تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: كبوات النحاة 1

  1. #1

    افتراضي كبوات النحاة 1

    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على النبي محمد واله وصحبه لقد وُضِعت القواعد النحوية والآراء التفسيرية بتعسّفٍ يدعو إلى الاستغراب إن لم يكُ يدعو للاستهجان.. وسنقدّم في هذا الموضوع مناقشاتٍ لبعض من هذه الآراء المتعسّفة نبيّن فيها المدى الذي قطعه الاعتباط اللغوي في صرف العقول عن تفهّم كتاب الله بالشكل الصحيح عن طريق التشويش عليها بالطرائق اللغوية التي تسمح بتمرير هذه الآراء على أنّها مراد الله.
    فهذا ابن خالويه يقول في كتاب (ليس في كلام العرب) ما نصّه: (وليس في كلام العرب (بعد) بمعنى (قبل) إلاَّ في قوله تعالى:
    ((وَلَقَد كَتَبْنَا فِي الزَبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِكرِ أنَّ الأرضَ يَرِثُهَا عِبَاديَ الصَالِحون )) الأنبياء 105) انتهى.
    فقد ظنَّ أنَّ (الذكر) هو القرآن، وإذن فكيف يكون (الزبور) من بعد الذكر؟، فلا بدَّ أن يكون (من قبل) لأَنَّه قبل القرآن.
    وعليه فإنّ (بعد) هي (بعد) عند جميع الأمم، وعند جميع العرب إلاَّ عند الوحي وفي موضعٍ واحدٍ منه هي بمعنى (قبل)! فهل سمعتم أيُّها الناس في تاريخ الخلق كلّهم شرحاً لمفردة لغوية بهذه الطريقة العجيبة؟
    وإذا كان أحد قد توهّم أن (الذكر) هو (القرآن) أو كان هو قد (حرّف) الأمر عن قصدٍ، فقد جاء النحوي ليعطيه شهادةً على صحّة ما فعل بادّعائه أنَّ (قبلَ) هي (قبلُ) و(بعدَ) هي (بعدُ) في كلّ لغات الأمم إلاَّ في هذه الآية فإنَّ (بعدَ) هي (قبلُ)! وصارت هذه الشهادة قاعدةً يجري عليها التفسيرُ كلَّما مرَّ بالآية.
    وكان الأجدر بالنحوي دون سواه أن يتوقّف هنا ويتأمّل.. فعسى أن يكون ما قاله الناس عن معنى (الذكر) شيئاً خاطئاً.
    فإنَّ (الذكر) هذا اللفظ المعرّف بألّ التعريف ورد في القرآن أكثر من مرّةٍ بما يدلُّ دلالةً واضحةً على أنَّه شيءٌ هو غير (القرآن). لاحظ الآيتين التاليتين:
    ((ص  والقُرآن ذِي الذِكر )) ص 1
    ((وَأَنزَلنَا إلَيكَ الذِكْرَ لِتبيِّنَ للنَاسِ مَا نُزِّلَ إليهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفكّرون )) النحل 44
    فهل يُعقل أن يكون (والقرآن ذي القرآن)؟ وهل يُعقل أنَّ القرآن أُنزِلَ إليه (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم) ليُبيِّنَ للناسِ القرآن؟.. فهذه دلالةٌ من أوضح الدلالات هجَرَها النحويون والمفسِّرون سويةً. والذين وجدوا حرجاً في تحويل (بعد) إلى (قبل) لم يخرجوا قط ولا فكّروا أبداً في أن يخرجوا من المفهوم الخاطئ الذي يجعل (الذكر) و(القرآن) شيئاً واحداً، فخرجت تأويلاتهم بادرةً مثل برودة أعصابهم. حيث زعموا أن القرآن قبل الزبور في (اللوح المحفوظ)!!
    فانظر أيَّ اطلاعٍ لديهم على الأسرار الإلهية وملفَّات الرسالات السماوية..!! ولا نعلم ما الذي أدراهم بتلك الأسرار، إذ كلّ ما نعلمه أن (الزبور) هو أيضاً من كلام الله:
    ((وَآتَينَا دَاودَ زَبُورا ))الإسراء 55
    ولم يتوقّف الأمر عند أمثال ذلك من التعسّف النحوي والتفسيري، فكان القرآن هو مسرحَ مجادلاتهم النحوية وقواعدهم الإعرابية، يؤوّلون كيف شاءوا، ويحذفون كيف شاءوا، ويقدّرون الجملة كيف شاءوا، ويقدّمون ما تأخّر، ويؤخّرون ما تقدّم، ويجعلون الحقيقة كنايةً، والمثلَ استعارةً، والإبهام بلاغةً،..الخ. وكلُّ ذلك وغيرُهُ هو في الحقيقة (قواعدٌ نحويةٌ) وشروحٌ بلاغيةٌ.
    أمَّا القرآن نفسه فليس فيه عندهم قواعدٌ خاصةٌ، وليس له نظامٌ يَحكُمُه، فهو بالنسبة لهم مفتوحٌ دوماً ليأخذ منه الجميع ما شاءوا سواءً كانوا من البصرة أم الكوفة أم الشام..!!
    إنَّ الأمثلةَ التي ستأتيك في هذه السلسلة القادمة انشاء الله هي نماذجٌ قليلةٌ من ظلمات هذا البحر اللجي، عسى الله ان يوققنا واياكم لصيام هذا الشهر المبارك

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: كبوات النحاة 1

    مما لا شك فيه أن لكل عالم كبوة، وما زال أهل العلم يصحح بعضهم لبعض، ويتعقب بعضهم بعضا.
    ولكن مع ذلك لا ينبغي أن نترك الاحترام والإكبار لهؤلاء العلماء الكبار الذين بذلوا النفس والنفيس في هذه العلوم الشريفة.
    فأين نحن من هؤلاء؟ وهل نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال؟

    فالتعامل مع آراء أهل العلم لا يكون بهذه الطريقة يا أخي!
    وهذا ليس دفاعا عن أخطاء العلماء؛ لأنه لا يوجد واحد من العلماء لا يخطئ، ولكن الخطأ لا يقابل بالخطأ، وإنما يقابل بالتنبيه الحسن، لا سيما إذا كانت المسألة مما تتسع فيها وجهات النظر ويسوغ فيها الخلاف.
    هذا أولا.

    وأما ثانيا: فإن هذه المسألة التي مثلت بها لا تقع في دائرة (كبوات النحاة) فالتمثيل بها لا يطابق العنوان، وإنما هي إن عدت خطأ فمن باب الأخطاء في التفسير، أو من الأخطاء في اللغة.

    وأما ثالثا: فابن خالويه إلى اللغويين أقرب من النحويين، فحتى لو كانت له أخطاء واضحة في النحو، فهذا لا يسوغ لنا أن نحمل هذه الحملة على النحويين جميعا فيقال (كبوات النحاة).

    وأما رابعا: فإن هذا الرأي لم يتفرد به ابن خالويه، بل تكاد تجده مذكورا في كتب التفسير جميعها، صحيح أنك تجده في معظمها قولا مضعفا، إلا أن أحدا لا يقابله بمثل هذه الطريقة التهكمية الاستهزائية في البحث كما تفعل أنت.

    ونحن في انتظار باقي المسائل التي تستدركها على النحاة حتى ننظر فيها، وجزاك الله خيرا.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: كبوات النحاة 1

    وقد ورد الذكر في القرآن بمعنى القرآن، فلا معنى للتشكيك في ذلك اعتمادا على بعض الآيات دون بعض.
    {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر}، {إنا نحن نزلنا الذكر}، {لما سمعوا الذكر}
    هذا بخلاف الآيات المذكورة، وحتى إن كان هناك خلاف في تفسير الكلمة، فالخلاف معتبر.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  4. #4

    افتراضي كبوات النحاة 2

    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على خير المرسلين وعلى اله وصحابته أجمعين سنكمل سلسلتنا كما وعدت في الحلقة الاولى ثم ا أقول أن مقتضى هذه الحلقات المتواضعة من علمي القاصر ليس هدفها الطعن في النحويين والعياذ بالله بل أماطة اللثام عن الاغلاطَ التي وقع فيها هؤلاء لتظهر للاخوة حفظهم الله وهذا رداّ على ألاخ العزيز أبو مالك العوضي (( شواهد اختلفوا فيها))

    المورد الأول

    في مسألة (هل تجوز إضافة الشيء إلى نفسه؟)
    وهنا سنناقش الشواهد على موضوع (هل يجوز إضافة الشيء إلى نفسه؟)، وهي المسألة الـ (61) من مسائل الخلاف في كتاب الإنصاف للأنباري. وجوهرها يكمن في السؤال التالي: (هل تجوز إضافة الاسم إلى اسم يوافقه في المعنى؟).
    ومن الواضح أنَّ هذه المسألة خاصّةٌ بمشكلة المترادفات التي هي أهم مشكلةٍ عالجها هذا المنهج، حيث أنكر ولأولِّ مرّةٍ في التاريخ اللغوي وجودَ المترادفات أصلاً. ويكشف لك هذا المنهج فيما يلي عن بطلان موضوع هذه المسألة.
    قال الأنباري: ( ذهب الكوفيون إلى أنَّه يجوز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان وذهب البصريون إلى أنَّه لا يجوز).

    لاحظ أخي بدقَّةٍ أنَّ قضية أنَّ يكون للمعنى أكثر من لفظٍ هي قضيةٌ مفروغٌ منها عندهم والنقاش هو حول جواز إضافة لفظ المعنى إلى لفظه الآخر!
    قال: (أمَّا الكوفيون فاحتجّوا بأن قالوا: لأَنَّه قد جاء ذلك في كتاب الله وكلام العرب كثيراً قال تعالى ((إنَّ هَذا لَهُو حَقُّ اليَقِين )) واليقين في المعنى نعتٌ للحقّ لأنَّ الأصل فيه (الحقُّ اليقين)، والنعت هو المنعوت في المعنى فأضاف المنعوت إلى النعت وهُما بمعنى واحد!. وقال تعالى ((وَلَدَارُ الآخرةِ خَيرٌ )) والآخرة نعتٌ للدار والأصل فيه (وللدار الآخرة)، كما في موضع آخر، (ولَلدَارُ الآخرَةُ )) فأضاف الدار إلى الآخرة. وكذلك قوله تعالى ((جَنّاتٍ وَحَبِّ الحَصيد ))والحَبُّ في المعنى هو الحصيد. وكذلك وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغَربِيّ  والجانب هو الغربي في المعنى). انتهى نقلاً عن كتاب (الإنصاف ـ ج2 ـ م61 ـ 436).
    نقول: لقد جعلوا المنعوت هو النعت في المعنى، وهو من أغرب الغرائب في النحو، إذ من المعلوم أنَّ النعت ما هو إلاَّ خاصيةٌ واحدةٌ من خصائص المنعوت، والمنعوتُ متغيّرٌ والنعتُ ثابتٌ، فلو قلت: (شجاع) أو (واسع) فهو نعت يوصف به أكثر من منعوت فكيف يكون هو المنعوت؟.
    والمنعوتُ هو أيُّ شيءٍ من حي أو جماد، والنعتُ صفةٌ من الصفات المتعدِّدة للمنعوت، وإذن فالمنعوتُ واحدٌ والنعتُ متعدِّدٌ فكيف يكون هو؟.

    دحض حجة بل سفسطة الكوفيين
    لنلاحظ الآن تلك الموارد التي زعموا أنّها شواهد على مرادهم:
    1. قوله تعالى: ((إنَّ هَذا لَهُو حَقُّ اليَقِين ))الواقعة 95، حيث زعموا أنَّ الحقّ واليقين واحدٌ في المعنى، فلذلك تجوز إضافة الشيء إلى نفسه.
    لقد فاتهم أنَّ الحقّ هو شيءٌ معلومٌ إذا كان معرّفاً بأل التعريف، وتجريده من أل التعريف سيجعله كلفظٍ يصدق على أي جانبٍ من جوانب الحقّ، وسيظل هذا الجانب مجهولاً ما لم يعرّف: إمّا بأل التعريف أو بالإضافة، فأُضيفَ إلى اليقين المعرّف بأل التعريف والمعلوم ما بين السامع والمتكلّم.
    الفرق بين الحقّ واليقين هو أنَّ الحقَّ قضيةٌ صحيحةٌ، واليقينَ هو معرفةُ تلك القضية ودرجة من درجات الاعتقاد والإيمان بها. أي أنَّ الحقَّ موضوعٌ واليقينَ هو درجةٌ من درجات معرفة الموضوع. وهو أمرٌ لا نظنُّ أنَّ طلاب المدارس يجهلونه فكيف أصبح (الحقُّ) و(اليقينُ) واحداً؟
    فإضافةُ الحقِّ إلى اليقين ليس من قبيل إضافة الشيء إلى نفسه كما قالوا، بل أصبح المعنى أنَّ ظهورَ حقيقةِ ما كان يتحدّث عنه قد بلغ درجة اليقين.
    2. قوله تعالى: ((وَلَدَارُ الآخرةِ خَيرٌ ))يوسف 109، النحل 30. لفظ (الدارُ) يصدق على أيّة دارٍ، ولفظ (الآخرة) هو صفةٌ لا تصدق على الدار وحدها، بل على أي موضوعٍ له أولى وآخرة وبداية وغاية. و(الآخرة) المعرّفة بأل التعريف في االقرآن الكريم هي آخرة الوجود كله وهي مطلقة المعنى ومعلومة، وإضافة الدار إليها إنَّمَا هو لتعريف الدار. فليست الدار والآخرة شيئاً واحداً في المعنى. يدلّنا على ذلك استعمالات القرآن للفظي (الدار) و(الآخرة)، مثل قوله تعالى: ((وَ الآخرةِ خَيرٌ وَأبقَى ))الأعلى 17، حيث جاءت بمفردها. ومثل قوله تعالى: ((سَأُرِيكُم دَارَ الفَاسِقِين ))الأعراف 145، حيث أُضيفت لفظة (الدار) إلى لفظ آخر، والمعنيُّ بها دارَهُم الأولى لا الآخرة كما يدلّ عليه النظام. وكذلك قوله تعالى: ((فَخَسَفنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ ))القصص 81، فداره هنا هي مسكنه وما تبعه مما يدور عليه أمر حياته، وليست هي آخرته.
    3. أمَّا استشهادهم بقوله تعالى ((وَلَلدَارُ الآخرةِ خَيرٌ ))الأنعام 32، لإفادة تقدير الآية الأولى على أسلوب الثانية، فقد عدَّه المنهج كبوة اخرى ، لأنَّ هذا التركيب يتحدّث عن قضيةٍ أخرى غير تلك، وفيها من الإعجاز ما يبهر العقول ويحيّر الألباب ويكشف عن أسرارٍ من غوامض هذا النظام القرآني الصارم، ولكن شرحها يطول لذلك فإنّها ستأتي في موضعها واضحةً وظاهرةً ظهور الشمس في رائعة النهار إن شاء الله تعالى ان يبقينا على قيد الحياة.
    4. قوله تعالى ((جَنّاتٍ وَحَبِّ الحَصيد ))ق 9، وقوله تعالى: ((وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغَربِيّ ))القصص 41، فالأمر فيهما كذلك، إذ الحصيد صفةٌ للحَبِّ وليس هو الحَبَّ نفسه، ولو تدبّروا القرآن لوجدوا هذه الصفة تطلق على أشياء أخرى كما سيأتيك.
    وزعمهم أنَّ (الجانب) و(الغربي) واحدٌ هو أكثر غرابةً لأنَّ لفظ (جانب) سيظلّ مجهولاً ما لم يُضَف إلى جهةٍ من الجهات، فإضافته إلى جهةٍ معلومةٍ قد جعلت من هذه الجهة في عين الوقت صفةً له، وفيه إشارةٌ لطيفة ولكن ما أبعدهم عنها!.


    دحض جواب البصريين
    وإذا كان رأي الكوفيين بهذه الغرابة، فإنَّ ردَّ البصريين أغربُ وأعجبُ حيث قالوا على ما في نصّ الأنباري المذكور سابقاً:
    (أمَّا الجواب عن كلمات الكوفيين:.. أمَّا ما احتجوا به فلا حجّة لهم فيه لأَنَّه كلّه محمولٌ على حذف المضاف إليه وإقامة صفتِهِ مقامَه: أمَّا قوله تعالى ((إنَّ هَذا لَهُو حَقُّ اليَقِين ))، فالتقدير فيه "حق الأمر اليقين" وهو مثل قوله تعالى ((وَذلِكَ دِينُ القَيِّمَة ))البينة 5، أي دين الملّة القيمة. وأمَّا قوله تعالى ((وَحَبَّ الحَصيد ))أي " حبّ الزرع الحصيد"، ووصف الزرع بالحصيد هو التحقيق لأنَّ الحصد للزرع لا للحب). انتهى جواب البصريين.
    نسأل: هل تستلزم إجابة البصريين هذا التقدير المتعسّف بعدما رأيت أنَّ حجة الكوفيين ما هي إلاَّ سفسطة؟.
    لقد رأينا في ما سبق أنَّ (تقدير محذوفٍ) ما هو إلاَّ (تفسيرٌ بالرأي)، لأنَّ المعنى سوف يتحدّد بهذا المحذوف الوهمي. فما أدراهم أنَّ التقدير هو (دين الملّة القيمة) وليس (دين الملّة القيمة) مثلاً؟ وما أدراهم أنَّ التقدير (دار الساعة الآخرة) وليس (المِلّة الآخرة) مثلاً؟
    لقد أوضحنا قبل قليل أنَّ اليقين هو درجةٌ معرفيةٌ، وأنّ إضافة قضيةٍ ما لها كـ(العلم) في قوله تعالى ((كلاَّ لَو تَعلَمُونَ عِلمَ اليَقين ))التكاثر 5، أو (الحقّ) كما في الآية موضوع البحث هو لأجل إكساب تلك القضية من حقٍّ أو علمٍ درجةَ اليقين، فلا ضرورة لتقدير محذوفٍ من مثل (أمر) لأنَّ كلّ شأن وموضوعٍ هو أمر من الأمور أو شيء من الأشياء.. فكأنّهم لا يدافعون عن اللغة نفسها ولا عن القرآن، إنَّمَا يدافعون عن رأيهم (بعدم الجواز). ولمَّا لم يجدوا إجابةً احتالوا بأن قدّروا لفظاً بين لفظي حق ويقين هو اللفظ (أمر)، وهكذا فعلوا في بقية الموارد.
    وقولهم أنَّ (حبَّ الحصيد) تقديره هو (حبّ الزرع الحصيد) أغرب من ذلك كلّه. لأنَّ الحصيد إذا أُطلِقَ على مسمىً ما فقد أخرجه هذا الإطلاق من حالته الأولى إلى حالةٍ أخرى فهو إذن شيء آخر غير المسمّى، هذا إذا سلَّمنا بأنَّ الحصيد لا يكون إلاَّ من الزرع، فكيف إذا لم يأذن لنا القرآن بهذا التسليم؟.
    مثال ذلك: الماء والثلج. فالثلج حالة من حالات الماء ولو قال رجلٌ (ما هو ثمن الثلج) فهل يقدِّر أهل البصرة العبارة على أنّها: (ما هو ثمن الماء الثلج؟). فكذلك الحصيد هو حالة من حالات الزرع العديدة وليس هو الزرع ولا هو الحَبّ. فكلُّ حصيدٍ كان زرعاً وليس كلُّ زرعٍ حصيد.
    لقد اختلفوا فيما يجب أنَّ يتفقوا عليه، واتّفقوا على ما لا أصل له، وهو إضافة الشيء إلى نفسه، فقال الكوفيون بجواز الإضافة ومنعها البصريون الذين لمَّا أسقط في أيديهم قدّروا محذوفاً، لأنَّهم اتّفقوا على وجود ما يسمى بـ (الشيء ونفسه).
    فاتّفاقهم على (أنَّ الحصيد هو الحَبُّ في المعنى وإن اختلفا في اللفظ) هو أساس المشكلة، وهو سبب ظهور المسألة التي لا وجود لها في لغات العالمين إلاَّ في أذهان النحويين.
    فانظر أخي إلى الحصيد في القرآن لتعلم ما هو:
    ((ذَلِكَ من أنبَاءِ الَغيبِ نَقُصُّهُ عَلَيكَ مِنهَا قَائِمٌ وَحَصِيد ))هود 100
    فعلى جميع الاحتمالات الممكنة لهذه الآية فالمؤكّد أنَّ الحصيد فيها لا علاقة له بالزرع والحبّ المذكورين عندهم.
    وقولهم أنَّ الحصد للزرع لا للحبّ أشنع، لأنَّهم ظنّوا أنَّ (الحصدَ) هو تلك العملية الميكانيكية لقطع أصول الزروع بالآلة، فحصروا أنفسهم في دائرة الاصطلاح الضيّق . فانظر بعين النباهة إلى هذا التناقض.
    لو كان الحَصْدُ للزرع كما زعموا لَما قال يوسف (ع):
    ((فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ ))يوسف 47
    فالحصْدُ في هذه الآية قد أصبح للحَبِّ الذي يتوجَّب أنْ يُترَكَ في سنبله، إذ لا يمكن ترْكُ الزرع في السنبل حين الحصاد والسنبل جزءٌ من الزرع!!
    ألا ترى معنا أنَّ تلك القواعد تحجِّم المفردة وتقتل اللغة وتؤدّي إلى الالتباس؟
    فإن جادلوك فسألهم لِمن يعود الضمير في (فذروه) الوارد في الآية هذه؟ هل هو للحَبّ أم للزرع الذي لم تذكره الآية كمفعولٍ لـ (حصدتم) فإن قالوا: (يعود للزرع)، فإن الزرعَ لا يحفظ في السنبل حيث أن السنبلَ جزءٌ منه، وإن قالوا: (يعود للحَبّ)، فهو المطلوب.
    إنَّ القرآن بعيدٌ عن مصطلحاتهم وبعيدٌ عن المعاني التي في أذهانهم، لأَنَّه يستعمل المعنى (الجذري)(1) للمفردة. فالحصْدُ في القرآن هو (أخذ الثمرة النهائية للاحتفاظ بها إلى حين) وهو معنى له مصاديقٌ سواء كانت زرعاً أم أمماً أم غيرهما. فإذا أهلك الله تعالى أمَّةً أخذ نفوسهم وترك آثارهم وبهذا يصبحون حصيداً، مثلما يجني الزُرّاعُ الثمار ويتركون آثار الزرع مهما كانت الوسيلة المتخذة لهذا الجني والجمع، وهذا ما في قوله تعالى بشأن الأمم الهالكة:
    ((فَمَا زَالَت تِلكَ دَعوَاهم حَتّى جَعَلْنَاهُم حَصيداً خَامِدين ))الأنبياء 15
    ومن هذا كلّه نفهم أنَّ قول يوسف (ع) في الشاهد الذي جاء به البصريون يبقى هو الآخر عينه بلا تقدير، وشرحه هو: (ما حصدتم (من الحَبّ) فذروه في سنبله لأَنَّه أحفظ له).
    أما قوله تعالى: ((وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربي ))القصص 100 فإنَّ كلّ مفردةٍ منسوبةٍ للجهات هي مكانٌ قطعاً، ولا يمكن أنَّ تكون شيئاً آخر مثل شرقي أو جنوبي أو غربي ولو مع التسليم بالمعنى الاصطلاحي. فلو قال القائل: (ارحلوا إلى المسكن الشرقي) فلا أحد يسعه أنَّ يزعم أنَّ التقدير هو (ارحلوا إلى "مكان" المسكن الشرقي)، لأنَّ المكانية لازمت العبارة من أولها إلى آخرها. فقوله تعالى (وما كنت) يفهم منه الظرف المكاني والزماني سويةً، وقوله (بجانب) فإنَّه مكان. وقوله (الغربي) هو تحديد لجهة المكان وموقعه. فكيف إذن قدّروا الآية على أنّها (وما كنت بجانب المكان الغربيِّ) وأنَّ لفظ (المكان) حُذِفَ لدلالة ما في الجملة عليه؟ فمن هو الذي رآه مرّةً موجوداً حتى يراه الآن موجوداً؟ وما هو معنى التقدير والحذف إذا كان هناك ما يدلّ أصلاً على المحذوف؟!!.
    على هذا المنطق يصحّ كمثال أنَّ يدخلَ النحوي على موظفٍ حكومي فيقول له: (من أنت؟) فيقول له: (أحمد)، فيقول النحويّ: (فأين زيدٌ؟) فيجيبه: (لا أعرف أحداً بهذا لاسم هنا) فيردّ النحوي عليه قائلاً: (بلى.. أنت رجلٌ جاهلٌ بالنحو، وزيدٌ أي شخصٍ آخرٍ غيرك كان يمكن أنَّ يكون بديلاً عنك أو معك، ولكن بما أنَّ "الدائرة" لم تستغنِ عنك بعد ولم تحتج إلى رجلٍ اسمُهُ "زيدٌ" فسوف أوافق على أن اسمّيك أحمداً!!)
    ويتمالك الموظف أعصابه ويسأل النحوي: (ولِمَ ذلك كلّه؟)، فيقول: (لأنَّ لي صديقاً نحويّاً يزعم أنَّه لا يجوز أنْ يتزاحم على المقعد الوظيفي الواحد رجلان، وأنا أقول بل يجوز التزاحم ويجوز أنَّ يُضاف (موظف) على رأس (موظف) في نفس المكان، فلمّا افترضتُ وجودَ زيدٍ أفحمته بهذه الحجّة الدامغة فلم يُجبْ بشيء!!)
    ويظنُّ الموظف في البدء أنَّ هذا الرجل مجنونٌ وصديقه النحوي هو العاقل لكنه لا يعلم كيف أفحمه بهذه الحجة فيسأله قائلاً: (وهل ألقمته حجراً بهذه الحجّة وكيف؟).
    فيقول النحوي: (نعم.. ألقمته حجرين لأَنَّه اتّفقَ معي من قبل على جواز وجود "رجلين" وهما في الحقيقة رجلٌ واحدٌ!!)
    وبهذا الجواب أصبح الموظف لا يدري من منهما أكثر جنوناً من صاحبه!!
    ولا تحسب أخي اأنّها طرفةٌ خارج الموضوع، فقد قال النحويون أن (للمفردة وظيفة) هي أداء المعنى. ثمَّ تساءلوا: هل يجوز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلفا في اللفظ؟!!.
    فكيف يكون اللفظ مختلفاً والشيء هو نفسه؟ فمثلهم مثل هذين الرجلين لا فرق بينهما أبداً.
    ولا تحسب أنَّ هذه الآراء النحوية بعيدة عن التفسير، بل قام التفسير بها ولا يزال قائماً. فحذْفُ المضاف وإقامة المضاف إليه مكانه هو عملٌ قد شُحِنت به كتب التفسير المعتمدة مع الاسف، وعُدَّ عندهم من الأدوات التي لا غنى للمفسّر عنها، بل حرّموا على من لا يعرف (أصول) هذه السفسطة أنَّ يقتربَ من القرآن. فانظر مقدمات أصول التفسير كلّها ، انظر مثلاً كتاب (إحياء علوم الدِّين ج1 ص295) وغيرها الكثير. وانشاء الله سوف اقدم مواضيع اخرى ان وافق الاخوة سأمضي وان اعتبروا هذا تجاوز على النحاة وتجريحا بهم فسوف اوقف هذه السلسلة ويعلم الله اني ما اكتب هذه المواضيع الا تنبيهاّ للاخوة الكرام لا أكثر ولا أقل تقبل الله منا ومنكم صيام شهره الكريم والصلاة على خير المرسلين محمد واله وصحبه الاخيار الميامين والسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: كبوات النحاة 2

    وفقك الله وسدد خطاك

    أولا: ذكرت في آخر موضوعك أنك إما أن تسير على هذه الوتيرة وإما أن توقف السلسلة؛ وكلاهما خطأ.
    والصواب فيما أرى أن تمضي في سلسلتك، ولكن بعد أن تغير من أسلوبك الاستفزازي هذا!! فمع احترامي لك إلا أن بحوثك فيها ضعف شديد، وكان من الممكن أن يغتفر لك هذا الضعف لو كنت تتكلم بأسلوب حسن فيه احترام أهل العلم وإكبارهم، كما هي الطريقة المسلوكة عند طلبة العلم، لكن التعسف الشديد والجرأة العظيمة في كلامك على أهل العلم تجعل كلامك مردودا غير مقبول مهما كان فيه من صواب، فما بالك وفيه الشيء الكثير من الخطأ!.

    ثانيا: من أكبر الأخطاء التي يقع فيها طالب العلم أن يظن أن أهل العلم أغبياء أو حمقى، فيحسب أن الأمور الواضحة البدهية يمكن أن تغيب عنهم، أو أنهم يجهلون الأشياء التي يعرفها الصغار من طلبة المدارس، فإن هذا الظن خطأ فاحش لا ينبغي أن يقع فيه طالب العلم مطلقا، بل ينبغي أن يتهم نظره ويقول: لا بد أن يكون الخطأ في فهمي أنا، لأنه لا يعقل أن يكون كل هؤلاء العلماء الكبار الذين أفنوا أعمارهم في طلب العلم وخدمته وبحثه ومدارسته قد وقعوا في مثل هذا الخطأ الذي لا يقع فيه الصغار، فإذا رأيت شيئا من هذا في كلام واحد من أهل العلم فينبغي أن تتهم نظرك وتبحث عن فهم آخر لكلامه، هذا لو كان واحدا، فما بالك إذا كانوا بالعشرات!! فهذا أحرى وأحرى أن تتهم نظرك وتعرف أن الخطأ عندك أنت لا عندهم.

    ثالثا: لم تبين في بحثك رأيك في مسألة الترادف، ولكن الظاهر أنك تنكر وجودها، وبغض النظر عن الراجح في المسألة، فمن الواجب على طالب العلم أن يتعمق في فهم كلام أهل العلم قبل أن يناقش ويبحث ويرجح؛ فإن هذا من بدهيات البحث العلمي؛ لأن من أقبح الأشياء أن تتكلم فيما لا تعلم بكلام من يعلم، وأما مسألة الترادف فقد يظهر للناظر من تأمل عبارات أهل العلم أن مقصود من أثبت وجوده في كلام العرب التقارب في المعاني وليس التساوي المطلق؛ لأن التساوي المطلق بين شيئين لا يمكن وجوده إلا إذا كانا شيئا واحدا، فإذا كان هذا الفهم صحيحا سهل بعد ذلك تنزيل كلام أهل العلم على محمله الصحيح، وظهر أن لا لبس فيه ولا خطأ.

    رابعا: عندما تقول (زيدٌ الطالبُ أفضل الطلاب) فإن المراد بـ(الطالب) هو المراد بـ(زيد) بمعنى أن (الطالب) ليس شخصا آخر سوى زيد، فهذا هو مراد أهل العلم بإضافة الشيء إلى نفسه، ولا يقصدون أن كلمة (الطالب) معناها مساو لمعنى كلمة (زيد)، هذا ما لا يخطر ببال عاقل، فضلا عن طالب علم، فضلا عن باحث يريد أن يرجح قولا على قول!
    فإذا سلمنا بصحة هذا الفهم، وأن هذا هو مرادهم من الكلام، فسيسهل علينا بعد ذلك تصور المسألة تصورا صحيحا.
    فهل يجوز بناء على ما سبق أن يقال (زيدُ الطالبِ) بالإضافة؟
    لا يجوز عند البصريين، ويجوز عند الكوفيين، فهذا هو المقصود بالمسألة، وليس ما فهمتَه !
    ولو رددنا عليك بأسلوبك فسننشد قول الشاعر:
    وكم من عائب قولا صحيحا ............ وآفته من الفهم السقيم

    وهذه مشكلة عامة عند طلبة العلم في هذا الزمان مع الأسف الشديد!
    تراهم ينظرون في كلام أهل العلم نظرا سطحيا جدا!! وساذجا جدا!! ولا يتأملون ولا يبحثون ولا يفحصون!
    وهم لم يطلعوا على عشر معشار اطلاع هؤلاء العلماء، ولم يحفظوا جزءا يسيرا من حفظ هؤلاء، ولم يثابروا على طلب العلم مثل مثابرة هؤلاء، ثم بعد ذلك يسارعون إلى الإنكار، ويسارعون إلى التخطئة، ويسارعون إلى التوهيم!
    ولا يفوتهم مع هذا أن يشينوا كلامهم بالطعن والإزراء والتقليل والتجهيل! ولا يراعون حرمة لهؤلاء العلماء، ولا قدم الصدق التي لهم، وهذا لو سلمنا أن هذه التخطئة صحيحة!! فما بالك وهي في معظم الأحيان تكون مجرد تسرع وخطأ في فهم هذا الطالب المعاصر!
    وهذا كثير جدا مع الأسف حتى عند أصحاب الرسائل العلمية الماجستير والدكتوراه.

    خلاصة الأمر أن أهم ما ينبغي لطالب العلم عند بحثه ونظره في كلام أهل العلم هو محاولة فهم غور كلامهم الذي بعدنا عنه مئات السنين فأضللنا فهم المراد منه، وكذلك محاولة التأمل والنظر وإعادة النظر والاستعانة بكلام بعضهم في فهم كلام الآخرين، والاستفادة من شروح المتأخرين في استيعاب مقصود المتقدمين.
    أما المسارعة إلى التخطئة مع أول خاطر، وبأول نظر، فلا يرجى معه تحصيل علم ولا تحسين فهم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: كبوات النحاة 2

    سأنقل هذا الموضوع إلى الموضوع الأول، وأرجو أن تضع باقي بحوثك في موضوع واحد حتى يسهل الاطلاع عليه ومتابعته.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    72

    افتراضي رد: كبوات النحاة 1

    أخي الكريم أبا مالك لا فض فوك
    إن احترام أهل العلم المتقدمين هو الركيزة الأولى في إحسان التلقي عنهم، وفهم كلامهم، كما أنَّ وضع طائفة من العلماء في سلة واحدة وكيل الاتهامات لهم بوصفهم شخصًا واحدًا مخالف للإنصاف الذي ينبغي أن يتحلى به طالب العلم.
    لا حول ولا قوة إلا بالله

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    4

    Exclamation رد: كبوات النحاة 1

    الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، وصلاة وسلاما على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ثم أما بعد :
    .
    .
    فإني بداية أشكر للأخ الكريم أبي مالك - وفقه الله - ذبه عن علماء هذه الأمة الذين أسأل الله بمنه وكرمه أن يعلي درجاتهم في عليين ، جزاء ما قدموه من خدمة لهذا الدين العظيم .
    .
    .
    ثم إني أشكر فيه تأففه من أسلوب ( أبي حيدة العراقي ) ، فهو حقا أسلوب حري بصاحبه أن يجانبه ، وأن يتسم بالتأدب والتلطف في حديثه وإن كان الحق معه ، ولقد صدق ابن المبارك- رحمه الله تعالى - في مقولته الشهيرة - والتي نقلها ابن القيم - رحمه الله - في مدارج السالكين ( 2/376 ) - حين يقول : ( نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم ) ، وإنه بأسلوبه ( وأقصد أبا حيدة ) يذكرني بما درا بين الكسائي واليزيدي - رحمهما الله تعالى - في حضرة الرشيد فكانت الغلبة النحوية لليزيدي فأساء أدبه أمام الرشيد بأن ألقى قلنسوته وتكنى بكنته ، فقال له الرشيد - أو يحيى بن خالد البرمكي - تلك المقالة التي أظنها لا تخفى على نحوي ، قال له : ( والله إن خطأ الكسائي مع حسن أدبه ، أحب إليّ من صوابك مع قلة أدبك ) ، فالتأدبَ التأدبَ مع العلم والعلماء ، وعلينا ألا ننسَ وصية ابن حزم - رحمه الله تعالى - لطالب العلم في كتابه ( الأخلاق والسير في مداواة النفوس ) ، علما بأن تلك الوصية تدرس لطلاب المرحلة الثانوية ، وهم مطالبون بحفظها !!
    يقول ابن حزم - رحمه الله تعالى - : ( إذا حضرت مجلس علم فلا يكن حضورك إلا حضور مستزيد علما وأجرا لا حضور مستغن بما عندك طالبا عثرة تشيعها أو غريبة تشنعها فهذه أفعال الأرذال الذين لا يفلحون في العلم أبدا فإذا حضرتها على هذه النية فقد حصلت خيرا على كل حال وإن لم تحضرها على هذه النية فجلوسك في منزلك أروح لبدنك وأكرم لخلقك وأسلم لدينك ) ، فهل نسيها أخونا ( أبو حيدرة ) ، أم لم يحفظها أصلا ؟!
    .
    .
    وبعد : فإني أنصح نفسي وكل من رأى نفسه طالب علم ، وأخص بالنصح أبا حيدة أن يقرأ كتاب ( تَذْكِرَةُ السَّامِعِ والمُتَكَلِّم في أَدَب العَالِم والمُتَعَلِّم ) للشيخ العالم بدر الدين ابن جماعة الكناني ، وهذا رابط الكتاب :
    http://www.almeshkat.net/books/open....t=14&book=2848
    وكذلك كتاب ( حلية طالب العلم ) للعلامة بكر بن عبدالله أبو زيد - رحمه الله تعالى - ورابطه :
    http://www.saaid.net/Warathah/bkar/b8.zip
    .
    .
    وقبل الختام فإني أزيد من التأفف تأففا من الأخطاء الإملائية التي ارتكبها أخونا أبو حيدة ، والتي يعاقَب عليها طلاب المرحلة المتوسطة ( كالهمزات ) مثلا ، ولكنها لا شك أقل جرما من الخطأ الإملائي العجيب الذي تكرر وروده في الموضوعين ، وذلك الخطأ هو ( انشاء الله ) ، وقد نبه عليه كثيرون في كثير من المنتديات ، فحبذا التنبه ؛ إذ الصواب الفصل بين ( إن ) الشرطية ، والفعل الماضي ( شاء ) ، أليس كذلك ؟!
    .
    .
    ربما أطلت فعذرا . . . . ولكن النفس ( بفتح النون والفاء ) التهكمي والاستفزازي الذي انتهجه ( أبو حيدة ) جعلني لا أتورع عن الرد ، فإن كان أسلوبي هذا يغضبه فلا أظن أن أسلوبه يرضينا . .
    .
    .
    وختاما غفر الله لنا ولكم ولآبائنا وأمهاتنا ولمن له حق علينا ، ولعلمائنا ومشائخنا ولأخينا أبي حيدة ولجميع المسلمين والمسلمات زللنا وخطأنا وتقصيرنا .
    .
    .
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •