الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، (وبعد) :
النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث لإصلاح أخلاق الناس ، ولا لإصلاح مستواهم المعيشي ، ورفع الكفاءات الاقتصادية ، وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ، إلا على أساس التوحيد ، فبعث صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من عبادة غير الله إلى عبادة الله الواحد القهار ، ثم تأتي القضايا الأخرى ومنها إصلاح الأخلاق تبعا لتلك القضية ،
والمبايعون لما سألوه صلى الله عليه وسلم : (وما لنا؟) ، قال صلى الله عليه وسلم : (الجنة).
ومع ذلك فقد تكفل الله تعالى ووعد المؤمنين بإهلاك عدوهم وعلوهم في الدنيا واستخلافهم في الأرض ، لكن ما ربط صلى الله عليه وسلم قلوب أصحابه بدنيا ألبتة ، فلا ينبغي أن تصرف قضايانا وتوجه غير الوجهة التى أرادها الله تعالى وأرادها رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولما وعدهم الله تعالى عزة الدنيا وعدهم إيها لكونهم أقاموا على وصف العبودية والتوحيد ، مؤمنين موالين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، متآخين في الله تعالى ربهم ، فيكونون بذلك أهل العلو في الدنيا ، والمستحقين لزينة الله ونعمته وفضله فيها ، وذلك لأنهم هم المأهولين بإقامة الدين في الأرض.
والناظر في التاريخ قديما وحديثا واجد أن قضايا المسلمين وحروبهم وجهادهم لما كانت من أجل تلك القضية كتب الله لهم العزة والنصر ، ولما غيروا ما بأنفسهم غير الله ما بهم ،
ولعل الجواب بذلك واضح عن سؤال : لماذا لا ننصر ؟ لماذا ضربت الذلة علينا؟
(قل هو من عند أنفسكم) .