.............................. ...........

يقول ابن القيم رحمه الله في طريق الهجرتين

( من كان له نصيب من معرفة أَسماء الله الحسنى واستقراء آثارها فى الخلق والأَمر، رأَى الخلق والأَمر منتظمين بها أَكمل انتظام، ورأَى سريان آثارها فيهما وعلم بحسب معرفته بها ما يليق بكماله وجلاله أَن يفعله وما لا يليق.

فاستدل بأَسمائه على ما يفعله وما لا يفعله فإِنه لا يفعل خلاف موجب حمده وحكمته، وكذلك يعلم ما يليق به أَن يأْمر به ويشرعه مما لا يليق به، فيعلم أَنه لا يأْمر بخلاف موجب حمده وحكمته. فإِذا رأَى بعض الأَحكام جوراً وظلماً أَو سفهاً وعبثاً ومفسدة أَو ما لا يوجب حمداً وثناءً فليعلم أَنه ليس من أَحكامه ولا دينه، وأَنه بريء منه ورسوله، فإِنه إِنما أَمر بالعدل لا بالظلم وبالمصلحة لا بالمفسدة وبالحكمة لا بالعبث والسفه، وإِنما بعث رسوله بالحنيفية السمحة لا بالغلظة والشدة، وبعثه بالرحمة لا بالقسوة، فإِنه أَرحم الراحمين، ورسوله رحمة مهداة إِلى العالمين، ودينه كله رحمة، وهو نبى الرحمة وأُمته الأُمة المرحومة وذلك كله موجب أَسمائه الحسنى وصفاته العليا وأًَفعاله الحميدة، فلا يخبر عنه إِلا بحمده ولا يثنى عليه إِلا بأَحسن الثناءِ كما لا يسمى إِلا بأحسن الأسماءِ)

و قال شيخ الاسلام ابن تيمية في النبوات

( ما زال العقلاء يستدلّون بما علموه من صفات الرب على ما يفعله؛ كقول خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال لها: "لقد خشيت على نفسي"، فقالت: "كلاّ، والله لا يخزيك الله أبداً، إنّك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُقري الضيف، وتصدق الحديث، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق". فاستدلّت بما فيه من مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال على أنّ الله لا يخزيه.

ومنه: قوله تعالى:
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} فإنّ الشيطان إنما ينزل على ما يناسبه، ويطلبه، وهو يريد
الكذب والإثم، فينزل على من يكون كذلك.)


و قال رحمه الله في منهاج السنة


( قد قالت خديجة - رضي الله عنها - لما فجأ الوحي النبي صلى الله عليه وسلم - وخاف من ذلك فقالت له : " كلا والله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق " ، وكانت أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - أعقل وأعلم من الجهمية ، حيث رأت أن من جعله الله على هذه الأخلاق الشريفة ، المتضمنة لعدله وإحسانه ، لا يخزيه الله فإن حكمة الرب تأبى ذلك )