تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    .............................. ...........

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله -

    عدم الشيءفي الوقت الذي لم تقتض الحكمة وجوده فيه من الكمال كما أن وجوده في وقت اقتضاء الحكمة وجوده فيه كمال . فليس عدم كل شيء نقصا بل عدم ما يصلح وجودههو النقص كما أنوجود ما لا يصلح وجوده نقص فتبين أن وجود هذه الأمور حين اقتضت الحكمة عدمها هو النقص لا أن عدمها هو النقص . ولهذا كان الرب تعالى موصوفا بالصفات الثبوتية المتضمنة لكماله وموصوفا بالصفات السلبية المستلزمة لكمالهأيضا .

    فكان عدم ما ينفي عنه هو من الكمال كما أن وجود ما يستحق ثبوته من الكمال . وإذا عقل مثل هذا في الصفات فكذلك في الأفعال ونحوها وليس كل زيادة يقدرها الذهن من الكمال بل كثير من الزيادات تكون نقصا في كمال المزيد كما يعقل مثل ذلك في كثير من الموجودات . والإنسان قد يكون وجود أشياء في حقه في وقت نقصا وعيبا وفي وقت آخر كمالا ومدحا في حقه ; كما يكون في وقت مضرة له وفي وقت منفعة له .


    و إذا قدرنا من يقدر على إحداث الحوادث لحكمة ومن لا يقدر على ذلك كان معلوما ببديهة العقل أن القادر على ذلك أكمل مع أن الحوادث لا يمكن وجودها إلا حوادث لا تكون قديمة وإذا كانت القدرة على ذلك أكمل وهذا المقدور لا يكون إلا حادثا كان وجوده هو الكمال وعدمه قبل ذلك من تمام الكمال إذ عدم الممتنع الذي هو شرط في وجود الكمال من الكمال .


    الفتاوى




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2015
    الدولة
    Libya
    المشاركات
    147

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    ولا يدخل هذا في مسمى السكوت الإلهي سبحانه وتعالى.

    سواء في اعتقاد هناك إمكان الحلول ولكن لم يشأه !

    ومثله أيضا هناك توحد وجودي ولكنه أيضا لم يشأه ! فسكت عنه !

    لأن هذا من الممتنعات.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .............................. ...........

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله -

    عدم الشيءفي الوقت الذي لم تقتض الحكمة وجوده فيه من الكمال كما أن وجوده في وقت اقتضاء الحكمة وجوده فيه كمال . فليس عدم كل شيء نقصا بل عدم ما يصلح وجودههو النقص كما أنوجود ما لا يصلح وجوده نقص فتبين أن وجود هذه الأمور حين اقتضت الحكمة عدمها هو النقص لا أن عدمها هو النقص . ولهذا كان الرب تعالى موصوفا بالصفات الثبوتية المتضمنة لكماله وموصوفا بالصفات السلبية المستلزمة لكمالهأيضا .

    فكان عدم ما ينفي عنه هو من الكمال كما أن وجود ما يستحق ثبوته من الكمال . وإذا عقل مثل هذا في الصفات فكذلك في الأفعال ونحوها وليس كل زيادة يقدرها الذهن من الكمال بل كثير من الزيادات تكون نقصا في كمال المزيد كما يعقل مثل ذلك في كثير من الموجودات . والإنسان قد يكون وجود أشياء في حقه في وقت نقصا وعيبا وفي وقت آخر كمالا ومدحا في حقه ; كما يكون في وقت مضرة له وفي وقت منفعة له .


    و إذا قدرنا من يقدر على إحداث الحوادث لحكمة ومن لا يقدر على ذلك كان معلوما ببديهة العقل أن القادر على ذلك أكمل مع أن الحوادث لا يمكن وجودها إلا حوادث لا تكون قديمة وإذا كانت القدرة على ذلك أكمل وهذا المقدور لا يكون إلا حادثا كان وجوده هو الكمال وعدمه قبل ذلك من تمام الكمال إذ عدم الممتنع الذي هو شرط في وجود الكمال من الكمال .
    بارك الله فيك - - قال بن القيم رحمه الله فى تفصيل كلام شيخ الاسلام أن قولك أن كل من فعل لغرض يكون ناقصا بذاته مستكملا بغيره ما تعني بقولك أنه يكون ناقصا بذاته أتعني به أنه يكون عادما لشيء من الكمال الذي لا يجب أن يكون له قبل حدوث ذلك المراد أم تعني به أن يكون عادما لما ليس كمالا قبل وجوده أم تعني به معنى ثالثا- فإن عنيت الأول فالدعوى باطلة فإنه لا يلزم من فعله لغرض حصوله أولى من عدمه أن يكون عادما لشيء من الكمال الواجب قبل حدوث المراد فإنه يمتنع أن يكون كمالا قبل حصوله وإن عنيت الثاني لم يكن عدمه نقصا فإن الغرض ليس كمالا قبل وجوده وما ليس بكمال في وقت لا يكون عدمه نقصا فيه فما كان قبل وجوده عدمه أولى من وجوده وبعد وجوده وجوده أولى من عدمه لم يكن عدمه قبل وجوده نقصا ولا وجوده بعد عدمه نقصا بل الكمال عدمه قبل وقت وجوده وجوده وقت ووجوده وإذا كان كذلك فالحكم المطلوبة والغايات من هذا النوع وجودها وقت وجودها هو الكمال وعدمها حينئذ نقص وعدمها وقت عدمها كمال ووجودها حينئذ نقص وعلى هذا فالنافي هو الذي نسب النقص إلى الله لا المثبت وإن عنيت به أمرا ثالثا فلا بد من بيانه حتى ننظر فيه الجواب الثاني إن قولك يلزم أن يكون ناقصا بذاته مستكملا بغيره أتعني به أن الحكمة التي يجب وجودها إنما حصلت له من شيء خارج عنه أم تعني أن تلك الحكمة نفسها غير له وهو مستكمل بها فإن عنيت الأول فهو باطل فإنه لا رب غيره ولا خالق سواه ولم يستفد سبحانه من غيره كمالا بوجه من الوجوه بل العالم كله إنما استفاد الكمال الذي فيه منه سبحانه وهو لم يستفد كماله من غيره كما لم يستفد وجوده من غيره وإن عنيت الثاني فتلك الحكمة صفته سبحانه وصفاته ليست غيرا له فإن حكمته قائمة به وهو الحكيم الذي له الحكمة كما أنه العليم الذي له العلم والسميع الذي له السمع والبصير الذي له البصر فثبوت حكمته لا يستلزم استكماله بغير منفصل عنه كما أن كماله سبحانه بصفاته وهو لم يستفدها من غيره الجواب الثالث أنه سبحانه إذا كان إنما يفعل لأجل أمر هو أحب إليه من عدمه كان اللازم من ذلك حصول مراده الذي يحبه وفعل لأجله وهذا غاية الكمال وعدمه هو النقص فإن من كان قادرا على تحصيل ما يحبه وفعله في الوقت الذي يحب على الوجه الذي يحب فهو الكامل حقا لا من لا
    محبوب له أو له محبوب لا يقدر على فعله
    الجواب الرابع أن يقال أنت ذكرت في كتبك أنه لم يقم على نفي النقص عن الله دليل عقلي واتّبعت في ذلك الجويني وغيره وقلتم إنما ينفى النقص عنه عز وجل بالسمع وهو الإجماع فلم تنفوه عن الله عز وجل بالعقول ولا بنص منقول عن الرسول بل بما ذكرتموه من الإجماع وحينئذ فإنما ينفى بالإجماع ما انعقد الإجماع على نفيه والفعل بحكمه لم ينعقد الإجماع على نفيه فلم تجمع الأمة على انتفاء التعليل لأفعال الله فإذا سميت أنت ذلك نقصا لم تكن هذه التسمية موجبة لانعقاد الإجماع على نفيها فإن قلت أهل الإجماع أجمعوا على نفي النقص وهذا نقص قيل نعم الأمة مجمعة على ذلك ولكن الشأن في هذا الوصف المعني أهو نقص فيكون قد أجمعت على نفيه فهذا أول المسألة والقائلون بإثباته ليس هو عندهم نقصا بل هو عين الكمال ونفيه عين النقص وحينئذ فنقول في الجواب الخامس أن إثبات الحكمة كمال كما تقدم تقريره ونفيه نقص والأمة مجمعة على انتفاء النقص عن الله بل العلم بانتفائه عن الله تعالى من أعلى العلوم الضرورية المستقرة في فطر الخلق فلو كانت أفعاله معطلة عن الحكم والغايات المحمودة لزم النقص وهو محال ولزوم النقص من انتفاء الحكم أظهر في العقول والفطر والعلوم الضرورية والنظرية من لزوم النقص من إثبات ذلك وحينئذ فتقول في الجواب السادس النقص إما أن يكون جائزا أو ممتنعا فإن كان جائزا بطل دليلك وإن كان ممتنعا بطل دليلك أيضا فبطل الدليل على التقديرين الجواب السابع أن النقص منتف عن الله عز
    وجل عقلا كما هو منتف عنه سمعا والعقل والنقل يوجب اتصافه بصفات الكمال والنقص هو ما يضاد صفات الكمال فالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام والحياة صفات كمال وأضدادها نقص فوجب تنزيهه عنها لمنافاتها لكماله وأما حصول ما يحبه الرب تعالى في الوقت الذي يحبه فإنما يكون كمالا إذا حصل على الوجه الذي يحبه فعدمه قبل ذلك ليس نقصا إذ كان لا يحب وجوده قبل ذلك الجواب الثامن أن يقال الكمال الذي يستحقه سبحانه وتعالى هو الكمال الممكن أوالممتنع فالأول مسلم والثاني باطل قطعا فلم قلت أن وجود الحادث في غير وقته الذي وجد فيه ممكن بلوجود الحادث في الأزل ممتنع فعدمه لا يكون نقصا الجواب التاسع أن عدم الممتنع لا يكون كمالا فإن الممتنع ليس بشيء في الخارج وما ليس بشيء لا يكون عدمه نقصا فإنه إن كان في المقدور ما لا يحدث إلا شيئا بعد شيء كان وجوده في الأزل ممتنعا فلا يكون عدمه نقصا وإنما يكون الكمال وجوده حين يمكن وجوده، الجواب العاشر أن يقال أنه تعالى أحدث أشياء بعد أن لم يكن محدثا لها كالحوادث المشهودة حتى أن القائلين بكون الفلك قديما عن عله موجبة يقرون بذلك ويقولون أنه يحدث الحوادث بواسطته وحينئذ فنقول هذا الإحداث إما أن يكون صفة كمال وإما أن لا يكون فإن كان صفة كمال فقد كان فاقدا لها قبل ذلك وإن لم يكن صفة كمال فقد اتصف بالنقص فإن قلت نحن نقول بأنه ليس صفة كمال ولا نقص قيل فهلا قلتم ذلك في التعليل وأيضا فهذا محال في حق الرب تعالى فإن كل ما يفعله يستحق عليه الحمد وكل ما يقوم من صفاته فهو صفة كمال وضده نقص وقد ينازع النظار في الفاعلية هل هي صفة كمال أم لا وجمهور المسلمين من جميع الفرق يقولون هي صفة كمال وقالت طائفة ليست صفة كمال ولا نقص وهو قول أكثر الأشعرية فإذا التزم له هذا القول قيل له الجواب من وجهين أحدهما أن من المعلوم تصريح العقل أن من يخلق أكمل ممن لا يخلق كما قال تعالى:

    {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} وهذا استفهام إنكار يتضمن الإنكار على من سوى بين الأمرين يعلم أن أحدهما أكمل من الآخر قطعا ولا ريب أن تفضيل من يخلق على من لا يخلق في الفطر والعقول كتفضيل من يعلم على من لا يعلم ومن يقدر على من لا يقدر ومن يسمع ويبصر على من لا يسمع ولا يبصر ولما كان هذا مستقرا في فطر بني آدم جعله الله تعالى من آلة توحيده وحججه على عباده قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُون} وقال تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ} وقال تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ} فمن سوى بين صفة الخالقية وعدمها فلم يجعل وجودها كمالا ولا عدمها نقصا فقد أبطل حجج الله وأدلة توحيده وسوى بين ما جعل بينهما أعظم التفاوت وحينئذ فنقول في الجواب الحادي عشر إذا كان الأمر كما ذكرتم فلم لا يجوز أن يفعل لحكمة يكون وجودها وعدمها بالنسبة إليه سواء كما أنه عندكم لم يحدث ما يحدثه مع كون الإحداث والخلق وعدمه بالنسبة إليه سواء مع أن هذه إرادة لا تعقل في
    - الشاهد فقولوا مثل ذلك في الحكمة وأن ذلك لا يعقل لا سيما والفعل عندكم هو المفعول المنفصل فجوزوا أيضا أن يفعل لحكمة منفصلة وأنتم إنما قلتم ذلك فرارا من قيام الحوادث به ومن التسلسل فكذلك قولوا بنظير ذلك في الحكمة والذي يلزم أولئك فهو نظير ما يلزمكم سواء، الجواب الثاني عشر أن يقال العقل الصريح يقضي بأن من لا حكمة لفعله ولا غاية يقصدها به أولى بالنقص ممن يفعل لحكمة كانت معدومة ثم صارت موجودة في الوقت الذي اقتضت حكمته إحداث الفعل فيه فكيف يسوغ لعاقل أن يقول فعله للحكمة يستلزم النقص وفعله لا لحكمة لا نقص فيه، الجواب الثالث عشر أن هؤلاء النفاة يقولون أنه سبحانه يفعل ما يشاء من غير اعتبار حكمة فيجوزون عليه كل ممكن حتى الأمر بالشرك والكذب والظلم والفواحش والنهي عن التوحيد والصدق والعدل والعقاب وحينئذ فنقول إذا جازت عليه هذه المرادات وليس في إرادتها نقص وهذا مراد فلا نقص فيه فقولهم من فعل شيئا لشيء كان ناقصا بدونه قضية كلية ممنوعة العموم وعمومها أولى بالمنع من قول القائل من أكرم أهل الجهل والظلم والفساد وأهان أهل العلم والعدل والبر كان سفيها جائرا وهذا عند النفاة جائز على الله ولم يكن به سفيها جائرا وكذلك قول القائل من أرسل إماءه وعبيده يفجر بعضهم ببعض ويقتل بعضهم بعضا وهو قادر على أن يكفيهم كان سفيها والله قد فعل ذلك ولم يدخل في عموم هذه القضية فكذا القضية الكلية التي ادعوا ثبوتها في محل النزاع أولى أن تكون باطلة منتقضة، الجواب الرابع عشر أنه لو سلم لهم أنه مستكمل بأمر حادث لكان هذا من الحوادث المرادات وكل ما هو حادث مراد عندهم فليس بقبيح فإن القبيح عندهم ليس إلا مخالفة الأمر والنهي والله ليس فوقه آمر ولا ناه فلا ينزه عندهم عن شيء من الممكنات البتة إلا ما أخبر بأنه لا يكون فإنهم ينزهونه عن كونه لمخالفة حكمته والقبيح عندهم هو الممتنع الذي لا يدخل تحت القدرة وما دخل تحت

    القدرة لم يكن قبيحا ولا مستلزما نقصا عندهم
    وجماع ذلك بالجواب الخامس عشر أنه ما من محذور يلزم من تجويز فعله لحكمة إلا والمحاذير التي يلزم من كونه يفعل لا لحكمة أعظم امتناعا فإن كانت تلك المحاذير غير ممتنعة كانت محاذير إثبات الحكمة أولى بعدم الامتناع وإن كانت محاذير إثبات الحكمة ممتنعة فمحاذير نفيها أولى بالامتناع، الجواب السادس عشر أن فعل الحي العالم الاختياري لا لغاية ولا لغرض يدعوه إلى فعله لا يعقل بل هو من الممتنعات لهذا لا يصدر إلا من مجنون أو نائم أو زائل العقل فإن الحكمة والعلة الغائية هي التي تجعل المريد مريدا فإنه إذا علم بمصلحة الفعل ونفعه وغايته انبعثت إرادته إليه فإذا لم يعلم في الفعل مصلحة ولا كان له فيه غرض صحيح ولا داع يدعوه إليه فلا يقع منه إلا على سبيل العبث هذا الذي لا يعقل العقلاء سواه وحينئذ فنفي الحكمة والعلة والغاية عن فعل أحكم الحاكمين نفي لفعله الاختياري في الحقيقة وذلك أنقص النقص وقد تقدم تقرير ذلك وبالله التوفيق.
    قال نفاة الحكمة هب أن الحجة بطلت فلا يلزم من بطلان دليل بطلان الحكم فنحن نذكر حجة غيرها فنقول لو كان فعله تعالى معللا بعلة فتلك العلة إن كانت قديمة لزم من قدمها قدم الفعل وهو محال وإن كانت محدثة افتقر كونه موجودا لتلك العلة إلى علة أخرى وهو محال وهذا معنى قول القائل علة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه قالوا ونحن نقرر هذه الحجة تقريرا

    أبسط من هذا فنقول لو كان فعله تعالى لحكمة فتلك الحكمة إما قديمة أو محدثة فإن كانت قديمة فإما أن يلزم من قدمها الفعل قدم الفعل أو لا يلزم فإن لزم فهو محال وإن لم يلزم القدم والفعل موجود بدونها فالحكمة غير حاصلة من ذلك الفعل لحصوله دونها وما لا يكون الحكمة متوقفة على حصوله لا يكون متوقفا عليها وهو المطلوب وإن كانت الحكمة حادثة بحدوث الفعل فإما أن تفتقر إلى فاعل أو لا تفتقر إلى فاعل فإن لم تفتقر لزم حدوث من غير فاعل وهو محال وإن افتقرت إلى فاعل فذلك الفاعل إما أن يكون هو الله أو غيره لا يجوز أن يكون غيره لأنه لا خالق إلا الله وإن كان هو الله فإما أن يكون له في فعله غرض أو لا غرض له فيه فإن كان الأول فالكلام فيه كالكلام في الأول ويلزم التسلسل وإن كان الثاني فقد خلا فعله عن الغرض وهو المطلوب فإن قلت فعله لذلك الغرض لغرض هو نفسه فما خلا عن غرض ولم يلزم التسلسل قلنا فيلزم مثله في كل مفعول مخلوق وهو أن يكون الغرض منه هو نفسه من غير حاجة إلى غرض آخر وهو المطلوب فهذه حجة باهرة وافية بالغرض قال أهل الحكمة بل هي حجة داحضة باطلة من وجوه والجواب عنها من وجوه الجواب الأول أن نقول لا يخلو إما أن يمكن أن يكون الفعل قديم العين أو قديم النوع أو لا يمكن واحد منهما فإن أمكن أن يكون قديم العين أو النوع أمكن في الحكمة التي يكون الفعل لأجلها أن تكون كذلك وإن لم يمكن أن يكون الفعل قديم العين ولا النوع فيقال إذا كان فعله حادث العين أو النوع كانت الحكمة كذلك فالحكمة يحذى بها حذو الفعل فما جاز عليه جاز عليها وما امتنع عليه امتنع عليها الجواب الثاني أن من قال أنه خالق مكون في الأزل لما لم يكن بعد قال قولي هذا كقول من قال هو مريد في الأزل لما لم يكن بعد فقولي بقدم كونه فاعلا كقول هؤلاء بقدم كونه مريدا وعلى هذا فيمكنني أن أقول بقدم الحكمة التي يخلق ويريد لأجلها ولا يلزم من قدم الحكمة قدم
    الفعل كما لم يلزم من قدم الإرادة قدم المراد وكما يلزم من قدم صفة التكوين قدم المكون فقولي في قدم الحكمة مع حدوث الفعل التي فعل لأجلها كقولكم في قدم الإرادة والتكوين سواء وما لزمني لزمكم مثله وجوابكم هو جوابي بعينه ولا يمتنع ذلك على أصول طائفة من الطوائف فإن من قال من الفلاسفة أن فعله قديم للمفعول المعني يقول أن الحكمة قديمة ومن قال بحدوث أعيان الفعل ودوام نوعه يقول ذلك في الحكمة سواء ومن قال بحدوث نوع الفعل وقيامه بالرب قال ذلك في الحكمة أيضا كما يقوله كثير من النظار فلا يمتنع على أصل طائفة من الطوائف إثبات الحكمة في فعله سبحانه الجواب الثالث قولك يفتقر كونه محدثا لتلك العلة إلى علة أخرى ممنوع فإن هذا إنما يلزم أن لو قيل كل حادث فلا بد له من علة ونحن لا نقول هذا بل نقول يفعله لحكمة ومعلوم أن المفعول لأجله مراد للفاعل محبوب له والمراد المحبوب تارة يكون مرادا لنفسه وتارة يكون مرادا لغيره والمراد لغيره لا بد أن ينتهي إلى المراد لنفسه قطعا للتسلسل وهذا كما نقوله في خلقه بالأسباب أنه يخلق كذا بسبب كذا وكذا بسبب كذا حتى ينتهي الأمر إلى أسباب لا سبب لها سوى مشيئة الرب فكذلك يخلق لحكمة وتلك الحكمة لحكمة حتى ينتهي الأمر إلى حكمة لا حكمة فوقها الجواب الرابع أن النفاة يقولون كل مخلوق فهو مراد لنفسه لا لغيره وحينئذ فلا يمتنع أن يكون بعض المخلوقات مرادا لغيره وينتهي الأمر إلى مراد لنفسه بل هذا أولى بالجواز من جعل كل مخلوق مرادا لنفسه وكذلك في الأمر يكون مرادا لغيره حتى ينتهي إلى أمر مراد لنفسه.................

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    الجواب الخامس أن يقال غاية ما ذكرتم أنه يستلزم التسلسل ولكن أي نوعي التسلسل هو اللازم التسلسل الممتنع أو الجائز فإن عنيتم الأول منع اللزوم وإن عنيتم الثاني منع انتفاء اللازم فإن التسلسل في الآثار المستقبلة ممكن بل واجب وفي الآثار الماضية فيه قولان للناس والتسلسل في العلل والفاعلين محال باتفاق العقلاء بأن يكون لهذا الفاعل فاعل قبله وكذلك ما قبله إلى غير نهاية وأما أن يكون الفاعل الواحد القديم الأبدي لم يزل يفعل ولا يزال فهذا غير ممتنع إذا عرف هذا فالحكمة التي لأجلها يفعل الفعل تكون حاصلة بعده فإذا كان بعدها حكمة أخرى فغاية ذلك أن يلزم حوادث لا نهاية لها وهذا جائز بل واجب باتفاق المسلمين ولم ينازع إلا بعض أهل البدع من الجهمية والمعتزلة فإن قيل فيلزم من هذا أن لا تحصل الغاية المطلوبة أبدا قيل بل اللازم أن لا تزال الغاية المطلوبة حاصلة دائما وهذا أمر معقول في الشاهد فإن الواحد من الناس يفعل الشيء لحكمة يحصل بها محبوبه ثم يلزم من حصول محبوبه محبوب آخر يفعل لأجله وهلم جرا حتى لو تصور دوامه أبدا لكانت هذه حاله وكماله فلم تزل محبوباته تحصل شيئا بعد شيء وهذا هو الكمال الذي يريده مع غناه التام الكامل عن كل ما سواه وفقر ما سواه إليه من جميع الوجوه وهل الكمال إلا ذلك و فواته هو النقص وهو سبحانه كتب على نفسه الرحمة والإحسان فرحمته وإحسانه من لوازم ذاته فلا يكون إلا رحيما محسنا وهو سبحانه إنما أمر العباد بما يحبه ويرضاه وأراد لهم من إحسانه ورحمته ما يحبه ويرضاه لكن فرق بين ما يريد هو سبحانه أن يخلقه ويفعله لما يحصل به من الحكمة التي يحبها فهذا يفعله سبحانه ولا بد من وجوده وبين ما يريد من العباد أن يفعلوه ويأمرهم بفعله ويحب أن يقع منهم ولا يشاء خلقه وتكوينه ففرق بين ما يريد خلقه وما يأمر به ولا يريد خلقه .............................. .................. فتبارك الله رب العالمين وأحكم الحاكمين ولا يجب بل لا يمكن المشاركة في حكمته بل ما حصل للخلائق كلهم من العلم بها كنقرة عصفور في البحر المحيط وأي نقص في دوام حكمته شيئا بعد شيء كما تدوم إرادته وكلامه وأفعاله وإحسانه وجوده وإنعامه وهل الكمال إلا في هذا التسلسل فماذا نفر النفاة منه أنفرهم أن يقال لم يزل ولا يزال حيا عليما قديرا حكيما متكلما محسنا جوادا ملكا موصوفا بكل كمال غنيا عن كل ما سواه لا تنفد كلماته ولا تتناهى حكمته ولا تعجز قدرته ولا يبيد ملكه ولا تنقطع إرادته ومشيئته بل لم يزل ولا يزال له الخلق والأمر والحكمة والحكم وهل النقص إلا سلب ذلك عنه والله الموفق بفضله وإعانته-----------------------[ هذا فصل الخطاب وزبدة هذا الباب اخى الكريم الطيبونى - وفى ضوء هذا الكلام يفهم معنى ما عنونت به الموضوع. بتعلق الفعل الاحتيارى والمخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا وعدما.............................. .............................. .............................. .............................. .............................. ........ الجواب السادس إن الرب تبارك وتعالى إذا خلق شيئا فلا بد من وجود لوازمه ولا بد من عدم أضداده فوجود الملزوم بدون لازمه محال ووجود الضد مع ضده ممتنع والمحال ليس بشيء ولا يتصور العقل وجوده في الخارج وإذا كان هذا التسلسل الجائز من لوازم خلقه وحكمته لم يكن في القول محذور بل كان المحذور في نفيه ..
    توضيحه الجواب السابع أنه لم يقم دليل عقلي ولا سمعي على امتناع دوام أفعال الرب في الماضي والمستقبل أصلا وكل أدلة النفاة من أولها إلى آخرها باطلة وقد كفى مؤنة إبطالها الرازي والآمدي في أكثر كتبهما وغيرها وأما إثبات الحكمة فقد قام على صحته العقل والسمع والفطرة وسائر أنواع الأدلة مما تقدمت الإشارة إلى بعض
    ذلك فكيف يقدح في هذا المعلوم الصحيح بذلك النفي الذي لم يقم على صحته دليل البتة الجواب الثامن أن التسلسل إما أن يكون ممكنا أو ممتعنا فإن كان ممكنا بطل استدلالكم وإن كان ممتنعا أمكن أن يقال في دفعه تنتهي المرادات إلى مراد لنفسه لا لغيره وينقطع التسلسل الجواب التاسع أن يقال ما المانع أن تكون الفاعلية معللة بعلة قديمة قولكم يلزم من قدمها قدم المعلول ينتقص عليكم بالإرادة فإنها قديمة ولم يلزم من قدمها قدم المراد فإن قلتم الإرادة القديمة تعلقت بالمراد الحادث في وقت حدوثه واقتضت وجوده حينئذ فهلا قلتم أن الحكمة القديمة تعلقت بالمراد وقت حدوثه كما قلتم في الإرادة فإن قلتم شأن الإدارة التخصيص قيل لكم وكذلك الحكمة شأنها تخصيص الشيء بزمانه ومكانه وصفته فالتخصيص مصدره الحكمة والإرادة والعلم والقدرة فإن لزم من قدم الحكمة قدم الفعل لزم من قدم الإرادة قدمه وإن لم يلزم ذلك لم يلزم هذا الجواب العاشر أن يقال لو لم يكن فعله لحكمة وغاية مطلوبة لم يكن مريدا فان المريد لا يعقل كونه مريدا إلا إذا كان يريد لغرض وحكمة فإذا انتفت الحكمة والغرض انتفت الإرادة ويلزم من انتفاء الإرادة أن يكون موجبا بالذات وهو علة تامة في الأزل لمعلوله فيلزم أن يقارنه جميع معلوله ولا يتأخر فيلزم من ذلك قدم الحوادث المشهودة وإنما لزم ذلك من انتفاء الحكمة والغرض المستلزمة لنفي الإرادة المستلزمة للإيمان الذاتي المستلزم لقدم الحوادث وتقرير هذا وبسطه في غير هذا الموضع.
    .............................. ....الجواب العاشر أن الرب سبحانه كامل في أوصافه وأسمائه وأفعاله فلا بد من ظهور آثارها في العالم فإنه محسن ويستحيل وجود الإحسان بدون من يحسن إليه ورزاق فلا بد من وجود من يرزقه وغفار وحليم وجواد ولطيف بعباده ومنان ووهاب وقابض وباسط وخافض ورافع ومعز ومذل وهذه الأسماء تقتضي متعلقات تتعلق بها وآثارا تتحقق بها فلم يكن بد من وجود متعلقاتها وإلا تعطلت تلك الأوصاف وبطلت تلك الأسماء فتوسط تلك الآثار لا بد منه في تحقق معاني تلك الأسماء والصفات فكيف يقال أنه عبث لا فائدة فيه وبالله التوفيق.

    شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل
    تأليف:محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية http://www.islamicbook.ws/amma/shfa-

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    الجواب العاشر أن الرب سبحانه كامل في أوصافه وأسمائه وأفعاله فلا بد من ظهور آثارها في العالم فإنه محسن ويستحيل وجود الإحسان بدون من يحسن إليه ورزاق فلا بد من وجود من يرزقه وغفار وحليم وجواد ولطيف بعباده ومنان ووهاب وقابض وباسط وخافض ورافع ومعز ومذل وهذه الأسماء تقتضي متعلقات تتعلق بها وآثاراتتحقق بها فلم يكن بد من وجود متعلقاتها وإلا تعطلت تلك الأوصاف وبطلت تلك الأسماء فتوسط تلك الآثار لا بد منه في تحقق معاني تلك الأسماء والصفات فكيف يقال أنه عبث لا فائدة فيه وبالله التوفيق
    بارك الله فيك اخي الكريم

    قد تكلمنا على هذا في موضوع سابق بما لا مزيد على ذلك
    و الذي ظهر لي و الله اعلم انك لم تمعن النظر في حجة مخالفك فغالب ما تذكره من حجج هي جانبية عن اصل الاشكال و ليس الخلاف فيها اصلا . فالواجب ان يستحضر الاصل المقرر عند الكلام على اصل اخر و يهمني في هذا ما اقتبسته من كلام ابن القيم رحمه الله

    قد ذكرنا سابقا ان الاثار و المخلوقات متعلقة بالمشيئة و الحكمة و قد يكون عدمها كمالا كما يكون وجودها كمال و ان ذلك يرجع لحكمة الرب عز وجل

    فما معنى قوله ( لا بد من ظهور الاثار في العالم ) ؟ و قد قرر سابقا ان وجود ذلك يرجع للحكمة و المشيئة ؟
    و ما معنى قوله بتعطل الاوصاف و بطلان الاسماء بعدم وجود اثار كل اسم و وصف ؟
    لعلك تعطي المسالة حقها من النظر و تنظر في لوازم هذا الكلام فتجري هذا على كل وصف و اسم

    و الغرض اخي الكريم من الموضوع هو نقل كلام شيخ الاسلام و تلميذه رحمهما الله حول هذا الاصل المهم و العظيم
    و قد مر علي من كلامه ما اظن انه يتعارض مع ما قرره في هذه المسالة

    فساحاول ان اجمع ذلك من كلامه و كل ما له علاقة بالموضوع لكي تتضح صورة المسالة جيدا و ينظر مدى توافق او تعارض اصول المسالة التي ترجع اليها و ترتبط بها

    و بارك الله فيك اخي الكريم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    و الذي ظهر لي و الله اعلم انك لم تمعن النظر في حجة مخالفك
    بل امعنت النظر جيدا اخى الكريم
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    قد ذكرنا سابقا ان الاثار و المخلوقات متعلقة بالمشيئة و الحكمة و قد يكون عدمها كمالا كما يكون وجودها كمال و ان ذلك يرجع لحكمة الرب عز وجل
    انا لمَّا لمحت ما ظللته بالاحمر احبتت ان ابين معناه عند شيخ الاسلام بن تيميه وبن القيم - وابين انه ليس ما ذهب اليه ذهنك فى قوله و قد يكون عدمها كمالا - وما نقلته عن بن القيم هو نفس ما نقلته انت عن شيخ الاسلام اخى الطيبونى ولكن بن القيم رتَّب كلام شيخه فقط -
    و ان ذلك يرجع لحكمة الرب عز وجل
    نعم -وأي نقص في دوام حكمته شيئا بعد شيء
    فما معنى قوله ( لا بد من ظهور الاثار في العالم ) ؟ و قد قرر سابقا ان وجود ذلك يرجع للحكمة و المشيئة ؟
    نعم انظر وتأمل ما قاله بن القيم سابقا وقد علقت عليه اخى الكريم لأفِت انتباهك له انظر ما قال بن القيم فى الحكمة والمشيئة -
    وأي نقص في دوام حكمته شيئا بعد شيء كما تدوم إرادته وكلامه وأفعاله وإحسانه وجوده وإنعامه وهل الكمال إلا في هذا التسلسل فماذا نفر النفاة منه أنفرهم أن يقال لم يزل ولا يزال حيا عليما قديرا حكيما متكلما محسنا جوادا ملكا موصوفا بكل كمال غنيا عن كل ما سواه لا تنفد كلماته ولا تتناهى حكمته ولا تعجز قدرته ولا يبيد ملكه ولا تنقطع إرادته ومشيئته بل لم يزل ولا يزال له الخلق والأمر والحكمة والحكم وهل النقص إلا سلب ذلك عنه والله الموفق بفضله
    هل بعد هذا كلام------ وانظر وتأمل ما قاله ايضا
    وأما أن يكون الفاعل الواحد القديم الأبدي لم يزل يفعل ولا يزال فهذا غير ممتنع إذا عرف هذا فالحكمة التي لأجلها يفعل الفعل تكون حاصلة بعده فإذا كان بعدها حكمة أخرى فغاية ذلك أن يلزم حوادث لا نهاية لها وهذا جائز بل واجب باتفاق المسلمين ولم ينازع إلا بعض أهل البدع من الجهمية والمعتزلة فإن قيل فيلزم من هذا أن لا تحصل الغاية المطلوبة أبدا قيل بل اللازم أن لا تزال الغاية المطلوبة حاصلة دائما وهذا أمر معقول في الشاهد فإن الواحد من الناس يفعل الشيء لحكمة يحصل بها محبوبه ثم يلزم من حصول محبوبه محبوب آخر يفعل لأجله وهلم جرا حتى لو تصور دوامه أبدا لكانت هذه حاله وكماله فلم تزل محبوباته تحصل شيئا بعد شيء وهذا هو الكمال الذي يريده مع غناه التام الكامل عن كل ما سواه وفقر ما سواه إليه من جميع الوجوه وهل الكمال إلا ذلك و فواته هو النقص
    وانظر ايضا وتأمل كلام بن القيم ينزاح عن اى شبهه فى قوله
    وقد ينازع النظار في الفاعلية هل هي صفة كمال أم لا وجمهور المسلمين من جميع الفرق يقولون هي صفة كمال وقالت طائفة ليست صفة كمال ولا نقص وهو قول أكثر الأشعرية فإذا التزم له هذا القول قيل له الجواب من وجهين أحدهما أن من المعلوم تصريح العقل أن من يخلق أكمل ممن لا يخلق كما قال تعالى:

    {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} وهذا استفهام إنكار يتضمن الإنكار على من سوى بين الأمرينيعلم أن أحدهما أكمل من الآخر قطعا ولا ريب أن تفضيل من يخلق على من لا يخلق في الفطر والعقول كتفضيل من يعلم على من لا يعلم ومن يقدر على من لا يقدر ومن يسمع ويبصر على من لا يسمع ولا يبصر ولما كان هذا مستقرا في فطر بني آدم جعله الله تعالى من آلة توحيده وحججه على عباده قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُون} وقال تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ} وقال تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ} فمن سوى بين صفة الخالقية وعدمها فلم يجعل وجودها كمالا ولا عدمها نقصا فقد أبطل حجج الله وأدلة توحيده وسوى بين ما جعل بينهما أعظم التفاوت
    هل بعد هذا كلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    المشاركات
    1,056

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك اخى الكريم الطيبونى انا لمَّا لمحت ما ظللته بالاحمر احبتت ان ابين معناه عند شيخ الاسلام بن تيميه وبن القيم - وابين انه ليس ما ذهب اليه ذهنك فى قوله و قد يكون عدمها كمالا - وما نقلته عن بن القيم هو نفس ما نقلته انت عن شيخ الاسلام اخى الطيبونى ولكن بن القيم رتَّب كلام شيخه فقط - نعم -وأي نقص في دوام حكمته شيئا بعد شيء نعم انظر وتأمل ما قاله بن القيم سابقا وقد علقت عليه اخى الكريم لأفِت انتباهك له انظر ما قال بن القيم فى الحكمة والمشيئة - هل بعد هذا كلام------ وانظر وتأمل ما قاله ايضا وانظر ايضا وتأمل كلام بن القيم ينزاح عن اى شبهه فى قوله هل بعد هذا كلام
    أخي محمد .
    " بن " عندما تأتي ليس قبلها اسم تكتب بهمزة وصل هكذا " ابن القيم ".

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .............................. ...........

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله -

    عدم الشيءفي الوقت الذي لم تقتض الحكمة وجوده فيه من الكمال
    انظر اخى الكريم الى سابق ولاحق هذه الجملة يتضح لك المقصود - قال شيخ الاسلام فى مناقشة الاشاعرة فى مذهبهم فى الحكمة والتعليل-
    وإن قلتم:إن إحداث المحدثات ليس بكمال ولا نقص، فيقال:هذا مخالف لقول جمهور المسلمين، عدا أتباع الأشعري، أو أكثرهم، ثم يقال:إن الله قد ذم من قال بهذا الأمر(أن إحداث المحدثات وخلق المخلوقات ليس بكمال ولا نقص) فقال : {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} سورة النحل. ويعلم بصريح العقل أنه من يخلق أكمل ممن لا يخلق.وتفضيل من يخلق على من لا يخلق أمر فطري ضروري,-ويقال أيضا:إذا قلتم : إحداث المحدثات ليس بكمال ولا نقص، مع ذلك أثبتم أنه يحدثها، فلم لا يجوز أنه يفعله لحكمة يكون وجودها وعدمها بالنسبة إليه سواء.

    الثانى: أنهم قالوا :كما له أن يكون لا يزال قادرا على الفعل بحكمة فلو قدر كونه غير قادر على ذلك لكان ناقصا.
    الثالث: قول القائل:( أنه مستكمل بغيره )باطل، فإن ذلك إنما حصل بقدرته ومشيئته، لا شريك له في ذلك، فلم يكن في ذلك محتاجا إلى غيره، وإذا قيل: كمل بفعله الذي لا يحتاج فيه إلى غيره، كان كما لو قيل: كمل بصفاته أو كمل بذاته.
    الرابع :قول القائل:( كان قبل ذلك ناقصا) إن أراد به عدم ما تجدد، فلا نسلم أن عدمه قبل الوقت الذي اقتضت الحكمة وجوده فيه يكون نقصا، وإن أراد بكونه ناقصا معنى غير ذلك فهو ممنوع، بل يقال :عدم الشيء في الوقت الذى لم تقتض الحكمة وجوده فيه من الكمال، كما أن وجوده في وقت اقتضاء الحكمة وجوده فيه كمال، فليس عدم كل شيء نقصا، بل عدم ما يصلح وجوده هو النقص، كما أن وجود مالا يصلح وجوده نقص، فتبين أن وجود هذه الأمور حين اقتضت الحكمة عدمها هو النقص، لا أن عدمها هو النقص، ولهذا كان الرب تعالى موصوفا بالصفات الثبوتية المتضمنة لكماله، وموصوفا بالصفات السلبية المستلزمة لكماله أيضا، فكان عدم ما ينفي عنه هو من الكمال، كما أن وجود ما يستحق ثبوته من الكمال، وإذا عقل مثل هذا في الصفات فكذلك في الأفعال ونحوها، وليس كل زيادة يقدرها الذهن من الكمال، بل كثير من الزيادات تكون نقصا في كمال المزيد، كما يعقل مثل ذلك في كثير من الموجودات، والإنسان قد يكون وجود أشياء في حقه في وقت نقصا وعيبا، وفي وقت آخر كمالا ومدحا في حقه، كما يكون في وقت مضرة له وفي وقت منفعة له .
    الخامس : أنا إذا قدرنا من يقدر على إحداث الحوداث لحكمة ومن لا يقدر على ذلك كان معلوما ببديهة العقل أن القادر على ذلك أكمل، مع أن الحوادث لا يمكن وجودها إلا حوادث لا تكون قديمة، وإذا كانت القدرة على ذلك أكمل وهذا المقدور لا يكون إلا حادثا، كان وجوده هو الكمال، وعدمه قبل ذلك من تمام الكمال، إذ عدم الممتنع الذي هو شرط في وجود الكمال من الكمال)

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    .............................. ................

    ( وأي نقص في دوام
    حكمته شيئا بعد شيء )

    طبعا لا شيء في ذلك . و كذا قولنا في الاثار و المخلوقات .
    يعني ان اقتضت الحكمة و جود ذلك فذاك هو الكمال
    و بهذا خرجنا من قول المعطلة و من يقول بالامتناع
    لكن يبقى النقاش مع من يقول ان الخلق مربوط و متعلق بالمشيئة و الحكمة فلا يقول بوجوب التسلسل
    فيقلب علينا السؤال فيقول

    و اي شيء في عدم الخلق و عدم المخلوقات و الاثار في الزمن المعين ان اقتضت الحكمة و المشيئة ذلك ؟
    فقد اقررتم سابقا ان عدم المخلوق و عدم الخلق في الوقت المعين يكون كمالا ان اقتضت الحكمة ذلك

    فالتعليل برجوع المخلوق و الخلق الى المشيئة و الحكمة يتعارض مع قولنا ( لا بد من وجود المخلوقات و الا تعطلت الصفات و بطلت الاسماء ) تامل ذلك بارك الله فيك فان في هذا ايجاب الخلق على الله عز وجل و ان كنتم لا توجبون ذلك في معين و فرد بالذات . لكن توجبون ذلك جملة .

    يعني انكم جعلتم المشيئة متعلقة بالافراد و الوجوب متعلق بالجملة و النوع
    و الجملة و النوع في هذه الجهة بالذات خصوصا مع هذا التعليل ليس لها حكم يخالف افرادها
    بمعنى اننا اذا حكمنا في الزمن المعين ان جميع الافراد ممكنة فيه مرتبطة بالمشيئة و الحكمة فلا يمكن من هذه الجهة ان تاخذ الجملة حكما يخالف ذلك

    و معنى كلام المخالف في حكم النوع هنا . ان بعض افراد الجملة يجب ان يخلق و يوجد و ان لم يعين ذلك
    فيوجب خلق و ايجاد بعض الاثار و الافراد في ذاك الزمن المعين و يوجب المشيئة و الحكمة المتعلقة بوجود ذلك .

    فهذا يناقض ما قررناه سابقا في جميع الاثار في ان كل فرد من الجملة متعلق بمشيئة الله و حكمته و ان وجوده و عدمه متعلق بالحكمة و المشيئة .

    و الله اعلم



  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .............................. ................

    ( وأي نقص في دوام
    حكمته شيئا بعد شيء )

    طبعا لا شيء في ذلك . و كذا قولنا في الاثار و المخلوقات .
    يعني ان اقتضت الحكمة و جود ذلك فذاك هو الكمال
    و بهذا خرجنا من قول المعطلة و من يقول بالامتناع
    لكن يبقى النقاش مع من يقول ان الخلق مربوط و متعلق بالمشيئة و الحكمة فلا يقول بوجوب التسلسل
    فيقلب علينا السؤال فيقول

    و اي شيء في عدم الخلق و عدم المخلوقات و الاثار في الزمن المعين ان اقتضت الحكمة و المشيئة ذلك ؟
    فقد اقررتم سابقا ان عدم المخلوق و عدم الخلق في الوقت المعين يكون كمالا ان اقتضت الحكمة ذلك

    فالتعليل برجوع المخلوق و الخلق الى المشيئة و الحكمة يتعارض مع قولنا ( لا بد من وجود المخلوقات و الا تعطلت الصفات و بطلت الاسماء ) تامل ذلك بارك الله فيك فان في هذا ايجاب الخلق على الله عز وجل و ان كنتم لا توجبون ذلك في معين و فرد بالذات . لكن توجبون ذلك جملة .

    يعني انكم جعلتم المشيئة متعلقة بالافراد و الوجوب متعلق بالجملة و النوع
    و الجملة و النوع في هذه الجهة بالذات خصوصا مع هذا التعليل ليس لها حكم يخالف افرادها
    بمعنى اننا اذا حكمنا في الزمن المعين ان جميع الافراد ممكنة فيه مرتبطة بالمشيئة و الحكمة فلا يمكن من هذه الجهة ان تاخذ الجملة حكما يخالف ذلك

    و معنى كلام المخالف في حكم النوع هنا . ان بعض افراد الجملة يجب ان يخلق و يوجد و ان لم يعين ذلك
    فيوجب خلق و ايجاد بعض الاثار و الافراد في ذاك الزمن المعين و يوجب المشيئة و الحكمة المتعلقة بوجود ذلك .

    فهذا يناقض ما قررناه سابقا في جميع الاثار في ان كل فرد من الجملة متعلق بمشيئة الله و حكمته و ان وجوده و عدمه متعلق بالحكمة و المشيئة .

    و الله اعلم


    هذا الكلام فيه نظر اخى الكريم الطيبونى يحتاج الى نقاش طويل فى مسألة تسلسل الحوادث ليس عندى الهمَّة الان فى اعادة النقاش فيه بارك الله فيك اخى وحبيبى فى الله -بارك الله فيك يا صاحبى

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    الجواب العاشر أن الرب سبحانه كامل في أوصافه وأسمائه وأفعاله فلا بد من ظهور آثارها في العالم فإنه محسن ويستحيل وجود الإحسان بدون من يحسن إليه ورزاق فلا بد من وجود من يرزقه وغفار وحليم وجواد ولطيف بعباده ومنان ووهاب وقابض وباسط وخافض ورافع ومعز ومذل وهذه الأسماء تقتضي متعلقات تتعلق بها وآثارا تتحقق بها فلم يكن بد من وجود متعلقاتها وإلا تعطلت تلك الأوصاف وبطلت تلك الأسماء فتوسط تلك الآثار لا بد منه في تحقق معاني تلك الأسماء والصفات

    يقول في طريق الهجرتين

    العبد إِذا فتح الله لقلبه شهود أَوليته سبحانه حيث كان ولا شيء غيره، وهو الإِلَه الحق الكامل فى أَسمائه وصفاته، الغنى عما سواه، الحميد المجيدُ بذاته قبل أَن يخلق من يحمده ويعبده ويمجده، فهو معبود محمود حي قيوم له الملك وله الحمد فى الأَزل والأَبد، لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الجلال، منعوتاً بنعوت الكمال، وكل شيء سواه فإِنما كان به، وهو تعالى بنفسه ليس بغيره فهو القيوم الذى قيام كل شيء به، ولا حاجة به فى قيوميته إِلى غيره بوجه من الوجوه.انتهى

    قوله ( قبل ان يخلق من يحمده و يعبده و يمجده ) كيف نجمع بين هذا و بين قوله بوجوب ظهور اثار اسمه (
    غفار وحليم وجواد ولطيف ) و الا تعطلت الصفات و بطلت الاسماء

    فلازم قوله في هذه الاسماء التسلسل في جنس المكلفيين و المذنبين و هذا يتعارض مع قوله ( قبل ان يخلق من يحمده و يعبده )

    و قوله ( شهود أَوليته سبحانه حيث كان ولا شيء غيره، وهو الإِلَه الحق الكامل فى أَسمائه وصفاته )

    وجوب ظهور الاثار لثبوت الكمال يتعارض مع قوله في شهود الاولية بان الله سبحانه كان و لا شيء غيره مع انه اثبت الكمال في الاسماء و الصفات بدون وجود الاثار و المتعلقات بقوله ( كان الله و لا شيء غيره ) و جعل الوصف في الحمد و المجد ذاتي قبل ان يخلق من يحمده و يمجده .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    يقول في طريق الهجرتين

    العبد إِذا فتح الله لقلبه شهود أَوليته سبحانه حيث كان ولا شيء غيره، وهو الإِلَه الحق الكامل فى أَسمائه وصفاته، الغنى عما سواه، الحميد المجيدُ بذاته قبل أَن يخلق من يحمده ويعبده ويمجده، فهو معبود محمود حي قيوم له الملك وله الحمد فى الأَزل والأَبد، لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الجلال، منعوتاً بنعوت الكمال، وكل شيء سواه فإِنما كان به، وهو تعالى بنفسه ليس بغيره فهو القيوم الذى قيام كل شيء به، ولا حاجة به فى قيوميته إِلى غيره بوجه من الوجوه.انتهى

    لم ينتهى ابن القيم بعد بل قال-فإِذا شهد العبد سبقه تعالى بالأولية ودوام وجوده الحق وغاب بهذا عما سواه من المحدثات فنى فى وجوده من لم يكن [كأنه لم يكن] وبقى من لم يزل، واضمحلت الممكنات فى وجوده الأَزلى الدائم بحيث صارت كالظلال التى يبسطها ويمدها ويقبضها، فيستغنى العبد بهذا المشهد العظيم ويتغذى [بها] عن فاقاته وحاجاته. وإِنما كان هذا عندهم أَفضل مما قبله لأَن الشهود الذى قبله فيه شائبة مشيرة إِلى وجود العبد، وهذا الشهود الثانى سائر الموجودات كلها سوى الأَول تعالى قد اضمحلت وفنيت فيه، وصارت كأوليتها وهو العدم، فأَفنتها أَولية الحق [تبارك وتعالى]، فبقى العبد محواً صرفاً وعدماً محضاً، وإِن كانت انيته مشخصة مشاراً إِليها لكنها لما نسبت إِلى أَولية الحق عَزَّ وجَلَّ اضمحلت وفنيت وبقى الواحد الحق الذى لم يزل باقياً، فاضمحل ما دون الحق تعالى فى شهود العبد كما هو مضمحل فى نفسه، وشهد العبد حينئذ أَن كل شيء ما سواى [الله] باطل، وأَن الحق المبين هو الله وحده، ولا ريب أَن الغنى بهذا الشهود [دائم] من الغنى بالذى قبله، وليس هذا مختصاً بشهود أَوليته تعالى فقط بل جميع ما يبدو للقلوب من صفات الرب [جل جلاله] يستغنى العبد بها بقدر حظه وقسمه من معرفتها وقيامه بعبوديتها.-------------------وسبق ان قلنا --قول الأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم، هذا أيضا فيه وصف الرب جل وعلا بالنقص؛ لأن أولئك يزعمون أنه متّصف ولا أثر للصفة.ومعلوم أن هذا العالم المنظور الذي تعلقت به عندهم الأسماء والصفات، هذا العالم إنما وُجد قريبا، فوجوده قريب وإن كانت مدته أو عمره طويل لكنه بالنسبة إلى الزمن بعامة -الزمن المطلق- لا شك أنه قريب لهذا قال عليه الصلاة والسلام «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» جل وعلا فالتقدير كان قبل أن يخلق هذه الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وهي مدة محدودة، والله جل وعلا لا يحدّه زمان، فهو أول سبحانه وتعالى ليس قبله شيء جل وعلا، وفي هذا إقرار لأنه من جهة الأولية يتناهى الزمان في إدراك المخلوق، وننقل من الزمان المنسوب إلى الزمان المطلق، وهذا تتقاصر عقولنا عنه وعن إدراكه، وأما هذا العالم المنظور فإنه محدَث وحدوثه قريب. ولهذا نقول إنّ قول الآشاعرة والماتريدية بأنه كان متصفا بصفات وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثارها ولم يفعل شيئا الا بعد وجود هذا العالم، نقول معناه أن ثم زمانا مطلقا طويلا طويلاً جدا ولم يكن الرب جل وعلا فاعلا، ولم يكن لصفاته أثر ولا لأسمائه أثر في المربوبات، ولا بد أن الله جل وعلا له سبحانه وتعالى من يعبده جل وعلا من خلقه، ولا بد أن يكون له جل وعلا مخلوقات؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، وهذه صفة مبالغة مطلقة في الزمن كله؛ لأن (ما) اسم موصول وأسماء الموصول تعمّ ما كان في حيّز صلتها. بقي أنْ يُقال إن قولهم أراد ولكن إرادته كانت معلقة غير منجزة، ونقول هذا تحكّم؛ لأن هذا مما لا دليل عليه إلا الفرار من قول الفلاسفة ومن نحا نحوهم بقدم هذا العالَم المنظور، وهذا الإلزام ولا يلزم أهل الحديث والسنة والأثر؛ لأننا نقول إن العوالم التي سبقت هذا العالم كثيرة متعددة لا نعلمها، الله جل وعلا يعلمها. وهذا ما قيل إنه يسمى بقِدم جنس المخلوقات، أو ما يسمى بالقِدم النوعي للمخلوقات، وهذه من المسائل الكبار -المهم أن مذهب الحديث والأثر في هذه المسألة لأجل كمال الربّ جل وعلا، وأن غير قولهم فيه تنقّص للرّب جل وعلا بكونه معطَّلا أو لكونه سبحانه وتعالى معطلا أن يفعل وأن تظهر آثار أسمائه وصفاته قبل خَلْق هذا العالم المنظور[شرح الطحاوية].----------------------------------------------------------يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الأزل ليس شيئاً محدوداً يقف عنده العقل، بل ما من غاية ينتهي إليها تقدير الفعل إلا والأزل قبل ذلك بلا غاية محدودة، حتى لو فرض وجود مدائن أضعاف مدائن الأرض في كل مدينة من الخردل ما يملؤها، وقدر أنه كلما مضت ألف ألف سنة فنيت خردلة - فني الخردل كله والأزل لم ينته، ولو قدر أضعاف ذلك أضعافاً لا ينتهي. فما من وقت يُقدَّر إلا والأزل قبل ذلك. وما من وقت صدر فيه الفعل إلا وقد كان قبل ذلك ممكناً. وإذا كان ممكناً فما الموجب لتخصيص حال الفعل بالخلق دون ما قبل ذلك فيما لا يتناهى؟ وأيضاً فالأزل معناه عدم الأولية، ليس الأزل شيئاً محدوداً، فقولنا: لم يزل قادراً، بمنزلة قولنا: هو قادر دائماً، وكونه قادراً وصف دائم لا ابتداء له، فكذلك إذا قيل لم يزل متكلماً إذا شاء، ولم يزل يفعل ما شاء، يقتضي دوام كونه متكلماً وفاعلاً بمشيئته وقدرته اهـ.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .............................. ................

    ( وأي نقص في دوام
    حكمته شيئا بعد شيء )

    طبعا لا شيء في ذلك . و كذا قولنا في الاثار و المخلوقات .
    يعني
    ان اقتضت الحكمة و جود ذلك فذاك هو الكمال
    و بهذا خرجنا من قول المعطلة و من يقول بالامتناع
    لكن يبقى النقاش مع من يقول ان الخلق مربوط و متعلق بالمشيئة و الحكمة فلا يقول بوجوب التسلسل
    فيقلب علينا السؤال فيقول

    و اي شيء في عدم الخلق و عدم المخلوقات و الاثار في الزمن المعين ان اقتضت الحكمة و المشيئة ذلك ؟
    فقد اقررتم سابقا ان عدم المخلوق و عدم الخلق في الوقت المعين يكون كمالا ان اقتضت الحكمة ذلك

    فالتعليل برجوع المخلوق و الخلق الى المشيئة و الحكمة يتعارض مع قولنا ( لا بد من وجود المخلوقات و الا تعطلت الصفات و بطلت الاسماء ) تامل ذلك بارك الله فيك فان في هذا ايجاب الخلق على الله عز وجل و ان كنتم لا توجبون ذلك في معين و فرد بالذات . لكن توجبون ذلك جملة .

    يعني انكم جعلتم المشيئة متعلقة بالافراد و الوجوب متعلق بالجملة و النوع
    و الجملة و النوع في هذه الجهة بالذات خصوصا مع هذا التعليل ليس لها حكم يخالف افرادها
    بمعنى اننا اذا حكمنا في الزمن المعين ان جميع الافراد ممكنة فيه مرتبطة بالمشيئة و الحكمة فلا يمكن من هذه الجهة ان تاخذ الجملة حكما يخالف ذلك

    و معنى كلام المخالف في حكم النوع هنا . ان بعض افراد الجملة يجب ان يخلق و يوجد و ان لم يعين ذلك
    فيوجب خلق و ايجاد بعض الاثار و الافراد في ذاك الزمن المعين و يوجب المشيئة و الحكمة المتعلقة بوجود ذلك .

    فهذا يناقض ما قررناه سابقا في جميع الاثار في ان كل فرد من الجملة متعلق بمشيئة الله و حكمته و ان وجوده و عدمه متعلق بالحكمة و المشيئة .

    و الله اعلم


    يعني ان اقتضت الحكمة و جود ذلك فذاك هو الكمال
    لِمَ أداة الشرط -
    و اي شيء في عدم الخلق و عدم المخلوقات و الاثار في الزمن المعين ان اقتضت الحكمة و المشيئة ذلك ؟
    لا شئ اذا كان الكلام على زمن معين - الاشكال كل الاشكال فى الزمن المطلق قبل خلق هذا العالم عند الاشاعرة والماتريدية - ان الله كان معطل ثم ابتدأ الفعل هذا هو ما تَفِر منه ولا فرار- الاشكال فى عدم قولهم لم يزل يفعل -ما السبب فى الامتناع عن الفعل- ستجيب اخى الطيبونى - [عدم المشيئة] وأسألك --هل عدم المشيئة فى الزمن المطلق قبل خلق هذا العالم من الكمال-إن قلت نعم فلم تخرج بعد
    و بهذا خرجنا من قول المعطلة
    لايدل على الخروج ولو أردت الفرار -قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ - من يقول ان الله لم يكن يفعل ثم إبتدأ الفعل بمشيئته ولم يكن قبل ذلك له مشيئة ولا اراده فى فعل من الافعال -الى ان بدأ خلق هذا العالم المشهود - فهذا لم يخرج بعد --
    و من يقول بالامتناع
    لا يدل كما فى كلام شيخ الاسلام وما من وقت صدر فيه الفعل إلا وقد كان قبل ذلك ممكناً. وإذا كان ممكناً فما الموجب لتخصيص حال الفعل بالخلق دون ما قبل ذلك فيما لا يتناهى؟ وأيضاً فالأزل معناه عدم الأولية، ليس الأزل شيئاً محدوداً، فقولنا: لم يزل قادراً، بمنزلة قولنا: هو قادر دائماً، وكونه قادراً وصف دائم لا ابتداء له، فكذلك إذا قيل لم يزل متكلماً إذا شاء، ولم يزل يفعل ما شاء، يقتضي دوام كونه متكلماً وفاعلاً بمشيئته وقدرته
    لكن يبقى النقاش مع من يقول ان الخلق مربوط و متعلق بالمشيئة و الحكمة
    أين المشيئة والحكمة هل الحكمة والمشيئة تقتضى ان يكون الرب جل وعلا زمانا مطلقا طويلا طويلاً جدا ولم يكن الرب جل وعلا فاعلا، ولم يكن لصفاته أثر ولا لأسمائه أثر في المربوبات---من قال بحدوث أعيان الفعل ودوام نوعه يقول ذلك في الحكمة سواء ومن قال بحدوث نوع الفعل وقيامه بالرب قال ذلك في الحكمة--------------ولا تنقطع إرادته ومشيئته بل لم يزل ولا يزال له الخلق والأمر والحكمة والحكم وهل النقص إلا سلب ذلك عنه
    و اي شيء في عدم الخلق و عدم المخلوقات و الاثار في الزمن المعين ان اقتضت الحكمة و المشيئة ذلك ؟
    هذا اذا كان فى زمن معين -هذا الزمن المعين هو فى الحقيقة زمن مطلق دهورا متعاقبة وازمنة متطاولة- هو كما ينقر العصفور قطرة من ماء البحر والبحر يمده من بعده سبعة ابحر-قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ---
    و معنى كلام المخالف في حكم النوع هنا . ان بعض افراد الجملة يجب ان يخلق و يوجد و ان لم يعين ذلك
    الافعال الاختيارية متعلقة بالمشيئة والحكمة- -- سأضرب لك مثال بصفة الكلام حتى يتضح الكلام بالنسبة لتعلقه بالزمن المعين او تعلقه بالمشيئة واالحكمة - وأنها لا تدل على ما تذهب اليه -- انظر الى صفة الكلام بالنسبة لله فهى تماما كصفة الخلق فما يقال فى صفة الكلام يقال تماما فى صفة الخلق - معنى قديم النوع أن الله لم يزل ولا يزال متكلماً، ليس الكلام حادثاً منه بعد أن لم يكن، ومعنى حادث الآحاد أن آحاد كلامه أي الكلام المعين المخصوص حادث لأنه متعلق بمشيئته متى شاء تكلم بما شاء كيف شاء ---قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكلام الله غير مخلوق عند سلف الأمة وأئمتها، وهو أيضاً يتكلم بمشيئته وقدرته عندهم لم يزل متكلماً إذا شاء فهو قديم النوع، وأما نفس النداء الذي نادى به موسى ونحو ذلك فحينئذ ناداه كما قال تعالى: فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى. وكذلك نظائره، فكان السلف يفرقون بين نوع الكلام وبين الكلمة المعينة ---------قال شيخ الاسلام بن تيمية -المتكلمون الذين يقولون : إن الفعل كان ممتنعا عليه في الأزل ، حتى خلق العالم ، فانتقل العالم من العدم إلى الوجود ، من غير شيء حدث ، ولا تجدد إرادة ولا مشيئة . يقول شيخ الإسلام :
    " وهذا قول أكثر المعتزلة والأشعرية وغيرهم: يقرون بالصانع المحدِث ، من غير تجدد سبب حادث، ولهذا قامت عليهم الشناعات في هذا الموضع، وقال لهم الناس: هذا ينقض الأصل الذي أثبتم به الصانع، وهو أن الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح، فإذا كانت الأوقات متماثلة، والفاعل على حال واحدة، لم يتجدد فيه شيء أزلاً وأبداً، ثم اختص أحد الأوقات بالحدوث فيه، كان ذلك ترجيحاً بلا مرجح " انتهى من "درء التعارض" (8/107) .------------. والطائفة الأخرى : الفلاسفة الذين يقولون: إنَّ الخالق ـ جل جلاله ـ موجب بالذات ، وهؤلاء ، هم الذي يقال على أصلهم : إنه لم يكن له خيار ألا يفعل العالم ، لأنه موجب بذاته لهذا العالم ، يمتنع أن يتخلف خلقه ، ولذلك يقولون : إن العالم ـ المعلول ـ قديم ، بقدم الخالق ـ العلة ـ . فأبطل شيخ الإسلام مذهبهم في مواطن كثيرة من كتبه ، وبيَّن أن الدائم هو نوع الفعل ، يعني : أن الله جل جلاله : فعال لما يريد ، بقدرته ، ومشيئته ، وإرادته ؛ لا يزال يخلق خلقا بعد خلقٍ ، ويفعل فعلا بعد فعل .
    ثم هذا النوع : إنما هو شيء مقدر في الأذهان ، لا يوجد في الخارج إلا معينا ، فإذا كان نوع الخلق دائما ، فإن كل ما يوجد منه لا بد أن يكون حادثا ، مخلوقا ، مسبوقا بالعدم .
    : " وحينئذ لا يكون في الأزل مؤثرا تاما في شيء من العالم" مراده : أن هذا التأثير التام : لم يحصل في شيء بعينه من العالم في الأزل ، وإلا لاقتضى وجوده وقدمه ، وهذا باطل ؛ لأن كل شيء من العالم مخلوق محدث بعد أن لم يكن .
    لكن ذلك لا يعني : أن جنس الفعل ، أو جنس الخلق ، كان ممتنعا على الله في الأزل ، فإنه لم يزل على كل شيء قديرا ، فعالا لما يريد ، يخلق شيئا بعد شيء ، ويحدث أمرا بعد أمر ، فيفنى الأولى ، ويخلفه الثاني ، وهلم جرا ، إلى ما شاء الله .
    وإنما يتم خلق كل شيء ، كما يقول شيخ الإسلام : :" عند حصول كمال التأثير فيه " ، وهذا لا يكون إلا بالقدرة التامة ، والمشيئة التامة له سبحانه .
    ولذلك يقرر شيخ الإسلام ، ، أن ذلك القول لا يصح ولا يستقيم إلا على مذهب أهل الحديث القائلين : إن الله تعالى يفعل ما يفعل بمشيئته واختياره ، وأنه يشاء شيئا بعد شيء ، ويختار أمرا بعد أمر ، ويفعل فعلا بعد فعل ، كما أنه يتكلم بكلام بعد كلام ، ولا يستقيم على مذهب الفلاسفة القائلين بالإيجاب بالذات ، ولا مذهب المتكلمة النفاة ، الذين ينفون قيام الأفعال الاختيارية بذاته سبحانه وتعالى .
    يقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - :
    "وهؤلاء القائلون بقِدَم العالم اشتبه عليهم نوع التأثير بعين التأثير، فلما رأوا أنَّ الذات تستلزم كونه مؤثِّرا لامتناع حدوث ذلك؛ لم يميِّزوا بين النوع والعين؛ فظنُّوا أنَّ هذا يقتضي قِدَم الأفلاك أو غيرها من أعيان العالم.
    وهذا خطأ قطعًا؛ فإن الذات تستلزم نوع التأثير ، لا عينه، فإذا قُدِّر أنها لم تزل فاعلة لشيء بعد شيء؛ لم يكن شيء من مفعولاتها قديمًا ؛ بل كلُّ ما سواها حادث ، كائن بعد أن لم يكن، وإن كان فِعْلُها من لوازم ذاتها.
    والذين قابلوا هؤلاء : لمَّا أرادوا أن يُثبِتوا حدوث كلِّ ما سوى الله؛ ظنُّوا أنَّ هذا يتضمَّن أنَّه كان مُعَطَّلا غير قادر على الفعل، وأنَّ كونه مُحدِثًا ، لا يصح إلا على هذا الوجه؛ فهؤلاء أثبتوا التعطيل عن نوع الفِعل، وأولئك أثبتوا قِدَم عين الفعل، وليس لهم حُجَّة تدل على ذلك قط ؛ وإنما يدلُّ ما يذكرونه من الحُجَج على ثبوت النوع ، لا على ثبوت عين الفعل ، ولا عين المفعول، ولو كان يقتضي دليلهم الصحيح قِدَم عين الفعل والمفعول : لامتنع حدوث شيء من الحوادث، وهو مخالف للمشهود.
    وحينئذٍ؛ فالذي هو من لوازم ذاته: نوع الفِعْل ، لا فعل معيَّن ، ولا مفعول معيَّن؛ فلا يكون في العالم شيء قديمٍ، وحينئذٍ لا يكون في الأزل مؤثِّرًا تامًّا في شيء من العالم، ولكن لم يزل مؤثِّرًا تامًّا في شيء بعد شيء، وكل أثر يوجد عند حصول كمال التأثير فيه.
    والمقتضى لكمال التأثير فيه هو الذات عند حصول الشروط ، وارتفاع الموانع.
    وهذا إنما يكون في الذات التي تقوم بها الأمور الاختيارية وتفعل بالقدرة والمشيئة، بل وتتصف بما أخبرت به الرسل من أنَّ الله يُحِبّ ويُبْغِض، ويرضى ويسخط، ويكره ويفرح، وغير ذلك مما نطق به الكتاب والسنة. فأما إذا لم يكن إلا حال واحدة أزلاً وأبدًا، وقُدِّر أنَّ لها معلولاً؛ لزم أن يكون على حال واحدة أزلاً وأبدًا" انتهى من " الصفدية " (2/96).
    ويقول :
    " والصواب : قول ثالث، وهو أن التأثير التام من المؤثر : يستلزم الأثر، فيكون الأثر عقبه، لا مقارناً له، ولا متراخياً عنه ؛ كما يقال: كسرت الإناء فانكسر، وقطعت الحبل فانقطع، وطلقت المرأة فطلقت وأعتقت العبد فعتق.
    قال تعالى: إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، فإذا كوَّن شيئاً ، كان عقب تكوين الرب له، لا يكون مع تكوينه ولا متراخياً عنه. وقد يقال: يكون مع تكوينه، بمعنى : أنه يتعقبه ، لا يتراخى عنه.
    وهو سبحانه : ما شاء كان ، ووجب بمشيئته وقدرته، وما لم يشأ لم يكن ، لعدم مشيئته له، وعلى هذا فكل ما سوى الله تعالى لا يكون إلا حادثاً مسبوقاً بالعدم، فإنه إنما يكون عقب تكوينه له، فهو مسبوق بغيره سبقاً زمانياً ؛ وما كان كذلك : لا يكون إلا محدَثاً ، والمؤثر التام يستلزم وجود أثره عقب كمال التأثير التام.
    وأما على قول هؤلاء، فيلزمهم أمور باطلة ، تستلزم فساد قولهم ..."انتهى من " درء تعارض العقل والنقل" (8/270) ، وينظر : "مجموع الفتاوى" (9/382) .
    ويقول أيضا :
    " فَالْفَاعِلُ : يَتَقَدَّمُ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ ، وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ، وَلَا نَقُولُ: إنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ وَلَا قُدْرَةَ ، حَتَّى خُلِقَ لَهُ قُدْرَةٌ ، وَاَلَّذِي لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ هُوَ عَاجِزٌ ؛ وَلَكِنْ نَقُولُ: لَمْ يَزَلْ اللَّهُ عَالِمًا قَادِرًا مَالِكًا لَا شِبْهَ لَهُ وَلَا كَيْفَ.
    فَلَيْسَ مَعَ اللَّهِ شَيْءٌ مِنْ مَفْعُولَاتِهِ قَدِيمٌ مَعَهُ ؛ لَا بَلْ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ لَهُ وَكُلُّ مَخْلُوقٍ مُحْدَثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، وَإِنْ قُدِّرَ إنَّهُ لَمْ يَزَلْ خَالِقًا فَعَّالًا.
    وَإِذَا قِيلَ: إنَّ الْخَلْقَ صِفَةُ كَمَالٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ : أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ خالقيته دَائِمَةً ، وَكُلُّ مَخْلُوقٍ لَهُ مُحْدَثٌ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ ، وَلَيْسَ مَعَ اللَّهِ شَيْءٌ قَدِيمٌ ؟ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْكَمَالِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَطِّلًا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْفِعْلِ ، ثُمَّ يَصِيرَ قَادِرًا وَالْفِعْلُ مُمْكِنًا لَهُ بِلَا سَبَبٍ.
    وَأَمَّا جَعْلُ الْمَفْعُولِ الْمُعَيَّنِ مُقَارِنًا لَهُ أَزَلًا وَأَبَدًا ؛ فَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ تَعْطِيلٌ لِخَلْقِهِ وَفِعْلِهِ ؛ فَإِنَّ كَوْنَ الْفَاعِلِ مُقَارِنًا لِمَفْعُولِهِ أَزَلًا وَأَبَدًا : ُمخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ." انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/228)----- هل اتضح لك اخى الطيبونى مقصد شيخ الاسلام بالكلام الذى عنونت به الموضوع بقولك -
    تعلق الفعل الاختياري و المخلوق بمشيئة الرب و حكمته وجودا و عدما
    لا يتعارض على الاطلاق - مع قول شيخ الاسلام بتسلسل الحوادث و دوام افعال الرب جل وعلا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •