تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه
    أما بعد
    كثيرا ما نسمع بعض اخواننا من طلبة العلم ومشايخنا يرددون هذه العبارة اذا ما سألهم السائل نحو: وما القول عندكم في كذا؟ أو اذا ما تكلم هو عما أفضى اليه نظره وبحثه في مسألة من المسائل فيقول: (عندي أن الصواب كذا وكذا)، يتبعها بقوله (ومن أنا حتى يكون لي عند؟).. يقولونها من باب التورع!.. بل وأحيانا يتهيبون التعبير عن مذهبهم بلفظة "عندي" أصلا! وقد كنت أقلدهم في ذلك أحيانا فيما أكتب وما أحرر حتى تأملت فيها، فوجدت أن هذا في الحقيقة أمر فيه نظر..
    فالذي تصدر لافتاء الناس - ان كان شيخا مجازا للفتيا وله طلبته الذين يفتيهم ويعلمهم - هذا لم يصل الى هذه المنزلة الا أن كان أهلا للنظر في مسائل العلم ابتداءً. والذي هو أهل للنظر في مسائل العلم، فانه يفضي به نظره - ولا بد - الى الترجيح بين الأقوال! فان لم يكن هذا التجريح هو القول الصائب "عند" قائله وفي ظنه، فما معنى قوله بعد ذلك "ومن أنا حتى يكون لي عند"؟؟
    وكذا طالب العلم - حتى المبتدئ من أمثالي - اذا ما نظر في أقوال أهل العلم وأدلتهم في مسألة من المسائل وبحث فيها فظهر له - على قدر علمه - رجحان قول على قول أو مذهب على مذهب، ألا يكون ذلك الرجحان، والذي هو نتاج النظر والبحث منه، هو مذهبه الذي انتهى اليه بحثه ونظره - أصاب في ذلك أو أخطأ - هو القول في المسألة "عنده" والذي يدين الله به؟
    فما الحرج في أن يقول: الراجح "عندي" هو القول بكذا وكذا؟
    ومن الذي قال أن قول القائل من طلبة العلم "عندي أن الصواب هو كذا" يلزم منه الايهام بتبوؤ ذلك المتكلم منزلة فوق منزلته، أو بلوغه مرتبة فوق مرتبته، أو تطاوله على مراتب أئمة الاجتهاد والفقه؟
    لعل مشايخنا واخواننا يريدون بذلك الترهيب من جناب العلم الشرعي ومن التطاول على أمر الاجتهاد في مسائل الشريعة المطهرة، وهذا أمر يجب أن يرسخ في نفوس الطلبة جميعا ولا شك، ولكن أن يفتي شيخ ممن تصدر لأمر الفتيا وأصبح الناس يقصدونه في مسائلهم على أنه من أهل النظر والاستنباط، فاذا به في تضاعيف فتواه يقول "ومن أنا حتى يكون لي عند؟".. فهذا يستتبع السؤال: "فبأي حق أفتيت الناس أصلا، ان لم يكن عندك نظر وترجيح؟؟"
    لك "عند" ولا شك لأن لك مذهب تفتي به الناس.. وهو ما يترجح في نظرك!
    وما دمت قد رجحت قولا على قول، فهذا هو "العند"!
    ولعل الصواب أن يقال أن لكل مقام مقال
    فان كنت في مقام مدارسة بين اخوانك طلبة العلم، فلك عند ولهم عند، وما تناقشتم أصلا الا للبحث عن أرجح الأقوال فيما عند كل واحد منكم..
    وان كان مقام استفتاء لمن هو أعلم منك، كشيخك أو معلمك، فلا تقدم بين يديه وتقول: "عندي أن الصواب كذا!"
    وان كان مقام افتاء في الناس وتعليم لهم.. فقولك هذا - أنك ليس لك عند - لازمه أنك ليس لك ان تفتيهم ولا أن تعلمهم!
    والحق أن كل من له قدر من النظر في مسائل الشرع، وله تحصيل لأصول ذلك، وله حظ من الفهم.. فانه يكون له "عند"!
    أما أهليته للفتيا ولأن يأخذ عنه الناس ما عنده، فهذه مسألة أخرى..
    والا فكلنا مقلدون عميان ننقل كلاما لا نفهمه، ولا فرق في ذلك بين العامي والطالب القادر على النظر والترجيح.. وقد نهينا عن التقليد وعن اتباع الأقوال بلا دليل ولا برهان!
    والله المستعان.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    إذا كانت هذه الكلمة صادرة من كبار أهل العلم أو الفقهاء المفتين المشهود لهم بالتبحر فالأمر كما ذكرت أنه من باب التواضع وتربية طلبة العلم على عدم الاعتداد بالنفس، فلا إشكال في ذلك، ولا يرد عليه ما تفضلت به من اعتراضات.

    ولا سيما في هذا الزمن الذي فقدنا فيه هذا الأدب فصار كل من طلب العلم سنتين عالما، وصار كل من قرأ كتابين في الفقه فقيها، وصار كل من قرأ مختصرا في الحديث محدثا، والله المستعان.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    بارك الله فيكم يا أخي المفضال..
    على عهدي بك، مدقق محقق
    وأنت "عندي" كذلك (ابتسامة)
    وقد ذكرتُ أن لكل مقام مقال.. وعليه فلو كان الشيخ يفتي بعض العامة أو يعلمهم، فليس في قوله (عندي أن الصواب كذا) ما يلزم منه عندهم أو يقع في روعهم وأذهانهم بسببه أنه يقرن نفسه بأئمة النظر والاجتهاد او يضع نفسه في منزلة فوق منزلته اذ يستعمل هذه اللفظة! فلا يلزمه أن يقول (ولست بمن يكون له عند) أو (ومن أنا ليكون لي عند)..
    بينما لو كان الشيخ في مقام تعليم لطلبة علم مبتدئين، وأراد أن يخوفهم من تطلب ما لا يزالون دونه من المنزلة، فله أن يستعمل هذه العبارة تواضعا وتعليما لهم.. لأن كلمة (عندي) في أذهان هؤلاء قد يكون لازمها مختلفا عما يكون في أذهان العامة..
    ومناط الأمر معرفة الشيخ بحال من يخاطبهم..
    والا فكلمة (عندي) باطلاقها ليس فيها بأس ما لم يكن المتكلم بها يتاجر بلا بضاعة ولا رأس مال، ويتكلم فيما لا يضبط.. نعوذ بالله من ذلك..
    فالجاهل لا قيمة ولا اعتبار لما عنده!
    وطالب العلم يحرم عليه أن يتكلم في مسألة لا يضبط فيها علما، سواءً قدم لكلامه عن رأيه ومذهبه بقوله (عندي) أو لم يستخدم تلك اللفظة!
    فحكمه حينئذ حكم من ليس عنده الا الجهل!
    ولكن اذا لم يكن الحال كذلك.. وكان ضابطا لما يقول، فما الاشكال في أن يبين طالب العلم أن هذا القول هو الراجح عنده في نقاشه مع أقرانه، بأن يقول "الصواب عندي كذا وكذا"، دون أن يحتاج الى أن يتبع ذلك بقوله (وأعوذ بالله من كلمة عندي) مثلا؟!!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    مسألة المقامات هذه صارت إشكالية كبيرة جدا في هذا العصر؛ لأن المحاضرات غالبا تسجل في أشرطة، وتنقل إلى جميع أنحاء العالم عبر الإنترنت، فلذلك صار من الصعب أو من المستحيل مراعاة حال المخاطبين؛ بل ينبغي مراعاة حال جميع من يصل الخطاب إليه.

    وقد لاحظتُ أن المصنفين في مقدمات كتبهم أنواع؛

    فمنهم من يقدم الاعتذار أنه ليس من أهل هذا الشأن، وأنه ما دخل فيه إلا بإلحاح مصاحبيه، وقد يستشهد ببعض ما كتب الشعراء في هذا الباب؛ كقول الشاعر:
    ماذا تؤمل من أخي ثقة .............. حملته ما ليس يحسنه
    إن بان عجز منه فهو على .............. عذر يبين إذا يبرهنه
    قدمت فيما قلت معتذرا .............. هذا طراز لست أحسنه
    وكقول الشاعر:
    أسير خلف ركاب النجب ذا عرج .............. مؤملا كشف ما لاقيت من عوج
    فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا .............. فكم لرب الورى في ذاك من فرج
    وإن بقيت بظهر الأرض منقطعا .............. فما على عرج في ذاك من حرج
    أو تراه يركب خطة التواضع مستشهدا:
    ويسيء بالإحسان ظنا لا كمن ........... هو بابنه وبشعره مفتون
    وكما فعل الإمام الشاطبي رحمه الله في بعض كتبه إذ ذكر أنه من المقلدين؛ فطار بهذا الكلام بعض المعاصرين، وظنوه على ظاهره، والله المستعان.

    ومنهم من هو بضد ذلك؛ يقول مثلا: وقد أتيت فيه بما لم أسبق إليه، وخشيت الحساد عليه، فصار كالدرة بين بعر هذا الزمان! وكالجوهرة بين بهارج هذه الأيام.
    ثم يتحسر على انتشار الجهل وذهاب العلماء ونحو ذلك.

    وبعضهم يتوسط فيترك الحكم عليه للقارئ، ويقدم ما يبرئ به ذمته ويخرجه من عهدته، طالبا من الناظر فيه إصلاح ما يقع عليه من خطأ؛ مستشهدا بكلام الجاحظ والحريري وما شابهه.

    وينبغي لنا أن ننظر إلى كل هؤلاء نظر اعتدال وإنصاف، فلا نحكم على الصنف الأول بالعجز، ولا على الصنف الثاني بالتعالم والكبر؛ لأن كل عصر وله أوضاعه وأحواله.

    والله تعالى أعلى وأعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    "مسألة المقامات هذه صارت إشكالية كبيرة جدا في هذا العصر؛ لأن المحاضرات غالبا تسجل في أشرطة، وتنقل إلى جميع أنحاء العالم عبر الإنترنت، فلذلك صار من الصعب أو من المستحيل مراعاة حال المخاطبين؛ بل ينبغي مراعاة حال جميع من يصل الخطاب إليه"

    نعم صدقتم والله بشأن كونها اشكالية كبيرة في زماننا هذا، ولكن الشيخ المعلم الذي يدرس فنا من فنون العلم المتقدمة كأصول الفقه مثلا، من هم المخاطبون الذين ينبغي أن يراعيهم؟ لا شك أنهم طلبته الذين يوجه اليهم تلك المادة، والذين هم مؤهلون لحضورها واستيعابها ابتداء، فهو يبني ما يضيف اليهم من المعارف على ما علم أنه مستقر عندهم من قبل! فليس كل درس في كل علم من العلوم يمكن أن يسمعه كل أحد..
    وربما يحسن أن يبدأ الشيخ درسه بالتنبيه الى كون تلك المادة التي بين يديه للمتقدمين وأنها مادة علمية محضة، لا يصلح سماعها لكل أحد.. والا فلو حرص على أن يخاطب بما معه - أيا كان - كل سامع لدروسه أيا كانت درجته من العلم، على أنها ستنزل في أشرطة تنتشر في كل مكان، فلن يمكنه مراعاة ذلك، ولن يستطيع أن يمضي الى الأمام في التدريس خطوة واحدة، والله أعلم.
    وهي كما تفضلتم اشكالية كبيرة ولا شك.

    أما بخصوص عبارة (من أنا حتى يكون لي "عند")
    فقد وقفت على هذا البيت لابن دقيق العيد رحمه الله:
    يقولون هذا عندنا غير جائز ................. ومن أنتمو حتى يكون لكم عند

    فلعله أول من نقلت عنه هذه العبارة، والله أعلم.
    وكما هو واضح فهي في ذم المتعالمين، نعوذ بالله من التعالم ومن التشبع بما لم نعط.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    أحسن الله إليك

    ولكن إن قلنا إن مسألة المقامات من الأمور المشكلة، فإن مراعاة مقام ( العصر الذي نحن فيه ) يمكن وضعه في الحسبان؛ لأنه مقام عام.
    ومن البين المشاهد الذي لا يكاد يجحده أحد في هذا العصر: ظاهرة التعالم، والتطاول، وتشبع الإنسان بما لم يعط، وتسوره على ما لا يحسن، وغير ذلك مما يصيب المرء بالحزن والكآبة واليأس أحيانا.

