ج 3 ص 506
    ( 73 ) كتاب المنهيات للحكيم الترمذي ص 113
    ( 74 ) انظر كتابه ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن ص 405
    ( 75 ) انظر تفسيره ج 14 ص 48 باختصار
    ( 76 ) أخرجه الطبري في تفسيره ج 9 ص 133 رقم 16952
    ( 77 ) تفسير ابن أبي حاتم ج 10 ص 2337 رقم 13335
    ( 78 ) تفسير القرطبي ج 10 ص 250
    ( 79 ) تفسير الإمام ابن أبي زمنين المالكي ج 3 ص 30
    ( 80 ) تفسير المحرر الوجيز لابن عطية ج 10 ص 319
    ( 81 ) انظر تفسيره أحكام القرآن ج 10 ص 252
    ( 82 ) تفسير أضواء البيان للإمام الشنقيطي ج 3 ص 607
    ( 83 ) أخرجه الطبري في تفسيره ج 11 ص 55 رقم 20149
    ( 84 ) أخرجها ابن أبي حاتم في تفسيره ج 8 ص 2737 رقم 15450
    ( 85 ) انظر تفسير الطبري ج 11 ص 55
    ( 86 ) أخرجه الطبري في تفسيره ج 13 ص 95 - 96 رقم 25281 و 25286
    ( 87 ) تفسير الإمام أبي المظفر السمعاني ج 5 ص 305
    ( 88 ) أخرجه الطبري في تفسيره ج 13 ص 95 رقم 25284 ، وتفسير زاد المسير لابن الجوزي ج 6 ص 86
    ( 89 ) تفسير الإمام الماوردي المسمى النُّكَتْ والعُيون ج 5 ص 407
    ( 90 ) أخرجه الطبري في تفسيره ج 13 ص 96 رقم 25288
    ( 91 ) تفسير الطبري ج 13 ص 96 رقم 25288
    ( 92 ) تفسير المحرر الوجيز لابن عطية ج 12 ص 289
    ( 93 ) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي ج 2 ص 902 - 903
    ( 94 ) نقله عنه ابن القيم في إغاثة اللهفان ص 242
    (95 ) نقله عنه في الزواجر ج 2 ص 903
    ( 96 ) أخرجه البخاري : كتاب الأشربة: باب ما جاء فيمن يستحِلُّ الخَمرَ ويُسميهِ بغير اسمهِ ج 6 ص 243 ، والبيهقي في سننه الكبرى : كتاب الشهادات: باب ما جاءَ في ذم الملاهي من المعازف والمزامير ونحوها ج 10 ص 221 ، وأبو داوود مختصرا في كتاب اللباس : باب ما جاءَ في الخَزِّ ج 4 ص 46
    ( 97 ) أخرجه ابن ماجه : كتاب الفتن : باب العقوبات ج 2 ص 1333 رقم 4020 ، وابن حبان في صحيحه كما في موارد الضمآن: كتاب الأشربة : باب فيمن يستحل الخمرَ ص 336 ، وأبو داود : كتاب الأشربة : باب في الداذي ج 3 ص 329 رقم 3688 و 3689
    ( 98 ) انظر إغاثة اللهفان لابن القيم ص 263 ، والسلسلة الصحيحة للألباني 90 و 415
    ( 99 ) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج 5 ص 259 و 329
    ( 100 ) أخرجه الإمام أحمد ج 1 ص 274 و 289 و 350 ، وأبو داود : كتاب الأشربة : باب في الأوعية ج 3 ص 331 رقم 3696
    ( 101 ) أخرجه الإمام أحمد ج 2 ص 158 و 165 و 167 و 171 و 172 ، وأبو داود : كتاب الأشربة : باب النهي عن المُسكر ج 3 ص 328 رقم 3685
    ( 102 ) أخرجه الترمذي : كتاب الجنائز : باب ما جاء في الرخصة في البكاء على الميت ج 3 ص 319
    ( 103 ) أخرجه ابن الدنيا في ذم الملاهي ص 77
    ( 104 ) أخرجه الإمام أحمد ج 2 ص 8 و 38 ، وأبو داود : كتاب الأدب : بابُ كراهية الغِناءِ والزَّمرِ ج 4 ص 281 رقم 4924 و 4925 و 4926
    ( 105 ) انظر نُزهةُ الأسماعِ لإمام ابن رجب ص 62 - 63
    ( 106 ) في مصابيح السنة مع شرحه لأبي عبدالله التوربشي ج 2 ص 661 رقم 1961
    ( 107 ) المُيسَّر في شرح مصابيح السُّنة لأبي عبدالله التوربشتي ج 2 ص 661
    ( 108 ) أخرجه مسلم في صحيحه رقم 2113 ، وأبو داود في سننه رقم 2556 ، والنسائي في الكبري رقم 8812 .
    ( 109 ) أخرجه مسلم في صحيحه رقم 2113 وأبو داود في سننه رقم 2555 ، والترمذي في سننه رقم 1703
    ( 110 ) أخرجه النسائي في سننهِ ج 8 ص 180
    ( 111 ) تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين لابن النحَّاس ص 303 و 473 و 499
    ( 112 ) مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابن هانئ ج 2 ص 174 رقم المسألة 1956
    ( 113 ) مسائل الأمام أحمد رواية الإمام أبي داود السجستاني صاحب السنن ص 371 رقم المسألة 1798
    ( 114 ) نونية ابن القيم المسمَّاةُ بالكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية ص 366 الأبيات 5158 – 5171 باختصار

  2. #2

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    لسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم أنت في هذه النقلة أيها الأخ الكريم الفاضل بعيد من ظاهرية ابن حزم و الحميدي لأنك ذهبت الى تحريم ما أحلوه و ادعيت الاجماع على تحريمه بينما ادعى الشوكاني الاجماع على جواز أكثريته و الغريب أنك تخفي من الخلاف ما تعلمه و من الأمانة في النقل أن تبين حجة خصمك ثم تبين هشاشة أدلتها لتبين أن ما تقوله هو الراجح الا أنني أرى شخصيا أن الراجح بخلاف رأيك لذلك اخترت هذه الطريق ألم تقرأ الشوكاني في نيل الأوطار و البحث الذي اتى به حول المسألة لماذا تتجاهله و الحقيقة أنه عند التحقيق و بعيدا عن التعصب سنجد ان لأحاديث المجيزة للغناء أصح و تلك المحرمة له اكثر بكثير الا أنها أضعف بحيث صرح ابن حزم أنه لم يصح منها الا اثرا موقوفا على ابن مسعود و هو تفسيره لقوله تعالى: ومن الناس من يشري لهو الحديث

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    406

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    كثير من الفقهاء يقولون ان الغناء محرم بدلالة الكتاب والسنة ،ولا إجماع على تحريمه،ويعتبرون القول بإباحته قول شاذ مخالف للنصوص الكثيرة جدا .

  4. #4

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى ولد ادوم أحمد غالي مشاهدة المشاركة
    ............ صرح ابن حزم أنه لم يصح منها الا اثرا موقوفا على ابن مسعود و هو تفسيره لقوله تعالى: ومن الناس من يشري لهو الحديث
    الأخ الكريم مصطفى
    يذهب الكثير من أهل الظاهر المعاصرين إلى التحريم .
    وابن حزم ذكر تحريم سماع الرجل لنغمة المرأة الأجنبية ..فما يجيزه ابن حزم أو يكرهه من الغناء هو بخلاف ما يراه المرء من أغانى العصر الماجنة الفاحشة
    أبو محمد المصري

  5. #5

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    عموما لا يشك عاقل أن الغناء الموجود في هذا العصر حرام حتى على قول الإمام ابن حزم حيث أنه يحرض على الفاحشة و المحرمات,و فيه اعتراض على القدر و كفر و غير ذلك من الآثام...

    أما ادعاء الإجماع على تحريم الغناء و المعازف فهو ما أنكره الشوكاني في رسالة له طبعت في الفتح الرباني.

    أما عن الصحيح في مسألة فهو التحريم بلا شك لأدلة ذكرها أخونا السمرقندي{و إن كان في بعضها ضعف}.

    و الله تعالى أعلم.
    قوام الدين بكتاب يهدي و سيف ينصر

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    بارك الله فى الأخوة جميعا ، وللأسف نحن أمام مشكلة كبيرة فى نقل الإجماعات يقولوننقل ابن الصلاح ونقل الآجرى ونقل فلان وعلان ، فاى إجماع أيها السادة الذى تقصدونه ن هل هو إجماع داخل مذهب أو إجماع عصر ن أو إجماع فئةمن الناس تتفق على فكرة ، أنا لا أددرى من اين أتت هذه الإجماعات المتعددة بتحريم الغناء هل تغفل من نقل الإجماع ومن ينقله عنه أن هناك طوائف من العلماء من لدن الصحابة حتى عصرنا يقولون بإباحة الغناء ، وقد أحصيت جمعا غفيرا منهم فى أطروحتنا الموسومة بإمتاع الإسماع بحكم الإسلام فى السماع ، وقد فصل العلامة ابن حزم ذلك فى كتابه المحلى وفى رسالته الشهيرة التى وسمها " الغناء الملهى أمباح هو أم محظور" ، وهه الرسالة حتى لا يتقول أحد ويقول ابن حزم كذا وكذا حملت هذه الرسالة إلى العلامة ابن عبدالبر الذى ادعى أناس أنه أعلم من ابن حزم فى الحديث -ايا ما كان - حملت إليه لينظر ما فيها فبقيت عنده شهر ثم ذهب تلميذه فقال له يا شيخنا ماذا وجدت فيها قال له ابن عبدالبر " وجدتها فلم أجد ما أزيد عليها"
    ثم طوائف كثيرة من الناس كتبوا فى هذا الموضوع حتى أن الشوكانى بعيدا عن ما كتبه فى النيل خص الموضوع برسالته الشهيرة العظيمة " إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع"
    يا ليت الأخوة الذين يعرضون الأقوال يلتزمون الحياد فى النقل ويناقشون وجهات النظر المتعددة ، لقد سئمت مما يروج له حتى أننى وجدت مطوية نقل فيه عن الشافعى كذبا وتدليسا انه قال " الغناء لهو حرام يشبه الباطل " ، وما قال الشافعى هذا " وإنما قال ط الغناء لهو يشبه الباطل ومن استكثر منه فهو سفيه" لمصلحة من أن نفترى على العلماء لكى نحرم أو نحل ليتنا نفهم حقيقة العلم ، ولعلى أضع مشاركة عن الغناء وأشفعها بمن قالوا بإباحتى إن شاء الله
    ثم إن كلام ابنحزم أو غيره ممن أحل الغناء لا يعنى أن ما هو فى هذه الايام من غناء يسمع له أو يتردد على مجالسه كلا وربى فلا يقول بهذا إلا فاسق ، فغالب مجالس الغناء اليوم تشتمل على الفسق والفجور ، ومن ثم وضعنا شروطا لمن أراد أن يستمع إلا الغناء ، لعلها غير متوفرة فى الموجود حاليا
    والله الهادى إلى سواء السبيل
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  7. #7

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    أخي الدكتور عبد الباقي أعرض لنا أدلتك و ناقش مناقشة علمية, فنحسبك على خير إن شاء الله تحب الدليل الشرعي و تنتصر للحق مع أي كان{كما عرفناك في مشاركاتك}.
    قوام الدين بكتاب يهدي و سيف ينصر

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    بارك الله فيك أخى ابا البراء ، وأحسن الله إليك كما تحسن الظن بعبد فقير ذليل لله تعالى ن نسال الله تعالى السداد والتوفيق وأن يلهمنا رشدنا
    هل تريدنى أنأضعها هنا أمأفرد موضوعا جديدا أنتظر الرد ،وبارك الله فيك ودمت مناقشا ومحاورا وباحثا عن الحق وطالبا للدليل اينما كان
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  9. #9

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    أرى أن تضعها هنا أخي الكريم لكي يكون موضوعا متكاملا متناسقا فيه الشبهات و الردود.


    و أرجو من جميع الإخوة اجتناب السباب و الشتائم في مثل هذا الموضوع,لأنه المتعارف عليه في مثل هذه المواضيع تكثر الألقاب المنفرة كالإنحلال و التميع و غير ذلك,فأخونا عبد الباقي السيد من من عرف بسلامة المنهج عموما, وهذا ظاهر من مشاركاته و كل أخ عرف بمثل هذا يجب علينا أن نتعامل معه كأخ لنا في الدين و إن أخطأ في بعض المسائل و نصحه و نبين له خطأه و نوجهه,وهذا هو الواجب علينا مع كل أخ في الله.
    قوام الدين بكتاب يهدي و سيف ينصر

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    406

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    ننتظر بشغف بحث الدكتور : عبد الباقي
    وفقكم الله

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    * وقد سُئلَ إمامُ الشافعيةِ في زمانهِ العزُّ بنُ عبدالسلام سؤالاً هذه صُورتُهُ : " هل بين العلماءِ رضي الله عنهم خِلافٌ
    في أن مجموع ( هذه الآلات ) الدفَّ المجلجلِ ، والشَّبابةَِ ، والغِناءَ المتضمنَ تشبـيباً من شخص أمرد جميلِ الشكل محرم منهي عنه مُعاقب عليه أم ؟ " .
    فأجاب : " لا يُقدمُ على هذا السماع إلا غَبيٌّ فاجِرٌ قد غَلبَهُ هواهُ وعصى مولاهُ " .
    * وقال الإمام أحمد : " الغِناءُ يُنبتُ النفاق في القلب لا يُعجبني " .
    وقال أيضاً : " التغبـير بدعةٌ " فقيل له إنه يرقق القلب . فقال : هو بدعةٌ " .
    * وسُئل الإمامُ أحمدُ عن رجلٍ ماتَ وتركَ ولداً وجاريةً مغنيةً ، فاحتاج الصبي إلى بيعها . فقال : " لا تُباع على أنها مُغنيةٌ " فقيل له : إنها تُساوي ثلاثين ألفَ دِرهم ، ولعلها إذا بيعت ساذجة تُساوي عشرين ديناراً . فقال : " لا تُباع إلا على أنها ساذجة " .
    قال ابن الجوزي : " وهذا دليلٌ على أن الغِناءَ محظورٌ ؛ إذ لو لم يكُن محظوراً ما أجاز تفويتَ المالَ على اليتيم " .
    * وذكر الإمام الآجُرِّيُّ إجماع العلماء على تحريم الغِناء .

    ولا يجوز احداث الخلاف بعد اجماع

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    أخى السمرقندى بارك الله فيك وجعلك للحق متبعا ، هل تحققتمن كل ما كتبته وخرجت الأقوال ، هل وصلك أن الإمام أحمد رضى الله عنه طلع عليه ابنه ووجده على سطح الدار يغنى ويطرب بكلمات حسنة ، وهذه صحيحة الإسناد للإمام
    ثم يا أخى هل تعلم متى نقل الإجماع بحرمة الغناء حتى تقول لا يجوز إحداث الخلاف بعد الإجماع ، يا أخى إن الصحابة أنفسهم اختلفوا فى هذه المسألة ، فالخلاف بدا من المنشا ، وومعنى ذلك أنه لا إجماع أصلا ، وعلى العموم أنا سابدا فى طرح بحثى فى المسألة وكنت قد كتبته منذ ست سنين ، وأرجو من الأخوة كما سبق وأن نبه أخونا أبوالبراء أن نلتزم الاحترام فى التعامل مع المتحدثين باسم العلم ، فما أحرانا أن نقارع الحجة بالحجة
    وبالله تعالى نتأيد
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    بسم الله الرحمن الرحيم ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ، هذه أطروحتى عن الغناء أضعها كاملة على مراحل وأسأل الله السداد والتوفيق
    إمتاع الأسماع
    بحكم الإسلام
    فى
    السماع


    صورة لمجالس الغناء والطرب:-
    هذا مبحث نصف فيه مجالس الغناء والموسيقى فى عهد النبوة وبعدها، وقبل الوصف لابد أن نطرح عدة إشكاليات أظن أن البحث عالجها بالتفصيل وهى:-
    هل الغناء كان حكرا على النساء دون الرجال فى عصر النبوة وبعدها، أم أن هناك من الصحابة والتابعين والزهاد والفقهاء والأئمة من سمع وتغنى.
    وهل القينات والمغنيات كن معروفات فى ذلك العصر .أم أنهن كن جوارى صغيرات.
    وهل كثرة الأحاديث التى تحرم الغناء مع شدة ضعفها ينطبق عليها القاعدة الحديثية التى تنص على صحة الحديث أو حسنه بمجموع طرقه وكثرة رواياته، أم أن هذه الكثرة لا تدل إلا على تدليس هذه الأحاديث وبثها بين الناس، لكثرة العربدة ومجالس الدعارة والخمر التى كانت تشتمل على القينات الداعارات والمعازف.
    وهل حديث البخارى المروى عن هشام بن عمار يثبت حرمة الغناء والمعازف. أم أنه إن صح خاص بفئة معينة ومجالس معينة تحوى ما ذكره الحديث من زنا على الحرير، وقت شرب الخمور والعزف على الرؤس بالعازف.
    وهل الآيات التى احتج بها المحرمون، وخاصة آية لقمان وآية النجم تثبتان تحريما للغناء، أم أن فيهما ما يثبت تناقض المحرمين.
    وهل الأقوال التى نقلها المحرمون عن الأئمة وخاصة الأربعة لم يرد غيرها .أم ورد عنهم ما يغايرها.
    أما عن مجالس الغناء فى العصر النبوى فقد أخرج البخارى عَنَّ عَلِيًّ أنه قَالَ كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنْ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِي (أدخل)َ بِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا فِي بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنْ الصَّوَّاغِينَ فَنَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي فَبَيْنمَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مِنْ الْأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إلى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَارِفَيَّ قَدْ أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ الْمَنْظَرَ قُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا قَالُوا فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنْ الْأَنْصَارِ عِنْدَهُ قَيْنَةٌ (مغنية) وَأَصْحَابُهُ فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا:-
    أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ .
    فَوَثَبَ حَمْزَةُ إلى السَّيْفِ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا ( 1)
    هذا نص صحيح يوضح لنا أن مجلس الغناء كان معروفا فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بالمدينة، وكانت القينة تغنى ويجتمع حولها الرجال، يعاقرون الخمر ويخرجون من مجلسهم لا يدرون شيئا ولا يعون ما يفعلون، ومن ثم فإن حديث البخارى الذى جاء فيه ذكر المعازف . إن صح فإنه يشير إلى تحريم المجلس بعينه باعتباره يضم الخمر والبغاة وغير ذلك من المحرمات.
    وبعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم كان مجلس الغناء يحتوى على الجوارى المغنيات اللائى يجدن العزف على العود لا سيما مجلس ابن الزبير، وعبد الله بن جعفر رضى الله عنهم على ما سيتضح بعد ذلك.
    وكانت مكة تنافس المدينة فى الغناء، وإن كانت نهضتها جاءت متأخرة، وكان لها فى ذلك شعراء كثيرون مثل عمر بن أبى ربيعة أكبر شاعر غنائى قصر نفسه على الغزل، واتخذ له مغنين ومغنيات يغنون شعره ويعيشون فى كنفه، ومنهم عروة بن أذينة وكان معدودا فى الفقهاء والمحدثين ومن أروع ما قال:-
    بيضاء باكرها النعيم فصاغها
    بلباقة فأدقها وأجلها


    منعت تحيتها فقلت لصاحبى
    ما كان أكثرها لنا وأقلها

    ومنهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أحد فقهاء المدينة السبعة ومن قوله:-
    كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم
    ولامك أقوام ولومهم ظلـــم




    أأترك إتيان الحبيـب تأثما
    ألا إن هجران الحبيب هو الظلم


    فذق هجرها قد كنت تزعم أنه
    رشاد ألا يار بما كذب الزعــم


    وفى عهد الدولة العباسية كان الخليفة أبو جعفرالمنصور لا يقرب مجلس الغناء من قصره ولم يظهر لمغنى ولا لنديم، وكان بينه وبين ستارة الغناء عشرون ذراعا وبين الستارة والندماء مثلها، وبعده ظل ابنه المهدى على هذه الحال سنة ثم انكشف للندماء قائلا إنما اللذة فى مشاهدة السرور، وفى الدنو ممن سرنى، ومن أشهر ندمائه مروان بن أبى حفصة.
    وكان الهادى بن المهدى أخا الرشيد يستمع إلى الغناء ويجزل عليه العطاء، وكان الرشيد من أكثر الخلفاء شغفا بمجالس الغناء والطرب، وإلى جانبها كان موقرا للعلماء والفقهاء والقراء والقضاه والكتاب واجتمع إليه من هؤلاء ما لم يجتمع لغيره من الخلفاء.
    وقد جعل الرشيد للمغنين مراتب وطبقات فكان إبراهيم الموصلى وابن جامع وزلزل فى الطبقة الأولى، وسليم بن سلام وعمرو الغزال فى الثانية، وأصحاب المعازف والطنابير فى الثالثة، وإذا أجاد أحد المغنين فى الأداء أمر الرشيد بترقيته إلى المرتبة التى تعلو مرتبته، فقد رقى برصوما الزامر من الطبقة الثانية إلى الأولى بعد أن أطربه.
    وكان أبوالعتاهية الشاعر الزاهد من أبرز ندماء الرشيد، لا يفارقه فى سفر ولا حضر، إلا فى طريق الحج .
    وذكر الأصبهانى فى كتابه الأغانى أن الخليفة الواثق بن المعتصم بن الرشيد كان يغنى فى حضرة أرباب صناعة الغناء وكانوا يستجديدون غناءه وصنع مائة صوت ما فيها صوت ساقط، ومن هذه الأصوات:-
    هل تعلمين وراء الحب منزلة
    تدنى إليك فإن الحب أقصانى



    هذا كطتاب فتى طالت بليته
    يقول يا مشتكى بثى وأحزانى



    ولم يكن الناس يعلمون الجوارى الغناء صحيح أنهن كن يغنين ويجدن ولكن بدون تعليم، فأول من علمهن إبراهيم الموصلى، وممن اشتهر بالغناء من النساء بعض أميرات البيت العباسى مثل عليه بنت المهدى، وأمها أم ولد كانت مغنية، وإلى جانب ذلك ظهرت مغنيات أخريات مثل عاتكة التى بلغ من شهرتها وحسن غنائها أن المغنين فى مجلس الرشيد كانوا يغنون من ألحانها، وكانت تتقن الضرب بالعود، وكان لعاتكة مملوك - يدعى مخارق – علمته الغناء، ودربته على استعمال العود ثم باعته فانتقل من رجل إلى رجل حتى صار للرشيد وكان حسن الأداء طيب الصوت، ومن المغنيات مغنية تدعى متيم أخذت عن إسحاق الموصلى وأبيه إبراهيم، وعن المغنية المشهورة بزل، وبلغ من شهرتها بالغناء أن الخليفة المأمون كان يبعث إليها فتجيئه تغنيه، ولما انتقل المعتصم إلى سامراء أرسل إليها وأنزلها فى دار سميت الدمشقى ( 2)
    وقد عرفت مجالس الغناء صورا من الفوضى والمجون ولذا تشدد من تشدد فى التحريم، ونحن نوافقهم على ذلك ولكن ليتهم قصروا فتواهم على ما هو محرم بل تعدوا ذلك إلى كل الغناء وحكموا بحرمته جملة وهو ما لا يمكن أن يقبله أحد قط، فالغناء كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، ورحم الله القائل من لم يحركه الربيع وأزهاره والعود وأوتاره فهو فاسد المزاج ليس له علاج، ومن لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال.
    من هذه المجالس الفاضحة مجلس صوره ابن حزم رضى الله عنه فى كتابه الطوق فقال: " أذكر أنى كنت فى مجلس فيه إخوان لنا عند بعض مياسير أهل بلدنا، فرأيت بين بعض من حضر وبين من كان… من أهل صاحب المجلس أمرا أنكرته وغمزا استبشعته، وخلوات الحين بعد الحين، وصاحب المجلس كالغائب أو النائم، فنبهته بالتعريض فلم ينتبه وحركته بالتصريح فلم يتحرك، فجعلت أكرر عليه بيتين قديمين لعله يفطن وهما هذان:-
    إن إخوانه المقيمين بالأمـس
    أتوا للزناة لا للغناء

    قطعوا أمرهم وأنت حمار
    موقر من بلادة وغباء

    يقول: وأكثرت من إنشادهن حتى قال لى صاحب المجلس: قد أمللتنا من سماعهما فتفضل بتركهما وإنشاد غيرهما. فأمسكت وأنا لا أدرى أغافل هو أم متغافل، وما أذكر أنى عدت إلى ذلك المجلس بعدها( 3).
    هذه هى المجالس التى نهى عنها الأئمة والفقهاء وننهى عنها وينهى عنها كل من كان لديه مسكة عقل ولا يجيزها إلا فاسق ظاهر الفسق، أو جاهل سليب العلم بعيد عن موارده وأصوله.
    أما ما دون ذلك فلا حرج من حضوره واستماع ما فيه ما دام لا يحوى محرما، ومن ثم فابن حزم نفسه هو القائل عن مجلس غناء آخر " وإنى أذكر أنى دعيت إلى مجلس فيه بعض من تستحسن الأبصار صورته وتألف القلوب أخلاقه… فسارعت إليه وكان سحرا" (4 ).

    هوامش
    ـــــــــــــــ
    ( 1) أخرجه البخارى برقم ومسلم برقم3660 0
    ( 2) انظر عصام عبدالرؤف: الدولة العباسية، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة، ص186-194 0
    ( 3) انظر طوق الحمامة، تحقيق سعد كريم الفقى، دار ابن خلدون، ص161 0
    ( 4) انظر طوق الحمامة، تحقيق الطاهر مكى، دار الهلال، القاهرة، ص315 0
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    يتبع إن شاء الله ،حيث أذكر بعد هذا المبحث أدلة المحرمين والرد عليها
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  15. #15

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    ها نحن ننتظر دكتورنا الفاضل في بقية البحث وهو الأهم
    قوام الدين بكتاب يهدي و سيف ينصر

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    بارك الله فيك أخى ابا البراء نعم يتبع إن شاء الله
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    أدلة المحرمين ومناقشتها:-
    احتج المانعون من الغناء والموسيقى بعدد من الأدلة فى الكتاب والسنة منها قوله: (تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل اللّه)( 1) قالوا لهو الحديث هو: الغناء وقد روى ذلك عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر.
    وهذا لا حجة فيه من وجوه:-
    الأول:-أن الآية فيها تقييد بصفتين من كانتا فيه كان مجرما زنديقا بلا شك وهما استخدام اللهو للإضلال عن سبيل الله وطريقه الحق، والاستهزاء من آيات القرآن العظيم بهذا اللهو وتالله فهذه الآية لا تصلح للاحتجاج على تحريمه على من يسمعه للاستجمام والترويح وإنما تشمل فئة أخرى ممن يحاربون الله ورسوله ويسعون بكل السبل لتحويل المسلمين عن دينهم.
    الثانى:- أن هناك الكثير من الصحابة من استمع الغناء وأجازه على ما سيتضح بعد، ومن ثم فاللهو عندهم فى هذه الآية ليس كما فسره كل من ابن عباس وابن مسعود وابن عمر إن صحت نسبته إليهم، وإلا كانوا مخالفين لله تعالى عاصين له وحاشاهم من ذلك.
    الثالث:- أن الحافظ ابن طاهر المشهور بابن القيسرانى قد تتبع الأسانيد إلى ابن عباس وابن عمر وابن مسعود فلم يجد طريقا يثبت إلى واحد من هؤلاء الصحابة سوى طريق واحد إلى ابن عباس ولا يخلو من ضعيف.
    قلت ولو فرضنا صحته فلا حجة فيه لأن الآية كما أسلفنا خاصة بفئة معينة ثم إنه قول صاحب ولا حجة لصاحب خاصة فى وجود من يخالفه
    الرابع:- أن اللهو المستحب كان معروفا بين الصحابة وحض عليه النبى صلى الله عليه وسلم عندما قال لعائشة وكانت فى عرس أكان معكم من لهو على ما سيتضح فيما بعد.
    واستدل ابن رشد وغيره على التحريم بقوله تعالى (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه)(2 ) وأي دليل في ذلك على تحريم الملاهي والغناء والمفسرين فيها أربعة أقوال:-
    الأول:- أنها نزلت في قوم من اليهود أسلموا فكان اليهود يلقونهم بالسب والشتم ويعرضون عنهم.
    الثاني:- أنهم اليهود الذين أسلموا كانوا إذا سمعوا ما حرفه اليهود من التوراة وبدلوا من نعت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وصفته أعرضوا عنه وذكروا الحق.
    الثالث:- أنهم المسلمون وكانوا إذا سمعوا الباطل لم يلتفتوا إليه.
    الرابع:- أنهم أناس من أهل الكتاب لم يكونوا يهوداً ولا نصارى وكانوا على دين اللّه كانوا ينتظرون بعث محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم فلما سمعوا به بمكة أتوه فعرض عليهم القرآن فأسلموا وكان الكفار من قريش يقولون لهم أف لكم اتبعتم غلاماً كرهه قومه وهم أعلم به منكم، وهو قول ابن العربي في أحكام القرآن.
    ويجاب بأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب واللغو عام وهو في اللغة الباطل من الكلام الذي لا فائدة فيه والآية خارجة مخرج المدح لمن فعل ذلك وليس فيها دلالة على الوجوب.
    ومن الحجج التى احتج بها المحرمون قوله تعالى ( أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا) ( 3) قالوا والسمود الغناء بلغة حمير، وهذا ليس بشىء لأن الآيات تخص أناس سخروا من القرآن وأعرضوا عنه بالضحك والغناء وهذه والله صفة الفجار الفسقة الذين لا خير فيهم قط، أما سماع الغناء كفعل لا حرج فيه ولا تشمل الآيات فاعله.
    واحتجوا بقوله تعالى: (وما كان صلاتهم عند البيت إلامكاء وتصدية)(4 ) وهذه لا تحريم ولا نهى فيها عن الغناء إذ معنى المكاء الصفير والتصدية التصفيق، وهذه الآية أيضا تشمل أناسا كانوا يعارضون المؤمنين ويستهزؤن منهم ويشوشون على النبى صلى الله عليه وسلم أثناء صلاته بالبيت صادين بذلك عن سبيل الله . هذا هو حكم الآية سواء للكفار الذين نزلت فيهم أو لغيرهم ممن يعمل بعملهم إلى قيام الساعة، أما سامع الغناء للترويح فليست هذه صفته، ثم إن الآية لم تتعرض للغناء ولا المغنين وإنما تعرضت للزنادقة الذين يحاربون الدين فى كل زمان ومكان.
    واحتجوا بقوله تعالى: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) ( 5) قالوا: قال محمد بن الحنفية الزور: هو اللغو والغناء وقاله ليث عن مجاهد.
    قلت وهذا التفسير لا حجة فيه من وجهين:-
    الأول:- أنه لا برهان عليه من قرآن أو سنة أو قول صاحب بل ورد ما يخالفه عن جمع من المفسرين قال أبوالعالية وطاووس وابن سيرين والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم الزور هو أعياد المشركين، وقال عمرو بن قيس هى مجالس السوء والخنا، وقال مالك عن الزهرى شرب الخمر لا يحضرونه ولا يرغبون فيه، وقيل هو الشرك وعبادة الأصنام، وقيل الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل.
    الثانى:- أن الزور هو الكذب والباطل وقد ورد فى الحديث الصحيح الذى أخرجه البخارى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ)( 6)
    واحتجوا بقوله تعالى للشيطان وحزبه: (اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاءكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)( 7).
    قالوا: قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي أخبرنا يحيى بن المغيرة أخبرنا جرير عن ليث عن مجاهد (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) أى: استزل منهم من استطعت قال وصوته الغناء والباطل.
    قالوا: وبهذا الإسناد إلى جرير عن منصور عن مجاهد قال صوته هو المزامير، ثم روى بإسناده عن الحسن البصري قال صوته هو الدف.
    قلت وهذا التفسير لا حجة فيه كذلك من وجهين:-
    أولا:- أنه لا دليل عليه من قرآن أو سنه أو قول صاحب، فضلا عن تضارب القول عن مجاهد فتارة يفسر صوت الشيطان بالغناء وتارة بالمزامير، وتفسير صوته بالمزامير ساقط ويكفى للتدليل على ذلك ما أخرجه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى وأحمد والدارمى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأبى موسى الأشعرى: ( لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود) (8 ) فلو كان المزمار حراما أو صوتا للشيطان ما استجاز النبىصلى الله عليه وسلم أن يستخدمه فى الثناء على صوت أبى موسى.
    أما تفسير الحسن البصرى للصوت بالدف فساقط بما ورد فى الصحيحين من إجازة الدف وضرب الجاريتين به فى حضرة النبى كما سيتضح بعد، وكذا ورد فى جامع الترمذى وقال حسن صحيح أن امرأة تغنت وضربت بالدف فى حضرة النبى صلى الله ليه وسلم على ما سيتضح .
    الثانى:-أنه قد ورد ما يخالفه وهو أثبت وأقوى منه عن ابن عباس وقتادة ومحمد بن جرير الطبرى المفسر المشهور أن صوت إبليس كل داع دعا إلى معصية لله تعالى.

    هوامش
    ـــــــــــــ
    ( 1) سورة لقمان آية6
    2) سورة القصص آية55
    (3) سورة النجم آية59 -62
    (4 ) الأنفال آية 35
    (5 ) الفرقان آية 72
    (6 ) انظر كتاب الشهادات من صحيح البخارى باب ما قيل فى شهادة الزور رقم2460
    (7 ) الإسراء آية 63
    (8 ) انظر كتاب فضائل القرآن من صحيح البخارى باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن رقم4660، وكتاب صلاة المسافرين وقصرها من صحيح مسلم باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن رقم1322، وكتاب المناقب من جامع الترمذى باب مناقب أبى موسى الأشعرى رقم3790، وكتاب الافتتاح من سنن النسائى باب تزيين القرآن بالصوت رقم1009، وكتاب باقى مسند الأنصار من مسند أحمد باب حديث بريدة الأسلمى رقم21955، وكتاب فضائل القرآن من سنن الدارمى باب التغنى بالقرآن رقم 3362 0
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    يتبع إن شاء الله
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    واحتجوا بما رواه الطبرانى فى المعجم الكبير برقم(11181) قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا يحيى بن بكير حدثني يحيى بن صالح الأيلي عن إسماعيل بن أمية عن عبيد عن عمير عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال إبليس لربه يا رب قد أهبط آدم وقد علمت أنه سيكون كتاب ورسل فما كتابهم ورسلهم قال قال رسلهم الملائكة والنبيون منهم وكتبهم التوراة والزبور والأنجيل والفرقان قال فما كتابي قال كتابك الوشم وقرآنك الشعر ورسلك الكهنة وطعامك ما لا يذكر اسم الله عليه وشرابك كل مسكر وصدقك الكذب وبيتك الحمام ومصائدك النساء ومؤذنك المزمار ومسجدك الأسواق).
    قلت: رواه كذلك كل من معمر بن راشد فى الجامع موقوفا على قتادة برقم2.511، والبيهقى فى شعب الإيمان برقم5.91 ولا حجة فى موقوف، أما رواية الطبرانى فهى وإن كانت مرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم ففيها يحيى بن عثمان بن صالح متكلم فيه قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: كتبت عنه و كتب عنه أبى، و تكلموا فيه .
    و قال أبو سعيد بن يونس: كان عالما بأخبار البلد و بموت العلماء، وكان حافظا للحديث، و حدث بما لم يكن يوجد عند غيره.
    وقال مسلمة بن قاسم: يتشيع، و كان صاحب وراقة، يحدث من غير كتبه، فطعن فيه لأجل ذلك . اهـ .
    وقال الذهبى حافظ أخبارى له ما ينكر.
    وفيها يحيى بن صالح الأيلى ضعفه العقيلى.
    ومن الحجج التى احتج بها المحرمون ما رواه البخارى عن عبد الرحمن بن غنم قال: (حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري سمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: (ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) ( 1)
    وفي لفظ ابن ماجه وقال عن أبي مالك الأشعري ولم يشك (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف اللّه بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير)( 2) والمعازف هي آلات الملاهي ونقل القرطبي عن الجوهري أن المعازف هى الغناء والذي في صحاحه أنها اللهو وقيل صوت الملاهي، وفي حواشي الدمياطي المعازف الدفوف وغيرها مما يضرب به ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف.
    قلت أما رواية البخارى فمعلولة بعلل منها:-
    أولا:-أنه شك فى الراوى هل هو أبو عامر أم أبومالك.
    الثانى:- أنها من طريق هشام بن عمار وإن كان هناك جماعة من أهل الجرح والتعديل قد وثقوه فقد جرحه آخرين وكانت آفته أنه كان يتلقن فى آخر حياته فضلا عن روايته عن ابن لهيعه وهو ضعيف، فلعل حديث المعازف مما تلقنه هشام بن عمار ولم يكن عنده صحيحا، وهذه هى أقوال المحدثين فيه:-
    قال عنه يحيى بن معين: ثقة، وفى رواية كيس كيس .
    وقال فى رواية أخرى: حدثنا هشام بن عمار و ليس بالكذوب، فذكر عنه حديثا. وقال هشام بن عمار: أحب إلى من ابن أبى مالك .
    وقال العجلى: ثقة، وقال فى موضع آخر: صدوق .
    وقال النسائى: لا بأس به.
    وقال الدارقطنى: صدوق، كبير المحل.
    وقال عبدان بن أحمد الجواليقى، عن هشام بن عمار: ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة، وقال فى موضع آخر: ما كان فى الدنيا مثله .
    وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سمعت أبى يقول: هشام ابن عمار لما كبر تغير فكل ما دفع إليه قرأه، وكلما لقن تلقن، وكان قديما أصح، كان يقرأ من كتابه . وسئل أبى عنه، فقال: صدوق .
    وقال أبو عبيد الآجرى، قال أبو داود أبو أيوب ـ يعنى سليمان ابن بنت شرحبيل ـ خير منه ـ يعنى من هشام ـ، حدث هشام بأرجح من أربع مائة حديث ليس لها أصل مسنده كلها، كان فضلك يدور على أحاديث أبى مسهر و غيره، يلقنها هشام بن عمار .
    وقال أبوعبيد الآجرى: كان فضلك يدور بدمشق على أحاديث أبى مسهر، و أحاديث الشيوخ يلقنها هشام بن عمار، فيحدثه بها، وكنت أخشى أن يفتق فى الإسلام فتقا .
    وقال أبو بكر محمد بن أحمد بن راشد بن معدان الأصبهانى: سمعت محمد بن مسلم بن وارة الرازى يقول:عزمت زمانا أن أمسك عن حديث هشام بن عمار لأنه كان يبيع الحديث .
    وقال صالح بن محمد الأسدى: كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث، ولا يحدث ما لم يأخذ .
    وقال أبوبكر الإسماعيلى عن عبد الله بن محمد بن سيار: كان هشام بن عمار يلقن، وكان يلقن كل شىء، ما كان من حديثه وكان يقول: أنا قد أخرجت هذه الأحاديث صحاحا، وقال الله تعالى:( فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه )(3 ) وكان يأخذ على كل ورقتين درهما و يشارط ويقول: إن كان الخط دقيقا فليس بينى و بين الدقيق عمل . وكان يقول: وذاك أنى قلت له: إن كنت تحفظ فحدث، وإن كنت لا تحفظ فلا تلقن ما يلقن، فاختلط من ذاك، وقال: أنا أعرف هذه الأحاديث . ثم قال لى بعد ساعة: إن كنت تشتهى أن تعلم فأدخل إسنادا فى شىء، فتفقدت الأسانيد التى فيها قليل اضطراب، فجعلت أسأله عنه فكان يمر فيها يعرفها .
    وقال أبو على الأوزاعى، ليس بثقة فى النقل، وقد كنت أردت أن أطرح كلامه ثم أوردته وبينت حاله.
    وذكره ابن حبان فى " الثقات "
    وقال مسلمة: تكلم فيه، وهو جائز الحديث صدوق .
    وقال القزاز:آفته أنه ربما لقن أحاديث فتلقنها .
    وقال أحمد بن أبى الحوارى: إذا حدث فى بلد فيه مثل هشام فيجب للحيتى أن تحلق .
    وقال هشام: نظر يحيى بن معين فى حديثى كله إلا حديث سويد بن عبد العزيز، فإنه قال: سويد ضعيف .
    وقد حدث هشام بن عمار عن ابن لهيعة بالإجازة .
    وقال أبو زرعة الرازى: من فاته هشام بن عمار يحتاج أن ينزل فى عشرة آلاف حديث.
    وقال المروذى: ذكر أحمد هشاما فقال: طياش خفيف، و ذكر له قصة فى اللفظ بالقرآن، أنكر عليه أحمد حتى إنه قال: إن صلوا خلفه فليعيدوا الصلاة .
    الثالث:-أن الحديث مضطرب متنا فقد ذكر البخارى فى صحيحه لفظ يستحلون وفى التاريخ لم يذكرها، وورد عند أحمد بلفظ ليشربن أناس من أمتى الخمر يسمونها بغير اسمها (4 )، ورواه أبوداود عن أبى عامر وأبى مالك الأشعرى بالشك أيضا كالبخارى ولم يذكر لفظ المعازف، حيث جاء فيه( ليكونن من أمتى أقوام يستحلون الخز والحرير)( 5).
    ولو فرضنا أن الحديث صحيح فهو خاص بفئة كان ديدنها الزنا وشرب الخمر فى مجلس الغناء والمعازف فجاء التحريم باعتباره أحد الأشكال التى ترتبط بمجلس الخمر، خاصة وأن ألفاظه جاءت متتابعة العطف على الحر وهو الفرج أى استحلال فروج النساء وهو الزنا، ومن ثم فالتحريم لا يقع على كل واحد منها منفردا، خاصة وأن النهى عن الأمور المتعددة أو ترتيب الوعيد على مجموعها لا يدل على تحريم كل واحد منها بعينه، وليس أدل على ذلك من قوله تعالى: (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين)( 6) ومن ذلك قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم)( 7) فجعل طاعة الله وطاعة الرسول مرتبطتين، وجعل طاعة أولى الأمر مرتبطة بطاعتهما فإن وافقت طاعتهما وافقناهم وإن خالفتهما خالفناهم، وذلك لأنه سبحانه وتعالى لم يقل وأطيعوا أولى الأمر، ولو كان كذلك لكانت طاعتهم فى كل شىء كطاعة الله والرسول ولكنه سبحانه فرق بذلك، فلو أن الحديث جاء بصيغة تفريق لكان كل واحد على حده منفردا ولكنه لم يأت كذلك وبالله تعالى التوفيق .
    أما لفظ ابن ماجه فقد رواه من طريق مالك بن ابى مريم الحكمى الشامى، ولم يروى له هو وأبو داود سوى هذا الحديث، ومالك وإن كان ابن حبان قد ذكره فى الثقات فليس بتعديل له خاصة وأن ابن حبان قد ذكر فى ثقاته أناسا متهمون بالوضع كما هو معروف لدى علماء الحديث، فضلا عن أنه من المغمورين قال ابن حزم لايدرى من هو، وقال الذهبى لا يعرف، ولو فرضنا صحته فإنه لم يخص الغناء والموسيقى بتحريم، وإنما هو مفسر لما قلناه سابقا من أن الحرمة إنما تشمل مجلس الخمر وما يقع فيه لارتباط الغناء فى تلك الحالة بالخمر، وهكذا فإن الشىء ربما يكون حلالا أو مباحا فلو اختلط بمحرم خرج عن إطار الحل إلى الحرمة وبالله تعالى التوفيق .
    ومما احتج به المحرمون ما رواه أحمد (أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع إصبعيه في أذنيه وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول يا نافع أتسمع فأقول نعم فيمضي حتى قلت لا فرفع يده وعدل راحلته إلى الطريق وقال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم سمع زمارة راع فصنع مثل هذا) ( 8).
    وأخرجه أبوداود فقال حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ مِزْمَارًا قَالَ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ وَنَأَى عَنْ الطَّرِيقِ وَقَالَ لِي يَا نَافِعُ هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا قَالَ فَقُلْتُ لَا قَالَ فَرَفَعَ إِصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ وَقَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْلُؤْلُؤِيُّ سَمِعْت أَبَا دَاوُد يَقُولُ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُطْعِمُ بْنُ الْمِقْدَامِ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ ابْنِ عُمَرَ إِذْ مَرَّ بِرَاعٍ يَزْمُرُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو دَاوُد أُدْخِلَ بَيْنَ مُطْعِمٍ وَنَافِعٍ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ صَوْتَ زَامِرٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا أَنْكَرُهَا( 9).
    وأخرجه ابن ماجة فقال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ التَّمِيمِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ (كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ صَوْتَ طَبْلٍ فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ تَنَحَّى حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (10 )
    قلت طريق ابن ماجة فيه ليث وهو ضعيف.
    ولو فرضنا صحته فهو حجة على المانعين لا لهم لأنه لو كان سماع الغناء حراماً لما أباحه صلى اللّه عليه وآله وسلم لابن عمر ولا ابن عمر لنافع ولنهى عنه وأمر بكسر الآلة لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وأما سده صلى اللّه عليه وآله وسلم لسمعه فيحتمل أنه تجنبه كما كان يتجنب كثيراً من المباحات كما تجنب أن يبيت في بيته درهم أو دينار وأمثال ذلك.
    واحتجوا بما رواه أحمد وأبو داود (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: (إن اللّه حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام). وفي لفظ لأحمد(إن اللّه حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنين) (11 )
    والميسر هو القمار والكوبة قيل هي الطبل، والغبيراء اختلف في تفسيرها فقيل الطنبور وقيل العود وقيل البربط وقيل مزر يصنع من الذرة أو من القمح، والمزر هو نبيذ الشعير، والقنين هو لعبة للروم يقامرون بها وقيل هو الطنبور بالحبشية وقيل هو الضرب به.
    وهذا الحديث لا حجة فيه ففي إسناده الوليد بن عبدة مختلف فيه وثقه البعض، وقال عنه أبو حاتم الرازي مجهول وقال المنذرى عن هذا الحديث أنه معلول، ولو فرضنا صحته فنحن نتساءل لما بدأ بذكر تحريم الخمر وانتهى بتحريم كل مسكر ذاكرا بعض أدوات العزف ضمن حديثه عن حرمة الخمر، فلا جواب إلا لأنها كانت مستعملة أثناء انعقاد مجلس الخمر لا لذاتها.
    واحتجوا بما روى عن عمران بن حصين: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: (في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل من المسلمين يا رسول اللّه ومتى ذلك قال: إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور) رواه الترمذي وقال روى هذا الحديث عن الأعمش عن عبد الرحمن بن سابط عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسل وهذا حديث غريب (12 )
    قلت: فيه عبد الله بن عبدالقدوس وثقه ابن حبان وقال ربما أغرب.
    وقال يحيى بن معين ليس بشىء رافضى خبيث .
    وقال أبوداود ضعيف الحديث .
    وقال النسائى ضعيف.
    وقال الحاكم فى حديثه بعض المناكير.
    والمرسل هو من سقط من سنده راو أو أكثر وقد عرفه البعض بأنه هو المنقطع أيضا،ولا حجة فى مرسل،قال مسلم المرسل فى أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة،وحكى ابن عبدالبر هذا القول عن جماعة من أصحاب الحديث،وهو قول ابن حزم وابن الصلاح، واستقر على ذلك آراء جماعة حفاظ الحديث ونقاد الأثر وتداولوه فى تصانيفهم.
    واحتجوا بما روى عن أبي هريرة قال: (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ( إذا اتخذ الفيء دولاً والأمانة مغنماً والزكاة مغرماً وتعلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء وزلزلة وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع بعضه بعضاً). رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه( 13).
    قلت فيه رميح الجذامى لم يروى له الترمذى سوى هذا الحديث وهو مجهول قال ابن القطان رميح لا يعرف.‏
    واحتجوا بما رواه أحمد عن أبي أمامة: عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: ( تبيت طائفة من أمتي على أكل وشرب ولهو ولعب ثم يصبحون قردة وخنازير وتبعث على أحياء من أحيائهم ريح فتنسفهم كما نسف من كان قبلكم باستحلالهم الخمر وضربهم بالدفوف واتخاذهم القينات).
    قلت في إسناده فرقد السبخي قال أحمد: ليس بقوي.
    وقال ابن معين: هو ثقة .
    وقال الترمذي: تكلم فيه يحيى بن سعيد وقد روى عنه الناس.‏
    قلت ولو فرضنا صحته فهو إما شاذ أو منسوخ لمعارضته لما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم بإباحة الدف فى البخارى ومسلم وغيرهما على ما سيتضح بعد قليل، أضف إلى ذلك أن هذا الحديث يقوى ما ذهبنا إليه من أن التحريم لمجلس الغناء جاء لاحتوائه على شرب الخمر والرقص والتمايل من قبل داعرات كاسيات عاريات يجتمع الناس لمشاهدة أفعالهن الخبيثة، وإلا فلما جاء فى الحديث إن صح ولم يكن شاذا أو منسوخا تحريم الدف وقد أباحه الرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه.
    واحتجوا بما روى عن أبي هريرة عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: (إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء وفيه وشربت الخمور ولبس الحرير واتخذت القيان والمعازف) رواه الترمذى وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث علي إلا من هذا الوجه ولا نعلم أحداً رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه وقد روى عنه وكيع وغير واحد من الأئمة(14 )
    قلت وممن تكلم فى فرج بن فضالة يحيى بن معين قال فرج ضعيف. وقال ابن حبان فرج بن فضالة كان يقلب الأسانيد ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة،لا يحل الاحتجاج به،وقد استدل على قوله بهذا الحديث.
    وقال عبد الرحمن بن مهدى أحاديث الفرج عن يحيى بن سعيد منكرة.
    واحتجوا بما رواه أحمد قال حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ الْحِمْصِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَنِي رَحْمَةً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْحَقَ الْمَزَامِيرَ وَالْكَبَارَاتِ يَعْنِي الْبَرَابِطَ وَالْمَعَازِفَ وَالْأَوْثَانَ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَقْسَمَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ بِعِزَّتِهِ لَا يَشْرَبُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي جَرْعَةً مِنْ خَمْرٍ إِلَّا سَقَيْتُهُ مَكَانَهَا مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ مُعَذَّبًا أَوْ مَغْفُورًا لَهُ وَلَا يَسْقِيهَا صَبِيًّا صَغِيرًا إِلَّا سَقَيْتُهُ مَكَانَهَا مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ مُعَذَّبًا أَوْ مَغْفُورًا لَهُ وَلَا يَدَعُهَا عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي مِنْ مَخَافَتِي إِلَّا سَقَيْتُهَا إِيَّاهُ مِنْ حَظِيرَةِ الْقُدُسِ وَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُنَّ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ وَلَا تَعْلِيمُهُنَّ وَلَا تِجَارَةٌ فِيهِنَّ وَأَثْمَانُهُنّ َ حَرَامٌ لِلْمُغَنِّيَات ِ قَالَ يَزِيدُ الْكَبَارَاتِ الْبَرَابِطُ)( 15)
    قلت هذا الحديث فيه آفتان فرج بن فضالة وقد أنفنا القول عنه، وعلي بن يزيد قال البخارى عنه منكر الحديث ضعيف.
    وقال أحمد بن حنبل كأنه ضعفة.
    وقال يحيى بم معين ضعيف.
    وقال أبوزرعة الرازى ليس بالقوى.
    وقال أبوحاتم الرازى ضعيف الحديث أحاديثة منكرة ليس بالقوى.
    وقال النسائى ليس بثقة وقال مرة متروك الحديث.
    واحتجوا بما روى عن أبى أمامة أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: (لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام ) في مثل هذا أنزلت هذه الآية: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل اللّه} إلى آخر الآية).رواه الترمذي. ولأحمد معناه ولم يذكر نزول الآية فيه ورواه الحميدي في مسنده ولفظه: (لا يحل ثمن المغنية ولا بيعها ولا شراؤها ولا الاستماع إليها)( 16)
    قلت فى سنده على بن يزيد وقد سبق القول فيه.
    واحتجوا بما روى عن أبى أمامة فى حديثه المتقدم وفيه زيادة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (والذى نفسى بيده، مار فع رجل عقيرته بغناء إلا ارتدف عند ذلك الشيطان على عاتقه حتى يسكت ".
    قلت هذه الزيادة من طريق مسلمة بن على الحسينى الدمشقى، والقاسم بن عبد الرحمن، الأول قال عنه يحيى بن معين: ليس بشىء، وقال البخارى: منكر الحديث.
    والثانى ذكر أبو حاتم أن روايته عن على، و ابن مسعود، و عائشة مرسلة .
    وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبى، و ذكر القاسم أبا عبد الرحمن، فقال: قال بعض الناس: هذه الأحاديث المناكير التى يرويها عنه جعفر بن الزبير، و بشر بن نمير، ومطرح، فقال أبى: على بن يزيد من أهل دمشق حدث عنه مطرح، و لكن يقولون: هذه من قبل القاسم مناكير مما يرويها الثقات يقولون من قبل القاسم و قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله، و ذكر له حديث عن القاسم الشامى عن أبى أمامة: أن الدباغ طهور . فأنكره و حمل على القاسم، وقال: يروى على بن يزيد هذا عنه أعاجيب، وتكلم فيها، وقال: ما أرى هذا إلا من قبل القاسم: قال أبو عبد الله: إنما ذهبت رواية جعفر بن الزبير لأنه إنما كانت روايته عن القاسم .
    قال أبو عبد الله: لما حدث بشر بن نمير عن القاسم، قال شعبة: ألحقوه به .
    و قال جعفر بن محمد بن أبان الحرانى: سمعت أحمد بن حنبل ومر حديث فيه ذكر القاسم بن عبد الرحمن مولى يزيد بن معاوية، قال: هو منكر لأحاديثه متعجبا منها، قال: و ما أرى البلاء إلا من القاسم .
    و قال أبو زرعة الدمشقى: ذكرت لأبى عبد الله يعنى أحمد ابن حنبل حديثا حدثنا به محمد بن المبارك أملاه علينا فى سنة ثلاث عشرة ومئتين قال: حدثنا يحيى بن حمزة، عن عروة بن رويم، عن القاسم أبى عبد الرحمن، قال: قدم علينا سلمان الفارسى دمشق، فأنكره أحمد، و قال لى: كيف يكون له هذا اللقاء و هو مولى لخالد بن يزيد بن معاوية ؟ فذكرت لأحمد حديثا حدثنا به عبد الله بن صالح أن معاوية بن صالح حدثهم عن سليمان أبى الربيع عن القاسم أبى عبد الرحمن، قال: رأيت الناس مجتمعين على شيخ فقلت: من هذا ؟ قال: سهل بن الحنظلية، فسكت أحمد و لم يرده كما رد لقى القاسم سلمان: فأخبرت عبد الرحمن بن إبراهيم بقول أبى عبد الله أن القاسم مولى لخالد بن يزيد، و أن من كان عنده مولى لخالد، يعنى: لا يصح له هذا اللقاء، فقال لى عبد الرحمن بن إبراهيم: كان القاسم مولى لجويرية بنت أبى سفيان، فورث بنو يزيد بن معاوية ولاءه فلذلك يقال: مولى بنى يزيد بن معاوية .
    قال أبو زرعة: و ذلك أحب القولين إلى .
    وقال العجلى: يكتب حديثه، و ليس بالقوى .
    وقال أبو حاتم: حديث الثقات عنه مستقيم، لا بأس به، و إنما ينكر عنه
    الضعفاء .
    وقال الغلابى: منكر الحديث .
    وقال يعقوب بن شيبة السدوسى: قد اختلف الناس فيه، فمنهم من يضعف روايته، و منهم من يوثقه .
    قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" قال ابن حبان:كان يروى عن الصحابة المعضلات . وقال إبراهيم بن موسى الفراء: رأيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى النوم ـ أو قال: حدثنى من رآه ـ: عرضت عليه أحاديثا من أحاديث القاسم عن أبى أمامة، فأنكرها . وقال أبو إسحاق الحربى: كان من ثقات المسلمين . وذكر له العقيلى حديث: " لئن كنت خلقت للجنة لأن يطول عمرك و يحسن عملك، خير لك " . لا يعرف إلا به . اهـ .
    واحتجوا بما روى عن ابن مسعود (الغناء ينبت النفاق في القلب).
    قلت وهذا ليس بشىء إذ فيه شيخ لم يسم ورواه البيهقي موقوفاً، وقال ابن طاهر أصح الأسانيد في ذلك أنه من قول إبراهيم. ( 17)
    قلت ولا حجة فى قول صاحب خاصة إذا وجد من يخالفه من الصحابة الذين سمعوا واستجازوا الغناء على ما سيتضح بعد قليل.
    قلت وقد روى عن أبى هريرة مسندا، قال ابن القيسرانى: هو حديث عبد الرحمن بن عبد الله العمرى…وعبد الرحمن هذا قال عنه أحمد بن أحمد بن حنبل عبد الرحمن ليس يسوى حديثه شيئا حرقنا حديثه سمعت منه ثم تركناه، …أحاديثه مناكير، وكان كذابا، وقال النسائى: متروك الحديث.(18 )
    واحتجوا بما روى عن أنس: أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: (من قعد إلى قينة يسمع صب في أذنه الإنك) والإنك هو الرصاص المزاب،ولا حجة فى ذلك قال ابن حزم إنه بليه لأنه عن مجهولين، وقال ابن القيسرانى هو حديث رواه أبونعيم الحلبى عن عبد الله بن المبارك عن مالك عن محمد بن المنكدر عن أنس، وأبونعيم اسمه عبيد بن محمد من أهل حلب ضعيف ولم يبلغ عن ابن المبارك،والحديث عن مالك منكر جدا،وإنما يروى عن ابن المنكدر مرسلا.
    قلت أبونعيم عند ابن حزم عبيد بن هاشم الحلبى،وقد رمز السيوطى لهذا بالضعف.
    واحتجوا بما روى عن عائشة وأنس عند البزار والمقدسي وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي بلفظ: (صوتان ملعونان في الدنيا والأخرة مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة).
    قلت وقد ذكره الحافظ القيسرانى فى كتابه السماع وفيه (وصوت ندية عند مصيبة) بدلا من رنة، وهذا لا حجة فيه ففى سنده محمد بن زياد قال عنه أحمد بن حنبل أعور كذاب خبيث يضع الحديث، وقال يحيى بن معين أجمع الناس على طرح هؤلاء النفر ليس يذاكر بحديثهم ولا يعتد بهم منهم محمد بن زياد.
    وقال البزار عن هذا الحديث لا نعلمه عن أنس إلا بهذا الإسناد، وفى سنده شبيب بن بشر على قلة حديثه يخطىء.
    واستنكر ابن عدى فى الكامل محمد بن زياد اليشكرى.
    واحتجوا بما روى عن علي أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن ضرب الدف والطبل وصوت المزمار).
    ولا حجة فيه ففى سنده عبد الله بن ميمون القداح منكر الحديث، وقطر بن سالم قال عنه ابن القيسرانى شبيه بالمجهول، وقال السيوطى فى الجامع الصغير أخرجه الخطيب البغدادى ورمز له بعلامة الضعيف، وقد ضعفه الشيخ الألبانى رحمه الله فى ضعيف الجامع برقم(6.71 ).
    واحتجوا بما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( النظر إلى المغنية حرام، وغناؤها حرام وثمنها حرام ).
    وهذا لا حجة فيه، قال ابن القيسرانى: وهو حديث رواه يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل النوفلى المدينى أبو خالد عن يزيد بن حصيفة عن السائب بن يزيد عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره ويزيد الأول، قال أبو عبد الرحمن النسائى: متروك الحديث، وقال البخارى: يزيد بن عبد الملك النوفلى قال أحمد عنده مناكير، .. وقال يحيى بن معين ك يزيد بن عبد الملك ليس بذلك (19 ).
    واحتجوا بما روى عن علي: أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: (بعثت بكسر المزامير الحديث).
    قلت وهذا ليس شىء فيه محمد بن الفرات قال عنه يحيى بن معين: ليس بشىء.
    وقال ابن أبى شيبة: كذاب.
    وقال النسائى: متروك الحديث.
    واحتجوا بما روى عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال: (كسب المغني والمغنية حرام) وكذا رواه الطبراني من حديث عمر مرفوعاً: (ثمن القينة سحت وغناؤها حرام).
    ولا حجة فيه فهو من طريق يزيد بن عبد الملك، قال عنه أحمد بن حنبل عنده مناكير.
    وقد ضعف الشيخ الألبانى هذا الحديث فى ضعيف الجامع برقم (2617)
    ومن جملة ما استدلوا به حديث: (كل لهو يلهو به المؤمن هو باطل إلا ثلاثة ملاعبة الرجل أهله وتأديبه فرسه ورميه عن قوسه).
    ولا حجة فيه فقد قال عنه الحافظ العراقى فى تخريجه أحاديث الإحياء فيه اضطراب، ولو فرضنا صحته فليس الباطل فيه بمعنى الحرام.
    قال الغزالي: قلنا قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم فهو باطل لا يدل على التحريم بل يدل على عدم الفائدة.
    وليس أدل على ذلك من قول أبى الدرداء إنى لأستجم نفسى بالشىء من الباطل كراهية أن أحمل عليها من الحق ما يملها.
    واحتجوا بما روى عن جابر أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: (إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان وصوت عند مصيبة وخمش وجه وشق جيب ورنة شيطان).
    قلت وهذا لا حجة فيه، إذ فيه ابن أبى ليلى سىء الحفظ، قال عنه أبوحاتم بن حبان: كان ردىء الحفظ كثير الوهم فاحش الخطا يروى الشىء على التوهم، ويحدث على الحسبان، وكثرت المناكير من حديثه فاستحق الترك.
    وتركه كل من احمد بن حنبل، ويحيى بن معين.
    واحتجوا بما روى عن ابن مسعود: أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم سمع رجلاً يتغنى من الليل فقال لا صلاة له لا صلاة له لا صلاة له).
    قلت هذا الحديث أخرجه أبو نعيم فى الحلية فقال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني إبراهيم بن سعيد الطبري قال ثنا أبو اليمان عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن الربيع بن خيثم عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يستمع الله عز وجل من مسمع ولا مرائي ولا لاه ولا ملاعب وسمع رجلا يتغنى من الليل فقال لا صلاة له حتى يصلي مثلها ثلاث مرات ) قال أبونعيم غريب من حديث الربيع ما كتبناه إلا بهذا الإسناد.
    قلت سعيد بن سنان له غرائب وإفرادات وأوهام.
    واحتجوا بما أخرجه عبدالرزاق عن صفوان بن أمية قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه عمرو بن فروة فقال: يانبى الله إن الله كتب على الشقوة، ولا أرانى أرزق إلا من دفى بكفى فتأذن لى فى الغناء من غير فاحشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا إذن ولا كرامة ولا نعمة ).
    قلت: فيه يحيى بن العلاء قال عنه يحيى بن معين: ليس بثقة.
    وقال عمرو بن العلاء: متروك الحديث.
    واحتجوا بما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ثمن الكلب وكسب الزمارة ).
    قلت: وهذا لا حجة فيه من وجهين:-
    الأول: أنه من طريق سليمان بن أبى سليمان قال عنه ابن القيسرانى متروك الحديث غير ثقه.
    الثانى: الزمارة هى الزانية قال ابن الأثير فى النهاية: هى الزانية، وقيل هى بتقديم الراء على الزاى من الزمر، وهى الإشارة بالعين أو بالحاجب أو الشفه والزوانى يفعلن ذلك. قال ثعلب الزمارة هى البغى الحسناء، وقال الأزهرى يحتمل أن يكون أراد المغنية وزمر: إذا غنى.
    قلت: الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، فلا حجة فى هذا التفسير.
    واحتجوا بما رواه الديلمى عن أبى أمامة مرفوعا ( إن الله يبغض صوت الخلخال كما يبغض الغناء).
    وهذا لا حجة فيه أيضا فهو ضعيف.
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا قال حدثنا هارون بن عبيد الله حدثنا يزيد بن هرون حدثنا أشرس أبو شيبان الهذلي قال قلت لفرقد السبخي أخبرني يا أبا يعقوب من تلك الغرائب التي قرأت في التوراة فقال يا أبا شيبان والله ما أكذب على ربي مرتين أو ثلاثا لقد قرأت في التوراة ليكونن مسخ وخسف وقذف في أمة محمد في أهل القبلة قال قلت يا أبا يعقوب ما أعمالهم قال باتخاذهم القينات وضربهم بالدفوف ولباسهم الحرير والذهب ولئن بقيت حتى ترى أعمالا ثلاثة فاستيقن واستعد واحذر قال قلت ما هي قال إذا تكافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء ورغبت العرب في آنية العجم فعند ذلك قلت له العرب خاصة قال لا بل أهل القبلة ثم قال والله ليقذفن رجال من السماء بحجارة يشدخون بها في طرقهم وقبائلهم كما فعل بقوم لوط وليمسخن آخرون قردة وخنازير كما فعل ببني إسرائيل وليخسفن بقوم كما خسف بقارون.
    قلت لا حجة فى هذا إذ إنه من طريق فرقد السبخى متكلم فيه وليس بالقوى.
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا قال حدثنا عبد الجبار بن عاصم قال حدثني المغيرة بن المغيرة عن صالح بن خالد رفع ذلك إلى النبي أنه قال ليستحلن ناس من أمتي الحرير والخمر والمعازف وليأتين الله على أهل حاضر منهم عظيم بجبل حتى ينبذه عليهم ويمسخ آخرون قردة وخنازير.
    قلت وهذا مرسل ولا حجة فى مرسل.
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عبد الجبار بن عاصم حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد عن أبي العباس الهمداني عن عمارة بن راشد عن الغازي بن ربيعة رفع الحديث قال: ليمسخن قوم وهم على أريكتهم قردة وخنازير بشربهم الخمر وضربهم بالبرابط والقيان.
    وهذا ليس بشىء فإلى جانب أنه مرسل، ففيه إسماعيل بن عياش كان إذا حدث عن غير الشاميين يخلط ويروى مناكير، ومن ثم فأحاديثه عن غير الشاميين فيها نظر على قول البخارى.
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا جرير عن أبان بن تغلب عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن سابط قال قال رسول الله يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ قالوا فمتى ذاك يا رسول الله قال إذا أظهروا المعازف واستحلوا الخمور.
    وهذا لا شىء إذ إنه من طريق إسحاق بن إسماعيل عن جرير وقد تكلم فى سماع إسحاق من جرير.
    واحتجوا بما رواه ابن أبى الدنيا قال وأنبأنا أبو إسحق الأزدي حدثنا إسمعيل بن أبي أويس حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أحد ولد أنس بن مالك وعن غيره عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ليبيتن رجال على أكل وشرب وعزف فيصبحون على أرائكهم ممسوخين قردة وخنازير.
    قلت: ولا حجة فى هذا فهو إلى جانب أن فى سنده من هو مجهول الحال، ففيه عبد الرجمن بن زيد وهو ضعيف.
    قال عنه أحمد بن حنبل: ضعيف .
    وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبى يضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال: روى حديثا منكرا: " أحلت لنا ميتتان و دمان "
    و قال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: ليس حديثه بشىء .
    وقال البخارى، وأبو حاتم: ضعفه على ابن المدينى جدًا .
    و قال أبو داود: أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف، و أمثلهم عبد الله .
    وقال النسائى: ضعيف .
    وقال خالد بن خداش: قال لى الدراوردى، و معن، و عامة أهل المدينة: لا نريد عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، إنه كان لا يدرى ما يقول، و لكن عليك بعبد الله ابن زيد بن أسلم .
    وقال أبو زرعة: ضعيف .
    وقال أبو حاتم: ليس بقوى فى الحديث، كان فى نفسه صالحا، وفى الحديث واهيا.
    وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار و هو لا يعلم، حتى كثر ذلك فى روايته من رفع المراسيل، و إسناد الموقوف، فاستحق الترك.
    وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، ضعيفا جدا .
    وقال ابن خزيمة: ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه، هو رجل صناعته العبادة و التقشف، ليس من أحلاس الحديث .
    وقال الساجى: و هو منكر الحديث .
    وقال الطحاوى: حديثه عند أهل العلم بالحديث فى النهاية من الضعف
    وقال الحربى: غيره أوثق منه .
    وقال الجوزجانى: أولاد زيد ضعفاء .
    وقال الحاكم، و أبو نعيم: روى عن أبيه أحاديثًا موضوعة .
    و قال ابن الجوزى: أجمعوا على ضعفه . اهـ .
    وقال ابن حجر: ضعيف.
    وقال الذهبى: ضعفوه.
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو عمرو هرون بن عمر القرشي حدثنا الخصيب بن كثير عن أبي بكر الهذلي عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ وذاك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعازف).
    قلت ولا حجة فيه ففيه أبى بكر الهذلى متروك.
    قال عمرو بن على: سمعت يحيى بن سعيد و ذكر أبا بكرالهذلى، فلم يرضه، ولم أسمعه ولا عبد الرحمن يحدثان عنه بشىءٍ قط قال: وسمعت يزيد بن زريع يقول: عدلت عن أبى بكر الهذلى عمدًا.
    وقال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: ليس بشىء . وقال فى موضع آخر: ليس بثقة.
    وقال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن يحيى بن معين: ليس بشىء . وقال أيضا عن يحيى: كان غندر يقول: كان أبو بكر الهذلى إمامنا و كان يكذب .
    وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال أبو حاتم: لين الحديث، يكتب حديثه و لا يحتج به. وقال النسائى: ليس بثقة و لا يكتب حديثه .
    وقال النسائى وعلى بن الجنيد: متروك الحديث .
    وقال على بن عبد الله بن المدينى: ضعيف ليس بشىء . وقال مرة: ضعيف جدًا. وقال مرة: ضعيف ضعيف .
    وقال الجوزجانى: يضعف حديثه، وكان من علماء الناس بأيامهم وقال البخارى: فى "الأوسط" و زكريا الساجى: ليس بالحافظ عندهم.
    وقال الدارقطنى: منكر الحديث متروك.
    وقال يعقوب بن سفيان: ضعيف ليس حديثه بشىء .
    وقال المروزى: كان أبو عبد الله يضعف أمره.
    وقال ابن عمار: بصرى ضعيف.
    وقال أبو إسحاق الحربى: ليس بحجة.
    وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوى عندهم.
    وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. اهـ.
    واحتجوا بما رواه ابن أبى الدنيا قال حدثنا عبد الجبار بن عاصم قال حدثنا أبو طالب قال حدثنا اسمعيل بن عياش عن عبد الرحمن التميمي عن عباد بن أبي علي عن علي رضي الله عنه عن النبي أنه قال: (تمسخ طائفة من أمتي قردة وطائفة خنازير ويخسف بطائفة ويرسل على طائفة الريح العقيم بأنهم شربوا الخمر ولبسوا الحرير واتخذوا القيان وضربوا بالدفوف).
    وهذا ليس بشىء ففيه إسماعيل بن عياش فيه نظر فى روايته عن غير الشاميي.
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا قال حدثنا الحسن بن محبوب حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم حدثنا أبو معشر عن محمد بن المنكدر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف ) قالت عائشة: يا رسول الله وهم يقولون لا إله إلا الله فقال: (إذا ظهرت القينات وظهر الزنا وشربت الخمر ولبس الحرير كان ذا عند ذا).
    قلت ولا حجة فى هذا فهو مرسل عن محمد بن المنكدر إذ إنه لم يلق عائشة، ولم يسمع منها وروايته عنها مرسلة، ولا حجة فى مرسل .
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا قال أخبرنا الهيثم بن خارجة حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال قال رسول الله: (يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ) قيل: يا رسول الله متى؟ قال: (إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمرة).
    قلت وهذا لا حجة فيه كذلك إذ فيه عبد الرحمن بن زيد وهو ضعيف وقد أنفنا القول عنه سابقا.
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا قال حدثنا محمد بن ناصح حدثنا بقية بن الوليد عن يزيد بن عبد الله الجهني حدثني أبو العلاء عن أنس بن مالك أنه دخل على عائشة رضي الله عنها ورجل معه فقال لها الرجل يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة فقال إذا استباحوا الزنى وشربوا الخمر وضربوا بالمعازف غار الله في سمائه فقال تزلزلي بهم فإن تابوا وفزعوا وإلا هدمتها عليهم قال: قلت يا أم المؤمنين أعذاب لهم قالت: بل موعظة ورحمة وبركة للمؤمنين ونكال وعذاب وسخط على الكافرين قال أنس: ما سمعت حديثا بعد رسول الله أنا أشد به فرحا مني بهذا الحديث .
    قلت وهذا لا حجة فيه فهو إلى كونه موقوف على عائشة ففيه بقية بن الوليد كان يدلس عن الضعفاء ويروى عن غير الثقات والمجهولين، ومن ثم فقد قال النسائى إذا قال حدثنا وأخبرنا فهو ثقه وإذا قال عن فلان فلا يؤخذ عنه، وهذا الحديث لم يقل فيه قال أو أخبرنا وإنما قال عن يزيد بن عبد الله.
    واحتجوا بما رواه ابن أبي الدنيا قال حدثنا عبد الله بن عمر الجشمي حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا فرقد السبخي حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب قال حدثني عاصم بن عمرو والبجلي عن أبي أمامة عن رسول الله قال: (يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو فيصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير وليصيبنهم خسف وقذف حتى يصبح الناس فيقولون خسف الليلة بدار فلان خسف الليلة ببني فلان وليرسلن عليهم حجارة من السماء كما أرسلت على قوم لوط على قبائل فيها وعلى دور فيها وليرسلن عليهم الريح العقيم التي أهلكت عادا بشربهم الخمر وأكلهم الربا واتخاذهم القينات وقطيعتهم الرحم).
    قلت وهذا لا حجة فيه إذ إنه من طريق فرقد السبخى وقد سبق معرفة حاله وأنه لا حجة فى مروياته.
    واحتجوا بما رواه ابن أبى الدنيا قال وأخبرنا الحسين بن عبد الرحمن قال: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى جاور الحطيئة قوما من بني كلب فمشى ذو الدين منهم بعضهم إلى بعض وقالوا يا قوم إنكم قد رميتم بداهية هذا الرجل شاعر والشاعر يظن فيحقق ولا يستأني فيتثبت ولا يأخذ الفضل فيعفو فأتوه وهو في فناء خبائه فقالوا يا أبا مليكة إنه قد عظم حقك علينا يتخطيك القبائل إلينا وقد أتيناك لنسألك عما تحب فنأتيه وعما تكره فنزدجر عنه فقال جنبوني ندي مجلسكم ولا تسمعوني أغاني شبيبتكم فإن الغناء رقية الزنى.
    وهذا لا حجة فيه إذ إنه ليس من كلام النبوة بل هو من قول الحطيئة الشاعر ولا حجة فى أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    واحتجوا بما هو مخرج فى الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علىَّ النبي وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر رضي الله عنه فانتهرني وقال مزمار الشيطان عند النبي فأقبل عليه رسول الله فقال: (دعهما فلما غفل غمزتهما فخرجتا) .
    قالوا فلم ينكر رسول الله على أبي بكر تسمية الغناء مزمار الشيطان وأقرهما لأنهما جاريتان غير مكلفتين تغنيان بغناء الأعراب الذي قيل في يوم حرب بعاث من الشجاعة والحرب وكان اليوم يوم عيد.
    وهذا التعليل فاسد من وجوه:-
    الأول:- أن قول النبى صلى الله عليه وسلم لأبى بكر دعهما فيه نسخ وإبطال لقول أبى بكر أن الغناء مزمور الشيطان، وإلا ما استجاز النبى صلى الله عليه وسلم إن كان الأمر كذلك أن يدع الجاريتين تغنيان.
    الثانى:- أن قولهم بأن الجاريتين غير مكلفتين يبطله أن عائشة وكانت جارية صغيرة من سنهما كانت تصوم وتصلى وفرض عليها الحجاب وسائر فرائض الإسلام، فهل غير المكلف يفعل أفعال المكلفين .
    ثم إن الجارية كانت تطلق كذلك على المرأة المملوكة، والنص ليس فيه أن الجاريتين كانتا صغيرتان .
    الثالث:- أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع الغناء من المرأة التى نذرت أن تغنى وتضرب إن رجع النبى منتصرا فى إحدى غزواته وكذا أبو بكر وعثمان وعلى، وهذا حديث صحيح سنعرض له لاحقا، فلم لم يمنع الرسول المرأة من الغناء إن كان مزمور الشيطان.
    واحتجوا بما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه سمع صوتا، فقال: ( انظروا من هذا ؟ فإذا معاوية وعمرو يتغنيان) الحديث وفيه اللهم أركسهما فى الفتنة إركاسا .
    قلت هذا حديث من توليد أهل الفسق والباطل فيه يزيد بن أبى زياد قال عنه الحافظ ابن القيسرانى: "كان الكذبة يلقنونه على وفق اعتقادهم فيتلقنها ويحدث بها ضعفة أئمة أهل النقل، قال: وقد روى هذا الحديث عن طريق آخر نسب فيه معاوي… عن شداد بن أوس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع قائلا يقول: وذكر بيتا من الشعر فقال النبى صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ فقلت: هذا معاوية بن التابوت ورفاعة بن عمرو بن التابوت: فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (اللهم أركسهما فى الفتنة ركسا ودعهما إلى النار دعا)، هكذا رواه ابن عدى فى ذكر شعيب بن إبراهيم، وقال: أحاديثه منكرة وفيه تحامل على السلف، قال الشيخ: وهذا الحديث على وهنه أسقط لكذبه من الحديث الأول… ولقنوه ليزيد بن أبى زياد فحدث به على ما وضعوه فى كتابه، ولم يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه ذكر أحدا من الصحابة إلا بخير)( 20).
    قلت: ويكفى على سقوطه وكذبه ورود العديد من الأحاديث الصحيحة التى تثبت جواز سماع الشعر وقوله والتغنى به، والتى سنعرض لها بعد قليل.
    واحتجوا بما روى عن ابن وهب قال أخبرني سليمان بن بلال عن كثير بن زيد أنه سمع عبيد الله يقول للقاسم بن محمد كيف ترى في الغناء فقال له القاسم هو باطل فقال: قد عرفت أنه باطل فكيف ترى فيه فقال القاسم: أرأيت الباطل أين هو قال: في النار قال: فهو ذاك.
    قلت: ولا حجة فى هذا من وجهين:-
    الأول:- أن هذا القول فى نسبته مقال إذ إنه من طريق كثير بن زيد مختلف فيه ضعفه البعض ووثقه آخرون، وكان يخطىء فى النقل. الثانى:- أنه ليس كل باطل فى النار، وليس أدل على ذلك من قول أبو الدرداء إنى لأستجم نفسى بالشىء من الباطل كراهية أن أحمل عليها من الحق ما يملها، فهل هذا الصاحب العظيم يستجيز باطلا يدخله النار أم هناك فرق كبير بين الباطل الذى يدخل النار، والباطل الذى تتلهى به النفس لتقوى على ممارسة الحياة.
    واحتجوا بما روى عن على بن أبى طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مات وله قينة فلا تصلوا عليه).
    قلت: هذا من أسقط ما روى فى هذا الباب إذ يعارضه ما ثبت من أحاديث صحيحة تشير إلى امتلاك بعض الصحابة إلى قينات وعلم النبى بذلك دون نهى لهم، حتى أن المغنية كانت تعرف بقينة بنى فلان، وسنعرض لذلك لاحقا، أضف إلى ذلك أن هذا الحديث روى بإسناد مجهول عن خارجة بن مصعب، وخارجة نفسه متروك الحديث.
    قال عنه أحمد بن حنبل: لا يكتب حديثه .
    وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: نهانى أبى أن أكتب عن خارجة بن مصعب شيئا من الحديث .
    وقال يحيى بن معين: ليس بشىء .
    وقال فى موضع آخر: ليس بثقة .
    وقال عباس الدورى عنه: كذاب .
    وقال معاوية بن صالح عنه: ضعيف .
    وقال المفضل بن غسان الغلابى، عن يحيى: ليس بثقة، و فى موضع آخر: ضعيف.
    و قال الحسين بن محمد بن زياد القبانى: قال لى أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلى: أتدرى لم ترك حديث خارجة ؟ فقلت: لمكان رأيه، أو كما قلت . قال: لا، و لكن كان أصحاب الرأى عمدوا إلى مسائل من مسائل أبى حنيفة فجعلوا لها أسانيد ، عن يزيد بن أبى زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، فوضعوها فى كتبه، فكان يحدث بها .
    وقال البخارى: تركه ابن المبارك، و وكيع .
    وقال فى موضع آخر: قال يحيى بن يحيى: كان يدلس عن غياث بن إبراهيم، و غياث ذهب حديثه، ولا يعرف صحيح حديثه من غيره .
    وقال مسلم: سمعت يحيى بن يحيى، و سئل عن خارجة بن مصعب، فقال: خارجة عندنا مستقيم الحديث، و لم نكن ننكر من حديثه إلا ما يدلس عن غياث، فإنا كنا قد عرفنا تلك الأحاديث فلا نعرض لها .
    وقال النسائى: ضعيف .
    وقال فى موضع آخر: ليس بثقة .
    وفى موضع آخر: متروك الحديث .
    وقال محمد بن سعد: اتقى الناس حديثه فتركوه .
    وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى: كان يرمى بالإرجاء .
    وذكره يعقوب بن سفيان فى باب: ((من يرغب عن الرواية عنهم)): وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم .
    وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، ليس بقوى، يكتب حديثه و لا يحتج به، مثل مسلم بن خالد الزنجى، لم يكن محله محل الكذب .
    وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش، و الحاكم أبو أحمد: متروك الحديث .
    وقال الدارقطنى: ضعيف، و أخوه على ضعيف .
    وقال أبو أحمد بن عدى: له حديث كثير، و أصناف فيها مسند ومقاطيع، و حدث عنه أهل العراق، و أهل خراسان، و هو ممن يكتب حديثه، و عندى أنه إذا خالف فى الإسناد أو المتن فإنه يغلط و لا يتعمد، و إذا روى حديثا منكرا، فيكون البلاء ممن روى عنه، فيكون ضعيفا، و ليس هو ممن يتعمد الكذب .
    وقال الذهبى: واه.
    وقال الحافظ ابن حجر: فى "تهذيب التهذيب "وقال يعقوب بن شيبة: ترك ابن المبارك حديثه، و قال: رأيت منه سهولة فى أشياء فلم آمن أن يكون أخذه للحديث على ذلك .
    وقال يعقوب: و هو ضعيف الحديث عند جميع أصحابنا .
    ووهاه الفضل بن موسى السينانى .
    وقال ابن المدينى: هو عندنا ضعيف .
    وقال الآجرى، عن أبى داود: ضعيف .
    و قال مرة: ليس بشىء . و قال أيضا عنه: خارجة أودع كتبه عند غياث بن إبراهيم فأفسدها عليه .
    وقال ابن حبان: كان يدلس عن غياث بن إبراهيم و غيره، و يروى ما يسمع منهم مما وضعوه على الثقات عن الثقات الذين رآهم، فمن هنا وقع فى حديثه الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج بخبره .
    وذكره ابن الجارود و العقيلى و سعيد بن السكن و أبو زرعة الدمشقى وأبو العرب الصقلى و غيرهم فى " الضعفاء " . اهـ .
    واحتجوا بما روى عن جابر أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى).
    قلت: هذا لا حجة فيه من وجهين:-
    الأول: أنه لا أصل له قال الحافظ العراقى فى تخريج الإحياء "لم أجد له أصلا من حديث جابر، وذكره صاحب الفردوس من حديث على بن أبى طالب ولم يخرجه ولده فى مسنده".
    الثانى: أن المحرم عندنا رفع الصوت بالبكاء ولطم الخدود أما النواح فليس بمحرم مادام مخفوض الصوت، وكذا الغناء فقد وردت نصوص بإجازته على ما سيتضح ومن ثم فلا اعتبار لما أثر عن إبليس إن صح.
    واحتجوا بما روى عن رجل قال لابن عباس رضي الله عنهما ما تقول في الغناء أحلال هو أم حرام؟ فقال: لا أقول حراما إلا ما في كتاب الله فقال أفحلال هو؟، فقال ولا أقول ذلك، ثم قال له: أرأيت الحق والباطل؟ إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل، فقال له ابن عباس اذهب فقد أفتيت نفسك .
    قلت وهذا لا حجة فيه من وجوه:-
    الأول:- أنه عن رجل لا يدرى من هو.
    الثانى:- أنه من قول ابن عباس ولا حجة فى أحد دون رسول الله.
    الثالث:-أننا أسلفنا أنه ليس كل باطل فى النار، وابن عباس نفسه لم يقل أن الباطل حرام فى هذا النص.
    واحتجوا بما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه مر بلهو فأعرض عنه فقال رسول الله: ((إن أصبح ابن مسعود لكريما)).
    وهذا ليس بشىء إذ لو صح لما كان فيه أدنى إشارة إلى حرمة الغناء، فهناك لهو مباح يتلهى به المسلم، وآخر محرم يحظر على كل مسلم اقترافه، ولم يحدد الحديث أن هذا اللهو هو الغناء، والمفهوم منه إن صح أنه لهو محظور، ولو حكمنا بتحريم اللهو لكونه لهواً لكان جميع ما في الدنيا محرماً لأنه لهو لقوله تعالى: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو} وبالله تعالى التوفيق.
    واحتجوا بما روى عن أبي هريرة: أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: ((استماع الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر)).
    وهذا الحديث قد بحثت عنه فى معظم كتب السنة المشهورة من صحاح ومصنفات ومعاجم وجوامع ومسانيد وغيرها فلم أعثر عليه قط، ولعله هو الحديث الذى احتج به بعض الحنفية على حرمة الغناء والملاهى ففسقوا سامعها وكفروا مستلزها، فإن كان هو فقد كفانا مؤنته ابن القيم وقال: لا يصح رفعه عند عرضه لرأى الحنفية فى الغناء، بكتابه الشهير إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان.
    وقد صنف في جمع هذه الأحاديث جماعة من العلماء كابن حزم الظاهرى فى رسالته الغناء الملهى أمباح هو أم محظور( 21) وابن طاهر المشهور بأن القيسرانى فى كتاب السماع(22 ) وابن أبي الدنيا ذم الملاهى( 23، وابن حمدان الأربلي، والإدفوى الشافعى فى كتابه الإمتاع فى أحكام السماع والذهبي مختصر الإمتاع ( 24)، وأبوالطيب الطبرى الشافعى فى كتابه مصنف فى ذم الغناء والمنع منه، ذكره ابن الجوزى فى تلبيس إبليس، وابن تيمية فى فتاواه، وأبو الفتح أحمد بن محمد الغزالى فى كتابه بوارق الإلماع(25 ) وكتاب فرح الأسماع برخص السماع لمحمد الشاذلى التونسى، وابن تيمية فى كتابه السماع والرقص ضمن مجموعة الرسائل الكبرى، وابن حجر الهيثمى فى كتابه كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع (26 ) وعبد الغنى النابلسى فى كتابه إيضاح الدلالات فى سماع الآلات(27 ) ، وشيخنا واستاذنا العلامة الدكتور القرضاوى بعد أن صنفت رسالتى هذه وجدته أصدر كتابا ضخما اسمه فقه الغناء والموسيقى جاء فيه بما يذهب عقل اللبيب فكما عودنا دوما أتى بما هو جديد وفريد وتعجبت أشد الإعجاب من ذلك لما بصرت به فبارك الله فيه وأطال عمره .
    قال الإدفوى: وقد ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكية والحنابلة والشافعية، ولم يحتج بها الأئمة الأربعة، ولا داوود – يعنى داود الظاهرى- ولا سفيان – يعنى الثورى- وهم رؤس المجتهدين، وأصحاب المذاهب المتبعة ( 28)
    و قال ابن حزم: ولا يصح في الباب حديث أبداً وكل ما فيه فموضوع، ووالله لو أسند جميعه أو واحد منه فأكثر من طريق الثقات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ترددنا فى الأخذ به ( 29) ووافقه على ذلك أبو بكر ابن العربي في كتابه الأحكام وقال: لم يصح في التحريم شيء، وكذلك قال الغزالي وابن النحوي في العمدة، وهكذا قال ابن طاهر: إنه لم يصح منها حرف واحد والمراد ما هو مرفوع منها، وقال الفاكهاني: لم أعلم في كتاب اللّه ولا في السنة حديثاً صحيحاً صريحاً في تحريم الملاهي وإنما هي ظواهر وعمومات يتأنس بها لا أدلة قطعية.
    ولما وجد المحرمون الأحاديث التى يحتجون بها كما بينا قالوا حرمه الأئمة فاحتجوا بما أثر عن الأئمة الأربعة وغيرهم من أقوال وقالوا حراما بناء على أقوالهم وهذه الأقوال هى:-
    قال مالك: إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له أن يردها بالعيب.
    وسئل مالك رحمه الله عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال إنما يفعله عندنا الفساق .
    وأما أبو حنيفة فإنه يكره الغناء ويجعله من الذنوب، وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم.
    وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى الضرب بالقضيب وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد به الشهادة وقالوا إن السماع فسق والتلذذ به كفر هذا لفظهم ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه على قول ابن القيم.
    وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض. قالوا ويتقدم إليه الإمام إذا سمع ذلك من داره فإن أصر حبسه أو ضربه سياطا وإن شاء أزعجه عن داره.
    وأما الشافعي فقال في كتاب: (أدب القضاء) إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته.
    وقال رحمه الله وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته وأغلظ القول فيه، وقال هو دياثة فمن فعل ذلك كان ديوثا.
    قال الشيخ أبو إسحق في التنبيه ولا تصح يعني الإجارة على منفعة محرمة كالغناء والزمر وحمل الخمر.
    وقد تواتر عن الشافعي أنه قال خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن .
    وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه سألت أبي عن الغناء فقال الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ثم ذكر قول مالك إنما يفعله عندنا الفساق (30 )
    قلت وهذه الحجة لا يمكن قبولها من وجهين:-
    الأول:- أنه لم يأت نص صريح على التحريم، وأقوال العلماء لا حجة فيها وإنما الحجة فى الدليل.
    الثانى:- أنه قد ورد عن بعض الأئمة وغيرهم سماع الغناء والترخيص فيه، بل ورد عن جمع من الصحابة وهو ما سنعرض له بعد قليل.

    هوامش
    ـــــــــــــــ ـــ
    (1 ) انظر كتاب الأشربة من صحيح البخارى باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه0
    (2 ) انظر كتاب الفتن من سنن ابن ماجه باب العقوبات رقم4010 0
    (3 ) سورة البقرة آية 181 .
    (4 ) انظر كتاب باقى مسند الأنصار من مسند أحمد باب حديث أبى مالك الأشعرى رقم21827 0
    (5 ) انظر كتاب اللباس من سنن أبى داود باب ما جاء فى الخز رقم3521 0
    (6 ) سورة الحاقة آية30-34
    (7 ) سورة النساء آية 59
    (8 ) انظر كتاب مسند المكثرين من الصحابة من المسند باب مسند عبد الله بن عمر رقم4307 0
    (9 ) انظر كتاب: الأدب من سنن أبى داود، باب: كراهية الغناء والزمر رقم4278 0
    (10 ) انظر كتاب: النكاح من سن ابن ماجه، باب: الغناء والدف رقم1891 0
    (11 ) انظر كتاب: المكثرين من الصحابة بالمسند، باب مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رقم6303، 6260، وانظر كتاب: الأشربة من سنن أبى داود، باب: النهى عن المسكر رقم3200 0
    (12 ) انظر كتاب الفتن من جامعه باب ما جاء فى علامة حلول السخ والفسخ رقم2138 0
    (13 ) انظر كتاب الفتن باب ما جاء فى علامة حلول المسخ والخسف رقم 2137 0
    (14 ) انظر كتاب الفتن من جامعه باب ما جاء فى علامة حلول المسخ والخسق رقم2136 0
    (15 ) أنظر كتاب: باقى مسند الأنصار من المسند باب: حديث أبى أمامة رقم21190 0، والكبارات البرابط والمعازف والأوثان التي كانت تعبد في الجاهلية).
    (16 ) انظر كتاب البيوع من جامع الترمذى باب ما جاء فى كراهية بيع المغنيات رقم1203، وكتاب باقى مسند الأنصار من مسند أحمد باب أخبار عبادة بن الصامت رقم21725 0
    ( 17انظر كتاب السماع، ص88 0
    ( 18) انظر كتاب السماع، ص84 0
    ( 19) انظر كتاب السماع، ص85 0
    ( 20) انظر كتاب السماع، ص86 0
    ( 21) نشر هذه الرسالة إحسان عباس فى الجزء الأول من رسائل ابن حزم الأندلسى، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت
    (22 ) طبعه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية0
    (23 ) نشره وحققه جيمس روبنسون بلندن، وترجمه إلى الإنجليزية 0
    (24 ) تختص دار الحرمين بنشر هذين الكتابين0
    (25 ) نشره روبنسون مع كتاب ابن أبى الدنيا السابق، وطبعته دار الحرمين بالقاهرة0
    (26 ) نشر وطبع بالقاهرة0
    (27 ) طبع بدمشق وبومبى0
    (28 ) انظر: الشوكانى، إبطال دعوى الإجماع ن ص51،52 0
    (29 ) انظر: المحلى، تحقيق عبد الغفار سليمان، دار الكتب العلمية، بيروت، 7/565 مسألة1566
    (30 ) عن هذه الأقوال انظر ابن القيم: إغاثة اللهفان 0
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    395

    افتراضي رد: الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الأغاني

    ها نحن قد انتهينا من أدلة المحرمين ومناقشتها ، وسنتبع هذا بأدلة المجيزين إن شاء الله
    يتبع إن شاء الله
    دكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى الظاهرى

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •