خطبة الحرم المكي – أصل العبادة وآثارها وشرطا قبولها


الفرقان

العبادة لا يَقبَلُها الله إلا بشرطين عظيمين وأصلينِ متينينِ: الإخلاص للمعبود والمتابَعة للرسول صلى الله عليه وسلم
ليست العبادةُ منحصرةً في أركان الإسلام بل العبادة أشملُ من ذلك وأعمُّ فهي اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال

عند استحضار النيَّة الصالحة يصبح طلَبُ الرِّزقِ عبادة وسعيُ المرءِ على مصلحةِ مَنْ يعول عبادةً وكل الأعمال المباحة عبادة
جاءت خطبة الحرم المكي لهذا الأسبوع بتاريخ 10 شوال 1445 هـ الموافق 19 ابريل 2024 م بعنوان: (أصل العبادة وآثارها وشرطا قبولها)، التي ألقاها إمام الحرم فضيلة الشيخ ماهر بن حمد المعيقلي -حفظه الله-، الذي تناول في بداية خطبته الغاية التي خلق من أجلها الجن والإنس، ومن أجلها أرسل -سبحانه- الرسل ألا وهي عبادة الله -عز وجل- فقال:
إنَّ اللهَ -تبارك وتعالى- لم يخلق الخلقَ ليتعزَّز بهم من ذلة، ولا ليستكثرَ بهم مِنْ قِلَّة؛ فهو الكبيرُ المتعال، وهو المنعِم المتفضِّل؛ {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}(الْأ َنْعَامِ: 18)، وفي الحديث القدسي، يقول الله -جل جلاله-: «يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ في مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا»(رواه مسلم)؛ فاللَّهُ -تعالى- خلَق الجنَّ والإنسَ لعبادته، وحدَه لا شريكَ له، وهي الغاية التي لأجلها أرسل رسله، وأنزل كتبه، ومِنْ أَجْلِها نُصبت الموازينُ، ونشرت الدواوين، وقام سوق الجنة والنار، وانقسم الناس فيها إلى مؤمنين وكفار، ومتقينَ وفُجَّار، قال جلَّ شأنُه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}(ال ْأَنْبِيَاءِ: 25).
التوحيد أصل العبادة
وأصلُ العبادةِ توحيدُ الربِّ -جلَّ جلالُه-، ولقد أفاض اللَّهُ في كتابه، بذِكْر الأدلة، وضَرْب الأمثلة، وبيانِ دلائلِ الوحدانيةِ، وبراهينِ استحقاق العبادة، فقال -سبحانه-: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم ْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}(الر َّعْدِ: 16).
حلاوة الإيمان نتيجة طبيعية للإكثار من الطاعات
إنَّ العبدَ إذا أخلَص في عبادة ربِّه، صَلُحَ أمرُه، وانشرح صدرُه، واطمأنَّ قلبُه؛ {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرّ َعْدِ: 28)، فمن آثار العبادة، حلاوة الإيمان والطاعة، فلا يزال العبد في أداء العبادات، والإكثارِ من الصالحات، حتى يصبح الذِّكْرُ أنيسَه، والقرآن جليسه، والصلاة قرة عينه، والصيام متعتَه، فيُحِييه اللَّهُ حياةً طيبةً، فيكون من أطيب الناس عيشًا، وأشرحهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، فتراه في أشدِّ الكروبِ والخطوبِ، وعندَ حلولِ الهمومِ والغمومِ، يَفزَع إلى الصلاة، فيُناجي فيها ربَّه، ويبثُّ إليه شكواه وهمَّه، يتذكر قول الرب -جل في علاه-: {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}(ال نَّمْلِ: 62).
ملجأ من يصاب بالهم أو القلق
وهذا رسولُنا الكريمُ - صلى الله عليه وسلم - بشرٌ يعتريه ما يعتري البشرَ، مِنْ حُزنٍ وهمٍّ وكدرٍ، فيُعلِّمنا بفعله ومقاله كيف يُزالُ الهمُّ، وكيف يُدفَع القلقُ والغمُّ، فكان إذا حزبَه أمرٌ، صلَّى، وفي سنن أبي داود: قال صلى الله عليه وسلم : «يا بلالُ، أَقِمِ الصلاةَ، أَرِحْنَا بها»، وفي مسند الإمام أحمد، قال علي - رضي الله عنه-: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ، وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ إِلا نَائِمٌ، إِلَّا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ، وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ» بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم .
بالصلاة تستجلب المصالح وتدفع الشرور
قال ابن القيم في شأن عبادة الصلاة: «فلها تأثيرٌ عجيبٌ في حفظ صحَّة البدن والقلب وقُواهما، ودَفْع الموادِّ الرديئةِ عنهما، وما ابتُلي رجلانِ بعاهةٍ أو داءٍ أو محنةٍ أو بليَّةٍ، إلا كان حظُّ المصلِّي منهُما أقلَّ، وعاقبتُه أسلَمَ، وللصلاةِ تأثيرٌ عجيبٌ في دفعِ شرورِ الدنيا، ولا سيما إذا أُعطِيَتْ حقَّها مِنَ التكميلِ ظاهرًا وباطنًا، فما استُدفعَتْ شرورُ الدنيا والآخرة، ولا استُجلِبَتْ مصالحُهما بمثلِ الصلاةِ» انتهى كلامه -رحمه الله.
آثار العبادة
ومِنْ آثارِ العبادةِ: تكفيرُ الذنوبِ والخطايا؛ والعفوُ عن الزلات والرزايا؛ ففي (صحيح مسلم): جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً في أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، -أي: استمتاع دون جماع-، قال: فَأَنَا هَذَا، فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ! قَالَ: فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا، فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ، فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا دَعَاهُ، وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}( هُودٍ: 114)، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا لَهُ خَاصَّةً؟ قَالَ: «بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً»، وفي مستدرَك الحاكم: قَالَ - صلى الله عليه وسلم - للرَّجُل: «أَصَلَّيْتَ مَعَنَا الصَّلَاةَ؟»، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَكَ». وبالعبادة تتهذَّب الأخلاقُ، وتزكو النفوسُ، فالدين كله خُلُق، فمَنْ زادَ عليكَ في الخُلُق؛ زادَ عليكَ في الدِّينِ، وإن حسن الخلق ليبلغ بالعبد درجة الصائم القائم؛ ففي مسند الإمام أحمد: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، *إِنَّ *فُلَانَةَ *يُذْكَرُ *مِنْ *كَثْرَةِ *صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا! قَالَ: «هِيَ في النَّارِ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ في الْجَنَّةِ». العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ليست العبادةُ منحصرةً في أركان الإسلام، بل العبادة أشملُ من ذلك وأعمُّ؛ فهي اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة، فيدخُل فيها عبادةُ القلب واللسان، والجوارح والأركان، كمحبة الله وخشيته، وخوفه ورجائه، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وصِدْق الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، فيندرِج تحتَ العباداتِ، أبوابٌ كثيرةٌ من الخيرات؛ وفي سنن الترمذي: قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهْيُكَ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ في أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ في دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ»، بَلْ عند استحضار النيَّة الصالحة يصبح طلَبُ الرِّزقِ عبادة، وسعيُ المرءِ على مصلحةِ مَنْ يعول عبادةً، وكل الأعمال المباحة عبادة، ففي صحيح مسلم: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا في الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ». وفي صحيح البخاري لَمَّا سُئل مُعاذٌ - رضي الله عنه - عن صلاته بالليل، قال: «أمَّا أنَا فأنامُ وأقومُ، فأحتَسِبُ قومتي ونومَتي»، فكان - صلى الله عليه وسلم - يحتَسِبُ الأجرَ في النوم، كما يحتَسِبُه في قيامِ الليل؛ لأنَّه أرادَ بنومه التقَوِّيَ على العبادة والطاعة.
ترك الحرام والابتعاد عن الآثام
وإن من فضل الله وكرمه، وجوده ومنته، أنَّ مَنْ ترَك الحرامَ، وابتعَد عن الآثام، خوفًا من الله، ورجاءَ ثوابِ الله، عُدَّ ذلك من طاعاته، وكُتِبَتْ له في ميزانِ حسناتِه، فتُصبح حياةُ المسلمِ كلُّها عبادةً، كما قال -جل في علاه-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}( الْأَنْعَامِ: 162-163).
الإخلاص والمتابعة شرطا قبول العبادة
إنَّ الواجبَ على المسلم، أَنْ يهتمَّ بأمر عبادته، ويُحسِّنَها ويعُظمِّها؛ {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ}(الْحَ جِّ: 32)، فمَنْ كان يرجو لقاءَ ربِّه، ويطمع في جنَّتِه، ويستجيرُ به من ناره، حريٌّ به أن يسعى لإحسان عبادته؛ فالعبادة لا يَقبَلُها الله إلا بشرطين عظيمين، وأصلينِ متينينِ: الإخلاص للمعبود، والمتابَعة للرسول -[-، وقد جمَع الله بينَهما في قوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(الْكَهْ فِ: 110)، وذلكم هو مقتضى الشهادتين، ففي الحديث القدسي، يقول الله -جل جلاله-: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» (رواه مسلم)؛ فالشركُ ظلمٌ عظيمٌ، لا ينفع معه عملٌ، ولا يغفره الله -عز وجل-، فمَنْ صرَف شيئًا من العبادات لغير الله، فقد حبط عملُه، وهو في الآخرة من الخاسرين، لا تنفعه شفاعةُ الشافعينَ، ولا دعاءُ الصالحينَ، فقد قال اللهُ لرسوله الكريم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}(ا لزُّمَرِ: 65-66). وأمَّا الشرطُ الثاني من شروط قَبول العبادة، فهو متابَعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد بها، أداء العبادة، بالصفة التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مِنْ غيرِ زيادةٍ ولا نقصانٍ؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(الْحُجُ رَاتِ: 1)؛ فلا يجوزُ لأحدٍ أَنْ يعبدَ الواحدَ الأحدَ، إلَّا بما شرَعَه رسولُه - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو المبلِّغ عَنْ ربِّه، والداعي إلى رضوانه، وفي الصحيحين: قال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ»؛ -أي: فهو باطلٌ مردودٌ غيرُ معتدٍّ به-؛ فالعبادة بكل متعلقاتها، مِنْ جنس العبادة وسببها، وصفتها ومقدارها، وزمانها ومكانها، كلُّ ذلك متوقِّفٌ على الدليل، من كتاب الله، وسُنَّة الرسول، كما قال -سبحانه-: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(الشُّور َى: 21).