روي عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: دَخَلَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ عَلَى الْحَجَّاجِ، وعن عاصم بن بهدلة قَالَ:
اجْتَمَعُوا عِنْدَ الْحَجَّاجِ فَذَكَرَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَمْ يَكُنْ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ، فَقَالَ لَهُ: " كَذَبْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ "، فَقَالَ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا قُلْتَ بِبَيِّنَةٍ وَمِصْدَاقٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَوْ لأَقْتُلَنَّكَ قَتْلا، فَقَالَ: "{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى} إِلَى قَوْلِهِ عز وجل {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ} فَأَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل أَنَّ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بِأُمِّهِ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ ذُرِّيَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّهِ "، قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا حَمَلَكَ عَلَى تَكْذِيبِي فِي مَجْلِسِي، قَالَ: " مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ لَيُبَيِّنُنَّه ُ لِلنَّاسِ وَلا يَكْتُمُونَهُ، قَالَ اللَّهُ عز وجل : {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا}"، قَالَ: فَنَفَاهُ إِلَى خُرَاسَانَ ". اهـ.
تخريجه :
خرجه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (3/165)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (6/166)، وسكت عنه الذهبي في التلخيص [4772]، ومن طريقهما ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/151) بإسنادين :
الإسناد الأول : من طريق عبد الملك بن عمير قال :

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ النَّحْوِيُّ، بِبَغْدَادَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: فذكره.
قلتُ : إسناده ضعيف جدًّا، بشر بن مهران الخصاف، قال ابن أبي حاتم: "ترك أبي حديثه، وأمرني أن لا أقرأ حديثه عليه" [(1224) ميزان الاعتدال]، ومن فوقه شريك بن عبد الله الكوفي، قال الحافظ ابن حجر في التقريب : "صدوق يخطئ كثيرًا"، وقال زكريا الساجي : "ينسب إلى التشيع المفرط".

ولبشر بن مهران متابعة لا يفرح بها في "شعب الإيمان" للبيهقي (12/243) من بحير بن عبد الحق وهو مجهول، لم أجده في كتب الترجمة.
10269 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو عبد الله الزاهد الأصبهاني، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا بحير بن عبد الحق، نا شريك بن عبد الله، عن عبد الملك بن عمير :

"أن الحجاج بن يوسف، لما بنى حصن واسط سأل: ما عيبها؟، قالوا: لا نعرف عيبها، وسندلك على رجل يعرف عيبها يحيى بن يعمر. قال: فبعث إليه ليستقدمه، فسأله عن عيبها، فقال: " بنيتها عن غير ملك، ويسكنها غير ولدك "، فغضب الحجاج وقال: ما حملك على ذلك؟، قال: " ما أخذ الله على العلماء في علمهم أي {ولا يكتمون الله حديثا} [النساء: 42]أو آية غيرها من القرآن، فنفاه إلى خراسان ". اهـ.
قلتُ : ذكر قصة البناء بدلًا من قصة الحسن والحسين.

الإسناد الثاني : من طريق عاصم بن بهدلة قال :
وحدثنا إسحاق بن محمد بن علي بن خالد الهاشمي بالكوفة، ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التميمي، ثنا محمد بن عبيد النحاس، ثنا صالح بن موسى الطلحي، ثنا عاصم بن بهدلة، قال: فذكره.
قلتُ : إسناده ضعيف جدًّا، صالح بن موسى الطلحي، قال الحافظ ابن حجر : "متروك الحديث"، وقال الذهبي : "واهٍ"، وقال البخاري : "منكر الحديث".

قلتُ : ولهذا شاهدٌ ءاخر لا يفرح به ورد في "المحن" لأبي العرب الأفريقي قال:
وحدثني فرات بن محمد قال حدثني أبو غيلان محمد بن الحكم البصري من ولد الحكم بن أبي العاص قال حدثنا حفص بن عمران الرازي قال حدثني شيخ عن الشعبي قال أرسل الحجاج بن يوسف إلى يحيى بن يعمر فأتي به من خراسان في الحديد فلما دخل عليه ... إلخ". اهـ.
قلتُ : إسناد تالفٌ فيه متهم بالكذب، فرات بن محمد القيرواني قال ابن حارث: "كان يغلب عليه الرواية والجمع ومعرفة الأخبار وكان ضعيفا متهما بالكذب، أو معروفا به"، فضلًا عن إبهام الشيخ الراوي عن الشعبي وجهالة بعض الرواة.

وورد من طريق ءاخر وليس فيه هذا الأسلوب الشديد :
عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ:
"أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ إِلَى يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، فَقَالَ: " بَلَغَنِي أنك تزعم أَنَّ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ، مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَقَدْ قَرَأْتُهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ؟ قَالَ: أَلَيْسَ تَقْرَأُ سُورَةَ الأَنْعَامِ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَق حَتَّى بَلَغَف وَيَحْيَى وَعِيسَى}؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ؟ قَالَ: صَدَقْتَ ".
وزاد البلاذري قصة اللحن فقال :
"فَأَخْبِرْنِي عَنِّي أَلْحَنُ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: اعْفِنِي. قَالَ: لَتُكَلِّمَنَّ. قَالَ: إِنَّكَ لَتَخْفِضُ الرَّفْعَ. قَالَ: هَذَا وَأَبِيكَ اللَّحْنُ السَّيِّئُ، وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ اللَّحْنِ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ أَيَلْحَنُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِحَرْفٍ عَرَبيَّةٍ قَطُّ. قَالَ: اخْرُجْ فَلا تُسَاكِنِّي". اهـ.
تخريجه :
أخرجه البلاذري في "أنساب الأشراف" (13/265)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/1335)، قال البلاذري :
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ [المكي] عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدَ قَالَ: فذكره.

قلتُ : إسناد ضعيف، علي بن عابس الأسدي قال الحافظ ابن حجر في التقريب : "ضعيف"، وقال أبو زرعة : "منكر الحديث"، وقال يحيى بن معين : "ليس بشيء"، ومن تحته عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال الحافظ ابن حجر في التقريب : "صدوق يتشيع"، وقال ابن عدي : "لم يضعف في الحديث إلا أنه محترق في التشيع"، وقال أبو داود : "كان رجل سوء". انتهى.

وعلى ذلك فلا تصح مناظرة الحجاج ليحيى بن يعمر، والله أعلم.