تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الفرق بين ( إلى ) و( حتى ) من خلال آيتي البقرة والقدر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,511

    افتراضي الفرق بين ( إلى ) و( حتى ) من خلال آيتي البقرة والقدر

    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

    أما بعد فإني أقدم لعموم أمثالي من طلبة العلم كلمات في الفرق بين حرفي الجر ( إلى ) و( حتى ) من خلال آيتين من آيات الله تعالى المتضمنة لأحكام الصيام والقيام ، وهما قوله تعالى :] أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [ ([1]) ، وقوله تبارك وتعالى : ] سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [ ([2]) .



    فأقول مستعينا بالله جل وعلا :

    اتفق العلماء قاطبة على أن كلا الحرفين يفيدان معنى الغاية ، وهذا معنى ظاهر لا خلاف فيه بين أهل العلم ، قال الجوهري في الصحاح : (( حتى . . . تكون بمنزلة إلى في الغاية والانتهاء )) ([3])، ومع أن كلا الحرفين يتفقان في المعنى والعمل إلا أن هناك فروقا بينهما سيأتي بيانها فيما يأتي :



    الفرق الأول : أن مجرور ( إلى ) يكون ظاهراً في نحو قوله تبارك وتعالى : ] ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ [ ([4])، ومضمرا في نحو قوله تعالى : ] وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً [ ([5]) .

    بينما مجرور ( حتى ) لا يكون إلا ظاهراً في نحو قوله تعالى : ] سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [ ([6]) . وهو مذهب الجمهور خلافا للمبرد والكوفيين مستدلين بقول الشاعر :

    فلا والله لا يلقاه ناس فتى حتاك يا ابن أبي يزيد

    ورده الجمهور بأنه ضرورة ، وقيل : إنه مصنوع ([7]) .



    الفرق الثاني : أن ( إلى ) تفيد معنى الغاية مطلقا ، بمعنى أنها تجر آخر الغاية زمانية كانت أو مكانية ، وغيرها ، فمن شواهد جرها آخر الغاية المكانية قوله جل وعلا : ] سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [ ([8]) ، ومن شواهد جرها آخر الغاية الزمانية قوله تبارك وتعالى : ] ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ [ ([9])، ومن شواهد جرها غير آخر الغاية قول الأخطل :

    فَظَلَّ إِلى نِصفِ النَهارِ يَلُفُّهُ بِذي الحَرثِ يَومٌ ذو قِطارٍ وَحاصِبُ

    أما ( حتى ) فــ(( لا تجر إلا آخر جزء ، أو ملاقي آخر جزء )) ([10]) ، بمعنى أنها لا تجر إلا آخر الغاية أو ملاقي آخر الغاية ، فمن شواهد جرها لآخر الغاية قوله تعالى :] ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ [ ([11]) فيوسف ـ عليه السلام ـ سيسجن حتى انتهاء غاية مدته طالت أم قصرت ، ومن شواهد جرها لمُلاقي آخر الغاية قوله تعالى : ] سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [ ([12]) ، فمطلع الفجر ليس غاية الليل ، وإنما هو ملاقٍ لآخر الليل .

    الفرق الثالث : أن مجرور ( إلى ) غير داخل في حكم ما قبلها ما لم توجد قرينة تدل على دخوله ([13]) .

    ومن شواهد ذلك قوله سبحانه : ] ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ [ ([14]) ، فـ( إلى ) تفيد أن ( الليل ) ليس داخلا في حكم الصيام خلافا لفعل بعض المتفيهقة الذين يدعون إرادة التثبت من دخول الليل ، وخلافا لبعض الفرق التي اشتهر عنها ذلك ، قال الرازي : (( كلمة إلى لانتهاء الغاية فظاهر الآية أن الصوم ينتهي عند دخول الليل وذلك لأن غاية الشيء مقطعه ومنتهاه وإنما يكون مقطعا ومنتهى إذا لم يبق بعد ذلك )) ([15])، والسنة المطهرة تؤيد ما دلت عليه ( إلى ) لغة فـعن عُمَرَ رضي الله عنه قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( إذا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ )) ([16]) ، وعن سَهْلِ بن سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( قال لَا يَزَالُ الناس بِخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الْفِطْرَ )) ([17])

    ولتوضيح ما دلت عليه ( إلى ) في قوله سبحانه : ] ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ [ ([18]) أقول مثلا : ( قرأت الكتاب إلى الصفحة الخمسين منه ، وصمت الأسبوع إلى الجمعة ) فـ( إلى ) تدل على أن الصفحة الخمسين لم تُقرأ ، وأن الجمعة لم يُصم من أيام الأسبوع ، وهذا عين ما دلت عليه ( إلى ) في الآية الكريمة ، وبينته السنة النبوية .



    فإن وُجدت قرينة تقتضي دخول مجرور ( إلى ) في حكم ما قبلها كان داخلا في الغاية ، كقول الله جل جلاله : ] فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [ ([19]) ، فبعض العلماء قال : إن ( إلى ) بمعنى ( مع ) قال أبوالسعود : (( الجمهور على دخول المرفقين في المغسول ولذلك قيل إلي بمعنى مع كما في قوله تعالى : ] وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ [ ([20]) )) ([21]) ، ومثله ابن كثير في تفسيره ([22])

    أما حديث جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه ([23]) ، فقد اختلف فيه فضعفه ابن كثير فقال : (( وقد روى الحافظ الدارقطني وأبو بكر البيهقي من طريق القاسم ... عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه ولكن القاسم هذا متروك الحديث وجده ضعيف والله أعلم )) ([24]) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ([25])



    أما مجرور ( حتى ) فالغالب دخوله في حكم ما قبلها ([26]) ، كدخول مطلع الفجر في فضل ليلة القدر الموعود به في قوله تعالى : ] سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [ ([27]) . ويؤيد ذلك قول السعدي في تفسيره : (( حتى مطلع الفجر أي مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر )) ([28]) .

    ولا يرد على ما تقـــدم تقريره قول البغـــوي وغيره من المفسرين : (( حتى مطلع الفجر أي إلى مطلع الفجر )) ([29]) ، لأن مرادهم اتفاق الحرفين ( حتى ) مع ( إلى ) في مبدأ الغاية .



    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا



    حرره طالب يوم الخميس في ‏10‏/09‏/1429 ـ ‏11‏/09‏/2008

    ([1]) ـ [البقرة : 187]

    ([2]) ـ [القدر : 5]

    ([3]) ـ الصحاح :1/246 .

    ([4]) ـ [البقرة : 187]

    ([5]) ـ [المزّمِّل : 8]

    ([6]) ـ [القدر : 5]

    ([7]) ينظر : شرح الرضي على الكافية : 4/277 ، وخزانة الأدب : 4/141

    ([8]) ـ [الإسراء : 1]

    ([9]) ـ [البقرة : 187]

    ([10]) ـ ينظر شرح المفصل : 3/493

    ([11]) ـ [يوسف : 35]

    ([12]) ـ [القدر : 5]

    ([13]) ـ ينظر : فاتحة الإعراب :45 ، والكليات :2/244 ، والنحو الوافي : 2/468

    ([14]) ـ [البقرة : 187]

    ([15]) ـ التفسير الكبير ج5/ص95



    ([16]) ـ صحيح مسلم :/ 772 ، ح/ 1100 ، كتاب الصيام ، بَاب بَيَانِ وَقْتِ انْقِضَاءِ الصَّوْمِ وَخُرُوجِ النَّهَارِ

    ([17]) ـ صحيح البخاري :2/692، ح/ 1856، كتاب الصوم ، بَاب تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ .

    ([18]) ـ [البقرة : 187]

    ([19]) ـ [المائدة : 6]

    ([20]) ـ [هود : 52]

    ([21]) ـ تفسير أبي السعود :3/10.

    ([22]) ـ ينظر تفسير ابن كثير ج2/ص25

    ([23]) ـ سنن البيهقي الكبرى :1/56 ، وسنن الدارقطني :1/83

    ([24]) ـ ابن كثير ج2/ص25

    ([25]) ـ السلسلة الصحيحة :5 /99 ، ح/ 2067

    ([26]) ـ ينظر : شرح المفصل :3/493 ، وفاتحة الإعراب : 169 ، والمغني :1/124 .

    ([27]) ـ [القدر : 5]

    ([28]) ـ تفسير السعدي :931

    ([29]) ـ تفسير البغوي ج4/ص512

  2. #2

    افتراضي رد: الفرق بين ( إلى ) و( حتى ) من خلال آيتي البقرة والقدر

    ما شاء الله
    أكرمكم الله ونفع بكم
    اللهم إنى أسألك.
    عيش السعداء.
    وموت الشهداء.والحشر مع الاتقياء.
    ومُرافقة الانبياء

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •