دعم السلوك الإيجابي (2)
ريم بنت عبد العزيز بن محمد الشويش
تعرضنا في الجزء الأول من هذا الموضوع إلى تحقيق نموذج دعم السلوك الإيجابي كمنهج تربوي ينطلق من مبادئنا الشرعية التي تربي المسلم منذ أول دقائق وجوده في هذه الحياة.
وذكرنا أن التربويين في الدول الغربية حققوا تقدماً في إثبات فاعلية دعم السلوك الإيجابي في الحد من المشاكل السلوكية والتفاعل الإيجابي في كافة المجالات.
في حين أن الشريعة الإسلامية شع نورها في الكون منذ ما يقارب ألف وأربعمائة عام, وحققت انتشاراً واسعاً في الأقطار, فإن دعم السلوك الإيجابي كمنهج يرى الغرب أنه منهج حديث ظهر مابين عام 1980-1990م كنموذج يُعزِز الجانب الإيجابي في سلوك المتعلم وطريقته في التعامل في حياته اليومية.
وكانت أهداف هذا النموذج تدور في دائرة خدمة طلاب التربية الخاصة، والذين يعانون من احتياجات تربوية خاصة, ثم اتسعت الدائرة بعد تحقيق الفاعلية، و شمل الاهتمام جميع الطلاب في التعليم العام، إضافة لذوي الاحتياج الخاص, مما يعني توفير بيئة تعليمية إيجابية للطلاب جميعًا.
وقد أكّد الباحثون عند العمل على هذا النموذج على أن الوقاية جزء كبير من الحل، وأنه يجب استثمار التدخلات الفردية بشكل أكبر، فالتدخل لتغيير السلوك يصبح أكثر فاعلية إذا تم اعتماده كإستراتيجية وقائية توفر للمتعلم تلقي السلوك الإيجابي، وهذا يُحسب لميدان التربية الخاصة في تقديم حل مثالي يرتكز على مبادئ مهمة تعتمدها التربية الخاصة في أهدافها وهي:
1- الوقاية.
2- الشمولية.
3- التفريد أو التدخل الفردي.
وقد انطلق هذا النموذج من خلال أهداف محددة هي:
- تقديم نظام متكامل من التقييم والتشخيص لإثبات أهلية الطالب للتدخل التربوي المُكثَف.
- تقديم خطة دعم فردية لعلاج السلوك الغير مرغوب فيه، وإبداله بسلوك مرغوب من خلال مبدأ تعزيز السلوك الإيجابي أو المرغوب.
- حصول الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة على التعليم المناسب في بيئة أقل تقييدًا .
دعم السلوك الإيجابي كنموذج مدرسي:
اجتهد الباحثون في إنشاء ما يسمى (المدرسة الشاملة) ويرمز لها بالرمز (SWPBS) اختصاراً للمصطلح ((School Wide Positive Behavior Support و يعني المدرسة الشاملة لدعم السلوك الإيجابي التي تعتمد في فلسفتها على منهج دعم السلوك الإيجابي. حيث إنه يتضمن تطبيقات للممارسة داخل المدرسة وخارجها.
ويتضمن نظام هذه المدارس خطط قائمة على البيانات تقوم على تحسين البيئة المدرسية العامة اعتماداً على عناصر أساسية هي:
1. وضع خطة يتم فيها تحديد التوقعات للسلوك الإيجابي في المدرسة (ماذا تتوقع من المتعلم؟ , أو ماذا تريد منه؟).
2. فريق عمل مؤهل لتطبيق النموذج بداية من الإدارة المدرسية وانتهاءً بحارس المدرسة.
3. تدريب المعلمين على مبادئ وأسس التعزيز وكيف ومتى يُستخدم.
4. تعليمات لمباشرة للسلوك المطلوب تحقيقه ( قوانين واضحة).
5. محاولة منع السلوك الغير مرغوب فيه، والذي يمكن التنبؤ به خلال ملاحظة المتعلمين وتوثيق ذلك بالبيانات.
6. نظام متكامل مبنى على استخدام البيانات بداية من الوقاية، ومروراً بالتدخل والتقييم، وانتهاءً بالمتابعة الدورية المستمرة للتحقق من تحقيق الأهداف.
ولعل من المهم الإشارة إلى أن هناك محظورات شدد الباحثون على منعها عند تطبيق هذا النموذج، حيث يجب الابتعاد عن العقاب الجسدي، واستخدام بعض الأساليب المُنفِرة كالاستهزاء بالمتعلم، أو معاقبته بالوقوف أثناء الدرس، أو الحرمان من الخروج مع الطلبة لتناول الوجبة وما إلى ذلك من المُنفِرات.
والحديث عن هذا النموذج يطول من حيث مراحل تطبيقه وأهمية كل مرحلة و أدبيات هذا النموذج التي يجب أن يحرص عليها المربون عند تطبيقه.
ولكن الهدف من عرض النموذج هو تنوير الأذهان بإيجابيتنا الأخلاقية التي تتوازى تماماً مع أسس هذا النموذج.
إضافة لتسليط الضوء على جهود المربين في ميدان التربية الخاصة؛ لتوفير خدمات وبرامج تحقق لذوي الاحتياجات الخاصة البيئة المناسبة والأقل تقييداً كما هو مشروع لهم ولغيرهم.
نسأل الله أن يبارك لنا ولكم ويرزقنا العلم النافع والعمل به.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــ
المراجع:
Tincani, M., (2007). Moving Forward: Positive Behavior Support
and Applied Behavior Analysis. The Behavior Analyst Today, Volume 8, Issue 4.
TRUSSELL , R., (2008). Classroom Universals to Prevent Problem Behaviors. Hammill Institute on Disabilities, VOL. 43, NO. 3, (PP. 179–185).
Turnbull, A., & Turnbull, H. (2000).Behavioral Issues and IDEA: Positive Behavioral Interventions and Supports and the Functional Behavioral Assessment in the Disciplinary Context. EXCEPTIONALITY, 8(3).