تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: اللغة في الخطاب المكتوب.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    73

    افتراضي اللغة في الخطاب المكتوب.

    ممن كتب وأفاض في هذا الباب- الإمام القلقشنديّ في كتابه "صبح الأعشى" فكان مما ذكر " الأصل الثامن:
    أن يعرف مقدار فهم كل طبقة من المخاطبين في المكاتبات من اللسان فيخاطب كل أحد بما يناسبه من اللفظ، وما يصل إليه فهمه من الخطاب.
    قال أبو هلال العسكري في كتابة الصناعتين: أول ما ينبغي أن تستعمل في كتابك مكاتبة كل فريق على مقدار طبقتهم في الكلام وقوتهم في المنطق. قال: والشاهد على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب إلى أهل فارس، كتب إليهم بما يمكنهم ترجمته فكتب إليهم: " من محمد رسول الله إلى كسرى أبرويز عظيم فارس، سلامٌ على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة " لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين " فأسلم تسلم، وإن أبيت فإثم المجوس عليك " فسهل رسول الله صلى الله عليه وسلم الألفاظ غاية التسهيل حتى لا يخفى منها شيءٌ من له أدنى معرفةٍ بالعربية.
    ولما أراد أن يكتب إلى قوم من العرب، فخم اللفظ لما عرف من قوتهم على فهمه، وعادتهم بسماع مثله، فكتب لوائل بن حجر الحضرمي: " من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة من أهل حضرموت بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. على التيعة الشاة، والتيمة لصاحبها، وفي السيوف الخمس، لا خلاط، ولا ورط، ولا شناق، ولا شغار، ومن أجبى فقد أربى، وكل مسكر حرام " .
    وقد ذكر العسكري أيضاً في باب الإطناب ما يحسن أن يكون شاهداً لذلك من القرآن الكريم فقال: قد رأينا أن الله تعالى إذا خاطب العرب والأعراب، أخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي كما في قوله تعالى خطاباً لأهل مكة " إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " وقوله: " أو ألقى السمع وهو شهيدٌ " في أشباهٍ كثيرةٍ لذلك. وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم، جعل الكلام مبسوطاً، كما في سورة طة وأشباهها، حتى إنه قلما تجد قصةً لبني إسرائيل في القرآن إلا مطولة مشروحةً ومكررةً في مواضع معادةً، لبعد فهمهم، وتأخر معرفتهم.قال في مواد البيان: فيجب على الكاتب أن يتنقل في استعمال الألفاظ على حسب ما تقتضيه رتب الخطاب والمخاطبين، وتوجبه الأحوال المتغايرة، والأوقات المختلفة، ليكون كلامه مشاكلاً لكل منها، فإن أحكام الكلام تتغير بحكم تغير الأزمنة والأمكنة ومنازل المخاطبين والمكاتبين.
    قال: ولتحري الصدر الأول من الكتاب إيقاع المناسبة بين كتبهم وبين الأشياء المتقدمة الذكر استعمل كتاب الدولة الأموية من الألفاظ العربية الفحلة، والمتينة الجزلة، ما لم تستعمل مثله الدولة العباسية، لأن كتاب الدولة الأموية قصدوا ما شاكل زمانهم الذي استفاضت فيه علوم العرب ولغاتهم، حتى عدت في جملة الفضائل التي يثابر على اقتنائها، والأمكنة التي نزلها ملوكهم من بلاد العرب، والرجال الذين كانت الكتب تصدر إليهم، وهم أهل الفصاحة واللسن والخطابة والشعر.

    يتبع...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    73

    افتراضي بقيّة : اللغة في الخطاب المكتوب.

    "أما زمان بني العباس، فإن الهمم تقاصرت عما كانت مقبلة على تطلبه فيما تقدم من العلوم المقدم ذكرها، وشغلت بغيرها من علوم الدين، ونزل ملوكهم ديار العراق وما يجاورها من بلاد فارس، وليس استفاضة لغة العرب فيها كاستفاضتها في أرض الحجاز والشام. ومن المعلوم أن القوم الذين كانوا يكاتبون عنهم لا يجارون تلك الطبقة في الفصاحة والمعرفة بدلالات الكلام، فانتقل كتابها من اللفظ المتين الجزل، إلى اللفظ الرقيق السهل، وكذلك انتقل متأخرو الكتاب عن ألفاظ المتقدمين إلى ما هو أعذب منها وأخف، للمعنى المتقدم ذكره.
    قال: وحينئذ ينبغي للكاتب أن يراعي هذه الأحوال، ويوقع المشاكلة بين ما يكتبه وبينها، فإذا احتاج إلى إصدار كتاب إلى ناحيةٍ من النواحي، فلينظر في أحوال قاطنيها، فإن كانوا من الأدباء البلغاء العارفين بنظم الكلام وتأليفه، فليودع كتابه الألفاظ الجزلة، التي إذا حليت بها المعاني زادتها فخامة في القلوب، وجلالةً في الصدور، وإن كانوا ممن لا يفرق بين خاص الكلام وعامه، فليضمن كتابه الألفاظ التي يتساوى سامعوها في إدراك معانيها، فإنه متى عدل عن ذلك ضاع كلامه، ولم يصل معنى ما كتب فيه إلى من كاتبه، لأن الكلام البليغ إنما هو موضوعٌ بإزاء أفهام البلغاء والفصحاء، فأما العوام والحشوة، فإنما يصل إلى أفهمامهم الكلام العاطل من حلى النظم، العاري من كسوة التأليف، فيجب على الكاتب أن يستعمل في مخاطبة من هذه صورته أدنى رتب البلاغة وأقربها من أفهام العامة والأمم الأعجمية إذا كتب إليهم.ثم قال: فأما الكتب المعتدة عن السلطان، فإن منها كتب الفتوحات والسلامات ونحوها، وهي محتملةٌ للألفاظ الفصيحة الجزلة، والإطالة القاضية بإشباع المعنى، ووصوله إلى أفهام كافة سامعيه من الخاص والعام، ومنها كتب الخراج وجبايته وأمور المعاملات والحساب، وهي لا تحتمل اللفظ الفصيح، ولا الكلام الوجيز، لأنها مبنية على تمثيل ما يعمل عليه، وإفهام من لا يصل المعنى إلى فهمه إلا بالبيان الشافي في العبارة.
    ومنها مخاطبته السلطان عن نفسه، فيجب فيها مخاطبته على قدر مكانه من الخدمة من الألفاظ المتوسطة، ولا يجوز أن يستعمل فيها الفصيحة التي لا تحتمل من تابع فيحق متبوع، لما فيه من تعاطي التفاصح على سلطانه، وهو غير جائز في أدب الملوك، وكذلك لا يجوز فيه تعاطي الألفاظ المبتذلة الدائرة بين السوقة، لما في ذلك من الوضع من السلطان بمقابلته إياه بما لا يشبه رتبته.
    وأما الكتب الإخوانيات النافذة في التهاني والتعازي، فإنها تحتمل الألفاظ الغربية القوية الأخذ بمجامع القلوب، الواقعة أحسن المواقع من النفوس، لأنها مبنية على تحسين اللفظ، وتزيين النظم، وإظهار البلاغة فيها مستحسنٌ واقعٌ موقعه".



    هذا ما كان من أمر اللغة في الخطاب المكتوب فيما مضى، فما أمرها في هذا العصرالذي أصبحت العربيّة غريبة حتى في ديارها؟.

    نريد آراء الإخوة حول اللغة في الخطاب المكتوب في هذا العصر.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •