عن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بم تَرجِع؟) رواه مسلم

صورة فنية رائعة هي محور الخطاب في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
أستهل الخطاب الكريم بالقسم ( والله ) وهو من أساليب التوكيد ترد على لسانه الطاهر حين يكون الخير في صدقه حقيقة لا مراء فيها ، ثم تلا القسم نفي واستثاء ( توكيد بالقصر ) لونه الطباق بألوانه ( الدنيا في الآخرة )
أما محور الخطاب فأداته التمثيل فالدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم ترجع ) رواه مسلم فالدنيا بما فيها من خيرات وملذات من أولها إلى آخرها لاتساوي في مقارنتها مع الآخرة إلا مثل مايضع أحدنا أصبعه في البحر لينظر فيجد بللا والتمثيل من أحد أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم (١)
ويعد التمثيل سواء كان مجازا أو قسما من أقسام التشبيه وهو طريقة خاصة من طرق التقديم ومن شأن هذه الطريقة أن تحدث تأثيراً خاصا لدى المتلقي ربما يتجاوز الإحساس والانطباع إلى الانفعال والسلوك والسبب في هذا أن التمثيل يقدم المعنى المعنى الموجود سلفاً بشكل أكثر وضوحا وبيانا تفصيلا ثم إقناعا . ويرجع ذلك إلى أن التمثيل يعيد صياغة المعنى بشكل حسي يعتمد على التصوير(٣) انها صورة حية حين يضع الإنسان إصبعه في الماء وينظر إليه وقد قصر صلى الله عليه وسلم الدنيا بما فيها على هذه الصورة

الدكتور محفوظ فرج ابراهيم / سامراء
------------
١- ينظر في ذلك الأمثال في الحديث النبوي الشريف ، الدكتور محمد جابر الفياض العلواني ، مكتبة المؤيد ، الطبعة الأولى ١٤١٤هـ
٢- من ضروب الاستعارة التمثيل ، وهو المماثلة عند بعضهم ، وذلك أن تمثل شيء بشيء فيه إشارة / العمدة ، ابن رشيق ١/ ١٧٧
٣- ينظر أسرار البلاغة ١٠١- ١٠٣
٣- أسرار البلاغة ص٩٢