تقصد السادسة عشرة أخي.
أولاً: قد يكون التقدير -إن جزمنا بأنه المراد- لبيان السنة لا لبيان الواجب، وهذا ليس بالغريب.
ثانياً: أن هذا الفهم الذي قال به من أوجب القصر لم ترده أم المؤمنين التي جاءت بهذا اللفظ؛ فكان فهمكم مخالفاً لمرادها من كلامها، والمتكلم أدرى بمعنى ما يقول، والكلام كلامها: قالت: ( فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ)، فهي المخبرة بذلك لا غيرها وقد أتمت في السفــر.
قال ابن بطال: (فدل إتمام عائشة في السفر أن القصر ليس بمعنى الحتم ولا إلزام للمسافر، إذ لو كان كذلك لم يجز أن تتم في السفر، وإنما أتمت لأنها فهمت المعنى في ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، ويشهد لصحة قولها قول عمر -رضي الله عنه: تلك صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)
قال ابن بطال: (وقد أجمعت الأمة أنه لا يلزم المتصدقَ عليه قبولُ الصدقة فرضاً).
ثالثاً: صاحب الشريعة -صلى الله عليه وسلم- صلى بالناس في خوف وهو مسافر أربعاً، وهو في سنن النسائي بسند صحيح من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، وأخرجه أيضاً: أحمد وأبو داود وابن حبان. وقد صححه الألباني وغيره.
فكيف يُدَّعى أن الفرض ركعتان؟!
رابعاً: أن قول ابن عباس رضي الله عنهما: فرض اللهُ الصلاة على نبيكم في الحضر أربعاً ... رأي ابن عباس واجتهاده. انظر "كشف المشكِل" لابن الجوزي.
وذكر جواباً آخر: أن الصلاة في السفر ركعتين هي فرض من يختار القصر، ومن لم يختره فليس مفروضاً عليه إلا الإتمام.
خامساً: أنكم لا تقولون بأن فرض الخوف ركعة.
وفي ما مضى كفاية -إن شاء الله- لمن كان فقيهاً.