[B]شاء الله ... أشكرك أخي الفاضل على هذا العرض الطيب ... ولفت انتباهي أن ( المدخل النظري ) قد اشتمل على عدد من المصطلحات والأدوات المألوفة وهي:
الوحدة الموضوعية
علم المناسبة
المحور
القسم
المقطع
التذييل
التناسب
الفاصلة
الفاصلة الخارجية
الفاصلة الداخلية
فاصلة التصدير
فاصلة التعقيب والتكميل
وذكرت أنك ستعود إليها بالإيضاح والبيان في ( المدخل التطبيقي ) ... آمل أن تأذن لي ببيان ما فتح الله به علي من قراءة للمحاور في سورة البقرة من منظور هذه المقدمة المؤنقة
ينتظم السورة ثلاثة نداءات مميزات لمفاصل السورة ومحاورها ... في درج المقدمة نداء الناس جميعا وهو النداء العام وهو أول نداء في القرآن الكريم ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون )
والنداء الثاني ويمثل البداية الفعلية لموضوعات المحور الأول من السورة لأعظم فئة من الناس كانت تستطيل على الأمم بانتسابها للأنبياء بالنسب دون العمل على مزاعم اختلقوها يشعرون فيها بالتميز والاستعلاء .وهم ( أمة بني إسرائيل ) ويأتي النداء الثالث الرئيس وهو نداء ( الذين آمنوا ) وهم الأمة المسلمة أو المسلمين وفيه تبدأ أحكام هذا الدين وشرائعه من قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين )
وكانت الأقسام التي حددتها قبلها وتذكر إبراهيم الخليل عليه والسلام وقسم تحويل القبلة بمثابة الإلتفات والتمهيد .. إلتفات عن أمة وإقبال على الأمة الجديدة ( المحمدية ) وما أحسن قول أحدهم : سورة البقرة عزل وتولية
عزلت بني إسرائيل عن شرف الانتساب لملة إبراهيم وذكرت الصلة القوية للأمة المحمدية بإبراهيم وابنه اسماعيل من ناحيتي الشرف النسب والمبدأ . معا ويفسره قوله تعالى من سورة آل عمران ( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد )
فإذا قلت ورد نداء الناس في المحور الثاني مرة وورد نداء الذين آمنوا في المحور الأول مرة. فكيف تفسره ...قلت: يجيء هذا على طريقة القرآن في ربط المعاني وتأكيدها بما يسميه المثاني فالمعنى يثنى للسامع والقاريء ليحصل به الفهم... وكذلك ورد نداء الناس في في سياق التوحيد والإفراد وهي من قضايا وأهداف القرآن الكبرى وهو قوله تعالى : ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) وورد نداء الذين آمنوا مرة في المحور الأول في سياق الحذر من خبث اليهود في الخطاب وسوء الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم من قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم )
وكانت الآيات قد بينت بالصريح توجيه الخطاب لأي الأمتين وتنكر على اليهود الشذوذ والاستطالة في القول والعمل ومخالفة ملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام
الأمة المسلمة :
( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم )
وقوله تعالى : ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) .
ويفسره قوله تعالى في سورة آل عمران : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين )
أمة بني إسرائيل:
( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون )
وتكرار الخطاب في منتصف السورة من قوله تعالى : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ )
كان الأول متجها إلى بني إسرائيل وَيُبْطِلُ مَذْهَبَ مَنْ يَزْعُمُ مِنْ الْيَهُودِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ بِصَلَاحِ آبَائِهِمْ
وكان الثاني متجها إلى الأمة المسلمة بالتأكيد على أهمية الاتباع لملة إبراهيم حنيفًا وأن من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه
وكانت هذه الآيات لبداية المحور الأول الذي يبدأ بقوله تعالى: ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون )
وينتهي بقوله تعالى يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين + واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون ) وهذا ما كنت تعنيه بالفاصلة الخارجية . فتكرار الآية بلفظها تنبيه للقاريء والسامع لبداية ونهاية أحد معاني السورة وأغراضها الكبرى
وتكرار البداية للمحور في نفس الصفحة أو نحوها يسمى ( فاصلة الباب ) لأنها باب المعنى وبدايته وهذا نصه :
( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون .......
......
( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين + واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون )
وتكرار الآية:
قوله تعالى : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ )
فاصلة خارجية ... وهي فاصل الباب للحور الثاني
فالمعنى بها وبعدها بدأ يأخذ منحى مختلف متجها نحو بيان فضل الله على الأمة المسلمة الخليقة بالانتساب للخليل قولا وعملا وشريعة
ولا يفوتك ربط هذه المعاني وأنت تتلو التشهد الأخير من كل صلاتك ... دمت بود أخي الفاضل
[
/B]