    فمراعاة هذا المقام تستدعي من أهل العلم انتهاز الفرصة في كل موقف لغرس التواضع والتأدب في نفوس السامعين، وهذا ما أشعر به كثيرا عندما أسمع هذا العالم أو ذاك المفتي يقول: (ومن أنا حتى يكون لي عند)، والفاضل لا يخفى فضله على العاقل فضلا عن أهل العلم، فلن تحمله هذه المقولة على أن يبخس العالم حقه، ولا أن يرفع الجاهل فوق قدره.

    ولا أظن عاقلا يمكنه أن يرد كلام شيخه، أو يرفض ترجيح شيخه؛ لمجرد أنه ختم كلامه بقوله (ومن أنا حتى يكون لي عند).
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  7. #7

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هذه العبارة أصبحت تستخدم كوسيلة للهروب من الإجابة ليس إلا !
    وأذكر أني حضرت درسا لشيخ - لا داعي لذكر اسمه- طرح موضوعا وطرح الآراء المختلفة حوله وعندما سأله أحد الحاضرين أي الرأيين يرجح أجابه بالعبارة المذكورة !!

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    "وأذكر أني حضرت درسا لشيخ - لا داعي لذكر اسمه- طرح موضوعا وطرح الآراء المختلفة حوله وعندما سأله أحد الحاضرين أي الرأيين يرجح أجابه بالعبارة المذكورة !!"

    أقول لو أن طلبة هذا الشيخ يعلمون فضله وقدره وعلمه لفهموا أنه بقوله هذا ربما أراد أن يومئ الى توقفه في المسألة لعظمها - مثلا. - فليس له فيها ترجيح، وهذا ليس مما يؤخذ على العالم أو مما يلام به، سيما وأنت تقولين أنه "طرح موضوعا" ولم يكن في مقام استفتاء.. وكما تفضل أبو مالك فانه لا يضير الشيخ استعمال هذه العبارة ما دام أنه يعلم في أي منزل ستنزل من نفس سامعها الذي يتلقى الكلام عنه، ولا يفوته مراعاة حال السامعين.. وعندما يكون السامع على علم بفضل ومنزلة المتكلم بين أهل العلم فان الكلمة يكون لها في نفسه أثر الوعظ والتخويف من التطاول على الاجتهاد، وليس التنقص من المتكلم!!
    ولا شك أننا لما نسمع شيخا كالعلامة الألباني رحمه الله - مثلا - يقول لأحد طلبته لما أثنى عليه "انما أنا طويلب علم"، فاننا لا نحمل هذا الكلام منه الا على محمل التواضع.. والذي في قلبه خشية وبصيرة من صغار الطلبة بل ومن كبارهم فانه ولابد سيحدث نفسه قائلا: "اذا كان الشيخ الألباني طويلب علم، أو هكذا يقول على نفسه، فماذا أكون أنا؟؟؟"...

    والذي حملني على طرح الموضوع في الأصل لم يكن تلك الحالة وحدها: حالة الشيخ المفتي الذي يستفتيه طلبته فيدخل هذه العبارة في تضاعيف كلامه، ولكن كان شعوري بأن من طلبة العلم من قد يسيء الظن بواحد من أقرانه ان وجده يستخدم كلمة (الراجح عندي كذا وكذا) ويتهمه بالتعالم أو نحوه، وأن منهم من قد يتحرج من استعمالها مطلقا أيا كان حال من يخاطبه بها (مع أن الأصل فيها الاباحة) حتى لا يتهم بالتشبع بما لم يعط.. أو قد تقع من عالم على وجه الخطأ في سياق قد يساء فيه فهمها منه، وهذا وان كان قليلا الا أنه قد يقع..
    وليتضح مرادي أكثر، هب أن عالما أو طالب علم أعد بحثا في مسألة فقهية مثلا، وجمع الأدلة فيها وكلام أهل العلم ومذاهبهم، ثم أراد أن يرجح بين الأقوال، فكيف يصدر كلامه في ذلك؟ هل يقول: "الراجح كذا كذا؟" فلا يفهم القارئ من صاحب هذا الترجيح؟ أم يقول "الراجح على مذهب فلان وفلان" مع أن الترجيح ترجيحه وهو ما انتهى اليه نظره وبحثه ودراسته؟ وان أراد أن يعبر عن كون الترجيح له لا لغيره، أيقول "الذي يظهر لي كذا وكذا" أفضل، أم يقول: "والذي ترجح لي" تجنبا لأن يقول "عندي" أم ماذا؟
    الذي أتصوره والله أعلم، أن تهيب هذا الباحث - ما دام مؤهلا للنظر مستفرغا وسعه في البحث - من استعمال كلمة "عندي" بالذات في هذا المقام ليس مما يحمد عليه، وهو من التشقيق اللفظي المتكلف! فالشرط واحد على أي حال سواء قال: "الصواب في ظني" أو "الذي يظهر لي" أو "الراجح عندي" وهو ألا يكون ذلك التكلم أصلا من الأجانب على الصنعة المتسورين لها أو ممن لا يرقى بهم حالهم من الطلب الى مثل ذلك الترجيح الذي يتصدى له، نسأل الله العافية! ومن كان هكذا حاله، فانه ينكشف لأهل العلم بلا كلفة والله المستعان..وهو من يقال له: "ومن أنتمو حتى يكون لكم عند"..
    فالقصد هو ضرورة الاعتدال ومراعاة أحوال سامعي المقال، مع مراقبة النفس، وعدم تحميل كلمة "عندي" ما لا تحتمله، حمولة واحدة في كل الأحوال، والله نسأل العصمة من الزلل ومن التطاول على منازل العلماء، آمين.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    جزاكم الله خيراً جميعاً

    و لعلكم ترجعون لمراتب المجتهدين لتجدوا أنها سبعة ، فمن كان في المرتبة السابعة فسئل عن سؤال لا يعلمه إلا من كان في السادسة فقال هذه الكلمة فلا بأس ، و إن كان في الخامسة و السؤال لا يجيب عنه إلا من كان في الرابعة فاعتذر فلا بأس و هكذا

    و مراتب المجتهدين أصبحت مهمة اليوم مع اضطراب الفتوى و ظهور القول بالرأي تأثراً بالمذاهب الديموقراطية الوافده مع الفضاء

    فبالأمس كنا نحارب التقليد و ندعوا للإجتهاد لكنه له شروط و مراتب حتى لا يصبح فوضى مثل هذه الأيام التي صرنا نبلى فيها بما يسمى التعددية في الرأي أكثر من بلائنا بالتقليد في السابق

    وفق الله الجميع

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    الذي أتصوره والله أعلم، أن تهيب هذا الباحث - ما دام مؤهلا للنظر مستفرغا وسعه في البحث - من استعمال كلمة "عندي" بالذات في هذا المقام ليس مما يحمد عليه، وهو من التشقيق اللفظي المتكلف! فالشرط واحد على أي حال سواء قال: "الصواب في ظني" أو "الذي يظهر لي" أو "الراجح عندي" وهو ألا يكون ذلك التكلم أصلا من الأجانب على الصنعة المتسورين لها أو ممن لا يرقى بهم حالهم من الطلب الى مثل ذلك الترجيح الذي يتصدى له، نسأل الله العافية! ومن كان هكذا حاله، فانه ينكشف لأهل العلم بلا كلفة والله المستعان..وهو من يقال له: "ومن أنتمو حتى يكون لكم عند"..
    وفقك الله وسدد خطاك
    سواء قالها أو لم يقلها فهي مقولة ضمنا، فلا يوجد أحد يقول (الراجح كذا) إلا وهو يقصد أن هذا هو الراجح عنده.

    ذكرني كلامك هذا بكلام ذكره علامة الغرب (جورج سارتون) في مقدمة كتابه (تاريخ العلم)؛ إذ قال ما حاصله:
    إنني أقدم هنا أن كل ما أقوله هو "بحسب علمي" أو "بقدر ما يستطيع الباحث أن يؤكد"؛ لأنني لو كررت في كل موضع هذه العبارة لطال الأمر.

    فالحاصل أن المسألة مسألة أدبية لا أكثر، تدخل في باب التواضع والتربية والقدوة.
    أما في باب البحث العلمي البحت فكل من يرجح فإنما يذكر ترجيحه هو بحسب رأيه، ذكر ذلك أو لم يذكره، وكل من يعترض فالاعتراض المذكور هو اعتراضه صرح بذلك أو لم يصرح.

    ولذلك يستنكر أهل العلم على بعض طلبة العلم عندما يقولون: (المسألة فيها قولان والراجح كذا)، وذلك عندما يكون الطالب أقل من أن يرجح، والطالب لا يقصد الترجيح وإنما يقصد أن هذا هو ما رجحه شيخه مثلا، ولكنه أخطأ في التعبير.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  11. #11

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    أقول لو أن طلبة هذا الشيخ يعلمون فضله وقدره وعلمه لفهموا أنه بقوله هذا ربما أراد أن يومئ الى توقفه في المسألة لعظمها - مثلا. - فليس له فيها ترجيح، .
    ومن قال أن طلبة هذا الشيخ اعترضوا ؟! بالعكس طلبة هذا الشيخ لا يقبلون فيه كلمة واحدة حتى ولو كانت حقا ! يعني متعصبة لشيخهم ،مع أني لا أعتبره من العلماء وانما من طلبة العلم الذين تتكلم عنهم في موضوعك فأنت لم تتكلم عن العلماء ، وأنا وإلى الآن لم أسمع أو أقرأ لعالم معتبر هذه الجملة إذا سئل نفس السؤال .
    والمسألة لم تكن عظيمة ولا تحتاج الى توقف فالموضوع كان في الفقه وان لم تخني الذاكرة كان حول استعمال السبحة للتسبيح .وقياسك هذا الموقف على وصف الألباني - رحمه الله - نفسه بأنه طويلب علم - قياس مع الفارق فظاهر العبارة واضح أنه درب من التواضع ولا يمكن حمله على غير هذا المعنى .
    هذا مجرد رأي ويبقى لكل رأيه

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    "سواء قالها أو لم يقلها فهي مقولة ضمنا، فلا يوجد أحد يقول (الراجح كذا) إلا وهو يقصد أن هذا هو الراجح عنده"

    نعم بارك الله فيك، وهذا هو ما أقصده بالضبط.. فاذا كان الحال كذلك، فلماذا التحرج من استعمال كلمة "عندي" بالذات وهي تعبر عن حقيقة ما يذهب اليه المتكلم، مثلها في ذلك مثل غيرها من العبارات؟
    فالمسألة هنا بحث لفظي بالمقام الأول، في لفظة بعينها أصبح لها تحرج مخصوص واستعظام واستثقال مع أنها لا فرق بينها في المدلول وبين ألفاظ وعبارات أخرى كثيرة تقع على ألسنة طلبة العلم بلا تحرج! فلماذا لا يقول القائل منهم مثلا اذاا قال "الراجح كذا": "ومن أنا حتى يكون لي ترجيح"؟
    وما الفرق؟؟؟
    وقد تجد طالب العلم يسأله الناس في مسائل وهو يفتيهم بقوله الراجح كذا والصواب كذا (على وفق مذهبه الذي تربى عليه، أو على حسب نظره في المسألة)، حتى اذا ما رماه أحد السائلين بقوله: "ما الراجح عندكم في مسألة كذا" وجل وتهيب وأجابه ثم قال في وسط الكلام "ولست ممن له عند"!!!
    فما الذي اختلف اذا، ولماذا خصت هذه اللفظة بالذات بهذه المعاملة؟

    "والمسألة لم تكن عظيمة ولا تحتاج الى توقف فالموضوع كان في الفقه وان لم تخني الذاكرة كان حول استعمال السبحة للتسبيح "
    هذه المسألة الخلاف فيها قوي والقول فيها متقارب، وليس الترجيح فيها بالأمر الهين أبدا، فتأملي..
    وقولك "لا تحتاج الى توقف"، يزيدني قناعة بحاجة العلماء الى استعمال أمثال تلك العبارة "ومن أنا حتى يكون لي عند" في كلامهم مع صغار الطلبة أمثالي!
    أما القياس فأنا لم أقس هذه العبارة التي صدرت من ذلك الشيخ المذكور على كلام الشيخ الألباني رحمه الله ولم أوجهها الى وجهة التواضع وانما ذكرت أنه ربما يكون من باب التوقف في المسألة .. فأين هذا القياس الذي تذكرين؟
    بارك الله فيكم ووفقنا واياكم الى جميع ما يحب ويرضى.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  13. #13

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    كما قلت سابقا يبقى لكل رأيه ، فأنا لا أرى حاجة إلى التلقي المباشر إذا كان الأستاذ لن يساعدني على معرفة الراجح في المسألة على الأقل من وجهة نظره ، أما أن يطرح المسألة ويتركني أبحث عن الراجح والمرجوح فهذا لن يساعدني لأن من فوائد التلقي المباشر هو اختصار الوقت على الطلبة الصغار وخاصة في المسائل المختلف فيها بإعطائهم الرأي الراجح .

  14. #14

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    و هنا لدي أسئلة بحكم كوني "مبتدىء جدا" : قد استمعت للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ,ما معناه أن من كان عالما بأصول الفقه فقط لا يحل له أن يفتي , كيف يكون _ والسؤال طبعا ليس إنكاري وإنما للطلب _ الإنسان عالما بأصول الفقه وما هي الكتب المصنفة لأصول الفقه , ومن هم أشهر علماء أصول الفقه المعاصرين؟

  15. #15

    افتراضي رد: في قول بعض طلبة العلم: (ومن أنا حتى يكون لي "عند")

    جزاكم الله خيراً جميعاً .
    وكما ذكر الأخوة جميعا لكل مقام مقال وهذه الكلمة تصدر من اناس كثر وكل واحد منهم يريد معنى :
    1_ فمن مربي ومؤدب لطلبة العلم من حوله كما صدر من العلامة الألباني رحمه الله والمفتي حفظه الله لما سأله أحد الأخوة أن تجمع فتاواه فقال : نحن أقل من ذالك ....... وهذا كثير من العلماء الربانيين .
    2_ طالب علم يعرف قدر نفسه ويخشى أن يظن به ما ليس كذلك ...
    3_ ومنهم من يقولها مادحاً بها نفسه ! والله أعلم بالنيات ....
    وهذه المسألة منها قريب جدا مسألة أخرى وهي أنه قد يسأل أنسان طالب يثق بعلمه ولا يعرف غيره فيجيبه : في هذه المسألة قولان ! ويسرد له دليل الطرفين والرجل يريد معرفة الراجح ليعمل به فقط وليس هو من أهل النظر والترجيح فأظن أنه خطأ علمي حملهم عليه التورع من لفظ ( عندي = الراحج = الذي اراه ..........) وكما ذكرتم مسبقاً لكل مقام مقال .
    وهنا كلام لشاطبي لعل له صلة بموضوع أخينا :
    قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى : " وَعَامَّةُ الْأَقْوَالِ الْجَارِيَةِ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ إِنَّمَا تَدُورُ بَيْنَالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ[1] وَالْهَوَى لَا يَعْدُوهُمَا فَإِذَا عَرَضَ الْعَامِّيُّ نَازِلَتَهُ عَلَى الْمُفْتِي؛ فَهُوَ قَائِلٌ لَهُ : " أَخْرِجْنِي عَنْ هَوَايَ وَدُلَّنِيعَلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ"
    فَ
    لَا يُمْكِنُ -وَالْحَالُ هَذِهِ- أَنْ يَقُولَ له : "فِي مَسْأَلَتِكَ قَوْلَانِ؛ فَاخْتَرْ لِشَهْوَتِكَ أَيَّهُمَاشِئْت َ؟ ". فَإِنَّ مَعْنَى هَذَا تَحْكِيمُ الْهَوَى دُونَ الشَّرْعِ، وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ هَذَا أَنْ يَقُولَ : مَافَعَلْتُ إِلَّا بِقَوْلِ عَالِمٍ؛ لِأَنَّهُ حِيلَةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْحِيلِ الَّتِي تَنْصِبُهَا النَّفْسُ، وِقَايَةً عَنِ الْقَالِ وَالْقِيلِ، وَشَبَكَةٌ لِنَيْلِ الْأَغْرَاضِ الدُّنْيَوِيَّة ِ، وَتَسْلِيطُ الْمُفْتِي الْعَامِّيَّ عَلَى تَحْكِيمِ الْهَوَى بَعْدَ أَنْ طَلَبَ مِنْهُ إِخْرَاجَهُ عَنْ هَوَاهُ رَمْيٌ فِي عِمَايَةٍ، وَجَهْلٌ بِالشَّرِيعَةِ، وَغِشٌّفِي النَّصِيحَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى جارٍ فِي الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ،"
    وَالتَّوْفِيقُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى.

    وعذراً على تطفلي بين أيديكم



    [1] أي: طلب الفعل أو الترك.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •