تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل هناك نقول عن السلف في مسالة تسلسل الحوادث

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2019
    المشاركات
    260

    افتراضي هل هناك نقول عن السلف في مسالة تسلسل الحوادث

    هل هناك نقول عن السلف في مسالة تسلسل الحوادث ؟؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2019
    المشاركات
    260

    افتراضي رد: هل هناك نقول عن السلف في مسالة تسلسل الحوادث

    اي نقل يمكن الاستدلال به علي مذهبهم ؟؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    166

    افتراضي رد: هل هناك نقول عن السلف في مسالة تسلسل الحوادث

    السلام عليكم،
    وردَ في موضوع (657 فائدة من فوائد من شرح العقيدة الطحاوية) الموجود في هذا الموقع; ما يتعلق بالجواب على سؤالك:


    - مسألة: تسلسل الحوادث حتى نفهم هذه المسألة التي ذكرها الإمام الطحاوي لابد أن نفهم أولًا جملًا من القواعد السلفية السنية، وإذا فهمنا هذه القواعد السلفية السنية المنبثقة من الكتاب والسنة فإننا سنفهم مسألة تسلسل الحوادث وما المقبول منه وما المردود ، وما الحق فيه وما الباطل.
    - القاعدة الأولى: لم يزل الله متصفًا بصفات الكمال في الأزل والأبد.
    وهذا متفق عليه بين أهل السنة والجماعة ، فيجب عليك أن تؤمن إيمانًا جازمًا بأن الله متصف بصفاته في الأزل الذي لا أول له، وفي الأبد الذي لا نهاية له ، لأنه الأول بصفاته قبل كل شيء، فليس قبله شيء، وهو الآخر بصفاته فليس بعده شيء، كما قال النبي ﷺ في الصحيح: «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء» ، وهي أولية الذات بالصفات ، فليست ذاته متقدمة على صفاته، وليست صفاته متقدمة على ذاته، وإنما هو الأول بذاته وصفاته ليس قبله شيء، وهو الآخر ذاتًا وصفاتًا ليس بعده شيء.
    - القاعدة الثانية: صفات كماله -عز وجل- ذاتية وفعلية.
    أما الصفات الذاتية فقد عرفنا أنها التي لا تنفك عنه لا أزلًا ولا أبدًا.
    وصفاته الفعلية أيضًا هي لا تنفك عنه لا أزلًا ولا أبدًا، فأما آحادها فإنه حادث مثل صفة الكلام، فهو باعتبار أصله صفة ذاتية، وباعتبار أفراده وآحاده صفة فعلية، وكذلك الغضب، هو باعتبار أصله صفة ذاتية، وباعتبار وقوع غضب الله صفة فعلية ، وكذلك فرحه هو باعتبار أصله صفة ذاتية، أي: أن الله قادر أن يفرح متى شاء، فلم يكن عاجزًا عن الفرح ثم قدر على الفرح، بل هو قادر على أن يفرح متى شاء، فقدرته على الفرح قديمة ذاتية، لكن كونه يفرح في هذا الوقت مثلاً، أو كونه يفرح بدخول أهل الجنة الجنة، وكونه يفرح بتوبة عبده هذه فعلية، ففعل الله تعالى لها لا يدل على أنه الآن قدر عليها، بل قدرته عليها سابقة على فعله لها، فخذوها قاعدة "صفات الفعل قديمة النوع حادثة الآحاد"، وهذا كما قلناه تمامًا في صفة الكلام.
    - القاعدة الثالثة: صفات الفعل لله -عز وجل- قديمة النوع حادثة الآحاد وقولنا " قديمة النوع" أي: أن الله تعالى قادر على فعلها متى شاء، ليس بعاجز أن يفعلها، لكن متى ما وقع فعل الله تعالى لها وأراد فعلها بحكمته فعلها، ففعله لها الآن ليس دليلًا على أنه عاجزًا عنها سابقًا , فهذا ينطبق على جميع صفات الله تعالى الفعلية، فالاستواء الله قادر على أن يستوي قبل أن يستوي، فقدرته عليه باعتبار الأصل ذاتي، لأنها تتعلق بقدرة الله , وكذلك يقال في صفة : القبض، النزول إلى السماء الدنيا، الفرح، الغضب، الرضا، الرحمة، كلها باعتبار آحادها فعلية، وباعتبار أصل القدرة عليها ذاتية.
    - القاعدة الرابعة: من عطَّل –أنكر- الله عن شيء من صفات كماله الذاتية أو الفعلية فهو ضال مبتدع.
    وقد وقع في مخالفة هذه القاعدة جميع أهل البدع الذين يعطلون الله تعالى في الأزل عن صفاته الفعلية، فيقولون: لم يكن ربنا قادرًا على الكلام ثم حدثت له القدرة فيما بعد، ولم يكن ربنا قادرًا على أن يفعل ثم حدثت له القدرة على الفعل فيما بعد ، ولم يكن ربنا قادرًا على الخلق ثم حدثت له القدرة على الخلق فيما بعد، وهل هذا صحيح؟ نقول : لا، – وأعوذ بالله من هذا الكلام – وهذا باطل بالإجماع بدلالة الكتاب والسنة فهؤلاء المبتدعة يزعمون أن ربنا الذي نعبده ونركع ونسجد له كان معطلًا عن بعض صفات كماله عاجزًا عنها غير قادرٍ عليها ، ثم حدثت له القدرة فيما بعد، - وهذا متفق عليه بين جميع أهل البدع- ، بين الجهمية والمعتزلة وبين الكرَّامية وبين الأشاعرة وغيرهم من طوائف أهل البدع، لكن منهم من يعطل الله عن صفات كماله في طرفي الزمان، فيعطله عن بعض صفات كماله في الأزل ويعطله عن بعض صفات كماله في الأبد، ومنهم من زاد احترامه لله قليلًا فيعطله عن بعض صفات كماله في الأزل، ولكنه لا يعطله عن صفات كماله في الأبد، لكن كلهم متفقون على أن الله كان معطلًا عن بعض صفات كماله ثم حدث له القدرة بعد ذلك.
    - أهل السنة يقولون: الله سبحانه وتعالى لا يزال متصفًا بصفات الكمال ومنعوتًا بنعوت الجمال والجلال والكبرياء والرحمة والإكرام والإجلال في الأزل الذي لا أول له، وفي الأبد الذي لا نهاية له، ولم يمر زمن من الأزمنة كان الله تعالى معطلًا عن شيء من صفات كماله المطلقة.
    - القاعدة الخامسة: الله تعالى هو الفعال لما يريد.
    الله فعال لما يريد، فالذي يقدر على أن يفعل في الأبد ما يشاء فهو قادر على أن يفعل في الأزل ما يشاء ، وليس ثمة زمنٌ أو فترة أو جزء من أجزاء الثانية يكون الله U معطلًا فيها عن القدرة عن فعل ما يريد، فالله الذي نعبده فعال لما يريد
    - القاعدة السادسة تقول : الله هو الأول بصفاته وهو الأخر بصفاته.
    ولينتبه لحرف الباء – " بصفاته" ولا يقال: الله هو الأول وصفاته ، وإنما قل: بـ "صفاته" ؛ وهذا هو تعبير أهل السنة كما ثبت ذلك عن الإمام أحمد - رحمه الله – وجمع من أهل العلم – رحمهم الله -.
    - القاعدة السابعة تقول: الله هو الخالق وما سواه فمخلوق.
    جميع العوالم العلوية والسفلية، الملائكة والإنس والجن، السماوات والأرض، بل قبل أن يخلق الله هذا العالم أوليس هناك عوالم غير هذا العالم؟ نقول : نعم , فجميع هذه العوالم التي قبل عالمنا وعالمنا وما سيأتي بعد عالمنا من عالم البرزخ، وعالم الجنة، وعالم النار، فكل هذه العوالم كلها مخلوقة لله تعالى ، فالله هو الخالق وما سواه فمخلوق، وسواء قلنا: إن المخلوقات قديمة أو قلنا: إنها أبدية آخرية، أي : أنها طويل زمنها، فاعلم أن كل مخلوق فهو مسبوق بعدم نفسه، والذي هو موجود ولم يُسبق بعدم أبدًا هو الله تعالى.
    - القاعدة الثامنة : كل فردٍ من أفراد المخلوقات فهو مسبوق بالعدم.
    أي: مسبوق بعدمه لا بعدم الصفة التي توجده ، وهذا هو المحك الدقيق الذي نريد بيانه ، فكل مخلوق تصورته ولو قبل بلايين السنين، لا دخل لنا في الزمن السابق ولا في الزمن اللاحق، فكل مخلوق يجب علينا أن نعتقد أنه مسبوق بفترة عدم، فقد كان معدومًا ثم وجد، وهذا الذي يقول عليه أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله– أن : كل مخلوق وإن قدم زمنه فهو لابد أن يكون مسبوقًا بعدم نفسه، وقبله مخلوق آخر، فلا يمكن أبدًا أن يُعطل فعل الله عن إيجاد مخلوقات، ولا أن تعطل ربوبيته عن وجود مربوبات ، ولا أن يعطل خلقه عن وجود مخلوقات، لكن من مخلوقاته ما نعلمها ومن مخلوقاته ما اختص بعلمه بها سبحانه.
    - إذا كنا نتكلم عن جنس المخلوقات فلا أول لها، فالذي يثبته ابن تيمية والذي دل عليه القرآن والسنة وإجماع السلف أن :الحوادث باعتبار الجنس والنوع لا أول لها، وأما باعتبار الأعيان والأفراد فلها أول.
    - القاعدة التاسعة: العالم حادث ممكن الوجود لا واجب الوجود.
    سواء كان هو عالمنا هذا أو العوالم التي قبله، فكل ما يسمى عالَم فإنه ممكن الوجود، فعالم الجن ممكن الوجود، وعالم الملائكة ممكن الوجود فإن قيل : وما المراد بممكن الوجود ، وواجب الوجود؟ نقول : هذه عبارات منطقية فلسفية لا نريد أن نشغل الأذهان بها، لكن لابد من فهمها ، فالموجود عندنا قسمان: موجود واجب ، وموجود ممكن.
    فالموجود الواجب هو واحد لا ثاني له وهو الله جلا وعلا ، فهو سبحانه الوجود الذي لا عدم قبله ولا عدم في آخره، هو أول لا أول قبله، وآخر لا آخر بعده، فلا يجوز بناء على ذلك أن نصف أحدًا من المخلوقات بأنه واجب الوجود لأننا نزعم أنه صار شريكًا مع الله تعالى فهذا هو الوجود الواجب ، ولكننا نحن لا نسميه الوجود الواجب في مذهب أهل السنة والجماعة؛ لأن هذه التسمية إنما جاءتنا من علماء الكلام وأهل البدع، لكنها كلمة صحيحة ونحن لا يهمنا الكلام إذا كان معناه صحيحًا مقبولًا، وإلا فالقرآن سماه الأول والآخر، والسنة قالت: «هو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء». وأهل البدع قالوا: هو واجب الوجود، معناها: الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء.
    - أهل السنة يقولون: إن هذا العالم حادث أي : ممكن الوجود لا واجب الوجود، لأننا لو وصفنا العالم بأنه واجب الوجود لكان مثل وجود الله، فجعلناه شريكًا مع الله تعالى كما يقوله الفلاسفة من كفار اليونان وحمقى علماء الكلام الذين يقولون: إن الأفلاك السبعة أو هذا العالم قديم، قديم الأفراد، فالسماوات قديمة لا أول لها، والأرض قديمة لا أول لها، والأفلاك والمجرات والنجوم قديمة لا أول لها، ولذلك هؤلاء هم الصابئة قوم إبراهيم الذين يزعمون أن المتصرف في هذه العالم هي النجوم والأفلاك.
    - القاعدة العاشرة: أهل السنة يقولون: الحوادث متسلسلة في الماضي وفي المستقبل.
    وقبل أن نبدأ في شرح قاعدة أهل السنة والجماعة أولًا لابد من القسمة الرباعية العقلية: أن عندنا الحوادث متسلسلة، فعندنا الماضي الذي هو الأزل، وعندنا الأبد الذي هو المستقبل , فقول أهل السنة والجماعة أن الحوادث متسلسلة في الماضي ومتسلسلة في الأبد، أي : أن كل مخلوق فهو مسبوق بعدم نفسه وقبله مخلوق، والمخلوق الثاني مسبوق بعدم نفسه وقبله مخلوق، وهكذا إلى ما لا نهاية وكذلك في المستقبل نعيم الجنة إذا فني بأكل بعض النعيم كالطيور إذا أُكلت، اللحم إذا أُكل، والخمر إذا شُرب، هل ينقص أم يزداد ؟ نقول : لا تزال الحوادث متسلسلة تخلق إلى ما لا نهاية، لأن أهل الجنة لن يأتي يوم من الأيام ينقطع عنهم النعيم.
    - الحوادث متسلسلة في الأبد، وكذلك هي متسلسلة في الماضي، لكن مع القواعد السابقة أن كل حادثٍ فهو مسبوق بعدم نفسه وقبله مخلوق، وهذا المخلوق الثاني أيضًا مسبوق بعدم نفسه وقبله مخلوق، وهذا المخلوق الثالث مسبوق بعدم نفسه وقبله مخلوق فهي متسلسلة في الماضي ومتسلسلة في المستقبل، وهذا بإجماع أهل السنة والجماعة، هذا هو القول الأول , والقول الثاني – ضد القول الأول -: أن الحوادث ليست بمتسلسلة لا في الماضي ولا في المستقبل : وهذا قول الجهم بن صفوان، وقول أبي الهذيل العلاف من المعتزلة، فهؤلاء يقولون: في الماضي لابد من زمن يكون الحوادث فيه منقطعة والله عاجز عن أن يحدث شيئًا وفي الأبد لابد أن ينقطع نعيم الجنة ونعيم النار، ولذلك يقولون هؤلاء بفناء الجنة وفناء النار، لأنهم لا يتصورون حوادث في الأبد ما لها نهاية، فقالوا: ونعيم الجنة يتنعمون فيها أحقابًا ثم ينقطع نعيمهم فتبرد أعضاؤهم وتتصلب أجسادهم ويفنون فلا يستطيعون أن يتنعموا بعد ذلك بشيء، وتنقطع الحركة عنهم ، وكذلك النار عندهم .
    - أما نحن معاشر أهل السنة فنعتقد أن الله لا يزال يحدث من أنواع العذاب والسلاسل والأغلال لأهل النار إلى ما لا نهاية له وايضا إذا كانت عقولنا تقر بأن أهل الجنة ونعيمهم وأهل النار وعذابهم لا يفنى، فالتسلسل في الأبد متصور، فإذا كان الله قادرًا على التسلسل في الأبد فما الذي يمنعه من التسلسل في الأزل؟ مع أن الكتاب دل على ذلك والسنة ، فقول أهل السنة دل عليه الكتاب والسنة والعقل والفطرة الصحيحة، لأن الفطرة تقتضي بأن الله فعال لما يريد ويخلق ما يشاء متى شاء.
    - القول الثالث: قالوا: إنها ليست متسلسلة في الماضي ، ولكنها متسلسلة في المستقبل، هذا قول أهل البدع أيضًا، ولم يقل به أحد من أهل السنة أبدًا، وهو قول الأشاعرة وقول الكرامية، وقول بعض المعتزلة غير أبي الهذيل العلاف المعتزلي، فقالوا: أما في الماضي فلا يتصور حوادث لا أول لها، وأما في المستقبل فيتصور حوادث لا أول لها.
    - والقول الرابع يقولون: إنها متسلسلة في الماضي، وغير متسلسلة في الأبد، وهذا قول لم يقل به أحد من أمة محمد r فليس هناك أحد من أهل البدع قال: إنها متسلسلة في الماضي وغير متسلسلة في الأبد ، كما قال شارح الطحاوية: (وهذا قول لم يقل به أحد).
    - فالقول الحق في هذه الأقوال الأربعة: هو القول الذي قال به عامة أهل السنة وهو القول الأول، وهي: أن الحوادث ممكنة الوقوع والتسلسل- ممكنة لا واجبة - في الماضي ، وممكنة التسلسل في الأبد إلى ما لا نهاية له كما مثلنا بنعيم الجنة وعذاب النار.
    - فإن قيل : هل إذا قلنا إن الحوادث لا أول لها ولا نهاية لها كما قال أهل السنة هل يلزم مشاركتها مع أولية الله أو مشاركتها في آخرية الله؟
    - نقول : لا، لأننا قلنا: إن كل مخلوق فهو مسبوق بعدم نفسه ، والله وجوده ليس مسبوقًا بعدم، وكل آخرية من المخلوقات فهي ملحوقة، أي : يلحقها العدم ثم يوجد خلق آخر، وأما آخرية الله فإنها لا نهاية لها , إذًا أوائل المخلوقات لا تشارك أولية الله، لأن الله لم يكن له كفوًا أحد في أوليته ولا في آخريته، فليس كمثله شيء لا في أوليته ولا في آخريته فأولية المخلوقات وإن اتفقت مع أولية الله فاتفاقها في الاسم فقط ، لكن في الكيفية والحقيقة تخالفها، وآخرية المخلوقات وإن اتفقت مع آخرية الله في الاسم فقط لكنها في الكيفية والحقيقة تخالفها، والقاعدة تقول : أن الاتفاق في الأسماء لا يستلزم الاتفاق في الصفات والحقائق والكيفيات.
    - وهذا هو الذي يقوله أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله – وهو الذي شنع عليه أهل البدع حتى أن البوطي - رحمه الله – قد شنع على أبي العباس تشنيعًا عظيمًا، وقد أنكر أيضًا عليه الإمام الألباني، وخطَّأ أبا العباس في هذه النظرة، ولكن أبي العباس أقعد وأعرف من الجميع في هذه المسألة، لا يماثلهما في فهمها لا الإمام الألباني ولا غيره – مع توقيرنا لأهل العلم - ، فإذا جئنا لأبي العباس وجئنا في المقارنات فلا والله، فأبو العباس يحكي هذا الأمر عن إجماع أهل السنة والجماعة، وعليها دل القرآن والسنة؛ قال: (وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا، كَذَلِكَ لَا يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا)، أي : الأول الذي لا أول قبله، والآخر الذي لا آخر بعده.
    - القاعدة الحادية عشر: العجز صفة نقص مطلق منزه الله عنها.
    فجميع الأقوال التي تُنسب الله تعالى إلى أنه يفقد شيئًا من صفاته في الأزل أو يفقدها في الأبد فإنها أقوال باطلة، لأنها توجب وصف الله بالعجز، والله ليس بعاجز عن أن يفعل شيئًا أو يخلق شيئًا في وقت من الأوقات، فسبحانه يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد.
    - القاعدة الثانية عشر: الألفاظ المجملة لا تقبل مطلقًا ولا تُرد مطلقًا وإنما هي موقوفة على الاستفصال حتى يتميز حقها فيقبل من باطلها فيُرد.
    إن كثيرًا من أهل القبلة ممن زلت قدمه وضل فهمه عن الطريق الصحيح في فهم مسألة قدم الحوادث أو قدم العالم أو عدم قدمه، إنما سببه الإشكال عنده بوجود بعض الألفاظ المجملة التي لم تأت في القرآن بأعيانها وألفاظها ولا في السنة ولم يتكلم بها الصحابة –رضوان الله عليهم-، فمثل هذه الألفاظ هي التي أوجبت لديهم إشكالًا، ولذلك لابد أن نقرر هذه القاعدة حتى نبين لطالب العلم كيف يتعامل مع هذه الألفاظ المجملة، وهل الواجب على الطالب أن يردها مطلقًا؟نقول : لا، فإن قيل لك: لماذا؟ تقول: لأن فيها حقًّا والحق لا يُرد، بل لابد أن نوقفها على الاستفصال حتى يتميز حقها فنقبله من باطلها فنرده ، وهذا هو المتقرر عند أهل السنة والجماعة –رحمهم الله-.
    - التسلسل الواجب الذي يجب اعتقاده، وهو التسلسل الذي لا انقطاع له ولا ابتداء له.
    وهذا تسلسل صحيح حق بإجماع أهل السنة والجماعة في حق الله تعالى وقد دل عليه العقل والشرع، وذلك كالتسلسل في أفعال الله تعالى فإن الله لا يزال هو الفعَّال لما يريد، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم – رحمهم الله – فكما أنه الفعال لما يريد في الأزل بلا أول فكذلك هو الفعال لما يريد في الأبد بلا آخر.
    - التسلسل الممكن وهو: التسلسل في الآثار. وهذا التسلسل الممكن بإجماع أهل السنة والجماعة أنه ممكن في الأزل وممكن في الأبد فالحوادث متسلسلة في الأزل ومتسلسلة في الأبد، لكن تسلسلها تسلسل تسلسل ممكن؛ لأن كل مخلوق منها مسبوق بعدم نفسه.
    - هناك تسلسلان مقبولان عند أهل السنة والجماعة، وتسلسل ممنوع :
    أما التسلسل الممنوع فهو التسلسل في الخالقين المؤثرين المدبرين المتصرفين - لأن هذا الكون كله ينتهي عند خالق واحد، ومدبر واحد، ومتصرف واحد، وموجد واحد، ومؤثر واحد وهو الله - تعالى.
    الثاني: التسلسل الذي يجب في حق أفعال الله تعالى، فالله تعالى هو الفعال لما يريد أزلًا وأبدًا، وهو الخلاق أزلًا وأبدًا، وهو المتكلم أزلًا وأبدًا وهكذا.
    وأما التسلسل الثالث : فهو التسلسل الممكن، وهو التسلسل في الآثار.
    - لفظ الحلول من الألفاظ المجملة، والألفاظ المجملة التي تحتمل الحق والباطل مذهبنا فيها أننا لا نقبلها مطلقًا ولا نردها مطلقًا، بل هي موقوفة عندنا على الاستفصال حتى يتميز حقها فيقبل من باطلها فيُرد، فنقول له: ماذا تعني بالحلول؟ هل تقصد أن الله كان عاجزًا عن شيء من صفات الكمال كالفعل والقدرة والكلام والخلق ثم قدر عليه بعد ذلك؟ إن كنت تقصد بالحلول هذا فإنه باطل عقلًا وشرعًا وإجماعًا ؛ لأننا قررنا في القاعدة أن الله لم يزل بصفاته أولًا بـلا ابتداء وآخرًا بلا انتهاء.
    وهذا القول باطل بهذا الاعتبار وهو الذي يريده المعتزلة في قولهم: إن الحوادث حالة في الله و يريدون بالحلول أنه كان عاجزًا عن الخلق فقدِر، وكان عاجزًا عن الفعل ففعل، وكان عاجزًا عن الكلام فتكلم، وهل يُظن هذا في الله تعالى؟ فهذا والله من ظن السوء، وكذبوا، وخابوا، وخسروا، وضلوا في هذا الاعتقاد - فهذا الأول باطل -.
    الثاني: إن كنت تقصد بلفظ الحلول -بحلول الحوادث في الله- أنه يفعل ما يشاء متى شاء كيفما شاء على الصفة التي يشاء، فإن هذا معنًى حق، فإن الله لم يزل فعالًا لما يريد، فإن كنت تقصد بالحلول أنه يفعل ما شاء متى يشاء كيفما شاء، فهذا حق، ولكن هذا المعنى الحق لا نسميه بهذا الاسم البدعي المجمل أن الحوادث حلت في الله، وإنما نُطلق عليه العبارة القرآنية التي لا تحتمل إلا الحق، نقول: إن ربنا فعال لما يريد.

    وللاطلاع على الموضوع كاملا، إليك الرابط:
    http://majles.alukah.net/t166841/
    الرَّد على الزَّنادقة والجهمية لللإمام أحمد بن محمد بن حنبل:
    http://www.ajurry.com/vb/attachment....8&d=1370176387

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •