السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرثية معن بن زائدة

مَضَى لِسَبِيلِهِ مَعْـنٌ وأبْقَـى *** مَكارِمَ لَنْ تَبِيدَ ولَـنْ تُنَـالاَ

كأنَّ الشَّمْسَ يَوْمَ أُصِيبَ مَعْنٌ *** من الإظلام ملبسة ٌ جـلالاَ

هُو الجَبَلُ الذي كَانَتْ نِـزَارٌ *** تهد منَ العـدو بـه الجبـالاَ

وعطلتِ الثغور لفقد وأورثتها *** مصيبتـهُ المجللـة ُ اختـلالا

وظل الشام يرجـع جانبـاه *** لركن العز حين وهي فمـالا

وكادت من تهامة كـا أرضٍ *** تَرَى فِيهنَّ لِينـاً واعْتِـدَالاَ

فإن يعل البلاد لـه خشـوعٌ *** فقد كانت تطول بهِ اختيـالاَ

أصاب الموت يومَ اصابَ معناً *** مِنَ الأحْياءِ أكْرَمَهُمْ فَعَـالاَ

وكانَ الناسُ كلهـم لمعـن *** ٍإلـى أن زار حفرتـهُ عيـالا

ولم يكُ طالٌب للعرف ينـوي *** إلَى غَيرِ ابنِ زَائِدَة َ ارْتِحَـالاَ

مَضَى مَنْ كَانَ يَحْملُ كُلَّ ثِقْلٍ *** ويسبق فضل نائله السـؤلا

ومَا عَمَدَ الوُفُودُ لِمَثْلِ مَعْـنٍ *** ولا حَطُّوا بِسَاحَتِهِ الرِّحَـالاَ

وَلاَ بَلَغَتْ أكُفُّ ذَوي العَطَا *** يايميناً مـنْ يديـه ولا شمـالاَ

وما كانت تجف له حيـاضٌ *** منَ المعروف مترعة ٌ سجـالاَ

لأبْيَضَ لاَ يَعُدُّ المَـالَ حَتَّـى *** يَعُمَّ بِهِ بُغَـاة َ الخَيْـرِ مَـالاَ

فلبيتَ الشامتين بـهِ فـدوه *** وَلَيْتَ العُمْرَ مُدَّ لَـهُ فَطَـالاَ

وَلَمْ يَكُ كَنْزُه ذَهَباً ولكِـنْ *** سيوفَ الهندِة الحلقَ المـذالا

وذخراً منْ محامـد باقيـاتٍ *** وفضل تقى بهِ التفضيلَ نـالاَ

لئن أمستْ رويداً قدْ أذيلت *** جياداً كانَ يكرهُ أنْ تـذالاَ

لَقَدْ كَانَتْ تُصابُ بِهِ وَيَسْمُو *** بها عَقْباً ويُرْجِعهـا حَبَالَـى

وقد حوتِ النهاب فاحرزتـهُ *** وَقَدْ غَشِيتْ مِنَ المَوْتِ الطِّلالاَ

مَضَى لِسَبِيلِهِ مَنْ كُنْتَ تَرْجُو *** به عثراتُ دهـركَ أنْ تقـالاَ

فلست بمالك عبـرات عيـ *** نأبَتْ بِدُمُوعِهـا إلاَّ انْهِمَـالاَ

وفي الأحشاء منك غليل حزن **** كَحَرِّ النَّارِ يَشْتَعِلُ اشْتِعَـالاَ

كأن الليل واصل بعد معـنٍ *** ليال قد قـرن بـه فطـالا

لَقَدْ أوْرَثْتَنـي وَبَنـيَّ هَمّـاً *** وأحْزاناً نُطِيلُ بهـا اشْتِغَـالاَ

وقائلة رأت جسمي ولونـي *** مَعاً عَنْ عَهْدِهَا قُلِبـا فَحَـالاَ

رَأتْ رَجُلاً بَراهُ الحُزْنُ حَتَّـى *** أضر بـهِ وارورثـهُ خبـالاَ

وأيام المنـونِ لهـا صـروف *** تقلبُ بالفتى حـالاً فحـالا

يرانا الناسُ بعدكَ فـل دهـرٍ *** أبـى لِجُدُودِنـا إلاَّ اغْتِيـالاَ

فنحن كأسهمٍ لم يبقِ ريشـاً *** لَها رَيْبُ الزَّمانِ ولا نِصَـالاَ

وَقَدْ كُنَّا بِحَوْضِكَ ذَاكَ نَرْوَي *** ولاَ نَرِدُ المُصَرَّدَة َ السّحـالاَ

فلهفُ أبي عليكَ إذا العطايـا *** جُعِلْنَ مُنى ً كَواذِبَ واعْتِلاَلاَ

وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ إذا الأسَارَى *** شَكَوْا حَلَقاً بأسْوُقِهِمْ ثِقَـالاَ

وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ إذا اليتَامى *** غدوا شعثاً كأن بهم هـزالا

وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ لِكُلِّ هَيْجَا *** لها تلقى حواماها السخـالا

وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ إذَا القَوافـي *** لِمُمْتَدَحٍ بها ذَهَبَـتْ ضَـلاَلاَ

وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ لِكُلِّ أمْـرٍ *** يقول له النجي إلا احتيـالا

أقمنا باليمامـة ِ إذ ئيسنـا *** مُقَاماً لاَ نُرِيـدُ لَـهُ زِيَـالاَ

وَقُلْنَا أيْنَ نَرْحَلُ بَعْـدَ مَعْـنٍ *** وقد ذهب النوال فلا نـوالا

فإن تذهب فرب رعال خيلٍ *** عوابس قد كففتَ بها رعـالا

وَقَوْمٍ قَدْ جُعِلْتَ لَهُمْ ربيعـاً *** وَقَوْمٍ قَدْ جُعِلْتَ لَهُمْ نَكَـالاَ

فما شهدَ الوقائع منكَ أمضى *** وَأكرَمُ محْتـداً وأشـدُّ بَـالاَ

سَيَذْكُرُكَ الخَلِيفَة غَيْرَ قَـالٍ *** إذا هوفي الأمور بلا الرجـالاَ

ولا ينسى وقائعكَ اللواتـي *** عَلَى أعْدَائِهِ جُعِلَـتْ وبَـالاَ

وَمُعْتَرَكاً شَهِدْتَ بِهِ حِفَاظـاً *** وقدْ كرهتْ فوارسهُ النزالاَ

حَبَاك أخُو أُميَّـة َ بالمَراثـي *** مَعَ المِدَحِ اللَّواتي كَانَ قَـالاَ

أقامَ وكانَ نحوكَ كـلَّ عـامٍ *** يُطِيلُ بَوَاسِطِ الرَّحْلِ اعْتِقَـالاَ

وألقَى رَحْلَهُ أسَفـاً وآلَـى *** يميناً لا يشـدُّ لـهُ حبـالا





ورحم الله الأخ عالي الهمة