يسأل سائل س: هل هذا القول من الحديث النبوي"من عرف الله عاش"؟
ج/ ورد فيما معناه في حديثين مرفوعين
الأول: حديث علي بن أبي طالب رضب الله عنه :
عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من اتقى الله عاش قويا وسار في بلاده آمنا». اهـ.
ضعيف جدَّا.
أخرجه الإمام أبو نعيم في الحلية (2:175)، وأورده الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب (3:562).

قال أبو نعيم: حدثنا محمد بن عمرو بن سالم ثنا سعيد بن على بن الخليل ثنا إسحاق بن العنبر ثنا نصر بن ثابت عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن على بن أبي طالب عليه السلام قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: فذكره.
إسناد مسلسل بالعلل إلى نصر بن ثابت:
- فيه نصر بن ثابت ولعله نصر بن رباب أبو سهل الخراساني المروزي، تركه جماعة.
وقال البخاري: (يرمونه بالكذب)، وقال ابن معين: (ليس حديثه بشئ)، وقال ابن حبان: (لا يحتج به). [ميزان الاعتدال(4/250)].
وقال الحافظ ابن حجر : نصر بن ثابت عن ابن جريج: " ضعيف". "التغليق" (5/ 182).
- معلل بالانقطاع فورد في المجالسة والجواهر [898] للدينوري :
نا أَبُو الْفَضْلِ عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ الدُّورِيُّ، نَا أَبُو النَّضْرِ، نَا أَبُو سَهْلٍ الْخُرَاسَانِيّ ُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يَزَالُ الْمَسْرُوقُ فِي تُهْمَةِ مَنْ هُوَ بَرِيءٌ، حَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنَ السَّارِقِ ".
قَالَ أَبُو الْفَضْلِ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: أَبُو سَهْلٍ الْخُرَاسَانِيّ ُ هَذَا هُوَ نَصْرُ بْنُ ثَابِتٍ. قَالَ يَحْيَى: لَا، أَبُو سَهْلٍ الْخُرَاسَانِيّ ُ رَجِلٌ آخَرُ، وَلَمْ يَسْمَعْ نَصْرُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ". اهـ.

قلتُ: إذا كان لم يسمع من هشام بن عروة فأنى له أن يسمع من يحيى بن سعيد الأنصاري [الوففاة: 143 هـ] الذي توفي قبل هشام بن عروة [الوفاة: 145 هـ] ؟!
- إسحاق بن العنبر
عن أصحاب الثوري، كذبه الازذى، وقال: لا تحل الرواية عنه. [ميزان الاعتدال (1/195)].
إسحاق بن العنبر الخراساني: عن رجل، عن الثوري، كذاب. [ديوان الضعفاء رقم (344)]، وأبطل إسناده ابن حجر في [لسان الميزان (2/67)] وأورد قول الأزدي: سكن الحراني بنصيبين.
ولينه ابن عساكر في تاريخ دمشق [63 : 39]، وتمام الرازي في فوائده [1: 103].

- سعيد بن علي بن خليل
لم أعرفه وقال الخطيب البغدادي في تاريخه [7 : 242]: سعيد بن علي بن خليل الْبَزَّازُ بِنَصِيبِينَ ". اهـ.
- محمد بن عمرو بن سالم
وهو محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي شيخ أبي نعيم، قال الدارقطني: (شيعي خلط ، تغير في فهم الأحاديث ، وحدث بأسانيد ليس له فيه أصل)، وقال الذهبي: (من أئمة هذا الشأن ببغداد ، إلا أنه فاسق رقيق الدين ، له غرائب وهو شيعي ، ومرة : مشهور محقق ، لكنه رقيق الدين تالف). [سير أعلام النبلاء (16/95)].
وممن ضعف هذا الإسناد الإمام الألباني في السلسلة الضعيفة [2889] وقال: الإسناد ضعيف جدَّا ". اهـ، وفي ضعيف الجامع [5333].

ولهذا الحديث متابعة موقوفة تشهد لبعض هذه اللفظة :
أخرجه الشجري في أماليه الخميسية (1/105) قال - في حديث طويل -: أخبرنا القاضي أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسين بن الثوري، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد التميمي الكوفي المعروف بابن النجار المؤدب، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي الأشناني، قراءة عليه، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: حدثنا عبد الله بن بكير وبشر بن عمارة، عن محمد بن سوقة، عن العلاء بن عبد الرحمن، قال: حدثني شيخ، أن رجلا قام إلى علي عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، ... فمن فهم قبس جميل العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم عاش في الناس ولم يفرط أمره ... إلخ". اهـ.
وهذا إسناده حسنٌ، لولا إبهام هذا الشيخ.
أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسين بن موسى المعروف بابن التوزي* قال الخطيب:(كتبت عَنْهُ وَكَانَ صدوقا كثير الكتاب، مديما لحضور المجالس والسماع معنا)، وهو من تلاميذ أبي الحسين محمد بن جعفر بن محمد التميمي قال الخطيب:(ثقة حجة)وقال الدارقطني: (ثقة مأمونعباد بن يعقوب الأسدي قال ابن حجر في التقريب : (صدوق رافضي بالغ ابن حبان) فقال : يستحق الترك، وقال في هدي الساري : (رافضي مشهور إلا أنه كان صدوقاعبد الله بن بكير الغنوي
قال أبو حاتم: "كان مِنْ عُتُقِ الشيعة"، وقال الساجي: "من أهل الصدق، وليس بقوي"، وذكر له ابن عدي مناكير، ذكره ابن حِبَّان في "الثقات" (8/ 335).ا. هـ. باختصار.قلت: قال الدوري في تاريخه (3/ رقم 1907، 1965) عن ابن معين: "عبد الله بن بكير الغنوي، لا بأس به"، وذكره ابن شاهين في "الثقات" (رقم 623)، وقال البزار: "كوفي، يَتَشَيَّع" كشف الأستار عن زوائد البزار (2/ ح 1738) قال ابن حجر:"ضعيف". "المهرة" (11/ 339).
محمد بن سوقة قال ابن حجرفي التقريب : (ثقة عابد مرضيالعلاء بن عبد الرحمن الحرقي قال ابن حجر في التقريب : (صدوق ربما وهم).
ورواه الشجري من طريق ءاخر [1217]
فقال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن الجهم الكاتب، قال: حدثنا محمد بن جرير بن زيد الطبري، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: فذكر مثله.


الشاهد الثاني لهذا الحديث
حديث سمرة بن جابر رضي الله عنه:
عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اتَّقَى اللَّهَ عَاشَ قَوِيًّا، وَسَارَ فِي بِلَادِ عَدُوِّهِ آمِنًا». اهـ.
أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/217) وعزاه السخاوي في المقاصد الحسنة (1/192) إلى العسكري.
فقال أبو نعيم: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَا: ثنا أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْتَ، ثنا الْخَلِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فذكره.
هذا إسنادٌ ضعيفٌ به عنعنة الحسن البصري، وصالح المري قال ابن حجر في التقريب : (ضعيف زاهد).
وأخرجه من طريق ءاخر
[2 : 24] فقال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنٍِ سَعِيدٍ الْخَلِيلُ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فذكره، كَذَا فِي كِتَابِي: أَبُو صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ". اهـ. وهذا إسنادٌ به انقطاع.
وممن ضعف هذا الحديث الإمام الألباني في السلسلة الضعيفة
[2889].

الأحاديث المقطوعة:
- ورد نحوه في حديث مقطوع منسوب إلى الله سبحانه وتعالى :
قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ: فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ أَغْبَطَ أَوْلِيَائِي عِنْدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ خَفِيٌّ مَاتَ فَقَلَّتْ بَوَاكِيهِ وَقَلَّ تُرَاثُهُ، وَلَقَدْ عَاشَ قَوْمٌ أَخْفِيَاءُ وَمَاتُوا غُرَبَاءَ، وَقَدَّمُوا الآخِرَةَ نُجُبًا؛ فَطُوبَى لَهُ مِنْ رَجُلٍ عَرَفَ وَلَمْ يُعْرَفْ، وَوَصَفَ وَلَمْ يُوصَفْ، يَصِفُ الْقُدْرَةَ وَيَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ، عَلِيمٌ بِالْخَيْرِ، مَخْصُوصٌ بِالذَّخْرِ وَالْحُظْوَةِ ". اهـ.
أخرجه الدينوري في المجالسة (4/509) فقال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكِسَائِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ؛ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ: فذكر مثله.
وقال محققه: (إسناده صحيح).

وورد في الزهد والرقائق للخطيب البغدادي [47]:حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطَّيِّبِ الدَّسْكَرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الدَّامْغَانِيّ َ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ ، يَقُولُ : " مَنْ عَرَفَ عَاشَ ، وَمَنْ مَالَ إِلَى الدُّنْيَا طَاشَ ، وَالْمُؤْمِنُ عَنْ دِينِهِ فَتَّاشٌ ، وَالْأَحْمَقُ يَسْعَى فِي لَاشٍ " .

- ورد في الطيوريات (13/43):
1031 ـ سمعت أبا عبد الله، قال: حكى لي بعض شيوخنا، عن سَرِيِّ السَّقَطِيِّ، أنه قال: (( مَنْ عَرَفَ اللهَ عَاشَ، وَمَنْ عَرَفَ الدُّنْيَا طَاشَ، وَاْلأَحْمَقُ يَغْدُوا وَيَرُوحُ فِي لاَش، والعَاقِلُ بِخَوَا طِرِ نَفْسِهِ فَتَّاش ))(1)
__________
(1) في إسناده راوٍٍ مجهول .
لم أجد هذا الأثر عن سري السقطي، ولكنه مروي عن ذي النون.
أخرجه البيهقي في شعب لإيمان: 4/163 رقم (( 4670 )) مطولا. و7/419 رقم (( 10820 )) مختصرا، من طريقين عن الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو عثمان سعيد بن عثمان الحناط قال: سمعت ذا النون المصري يقول: تجوع وتخل ترى العجب، من أحب الله عاش، ومن مال إلى غيره طاش، والأحمق يغدو ويروح في لاشيء، والعاقل عن خواطر نفسه فتاش.

وفيه سعيد بن عثمان الحناط، ذكره الخطيب دون جرح ولا تعديل في تاريخه: 9/99، والحسن بن محمد بن إسحاق، قال فيه عبد العزيز بن علي الآزجي، كان من أهل القرآن والخير وصحيح السماع وأثنى عليه ثناءً كثيرا. تاريخ بغداد: 7/422.

والله أعلم.