السؤال:
♦ الملخص:
سؤال حول الحركة الكثيرة في الصلاة، ومتى تبطل الصلاة بكثرة الحركة.
♦ التفاصيل:
كنت أصلي العشاء، وفي الركعة الأخيرة زادت حركتي، فكانت أربع حركات متتالية؛ لأني لم أكن أشعر أني متجهة للقبلة بصورة صحيحة، وأنا لدي وسواس أن القبلة تكون منحرفة قليلًا، فأول حركة كانت أن سحبت السجادة إلى اليمين، ثم اعتدلت في جلستي؛ ثم تحركت لأعدِّل السجادة، لعدم ارتياحي في الجلسة، ثم تحركت لليسار قليلًا، وهذا كله في أثناء التشهد، لكن كان بينها فاصل قليل من الوقت، فهل يجب عليَّ إعادة الصلاة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإنه يُكره العبث في الصلاة باتفاق أهل العلم[1]؛ لأنه ينافي الخشوع؛ وقد قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته))[2]. فترك النبي صلى الله عليه وسلم مسح جبهته في الصلاة من أثر الطين؛ لأنه كالعبث، قال ابن رجب رحمه الله: "وقد اتفقوا على أن تركه - أي: مسح الجبهة - في الصلاة أفضل؛ فإنه يشبه العبث"[3].
وعن معيقيب رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد، قال: إن كنت فاعلًا فواحدة))[4].
قال النووي رحمه الله: "وهذا نهي كراهة تنزيه، فيه كراهته، واتفق العلماء على كراهة المسح؛ لأنه ينافي التواضع، ولأنه يشغل المصلي"[5].
فتبيَّن من ذلك أن العبث في الصلاة مكروه، ومع ذلك فإن الصلاة لا تبطل إلا بالحركات الكثيرة، والحركات الكثيرة ليس لها عدد في الشرع، وإنما ضابطها أنه إذا رآك الرائي ظن أنكِ لا تصلِّين.
إذًا تحديد البطلان بثلاث حركات أو أكثر ليس بصحيح، وإنما الصحيح أن الصلاة تبطل بالحركات التي إذا رآها الرائي ظن أن هذا الشخص لا يصلي؛ كأن يعبث كثيرًا في صلاته، كأنه يلهو، أو يفعل حركات قليلة، ولكنها شديدة.
وإذا كانت هذه الحركات لمصلحة فهي جائزة؛ كتسوية صف، أو سد فرجة، أو التفات للقبلة، أو تنبيه شخص من خطر، ونحو ذلك.
وبالنسبة للحركات التي ذكرتِيها في سؤالكِ، فأنا أرى أنها لا تبطل الصلاة، وليس عليكِ إعادة، ولكن الأولى ترك مثل هذه الأمور، وأن تطرُدي الشيطان، ولا تسترسلي مع وساوسه.
والحمد لله أولًا وآخرًا.


-------------------
[1] ينظر: المغني (2/ 9).
[2] متفق عليه: أخرجه البخاري (836)، ومسلم (1167).
[3] فتح الباري (7/ 357).
[4] متفق عليه: أخرجه البخاري (1207)، ومسلم (546).
[5] شرح مسلم (5/ 37).


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6Ph8JAvYH