تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 42 من 42

الموضوع: جنايات على العلم والمنهج (8)..ظاهر اللفظ

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (8)..ظاهر اللفظ

    الشيخ الفاضل أبا فهر حفظكم الله . . بارك الله فيكم ونفع بكم .

    هو نحن أصلا لا نختلف كثيرا في حقيقة القضية . . هي قضية السابق إلى الذهن ومدى جواز الاعتماد عليها .
    وإنما كان الاختلاف بيننا في مسألتين :

    (1) أولاهما : فهم مراد الشافعي بمصطلح (الظاهر) عنده ، بخصوصه ، أو مراد أمثاله من السلف بهذا المصطلح .
    (2) والثانية : كيفية تعامل الفرد من هذو الأمة مع (السابق إلى ذهنه من معاني الكتاب والسنة .

    فلي في المسألة الأولى ست مقامات في مناسبتين : مناسبة الدعوى ومناسبة الرد على المخالف . ففي الأولى : الاستعراض والاحتجاج والاستئناس . وفي الثانية : الممانعة والمعارضة والمناقضة .

    ففي (الاستعراض) أدعى أن مراد الشافعي بمصطلح (الظاهر) في كتاباته على نمطين : إما أن يريد به (ظاهر اللفظ والصيغة) أي شكله ومخرجه - وهذا هو الذي لا يختلف فيه الاثنان ، وإما أن يريد به (ظاهر المعنى والمفهوم) أي راجحه عند الاستقلال من النصوص الأخرى - وهذا هو الذي قد يختلف فيه الأنظار .

    وفي مقام (الاحتجاج) أتيت بنصوص الشافعي تشهد على هذه الدعوى مني بالصحة والسداد إن شاء الله . فمثل قوله : (عام الظاهر يراد به الخاص) لا يمكن أن يفسر مصطلح (الظاهر) هنا بظاهر المعنى ولا بظاهر الفهم ولا بالسابق إلى ذهن فلان ، فإنه لم يقل : (عام عند الجاهل وخاص عند العالم) فلم يفرق هنا بين فلان وفلان ، بل قال : (عام الظاهر وخاص المراد) . فالتفسير الصحيح الوحيد لمثل هذا الاستخدام من الإمام لمصطلح الظاهر - والذي قابله بمصطاح (المراد) أو (الباطن المراد) - هو ظاهر اللفظ ، أي ما شهدنا من مخرج اللفظ وشكله وتركيبه الصوري بصرف النظر عما حوى اللفظ في ذلك النص المعين من المعنى والدلالة والمقصود والمراد. فقوله : (عام الظاهر يراد به الخاص) معناه : (عام الصورة خاص المقصود) . وكونه عام الصورة هو مثل إضافة الألف واللام إليه - ما يجعله يصدق على جميع الناس (أو بمصطلح الشافعي : لمن يلزمه اسم الناس) . وكونه خاص المقصود هو أن يراد بهذا اللفظ العام المخرج غي هذا النص بعينه : بعض الناس دون بعض .

    وأما مثل قوله (هذا النص يحتمل معنيين الظاهر منهما كذا) وقوله (وكان هذا المعنى هو الظاهر من الآية) ومقل قوله (هذا أظهر معانيها) فمصطلح (لظاهر) هنا مقابله (الباطن المستكره) لا (الباطن المراد) . إذن هو (الظاهر في المعنى) لا (في اللفظ) . وهذا هو (الاحتمال الراجح من معاني النص عند الاستقلال عن النصوص الأخرى) ، ثم قد تقوي النصوص الأخرى هذا المعنى الراجح المؤقت وقد تخالفه ويجعله مرجوحا .

    وفي مقام (الاستئناس) ذكرت موارد هذا المصطلح - مصطلح (الظاهر) - في كلام الإمام الطبري في تفسيري . . للتدليل على أن الشافعي ليس هو وحده الذي استخدم هذا المصطلح بذلك الاستخدام ، بل شاركه غيره من السلف . فكان واضحا جليا من صنيع الإمام الطبري أنه إما أن يستخدم مصطلح (الظاهر) في مقابل (المعنى والمراد والتأويل) وإما أن يستخدمه في مقابل (المستنكر والمستبعد والمحتمل الخفي) . فالأول لا معنى له إلا (ظاهر اللفظ وشكله) . والثاني لا معنى له إلا (ظاهر المعنى وراجحه) . . تماما مثل ما اعتاد عليه الإمام الشافعي .

    أختصر الكلام فأقول : أما في المسألة الثانية ، والذي هو مسألة (كيفية تعامل المرء مع السابق إلى فهمه من معنى النص) . . فنحن أصلا لا نختلف في أن النص لا يفهم فهما صحيحا على وجه قطعي - أو بمصطلح الشافعي : على الإحاطة وإصابه الحق في الباطن - إلا بعد جمع الباب على يد عالم باللسان متضلع بمعرفة السنن بصير بكلام من سبقه من أهل العلم . لكن أقول : عند الاشتباه وتكافؤ الظنون ، يعمل المرء بما ترجح لديه من معاني النص بعد إخلاص النية وصدق الاجتهاد مع مزيد التعلم والتفهم ولا يتكئ على مجرد السابق إلى ذهنه في أول وهلة . . فإنما هو معنى راجح مؤقتا لا دائما مستمرا . وبالجملة : على المرء - مهما كان علمه وجهله - أن يجتهد في بلوغ الحق بقدر المستطاع بما تيسر في يديه من الدلائل نصا وقياسا أو بتقليد من ترجح لديه علمه وورعه من العلماء ، مع مزيد الاستمرار في ترقية النفس وترقية الفهم .

    أختم هذا الكلام بكلام الإمام رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن المسلمين خيرا كثيرا :

    ( وإذا كان هذا هكذا، كان على العالم أن لا يقول إلا من جهة العلم. وجهة العلم: الخبر اللازم والقياس بالدلائل على الصواب .. ولو قال بلا خبر لازم وقياس كان أقرب من الإثم من الذي قال وهو غير عالم وكان القول لغير أهل العلم جائزا . ولم يجعل الله لاحد بعد رسول الله أن يقول إلا من جهة علم مضى قبله وجهة العلم بعدُ: الكتاب والسنة والإجماع والآثار وما وصفت من القياس عليها .
    ولا يقيس إلا من جمع الآلة التي له القياس بها، وهي العلم بأحكام كتاب الله وفرضه وادبه وناسخه ومنسوخه وعامة وخاصة وإرشاده، ويستدل على ما احتمل التأويل منه بسنن رسول الله، فإذا لم يجد سنة فبإجماع المسلمين، فإن لم يكون إجماع فبالقياس. ولا يكون لاحد أن يقيس حتى يكون عالما بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف وإجماع الناس واختلافهم ولسان العرب. ولا يكون له أن يقيس حتى يكون صحيح العقل وحتى يفرق بين المشتبه ولا يعجّل بالقول به دون التثبيت. ولا يمتنع من الاستماع ممن خالفه لأنه قد يتنبه بالاستماع لترك الغفلة ويزداد به تثبيتا فيما اعتقده من الصواب.

    وعليه في ذلك بلوغ غاية جهده والإنصاف من نفسه حتى يعرف من أين قال ما يقول وترك ما يترك. ولا يكون بما قال - أعنى منه بما خالفه - حتى يعرف فضل ما يصير إليه على ما ترك إن شاء الله. فأما من تم عقله ولم يكن عالما بما وصفنا فلا يحل له أن يقول بقياس وذلك أنه لا يعرف ما يقيس عليه كما لا يحل لفقيه عاقل أن يقول في ثمن درهم ولا خبرة له بسوقه.

    ومن كان عالما بما وصفنا بالحفظ لا بحقيقة المعرفة، فليس له أن يقول أيضا بقياس لأنه قد يذهب عليه عقل المعاني. وكذلك لو كان حافظا مقصرا العقل أو مقصرا عن علم لسان العرب، لم يكن له أن يقيس من قبل نقص عقله عن الآلة التي يجوز بها القياس. ولا نقول يسع هذا - والله أعلم - أن يقول أبدا إلا اتباعا ولا قياسا. )

    بارك الله فيكم - شيخنا الكريم - ونفع بكم

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (8)..ظاهر اللفظ

    أما بخصوص لفظ (القرية) ، فتحريرات ابن تيمية عندي أفضل من إطلاق الشافعي والطبري رحمهم الله . . بحجة الشهرة والشيوع أيضا ، والله أعلم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •