عن عامر بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى العقيق ثم رجع فقال يا عائشة جئنا من هذا العقيق فما ألين موطئه وأعذب ماءه قالت يا رسول الله أفلا ننتقل إليه قالوا كيف وقد ابتنى الناس.
ما صحة هذا الحديث ؟
عن عامر بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى العقيق ثم رجع فقال يا عائشة جئنا من هذا العقيق فما ألين موطئه وأعذب ماءه قالت يا رسول الله أفلا ننتقل إليه قالوا كيف وقد ابتنى الناس.
ما صحة هذا الحديث ؟
حديث موضوع.
أخرجه ابن النجار في الدرة الثمينة في أخبار المدينة (1/55)، والتقي الفاسي في شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (2/401) بنفس إسناد ابن النجار ولعله نقله منه، وعزاه السمهودي لابن زبالة في خلاصة الوفا (2/506)، وذكره البكري في المسالك والممالك (1/418) بصيغة التضعيف.
من طريق الزبير بن بكار، قال: حدثنا محمد بن الحسن، عن عمر بن عثمان بن عمر، حدثنا موسى، عن أيوب بن سلمة، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:
ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العقيق، ثم رجع فقال: ((يا عائشة، جئنا من هذا العقيق فما ألين موطئه وأعذب ماءه)) . قالت: يا رسول الله أفلا ننقل إليه؟ فقال: ((كيف وقد ابتنى الناس؟!)). اهـ.
وهذا إسناد فيه محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي وهو كذاب، قال فيه الحافظ ابن حجر في التقريب : "كذبوه"، وقال زكريا الساجي : "وضع حديثا على مالك وكتابا في الانساب فجفاه أهل المدينة"، وقال فيه ابن معين: "كذاب خبيث". وقال أحمد بن صالح المصري: "كان يضع الحديث". وقال أبو داود : "كذابا المدينة: محمد بن الحسن بن زبالة، ووهب بن وهب أبو البختري".
قوله : "عن عمر بن عثمان بن عمر، حدثنا موسى" تصحيف، وإلا فليس هناك من هو اسمه موسى من شيوخ عمر بن عثمان بن عمر.
والصواب : "عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُوسَى التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ " كما في تاريخ دمشق لابن عساكر [10 : 99] وغيره.
حيث نحو هذا الإسناد مروي في حديث آخر في فضيلة وادي العقيق وبركته.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير [1323] فقال: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، سَمِعَ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيّ بِالْمُعَرَّسِ، فَقَالَ: " لَقَدْ أَتَيْتُ فَقِيلَ: إِنَّكَ لَبَالْوَادِي الْمُبَارَكِ "، يَعْنِي الْعَقِيقَ. اهـ.
وإسناده حسن، عمر بن عثمان بن عمر القرشي "صدوق" كذا قال الحافظ ابن حجر، وذكره ابن حبان في الثقات وقال : "مستقيم الحديث"، وأما قول يحيى بن معين : "لا أعرفه" يدفع بمن عرفه.
وهو مخرج في صحيح البخاري (٧٣٤٣) والبيهقي (٩١٠٧) واللفظ له من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" أتاني جبرائيلُ عليه السلامُ وأنا بالعقيقِ فقال: " صَلِّ في هذا الوادي المباركِ ركعتَين وقل عمرةً في حجَّةٍ فقد دخلتِ العمرةُ في الحجِّ إلى يومِ القيامةِ ". اهـ.
وإن مما يدل على وضع هذا الحديث وبطلانه بهذا اللفظ: "كيف وقد ابتني الناس"، أنه جاء من طريق آخر بلفظ: «يا عائشة، هذا المنزل لولا كثرة الهوامّ».
قال [أبو نمر] : خرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم في مغزاه ومعه عائشة، فمرّ بجانب العقيق، فقال: «يا عائشة، هذا المنزل لولا كثرة الهوامّ».
ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1442) في ترجمة أخي أبي نمر فقال: روى محمد بن طلحة [الطويل] التيمى عن عبد الحكيم بن سفيان ابن أبى نمر عن أبيه عن عمه أخى أبى نمر ". اهـ.
تقدم مثله في ترجمة عبد الحكيم (3 / 1 / 35) ووقع في الاصابة في ترجمة أبى نمر فقال:
(أورد ابن السكن من طريق محمد بن طلحة التيمى حدثنى عبد الحكم [كذا] بن سفيان بن ابى نمر عن عمه عن ابيه قال خرج رسول الله ...)، وعلى هذا يكون الحديث من مسند ابى نمر لامن مسند اخيه.
وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 29934 وعزاه للبغوي عن سفيان بن أبي نمر عن أبيه.
وهذا يعني أن الراوي عن أبي النمر إما من طريق ابن السكن عن ابنه سفيان بن أبي نمر وإما من طريق المتقي الهندي عن عم عبد الحكيم ولعله عبد الله بن أبي نمر أبو شريك.
وكلاهما أي (سفيان بن أبي نمر وعبد الله بن أبي نمر) بهما جهالة لم يذكرا بجرح ولا تعديل، والله أعلم.
جزاكم الله خيراً .