الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد :
فقد كثر الجدل واضطربت الفتاوى حول حكم السعي في المسعى الجديد؛ وبعد النظر
في أدلة العلماء وأرائهم واجتهاداتهم وكذا أقوال المؤرخين والجغرافيين وشهادات الشهود ببيان حدود الجبلين أقول مستعينا بالله:
أولا: أنه ليس هناك نص صريح صحيح قاطع في المسألة وإنما هي من مسائل الاجتهاد من أصاب بها فله أجران ومن أخطأ فله أجرو احد,وينبغي أن نحترم أراء جميع العلماء المجتهدين ونحفظ لهم حقهم ومكانتهم وقدرهم وان ندعو لهم.
ثانيا:الراجح عندي في هذه المسألة هو جواز السعي بالمسعى الجديد, ومن مرجحات هذا القول قوله تعالى: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ... الآية ) فالباء بهذه الآية كقوله تعالى: ( وليطوفوا بالبيت العتيق ... ) وليس الطواف داخل البيت وإنما حوله. وهنا لم يقل جل وعلا: بينهما، بل قال: بهما، مع العلم أن حدود المسعى الجديدة واقعة بين الجبلين سواء كان قمة أو أساسا. وما دام ولي الأمر - وفقه الله - اختار القول المجيز للتوسعة, فهذا رافع للخلاف إن شاء الله في هذه المسالة، خاصة وأن الحاجة داعية لذلك، وقد وسع الحرمان وكثير من المشاعر لمصلحة الحجاج بل وأجاز العلماء سكنى مزدلفة وما جاورمنى عند تعذر وجود مكان بمنى. والمسعى مثله؛ وينبغي أن يكون اهتمامنا الأكبر بتحقيق مقاصد المناسك وروحها لا الاهتمام فقط بظواهرها. يقول ابن كثير - رحمه الله- : لما ترددت هاجر في هذه البقعة المشرفة بين الصفا والمروة, تطلب الغوث من الله متذللة خائفة, مضطرة فقيرة إلى الله عز وجل، كشف تعالى كربتها، وآنس غربتها, وفرج شدتها, وانبع لها زمزم التي هي طعام طعم وشفاء سقم. فالساعي بينهما ينبغي له أن يستحضر فقره وذله وحاجته إلى الله في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه، وأنه يلتجئ إلى الله عز وجل لتفريج ما هو به من النقائص والعيوب, وأن يهديه إلى الصراط المستقيم، وأن يثبته عليه إلى مماته، وأن يحوله من حاله الذي هو عليه من الذنوب والمعاصي إلى حال الكمال والغفران والسداد والإستقامه كما فعل بهاجرعليها السلام.
ثالثا: نشكر لولي أمرنا جهوده المباركة بتوسعة المشاعر المقدسة عموما والمسعى خصوصا، سائلين الله أن يتقبل من الحجاج والمعتمرين وأن يسهل لهم أداء مناسكهم؛ والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


عيسى المبلّع
خطيب جامع الأمير سعود الفيصل بحائل
الخميس 10/10/1429 هـ