تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 19 من 19

الموضوع: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

  1. #1

    افتراضي رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى :
    مسألة اختلاف المطالع إنما تعتبر في حق البلاد التي تكون الرؤية فيها تسير وفق الضوابط الشرعية لا التي تعتمد الحساب الفلكي أو التي ترد الطرق الشرعية لرؤية الهلال ...
    وسوف أكتب كلمات عن مدى توافق الرؤية في مصر للشرع ومن وجد في كلامي خللا فليسدده ...
    أولا - مصر لا تعتبر الرؤية البصرية (الشرعية) كافية لإثبات الهلال بل تدعهما بالحساب الفلكي بل إنها تعتبر الحساب الفلكي قطعي والرؤية ظنية ، وعند التعارض تقدم القطعي طبعا ، مما يجعل اعتبار رؤيتها شرعية محضة دونه خرط القتاد .
    ثانيا - مصر لا تعتبر رؤية الأفراد للهلال - وإن كان في منتهى العدالة - بل لا تعتبر إلا رؤية المراصد التي نصبتها في أماكن متفرقة في الجمهورية كسبيل وحيد للحكم بإمكانية رؤية الهلال ، وفي هذا مخالفة لحديث ابن عمر وأنس رضي الله عنهم من أن الرؤية متاحة لكل فرد مسلم يشهد عند الإمام ، وللإمام أن يقبل أو يرد شهادته أما جعلها مردودة مسبقا بل لا تسمع فيه كما قلت مخالفة للأحاديث .
    والله أعلم . ،

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    الله المستعان ..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    109

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    الله المستعان ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
    أما بعد..
    أخي صاحب الموضوع، اعلم وفقك الله أن القائلين بالصوم مع أهل البلد ورؤية أهل البلد ليست حجتهم اعتبار اختلاف المطالع وفقط.. وانما الأصل في اعتبارهم هو اختلاف الرؤى.. فان ثبتت عند بلد ولم تثبت عن الأخرى، فلا يقال حينئذ - مثلا - أن هاتين البلدين على مطلع واحد فلا يتصور وقوع هذا الخلاف فعليهما الالتزام برؤية واحدة! الأمر على مر قرون الأمة كان أيسر من ذلك بكثير، ولا تزال الأمة مجمعة على العمل صياما وفطرا باختلاف الرؤية من قطر الى قطر وليس باتحادها (بغض النظر عن اعتبار اختلاف المطالع من عدمه) من القرن الأول والى يومنا هذا.. وليس كلامنا في هذه المسألة وانما وددت الاشارة الى أن القائلين بوجوب توحد الأمة على أول رؤية تثبت في أي مكان منها، وان كانوا جمهور الفقهاء، الا أن قولهم هذا لم يجري به عمل الأمة على مر تاريخها من زمان الخلافة الراشدة والى يوم الناس هذا، ولم يحرج بعضهم على بعض فيه كما صرنا نرى اليوم، ولا حول ولا قوة الا بالله.
    فالمشكلة أن بعض اخواننا يتصورون أن صحة صيام المسلم من عدمها تعتمد على وجود الهلال - حقيقة - من عدمه! فان كانوا يقرون بأن الأمر مناطه الرؤية العينية، فهل يزعمون أن الهلال ان ولد في السماء فلابد أن يراه أهل كل بلاد الأمة في نفس اليوم - بغض النظر عن اختلاف المطالع؟؟ وهل نحن مكلفون في الصيام والفطر بالتحقق من مولد الهلال حقيقة أم من ثبوت رؤيته العينية؟
    الصواب أننا مكلفون بثبوت أن هناك من رآه بالعين من المسلمين..
    وعليه فلا علاقة بين تحقق مولد الهلال على الحقيقة في الفضاء وبين صحة صيام المسلمين في أي بلد من البلاد، وانما المسألة مناطها ثبوت الرؤية في ذلك البلد.
    وعندئذ يأتي السؤال الذي تناوله أخونا صاحب الموضوع وهو: لا اشكال عندنا في الصوم مع أهل بلد تثبت الرؤية بالطرق الشرعية.. فهل مصر تثبت فيها الرؤية بالطرق الشرعية؟
    فأقول وبالله التوفيق أن اعتبار دار الافتاء في مصر بالحساب الفلكي ليس من باب الاكتفاء به وإلغاء الرؤية البصرية، وانما من باب القرينة التي يستعينون بها في الاثبات والنفي معا.. مع كون الأصل هو الرصد البصري للهلال في المراصد. وهذا ينتج عنه احتمالات أذكرها سبرا وتقسيما على هذا النحو:

    1- قد تأتي سنة يرى فيها الراصدون الهلال في المراصد بالتليسكوب - ولا اشكال في هذا وهو بمثابة نظر العين، ولا اشكال أيضا في استعمال ولي الأمر لجماعة من المسلمين ينقطعون لمتابعة الهلال في السماء - وفي نفس الوقت تدل الحسابات على أن الهلال يولد في ذلك اليوم.. وحينئذ لو قالوا لنا "ثبتت الرؤية" فهم صادقون، وقد ثبتت الرؤية بالفعل.
    2 - لو أنهم رأوا الهلال بالمراصد ثم خرج أهل الحساب وقالوا هذا مستحيل لأن الحسابات تؤكد استحالة مولده في هذا اليوم، فانهم يقررون أنه لم تثبت الرؤية، وهذه الصورة اختلف فيها الفقهاء المعاصرون وكثير منهم يرى جواز اعتبار الحساب في النفي وليس في الاثبات (وان كنت لا أرى ذلك، والله أعلم).. فحينئذ ان قالوا أن الرؤية لم تثبت وأن اليوم التالي هو المتمم، فهم صادقون عند بعض أهل العلم وكاذبون عند بعضهم..
    3 - الاحتمال الثالث، أن لا يروا الهلال في المراصد مع أن الحسابات تدل على أنه يجب أن يظهر في تلك الليلة لأنها موعد مولده فلكيا.. وحينئذ ان قالوا أن الرؤية ثبتت، فهذا ما أراه كذبا منهم ولا يجوز، وهم فيه متأولون يعتمدون على قول شاذ ضعيف يرى اعتبار الحساب الفلكي في النفي والاثبات على السواء.

    والسؤال الآن.. ماذا يفعل المسلمون في مصر؟ اذا خرج أهل دار الافتاء وقالوا لهم "ثبتت الرؤية فصوموا".. هل يصومون؟ أم أن الشرع يكلفهم بالنظر والبحث في تفاصيل ما وقع في كل سنة في دار الافتاء وفي المراصد حتى يروا ان كان القوم قد صدقوا حقا في قولهم أن الرؤية قد ثبتت عندهم أم أنهم كاذبون يقدمون الحساب فيما لا مساغ لتقديمه فيه؟؟ أقول أن الناظر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن الشارع لم يكلفنا كأهل بلد من بلاد المسلمين بتحري ذلك الأمر قبل العمل بتلك الرؤية الصادرة عمن أسند اليه هذا الأمر في البلاد! والرسول عليه السلام لما جاءه أعرابي يقول له أنه رأى الهلال، فانه لم يزد على أن سأله أتشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، فشهد، فقبل منه وأمر الناس بالصيام، فصاموا.. فدل ذلك على أننا لسنا مكلفين بالتحري خلف الشاهد الذي يقول أنه رأى الهلال لنعلم أصدق أم كان كاذبا! والنبي لم يأمر أحدا من الصحابة المقربين اليه يومئذ بأن يخرج الى الصحراء أو يقف على أعلى الجبل لينظر ويتحقق بنفسه هل صدق ذلك الأعرابي أم لم يصدق في دعواه! وكلام بعض أهل العلم في اشتراط العدالة بناءا على حديث أمير مكة، لا دلالة فيه على أن العدالة هنا المراد فيها التحري عن الرجل على نحو ما يكون في شرط الشاهد وفي شرط راو الحديث، لأن ذلك الشرط لم يثبت في أي نص من نصوص الباب، وانما العدالة هنا المراد بها البراءة التي هي الأصل في المسلمين!
    ومع ذلك يرد هذا السؤال، ألم يكن من المحتمل أن يكذب الشاهد ويقول رأيت الهلال ولم يره، ويأمر الامام الناس بالصوم على قوله هذا، مع أنه كان كاذبا في حقيقة الأمر؟ بلى! فما حكم صيامهم حينئذ؟ هل صيامهم هذا باطل؟ لو أن هناك قرائن تدل على استحالة أن يكون الهلال قد ولد في ذلك اليوم (كأن يكون لم يزل باقيا على نهاية رمضان يومان أو ثلاثة بالعدد مثلا، وهذا ما عليه استند القائلون باعتبار الحساب في النفي لا في الاثبات) فانه لا يحل للامام أن يأمر الناس بالصيام بناءا على ذلك لأنه شهد بشيء مستحيل!.. ولكن عند انتفاء القرائن التي قد ترجح كذبه، أو تمنع من قبول شهادته تلك، فما الحكم؟ الحكم أنه يأمر الناس بالصيام، وان كان كاذبا فعليه كذبه وصيامهم صحيح!
    وهذا ما عليه المستند هنا! أن الناس لا سبيل لهم لتبين ما اذا كان القوم قد رأوا الهلال فعلا في المرصد أم لم يروه! وواجبهم الصوم مع الجماعة - والتي هي هنا أهل البلد الواحد على القول باختلاف الرؤى بين الأمصار - لقوله عليه السلام (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون).. فقولهم "ثبتت الرؤية" يبقى على الأصل وهو الصدق والبراءة، بغض النظر عما صنعوا بالحساب الفلكي في ذلك، فان كانوا قد صدقوا حقا فصيام الناس صحيح ولا تثريب عليهم، وان كذبوا فعليهم كذبهم يوم القيامة، وصيام الناس صحيح أيضا ولا اشكال، ولا يتكلفون ما لم يدل الشارع على اشتراط صحة صيامهم عليه!
    هذا والله أعلم وأحكم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    تصويبا لخطأ في الكتابة:
    "قولهم هذا لم يجري "
    الصواب: قولهم هذا لم يجر
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  6. #6

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى وبعد ...
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
    أما بعد..
    أخي صاحب الموضوع، اعلم وفقك الله أن القائلين بالصوم مع أهل البلد ورؤية أهل البلد ليست حجتهم اعتبار اختلاف المطالع وفقط.. وانما الأصل في اعتبارهم هو اختلاف الرؤى.. فان ثبتت عند بلد ولم تثبت عن الأخرى، فلا يقال حينئذ - مثلا - أن هاتين البلدين على مطلع واحد فلا يتصور وقوع هذا الخلاف فعليهما الالتزام برؤية واحدة! الأمر على مر قرون الأمة كان أيسر من ذلك بكثير، ولا تزال الأمة مجمعة على العمل صياما وفطرا باختلاف الرؤية من قطر الى قطر وليس باتحادها (بغض النظر عن اعتبار اختلاف المطالع من عدمه) من القرن الأول والى يومنا هذا.. وليس كلامنا في هذه المسألة وانما وددت الاشارة الى أن القائلين بوجوب توحد الأمة على أول رؤية تثبت في أي مكان منها، وان كانوا جمهور الفقهاء، الا أن قولهم هذا لم يجري به عمل الأمة على مر تاريخها من زمان الخلافة الراشدة والى يوم الناس هذا، ولم يحرج بعضهم على بعض فيه كما صرنا نرى اليوم، ولا حول ولا قوة الا بالله..
    أخي الفاضل لم يكن غرضي من طرحي للموضوع مناقشة مسألة اختلاف المطالع وإنما الغرض التنبيه على طبيعة الرؤية في مصر ...
    وعلى كل حال فإنما هو هلال واحد يخرج على أهل الأرض جميعا ويري في مناطق تلو الأخرى ، والعبرة كما قال شيخ الإسلام بالعلم بالرؤية فمن علم كلف .
    قال تقي الدين في مجموع الفتاوي (25/107) : (فالضابط أن مدار هذا الأمر على البلوغ لقوله ( صوموا لرؤيته ) فمن بلغه أنه رؤي ثبت فى حقه من غير تحديد بمسافة أصلا)
    وأما ما ذكرته من توحيد المسلمين وعدم جريان العمل به حتى الآن ، فلتعلم أن التوحيد في الماضي كان عسيرا نظرا لصعوبة العلم برؤية الهلال كما هو الحال في حديث كريب فالرحلة من الشام للمدينة قد تستغرق أياما فيصل الخبر في وقت لا يفيد التكليف ، فهنا لا تكليف إلا بمقدور ، وأما الآن فالأمر يسير والتوحيد ممكن إن يسره الله ، وإنما خضع الهلال للرؤية السياسية ، وإشعار كل بلد للأخرى بالاستقلالية وعدم التبعية ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    فالمشكلة أن بعض اخواننا يتصورون أن صحة صيام المسلم من عدمها تعتمد على وجود الهلال - حقيقة - من عدمه! فان كانوا يقرون بأن الأمر مناطه الرؤية العينية، فهل يزعمون أن الهلال ان ولد في السماء فلابد أن يراه أهل كل بلاد الأمة في نفس اليوم - بغض النظر عن اختلاف المطالع؟؟ وهل نحن مكلفون في الصيام والفطر بالتحقق من مولد الهلال حقيقة أم من ثبوت رؤيته العينية؟
    الصواب أننا مكلفون بثبوت أن هناك من رآه بالعين من المسلمين..
    وعليه فلا علاقة بين تحقق مولد الهلال على الحقيقة في الفضاء وبين صحة صيام المسلمين في أي بلد من البلاد، وانما المسألة مناطها ثبوت الرؤية في ذلك البلد.
    من قال هذا أخي الفاضل ؟ بل الأمر كما قلت لك أن العبرة بالعلم بخروج الهلال على المعمورة .




    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    وعندئذ يأتي السؤال الذي تناوله أخونا صاحب الموضوع وهو: لا اشكال عندنا في الصوم مع أهل بلد تثبت الرؤية بالطرق الشرعية.. فهل مصر تثبت فيها الرؤية بالطرق الشرعية؟
    فأقول وبالله التوفيق أن اعتبار دار الافتاء في مصر بالحساب الفلكي ليس من باب الاكتفاء به وإلغاء الرؤية البصرية، وانما من باب القرينة التي يستعينون بها في الاثبات والنفي معا.. مع كون الأصل هو الرصد البصري للهلال في المراصد.
    كلامك هذا يحتاج للاستدلال له ، فالواقع يشهد على مدار سنوات كثيرة أن مصر تقدم العمل بالحساب على الرؤية ، وتعتبر الأول قطعي والثاني ظني . والدليل على قولي الواقع ، فانظر إلى الروية التي حدثت هذا العام ... البلاد التي شرق وغرب مصر يعلنون رؤية الهلال ومصر تزعم أنها ما رأته كيف تفسر هذا ؟! هل تطعن في كل هؤلاء ؟! (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية والكويت والأردن وقطر والعراق (السنة) وفلسطين والسودان واليمن و تركيا وبلغاريا وكوسوفا وسلوفينيا ورومانيا ومقدونيا وصربيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا وإثيوبيا وولاية منيسوتا بأمريكا وعدد من الولايات الأمريكية التي تعمل بالرؤية ).





    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    والسؤال الآن.. ماذا يفعل المسلمون في مصر؟ اذا خرج أهل دار الافتاء وقالوا لهم "ثبتت الرؤية فصوموا".. هل يصومون؟ أم أن الشرع يكلفهم بالنظر والبحث في تفاصيل ما وقع في كل سنة في دار الافتاء وفي المراصد حتى يروا ان كان القوم قد صدقوا حقا في قولهم أن الرؤية قد ثبتت عندهم أم أنهم كاذبون يقدمون الحساب فيما لا مساغ لتقديمه فيه؟؟ أقول أن الناظر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن الشارع لم يكلفنا كأهل بلد من بلاد المسلمين بتحري ذلك الأمر قبل العمل بتلك الرؤية الصادرة عمن أسند اليه هذا الأمر في البلاد! والرسول عليه السلام لما جاءه أعرابي يقول له أنه رأى الهلال، فانه لم يزد على أن سأله أتشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، فشهد، فقبل منه وأمر الناس بالصيام، فصاموا.. فدل ذلك على أننا لسنا مكلفين بالتحري خلف الشاهد الذي يقول أنه رأى الهلال لنعلم أصدق أم كان كاذبا! والنبي لم يأمر أحدا من الصحابة المقربين اليه يومئذ بأن يخرج الى الصحراء أو يقف على أعلى الجبل لينظر ويتحقق بنفسه هل صدق ذلك الأعرابي أم لم يصدق في دعواه!
    حديث الأعرابي ضعيف وقد أعل بالإرسال ، فرواية سماك عن عكرمة مضطربة ولهذا ظهر الاضطراب في هذا الحديث ، فمرة يروى موصولا ، ومرة مرسلا . وممن رجح الرواية المرسلة الإمام الترمذي في سننه والنسائي في الكبرى ، وغيرهما ... وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص :وسماك إذا تفرد بأصل لم يكن حجة .
    نعم العوام عندنا يرددون نحوا من كلامك هذا ، يقولون : إن المفتي هو الذي يتحمل الذنب . وكذا شأنهم في ربا البنوك والقيمة في زكاة الفطر ... ولا حول ولا قوة إلا بالله .
    كان الأولى بك أن تقول من ظهر عنده بالبينة أن الحاكم قد أخطأ فلا يتبعه ، ويسر بالفطر لعدم إحداث بلبلة عند العامة ، وحتى لا تحدث فتنة .



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    ومع ذلك يرد هذا السؤال، ألم يكن من المحتمل أن يكذب الشاهد ويقول رأيت الهلال ولم يره، ويأمر الامام الناس بالصوم على قوله هذا، مع أنه كان كاذبا في حقيقة الأمر؟ بلى! فما حكم صيامهم حينئذ؟ هل صيامهم هذا باطل؟ لو أن هناك قرائن تدل على استحالة أن يكون الهلال قد ولد في ذلك اليوم (كأن يكون لم يزل باقيا على نهاية رمضان يومان أو ثلاثة بالعدد مثلا، وهذا ما عليه استند القائلون باعتبار الحساب في النفي لا في الاثبات) فانه لا يحل للامام أن يأمر الناس بالصيام بناءا على ذلك لأنه شهد بشيء مستحيل!.. ولكن عند انتفاء القرائن التي قد ترجح كذبه، أو تمنع من قبول شهادته تلك، فما الحكم؟ الحكم أنه يأمر الناس بالصيام، وان كان كاذبا فعليه كذبه وصيامهم صحيح!
    إن كذب الشاهد ليضل الناس فإثمه على نفسه ، ومن اتبع الشاهد في الرؤية كان عاملا بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم – ، ومن رد شهادته لكون الحساب يقول أن الهلال لا يرى فهو آثم ومخالف لإجماع المسلمين من تحريم القول بالحساب الفلكي وقد وضعت على هذا الرابط مقالا متعلقا بهذا الخصوص فانظره
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=20478
    قال موفق الدين في المغني (3/9) : لو بنى على قول المنجمين وأهل المعرفة بالحساب فوافق الصواب لم يصح صومه وإن كثرت إصابتهم لأنه ليس بدليل شرعي يجوز البناء عليه ولا العمل به فكان وجوده كعدمه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وفي رواية لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه) .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    وهذا ما عليه المستند هنا! أن الناس لا سبيل لهم لتبين ما اذا كان القوم قد رأوا الهلال فعلا في المرصد أم لم يروه! وواجبهم الصوم مع الجماعة - والتي هي هنا أهل البلد الواحد على القول باختلاف الرؤى بين الأمصار - لقوله عليه السلام (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون).. فقولهم "ثبتت الرؤية" يبقى على الأصل وهو الصدق والبراءة، بغض النظر عما صنعوا بالحساب الفلكي في ذلك، فان كانوا قد صدقوا حقا فصيام الناس صحيح ولا تثريب عليهم، وان كذبوا فعليهم كذبهم يوم القيامة، وصيام الناس صحيح أيضا ولا اشكال، ولا يتكلفون ما لم يدل الشارع على اشتراط صحة صيامهم عليه!
    هذا والله أعلم وأحكم.
    ليتك أخي الفاضل تتكرم علينا ببيان حدود البلد الشرعي الذي تقصده .
    وليتك توضح لنا أي جماعة تقصد هل هي جماعة المسلمين التي أعلنت أن غدا العيد؟! أم جماعة مصر التي خالفت الجماعة وقالت أن الهلال لم ير ؟! طبعا لن نسألهم لماذا لم ير عندنا فقط دون هذه البلاد التي شرقنا وغربنا فأنتم أهل الحد والعقد ونحن لكم تبعا حتى توردونا المهالك .
    لسان حالك أخي الكريم يتهم هذه البلاد لتي أعلنت الرؤية بأنها واهمة ولن أقول كاذبة ، وما علينا إلا أن نقول السمع والطاعة .
    لا حول ولا قوة إلا بالله .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    أخي الكريم، ما ترى أنت فيه التوحيد أرى أنا وغيري أنه عين الفرقة، ولم يقع مثله في تاريخ الأمة أن كان في البيت الواحد اثنان أحدهما صائم على رؤية بلده والآخر صائم على رؤية بلد أخرى، فهذا مما عمت به البلوى في زماننا هذا ولا حول ولا قوة الا بالله!! فهلا وسعكم ما وسع الذين سبقوكم من الصحابة والتابعين دونما تشكيك لعباد الله في صحة صيامهم؟؟ ثم أنتم تتكلمون عن "التوحيد"، فتأمل!
    وعلى أي حال دعنا لا نتشعب، ولنحرر محل النزاع ان أردنا الوصول الى شيء.
    فهلا تنزلت معي وسلمت لي - من أجل النقاش - بامكان اختلاف الرؤى من بلد الى بلد (كما جرى في حديث كريب)؟
    والا فلو دخلنا في حد البلد ومسألة مسافة القصر والعلة التي يتصور بعض اخواننا أنها السبب في كون الأمة لم تعمل من القرن الأول الى يومنا هذا بتوحيد الرؤية الذي يقولون به (علة عدم الامكان)، وغيرها من المسائل، تبعثر الأمر اذا علينا وبعدنا عن أصل الموضوع، ولا أحسب أن هذا هو ما تريده!
    تقول: "بل الأمر كما قلت لك أن العبرة بالعلم بخروج الهلال على المعمورة "
    وأقول ليس كذلك! ولو كان الأمر كذلك، لوجب على كل مسلم أن يتأكد بنفسه وبعينه من وجود الهلال في السماء حتى يصوم له أو يفطر، والا فكيف تأمن من احتمال الخطأ واحتمال الكذب واحتمال الوهم وغيره من احتمالات بشرية لا حد لها؟؟؟
    العلم الملزم بالعمل هنا يجب أن يكون الاصطلاح عليه واضحا ومتفقا عليه بيننا، فهو على اصطلاحي - على القول بامكان اختلاف الرؤى - : "بلوغ الخبر عن رجل مسلم - أو رجلين - بثبوت الرؤية العينية".. أما على كلامك هذا فالعلم شرطه وحده: "العلم بميلاد الهلال في السماء فعلا على الحقيقة"، ولا يخفى عليك أن الأمرين غير متلازمين! فقد يولد ولا يراه الناس، وقد لا يولد ويتوهم بعضهم أنه رآه!
    فالذي أقوله أن حد "العلم" الموجب للعمل عندك في هذه المسألة غير محرر.. ولم يعمل به أحد من المسلمين طوال القرون السالفة كما لا يخفى عليك! ولو فتحت له الباب لدخل عليك من لا تقبل قوله بالحساب بل ولألزمك باستعمال القمر الصناعي الذي ينقل صورا من الفضاء لا تراها العين المجردة ولا يكاد يداخلها شك في مطابقتها للواقع!! فحرر ما تقصده بالعلم اصطلاحا والا انقلب الأمر عليك!
    ثم تقول: "كلامك هذا يحتاج للاستدلال له ، فالواقع يشهد على مدار سنوات كثيرة أن مصر تقدم العمل بالحساب على الرؤية ، وتعتبر الأول قطعي والثاني ظني . والدليل على قولي الواقع ، فانظر إلى الروية التي حدثت هذا العام ... البلاد التي شرق وغرب مصر يعلنون رؤية الهلال ومصر تزعم أنها ما رأته كيف تفسر هذا ؟! هل تطعن في كل هؤلاء ؟! (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية والكويت والأردن وقطر والعراق (السنة) وفلسطين والسودان واليمن و تركيا وبلغاريا وكوسوفا وسلوفينيا ورومانيا ومقدونيا وصربيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا وإثيوبيا وولاية منيسوتا بأمريكا وعدد من الولايات الأمريكية التي تعمل بالرؤية )."
    وأقول لك هذا ليس دليلا يا أخي الفاضل! فان كنت قد سلمت معي بامكان اختلاف الرؤية بين البلدان وامكان تخلف بعض البلاد عن غيرها في ذلك - وهذا محتمل وممكن طالما كان الاعتماد أصلا على الرؤية العينية البشرية، حتى مع وجود التليسكوبات - فانك لن تتمكن من الجزم بامتناع وجود مثل هذه الحالة في القرون السالفة في بلدان الأمة! فكما قلت لك، قد يكون هناك بلدان على نفس المطلع، ومع ذلك يرى الهلال في احداهما وتتخلف الرؤية في البلد الثاني!
    وكلام القوم في دار الافتاء مبناه الاعتماد على الرؤية الشرعية وعلى الحساب معا كما قرأت في كلامهم وكما هو واضح من عملهم بما يسمونه "استطلاع الرؤية"، وهذا يفضي الى تلك الاحتمالات الثلاثة التي ذكرت لك! أما أن ننظر الى البلاد المجاورة ونقول لقد ثبتت الرؤية عندهم جميعا اذا فلابد عقلا أن يكون الهلال قد ظهر في سمائنا نحن أيضا، ونعد ذلك دليلا على كذب الذين قالوا عندنا لم نر الهلال، فما أشبه هذا بحجج المجيزين للحساب الفلكي!
    ويبقى السؤال موجها اليكم: من سلفكم في هذا؟؟؟ هذا ما أطالبك أنت بتقديم الدليل على اعتباره عند الصحابة والسلف! والا فدونك حديث كريب، لم يشكك أحد الفريقين فيه في صحة صيام الآخر ولم يلزم أحدهما برؤية الآخر، ولم يتكلفا البحث في امكان اختلاف الرؤيتين (عقلا) بين الشام والمدينة، ليتقرر بذلك صدق احدى الرؤيتين وكذب الأخرى على نحو ما تفعل أنت الآن!
    أما قولك: "حديث الأعرابي ضعيف وقد أعل بالإرسال ، فرواية سماك عن عكرمة مضطربة ولهذا ظهر الاضطراب في هذا الحديث ، فمرة يروى موصولا ، ومرة مرسلا . وممن رجح الرواية المرسلة الإمام الترمذي في سننه والنسائي في الكبرى ، وغيرهما ... وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص :وسماك إذا تفرد بأصل لم يكن حجة . "
    فأقول حتى لو سلمنا لك بضعفه، فهل تدعي أنك لو كنت اماما للمسلمين، فسترد قول رجل مسلم جاءك يدعي أنه رأى الهلال، حتى تبعث من يتبين ذلك ويتحقق منه؟ فمن الذي عمل بذلك في القرون الفاضلة يا أخي الكريم وما حجتك عليه؟؟؟
    ثم ان تضعيف سند الحديث واعلاله لا يلزم منه اسقاط العمل به في كل الأحوال يا أخي فتنبه!
    وهذا مما يشهد للحكم المبني عليه: أخرج الدارقطني وأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته ، فصام وأمر الناس بالصيام..
    قال الألباني في ارواء الغليل: " صحيح أخرجه أبو داود ( 2342 ) والدارمي ( 2 / 4 ) وابن حبان ( 871 ) والدارقطني ( 227 ) والبيهقي ( 4 / 212 ) من طريق مروان بن محمد عن عبد الله بن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن إبن عمر . وقال الدارقطني : ( تفرد به مروان بن محمد عن إبن وهب وهو ثقة ) . قلت : لم يتفرد به فقد تابعه هارون بن سعيد الايلى ثنا عبد الله بن وهب به . أخرجه الحاكم ( 1 / 423 ) وعنه البيهقي . وقال الحاكم : ( صحيح على شرط مسلم ) . ووافقه الذهبي وهو كما قالا . وقال إبن حزم ( 6 / 236 ) : ( وهذا خبر صحيح ) . وأقره الحافظ في ( التلخيص ) ( 2 / 187 ) . 909 لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وفيه : ( فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا ) . رواه أحمد والنسائي ص 218 صحيح . أخرجه أحمد ( 4 / 321 ) والنسائي ( 1 / 300 - 301 )" اهـ.
    (ارواء الغليل حديث رقم 908)
    والأحاديث التي يعضد بعضها بعضا والدالة على ما استدللت به من حديث الأعرابي كثيرة، وليس هذا مجال جمعها!
    أما قولك عفا الله عنك: "نعم العوام عندنا يرددون نحوا من كلامك هذا ، يقولون : إن المفتي هو الذي يتحمل الذنب . وكذا شأنهم في ربا البنوك والقيمة في زكاة الفطر ... ولا حول ولا قوة إلا بالله ."
    فأقول سامحك الله يا أخي، بئس القياس هذا، وبئس الظن بما يصدر عنه أخوك في كلامه!!
    الروية يا أخي الروية... هذا فقه ولا يؤخذ بالعاطفة!! ولا يعنينا ما يريد العوام وما يرضونه ما دمنا نتابع الدليل!
    أما قولك: "كان الأولى بك أن تقول من ظهر عنده بالبينة أن الحاكم قد أخطأ فلا يتبعه.."
    فأقول صدقت، وما أجادلك هنا الا فيما تدعي أنه بينة!! فهو ليس كذلك عند التحقيق والتأمل بتجرد، وأنت به انما تكلف عامة المسلمين في مصر ما لم يتكلفه أحد في القرون السالفة ولا يزال يلزمك تقديم البرهان عليه!! ولم يزل ولا يزال من الممكن أن يهم من يدعي أنه رأى الهلال ومع ذلك يعلن الامام ثبوت الرؤية ويصوم الناس ولا حرج، ولا يزال من الممكن أن يكون هناك من قدر اليوم بالحساب لما شك فيما يراه هل هو الهلال أم أنه شيء يشبهه، ثم راح يدعي أنه قد رأى الهلال، ولم يكلفنا الشرع بمراجعة ذلك منه!
    فيا أخي تجرد من الأصل الذي رسخ في أذهان بعض اخواننا، وهو اتهام ولاة الأمر في دينهم، ثم ابحث المسألة بالدليل، يوفقك الله الى الصواب! أما اتهامي بمداهنة العوام وبأني أفتح بكلامي لهم باب تساهل يشبه افك من أباح الربا في البنوك ونحوه، فالله المستعان وانا لله وانا اليه راجعون!
    وقولك: "إن كذب الشاهد ليضل الناس فإثمه على نفسه ، ومن اتبع الشاهد في الرؤية كان عاملا بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم"
    فأقول وهذا أوافقك عليه تماما!
    أما قولك: "ليتك أخي الفاضل تتكرم علينا ببيان حدود البلد الشرعي الذي تقصده .
    وليتك توضح لنا أي جماعة تقصد هل هي جماعة المسلمين التي أعلنت أن غدا العيد؟! أم جماعة مصر التي خالفت الجماعة وقالت أن الهلال لم ير ؟! طبعا لن نسألهم لماذا لم ير عندنا فقط دون هذه البلاد التي شرقنا وغربنا فأنتم أهل الحد والعقد ونحن لكم تبعا حتى توردونا المهالك .
    لسان حالك أخي الكريم يتهم هذه البلاد لتي أعلنت الرؤية بأنها واهمة ولن أقول كاذبة ، وما علينا إلا أن نقول السمع والطاعة ."
    فأقول لا داعي لنبرة التهكم والسخرية في الكلام!!
    أنا لا أكذب أحدا ولا أتهم دعوى الذين قالوا أنهم رأوا الهلال، وكذلك فلا أكذب ولا أتهم دار الافتاء في مصر بما تصر أنت على اتهامهم به دون بينة!! ولا أحمل المسلمين ما لم يتبين لي بالدليل الظاهر وجوب تكلفهم له!! فهلا تأملت الكلام جيدا قبل أن ترد؟؟ لا تقولني ما لم أقل، ولا تفتئت القول علي، تقول لسان حالي ولسان كذا.. هداك الله!
    وخلاصة القول:
    1- أن دعوى كذب دار الافتاء دعوى عارية عن البرهان والبينة التي بها يسقط الاعتبار برؤيتهم.. ولا حجة عند المشككين في صحة صيام أهل ذلك القطر بناءا على كلام دار الافتاء!
    2 - أن المسلمين في زماننا لن يتحقق لهم العمل بقوله صلى الله عليه وسلم (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون) الا كما كان يتحقق للذين من قبلهم من قرن الصحابة الى يوم الناس هذا، كل أهل بلد مجتمعون على صومهم وفطرهم.. والذين يرون أن الجماعة التي يلزم كل مسلم موافقتها في الصيام والفطر هي أهل البلد الواحد (على مفهوم العرف لماهية البلد ولست أريد الخوض معك في هذا فهو موضوع آخر)، هؤلاء لهم سلف طويل من الدليل والعمل في هذه الأمة، لا يتحقق مثله للقائلين بوجوب توحيد الرؤية على سائر الأقطار.....
    فان كنت لا ترى الا وجوب توحيد الرؤية على أول رؤية تظهر في الأرض، فهذا موضوع آخر ونزاع آخر ليس ههنا محل البسط فيه!
    هذا والله أعلم وأحكم وهو المسؤول أن يهديني واياك الى سواء السبيل، والله الموفق.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    426

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    سلام عليكم،
    فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
    أما بعد،

    فقد قال الإمام البخاري في كتاب الشهادات، باب 9:
    2651 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « خَيْرُكُمْ قَرْنِى ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » . قَالَ عِمْرَانُ لاَ أَدْرِى أَذَكَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً . قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْماً يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ ، وَيَشْهَدُونَ ، وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ » . أطرافه 3650 ، 6428 ، 6695 - تحفة 10827

    وراجع موفقا تعليق الحافظ عليه في الفتح:

    والظاهر أن الشهود في العهود المتأخرة غلب عليهم ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم،
    فإن أضفنا إلى ذلك قلة المعرفة بالأهلة، وانتشار الملوثات في الجو، بالإضافة إلى الطائرات وماإلى ذلك مما يشتبه على العامة،

    فقد وجب التحقق من صحة شهادة الشاهد،
    ولذلك طريقان:
    أولهما الحساب (استئناسا)
    وثانيهما برؤية الهلال في الليلة التالية لزعم الشاهد أنه رآه، طبقا لقول الله تعالى (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم) وكم من شاهد زور فضحه الهلال نفسه

    ويضاف إلى ذلك الخسوف، إذا رؤي بعد ذلك بنحو أسبوعين

    ولأن هذه الطرق البصرية لا تحتاج إلى حساب (وإن كان الحساب يساعد كثيرا !!) فلا بأس بالأخذ بها،

    والله تعالى أجل وأعلم


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    ومع ذلك يرد هذا السؤال، ألم يكن من المحتمل أن يكذب الشاهد ويقول رأيت الهلال ولم يره، ويأمر الامام الناس بالصوم على قوله هذا، مع أنه كان كاذبا في حقيقة الأمر؟ بلى! فما حكم صيامهم حينئذ؟ هل صيامهم هذا باطل؟ لو أن هناك قرائن تدل على استحالة أن يكون الهلال قد ولد في ذلك اليوم (كأن يكون لم يزل باقيا على نهاية رمضان يومان أو ثلاثة بالعدد مثلا، وهذا ما عليه استند القائلون باعتبار الحساب في النفي لا في الاثبات) فانه لا يحل للامام أن يأمر الناس بالصيام بناءا على ذلك لأنه شهد بشيء مستحيل!.. ولكن عند انتفاء القرائن التي قد ترجح كذبه، أو تمنع من قبول شهادته تلك، فما الحكم؟ الحكم أنه يأمر الناس بالصيام، وان كان كاذبا فعليه كذبه وصيامهم صحيح!
    وهذا ما عليه المستند هنا! أن الناس لا سبيل لهم لتبين ما اذا كان القوم قد رأوا الهلال فعلا في المرصد أم لم يروه! وواجبهم الصوم مع الجماعة - والتي هي هنا أهل البلد الواحد على القول باختلاف الرؤى بين الأمصار - لقوله عليه السلام (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون).. فقولهم "ثبتت الرؤية" يبقى على الأصل وهو الصدق والبراءة، بغض النظر عما صنعوا بالحساب الفلكي في ذلك، فان كانوا قد صدقوا حقا فصيام الناس صحيح ولا تثريب عليهم، وان كذبوا فعليهم كذبهم يوم القيامة، وصيام الناس صحيح أيضا ولا اشكال، ولا يتكلفون ما لم يدل الشارع على اشتراط صحة صيامهم عليه!
    هذا والله أعلم وأحكم.

    يمكن للشاهد أن يكذب، ويمكن أن يخطئ، وكل لا خير فيه،
    والعدالة في مثل هذا لا تكفي، لا بد من تحقق الضبط، على نحو ما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأما المتأخرون، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما يكثر فيهم،

    (وقال الإمام البخاري في كتاب فضائل الصحابة باب 1
    3650 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « خَيْرُ أُمَّتِى قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » . قَالَ عِمْرَانُ فَلاَ أَدْرِى أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً « ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْماً يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ ، وَيَنْذُرُونَ وَلاَ يَفُونَ ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ » . أطرافه 2651 ، 6428 ، 6695 - تحفة 10827 - 3/5 )

    والله تعالى أجل وأعلم
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    أخانا الفاضل أبا مريم.. وعليكم السلام ورحمة الله
    واني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو..
    أما بعد، فقد كان جل تعقيبك وفقك الله على نقاط خارج محل النزاع هنا.. ومع ذلك فدعني أستفصل منك عن بعضها.
    1 - فهمت من كلامك أنك ترى وجوب التحقيق في شهادة الشاهد في مسألة اثبات الرؤية في هذه الأزمنة المتأخرة التي نحن فيها، لأن الصحابة كانوا عدولا بينما الناس اليوم دون مرتبتهم.. فكأنما تشترط في شهود الأهلة شرطا زائدا على العدالة التي هي الأصل في كل مسلم والثابتة له بالأصالة ما لم يثبت طاعن فيها.. فترى أن يتم التحري خلف كل شاهد يزعم أنه رأى الهلال، وأن يتم البحث في حاله للتأكد من عدالته قبل قبول شهادته! فهلا ذكرت لنا دليلك على هذا؟
    2- وفهمت كذلك أنك ترى أن من سبل التحقق من صحة شهادة الشاهد بالرؤية (والتي هي على قولك ضرورة في هذا الزمان) الاستعانة بالحساب الفلكي - هكذا اجمالا بلا تفصيل -، ولا أدري ماذا تقصد بقولك "استئناسا"! فالحساب اما أن يكون فيه قرينة مؤثرة - على أي وجه كان ذلك - واما ألا يكون له أي اعتبار أو أثر! أما "الاستئناس" فلا أدري ما معناه في مسألتنا هذه وما أثره في حكم الامام بقبول أو رد شهادة الشاهد! فاما أنك ترى أن الحساب يمكن أن يكون قرينة نفي أو اثبات، واما أنك ترى أنه يصلح للنفي دون الاثبات، واما أنك ترى استبعاده جملة وتفصيلا! فأين تقف من ذلك؟
    واضافتك في قولك: "ولأن هذه الطرق البصرية لا تحتاج إلى حساب (وإن كان الحساب يساعد كثيرا !!) فلا بأس بالأخذ بها،"
    في الحقيقة قد زادت كلامك غموضا وابهاما - عندي أنا على الأقل! فما الذي ترى أنه لا بأس بالأخذ به؟ الطرق البصرية أم الحساب؟ وأيهما المقدم على الآخر عندك؟؟؟
    3 - أما قولك وفقك الله: "يمكن للشاهد أن يكذب، ويمكن أن يخطئ، وكل لا خير فيه،"
    فيا أخي رويدك، فنعم الكاذب لا خير فيه ولا شك - على الاصطلاح الأشهر للكذب من كونه القول بخلاف الواقع مع العلم والعمد - ولكن ما بال المخطئ تطلق القول بأنه لا خير فيه كذلك، مع أن الخطأ غير المتعمد معفو عنه كما تعلم؟؟
    أما قولك: "والعدالة في مثل هذا لا تكفي، لا بد من تحقق الضبط، "
    فأي ضبط تقصد؟ ان كنت تقصد بالضبط حدة البصر - مثلا - أو تحقيق قدر من العلم بالفلك والحساب أو أي شيء زائد عما جاءت به النصوص في المسألة، فقد أبعدت النجعة بارك الله فيك، فتأمل!
    4 - أما حديث البخاري الذي أوردته بارك الله فيك فلا أفهم أين وجه الدلالة فيه في مسألة الشهادة بثبوت الرؤية! شهادة الرجل فيما لم يستشهده فيه المتخاصمان واندفاعه الى أداء تلك الشهادة هي أمر مذموم بنص الحديث الذي تفضلت بذكره، ولا دخل لهذا بمسألة اثبات رؤية الهلال!
    قال الحافظ في الفتح: "وقوله يشهدون ولا يستشهدون استدل به على أن من سمع رجلا يقول لفلان عندي كذا فلا يسوغ له أن يشهد عليه بذلك الا أن استشهده وهذا بخلاف من رأى رجلا يقتل رجلا أو يغصبه ماله فإنه يجوز له أن يشهد بذلك وأن لم يستشهده الجاني" اهـ. (فتح الباري 5/260)
    وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن خالد الجهني أن النبي عليه السلام قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء ! الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها "
    وهذا التعارض المتوهم بين الحديثين قد اجتهد العلماء في ازالته بالجمع بين النصين. قال الحافظ في تلخيص الحبير بعد أن ساق الحديثين: "جمع بين هذا الحديث والذي قبله , بحمل الأول على حقوق الآدميين , والثاني على حقوق الله , أو حمل الأول على شاهد الزور , والثاني على الشاهد على الشيء يؤدي شهادته ولا يمنع من إقامتها , أو الأول على الشهادة في الأيمان كمن يقول : أشهد بالله ما كان كذا , ووجه كراهة ذلك أنه نظير الحلف وإن كان صادقا , وقد كره . والثاني على ما عدا ذلك , أو الأول على الشهادة على المسلمين بأمر مغيب كما يشهد أهل الأهواء على مخالفيهم أنهم من أهل النار , والثاني على من استعد للأداء وهي أمانة عنده , أو الأول على ما يعلم بها صاحبها فيكره التسرع إلى أدائها , والثاني على ما إذا كان صاحبها لا يعلم بهذا " اهـ. (التلخيص الحبير 1/375)
    فالحاصل أننا لو قلنا بدخول الشهادة برؤية الهلال في حديث مسلم لا في حديث البخاري لكان أقرب الى الصواب، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    حيثُ أكون
    المشاركات
    426

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المنذر المنياوي مشاهدة المشاركة
    الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى :
    مسألة اختلاف المطالع إنما تعتبر في حق البلاد التي تكون الرؤية فيها تسير وفق الضوابط الشرعية لا التي تعتمد الحساب الفلكي أو التي ترد الطرق الشرعية لرؤية الهلال ...
    وسوف أكتب كلمات عن مدى توافق الرؤية في مصر للشرع ومن وجد في كلامي خللا فليسدده ...
    أولا - مصر لا تعتبر الرؤية البصرية (الشرعية) كافية لإثبات الهلال بل تدعهما بالحساب الفلكي بل إنها تعتبر الحساب الفلكي قطعي والرؤية ظنية ، وعند التعارض تقدم القطعي طبعا ، مما يجعل اعتبار رؤيتها شرعية محضة دونه خرط القتاد .
    ثانيا - مصر لا تعتبر رؤية الأفراد للهلال - وإن كان في منتهى العدالة - بل لا تعتبر إلا رؤية المراصد التي نصبتها في أماكن متفرقة في الجمهورية كسبيل وحيد للحكم بإمكانية رؤية الهلال ، وفي هذا مخالفة لحديث ابن عمر وأنس رضي الله عنهم من أن الرؤية متاحة لكل فرد مسلم يشهد عند الإمام ، وللإمام أن يقبل أو يرد شهادته أما جعلها مردودة مسبقا بل لا تسمع فيه كما قلت مخالفة للأحاديث .
    والله أعلم . ،

    أخي الكريم، الإخوة الكرام:

    1/ المسألة المحيرة عند الكثير ممن يتشبثون بنظرية المطالع ظنهم أن الهلال قد يولد شرقا، ثم لا يمنع أن يعود فلا يولد غربا!!...
    الإقتران أو المحاق أو تولّد الهلال هو لحظة عالمية واحدة، تحدث في لحظة واحدة في الشهر القمري الواحد، فلو فُهمت هذه القضية لحُلّ كثير من الإشكال!!..

    القمر حركته مع الأرض والشمس حركة انتظامية مضبوطة تجري بحسبان دقيق، فإذا ولد الهلال فقد ولد وتستمر ولادته، وهنا تسقط نظرية القائلين بتعدد المطالع الجغرافية، فالمطالع ليس لها أثر إلا في زيادة الرؤية أو نقصانها على خط الطول الواحد أو المتقارب، وكذلك في أوقات الفطر والإمساك وأوقات الصلوات، فالهلال إذا ولد فإنما يولد مرة واحدة فقط كل شهر، وتزداد الرؤية للهلال وتتحقق كلما اتجهنا غربا...

    2/ المصيبة الثانية أن هناك من يرى منع استخدام التلسكوبات الفضائية ويرى استخدام العين المجردة فقط بناءا على ظاهر النص الحرفي ولم يفطن إلى فقه النص، ونسي أن التلسكوبات ما هي إلا آلة تقرب الحدث والصورة وهي في مقام النظارات الطبية ومكبرات الصوت!! فالصوم لرؤية الهلال تتحقق عبر هذه المناظير والمراصد الفلكية إذا عجزت العيون عن الرؤية، ولا يمنع الإستئناس بالحساب الفلكي..

    3/ الذين يستشهدون بحديث كريب -المروي مع ابن عباس بعد شهر من رمضان لطول مسافة السفر وقتئذ- شاهد عليهم لا لهم، فرؤية اهل الشام الهلال وعدم رؤية ابن عباس رضي الله عنه ليس معناه أن الهلال لم يولد فقد يكون غم عليهم ولم يُوفقوا لرؤيته، ثم إن وسيلة الإتصال البدائية وقتئذ تلزم كل قطر بل كل مدينة وقرية أن يتحروا الهلال بأنفسهم فيصومون لرؤيته ويفطرون لرؤيته، ومن المحال أن تعلم بلدة بحال بلدة أخرى خلال 12 ساعة إذا كانت تبعد عنها قرابة 80 كم، بخلاف اليوم الذي تقدمت في الإتصالات تقدما كبيرا..فكيف بدولة الخلافة الإسلامية قديما والتي تتباعد أقاليمها بآلاف الكيلومترات؟

    4/ نعود إلى مصر:

    مصر في ميزان الشرع معها حق إذا كانت تستأنس بالحساب الفلكي وتقدم المراصد الفلكية على رؤية الأشخاص، لأن خطأ الأشخاص وارد واالتلسكوبات خطأها غير وارد، فإذا رأى أشخاص الهلال وجب على الجهة المختصة عبر المراصد والتلسكوبات الفضائية التحقق من الرؤية، لكن ما العمل إذا ثبتت رؤيته شرق مصر مثل السعودية؟

    الصحيح إذا ثبتت الرؤية قطعيا فعلى مصر الصوم لوقوعها غرب السعودية، وإذا لم يشاهد في السعودية ورؤي الهلال في مصر حقيقة وجب على السعودية الصوم لاشتراكهم بليل مع مصر، ووجب على كل الأقطار الواقعة غربا الصوم لأن الهلال قد تمت ولادته قطعا، ومن المحال أن تنعكس حركة القمر من الولادة إلى ما قبل الولادة..

    5/ أين الخلل؟
    الخلل هو في عدم الثقة بين الحكومات والشعوب واستخدام المطالع السياسة بدلا من الوسائل القطعية!!
    وقد اتصل بي من مصر بعض الإخوة وسألوني عن الرؤية في السعودية وفيهم مشائخ أجلاء، فرأيت أن بعضهم قرر الإفطار مع السعودية والبعض قرر الصوم مع مصر رسميا، فقلت لهم:

    هذه كارثة أن يصوم في البيت الواحد أناس ويفطر آخرون، عندنا في السعودية تم الإعلان بشهادة الشهود، ولكن هناك فلكيين سعوديين يرون أن مصر محقة في إكمال رمضان ثلاثين يوما!! فنصيحتي أن تبقوا على صيامكم درءا للفتنة ولأن القضية فيها قولان!! فلو اتفق الحساب الفلكي مع الرؤية الشرعية عبر الأشخاص وعبر المراصد والتلسكوبات الفضائية فالرؤية هنا صارت قطعية ويجب عندئذ على الدول والشعوب اتباع الحق وعدم النظر إلى من يتخذ السياسة مشرعا أو يعاند من أجل رأي لا يسمن ولا يغني من جوع..

    رزقنا الله وإياكم الإخلاص وحسن الإتباع، وألهمنا والمسلمين جميعا الحق والصواب..
    "آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله،
    وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله"
    مواضيع متنوعة عن الرافضة هـــــــــــــن ــــــا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    أخي التبريزي..
    لن أخرج عن محل النزاع ولن أناقشك في موقفك من مسألة اعتبار اختلاف المطالع من غيرها فهذا ليس هو موضوعنا هنا.. ولكن أيها الفاضل ألا ترى أن كلامك هنا:

    "الصحيح إذا ثبتت الرؤية قطعيا فعلى مصر الصوم لوقوعها غرب السعودية، وإذا لم يشاهد في السعودية ورؤي الهلال في مصر حقيقة وجب على السعودية الصوم لاشتراكهم بليل مع مصر، ووجب على كل الأقطار الواقعة غربا الصوم لأن الهلال قد تمت ولادته قطعا، ومن المحال أن تنعكس حركة القمر من الولادة إلى ما قبل الولادة.."

    يتعارض مع كلامك هنا:

    "الذين يستشهدون بحديث كريب -المروي مع ابن عباس بعد شهر من رمضان لطول مسافة السفر وقتئذ- شاهد عليهم لا لهم، فرؤية اهل الشام الهلال وعدم رؤية ابن عباس رضي الله عنه ليس معناه أن الهلال لم يولد فقد يكون غم عليهم ولم يُوفقوا لرؤيته، ثم إن وسيلة الإتصال البدائية وقتئذ تلزم كل قطر بل كل مدينة وقرية أن يتحروا الهلال بأنفسهم فيصومون لرؤيته ويفطرون لرؤيته، ومن المحال أن تعلم بلدة بحال بلدة أخرى خلال 12 ساعة إذا كانت تبعد عنها قرابة 80 كم، بخلاف اليوم الذي تقدمت في الإتصالات تقدما كبيرا"

    ؟؟؟

    فان كنت ترى أنه لا حجة في حديث كريب للذين لا يرون وجوب توحد الأمة على رؤية واحدة، فكيف تقول أنه لو ثبتت الرؤية في مصر في منطقة تشترك مع السعودية في جزء من الليل للزم السعودية ان تصوم مع مصر أو العكس؟ المفروض أنك على كلامك هذا في حديث كريب، ترى أنه يلزم الأمة كلها أن تصوم لأول رؤية تظهر فيها دونما التفات الى مسألة اشتراك بلدين متجاورين في الليل أو في المطلع أو في غير ذلك!

    أما كلامك وفقك الله في تقديم استعمال التليسكوب على رؤية الشخص بالعين المجردة فليس صحيحا، - مع قولنا بأنه لا بأس باستعماله - لأنه ما دام الشرع قد اعتبر برؤية العين المجردة، مع علم الشارع بأن غيرها من الأدوات المساعدة قد يكون أقوى وأدق في التبين والتثبت من صحة الرؤية، فالذي شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل به صحابته ووسعهم أمر دينهم فيه، هذا لا يقال أن غيره قد يكون أولى منه أو أفضل منه أو مقدما عليه أبدا!!
    فالرؤية التي علق الشارع عليها الأحكام وبها عمل الصحابة والسلف انما هي رؤية العين المجردة، دون اشتراط لحدة بصر فيها أو غير ذلك.. فقولنا أن استمعال التليسكوب "أفضل" وأوثق وكذأ، هذا زعم يفتقر الى الدليل، ويخالف ما كانت به العدة عند الصحابة رضي الله عنهم! ونحن انما نقول أن التليسكوبات قد تقوم مقام النظر بالعين المجردة، وتثبت بها الرؤية كما بالعين المجردة ولا فرق.. ولا ننكر على الذين يستعملونها.. ولكن من أثبتها بالعين المجردة - كما كان دأب الصحابة - فلا يلزمه - شرعا - ولا يُطالب بأن يلجأ الى تليسكوب ليتأكد من صحة الرؤية، ولا يقال له أن استعماله التليسكوب يكون أولى وأدق وأوثق!! وهذا ما أكرره هنا مرارا وتكرارا، أنه لا يجوز اشتراط ما لم يقل به الأولون ولم يعملوا به، ولا تقديم شيء أخروه أو أهملوه أو لم يقدموه ولا تأخير شيء كانوا يقدمونه! لماذا لا يسعنا ما وسعهم رضي الله عنهم، دون تكلف لما يورث العنت ويوسع دائرة الخلاف؟؟ ألا نرضى بما رضيه الخلفاء الراشدون للمسلمين؟؟
    لقد كان في زمان الصحابة حساب فلكي ومختصون في علم الهيئة، وكان في زمانهم أيضا مناظير ينظر فيها في السماء، ومع ذلك فالذي شرع لنا هو النظر بالعين المجردة، على أننا أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب! يعني أن يراه رجل أو اثنان من المسلمين بعينيهما فيشهدان بذلك للامام فيؤذن في الناس بالصيام أو الفطر! هذا هو غاية الأمر ببساطة! فهل يمكن أن يخطئ هؤلاء الشهود؟ نعم ولا شك! فهل هذا يقدح في صحة صيام الناس على رؤيتهم؟؟ كلا ولا دليل على ذلك!!! بل ان الصوم هو يوم يصوم الناس كما دلت السنة!
    ولكن لأن كثيرا من المسلمين فتنتهم الأقمار الصناعية والاتصالات وكذا، راحوا يكلفون الأمة ما لم تتكلفه في القرون الأولى، ويقولون أن هذا خير لها وأثبت وأشد تحقيقا "للوحدة المنشودة" وأضمن لصحة الصوم، وغير ذلك من كلام عاطفي يفتقر الى أبجديات النظر العلمي الصحيح في علل الأحكام ومقاصد التشريع!

    اعلموا رحمكم الله أن توحد سائر أقطار الأمة على يوم واحد يفطرون فيه جميعا ويصومون فيه جميعا من أقصى الأرض الى أدناها = ليس مما يصح اعتباره من مقاصد تشريع صيام رمضان، ولا مما يتعلق به صحة صيام المسلمين من عدمها! وكيف يعد مقصدا من مقاصد تشريع تلك العبادة على المسلمين، وقد تخلفت الأمة عنه من القرن الأول الى يوم الناس هذا؟؟ بل كان الصحابة يخالفون ذلك التوحد المطلق الذي يحلم به بعض اخواننا، بصومهم وفطرهم في القرن الأول كل واحد منهم مع أهل بلده دون أن ينكر أحدهم على الآخر أو يشكك في صحة صومه ورؤيته التي صام عليها هو وأهل بلده معه!! فلو لم يفهم اخواننا من حديث كريب هذا المعنى، فأي شيء فهموا منه؟؟؟؟؟
    ان الذي يطالبون به المسلمين اليوم والله لهو عين العنت والفرقة، وهم يقولون أنهم يريدون الوحدة على الرؤية والصيام والفطر!!

    وعلى ذكر حديث كريب وفقهه، كنت أناقش شيخا من طلبة العلم الفضلاء في مسألة اختلاف المطالع والعبرة بها في الصيام والفطر، فذكرت له حديث كريب، فقال ما معناه أن ابن عباس رضي الله عنه قال "لا" وأبى أن يعمل برؤية معاوية، وليس في الحديث أكثر من هذا! ثم استدرك الشيخ عندئذ وقال: "لست أعني بذلك أنه رضي الله عنه كان يطعن في معاوية ورؤيته أو يكذبها، كلا، ولكن الحديث ليس فيه حجة"!!! عجبت جدا من هذا الكلام، وقلت في نفسي ما أهنأ الرافضة بمثل هذا التوجيه لحديث كريب: أن ابن عباس ترك العمل برؤية معاوية: لأنها رؤية معاوية!! فانا لله وانا اليه راجعون!! مجرد وقوع هذا التصور في نفس طالب العلم انما هو عين الطعن في ابن عباس ومعاوية جميعا رضي الله عنهم!! وكيف لا يكون في كلام ابن عباس حجة وكيف يُفهم منه ذلك الذي فهمه الشيخ وهو يقول: "ما هكذا أمرنا رسول الله"؟؟؟؟

    فنحن نقول لكل من يصر على تكليف الأمة ما لم يكلفها به رسول الله: لا.. ما هكذا أمرنا رسول الله!!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    حيثُ أكون
    المشاركات
    426

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    أخي التبريزي..
    لن أخرج عن محل النزاع ولن أناقشك في موقفك من مسألة اعتبار اختلاف المطالع من غيرها فهذا ليس هو موضوعنا هنا.. ولكن أيها الفاضل ألا ترى أن كلامك هنا:

    "الصحيح إذا ثبتت الرؤية قطعيا فعلى مصر الصوم لوقوعها غرب السعودية، وإذا لم يشاهد في السعودية ورؤي الهلال في مصر حقيقة وجب على السعودية الصوم لاشتراكهم بليل مع مصر، ووجب على كل الأقطار الواقعة غربا الصوم لأن الهلال قد تمت ولادته قطعا، ومن المحال أن تنعكس حركة القمر من الولادة إلى ما قبل الولادة.."

    يتعارض مع كلامك هنا:

    "الذين يستشهدون بحديث كريب -المروي مع ابن عباس بعد شهر من رمضان لطول مسافة السفر وقتئذ- شاهد عليهم لا لهم، فرؤية اهل الشام الهلال وعدم رؤية ابن عباس رضي الله عنه ليس معناه أن الهلال لم يولد فقد يكون غم عليهم ولم يُوفقوا لرؤيته، ثم إن وسيلة الإتصال البدائية وقتئذ تلزم كل قطر بل كل مدينة وقرية أن يتحروا الهلال بأنفسهم فيصومون لرؤيته ويفطرون لرؤيته، ومن المحال أن تعلم بلدة بحال بلدة أخرى خلال 12 ساعة إذا كانت تبعد عنها قرابة 80 كم، بخلاف اليوم الذي تقدمت في الإتصالات تقدما كبيرا"

    فان كنت ترى أنه لا حجة في حديث كريب للذين لا يرون وجوب توحد الأمة على رؤية واحدة، فكيف تقول أنه لو ثبتت الرؤية في مصر في منطقة تشترك مع السعودية في جزء من الليل للزم السعودية ان تصوم مع مصر أو العكس؟ المفروض أنك على كلامك هذا في حديث كريب، ترى أنه يلزم الأمة كلها أن تصوم لأول رؤية تظهر فيها دونما التفات الى مسألة اشتراك بلدين متجاورين في الليل أو في المطلع أو في غير ذلك
    أخي الكريم، لو قرأت موضوعي الخاص بهلال رمضان لأدركت أنه ليس هناك تناقض ولا تعارض، فحديث كريب ليس حجة مع القائلين بالوحدة أو القائلين بضدها!! لكن تفسير الحدث من القائلين بتعدد المطالع والقائلين بوجوب اتباع كل بلد حكومته ينقضها تصرف ابن عباس وهم دوما يستشهدون به!!
    فكيف لابن عباس أن يخرج على الخلافة في باب الرؤية والقائلين بالمطالع يرون وجوب التقيد بالجهات الرسمية لكل بلد واتباع ما يأمر به ولي الأمر؟!!

    حديث كريب يحكي قصة وقعت في الصدر الأول فيها المسافة بين الشام والمدينة ومكة ليست بالساعات وإنما بالأسابيع والأشهر....فابن عباس معه حقٌ أن يقول:
    ولكننا لم نر الهلال!!
    فهل وصلت ابن عباس رسالة من الشام تقول في نفس اللحظة "قد تمت رؤية الهلال" فيعترض ابن عباس بحجة المطالع؟
    هذا غير ممكن لبدائية الإتصالات....فوحد ة الأمة حينئذ على الصوم حسب الإشتراك بليل متعذرة لتعذر الإتصالات..فكان واجب كل قرية وبلدة ومدينة أن تتحرى الهلال فتصوم لرؤيته وتفطر لرؤيته والخطاب عام للمسلمين وليس لبلد دون بلد!!

    ثم:
    أوردت قصة كريب لأن القائلين بالمطالع يظنون أن الهلال ولد في الشام ولم يولد في الحجاز قطعا، وهذا كلام غير دقيق، فقد تكون ولادته قد تمت في الحجاز مع الشام ولكن ابن عباس مع من تحرى الهلال معه لم يوفقوا لرؤيته لسبب ٍ ما، ومن ثَم ّ غُمّ عليهم...

    ثم إن الذين يستشهدون بحديث كريب في المطالع يناقضون أنفسهم في البلد الواحد الكبير، فعلى نظريتهم يكون شرق السعودية مطلع يختلف عن غربها لبعد المسافة بينهما (1300كم تقريبا)، وتكون الجزائر عدة مطالع، ومثلها السودان!! والغريب منهم ان هذه الدول لو كانت تحت سلطان واحد فإنه يلزمها الصوم معا والفطر معا!! فأي تناقض هذا؟ أليست هذه مطالع سياسية لا مطالع جغرافية؟!!

    أخي الكريم:
    سؤال مهم لم يجب عليه الكثير!!
    لو ولد الهلال حقيقة فوق مكة المكرمة شرقا، فهل تستمر ولادته غربا فيراه أهل الجزائر أم أنه ربما لا يُرى فوق الجزائر لأنه لم تحدث ولادته؟!!

    خلاصة كلامي في هذا الباب:
    ***ولادة الهلال لحظة عالمية واحدة في الشهر القمري الواحد، فإذا ولد هلال رمضان فوق أي بقعة فقد ولد الهلال على أهل الأرض جميعا، ووجب على كل الأقطار الواقعة غربا الصوم لأن الولادة تزداد وضوحا كلما اتجهنا غربا، ويلزم الأقطار الواقعة شرقا الصوم إذا اشتركت بليل ولم يدركها الفجر، فإذا أدركها الفجر فليس عليها صوم ولا يلزمها القضاء..وهكذا بالنسبة لهلال شوال..


    وعلى هذا:
    إذا كانت رؤية هلال شوال فوق السعودية مؤكدة لا شك فيها، فكان على مصر أن تفطر مع السعودية لوقوعها غربا، وإذا لم يشاهد الهلال فوق السعودية ورؤي حقيقة في مصر وجب على السعودية الفطر لاشتراكهم بليل مع مصر، ووجب على كل الأقطار الواقعة غربا الفطر لأن هلال شوال قد تمت ولادته قطعا، ومن المحال أن تنعكس حركة القمر من الولادة إلى ما قبل الولادة...

    أما قولك أخي:
    "اعلموا رحمكم الله أن توحد سائر أقطار الأمة على يوم واحد يفطرون فيه جميعا ويصومون فيه جميعا من أقصى الأرض الى أدناها = ليس مما يصح اعتباره من مقاصد تشريع صيام رمضان"..

    نحن لا نقول به، لأن الهلال إذا ولد فوق المغرب فلا يلزم أهل أندونيسيا وماليزيا الصوم ولا يلزمهم القضاء لأنهم لا يشتركون مع أهل الغرب بليل، أما أهل السعودية ودول الخليج ومصر وليبيا وتونس والجزائر وكل الدول التي تشترك معها في خط طول واحد فيلزمهم الصوم لاشتراكهم بليل مع المغرب...لأن الهلال تمت ولادته وهل هلال رمضان ولم يدركهم الفجر، فما المانع أن لا يصوموا؟!!

    وإذا كنتم ترون أن المطالع الجغرافية حقيقة، أفلا يحق لنا مطالبتكم بتحديدها وبيان موقفكم من البلد الواحد الكبير، ومعرفة رأيكم في تفسير ولادة الهلال...هل يولد مرة واحدة في الشهر القمري، أم أنه لا يمنع أن يولد عدة مرات ؟

    بارك الله فيكم
    .
    "آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله،
    وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله"
    مواضيع متنوعة عن الرافضة هـــــــــــــن ــــــا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    يبدو أنه لا مفر من التحول عن موضوع الصفحة الى الكلام في قضية توحيد الرؤية واختلاف الرؤية من بلد الى بلد.
    أخي التبريزي، تقول وفقك الله:
    "فكيف لابن عباس أن يخرج على الخلافة في باب الرؤية والقائلين بالمطالع يرون وجوب التقيد بالجهات الرسمية لكل بلد واتباع ما يأمر به ولي الأمر؟!!"
    وأقول أن الأمر واضح، ابن عباس لم "يخرج على الخليفة" في باب الرؤية، والقائلين باعتبار اختلاف المطالع (وليس "بالمطالع" لأن حقيقة اختلاف المطالع لا يماري فيها عاقل كما نص على ذلك شيخ الاسلام وغيره من أهل العلم) لا يقولون بالتقيد "بالجهة الرسمية لكل بلد" كما تقول، وانما يقولون بأنه لا حرج على أهل البلد الواحد في أن يعملوا برؤيتهم، والتي قد تختلف عن رؤية أي بلد آخر لأسباب كثيرة منها اختلاف المطالع.. وعند اختلاف ولاة الأمر في بلاد المسلمين في أمر الرؤية، بحيث رؤي الهلال عند بلاد ولم ير عند غيرها، فانهم يقولون بأن يأخذ كل أهل بلد برؤيتها، عملا بحديث كريب، وبما جرى عليه عمل الأمة في سائر قرونها. ولو كانت رؤية الخليفة تلزم جميع المسلمين في كل أقطار الأمة وتبطل كل ما عداها مما يصوم عليه الناس، لوجب على ابن عباس أن يدع رؤية أهل المدينة ويأخذ بما جاءه عن الخليفة، ولكنه لم يفعل!
    هذا هو وجه استدلال القائلين باعتبار الاختلاف، بحديث كريب..
    أما قولك وفقك الله: "حديث كريب يحكي قصة وقعت في الصدر الأول فيها المسافة بين الشام والمدينة ومكة ليست بالساعات وإنما بالأسابيع والأشهر....فابن عباس معه حقٌ أن يقول:
    ولكننا لم نر الهلال!!"
    فأقول أين القرينة في الحديث أو في غيره التي تفيد أن علة الأمر كانت طول المسافة بين البلدين، وبالتالي استحالة الاتصال؟ ألا يتصور أن يكون هناك حالة يسقط فيها الخليفة أو الامام الواحد الذي يجتمع عليه جميع المسلمين في الأمة، ويصبح لكل بلد ملكها وولي أمرها، والذي يستطلع الهلال بمعرفته، فيراه بعضهم ولا يراه البعض الآخر، دون ارتباط لذلك بمسألة المسافة؟؟ بلى يتصور وقد رأت الأمة ذلك لقرون طويلة! فلعل احدى البلاد أن يتشوف الناس الهلال فيها فيتمكنون من رؤيته، بينما يعجز عن ذلك اهل البلد المجاور لأي سبب من الأسباب.. فيعلن أهل البلد الأول أن الرؤية ثبتت بينما يعلن الآخرون أنها لم تثبت.. فحينئذ، على أي شيء يبني أهل كل بلد من البلدين صيامهم؟؟ على التي أثبتت أو على التي لم تثبت؟؟ ان قلنا بعدم اعتبار الاختلاف في الرؤية من بلد الى بلد (حتى وان كان سببه الغمام أو غيره) ووجوب توحد سائر الأمة على صيام واحد وفطر واحد، وجب على جميع الأرض وجميع ولاة الأمور الأخذ بأول رؤية تثبت في العالم. وان قلنا بأن رؤية كل بلد تلزمه، لم يكن ثم اعتبار ولا قيمة لقيد المسافة أو القرب والبعد أو أي قيد آخر يعتبره البعض سببا في اختلاف الرؤية من بلد الى بلد.. ذلك ان تلك القيود كلها ظنية اجتهادية اجتهد أهل العلم في الكلام فيها تفسيرا لحديث كريب، ولما بني عليه في الأمة من عمل على مر القرون.. ومن تلك العلل الاجتهادية قولهم بتعذر الاتصال ووصول الخبر.. ولنا أن العلة الأظهر في ذلك هي درأ الفرقة والشتات والفتنة، وتحقيق قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون".. فلا يلزم أهل بلد العمل برؤية أهل بلد آخر، ما دام أن في كل من البلدين ولي أمر مسلم يستند على رؤية شرعية ثبتت عنده! وحينئذ يكون الاجتماع المفهوم من الحديث هو لكل أهل بلد على رؤيتهم - بغض النظر عن حدود تلك البلد وأبعادها. ولو أن أهل البلد الواحد تشتتوا فيما بينهم فصام بعضهم على رؤية ولي أمر بلده وصام البعض الآخر على رؤية بلد آخر - قرب أو بعد - لاتسعت دائرة الفرقة والخلاف، ولانهار مقصد الاجتماع على الصوم والفطر جملة وتفصيلا!
    فالشاهد أن سبب اقرار الصحابة لاختلاف أهل بلدين من بلاد المسلمين في الرؤية، وعدم انكار بعضهم على بعض في ذلك، سواء كان ذلك الاختلاف بسبب اختلاف المطالع والتوقيت أو الاختلاف في الليل والنهار أو غمة الرؤية في بلد وصفاء السماء في غيرها، أو لبعد المسافة وتعذر الاتصال أو لأي سبب آخر، هي - وبكل بساطة - أن الأمر قد وسع الله فيه على المسلمين، ولم يزالوا يعملون صياما وفطرا في تلك السعة! فكل أهل بلد صاموا لرؤية ولي أمرهم يدخلون في قوله عليه السلام "فصوموا لرؤيته".. وتعدد الرؤى فيما بين البلاد واختلافها ثابت بالنص ويشهد له عمل الأمة .. ولم يثبت نص واضح صريح في أن علة التوسيع في ذلك الاختلاف كانت: تعذر الاتصال!
    فقولك وفقك الله: "فهل وصلت ابن عباس رسالة من الشام تقول في نفس اللحظة "قد تمت رؤية الهلال" فيعترض ابن عباس بحجة المطالع؟"
    نقول لا لم يحدث ذلك، ولعله لو حدث، وكان عند الصحابة وسيلة اتصال تحت يد الخليفة الراشد تسمح له بأمر جميع عماله في جميع البلاد بالالتزام بأول رؤية ثبتت في أي بلد من بلاد المسلمين، لما وجد هذا الخلاف أصلا، ولما كان هذا الذي نراه هو المستقر في عمل الأمة من القرن الأول! ولكن الواقع أننا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب.. فلنفس العلة التي من أجلها نرفض الصيام على الحساب الفلكي في مكان الرؤية بالعين، نرفض القول بأن وجود شبكات الاتصال الحديثة في الأمة يرفع عنها تلك التوسعة التي كانت عليها من القرن الأول في اختلاف الرؤى وصيام كل أهل بلد على رؤيتهم! وأنا أعجب كيف لا يفطن اخواننا القائلون بوجوب توحيد الرؤية وزوال علة الاختلاف بعدما تيسرت الاتصالات، كيف لا يفطنون الى مدى مشابهة تعللهم هذا، لتعلل الذين يقولون بأن وجود الأقمار الصناعية والحسابات الفلكية ذات الدقة المحكمة في زماننا هذا، أصبح يرفع عن الأمة علة عدم القدرة على تبين مولد الهلال بدقة، ويغنيهم عن الاعتماد على نظر العين المجردة والذي جرى عليه العمل عند الأولين!
    كلا الأمرين سواء والله لو تأملوا! كل الفرق أن لفظة "رؤيته" تفتقر الى قرينة تصرفها عن رؤية العين، والأمر كما قال أهل العلم أن كلمة رؤية ان أضيفت الى شيء مادي محسوس دلت على نظر العين لا على نظر العقل! ولكن شاهدي من هذا أن تعللهم يفتح باب الاحتجاج عليهم لأنه يشبه تعلل الذين يقدمون الحساب على الرؤية العينية! كلا التعللين سواء في أن هذا تضييق وذاك تضييق أيضا! وكلاهما يطالب المسلمين بما لم يكونوا مطالبين به في القرن الأول وفي زمان الصحابة!! وكلاهما يدعي أن ما جرى عليه عمل القرون الأولى كان سببه التعذر وضعف الامكانات و"البدائية" التي يتكلم أخونا التبريزي عنها هنا! ولو قلت أن كلاهما يخالف هدي الصحابة في ذلك لما بالغت!
    ولأذكرنهم جميعا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "نحن أمة أمية با تقرأ ولا تكتب، والشهر عندنا هكذا وهكذا" أو كما قال عليه السلام!! فمن رحمة الله بنا أن جعل التشريع مبناه على أضعف أحوال الأمة في العلم بالحساب والاتصال والقراءة والكتابة وغيره.. ويسر التشريع أصل من أصوله الرواسخ! فلماذا جعل اخواننا النظر بالعين هو السنة وما عداه زيادة وتعنت لا دليل عليه، بينما وفي نفس الوقت جعلوا اختلاف صيام أهل البلاد كل بلد على رؤيته أمرا عارضا سببه العجز وقلة الامكانات وبدائية الاتصالات، مع أنه هو ما جرى عليه عمل الصحابة أيضا بلا نكير؟؟
    وأنا أسأل اخواننا، - وهي اشارة لطيفة أستأنس بها ولا داعي للاستدراك عليها - أليس قد قال بعض أهل العلم بجواز الاستعانة بالجن المسلم في الأمور المباحة؟ فلماذا لم يستعينوا بالجن - مثلا - لايصال الخبر من فوره فيما بين ولاة البلاد وعمالها وسنوا تلك السنة بحيث لا تمر الليلة الا وقد علم جميع ولاة الأمر بثبوت الرؤية فيها في بقعة من بقاع الأرض، ليصوموا جميعا على ذلك أو يفطروا جميعا؟ مع أنه لو كان الأمر عندهم أن الصيام لا يصح الا على رؤية واحدة، أو يجب فيه توحيد الرؤية في جميع البلاد، لكان الأخذ بأسباب ايصال الخبر الى كل الناس من فوره أمرا واجبا متحتما تتلمس له كافة السبل!! فهل تلمسوا تلك السبل حقا؟؟
    أنا لا أقول بجواز الاستعانة بالجن أصلا على أي حال، والمسألة الخلاف فيها معروف، ولكن ليتأمل اخواننا في هذا الأمر، ولعلها فائدة تفضي الى فوائد!
    ثم ان قولهم الخطاب عام لكل المسلمين وليس لبلد دون بلد، ألا يرون في حديث كريب وفي عمل الصحابة والقرون الفاضلة، ما يخصصه ويوجهه وجهة غير تلك التي فهموا؟؟

    وقولهم حددوا لنا حدود البلد وأبعادها وكذا، هذا تحكم منهم لم نقل به! فكل منا يعرف ما هي البلد التي يعيش فيها، وما حدها، وما صفتها، ومتى يكون في بلد فيصوم مع أهلها، ومتى يكون في بلد أخرى يصوم أهلها مع رؤية أخرى فيصوم معهم على رؤيتهم.. هذا كان الناس يعرفونه في كل عصر ولا يزالون يعرفونه بالعرف السائد في كل زمان وفي كل عصر بحسبه، دون تكلف لهذا الذي تقولون!

    والآن تأمل قولك رعاك الله: "إذا كانت رؤية هلال شوال فوق السعودية مؤكدة لا شك فيها، فكان على مصر أن تفطر مع السعودية لوقوعها غربا، وإذا لم يشاهد الهلال فوق السعودية ورؤي حقيقة في مصر وجب على السعودية الفطر لاشتراكهم بليل مع مصر، ووجب على كل الأقطار الواقعة غربا الفطر لأن هلال شوال قد تمت ولادته قطعا"
    قلت اذا فأنت الآن تقول بأن الاشتراك في الليل الواحد هو الضابط عندك وليس اختلاف المطالع، مع أنك ذكرت قبل قليل أن الخطاب واحد موجه لجميع المسلمين، وليس بحسب البلد!!! وأنا أسألك، هل كل بلاد المسلمين تشترك في ليل واحد؟؟ كلا ولا شك!! اذا فكيف تجمع بين هذين القولين عندك؟؟ اما أن يكون الخطاب - على كلامك هذا - موجها لأهل الاشتراك في الليل الواحد، واما أن يكون موجها الى الأمة كلها.. فكيف تحل هذا الاشكال؟
    أما قولك: "أوردت قصة كريب لأن القائلين بالمطالع يظنون أن الهلال ولد في الشام ولم يولد في الحجاز قطعا، وهذا كلام غير دقيق، فقد تكون ولادته قد تمت في الحجاز مع الشام ولكن ابن عباس مع من تحرى الهلال معه لم يوفقوا لرؤيته لسبب ٍ ما، ومن ثَم ّ غُمّ عليهم..."
    فأقول نعم أوافقك في أن مولد الهلال على الحقيقة من عدمه ليس هو العلة وانما التمكن من رؤيته في السماء! فمن الذي قال أن جميع القائلين باعتبار اختلاف الرؤية من بلد الى بلد لا يعللون ذلك الا باختلاف المطالع وتأخر مولد الهلال ما بين بلد وآخر؟؟
    أما قولك: "ثم إن الذين يستشهدون بحديث كريب في المطالع يناقضون أنفسهم في البلد الواحد الكبير، فعلى نظريتهم يكون شرق السعودية مطلع يختلف عن غربها لبعد المسافة بينهما (1300كم تقريبا)، وتكون الجزائر عدة مطالع، ومثلها السودان!! والغريب منهم ان هذه الدول لو كانت تحت سلطان واحد فإنه يلزمها الصوم معا والفطر معا!! فأي تناقض هذا؟ أليست هذه مطالع سياسية لا مطالع جغرافية؟!!"
    فأقول وكما ذكرت لك، أن التعليل باختلاف المطالع لم يأت به نص صريح، وانما هو اجتهاد من أهل العلم في تفسير اختلاف الرؤية فيما بين البلدان، في محاولة منهم لاستخراج علة ذلك الاقرار من ابن عباس للاختلاف بين أهل الشام وأهل المدينة في الرؤية! وقد يفسره غيرهم بغير ذلك ولا اشكال.. ولا يبعد في ظني أبدا أن يكون من حكم المولى جل وعلا في ذلك التوسيع من القرن الأول في اختلاف الرؤية، أنه قد سبق علمه سبحانه بأن الأمة ستتمزع على ولايات لا يجمعها امام واحد.. ويكون كل أهل بلد فيها لهم رؤيتهم التي يصومون عليها ويفطرون عليها استقلالا بذلك، فلو اشترط الشارع لصحة صيام المسلمين أن يجتمعوا فيه على حاكم واحد ورؤية واحدة، لما صح صيام أكثر المسلمين في الأرض من لدن الصحابة والى آخر الزمان!!! فالحمد لله الذي شرع لنا برحمته أيسر الشرائع وأحكمها!
    أما قولك: "ولادة الهلال لحظة عالمية واحدة في الشهر القمري الواحد، فإذا ولد هلال رمضان فوق أي بقعة فقد ولد الهلال على أهل الأرض جميعا، ووجب على كل الأقطار الواقعة غربا الصوم لأن الولادة تزداد وضوحا كلما اتجهنا غربا، ويلزم الأقطار الواقعة شرقا الصوم إذا اشتركت بليل ولم يدركها الفجر، فإذا أدركها الفجر فليس عليها صوم ولا يلزمها القضاء..وهكذا بالنسبة لهلال شوال.."
    فأقول: هذا مذهبك أنت.. يوافقك فيه من يوافقك ويخالفك فيه من يخالفك، ولكن يبقى الأمر المؤكد أنه ليس لك على ذلك التفريق أو غيره دليل من كلام أو عمل الصحابة رضي الله عنهم.. وانما هو اجتهاد كسائر اجتهادات أهل العلم في ذلك.
    هذا والله أعلى وأعلم، ونسبة العلم اليه أسلم..
    والحمد لله رب العالمين
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    حيثُ أكون
    المشاركات
    426

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    فأقول: هذا مذهبك أنت.. يوافقك فيه من يوافقك ويخالفك فيه من يخالفك، ولكن يبقى الأمر المؤكد أنه ليس لك على ذلك التفريق أو غيره دليل من كلام أو عمل الصحابة رضي الله عنهم.. وانما هو اجتهاد كسائر اجتهادات أهل العلم في ذلك.
    هذا والله أعلى وأعلم، ونسبة العلم اليه أسلم..
    والحمد لله رب العالمين
    بارك الله فيك أبا الفداء، وهدانا الله وإياك إلى اتباع الحق ومسك الختام:
    مذهبي بحمد الله هو مذهب بدأ من زمن يؤتي أكله، وكبار علماء السعودية كانوا مجمعين على مسألة موحدة حول الهلال ثم تغيرت عند بعضهم الفكرة مع علماء مصر والعالم الإسلامي بناءا على الحقائق العلمية المؤكدة المطروحة من المخلصين الغيورين من أولي الذكر "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، وأهل الذكر في هذا الباب من رزقهم الله فقها في الدين بعيدا عن التقليد والجمود، ورزقهم علما بالفلك وحركة الشمس والكواكب والأقمار، أما اتباع نظرية المطالع السياسية فلن تدوم، وقد فقد الكثير من المسلمين في بلدانهم الثقة في الجهات الرسمية لتضارب الآراء، ولا أدل على هذا من انقسام بيوت المسلمين في مصر ودول المغرب العربي حول الصوم والعيد -(وهو بلا شك عمل يفرق بين البيت الواحد والبلد الواحد ولا نقول به ولا نراه)-، فقد أفطر في مصر من أفطر وجلهم من الملتزمين وطلبة العلم تبعا لمن شهد برؤية الهلال، وبقي من بقي مع الجهات الرسمية، وكذلك في المغرب صام من صام مع الجزائر ومن شهد برؤية الهلال، وبقي من بقي مع الجهات الرسمية.. وهكذا..
    فهل هذا إلا ثمرة المطالع السياسية التي انتجت أربعة أيام عيد في يوم الأثنين (نيجيريا) والثلاثاء والأربعاء والخميس (كما في البحرين)؟

    رزقنا الله وإياك الإخلاص وحسن الإتباع، وألهمنا جميعا الحق والصوب..

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
    "آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله،
    وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله"
    مواضيع متنوعة عن الرافضة هـــــــــــــن ــــــا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    تصويب لسبق قلم وقع في تعقيبي الآنف:
    "وانما هو اجتهاد من أهل العلم في تفسير اختلاف الرؤية فيما بين البلدان"
    والصواب:
    "وانما هو اجتهاد من أهل العلم في تفسير اختلاف الرؤية فيما بين البلدين"
    فلعل الاخوة المشرفين يصوبون ذلك الخطأ مأجورين..
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    بارك الله فيك أيها التبريزي وأحسن اليك.
    تقول "مذهبي بحمد الله هو مذهب بدأ من زمن يؤتي أكله"
    قلت فلعله مما لا يخفى على مثلك ان شاء الله أن نسبتي المذهب اليك في قولي "هذا مذهبك أنت" لا يلزم منها تخصيصك به على أنك أول قائل به.. وقد قلتُ "يوافقك فيه من يوافقك ويخالفك فيه من يخالفك" .. بارك الله فيك.
    أما قولك: "أما اتباع نظرية المطالع السياسية فلن تدوم، وقد فقد الكثير من المسلمين في بلدانهم الثقة في الجهات الرسمية لتضارب الآراء"
    وقولك: "فهل هذا إلا ثمرة المطالع السياسية التي انتجت أربعة أيام عيد في يوم الأثنين (نيجيريا) والثلاثاء والأربعاء والخميس (كما في البحرين)؟"
    فلا أرى وجها لهذا الاصطلاح "المطالع السياسية"!! فالاصطلاح يوحي - في تصوري - بأن هناك من لهم أغراض "سياسية" في مخالفة بقية بلاد المسلمين في الصوم والفطر، فيعبثون في أمر الرؤية من أجل ذلك، وهذا لا حقيقة له! ذلك أنه مما لا يخفى على عاقل أن وقوع الفرقة في داخل البلد الواحد بين من وافق بلده ومن صام مع غيرها من البلاد انما هو أمر مرفوض، وفيه من الفتنة ما فيه، وليس ذلك في مصلحة أي بلد من البلدان! فكيف يرى واحد من ولاة الأمر أن من مصلحة بلاده السياسية أن تخالف غيرها من البلاد عمدا في الصيام والفطر؟؟؟ هذا كلام عجيب لا أتصوره! ولو لم يأت قائله ببينة عليه فهو كاذب! بل المتصور خلاف ذلك: أن يكون في تصورهم أن المصلحة السياسية لكل بلد تقتضي الاتفاق فيما بين بلاد المسلمين على صيام واحد وفطر واحد..! أما ان قال قائل أنه لعل ولي الأمر له مصلحة أخرى في أن يجعل العيد يبدأ في يوم كذا بالذات، كأن يتعلق ذلك بطول أو قصر العطلة (اجازة العيد) مثلا أو نحو ذلك، قلنا له عين ما نقول لغيره من أصحاب الدعاوى والاشاعات والظنون: ((قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين))!
    ولقد وصل الأمر بواحد من اخواني الذين رسخ لديهم قاعدة أن ولي الأمر متهم ما لم تثبت براءته، هدانا الله واياهم، الى أن زعم أن ولي الأمر في بعض البلدان ينتظر التليفون من البيت الأبيض ليأمره بأن يقول للناس أنه قد ثبتت الرؤية وأن غدا رمضان أو غدا العيد!!! فمن أين جاء هذا الكلام وما دليله وما مصدره؟؟؟ ولماذا لا يكون مصدر أمثال هذه الاشاعات قوم مغرضون ما يريدون للمسلمين في داخل البلد الواحد الا أن يتفرقوا ويتشتتوا ويلحق بهم من جراء ذلك من الفتنة والعنت ما يلحق؟؟؟
    فالظاهر والله أعلم أن هذا الاختلاف ليس سببه "السياسة" كما يومئ كلامك.. وانما سببه اختلاف بين تحقق الرؤية وعدمها من بلد الى آخر ممن يعملون بالرؤية الشرعية، بالاضافة الى وجود تخلف عن العمل بالرؤية الشرعية أصلا أو استطلاعها جملة وتفصيلا في بعض البلاد - كما سمعت من بعض الاخوة في شأن بلد من البلدان - والاعتماد على التقويم الفلكي في اثبات دخول الشهر وخروجه ..
    والأمر مبناه على أي حال: النظر فيما به يحكم أهل كل بلد بثبوت الرؤية من عدمها، فاما كان رؤية يصح صيام الناس عليها واما كان غير ذلك! فلو ثبت ببينة لا مرية فيها أن ولي أمر احدى البلدان لا يستطلع الهلال ولا يستعمل أحدا ينظر الى السماء أصلا وانما يعتمد على الفلك جملة تفصيلا، أو أنه كذب في دعواه أنه قد ثبتت - أو لم تثبت - رؤية الهلال عندما استطلعوها في المراصد، فلا يجوز حينئذ الصيام على مثل ذلك لأنه ليس برؤية شرعية أصلا، والبينة قائمة على ذلك، والله المستعان.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    94

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك أيها التبريزي وأحسن اليك.
    تقول "مذهبي بحمد الله هو مذهب بدأ من زمن يؤتي أكله"
    قلت فلعله مما لا يخفى على مثلك ان شاء الله أن نسبتي المذهب اليك في قولي "هذا مذهبك أنت" لا يلزم منها تخصيصك به على أنك أول قائل به.. وقد قلتُ "يوافقك فيه من يوافقك ويخالفك فيه من يخالفك" .. بارك الله فيك.
    أما قولك: "أما اتباع نظرية المطالع السياسية فلن تدوم، وقد فقد الكثير من المسلمين في بلدانهم الثقة في الجهات الرسمية لتضارب الآراء"
    وقولك: "فهل هذا إلا ثمرة المطالع السياسية التي انتجت أربعة أيام عيد في يوم الأثنين (نيجيريا) والثلاثاء والأربعاء والخميس (كما في البحرين)؟"
    فلا أرى وجها لهذا الاصطلاح "المطالع السياسية"!! فالاصطلاح يوحي - في تصوري - بأن هناك من لهم أغراض "سياسية" في مخالفة بقية بلاد المسلمين في الصوم والفطر، فيعبثون في أمر الرؤية من أجل ذلك، وهذا لا حقيقة له! ذلك أنه مما لا يخفى على عاقل أن وقوع الفرقة في داخل البلد الواحد بين من وافق بلده ومن صام مع غيرها من البلاد انما هو أمر مرفوض، وفيه من الفتنة ما فيه، وليس ذلك في مصلحة أي بلد من البلدان! فكيف يرى واحد من ولاة الأمر أن من مصلحة بلاده السياسية أن تخالف غيرها من البلاد عمدا في الصيام والفطر؟؟؟ هذا كلام عجيب لا أتصوره! ولو لم يأت قائله ببينة عليه فهو كاذب! بل المتصور خلاف ذلك: أن يكون في تصورهم أن المصلحة السياسية لكل بلد تقتضي الاتفاق فيما بين بلاد المسلمين على صيام واحد وفطر واحد..! أما ان قال قائل أنه لعل ولي الأمر له مصلحة أخرى في أن يجعل العيد يبدأ في يوم كذا بالذات، كأن يتعلق ذلك بطول أو قصر العطلة (اجازة العيد) مثلا أو نحو ذلك، قلنا له عين ما نقول لغيره من أصحاب الدعاوى والاشاعات والظنون: ((قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين))!
    ولقد وصل الأمر بواحد من اخواني الذين رسخ لديهم قاعدة أن ولي الأمر متهم ما لم تثبت براءته، هدانا الله واياهم، الى أن زعم أن ولي الأمر في بعض البلدان ينتظر التليفون من البيت الأبيض ليأمره بأن يقول للناس أنه قد ثبتت الرؤية وأن غدا رمضان أو غدا العيد!!! فمن أين جاء هذا الكلام وما دليله وما مصدره؟؟؟ ولماذا لا يكون مصدر أمثال هذه الاشاعات قوم مغرضون ما يريدون للمسلمين في داخل البلد الواحد الا أن يتفرقوا ويتشتتوا ويلحق بهم من جراء ذلك من الفتنة والعنت ما يلحق؟؟؟
    فالظاهر والله أعلم أن هذا الاختلاف ليس سببه "السياسة" كما يومئ كلامك.. وانما سببه اختلاف بين تحقق الرؤية وعدمها من بلد الى آخر ممن يعملون بالرؤية الشرعية، بالاضافة الى وجود تخلف عن العمل بالرؤية الشرعية أصلا أو استطلاعها جملة وتفصيلا في بعض البلاد - كما سمعت من بعض الاخوة في شأن بلد من البلدان - والاعتماد على التقويم الفلكي في اثبات دخول الشهر وخروجه ..
    والأمر مبناه على أي حال: النظر فيما به يحكم أهل كل بلد بثبوت الرؤية من عدمها، فاما كان رؤية يصح صيام الناس عليها واما كان غير ذلك! فلو ثبت ببينة لا مرية فيها أن ولي أمر احدى البلدان لا يستطلع الهلال ولا يستعمل أحدا ينظر الى السماء أصلا وانما يعتمد على الفلك جملة تفصيلا، أو أنه كذب في دعواه أنه قد ثبتت - أو لم تثبت - رؤية الهلال عندما استطلعوها في المراصد، فلا يجوز حينئذ الصيام على مثل ذلك لأنه ليس برؤية شرعية أصلا، والبينة قائمة على ذلك، والله المستعان.
    الأخ الكريم أبا الفداء

    هناك عدة وقفات مع ما تفضلت به:
    1- مصطلح (المطالع السياسية) مصطلح سليم تماماً لأنه يتفق مع طبيعة حدود اتفاقية سايكس-بيكو (السياسية!) والتي قسمت بلاد المسلمين إلى كيانات سياسية مستقلة، تتحكم في تقرير مصيرها (!) وسن دساتيرها وقوانينها (!). فلم التثريب على وصف أخينا لواقعنا المرير؟

    2- قولك (أن وقوع الفرقة في داخل البلد الواحد بين من وافق بلده ومن صام مع غيرها من البلاد انما هو أمر مرفوض، وفيه من الفتنة ما فيه) منبثق من واقعنا المرير أيضاً لا الواقع الإسلامي المنشود، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إذ بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما)، وهو عام في انطباقه على جميع الأمة الإسلامية لكون المخاطَب هم الأمة الإسلامية. فتقسيمهم إلى دويلات ثم القبول بهذه الدويلات ثم القول بأن وقوع الفرقة داخل هذه الدويلات هو (أمر مرفوض، وفيه من الفتنة ما فيه) يتضمن قبولاً بما حرمه الإسلام. ثم أزيدك من الشعر بيتاً ما رأيك بدويلة (جنوب السودان) والتي قبل رئيس السودان الحالي بتأسيسها: أيحق لأهلها أن يتبعوا (مطلعهم) دون دويلة (شمال السودان)؟ وهذا مثال صارخ وحي على كيفية تقسم دولة الخلافة الإسلامية إلى دويلات حسب الاتفاق البريطاني-الفرنسي.

    3- قولك (فكيف يرى واحد من ولاة الأمر أن من مصلحة بلاده السياسية أن تخالف غيرها من البلاد عمدا في الصيام والفطر؟؟؟) حفظك الله، يَرِدُ (ويَرُدُّ) عليه السؤال التالي: الم يروا أن من المصلحة إبقاء نفوذ الغرب الكافر على العالم الإسلامي وتشرذمه في ظل حكمهم؟

    4- قولك (هذا كلام عجيب لا أتصوره) صادر عن قلب طيب محب لله ورسوله. ولكن تذكر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين) وقول سيدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه (ليست بالخب ولا الخب يخدعني).

    وأخيراً
    5- قولك (بل المتصور خلاف ذلك: أن يكون في تصورهم أن المصلحة السياسية لكل بلد تقتضي الاتفاق فيما بين بلاد المسلمين على صيام واحد وفطر واحد) قول صحيح، ولكن أنى لمتبع الهوى وشرعة الغرب أن يستمع لقول الله ورسوله. أليس من مصلحة الغرب الكافر أن يبقى المسلمون منقسمون لمصري وترك وعراقي وعماني وسوداني (شمالي وجنوبي) واندونيسي وتركستاني ووووو؟ أليس من مصلحة الغرب الكافر أن تتعمق هذه الفُرقة بتفريق أعيادنا وحرماننا من فرحة العيد بجعله اثنين وثلاثة وأربعة أيام على مر السنين وكر الأعوام؟

    أسئلة كثيرة أخي الفاضل، أتمنى أن يتسع لها صدرك.

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    حياك الله أخي أبا بدر. صدري واسع إن شاء الله، وأرجو أن يكون صدرك أنت كذلك، وأن يسعني وإياك ما وسع من كان قبلنا من الخلاف في هذا (أعني في الاعتبار بتعدد المطالع واختلاف الرؤى)، فهو خلاف سائغ قديم يضرب أصله إلى زمان الصحابة رضي الله عنهم كما تعلم.
    وأقول ليس من الفقه أن يغير المرؤ مذهبه في هذه المسألة لمجرد أن تقرر لديه أن حدود بلاد المسلمين في القرنين الأخيرين قد رسمتها اتفاقية سايكس بيكو، وليس الإمام الأعظم لدولة المسلمين! غاية ما يقال عندي إن اختلاف الرؤى بين بلاد المسلمين أمر معتبر به شرعا، وقد اعتبر به ابن عباس وغيره، والخلاف في ذلك قوي ولا يخفى، والعبرة في ذلك بما دل العرف على أنه بلد (بغض النظر عن مسألة مسافة القصر وما إلى ذلك)، دُعي فيه أهله إلى الصيام على رؤية شرعية صحيحة، فإن وقع الاختلاف في ذلك بين ذاك البلد المسلم وغيره من البلاد، (وهو ما كان ولا يزال يقع بالفعل من زمان الخلافة الراشدة وإلى يومنا هذا)، فحينئذ يقال - على مذهبي في المسألة - إن اتباع أهل كل بلد لرؤيتهم هو الأقرب إلى كليات ومقاصد الشرع لا سيما في هذا الزمان، وهو ما يدعمه - في نظري - مجموع النصوص والآثار في الباب، وإلا فسترى البيت الواحد في بلاد المسلمين يصوم فيه الرجل على رؤية مكة، وامرأته على رؤية البلد، والأولاد على رؤية ثالثة، (وقد رأينا هذا يحدث فعلا) بعد أن كان كل بلد تصوم سائر دياره على رؤيته ولا يضيرهم مخالفة غيرهم من البلاد لهم! وفي الحقيقة فإن لمخالفك أن يسألك: هل ما وقع من اختلاف الرؤية بين أهل المدينة تحت حاكمهم، وأهل الشام تحت حاكمهم في زمان ابن عباس = من التفرق المذموم؟ فكيف إذن أقر ابن عباس ذلك الاختلاف (كما في حديث كريب المشهور)؟ فالقصد أنه لو كان ذلك الاختلاف في مجرده من المذموم لما أقره من أقره من الأوائل، حتى من بعد ما تبين له وجود تلك المفارقة بين البلدين!
    فلا أدري لماذا يحلو لبعض إخواننا تصوير هذا الاختلاف على أنه مؤامرة صهيونية لتمزيق المسلمين وتشتيتهم، مع أنه قد وسع أسلافنا من القرون الأولى، ولم يكن في نظر الكثيرين منهم من "الواقع المرير المخالف للواقع المنشود"!
    فقولك - بارك الله فيك - أليس من مصلحة الغرب أن يفترق المسلمون في الأعياد فيما بين بلادهم؟ جوابه عندي: نعم لعله ليس كذلك، والله أعلم!
    قولك (هذا كلام عجيب لا أتصوره) صادر عن قلب طيب محب لله ورسوله. ولكن تذكر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين) وقول سيدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه (ليست بالخب ولا الخب يخدعني).
    شكر الله لك حسن الظن بأخيك، والصواب أن تعلق ذلك بالظن كقولك (أحسبه كذلك). ولكن كلامك حاصله اتهام من ينفي تلك الأمور - حتى تقوم عليها البينة الظاهرة - بالسذاجة والغفلة! فلا أقول إلا عفا الله عنك، وأذكرك بقوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) [الحجرات : 6]
    وجزاك الله خيرا.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    94

    افتراضي رد: رؤية الهلال في مصر في ميزان الشرع .

    الأخ الفاضل أبا الفداء

    علم الله لم أكن أقصد الإساءة إلى شخصك الكريم، فما ذاك ديني ولا ديدني. فاعذرني وفقك الله.

    أنا أفرق بين السذاجة والغفلة وبين إحسان الظن المفرط، ولا أعلم إن كنت توافقني.

    عموماً أتفهم عدم رغبة بعض الإخوة في الخوض بتعمق في مثل هذه المواضيع نظراً لطبيعتها السياسية.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •