تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    بسم الله الرحمن الرحيم


    ’’ توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ‘‘

    قال سماحة الشيخ المفتي الأكبر محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - :


    ( من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الأستاذ رشدي ملحس - سلمه الله -

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :

    أعيد لكم خطابكم رقم ( 21 – 5 – 8 – 838 ) وتاريخ ( 12/3/ 77 ) ومشفوعه ورقة المشروع الذي أُعد لإجابة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية حول البحث في موضوع مواقيت أهلة رمضان والفطر والحج .

    وأفيدكم أن هذه مسألة فروعية ، والحق فيها معروف كالشمس . والفصل في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " صوموا لرويته وأفطروا لرويته ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " .

    والخلاف في تطبيق مدلول هذا الحديث وغيره بتأويل - اجتهادًا أو تقليداً - مثل نظائره في المسائل الفروعية ، وجنس هذا الاختلاف لابد منه في المسائل الفروعية ، ولا يضر .

    إنما الهام هو النظر في الأصول العظام التي الإخلال بها هادم للدين من أساسه ، وذلك : مسائل توحيد الله - تعالى - ؛ بإثبات ما أثبت لنفسه في كتابه وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الأسماء والصفات : إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل ، وكذلك توحيد الألوهية ، وتوحيد الربوبية ، وكذا توحيد الاتّباع ، والحكم بين الناس عند النزاع : بأن لا يُحَاكم إلا إلى الكتاب والسنة ، ولا يُحكم إلا بهما . وهذا هو مضمون الشهادتين اللتين هما أساس الملة : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، بأن لا يُعبد إلا الله ، ولا يعبد إلا بما شرعه رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وأن لا يُحَكم عند النزاع إلا ماجاء به رسوله - صلى الله عليه وسلم - . هذا هو الحقيق بأن يُهتم به وتُعقد المجالس والمجتمعات لتحقيقه وتطبيقه .

    لذا لا أرى ولا أوافق على هذا المجتمع الذي هو بخصوص النظر فيما يتعلق بأهلة الصوم والفطر ونحوهما . وقد درجت القرون السابقة ، وجنس الخلاف في ذلك موجود ، ولم يروه من الضار ، ولا مما يحوج إلى الاجتماع للنظر فيه . والسلام عليكم . [ ص - م 513 - 21 في 21 / 03 / 1377 هـ ] ) ، " مجموع الفتاوى والرسائل " ( 4 / 155 - 157 ) .

    تعليق : في كلام هذا العالم الكبير جواب مفحم لمن ينادي إلى توحيد صوم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وهو ما لا يجب شرعاً ولا يمكن عقلاً ، ثم هو يغفل عن دعوة المسلمين إلى التمسك بالتوحيد الذي ما بعثت الأنبياء والرسل ، وما أنزلت الكتب إلا للدعوة إليه ، والحث على التمسك به ، والله المستعان .



    لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام ؟


    لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام مع أن هلال رمضان واحد ؟ وقديماً يعذرون لعدم وجود وسائل الإعلام ؟


    الحمد لله :

    أولا : السبب الغالب في اختلاف بدء الصيام من بلد لآخر ، هو اختلاف مطالع الأهلة . واختلاف المطالع أمر معلوم بالضرورة حسا وعقلا .

    وعليه فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد ، لأن هذا يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال ، بل قبل طلوعه .

    وقد سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عمن ينادي بتوحيد الأمة في الصيام ، وربط المطالع كلها بمطالع مكة ، فقال :

    " هذا من الناحية الفلكية مستحيل ؛ لأن مطالع الهلال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم ، وإذا كانت تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه .

    أما الدليل الأثري فقال الله - تعالى - : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) [ البقرة : 185 ] . فإذا قُدِّرَ أن أناسا في أقصى الأرض ما شهدوا الشهر - أي : الهلال - وأهل مكة شهدوا الهلال ، فكيف يتوجه الخطاب في هذه الآية إلى من لم يشهدوا الشهر ؟! وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) متفق عليه ، فإذا رآه أهل مكة مثلاً فكيف نلزم أهل باكستان ومن وراءهم من الشرقيين بأن يصوموا ، مع أننا نعلم أن الهلال لم يطلع في أفقهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم علق ذلك بالرؤية .

    أما الدليل النظري فهو القياس الصحيح الذي لا تمكن معارضته ، فنحن نعلم أن الفجر يطلع في الجهة الشرقية من الأرض قبل الجهة الغربية ، فإذا طلع الفجر على الجهة الشرقية ، فهل يلزمنا أن نمسك ونحن في ليل ؟ الجواب : لا . وإذا غربت الشمس في الجهة الشرقية ، ولكننا نحن في النهار فهل يجوز لنا أن نفطر ؟ الجواب : لا . إذاً الهلال كالشمس تماما ، فالهلال توقيته توقيت شهري ، والشمس توقيتها توقيت يومي ، والذي قال : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) [ البقرة : 187 ] . هو الذي قال : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فمقتضى الدليل الأثري والنظري أن نجعل لكل مكانٍ حكماً خاصًّا به فيما يتعلق بالصوم والفطر ، ويربط ذلك بالعلامة الحسية التي جعلها الله في كتابه ، وجعلها نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في سنته ألا وهي شهود القمر ، وشهود الشمس ، أو الفجر " انتهى من " فتاوى أركان الإسلام " ( ص 451 ) .

    وقال - رحمه الله - موضحاً هذا القياس ، ومؤيداً به حجة الذين اعتبروا اختلاف المطالع :

    " قالوا : والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي ، فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي ، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري ، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين ، فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب ، ويفطرون قبلهم أيضا .

    فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي ، فإن مثله تماما في التوقيت الشهري .

    ولا يمكن أن يقول قائل : إن قوله - تعالى - : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا ، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) لا يمكن لأحد أن يقول : إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار .

    وكذلك نقول في عموم قوله - تعالى - : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا ) وهذا القول كما ترى له قوته بمقتضى اللفظ ، والنظر الصحيح ، والقياس الصحيح أيضا ، قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي " انتهى . نقلا عن " فتاوى رمضان " جمع أشرف عبد المقصود ( ص 104 ) .

    وصدر عن هيئة كبار العلماء ، بيان مهم بهذا الخصوص ، وهذا نصه :

    " أولاً : اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً ، ولم يختلف فيها أحد من العلماء ، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في : اعتبار خلاف المطالع ، وعدم اعتباره .

    ثانياً : مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال ، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين ، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين : أجر الاجتهاد ، وأجر الإصابة ، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد .

    وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين : فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع ، ومنهم من لم ير اعتباره . واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة ، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله - تعالى - : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) [ البقرة : 189 ] . وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وذلك لاختلاف الفهم في النص ، وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به .

    ونظرا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها ، ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها ، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً ، لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة . فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه . وعدم إثارة هذا الموضوع ، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة ، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته .

    ثالثاً : نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب ، وما ورد في الكتاب والسنة ، واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك ، فقرروا بإجماعٍ عدمَ اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ ) الحديث . وما في معنى ذلك من الأدلة " انتهى نقلا عن " فتاوى اللجنة الدائمة " (10/102) .


    ( الإسلام سؤال وجواب )

    http://www.islam-qa.com/ar/ref/50487

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    342

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    جــــزاكم الله خيراااااا
    لن يبلغ العلم جميعا أحدلا ولو حاوله ألف سنه
    إنما العلم عميق بحره فخذوا من كل شيء أحسنه

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    وإياك أخي عبد القادر ...

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    2

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد؛
    ما حكم الشرع في اختلاف الناس في رؤية الهلال وبخاصة في رمضان؟
    وجدنا الفقهاء يستدلون بنصوص حديثية على ضرورة رؤية الهلال - بالعين المجردة - ويذودون عنها بما أوتوا من قوة جدل علمية، مستميتين، بأن لكل بلد رؤيته، ناسين أو متغافلين نصوصا قرآنية وحديثية تقر الأخذ بالحساب اليقيني.مما يذكي نار الخلاف بين المسلمين، فهل يرضى عنا الله ورسوله والحالة هذه ؟
    وفي استماتتهم تشبث بقول بعض الصحب الكرام رضي الله عنهم، فضلا عن التابعين وتابعيهم بإحسان، وتلك أمة قد خلت واجتهدت لزمانها ومكانها والفتوى تتغير وفق تغير الزمان والمكان والأشخاص والنيات والأحوال.
    فهل لنا أن نعض على فتواهم بالنواجذ وزماننا غير زمانهم ووسائلنا غير وسائلهم؟ وبخاصة قد أضحى السفر إلى القمر والأجواء الفضائية العليا من الرغبات الملحة لدى المترفين، وتبين حسابات ولادة الهلال عند الغربيين بأن هناك فرقا من دقيقة ودقيقتين على أبعد حد بينما تضحي ولادة الهلال عند المسلمين تمتد إلى ثلاثة أيام .
    وبعيدا عن فقه تبعثرت فيه المواقف واختلفت، تعالوا بنا إلى فقه أفعال الله حيث لا خلاف ولا اختلاف وحيث العقيدة الحقيقية، والتي لا تلوي على الفلسفات، ولا تلتفت إلى علم الكلام، وإنما تحتكم إلى كلام الله حيث القول الفصل وليس بالهزل ، ولا سبيل فيه لحديث ضعيف، ولا لقول سخيف:
    مع السنن الإلهية
    وإذا ما سلطنا نور السنن الإلهية على الموضوع وجدنا الحق جل جلاله قد اعتمد الحساب في تكوين الكون لقوله سبحانه :
    {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (الأنعام:96)
    {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} (الرحمن:5)
    وإذا اتضح الأمر في أفعاله جل جلاله فأية علاقة له بما نحن بصدد بيانه والله يبين:
    {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }(البقرة: من الآية185) وما جاءت السنة المطهرة إلا لبيان ما أجمل في القرآن؟
    كان الشرع حكيما غاية الحكمة حينما جاء للناس برفع الحرج وأمر بالأخذ بالرؤية، لكن الفتوى، تتغير زمانا، ومكانا، وشخصا، ونية، وحالا، وحين تنبثق الجهود من زاوية : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق : 1] ينبغي أن نعيد النظر في دلالة الأمر وهل هو أصبح فعلا من الأمور الفرعية أم على العكس هو أمر لا ينفك عن كلمة التوحيد سواء في دلالتها و مغزاها ومعناها؟
    وحينما نعتمد السنن الإلهية وهي تنظر من زاوية التوحيد الخالص لا غير من منظور {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }[العلق : 1] يمكننا أن نقول وبصدق أن هذه الفتوى جاءت توقيعا عن الله متناغمة مع أفعاله وأقواله ومعلوم بأن عهوده لا راد لها، وسننه لا تبديل يعتريها ولا تحريف يشوبها فهي سارية (السنن) بأمره سبحانه:
    ومن بحبوحة هذا اليقين المطلق الذي لا تلجلج فيه، ولا خلاف يشمله تعالوا بنا ننظر في مرآة شرعنا لنزداد ثباتا ويقينا على ما حبانا الله من كلام نير جاء فصلا للخطاب:
    جاء أمر الله واضحا بينا لا لبس فيه يكتنفه، ولا غموض يلفه فقال عز من قائل :{ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }(البقرة: من الآية185)
    فلفظة " شهد " تأتي بمعنى المشاهدة العينية وبمعنى الرؤية اليقينية بدليل قوله تعالى :
    {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (آل عمران:18) فشهادة أهل العلم هناك تتجلى في علمهم اليقيني، إذ الرؤية البصرية ممنوعة قطعا بدليل قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :
    لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ  ، وكما يوحي بذلك قول إخوة يوسف :{ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ}(يوسف : من الآية81)
    وما ذهبنا إليه في تعريف لفظ " شهد " يشهد له تعريف الأصفهاني حيث يقول : " والشهادة: قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر."
    أما الأحاديث النبوية أسوق منها : " عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ
    وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلشَّهْرِ الثَّانِي ثَلَاثِينَ
    وتضفي هذه الأدلة دلالة إضافية على اعتماد الحساب اليقيني، ومعلوم أن الحساب اليوم بات مؤكدا ؛ إذ لا نجد فرقا بين حسابات لكل من بريطانيا وفرنسا وأمريكا إلا بدقيقة أو دقيقتين على - أبعد حد- في تحديد زمن ميلاد الهلال.
    ولا حجة لمحتج بالرؤية البصرية المجردة ؛ إذ كان ذلك حلا وسطا وسبيلا عند تعذر معرفة الحساب، فضلا عن كون الأحاديث النبوية فيها دلالة وحث على اكتساب هذه العلوم بضوابطها حتى لا نبقى إلى الأبد أمة أمية لرفع فرض العين على الأمة.
    وهكذا جاءت سنن الله لتؤكد بأن الحساب هو أصل، عليه مدار الشمس والقمر.فكيف بنا نعرض عن الأصل ونذهب للحلول الجزئية والتي جاءت لظروف تعذر معها معرفة الحساب.؟
    ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
    {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}(الأن عام:96) فتأكيده سبحانه وتعالى على جعل الشمس والقمر حسبانا بقوله جل جلاله : { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}(الأن عام:96) فيه دلالة قطعية بأنه السبيل الوحيد لمن اصطفى القول الفصل الذي لا يوجد غيره ، لكون سبيل الحق واحد وسُبل الباطل تتعدد.
    فهل نعرض عن الأصل لنتمسك بالحلول الظرفية لزمان صعب فيه معرفة حساب ولادة الهلال فكانت الرؤية وسيلة للتأكد ولإقامة الحجة على الناس ؟ وهل تأكد لدينا بأن لا شيء يخرج عن نطاق أفعال الله. ؟ وهل بان لنا مدلول قوله تعالى:.
    { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}(الأ نعام: من الآية38)
    وبعد هذا التقرير الحاسم لسبيل تقدير العزيز العليم، نسأل أنفسنا فهل الزيغ والنكوص عن هذا الصراط السوي سير على درب التوحيد؟ أم هو نقض له ورفض لما سنه جل جلاله ليمضي الكون في انسجام بديع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟
    {فانظر إلى أثر رحمت الله}
    فالسنن الإلهية تأمرننا بالنظر إلى الأشياء ليس تلك النظرة التي تراقب كيفية بناء هذا الكون وما هي مقاييسه، وما هي ضوابط أسبابه ومسبباته، (والتي اقتبسناها من باب التقليد للغربيين )، وإنما تدعونا إلى الاعتبار والاتعاظ والفهم عن الله في الكون والحياة ككل لنمتثل للقراءة باسم "ربنا الذي خلق" ولكي لا تنفصم الرؤية التوحيدية لله جل شأنه عند نطقنا بالشهادتين، عن الرؤية الاعتبارية في الكون والآفاق في كل مخلوقاته والتي تختصرها لنا الآية التالية { فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[الروم : 50] فرحمة الله لا ترى، ولكن انظر إلى أثرها كيف كانت الأرض جدباء قاحلة فأنزل الله عليها الماء فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج؟
    وهكذا ننتقل من نظرة سطحية للأشياء إلى النظر لاستكشاف ناموس الكون وقانونه, استجلاء لقدرة القادر وحكمة أحكم الحاكمين وهي الخاصية التي ينفصم عندها نظر الربانيين عن غيرهم، فبينما هم يزدادون علما وفهما يصُد المنقطعين عن الله ما كانوا يعبدون عن الغوص في الأسرار الربانية للأشياء: وهي نظرة تطلعك على صفات الجليل جل جلاله, فتراه في كل شيء وترهبه في كل شيء وتخشاه في كل شيء.
    ويرى الربانيون أنه ينبغي للعبد إضافة إلى ذلك أن يعرف فرض وقته بعد مطالعة صفة من الصفات الله جل شأنه في كونه فإن تجلت صفة من صفات الكرم والنعم والجاه والرفعة ازداد العبد شكرا لرب عزيز وهاب، وإن تجلت صفة من صفات النقم والقهر وشدة البطش ازداد ذلة واستغفارا بين يدي عزيز ذي انتقام.
    من نظرة في شيء يرتقي بها العبد إلى النظر في صفات الرب سبحانه, تراه في كل شيء فتدرك أسماءه وصفاته وتدرك واجبات وقتك نحوه, تذكره تعظيما وتسارع في تسابق الخيرات: هدف وجودك في هذه الدنيا, فتكون يقظا, مرهف الحس, مدركا لما خلقت من أجله, بهذا تدخل في كنف العبودية لله حيث لا ترى إلا ربا وفضلا :{ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ : 15]
    وبهذا ينفصم الرباني عمن أغفل الله قلبه عن ذكره وكان أمره فرطا, من مجرد رؤية في شيء إلى رؤية لصفات وأسماء خالق الشيء: إنه حضور القلب مع الله في كل شيء, وخشيته في كل الأثناء...إلى مراعاة الواجب الآني، ثم إلى إرهاف حس حواس كل من السمع والبصر والفؤاد، لنستعد للجواب : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }[الإسراء : 36]
    إنها منّة من الله، والله عزيز حكيم, ينعم بها على من شاء من عباده. فهل يستفيق صدق الهمة (طلب وجه الله)؟ وصدق الذمة (عهد العبودية لله عند نطقنا بالتوحيد) وصدق الإقبال على الله لدى العبد؟
    فحيهـلا إن كنت ذا همة فقد حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا (1)
    إنها بعبارة واحدة مقام الإحسان, أن تعبد الله كأنك تراه:
    من رؤية لشيء إلى رؤية الأسماء والصفات خالق الشيء ، إلى إرهاف الحس لمدارك المرء من سمع وبصر وفؤاد، إلى الاستعداد للقيام بمقتضى واجبات الوقت، هذا من جهة.
    ومن جهة ثانية إدراك حكمة الحكيم في كل شيء وهو تكريم عظيم من ذي الجلال والإكرام {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}[البقرة : 269].
    فهل لاح الأمر واتضح عن أي توحيد نتكلم؟ هل فعلا بان البون شاسعا بين توحيد أهل الكلام والفلاسفة مع توحيد الربانيين؟ وهل هناك فرق بين توحيد الله باللسان قولا وتوحيده بالفعل عملا، فهل هذا تكامل أم تضاد؟ وهل ننظر إلى ما هنالك من توحيد على أنه أصل وفرع كما نظر السابقون، أم أن هنالك نظرة ربانية واحدة توحد الله في الفعل والقول؟
    اللهم ألهمنا الصواب والرشاد، إنك على كل شيء قدير، والسلام عليكم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    408

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    جزاكم الله خيرا أخي المكرم: "فريد المرادي"..
    نقل وموفق - ماشاء الله - في هذا الشهر العظيم..
    بارك الله فيكم و سدد على الحق خطاكم..

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    الأخ الكريم عبد الحق : وإياك ، وبورك فيك ...

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    56

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    أرجو أن يكون اختلاف مطالع لااختلاف سياسةومطامع

  8. #8

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد؛
    ما حكم الشرع في اختلاف الناس في رؤية الهلال وبخاصة في رمضان؟
    وجدنا الفقهاء يستدلون بنصوص حديثية على ضرورة رؤية الهلال - بالعين المجردة - ويذودون عنها بما أوتوا من قوة جدل علمية، مستميتين، بأن لكل بلد رؤيته، ناسين أو متغافلين نصوصا قرآنية وحديثية تقر الأخذ بالحساب اليقيني.مما يذكي نار الخلاف بين المسلمين، فهل يرضى عنا الله ورسوله والحالة هذه ؟
    وفي استماتتهم تشبث بقول بعض الصحب الكرام رضي الله عنهم، فضلا عن التابعين وتابعيهم بإحسان، وتلك أمة قد خلت واجتهدت لزمانها ومكانها والفتوى تتغير وفق تغير الزمان والمكان والأشخاص والنيات والأحوال.
    فهل لنا أن نعض على فتواهم بالنواجذ وزماننا غير زمانهم ووسائلنا غير وسائلهم؟ وبخاصة قد أضحى السفر إلى القمر والأجواء الفضائية العليا من الرغبات الملحة لدى المترفين، وتبين حسابات ولادة الهلال عند الغربيين بأن هناك فرقا من دقيقة ودقيقتين على أبعد حد بينما تضحي ولادة الهلال عند المسلمين تمتد إلى ثلاثة أيام .
    وبعيدا عن فقه تبعثرت فيه المواقف واختلفت، تعالوا بنا إلى فقه أفعال الله حيث لا خلاف ولا اختلاف وحيث العقيدة الحقيقية، والتي لا تلوي على الفلسفات، ولا تلتفت إلى علم الكلام، وإنما تحتكم إلى كلام الله حيث القول الفصل وليس بالهزل ، ولا سبيل فيه لحديث ضعيف، ولا لقول سخيف:
    مع السنن الإلهية
    وإذا ما سلطنا نور السنن الإلهية على الموضوع وجدنا الحق جل جلاله قد اعتمد الحساب في تكوين الكون لقوله سبحانه :
    {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (الأنعام:96)
    {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} (الرحمن:5)
    وإذا اتضح الأمر في أفعاله جل جلاله فأية علاقة له بما نحن بصدد بيانه والله يبين:
    {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }(البقرة: من الآية185) وما جاءت السنة المطهرة إلا لبيان ما أجمل في القرآن؟
    كان الشرع حكيما غاية الحكمة حينما جاء للناس برفع الحرج وأمر بالأخذ بالرؤية، لكن الفتوى، تتغير زمانا، ومكانا، وشخصا، ونية، وحالا، وحين تنبثق الجهود من زاوية : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق : 1] ينبغي أن نعيد النظر في دلالة الأمر وهل هو أصبح فعلا من الأمور الفرعية أم على العكس هو أمر لا ينفك عن كلمة التوحيد سواء في دلالتها و مغزاها ومعناها؟
    وحينما نعتمد السنن الإلهية وهي تنظر من زاوية التوحيد الخالص لا غير من منظور {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }[العلق : 1] يمكننا أن نقول وبصدق أن هذه الفتوى جاءت توقيعا عن الله متناغمة مع أفعاله وأقواله ومعلوم بأن عهوده لا راد لها، وسننه لا تبديل يعتريها ولا تحريف يشوبها فهي سارية (السنن) بأمره سبحانه:
    ومن بحبوحة هذا اليقين المطلق الذي لا تلجلج فيه، ولا خلاف يشمله تعالوا بنا ننظر في مرآة شرعنا لنزداد ثباتا ويقينا على ما حبانا الله من كلام نير جاء فصلا للخطاب:
    جاء أمر الله واضحا بينا لا لبس فيه يكتنفه، ولا غموض يلفه فقال عز من قائل :{ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }(البقرة: من الآية185)
    فلفظة " شهد " تأتي بمعنى المشاهدة العينية وبمعنى الرؤية اليقينية بدليل قوله تعالى :
    {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (آل عمران:18) فشهادة أهل العلم هناك تتجلى في علمهم اليقيني، إذ الرؤية البصرية ممنوعة قطعا بدليل قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :
    لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ  ، وكما يوحي بذلك قول إخوة يوسف :{ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ}(يوسف : من الآية81)
    وما ذهبنا إليه في تعريف لفظ " شهد " يشهد له تعريف الأصفهاني حيث يقول : " والشهادة: قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر."
    أما الأحاديث النبوية أسوق منها : " عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ
    وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلشَّهْرِ الثَّانِي ثَلَاثِينَ
    وتضفي هذه الأدلة دلالة إضافية على اعتماد الحساب اليقيني، ومعلوم أن الحساب اليوم بات مؤكدا ؛ إذ لا نجد فرقا بين حسابات لكل من بريطانيا وفرنسا وأمريكا إلا بدقيقة أو دقيقتين على - أبعد حد- في تحديد زمن ميلاد الهلال.
    ولا حجة لمحتج بالرؤية البصرية المجردة ؛ إذ كان ذلك حلا وسطا وسبيلا عند تعذر معرفة الحساب، فضلا عن كون الأحاديث النبوية فيها دلالة وحث على اكتساب هذه العلوم بضوابطها حتى لا نبقى إلى الأبد أمة أمية لرفع فرض العين على الأمة.
    وهكذا جاءت سنن الله لتؤكد بأن الحساب هو أصل، عليه مدار الشمس والقمر.فكيف بنا نعرض عن الأصل ونذهب للحلول الجزئية والتي جاءت لظروف تعذر معها معرفة الحساب.؟
    ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
    {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}(الأن عام:96) فتأكيده سبحانه وتعالى على جعل الشمس والقمر حسبانا بقوله جل جلاله : { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}(الأن عام:96) فيه دلالة قطعية بأنه السبيل الوحيد لمن اصطفى القول الفصل الذي لا يوجد غيره ، لكون سبيل الحق واحد وسُبل الباطل تتعدد.
    فهل نعرض عن الأصل لنتمسك بالحلول الظرفية لزمان صعب فيه معرفة حساب ولادة الهلال فكانت الرؤية وسيلة للتأكد ولإقامة الحجة على الناس ؟ وهل تأكد لدينا بأن لا شيء يخرج عن نطاق أفعال الله. ؟ وهل بان لنا مدلول قوله تعالى:.
    { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}(الأ نعام: من الآية38)
    وبعد هذا التقرير الحاسم لسبيل تقدير العزيز العليم، نسأل أنفسنا فهل الزيغ والنكوص عن هذا الصراط السوي سير على درب التوحيد؟ أم هو نقض له ورفض لما سنه جل جلاله ليمضي الكون في انسجام بديع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟
    {فانظر إلى أثر رحمت الله}
    فالسنن الإلهية تأمرننا بالنظر إلى الأشياء ليس تلك النظرة التي تراقب كيفية بناء هذا الكون وما هي مقاييسه، وما هي ضوابط أسبابه ومسبباته، (والتي اقتبسناها من باب التقليد للغربيين )، وإنما تدعونا إلى الاعتبار والاتعاظ والفهم عن الله في الكون والحياة ككل لنمتثل للقراءة باسم "ربنا الذي خلق" ولكي لا تنفصم الرؤية التوحيدية لله جل شأنه عند نطقنا بالشهادتين، عن الرؤية الاعتبارية في الكون والآفاق في كل مخلوقاته والتي تختصرها لنا الآية التالية { فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[الروم : 50] فرحمة الله لا ترى، ولكن انظر إلى أثرها كيف كانت الأرض جدباء قاحلة فأنزل الله عليها الماء فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج؟
    وهكذا ننتقل من نظرة سطحية للأشياء إلى النظر لاستكشاف ناموس الكون وقانونه, استجلاء لقدرة القادر وحكمة أحكم الحاكمين وهي الخاصية التي ينفصم عندها نظر الربانيين عن غيرهم، فبينما هم يزدادون علما وفهما يصُد المنقطعين عن الله ما كانوا يعبدون عن الغوص في الأسرار الربانية للأشياء: وهي نظرة تطلعك على صفات الجليل جل جلاله, فتراه في كل شيء وترهبه في كل شيء وتخشاه في كل شيء.
    ويرى الربانيون أنه ينبغي للعبد إضافة إلى ذلك أن يعرف فرض وقته بعد مطالعة صفة من الصفات الله جل شأنه في كونه فإن تجلت صفة من صفات الكرم والنعم والجاه والرفعة ازداد العبد شكرا لرب عزيز وهاب، وإن تجلت صفة من صفات النقم والقهر وشدة البطش ازداد ذلة واستغفارا بين يدي عزيز ذي انتقام.
    من نظرة في شيء يرتقي بها العبد إلى النظر في صفات الرب سبحانه, تراه في كل شيء فتدرك أسماءه وصفاته وتدرك واجبات وقتك نحوه, تذكره تعظيما وتسارع في تسابق الخيرات: هدف وجودك في هذه الدنيا, فتكون يقظا, مرهف الحس, مدركا لما خلقت من أجله, بهذا تدخل في كنف العبودية لله حيث لا ترى إلا ربا وفضلا :{ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ : 15]
    وبهذا ينفصم الرباني عمن أغفل الله قلبه عن ذكره وكان أمره فرطا, من مجرد رؤية في شيء إلى رؤية لصفات وأسماء خالق الشيء: إنه حضور القلب مع الله في كل شيء, وخشيته في كل الأثناء...إلى مراعاة الواجب الآني، ثم إلى إرهاف حس حواس كل من السمع والبصر والفؤاد، لنستعد للجواب : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }[الإسراء : 36]
    إنها منّة من الله، والله عزيز حكيم, ينعم بها على من شاء من عباده. فهل يستفيق صدق الهمة (طلب وجه الله)؟ وصدق الذمة (عهد العبودية لله عند نطقنا بالتوحيد) وصدق الإقبال على الله لدى العبد؟
    فحيهـلا إن كنت ذا همة فقد حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا (1)
    إنها بعبارة واحدة مقام الإحسان, أن تعبد الله كأنك تراه:
    من رؤية لشيء إلى رؤية الأسماء والصفات خالق الشيء ، إلى إرهاف الحس لمدارك المرء من سمع وبصر وفؤاد، إلى الاستعداد للقيام بمقتضى واجبات الوقت، هذا من جهة.
    ومن جهة ثانية إدراك حكمة الحكيم في كل شيء وهو تكريم عظيم من ذي الجلال والإكرام {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}[البقرة : 269].
    فهل لاح الأمر واتضح عن أي توحيد نتكلم؟ هل فعلا بان البون شاسعا بين توحيد أهل الكلام والفلاسفة مع توحيد الربانيين؟ وهل هناك فرق بين توحيد الله باللسان قولا وتوحيده بالفعل عملا، فهل هذا تكامل أم تضاد؟ وهل ننظر إلى ما هنالك من توحيد على أنه أصل وفرع كما نظر السابقون، أم أن هنالك نظرة ربانية واحدة توحد الله في الفعل والقول؟
    اللهم ألهمنا الصواب والرشاد، إنك على كل شيء قدير، والسلام عليكم

    الأخ الكريم هداه الله ، من تكلم في غير فنه أتى بالعجاب و قد تكلمت في غير فنك فجئت بكلام تظنه من الشرع و لا علاقة له بالشرع و لا بالتأصيل العلمي.


    إنما مجرد فلسفلة و جمع لخواطر ، هلا درست و أصلت قبل الكلام في غير فنك و القول في هذا الدين بغير علم و اتهام العلماء بالتغافل هذا ان تغاضينا عن الأخطاء العقائدية في كلامك الأقرب لكلام الصوفية من كلام أهل السنة و الجماعة و الله المستعان.
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    408

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    أحسن الله إليكم..

    http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=219595
    ابتداء من تاريخ7ربيع الأول1432هـ لن أكتب بمعرف (عبد الحق آل أحمد ) إلاَّ في المواقع التالية ، ملتقى أهل التفسير، ملتقى أهل الحديث، ملتقى العقيدة والمذاهب المعاصرة، المجلس العلمي بالألوكة.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    جزاكم الله خيراً

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    911

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد المرادي مشاهدة المشاركة
    أما الدليل الأثري فقال الله - تعالى - : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) [ البقرة : 185 ] . فإذا قُدِّرَ أن أناسا في أقصى الأرض ما شهدوا الشهر - أي : الهلال - وأهل مكة شهدوا الهلال ، فكيف يتوجه الخطاب في هذه الآية إلى من لم يشهدوا الشهر ؟! وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) متفق عليه ، فإذا رآه أهل مكة مثلاً فكيف نلزم أهل باكستان ومن وراءهم من الشرقيين بأن يصوموا ، مع أننا نعلم أن الهلال لم يطلع في أفقهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم علق ذلك بالرؤية .
    لله درّه من استدلال .. رحمه الله
    اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: توحيد رب العالمين أهم من توحيد صوم المسلمين ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ )

    السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
    جزاك الله خيرا أخي صاحب الموضوع على هذه النقولات القوية في الاستدلال

    الذي أظنه والله أعلم أن الناس لا تدعوا لتوحيد مسلمي العالم كله في الصيام لكن الكلام على البلاد التي تشترك في ساعة من الليل مثل مصر مع السعودية

    فالنقولات و الفتاوى هذه جيدة جدا في التأصيل لكن فيها إجمال يحتاج لشئ من التفصيل و إعادة صياغة حتى يُعرف من هم بالضبط الذين يجب عليهم الصيام عندما يرى المسلمون الهلال في بقعة من الأرض مثل مكة؟ أهم أهل مكة فقط أم المدن و القرى التي حولها أيضا كالمدينة والرياض؟ و إذا كان من حولها يصوم برؤية مكة فالعلة إذا اشتراكهم في جزء من الليل بحيث أن الطالع واحد تقريبا فإذا كانت هذه هي العلة فلماذا لا يدخل في هذا الصيام مدن أخرى تشترك مع مكة في قدر من الليل كالبصرة و بغداد و القاهرة و الاسكندرية ؟ لأنه بالطبع لا يستساغ أن تكون الحدود السياسية هي المعيار الذي بناء عليه يصوم الناس مع هذا أو مع هذا فهذه خطوط وهمية صنعها الاستعمار

    وأما القياس على قوله تعالى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) قياس جيد لكن لما كان وقت دخول صلاة من الصلوات كالفجر هي لحظة مضيقة كان هناك اختلاف في وقت الصلوات من مدينة لمدينة داخل الدولة الواحدة فوقت صلاة الفجر في مكة متأخر عنه في الرياض بدقائق
    فلو قلنا أن ساعة رؤية الهلال هي بالضبط كساعة دخول وقت الصلاة معنى هذا أن رؤية الهلال في الرياض لا تُلزم أهل مكة لأنه عندما شوهد في الرياض لم يكن قد طلع بعد في مكة
    أو نقول أن الرؤية ملزمة لكل البلاد التي تشترك في جزء من الليل

    الخلاصة هل الاعتبار في الرؤية اعتبار سياسي ولا اعتبار للإشتراك في جزء من الليل أم هو جغرافي ولا اعتبار للحدود السياسية

    الموضوع فيه شئ من التعقيد و يحتاج لمزيد من التحرير والضبط

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •