المقصود بالسنة
الشيخ عبد السلام السحيمي

السنة في اللغة هي الطريقة والسيرة (1). وقد اختلف علماء اللغة هل السنة مقصورة في اللغة على الطريقة الحسنة أو أنـها تشمل الحسنة والقبيحة . والصحيح أن المراد بـها في اللغة هي الطريقة سواء كانت حسنة أو قبيحة ، ومما يدل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بـها، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بـها " رواه مسلم حيث قسم النبي صلى الله عليه وسلم السنة إلى سنة حسنة وسنة سيئة .
أما تعريف السنة في الاصطلاح : فلها اصطلاح عند المحدثين ، كما أن لها اصطلاحاً عند الأصوليين وكذلك عند الفقهاء ، ففي اصطلاح المحدثين هي ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية أو سيرة سواء كان قبل البعثة أو بعدها،( 2 ) بينما هي في اصطلاح الأصوليين تطلق على ما جاء منقولاً عن النبي صلى الله عليه وسلم مما لم ينص عليه في الكتاب العزيز بل إنـما نص عليه من جهته صلى الله عليه وسلم كان بياناً لما في الكتاب أولاً. ( 3 )
وتطلق السنة في اصطلاح الفقهاء على ما ليس بواجب فيقال هذا الشيء سنة أي ليس بفرض ولا واجب ، ولا محرم ولا مكروه( 4 ).
ولكن السنة عند كثير من السلف أوسع من ذلك إذ يعنون بالسنة معنى أوسع من معناها عند المحدثين وعند الأصوليين وعند الفقهاء إذ يعنون بالسنة موافقة الكتاب وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سواء في أمور الاعتقادات أو العبادات ويقابلها البدعة.
فيقال :فلان على السنة إذا كانت أعماله على وفق كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه سلم ويقال فلان على البدعة إذا كان عمله مخالفاً للكتاب والسنة أو أحدهما.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( ولفظ السنة في كلام السلف يتناول السنة في العبادات وفي الاعتقادات وإن كان كثير ممن صنف في السنة يقصدون الكـلام في الاعتقـادات ) (5). و يقول رحمه الله في الحموية : " السنة هي ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتقاداً و اقتصاداً و قـولاً و عـمـلاً "( 6 )
ويقول ابن رجب رحمه الله: (وكثيرمن العلماء المتأخرين يخص السنة بما يتعلق بالاعتقاد لأنـها أصل الدين والمخالف لها على خطر عظيم ) ( 7 ).
قلت : فالسنة إذا أطلقت في باب العقائد إنـما يقصد بـها الدين كاملاً لا ما اصطلح عليه علماء الحديث وعلماء الأصول وعلماء الفقه. قال ابن رجب أيضاً ( السنة هي الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال .. ) ( 8 ) إلخ.



من كتاب : كن سلفياً على الجادة

(1) - النهاية لابن الأثير 2/409 و لسان العرب 17/89 .

( 2 ) - قواعد التحديث للقاسمي ، ص ( 64 ) .

( 3 ) - انظر : أصول الأحكام للآمدي 1/169 .

( 4 ) - انظر : شرح الكوكب المنير 2/160..
(5) – الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ص (77 ) .

( 6 ) - الحموية ، ص ( 2 )

( 7 ) – جامع العلوم و الحكم ، ص ( 249 ) .
و لذا كثرت المؤلفات على هذا المعنى باسم السنة ، مثل السنة للإمام أحمد ، و السنة لأبي داود السجستاني ، و السنة لأبن أبي عاصم ، و السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد ، و السنة لابن أبي حاتم الرازي ، و غيرها .

( 8 ) – جامع العلوم و الحكم ص ( 262 )